Year 6. Issue 122 | Films reviewed till now: 324 | Films reviewed this year: 40
IN FOCUS
ميشيل فايفر تعود بعد غياب ملحوظ إلى الشاشة لتشارك جوني دَب، إيفا غرين، هيلينا بونهام كارتر وآخرين فيلم تيم بيرتون الجديد Dark Shadows
بين الأفلام
جوني ونادين
|*| التعاون الثامن بين المخرج تيم بيرتون والممثل جوني دَب عنوانه Dark Shadows وهو يُباشر عروضه هذا الأسبوع في معظم العواصم العالمية، وقليل منها (مثل طوكيو واسطمبول وساو باولو) ستطلقه في الثاني والعشرين من الشهر المقبل. دبي والكويت ولبنان والأردن والبحرين والقاهرة ستعرضه على التوالي ما بين الحادي عشر من هذا الشهر والتاسع عشر منه. والتوقّعات كبيرة لا يزعجها سوى الإقبال الضخم الذي يحصده «المنتقمون» حالياً والمنتظر له أن يستمر لبضعة أسابيع. هل سيستطيع «ظلال داكنة» أن يُـزيح خمسة أبطال بمزايا خارقة عن القمّـة او سيقع في الخط الثاني متأثّـراً بكونه فيلم البطل الواحد؟ جوني دَب إسم كبير لكن لولا أنه أغرق نفسه في بحار أفلام القراصنة لما عزّز مكانته الجماهيرية. حين انتقل في العام الماضي عائداً إلى دور ذا قيمة (بطلاً لفيلم The Rum Diary) تفرّق جمع المشاهدين من حوله وسقط الفيلم بلا غبار. وهذا ليس وضعه وحده: روبرت داوني جونيور بحاجة لسلسلتي «آيرون مان» و«شرلوك هولمز» ليزاول سيادته على السوق التجارية. ضعه في فيلم جاد وسينحسر الإقبال عليه على نحو ملحوظ.
|*| لكن «ظلال داكنة» جيّد بحد ذاته كونه يُـعيد لُحمة التعاون بين المخرج وبطله المفضّـل إلى ما كانت عليه أيام «إدوارد سيزرهاندز» و«إد وود». في كل من هذين المثلين السابقين لعب جوني شخصية غريبة (الأولى خيالية والثانية حقيقية) لا تنتمي إلى المقبول والسائد لكي يرصد المخرج عبرها مواقف الآخرين حياله. وهذا ما يفعله هنا: جوني دب هو مصّاص دماء مُعمّـر (من قرنين من الزمن) يعود إلى عائلته الأخيرة (تقع الأحداث في مطلع السبعينات) ليجدها تعاني أنواعاً مختلفة من الأزمات ما ينتج عنه المواقف الكوميدية المرصودة بينه وبين باقي الشخصيات ومن بينها ميشيل فايفر وجوني لي ميلر وكليو مورتز وإيفا غرين.
|*| هذا الأسبوع هو أيضاً الحدث الكبير لشخصية ذات حضور ملموس في حاضرنا السينمائي هي المخرجة اللبنانية نادين لبكي. فيلمها الروائي الطويل الثاني من تحقيقها «وهلأ لوين؟» ينطلق في عروض تجارية أميركية للمرّة الأولى (كان شهد عرضاً محدوداً كشرط لدخوله سباق الأوسكار) توفّره شركة التوزيع صوني كلاسيكس التي ضمنت عروضه داخل الولايات المتحدة والتي كانت ابتاعت حقوق توزيعه في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي حين شهد الفيلم عروضه في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي. في ذلك المهرجان، وقفت المخرجة وفريق عملها أمام الصالة الكبيرة التي امتلأت عن آخرها في كل عرض من عروض الفيلم و، حسب تصريح لها، دمعت عيناها وهي تستقبل تصفيق الجمهور لدقائق كثيرة. بعد ذلك فوجئت بفوز الفيلم بجائزة الجمهور الذي صوّت لأفضل فيلم من بين تلك التي عرضها المهرجان لهم. إنها جائزة تورنتو الوحيدة وكون المهرجان يعرض ما لا يقل عن 350 فيلم في كل دورة يجعل المرء يتوقّف طويلاً عند هذا الحدث سعيداً ومباركاً.
|*| من ناحية أخرى، كان الفيلم شهد عروضاً ناجحة في العديد من العواصم الأوروبية والعربية وبنجاحات متفاوتة. فهو أنجز إيرادات مرتفعة في بيروت وباريس ومتوسّطة في لندن ومدريد ثم منخفضة في دبي والقاهرة. لكنه رغم ذلك التفاوت يبقى أنجح فيلم عربي خرج للعروض التجارية حول العالم منذ عروضه العالمية الأولى التي انطلقت في مهرجان "كان" السينمائي في العام الماضي. في بعض تصريحاتها الأخيرة لمواقع أجنبية تعترف المخرجة حالياً بأن الفيلم "يحمل أخطاءاً وكان يمكن له أن يكون أفضل" وهذا ما قلناه قبل عام فاعتبر كلامنا قاس بحق الفيلم ومخرجته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقد
In the Land of Blood & Honey ***1/2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في أرض الدم والعسل | إنجلينا جولي
دراما إجتماعية [حرب البوسنا] | الولايات المتحدة - 2011
إخراج: Angelina Jolie
أدوار أولى: Zana Marjanovic, Rade Serbedzija, Goran Kostic, Nikola Djuricko
سيناريو: Angelina Jolie
منتجون: Angelina Jolie, Graham King, Tim Moore
تصوير (ألوان) : Dean Simler
توليف (127 د): Patricia Rommel
تصميم مناظر: Jon Hurtman
موسيقا: Gabriel Yared
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيلم أنجلينا جولي الممتاز يقرأ الحقائق ولا يغض النظر عنها حين الحديث عن محنة نساء البوسنيا اللواتي اغتصبن إيصالاً لرسالة سياسية تخلو من أي قيمة إنسانية | محمد رُضـا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
موسيقا. تناغم. رقص. ألفة. ركون القلب إلى كتف الحبيب ثم…. تلخيص انتهاء كل ذلك وبداية مرحلة جديدة من الحرب بدل الحب متمثّلة بانفجار مفاجيء. بذلك تنتقل المخرج جولي من فترة زمنية إلى أخرى حيث يقضي الفيلم معظم فترة أحداثه فيها ليسرد حكاية مأسوية في صلبها حول علاقة عاطفية اخترقت تلك الحرب وإن لم تثمر عما كان يمكن لها أن تثمر عنه فيما لو لم يقع ذلك الإنفجار.
أليا (زانا ماريانوفيتش) ستُساق، كما سواها من البوسنيات المسلمات، إلى سجن كبير حيث سيتم الإعتداء جنسياً ونفسياً وثقافياً على المسلمات من قِـبل القوّات الصربية. قد تسأل نفسك "كيف يمارس الرجل بشاعة في مثل هذا الحجم ولا يتأثّر"، فإن تساءلت، فإنك على طريق تعاطفي صحيح يمتد لما بعض إظهار التعاطف إلى البحث في اسئلة جوهرية يريدك الفيلم أن تطرحها على نفسك (وبالتأكيد يريد لمجرمي الحرب الذين مارسوا هذه الجرائم) طرحها على أنفسهم. لا تدع مشهداً (يبدو عابراً) لنساء بوسنيات في حديقة السجن (الذي ربما كان قاعة مكتبة او مستشفى وتحوّل إلى معسكر اعتقال) وإحداهن مستلقاة على الأرض وهي حبلى. لقد ذكرت المخرجة بأن ما نقلته هو جزء يسير من الوحشية التي مارسها الصرب، وأفضل ما أنجزته (في فيلمها الروائي الأول كمخرجة- وثاني أفلامها كمخرجة بعد فيلم وثائقي حققته سنة 2007 هو "مكان في الزمن" A Place in Time) جولي هو أنها توقّفت عند حدود يمكن استكشاف ما هو أكثر مما تعرضه ولم تحاول استدرار تعاطف مجّاني كما تفعل- عادة- الكثير من الأفلام التي تتحدّث عما سببته الحرب على فئة من الناس بحكم أنها كانت الأقل قدرة على الدفاع عن نفسها.
أنجلينا جولي مع مدير تصويرها دين سملر |
أليا تُقاد كسواها إلى ذلك المعسكر ولا ينقذها من نزق الجنود ورغبتهم في نيلها سوى الضابط دانيال (غوران كوستيش) نفسه الذي كانت التقت به قبل بدء الحرب وراقصته. هو إبن كابتن جيش أسمه نيبوسيا (راد صربدزيا) يعتبر إبنه ضعيفاً وهزيل الشأن إذ تربطه علاقة بتلك الفتاة المسلمة. آيلا المسلمة هي فنانة أيضاً وترسم والأب يدخل حجرتها الواسعة ويطلب منها أن ترسمه. قبل أن تنتهي من رسمها، وبعد أن حدّثها نيبويسا عن سبب كرهه للمسلمين ينهض من مكانه منصرفاً. إهانة تتبعها واحدة أكبر: يبعث بأحد رجال إبنه ليغتصبها.
لا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك قصّة جيّدة في معمعة الحرب. لا مواعظ ولا خطابات ولا تنديدات، بل انصراف لترك الصورة تتحدّث عن الحب الذي اندثر والعلاقات بين الشخصيات الرئيسية المتوّجة بالرغبة في فعل وممارسة آخر فدانيال يدرك حقيقة الدور الذي عليه القيام به، لكنه يخفق فيه. حين يرصد بوسنياً بمنظار بندقيّته لا يطلق النار عليه. وإنقاذه أيلا من الإعتداء ليس لغاية جنسية، كما سمحه لها بالهرب لم يكن للتخلّص منها، بل لمساعدتها على الخلاص. حين تعود إليه تفعل ذلك كجزء من خطّـة لقتله توافق عليها بسبب تمادي القوّات الصربية في قتل وتهجير المسلمين من بلدتها وتعرّض شقيقتها إلى هذا المنوال.
الأب (صربيدجيا) وإبنه (غوران) |
في مطلع الفيلم، إثر مشهد الإنفجار، يتم عرض المختطفات المسلمات في صف واحد، ثم يختار أحد الجنود إحداهن ويغتصبها أمام الأخريات. ليس فقط إيصالاً لرسالة واضحة بأنهن لا يساوين شيئاً وأنهن جميعاً عرضة لمثل هذا الإعتداء، وليس فقط تصغيراً لشأنهن إجتماعياً وثقافياً ودينياً، بل تعبيراً أيضاً عن استخدام الإغتصاب كعنصر في الحرب. هكذا يفعل المتحاربون في كل أفريقيا اليوم. هكذا يفعلون في أماكن أخرى. بل هكذا فعل بعض العرب (من أتباع نظام او آخر) بنساء تم إلقاء القبض عليهن خلال مظاهرات. وبرجال تم اغتصابهن لتصغيرهن لما بعد المحتمل تاركين علامات نفسية ستعذب المتعرّض، رجلاً او إمرأة، إلى الأبد لو خرج حيّـاً.
زانا ماريانوفيتش |
موقف المخرجة من دانيال موقف ذكي وغير مُداهن. لا يهمّـها هنا الحديث عن "شاندلر" آخر عرضه سبيلبرغ بكل سذاجة ممكنة، بل تجد دانيال شخصاً كان يستطيع أن يفعل أكثر مما فعل لو كان إنساناً جيّداً. نسمعه دائماً يتحجج بأن "الحرب هكذا"، وهو كان يستطيع أن يفعل أكثر مما فعله لها او لسواها. لكنه لم يفعل. كان بين مطرقة أبيه والتقاليد والحقد الطائفي والعنصري والرغبة في تدمير الآخر تبعاً لأجندة سياسية وبين سندان مكوّنات إنسانية محدودة تبدو كما لو أنها طفيليات على الجدار، وهو كان أقرب إلى المطرقة من السندان.
جولي في إخراجها الفعلي الأول تعرف ما تريد وتحقق معظمه. تخونها القدرة على الإبتعاد عن حوار مباشر لكنها صادقة في نواياها ما يجعل تلك المباشرة في بعض المشاهد أمراً لا يُعال عليه كثيراً. ولديها، إلى ذلك، حس جيّد. تستطيع أن تخلق فيلماً متشابكاً يؤازر فيه الوضع الخاص الرسالة العامّة، والعكس صحيح. الفيلم متكامل فنيّاً. أكثر بكثير من مجرّد عمل مُوظّـف لخدمة إعلامية. فيه نـبل القضية من ناحية والقدرة البصرية على احتوائها وتوفير عمل ابتعدت السينما السربية نفسها عن إنجاز مداه الإتهامي ربما من باب تجنّـب نقد الآخرين لها بأنها تعزز نار الفتنة من جديد.
في نهاية الفيلم تتعثّر الخطوات. مشهداً واحداً إضافياً قبل ذلك المشهد الذي يستسلم فيه دانيال لقوّات الأمم المتحدة كان يمكن أن يمنح الخاتمة التبرير الذي كانت تبحث عنه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved © Mohammed Rouda 2008- 2012