أفلام العدد
قدرات غير عادية | داوود عبد السيد ***
قهوة لكل الأمم ****
Annie | Will Gluk **
Days of Heaven | Terrence Malick ****
Targets | Peter Bogdanovich ****
The Hobitt: The Battle of the Five Armies **
The Interview | Evan Goldberg, Seth Rogen *
The Legend of Rita | Volker Schlondroff *** 1/2
Viktoria | Maya Vitcova ***
• داوود عبد السيد
قدرات غير عادية ★★★✩✩
_______________________________________
إخراج: داوود عبد السيد.
أدوار أولى: خالد أبو النجا، نجلاء بدر، عبّـاس أبو الحسن، مريم تامر
مصر | دراما إجتماعية [2014]
الفيلم المنتظر لداوود عبد السيد ليس جديداً عليه لكنه لا يزال مثيراً للإهتمام رغم هناته | محمد رُضا
العرض العالمي الأول لفيلم المخرج المصري داوود عبدالسيد هو من بين الأفلام المنتظرة والمثيرة للنقاش. كان منتظراً لأن المخرج، وسط الظروف الحالية، مقل. وكان منتظراً بسبب أنه أحد الأسماء الكبيرة في السينما المصرية اليوم منذ أن كتب أخرج فيلمه الروائي الأول «البحث عن السيد مرزوق» سنة 1991.
كما فيلم داوود عبد السيد الأول «البحث عن السيد مرزوق» سنة 1991، الذي بحث فيه عن تناقضات الشخصيات من خلال موظّـف على قدر من السذاجة (كما لعبه نور الشريف). وكحال أفلامه بعد ذلك (منها «أرض الأحلام» و«أرض الخوف» و«مواطن ومخبر وحرامي» و«رسائل البحر») التي دارت حول موضوع البحث ومن يقوم به ومن يلتقي به خلال بحثه، ينشط هذا الفيلم الجديد في المهمّـة ذاتها.
البحث في «قدرات غير عادية» (مع خالد أبوالنجا ونجلاء بدر مع إشتراك محمود الجندي وحسن كامي وكريم المصري وعبّاس أبو الحسن) منصب على فكرة تناول موضوع أولئك المتميّـزين بقدرات غير عادية مثل توقع أن يحدث شيء فيحدث، أو مثل النظر إلى الشيء البعيد فيقترب أو تحريك الأشياء في الهواء وسواه. ينطلق من فكرة قيام الباحث (أبو النجا) بطرق باب لا يستطيع إستيعاب ما ورائه، ومن ثم دخوله عالماً يتحوّل فيه إلى مجرد أداة تحت مجهر غامض.
حتى البداية فيه رنّـة من بعض الأعمال الماضية. في الدقيقة الأولى يُـطلب من يحيى (أبوالنجا) أن يواصل العمل على بحث كتبه حول الأشخاص الذين يتمتعون بتلك القدرات الفائقة غير الطبيعية ما يذكّـرك بمطلع «مواطن ومخبر وحرامي» (الذي مثّـله أيضاً أبو النجا) عندما يُـمنح بطله وقتاً غير محدد للغياب عن العمل والنزول إلى الشارع ليستكشف أمر الناس وينقل معلومات عنهم. الطلب هنا هو نوع من منحه تذكرة ليذوب ويغيب. لينتقل من الحضور إلى الإختفاء.
كذلك هناك عنصر المراقبة من بعيد. المختلف هو أن يحيى، في الفيلم الجديد، لا يذوب لحد أن أحداً لم يعد يسأل عنه، ولو أن ذلك يكاد أن يقع. أول ما يفعله بعد أن أخبره مديره أن عليه أن يأخذ إجازة «وما تورنيش خلقتك لشهر» هو النزوح إلى بنسيون يقع على مقربة من مدينة الإسكندرية حيث يستأجر غرفة فيه ليعيش (ونظرياً لكي يقرأ ويدرس).
هناك يكتشف أن صاحبة البانسيون (الجميلة والجيدة نجلاء بدر) وإبنتها فريدة (مريم تامر) تملكان قدرات غير عادية. الأولى، مثلاً، تستطيع أن تتنبأ بقدومه إلى الإسكندرية وملاقاته فيها حتى من دون موعد متّـفق عليه. الثانية تستطيع أن تحرّك الأشياء من مكانها. هذا ما يدخل صميم بحثه، لكن بحثه ليس علمياً. يترك يحيى نفسه ينساب إلى عالمهما من دون كوابح. يصبح جزءاً من حالة عامّـة ويكتشف أنه تحت المرصاد وأن هناك رجل أمن على قدر كبير من التأثير في مجريات الأمور أسمه عمر (عباس أبوالحسن) كان يموّل أبحاثه ويدير الجهاز الذي يريد التعرّف على من يمتلكون مثل تلك الطاقات العجيبة. وهذا يعترف لاحقاً أنه وكّـل إلى الطفلة فريدة مسألة مساعدته في التحقيق مع متّـهمين مختلفين في مسائل أمنية.
لكن يحيى الذي يبدأ بالتعرّف على تلك الطاقات في الآخرين، وبقرار غير حكيم من الكاتب- المخرج، يبدأ بالتساؤل عما إذا كان هو من يملك هذه القدرات وهو من سيّـر الأم وإبنتها منذ البداية. قرار غير حكيم لأن الفيلم يبدو، وبطله، تائهاً منذ البداية وما يفعله المخرج هو أن يزيده توهاناً عبر لا قدرة بطله على الوثوق من شيء، خصوصاً وأنه يعود فيؤمن بأن الأم وإبنتها مخلوقتان موهوبتان على النحو المذكور وليس هو. ثم يزيد هذا التوهان عندما يبدأ بالحديث عن إحتمال أن تكون الأم وليس الإبنة هي الأنثى ذات القدرات غير العادية، وهذا من بعد أن قاد الفيلم نفسه، وجمهوره، في فحوى مفاده أن الإبنة هي صاحبة هذه القدرات.
يلامس الفيلم هنا خطوط أفلام أخرى. يوحي بـ «غير قابل للكسر» و«الحاسة السادسة« للأميركي م. نايت شيامالان و«كاري» (في نسختيه السابقة سنة 1976 و2013) ولما تقوم عليه سلسلة «رجال إكس». ليس أننا نرى الطفلة تنظر إلى خالد أبوالنجا وتقول له «أرى أمواتاً»، لكن على نطاق الطرح المستمر لأسئلة موحية بالغرائبيات. لكن شيامالان أجاب على تلك الأسئلة في حين أن عبدالسيد يبقيها نصف مجابة ويترك أيضاً الثغور بينها. لا أقول أن المخرج نقل من هذه الأفلام (وهو أبعد بكثير من أن يصنع فيلماً لاهياً مثل أفلام «رجال إكس») بل هناك قدر من الأحداث التي تجعل المرء يتذكّـر منزعجاً.
النقطة السلبية الأخرى هي في أداء خالد أبوالنجا. ليس خطأه أن الدور صعب بل خطأه والمخرج في أنه يحافظ على مستوى واحد من التعبير حتى مع إختلاف الظروف وردّات الفعل ما يجعل الشخصية ذاتها أقل أهمية ولو أن ذلك قد يكون مقصوداً عبر تذويب البطل في حلقة مفرغة. من ناحية موازية، يحرص الفيلم على المحافظة على منوال معيّـن من السرد وإيقاع لا يمكن الهروب من استخدام كلمة «رتيب» في وصفه.
الكثير من الشجن وأكثر منها من الأفكار التي أحياناً ما تصعد إلى أعلى ما يمكن للفيلم بلوغه من إنجاز (الفصل الذي تدور فيه مشاهد نزول يحيى إلى الحفلات الدينية وحالة الغربة التي يعيشها روحياً ومدنياً). تصوّر فقط لو ترك هذه المشاهد من دون تعليق. لو ترك للكاميرا أن تعبّـر. وبل لو كان الفيلم بكامله من دون تعليقات. ساعة من يحيى وساعة من المرأة التي أحب لحين (الأم) كما لو أن المخرج لم يختر مرجعية الشخصية المراد لها أن تقود.
______________________________________________________
• فانتازيا بيتر جاكسون
ذ هوبيت: معركة الجيوش الخمسة | The Hobbit: The Battle of the Five Armies ★★✩✩✩
_______________________________________
إخراج: بيتر جاكسون • Peter Jackson
أدوار أولى: رتشارد أرميتاج، مارتن فريمان، أورلاندو بلوم، لي بايس، آيدن تيرنر.
الولايات المتحدة | فانتازيا [2014]
يبرهن بيتر جاكسون عن أنه بالإمكان صنع فيلم ضخم من دون حرارة | محمد رُضا
القاريء محمد الجليطي من الرياض، المملكة العربية السعودية، كان أوّل من لفت نظري إلى أن عدد الجيوش التي في فيلم بيتر جاكسون الجديد هذا هي أربعة وليست خمسة. الفارق كان بضع ساعات قبل أن أتابع الفيلم وأحصي عدد الجيوش المتلاحمة: جيش الأقزام الذي يدافع عن جبل الذهب، جيش الفارس (لوك إيفانز) الذي يقود أهل البلدة للمطالبة بنصيب من ذلك الذهب، جيش قبيلة الملك ثراندويل (لي بايس) الذي يركب حيوان المها الكبير، وجيش الوحوش المسماة بـ «أوركس» تبعاً للكلمة التي تعني مخلوقات آدمية الشكل متوحشة الطباع قيل أنها عاشت في قرون مضت.
إذن هي أربعة وليست خمسة لكن القليل توقّـف عند هذه الناحية إلا إذا اعتبرنا أن الجيش الخامس لم يصل إلى المعركة في الوقت المناسب ولم يشترك فيها. «معركة الجيوش الخمسة» (حسب تعداد الفيلم) هو ثالث الثلاثية التي قدّمها المخرج بيتر جاكسون تحت عنوان «ذَ هوبيت» وذلك تبعاً لرواية المغامرات الفانتازية التي وضعها ر ر ج تولكاين. وهي رواية تقع أحداثها قبل روايته الضخمة المعروفة بـ «سيد الخواتم» Lord of Rings التي قام المخرج ذاته بنقلها في ثلاثية رائعة في مطلع العشرية الأولى من هذا القرن وحتى العام 2004.
المشكلة الأخرى هنا هي أن المنطق يقول أن شخصية مثل شخصية غاندالف العجوز (يؤديها إيان ماكيلين) ومثل شخصية ليغولاس (أورلاندو بلوم) يجب أن تكون أكثر شباباً في ثلاثية «ذ هوبيت» منها في «سيد الخواتم» بما أن حكايات «ذ هوبيت» تأتي أولاً حسب الرواية. في سلسلة «ستار وورز» التي عرضت أحداثاً متوالية في الثلاثية الأولى ثم انتقلت إلى ما قبلها في ثلاثية ثانية، لم يكن ذلك الأمر مهمّـاً لأن المخرج- المنتج جورج لوكاس قام، ببساطة، بتغيير الممثلين. أما هنا فإن المقارنة تبدي أن غاندالف، مثلاً، هو أكثر شيخوخة في أحداث ما قبل «سيد الخواتم» مما كان عليه في تلك الثلاثية.
ناهيك عن كل هذا، يبدأ الفيلم جيّـداً. التنين الطائر الذي كان هدد أهل الجزيرة القريبة من جبل الذهب بالإبادة يحلّـق فوق الجزيرة ومدينتها (الوحيدة) ويغير عليها نافثاً ناره التي تحرق كل شيء. فوضى شديدة تجتاح أهالي الجزيرة المتراكضين في كل إتجاه ما يدفع ببارد (لوك إيفانز) بالتصدي للتنين بواسطة القوس والسهم ويصيبه إصابة قاتلة في آخر الدقائق الإثني عشر المخصصة لهذا الفصل. بعد ذلك ننتقل إلى فصل جديد يقوده ملك الأقزام ثورين (رتشارد أرميتاج) الذي بات الذهب ملكه فأثر على طباعه وشهامته التي كان عليها في الجزئين السابقين. الآن سوف لن يرغب بالوفاء بوعده ومنح أهل الجزيرة الذين وقفوا إلى جانبه بعض ذهبه وسيواجههم وجيش تراندويل (لي بايس) من داخل الجبل كما من خارجه. هذا قبل أن تتغيّـر القواعد ويسود القتال فإذا بالجميع ضد تلك المخلوقات التي تحارب الجميع أيضاً.
من الممكن القول أن الفيلم يحاول الجمع بين مشاهد القتال كعنصر إثاري ومشاهد من الدراما النفسية، لكن هذه الأخيرة تصبح مألوفة لا ينقذها أي تمثيل. والفيلم يفتقد الحرارة على كثرة ما لديه من معارك. كل شيء تحت رحمة المؤثرات وبالكاد لدى الممثل الواحد مدى من الإنخراط في الشخصية التي يؤديها على نحو جيّـد.
__________________________________________________ ____
• فيلم الأزمة
المقابلة | The Interview ★✩✩✩✩
_______________________________________
إخراج: إيڤان غولدبيرغ، سث روغن • Evan Goldberg, Seth Rogen
أدوار أولى: جيمس فرانكو، سث روغن، ليزي كابلان، راندال بارك، دايانا بانغ
الولايات المتحدة | كوميديا [2014]
عمل مفتعل كما الأزمة التي تسبب بها، وفوق ذلك هو أحد أردأ ما يمكن لهوليوود أن تطلقه من قذائف على أعدائها | محمد رُضا
«كيم جون حيوان»، يقول دايف سكالارك (جيمس فرانكو) مفتخراً. قبل ذلك، كان كيم جون-أون (راندال بارك) قد أخذه في عهدته. وثق به. جعله يطلق قذيفة من دبابة على مجموعة من الأشجار. عرّفه على دزينة من الفتيات الجميلات وامضيا سهرة من الشرب والجنس. حين وصفه بالحيوان، لم يعن شيئاً مقيتاً أو شاتماً، بل عني بأنه مجنون حفلات وسهر تماماً كما لو كان يصف أحد نجوم غناء الراب أو الروك.
«المقابلة» هو الفيلم الذي هز العلاقة غير الموجودة أساساً بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية. ذلك الذي اعتبرته كوريا الشمالية، منذ ربيع العام، بمثابة إعلان حرب، بينما كان لا يزال في التصوير. وهو الفيلم الذي زج- ولو جزئياً- باستديو سوني الضخم في أتون ساخن من العلاقات السياسية المتوترة بينه وبين البيت الأبيض وبينه وبين صالات السينما كما بينه وبين الرأي العام.
هل يستحق الفيلم كل ذلك؟
ولا بمعيار ملم واحد.
هل من حق الحكومة الكورية أن تعتبره عملاً مهيناً لها؟ بالطبع، لكن وجهة النظر هنا هي أنها تستحق ما يوجهه العالم إليها من عداء، لكن عبر فيلم جيد ومدروس ويتحدّث في الإنسان والسياسة منتقداً غياب الحرية والديمقراطية والعدالة أو، على الأقل، يطرح هذا الغياب في نص جاد وجيّـد. أمر أصعب بكثير من تحقيق هذا الفيلم الذي يقتات على مواقف هشّـة سطحية وسخيفة منذ مطلعه وحتى نهايته.
إنهما آرون رابابورت (سث روغن) ودايف سكالارك (فرانكو). الأول منتج تلفزيوني لبرنامج مقابلات يقدّمه، بنجاح الثاني. منذ بداية الفيلم، الذي قام روغن وإيفان غولدبيرغ بإخراجه، هناك نزعة صوب التحقير. يصوّب في مطلع الفيلم ماسورة بندقيّـته للمثليين ثم لمن يعتبرهم معادين للمثليين لكن حين يضغط على الزناد يتفوّه بشتائم متتالية من تلك التي تكتب على جدران المراحيض. تستدير الماسورة بعد قليل صوب المرأة التي هي أنثى للجنس في البداية ثم مديرة أعمال سيئة الطباع فيما بعد.
المرأة هنا هي لاسي (ليزي كابلان) التي تطلب من دايف وآرون، بعدما تلقيا دعوة لإجراء مقابلة مع كيم جون-أون، تسميمه وذلك عبر سم زعاف يلصق باليد وعند المصافحة ينتقل السم في إتجاه اليد الأخرى.
حين وصولهما إلى مطار العاصمة الكورية تستقبلهما سوك (ديانا بانغ) وتنقلهما إلى القصر الذي يشبه القلعة حيث يعيش رئيس البلاد. وهذا يظهر بعد حين لكي يقابل دايف فهو من عشاق برنامجه. هنا يرتفع الهذر والهزل. الرئيس الكوري يبدو شابّـاً رياضياً لطيفاً وعلى قدر من الخناثة ما يثير إعجاب دايف كونه شخصية ساذجة بالفطرة. سريعاً ما يعتبر أن ما يُـقال في حق كيم جونغ- أون هو دعاية غربية، وأن الرجل مغبون و«حيوان» بالمعنى الإيجابي للكلمة.
هذه القناعة تستمر إلى أن يحضر إجتماعاً حكومياً يرأسه كيم جونغ-أون (عليك أن تصدّق أن كيم جونغ-أون من الغباء بحيث يترك لأميركي حضور مجلس حرب). في ذلك الإجتماع يتوعّـد الرئيس الكوري العالم بأسره بشن حرب تدميرية. هذه الكلمات والإنفعال الغاضب يقلب إعجاب دايف إلى مخاوف. هنا فقط يدرك أن الرجل مجنون وخطر وأن عليه وآرون تنفيذ المهمّـة التي جاءا لأجلها.
كلمة «السوريالية» أنعم وأعمق من أن تصف ما يحدث بعد ذلك. المقابلة التي في العنوان تقع بالفعل. دايف و«الرفيق» كيم يجلسان للمقابلة التي يبدأها دايف بأسئلة يبتسم لها الرئيس كيم لأنها تناسبه، لكن دايف ينقلب لاحقاً إلى ما خطط له ويسأله "كيف تكون قائداً وتترك شعبك جائعاً؟». كيم ليس لديه إجابات مقنعة. المقابلة تتم على الهواء حول العالم وها هو كيم يبكي أمام المذيع الأميركي ثم يوسخ سرواله… على الهواء.
في هذا الوقت يقف آرون في غرفة الأستديو مع الكورية سوك التي باتت من صفّـه يدير العملية الفنية. يشعر المخرج الكوري بأن هناك مؤامرة ويهجم على آرون ويعض أصبعا في يده ويقطعه. آرون يعض أصبع المخرج ويقطعها. وبهذا المستوى يستمر الفيلم وينتهي بقيام كيم بقصف المروحية التي استقلها كيم ونسفه من الوجود. لم يعد هناك كيم جونغ-أون. لقد حرر دايف وآرون كوريا الشمالية من دكتاتورها وخلّـصا العالم من شرّه.
طبعاً لا أحد في الفيلم أو حوله يطلب من المشاهد تصديق كل هذه الخزعبلات لكن ما هكذا تُـربح الحروب لا ثقافياً ولا فنياً ولا حتى ترفيهياً.
«المقابلة»، يقول الناقد تود ماكارثي في «ذَ هوليوود ريبورتر» يوم أول من أمس "فيلم له حاشية كوميدية رديئة مماثلة لـ «إسكتش» من برنامج «سترداي نايت لايف" (برنامج ساخر يبث كل ليل سبت).
جو مورغنتسن يختم مقالته في «وول ستريت جورنال» بالقول: "في عالم هذا الفيلم ليس هناك نقاش، لكن مشاهدة «المقابلة» هو عذاب من بدايته حتى نهايته".
كلاهما على حق، لكن الأكثر من ذلك هو أنه حتى عندما يصوّر الدكتاتور كحاكم ظالم لشعبه وعسكري خطر يؤمن بأفكار لم يعد لها مجال في الحياة الحاضرة، يأتي بالمقابل الغربي فإذا به شتائم وألفاظ وأفعال جنسية شائنة وإيحاءات مثلية ومخدرات. هذا التقابل ليس مقصوداً نقد الذات والآخر معاً، بل كسياق يحتفي بنوعية الحياة الغربية كما لو أن التغيير صوب الأفضل لا يعني سوى تطبيق هذا المستوى الدوني من الأخلاقيات.
ما أن يكشف «المقابلة» عن مستواه (لمن لم يشاهد بعد فيلماً من تحقيق إيفان غولدبيرغ على الأقل) حتى يتبدّى للمشاهد بأن هذا الفيلم ليس ما كان يجب أن يراه. رديء في كل خاناته بلا توقف. ضحل في نقده وسخيف في منواله ومهين ليس للشرير الكوري إذ يتحوّل إلى صورة كاريكاتورية لا يمكن تصديقها، بل لصانعيه.
__________________________________________________ ____
• ميوزيكال
آني | Annie ★★✩✩✩
_______________________________________
إخراج: ول غلوك • Will Gluck
أدوار أولى: كوڤنزاني ووليس، كاميرون داياز، جايمي فوكس
الولايات المتحدة | موسيقي [2014]
«آني» الجديد ليس له مكان في سينما الغد ما يجعل نسخة جون هيوستون في الثمانينات تحفة، بالمقارنة | محمد رُضا
عندما قام المخرج الراحل جون هيوستون بتحقيق نسخة سينمائية من «آني» سنة 1982 شد نقاد أميركا رحالهم (نقاد العرب لم يشاهدوه وإن شاهدوه لم يكتبوا عنه) وهاجموا الفيلم بنعوت غريبة. هؤلاء اليوم يكتبون أن لا مقارنة بين تلك النسخة ونسخة اليوم الجديدة من الفيلم كما حققها واحد جديد أسمه أعلاه.
في الأساس، «آني» هو رسم كرتوني (كوميكس) من العشرينات حول الفتاة التي تعيش في ميتم بإسم آني تحت وطأة مشرفة قاسية القلب. وعن ذلك الثري الكبير دادي وورباكس الذي يقرر أن يأخذها تحت جناحه ويتبناها لعفويتها وصدقها وجمال روحها. عظيم؟
يعتمد الجواب على منهجك السياسي: وورباكس (Warbucks والإسم من War أي حرب وBucks الكلمة الشعبية للدولارات) ثري رأسمالي بنى ثروته في الوقت الذي كانت أميركا تمر بأقسى ظرف إقتصادي حيث انتشرت البطالة والفقر في شتّـى الربوع. آني هي التي تحاول معالجته إنسانياً وعلى قدر من النجاح.
«آني»، نسخة هيوستون، وفّـرت هذا الوضع من منطلق أن الفقراء والأثرياء عليهم بناء الوطن، وليس الأثرياء فقط أو الفقراء وحدهم.
«آني» اليوم لا يعرف عما يتحدّث فيه. مشغول جدّاً بتصوير الكلب الظريف الذي تأخذه آني في كل مكان. سياسياً مثل صفحة بيضاء لا تعبّـر عن شيء. يريد أن يطعم كل الشخصيات آيس كريم حتى المشرفة الأنانية هانيغن (كاميرون داياز) التي تفهم من اللقطة الأولى عنها أمرين: لا تمثّـل بل تتدحرج، وستؤدي دور الشريرة إلى حين يُضاء لها الضوء الأخضر فتنقلب إلى نعامة. في الفيلم السابق، كان ذلك متوفّـراً لكن إلى حد لا يزعج الصرح ذاته. النص مشدود وشخصية هانيغن لديها الكثير مما تعكسه كشريرة ولمعظم الفيلم. هنا المسألة شخصية وعلى داياز أن تولد من جديد حسب الدارج بين الممثلين المعروفين الذين يقومون بتمثيل الأدوار الشريرة ويصرون على أن يمنحون الفرصة لتعديل الوضع قبل نهاية الفيلم.
نتعرّف على آني وأصدقائها من الأولاد المعوزين في بيت للرعاية الذي تديره هانيغن المتصابية الباحثة عن شريك حياة قبل الذبول، والتي ربما لديها قلب أبيض كل ما يحتاجه هو بعض الغسيل لكي ينبض من جديد. في إحدى المرّات تنطلق آني في شارع نيويورك وراء كلبها (ربما أراد الهروب فعلاً من الفيلم) لتصطدم بوورباكس الجديد (جايمي فوكس). وبعد ذلك اللقاء آخر على مقربة يكون بداية قيام رجل الأعمال المشغول على هاتفه النقال بجلب آني والأولاد إلى منزله العامر ليعيشوا ويلعبوا وليكملوا الحكاية التي في الفيلم. هانيغن تحاول، مرّة تلو المرّة، الإستفادة من هذه الفرصة لكنها تفشل تماماً كما يفشل الفيلم تماماً في إحداث أي شعور مع أو ضد أي من الشخصيات.
الطفلة كوڤنزاني ووليس هي على بعض الإستثناء. لطيفة وذكية لدرجة أنها تعرف كيف تفوز بالقلوب كلها. هي أيضاً سمراء بينما آني في الأصل بيضاء. مهما يكن من أسباب لقيام الإنتاج باختيارها أفرو-أميركية فإن النتيجة لم تتجاوب والغاية. وورباكس هو أيضاً أفرو-أميركي يؤديه جايمي فوكس كما لو كان يطلب رقماً هاتفياً. لا عمق في الشخصية ولا عمق في التمثيل. بذلك الفيلم يتيح لنفسه دخول سوق الأسود والأسود في العلاقات الإجتماعية (عوض الأبيض والأبيض سابقاً). وفي حين أن هذا أمر لا غبار عليه أساساً إلا أن لا شيء ينتج عنه على الإطلاق. لو كانت هي سوداء وهو أبيض أو العكس لحفر الفيلم بعض المعاني المثيرة للإهتمام في زمن اليوم. لكن المخرج ووليس يكتفي بوضع آني في عالم اليوم، الذي وحسب نتائج الفيلم التجارية، لديه شؤون أهم من أن يصرف وقته على حكاية لم تعد تعني له شيئاً.
يبدأ الفيلم واعداً إلى حد. تكاد تلهيك تلك الحركات السريعة للكاميرا عن ملاحظة الهوة الفاصلة بين الواقع المفترض وبين الرغبة في وضع الشخصيات والأحداث والزمن المعاصر بأسره في إناء من عسل. بذلك لا يوجد لأي أزمة فعلية أو حقيقية سوى تلك التي تتبادلها الكلمات من حين لآخر. الصراعات بدورها مرسومة برقّـة والأداء متّـكل على حوار التلكسات التي اشتهرت الأعمال الرديئة به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من غير المسموح إعـادة نشر أي مادة في «فيلم ريدر» من دون ذكر إسم
المؤلف ومكان النشر الأصلي وذلك تبعــاً لملكية حقــوق المؤلف المسجـلة في
المؤسسات القانونية الأوروبية.
All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2014
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
4 comments:
استاذ رُضا .. تحية طيبة , شكراً لإجابتك على رسالتي . ولكني لم أكتب لك من قبل رغم متابعتي لنقدك منذ فترة طويلة , ولكن من الممكن أن أكون قد كتبت لك وأنا في حالة غيبوبة سينمائية ولا أذكر ذلك الآن . لا أريد أن أكون لجوجاً ولحوحاً في أسئلتي ولكني سأتورط في ذلك معك وأعود إلى سؤالي السابق حول سبلبيرغ , هل تعني أن النقاد الغربيين يرون أنّ أفلاماً مثل (Schindler's List) و(Saving Private Ryan) و(The Color Purple) ليست جيدة؟! _ أعلم حجم المبالغة والميلودرامية التي فيها_ , وشكراً لنقدك أفلام سبايك لي وآشبي وعاطف سالم التي طلبتها منك , أقدر لك ذلك جداً , ولدي سؤال آخر من فضلك .. هل هناك ما يمكن أن يسمى أفلام نوار عربية وهل فيلم (اللص والكلاب) للشيخ يعتبر فيلم نوار _ لا أقول ذلك منطلقاً من أنّ الشيخ اقتبس فيلم وايلدر (الضمان المضاعف) وحوّره عربياً_ .
وشكراً ..
م . ف
عزيزي م. ف
آسف لتأخري بالرد لكني سأكتب وافياً لك عما قريب٠ لك تحياتي الخالصة وشكري٠
أستاذ محمد أنا من كبار المعجبين بك وبالمجلة ومتابع دائم لمقالاتك
لكن ألا تتفق معي بأن شكل المدونة قديم وغير منظم وسيء إلى أبعد حد
المحتوى الذي تقدمه عظيم لكن الشكل في غاية الشناعة وبحاجة إلى إعادة هيكلة حتى تكون عملية قراءة ومتابعة المدونة سهلة وسلسلة
وشكرا على رحابة صدرك
عزيزي محمود
شكراً لمتابعتك ولنقدك
معك بأن هناك سنوات ضوئية قبل أن تصل المدوّنـة إلى مبتغاها من حيث الشكل والتصميم ولو أني في السابق ما استلمت ثناء البعض عليها٠ لكن لكي أحاول التصليح عليّ أن أعرف موقع الخلل تحديداً. وياليت تفيدني بالتالي
هل المسألة مسألة ألوان أو مسألة تصميم عام؟
هل تميل إلى مدوّنة ذات صفحة سوداء على غرار بعض المواقع الأجنبية ؟
هل عندك حلول لمسألة النشر أستطيع أن آخذ بها؟
شكراً مرّة أخرى لنقدك ومتابعتك
محمد رُضا
Post a Comment