SUBMERGENCE ★★ | Mohammed Rouda

فيلم  الألماني ڤيم ڤندرز الجديد  «إنغماس» قصّـة حب سريعة تغرف قليلاً من تاريخ المخرج وأسلوبه والكثير من محاولات التطرّق إلى الوضع القائم تبعاً لرواية تبحث في صراع الأديان والحضارات | محمد رُضا 



من الصعب معرفة ما إذا كانت العالمة البيولوجية دانييل (أليسا ڤيكاندر) مصابة بموبيا (نظر ضعيف عن قرب) أو بهيبرروبيا (نظر ضعيف عن بعد). ها هي في مشهد يقع بعد نحو ثلث ساعة من الفيلم تخرج نظارتها لتقرأ صفحة الكومبيوتر وتنظر إلى الرجل الجالس أمامها. بعد قليل تخلع النظارة وتتحدث معه ثم تقرأ من جديد إنما من دون نظارة. 
لن نعرف إذاً طبيعة عينيها، لكن من الممكن معرفة طبيعة الممثلة وهي تؤدي هذه الشخصية بجهد محدود وحماسة أقل. الرجل الذي يجلس قبالتها أسمه جيمس (جيمس ماكأڤوي) الذي يعمل لصالح المخابرات البريطانية (M 16) لكنه متخف في وظيفة مهندس مياه. التقيا صدفة في فندق على الساحل النورمندي وكل وقع في حب الآخر. إذاً الألماني ڤيم ڤندرز في توليفة عاطفية هذه المرّة. واحدة تأخذ مداها (أكثر من نصف دقائق الفيلم) وتستخدم ذلك اللقاء وعدد واسع من مشاهد الإستعادة وتنتهي فاترة كما بدأت.
بين البداية والنهاية الكثير من الفتور في رواية كتبها ج م لدغارد وكتب عنها الروائي تود مكيوان نقداً في صحيفة «ذَ غارديان» في أيلول/ سبتمبر 2011 عكس عدم إعجابه بطروحاتها التي وجدها "موجهة" و"خطابية" وذات شخصيات لا تثير الإهتمام.
في فيلم ڤندرز تثير شخصية جيمس الإهتمام كثيراً. إنه جاسوس سيء الحظ سيقع قيد إعتقال منظمة القاعدة في الصومال حال وصوله وهو الذي جاء ليتجسس عليها. سيوضع في غرفة أرضية صغيرة فيها ثقب صغير بمستوى الأرض وبلا نافذة وبالتالي بلا إضاءة. هذا قبل أن ننتقل إلى الماضي وكيف تعرّف جيمس على دانييل وحملها على الشاطيء ليرميها في البحر على سبيل المداعبة. لاحقاً تداعبه بممارسة الغرام معه وحين يفترقا يوعز المخرج بأنه سيكون فراقاً كاملاً لا لقاء بعده.
بعد ذلك نحن ما بين استمرارها في الغطس بحثاً عن كيف تلتقي البكتيريا الحية بالفطر الميّت في  أعماق المحيط واستمرار اعتقال جيمس من قبل صوماليي القاعدة. هي تسعى لغاية علمية سامية وهو يواجه جهل المسلمين الذين يعدونه بالجنة إذا ما اعتنق الإسلام. في فيلم ڤندرز هذا ليست هناك شخصيات تطرح اسئلة على نفسها أو تسعى لفهم الآخر، بل مجرد عالمين واحد أفضل من الآخر.
ڤندرز يستخدم سرداً متأنياً حالماً في بعض أجزائه مع موسيقا من فرناندو ڤيلاسكيز قريبة الشبه ببعض ما وضعه ووغنر (خصوصاً في نصف الساعة الأولى من الفيلم) وهذا يساهم في نسج مشاهد ذات تأثير شبه شعري. لكن ذلك لا ينفع كثيراً في إشادة عمل متماسك يطرح أسئلته ثم استنتاجاته بقليل من البحث. تحت يدي ريدلي سكوت مثلاً كان يمكن للفيلم أن يثير كل الأبعاد المطروحة هنا بقدر أعلى من الإثارة الذهنية كما العاطفية.

من بين هذه الأبعاد تصوير جيمس كما لو كان المسيح وقد قتله المسلحون المسلمون. في الدقائق الأخيرة من الفيلم هناك يقف بقيوده وبثيابه البالية ووجهه المتعب رافضاً التخلي عن مسيحيته وتصديق وعود المسلمين بأنه إذا ما أعتنق الأسلام دخل الجنة. لا غبار هنا على ذلك مطلقاً فالإيمان لا يفرض فرضاً، لكن المشكلة هي في تصويره مقابلاً موضوعياً لإيمان الآخرين بدينهم. حين نرى الشيخ يطلب من أحد المسلحين تدريب طفله الصغير (لا يزيد عن خمس سنوات) على استخدام السلاح، ندرك أين يتجه الفيلم برسالته. هذا الشيخ الذي يصلّـي لله ويعلّم إبنه على القتل. مفهوم القضية يختلف هنا جذرياً عن هناك. لكن ما يبني عليه الفيلم حجته ضعيف لكون أعداء جيمس (وأعداء العلم والحضارة الغربية) هم متطرفون لا يعبرون عن الإسلام الا على نحو مجزأ يلبي حاجاتهم السياسية. تغييب هذه الحقيقة فاقع هنا لأن المقارنة ليست صحيحة. وحتى الطبيب (ألكسندر صدّيق) يُـظهر ضيق أفقه، ولو أنه لاحقاً ما يعاني من ازدواجية عمله فهو، كما يصفه جيمس، طبيب يداوي الناس لكنه يعمل لصالح قتلة.


Screenplay: Erin Dignam
Dir. of Photography: Benoit Debie
Music: Fernando Velázquez
Editors:  Tony Froschhammer.
Producer: Cameron Lamb.
Cast: Alicia Vikander, James McCoy, Alexander Siddig, Reda Kateb..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ