Year 2. Iss. 81 | Harry Potter and the Deathly Hallows 1 | The Next Three Days | Casino Jack | Prima Cosa Bella | Antonioni's Identification of a Woman


 CASINO JACK | George Hickenlooper **
كازينو جاك‮ |‬ جورج هيكنلوبر

النوع‮: ‬دراما‮ [‬سيرة حياة‮] | ‬الفئة‮: ‬عروض محدودة
Film Review n. 196
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في‮ ‬كتاب‮ ‬يحمل إسم‮ »‬كازينو جاك‮« ‬صدر بعد صنع الفيلم محتوياً‮ ‬على كلمة للمخرج‮  (‬جورج هيكنلوبر‮) ‬وأخرى لكاتب السيناريو‮ (‬نورمان سنايدر‮) ‬ثم السيناريو نفسه وتعليقاً‮ ‬في‮ ‬النهاية من الناقد ف‮. ‬أكس‮. ‬فيني،‮ ‬يقول السيناريست سنايدر،‮ ‬إنه عمد الى فيلمي‮ ‬مارتن سكورسيزي‮ ‬
Casino و‮ ‬Goodfellows
لاستيحاء‮ "‬الموديل‮" ‬الكوميدي‮ ‬الأسود المُصاغ‮ ‬في‮ ‬عالم العصابة المنظّمة‮. ‬لا بأس،‮ ‬رغم صحّة هذا الكلام مبدأياً،‮ ‬من الإضافة الى أن سكورسيزي‮ ‬مزج العالمين الواقعي‮ ‬والخيالي‮ ‬بغية توفير وجهة نظره الكوميدية الداكنة،‮ ‬في‮ ‬حين أن‮ »‬كازينو جاك‮« ‬أريد له أن‮ ‬يقوم على الواقع‮. ‬في‮ ‬ذات الوقت تم التدخّل في‮ ‬هذا الواقع ليس على‮ ‬غرار سينمائي‮ ‬لتحلية مياهه المالحة،‮ ‬بل لمحاولة وضع بطله جاك أبراموف في‮ ‬بؤرة‮ ‬غير مضرّة،‮ ‬كما لو أن الفيلم‮ ‬يحاول شق طريق وسط بين الإدانة ومنح العذر لمجرم اقتصادي‮ ‬جمع أرطالاً‮ ‬من المال عبر قبض عمولات طائلة من القبائل الهندية لمساعدتها على فتح كازينوهات وأودع قسماً‮ ‬كبيراً‮ ‬من هذه الأموال في‮ ‬جيوب سياسيي‮ ‬واشنطن الأشاوس‮. ‬هو‮ -‬في‮ ‬الواقع‮- ‬انتهى الى السجن،‮ ‬لكن السياسيين لا زالوا هناك وجيوبهم مفتوحة لأي‮ ‬صفقة‮ ‬يمكن إبرامها مع أي‮ ‬طرف‮.‬
ربما لأن أبراموف‮ ‬يهودي‮ (‬وكاتب السيناريو كذلك‮) ‬هناك نوعاً‮ ‬من تحييد المنهج الخطأ عن الشخصية ذاتها‮. ‬لكن المهم هو أن‮ »‬كازينو جاك‮« ‬يخسر وقوده سريعاً‮ ‬وهو بعد في‮ ‬نصف ساعته الأولى بسبب من عدم وجود صراع فعلي‮ ‬واضمحلال الإهتمام بما قام به نتيجة الإصرار على تقديمه كرجل طيّب المعشر،‮ ‬متديّن ورب عائلة سعيدة‮. ‬بذلك‮ ‬يتم تمييع وجهة النظر واستخراج فيلم رسالته السياسية تخرج مهذّبة من دون أنياب تنهش بها على‮ ‬غرار الفيلم الوثائقي‮ ‬عن ذات الشخصية،‮ ‬ذاك الذي‮ ‬أخرجه أليكس‮ ‬غيبني‮ ‬بعنوان
Casino Jack and the United States of Moeny
كَڤن سبايسي‮ ‬في‮ ‬دور جاك أبراموف‮ (‬الملقّب لاحقاً‮ ‬بكازينو جاك‮) ‬وها هو مع مطلع الفيلم‮ ‬يقف أمام المرآة ويكلّم نفسه في‮ ‬مونولوغ‮ ‬طويل وحاد النبرة‮. ‬جاك‮ ‬يتوقّف عن تنظيف أسنانه ليتحدث عن كيف أن العامّة من البشر لا‮ ‬يستطيعون أن‮ ‬ينتموا الى السياسيين كما‮ ‬يُخيّل لهم‮. ‬هو في‮ ‬الأسطر الأولى من الحوار
People look at politicians and celebrities on the TV, in the newspapers, glossy magazines- what do they see? “I’m jusl like them”. That’s what they say. “I’m a special. I’m different. I could be any one of them” Well, guess what? You can’t. You know why? ‘Cause in reality mediocrity is where most people live”.
والترجمة‮:‬‭ ‬‮"‬الناس تنظر الى السياسيين والمحتفى بهم على التلفزيون وفي‮ ‬الصحف والمجلات اللامعة وماذا‮ ‬يرون؟‮ "‬أنا مثلهم تماماً‮". ‬هذا ما‮ ‬يقولونه‮:‬‭ ‬‮"‬أنا خاص‮. ‬أنا مختلف‮. ‬أستطيع أن أكون واحداً‮ ‬منهم‮". ‬حسناً،‮ ‬لا تستطيع‮. ‬هل تعلم لماذا؟ لأنه في‮ ‬الواقع الضآلة‮ ‬
هي‮ ‬حيث‮ ‬يعيش معظم الناس"‮٠‬
برسم جاك فاصلاً‮ ‬بين العامّة والسياسيين لا‮ ‬ينوي‮ ‬إدانة أي‮ ‬طرف بل ليصل الى تبرير ما سنراه‮  ‬به لاحقاً‮ ‬في‮ ‬المشاهد اللاحقة‮. ‬أما الآن فهو‮ ‬يضيف،‮ ‬وهو لا‮ ‬يزال على ذات الوضع أمام المرآة‮:‬‭ ‬
 I will not allow my family to be slaves. I will not allow the world I touch to be vanilla. You say I’m selfish? Fuck you? I give back. I give back plenty. You say I got a big ego? Fuck you twice! I ‘m humbly grateful for the wonderful gifts that I’ve received here in America, the greatest country on this planet”.
والترجمة‮: "‬سوف لن أسمح لعائلتي‮ ‬أن تكون عبيداً‮. ‬لن أسمح للعالم الذي‮ ‬ألمسه أن‮ ‬يكون فانيلا‮ (‬خاو من القيمة‮). ‬تقول أنني‮ ‬أناني؟‮ (‬شتيمة‮). ‬أنا أدفع في‮ ‬المقابل‮. ‬تقول لي‮ ‬أن لدي‮ ‬نزعة نرجسية؟ أقول لك‮ (‬شتيمة‮) ‬مضاعفاً‮. ‬أنا ممتن بتواضع للهبات الرائعة التي‮ ‬أحصل عليها هنا في‮ ‬أميركا‮. ‬أعظم بلد على الكوكب؛‮٠‬

الآن وضعنا الكاتب ونفسه في‮ ‬مواجهة بعض المآزق‮٠‬
أولاً‮ ‬بتقديم بطله‮ ‬يحدّث نفسه وهو‮ ‬يحدّق في‮ ‬المرآة،‮ ‬من دون أن‮ ‬يأتي‮ ‬هذا المشهد في‮ ‬أعقاب أي‮ ‬مشهد‮ ‬يدفع جاك إليه،‮ ‬فإن السؤال السابق لأوانه،‮ ‬تبعاً‮ ‬للفيلم،‮ ‬هو لماذا‮ ‬يقول ما‮ ‬يقول؟ هل شتمه أحد قبل أن‮ ‬يبدأ الفيلم وكتم‮ ‬غيظه الى دخل الحمّام؟‮ ‬
ثانياً‮: ‬بتقديم بطله‮ ‬يحدّث نفسسه وهو‮ ‬يحدّق في‮ ‬المرآة كمستهل للفيلم‮ (‬من دون أن‮ ‬يكون المشهد منقولاً‮ ‬من فصل لاحق‮) ‬يضع الكاتب حاجزاً‮ ‬لا داعي‮ ‬له‮. ‬الآن،‮ ‬ومن قبل أن‮ ‬يبدأ الفيلم لدينا شخص‮ ‬يهاجم العامّة‮ (‬معظمهم من مشاهدي‮ ‬الفيلم‮) ‬من دون سبب،‮ ‬محدّداً‮ ‬بالتالي‮ ‬وضعه الذي‮ ‬كان على الفيلم بأسره أن‮ ‬يوضحه‮٠‬
حين‮ ‬يأتي‮ ‬دور الـ‮ ‬99‮ ‬بالمئة من مشاهد الفيلم الأخرى،‮ ‬فإن جديداً‮ ‬فعلياً‮ ‬على ذلك الموقف لا‮ ‬يمكن بناؤه،‮ ‬كذلك فإن قراءة المشاهد لشخص جاك تصبح مشروطة بضوء ما سبق‮.  ‬
طوال الفيلم سنرى جاك‮ ‬يخطط ويحيك ويبتسم لكل الأطراف وعينه على الملايين التي‮ ‬سيجنيها ومعارفه من الجمهوريين‮. ‬لكن عوض أن‮ ‬يكون في‮ ‬ذلك إدانة له ولنظام فاسد،‮ ‬يمر كما لو أن المسألة ليست من قطعة حلوى كبيرة لكل الحق في‮ ‬الغرف منها‮. ‬ليس أن الفيلم‮ ‬يتبدّى كتبرير للفساد،‮ ‬لكنه‮ ‬يلاعبه ضاحكاً‮. ‬يقول لنا أن هذا خطأ،‮ ‬هؤلاء أناس مذنبون،‮ ‬لكني‮ ‬سأعمد الى فيلم‮ ‬غير مُدين،‮ ‬وبل ترفيهي‮ ‬عنهم‮. ‬في‮ ‬سبيل ذلك،‮ ‬لا‮ ‬يمكن للمشاهد أن‮ ‬يثق بإي‮ ‬شيء‮ ‬يراه‮. ‬الأحداث مركّبة‮. ‬الشخصيات مفعول بها لتمنح المشهد هذا التوجّه او ذاك‮. ‬مع مخرج ضعيف الموهبة فإن ما‮ ‬يطرحه لا‮ ‬يتّخذ مساراً‮ ‬ذات قيمة ومعنى عميقين‮. ‬إنه ليس فيلماً‮ ‬ثقيل الوزن،‮ ‬بطرحه وفنّه،‮ ‬لكي‮ ‬يُخلّد،‮ ‬وليس خفيف الروح بحيث‮ ‬يثير قدراً‮ ‬من المرح ناهيك عن الترفيه،‮ ‬ولا هو الفيلم الذي‮ ‬يعرف الفرق بين السخرية والهزل‮. ‬وفي‮ ‬كل هذه القصور هناك حقيقة أن العمل لا‮ ‬يتبلور الا على صعيد سرد حكاية صعود وهبوط كازينو جاك‮. ‬او بالأحرى نصف صعوده،‮ ‬على أساس أن الفيلم لا‮ ‬يسرد كيف وصل أبراموف الى ما وصل اليه في‮ ‬بداية الفيلم من مكانة فاعلة،‮ ‬ونصف هبوط على أساس أن السجن لن‮ ‬يكون آخر المطاف‮.‬


DIRECTOR: George Hickenlooper.  CAST: Kevin Spacey, Kelly Preston, Barry Pepper, Rachelle Lefevre, Jon Lovitz. SCREENPLAY: Norman Snider.  PRODUCERS: Gary Howsam, Bill Marks, George Zakk.  CINEMATOGRAPHY: Adam Swica. MUSIC: Jonathan Goldsmith. EDITOR: William Steinkamp (108 min). PROD. COMPANY: HBO (US- 2010).  

 THE NEXT THREE DAYS | Paul Haggis ***1/2
الأيام الثلاثة المقبلة‮ |‬  بول هاجز

النوع‮: ‬تشويق بوليسي [إقتباس عن فيلم]‮ | ‬الفئة‮:  عروض دولية
Film Review n. 197
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قرب النهاية‮ ‬يُعاين أحد التحريين موقع الجريمة التي‮ ‬من المفترض أن تكون لارا‮ (‬اليزابث بانكس‮) ‬قد ارتكبت جريمتها عنده،‮ ‬ليتذكّر أن لارا كانت ذكرت حين أدلت‮  ‬بشهادتها ملتمسة البراءة،‮ ‬بأنها اصطدمت بإمرأة أخرى وسمعت سقوط زر من سترة تلك المرأة‮. ‬التحري‮ ‬يذكر أن السماء كانت آنذاك‮ (‬قبل ثلاث سنوات‮) ‬تمطر كما هي‮ ‬تفعل اليوم‮. ‬يقتطع ورقة ويرميها في‮ ‬جدول الماء الصغير الذي‮ ‬عند قدميه ثم‮ ‬يتابع الورقة ليرى الى أين ستذهب‮. ‬هناك بالوعة على مقربة تسقط فيها‮. ‬هو ومعاونته سيفتحان البالوعة بحثاً‮ ‬عن ذلك الزر الذي‮ ‬من شأنه إثبات براءة لارا او فتح التحقيق من جديد على الأقل‮. ‬لكنه لن‮ ‬ير الزر‮. ‬نحن فقط من سنرى الزر عالقاً‮ ‬وهو‮ ‬يغلق البالوعة من جديد‮٠‬
المشهد‮ ‬يقترح أن لارا بريئة من جريمة قتل رئيستها بعد مشادّة،‮ ‬بذلك‮ ‬يُجيب جزئياً‮ ‬عن السؤال الذي‮ ‬بقي‮ ‬عالقاً‮ ‬في‮ ‬سقف المسافة بين المشاهد والفيلم حول ما إذا كانت بريئة او مذنبة‮. ‬يتوقّف على ذلك إذا ما كان من حق المشاهد أن‮ ‬يتعاطف معها او لا‮.‬
سأعود الى هذه النقطة من جديد بعد قليل،‮ ‬لأن موضوع الزر شغلني‮ ‬وأنا أتابع بشغف وإعجاب أفضل فيلم أخرجه بول هاجيز حتى الآن‮. ‬أولاً،‮ ‬لمَ‮ ‬لم‮ ‬يتذكّر التحري‮ ‬موضوع الزر قبل الآن؟ الجواب على ذلك قد‮ ‬يكون أن لارا،‮ ‬كانت تمضي‮ ‬سنوات العقوبة في‮ ‬السجن ولم‮ ‬يخطر للتحري،‮ ‬وقد انتهت القضية بإدانتها أن‮ ‬يتذكّر‮. ‬أما الآن وقد نجح زوجها‮  ‬جون‮ (‬راسل كرو‮)  ‬في‮ ‬تهريبها من السجن،‮ ‬فإن التحري‮ ‬بدأ‮ ‬يستعيد بعض ما كان عليه أن‮ ‬يفكّر به قبل الآن‮. ‬تفسير أقبله على مضض،‮ ‬لكنه ليس الوحيد الذي‮ ‬أقلقني‮.‬
هناك مسألة الزر نفسه‮. ‬الزر حين‮ ‬يسقط في‮ ‬الماء لا‮ ‬يتحرك كما تتحرّك الورقة‮. ‬يغوص ويبقى في‮ ‬قعر الجدول فوق الزفت‮. ‬هذا بالطبع الا إذا كان الماء من قوّة الجرف بحيث‮ ‬يستطيع تحريك الزر الغائص من مكانه‮. ‬أما كيف عرفت لارا أن ما سقط زرّاً‮ ‬فهذا‮ ‬يمكن تفويته،‮ ‬ولو أنه لم استطع الا وأن أتوقّف عند ملاحظة أخرى‮. ‬هل أفوّتها؟ لا‮.‬
في‮ ‬أحد المشاهد المبكرة من الفيلم لارا وزوجها‮  ‬في‮ ‬البيت مع طفلهما‮. ‬الوقت صباحاً‮. ‬تلتقط معطفها قبل الخروج من البيت لتجد بقعة دم على قفا المعطف قرب الياقة‮. ‬تدخل الحمّام لغسلها‮ (‬من دون أن‮ ‬يراها زوجها‮) ‬وحين تفعل نرى قدراً‮ ‬لا بأس به من الدم وهو‮ ‬يلوّن المغسلة‮. ‬في‮ ‬الوقت ذاته‮ ‬يقتحم البوليس المنزل ويقودها قبل أن تنهي‮ ‬غسل المعطف وإزالة بقعة الدم‮. ‬
في‮ ‬المشهد المذكور قرب النهاية،‮ ‬نعلم كيف انطبعت تلك اللطخة على المعطف‮. ‬المرأة الأخرى،‮ ‬القاتلة الحقيقية،‮ ‬وضعت‮ ‬يدها الملوّثة بالدم على‮ ‬ياقة لارا حين اصطدمت بها‮. ‬طيّب هل كانت‮ ‬يدها ملوّثة او مغموسة بالدم؟ إذا كانت ملوّثة،‮ ‬وهو ما‮ ‬يقترحه الفيللم،‮ ‬فإن كم الدم الغزير الذي‮ ‬اندلق في‮ ‬المغسلة هو أكبر من مجرد لوثة‮٠‬
للأسف لم‮ ‬يمنح‮  ‬هذا‮  ‬الفيلم البوليسي‮ ‬هذه التفاصيل ما تحتاجه من انتباه‮. ‬لكن كل ما عداها‮  ‬رائع الى حد أنني‮ ‬أشعر الآن كما لو أنني‮ ‬أقحمت تلك الملاحظات عليه‮. »‬الأيام الثلاثة المقبلة‮« ‬هو دراما بوليسية‮  ‬هيتشكوكية لولا أن هيتشكوك كان‮ ‬يمسح كل شيء بلمسة ساخرة‮. ‬هذه اللمسة بالطبع ليست ضرورية او لازمة لا‮ ‬يمكن صنع فيلم تشويقي‮ ‬من دونها والدليل هنا‮.‬
إنها قصّة رجل عادي‮ ‬يؤمن ببراءة زوجته ويحاول البرهنة على ذلك،‮ ‬لكن القرائن ضدّها‮ (‬من بينها لطخة الدم‮). ‬حين‮ ‬يفشل محاميه في‮ ‬مواجهة تلك القرائن،‮ ‬وتبعاً‮ ‬لما بات‮ ‬يعانيه من عوامل نفسية وعاطفية،‮ ‬وما لاحظه من انطواء إبنه الصغير،‮ ‬يقرر القيام بعملية تهريب زوجته من السجن التي،‮ ‬في‮ ‬هذه الأثناء،‮ ‬تحاول الإنتحار ويتم نقلها الى المستشفى ما‮ ‬يدعم رغبة الزوج بإخراجها مهما كلّفه الأمر‮. ‬خطّته ستقتضي‮ ‬إعادة إدخالها،‮ ‬وقد مضت ثلاث سنوات على سجنها الى المستشفى بحجّة ما،‮ ‬ثم خطفها من هناك بتدبير محكم‮. ‬على الشاشة،‮ ‬تلك الخطّة تبدو فعلاً‮ ‬أقل اعتماداً‮ ‬على الصدف مما في‮ ‬الأفلام الأخرى‮. ‬والمخرج لا‮ ‬يكشف الخطّة بكاملها قبل القيام بها،‮ ‬ولا‮ ‬يجعلها كلّها مجهولة،‮ ‬بل‮ ‬يحقق ما بتنا نعلم أنه سيقوم به،‮ ‬لكن في‮ ‬كل مرحلة هناك تفاصيل جديدة بعضها كان الزوج فكّر به وحسب له حساباً‮ ‬وبعضها الآخر وليد المرحلة ذاتها‮٠‬
إيقاع المخرج مشدود بفضل توليف من جو فرانسيس وشخصياته واضحة لكنها مثيرة للإهتمام،‮ ‬وهذه واحدة من مزايا السيناريست الجيّد‮ (‬كونه كتب سيناريو فيلمه هذا‮). ‬لم أشاهد الأصل الفرنسي‮ ‬الذي‮ ‬أخرجه فرد كافاييه سنة‮ ‬2008 ‮ ‬تحت عنوان‮: ‬من أجلها‮ ‬
Pour Elle‮  ‬لكن هذا الفيلم حاضر بقوّة‮  ‬بصرف النظر عن ذلك الأصل ومتشبّع أميركياً‮. ‬راسل كرو‮ ‬يمنحه البعد الشخصي‮ ‬وبعض العمق المتاح ناتج عن أن السيناريو لا‮ ‬يخلق له،‮ ‬كعادة أفلام أميركية ومصرية وفرنسية عديدة،‮ ‬شخصاً‮ ‬آخر‮ (‬سنيداً‮) ‬يتبادل وإياه الوضع حتى‮ (‬قال أيه؟‮) ‬نفهم ما‮ ‬يفكّر به البطل‮٠ ‬وأسلوب المخرج في‮ ‬إدارة مشاهده وتوقيتها مُعنى به‮. ‬لا‮ ‬يوجد إسراع في‮ ‬الوصول الى الغاية ولا‮ ‬يتحوّل الفيلم الى استطراد‮. ‬في‮ ‬الواقع،‮ ‬ثلث الساعة الأخيرة او نحوها فخ محكم‮. ‬لن تستطيع تغميض جفنيك في‮ ‬أي‮ ‬لحظة‮٠

 DIRECTOR: Paul Haggis.   CAST:  Russell Crowe, Elizabeth Banks, Michael Buie, Moran Atias, Remy Nozik, Tobby Green.  SCREENPLAY: Paul Haggis. SOURCE: “Pour Elle” BY: Fred  Cavaye. CINEMATOGRAPHY: Stephane Fontaine (35 mm- Col). EDITOR: Jo Francis. MUSIC: Danny Elfman, Alberto Iglesias. PRODUCERS: Olivier Delbosc, Paul Haggis, Marc Missonnier, Michael Nozik. PROD. COMPANAY: Lionsgate/ Fidélité Films. DISTRIBUTOR: Universal [USA/ France-2010]


LA PRIMA COSA BELLA  | Paolo Virzi **
أول شيء جميل‮  |‬ باولو فيرزي

النوع‮: ‬دراما عاطفية  ‮| ‬الفئة‮: ‬أفلام مرشّحة للغولدن‮ ‬غلوبس  والأوسكار كأفضل فيلم أجنبي
Film Review n. 198

‮  ‬
ينشطرالفيلم،‮ ‬عوض أن‮ ‬ينقسم،‮ ‬الى أحداث تقع اليوم وأحداث تقع بالأمس‮. ‬حكاية‮  ‬تبدأ في‮ ‬العام‮ ‬1971‮ ‬ثم تقفز الى اليوم،‮ ‬ثم تعود في‮ ‬سلسلة طويلة من الفلاشباك الى سنوات مختلفة أقربها للحاضر العام‮ ‬1981‮. ‬في‮ ‬مطلع الفيلم حفلة ساهرة تحضرها العائلة والأم آنا‮ (‬مكاييلا مازوتي‮) ‬تُنتخب ملكة جمال السهرة أمام زوجها الغيور الذي،‮ ‬في‮ ‬مشاهد تقع بعد ربع ساعة او نحوها،‮ ‬يعنّفها حين عودة العائلة الى المنزل فتترك البيت مع طفليها وتنتقل لمعظم الأحداث اللاحقة من منزل الى آخر‮. ‬نتعرّف في‮ ‬المشاهد التي‮ ‬تدور في‮ ‬الزمن الحالي،‮ ‬والتي‮ ‬تتناوب مع تلك الإستعادات،‮ ‬على أحد ولديها برونو‮ (‬فاليريو ماستاندريا‮)  ‬وقد اتصلت به شقيقته لتخبره أن والدتهما ترقد في‮ ‬المستشفى‮. ‬هو لم‮ ‬يسامحها منذ أن كان صغيراً‮ ‬لكنه الآن ومع المستجدّات‮ ‬يراجع حساباته ويوغل في‮ ‬التذكّر ومراجعة النفس ويغيّر موقفه منها‮.‬
يحاول الفيلم بيع متاعب أبطاله العاطفية للمشاهدين بقدر مماثل من الإنفعالات القلبية‮. ‬الأحداث المنتقلة بين الأزمنة تختلف في‮ ‬صياغتها الفنية بعض الشيء‮. ‬هناك عناية أفضل بتصميم المشاهد التي‮ ‬تقع مع برونو اليوم‮. ‬ليس أن المشاهد التي‮ ‬تقع في‮ ‬الأمس مرمية على الشاشة كما اتفق،‮ ‬لكن قليلاً‮ ‬منها‮ ‬يبقى في‮ ‬البال‮. ‬في‮ ‬مقابل مشاهد الحاضر التي‮ ‬تستفيد من وحدة البطل لبضع دقائق ثمينة من الصمت والتأمّل،‮ ‬هناك ثرثرة لا تنتهي‮ ‬في‮ ‬مشاهد الفلاشباك‮. ‬بعد حين،‮ ‬كل المشاهد تصبح على نحو واحد من كثرة الحوار وقلّة لحظات التأمل‮. ‬الى ذلك،‮ ‬يصطاد المخرج أسلوبه تبعاً‮ ‬للوضع الماثل‮. ‬معظم المشاهد مؤلف من لقطات تنساب فيها الكاميرا على عجلات،‮ ‬لكن حين‮ ‬يكون هناك مشهد من نوع الشجار بين الزوجين فإن وضع الكاميرا وطريقة المونتاج‮ ‬يختلفان‮. ‬يصبحان مثل سمكة خرجت من الماء وأخذت ترتجف على رصيف الميناء‮. ‬هناك أشياء متعددة‮ ‬يرغب الفيلم قولها تجتمع تحت سقف حكاية‮  ‬عائلة تشتت بفعل أب‮ ‬غيور وأم استغلّت فرصة حريّتها لكي‮ ‬تعتاش على حساب علاقاتها،‮ ‬لكن المخرج‮ ‬يبقي‮ ‬كل تلك الأشياء ضمن خطّة التوجّه الى المشاهدين المحليين الذين لا‮ ‬يطلبون شيئاً‮ ‬سوى حكايات تغازل القلب‮.‬
لو أن المخرج اعتنى قليلاً‮ ‬ببنائه لاكتشف،‮ ‬من البداية،‮ ‬أن كثرة الحديث عن الماضي‮ ‬شتت الفيلم بأسره‮. ‬هناك موضوع أهم‮ ‬يقع في‮ ‬الزمن الحاضر،‮ ‬لكن المخرج تغاضى عن أهمّيته موسعاً‮ ‬المجال أمام مشاهد الفلاشباك لكي‮ ‬تحتل نصف مدة الفيلم تقريباً‮. ‬استخدامه للمقطوعات الموسيقية وظيفي‮ ‬وبلا قيمة‮  ‬يشبه توظيف هوليوود لها في‮ ‬أفلامها‮. ‬على تعدد مشاهده وطاقة مخرجه ومدير تصويره،‮ ‬يمر الفيلم من دون فعل ربط بين المخرج وعمله كما لو أن المسألة هي‮ ‬إنجاز الحدث وليس دراسته‮.‬


DIRECTOR: Paolo Virzi. CAST:Valerio Mastandrea, Micaela Ramazzotti, Stefania Sandrelli, Claudia Pandolfi, Marco Messeri, Fabrizia Sacchi. SCREENPLAY: Francesco Bruni, Francesco Piccolo. CINEMATOGRAPHY:  Nicola Pecorini. EDITORS: Simone Manetti (120).. MUSIC: Carlo Virzi. PRODUCERS: Fabrizio Donvito, Marco Cohen, Benedetto Habib [Russia- 2010].




IDENTIFICAZIONE DI UNA DONNA | Michaelangelo Antonioni ****
هوية إمرأة ‮ |‬  مايكلأنجلو أنطونيوني

النوع‮: ‬دراما‮ عاطفية | ‬الفئة‮:  كلاسيكيات السينما (2891)
Film Review n. 198
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يختار أنطونيوني تلخيص سينماه في هذا الفيلم متابعاً وجهة  نظر رجل هو  الشخصية الرئيسية في بحثها عن سحر وسر امرأة معينة.  هذا الرجل من العمر والخبرة والمكانة الثقافية ما يجعله أهلاً لثقتنا وبالتالي مناسب  لأن يتولى سرد الفيلم من وجهة نظره الذاتية٠
أفلام انطونيوني كثيراً ما جمعت رغبة البحث الحارة المنطلقة من ذات البطل والتي تطال النساء اللواتي حوله أو بعضاً منهن. أنطونيوني ذاته يبدو باحثاً مثالياً عن ماهية المرأة أو ـ بالتحديد ـ هويتها. لكن على عكس فدريكو فلليني الذي يشاركه هذا البحث بأسلوب ومنهج مختلفين، لا يميل إلى الفانتازيا ويتجنب النماذج الغريبة وعوضاً عنها يقدم حالات ذاتية واجتماعية تعكس أعماقاً إنسانية كاملة. كل فرد من أفراد أنطونيوني الرئيسيين، أو ربما غير الرئيسيين أيضاً، هو حالة قائمة بذاتها وقابلة للتصديق٠
 بطله نيكولو (توماس ميليان) مخرج أفلام، وصديقته «مافي» (دانييلا سيلفريو) هي المرأة التي يبحث عنها بعدما اختفت. موضوع فيلمه القادم هو المرأة المثالية، والفيلم تسجيلي يريد عبره تحديد هوية تلك المرأة، لكن نيكولو لا يعرف بينه وبين نفسه ماهية تلك المرأة. كيف يمكن إذاً تحقيق فيلم عن المرأة المثالية إذا لم يكن يعلم مواصفاتها؟ من دون وعي، وفي عناء بحثه عن صديقته (نعلم منذ البداية أنه قد طلق زوجته حديثاً) ثم في عناء محاولة التعرف عليها من جديد وقد التقاها، يخلط نيكولو بينها وبين الشخصية المثالية التي يبحث عنها، وإذ يفقدها من جديد يعود إلى دائرة البحث المفرغة٠
نيكولو، مع نهاية الفيلم، يبدو قد اقتنع بعدم تحقيق ذلك الفيلم. عوضاً عنه أخذ يبحث في مشروع فيلم علمي ـ خيالي عاكساً قناعته بأنه لن يستطيع فهمها حتى ولو صرف حياته محاولاً. إنها نظرة المخرج الذاتية بلا ريب حمّلها لبطله وهو أيضاً قد يكون أحدنا، او  قد لا يكون ففيه نتعرف إلى اختلافاتنا لكننا فيه أيضاً نكتشف ـ نحن الرجال ـ القاسم المشترك الذي يجمعنا: البحث عن المرأة المناسبة. في جزء كبير منه يبدو البحث فارغاً، عبثياً أو غير ضروري. لكن أشكال وموجبات ذلك البحث سريعاً تتكامل بمساعدة أسلوب أنطونيوني الرزين ومدلولاته العميقة في كل مرة يرى المتفرج نفسه أكثر تعلقاً بماهية ذلك البحث وبالهالة العاطفية (الجنسية) التي تنفذ إليه وأحياناً تحركه٠
عالم نيكولو قابل للتصديق ويبحث في أمور نتفاهم حولها، لكنه ليس واقعياً. بحثه فيه خيط رمزي بكل تأكيد. والمشهد الذي يجسّد  ذلك الخيط غير الواقعي أكثر من سواه،  هو الذي نراه فيه يبحث عن صديقته في مشهد على طريق منقطعة وكثيفة الضباب تمنعه عن الرؤيا. في المشاجرة التي يتم بعضها في ذلك الجو المضطرب ـ وقد سيطر عليه أنطونيوني سيطرة تامة مصمماً تنفيذاً مناسباً تماماً للحالة ذاتها ـ تكتشف هي ونكتشف نحن معها أن نيكولو يستغل اقترابها منه في سبيل إيجاد الشكل النسائي المناسب لفيلمه. إنها مسألة تطويع. إنه مهتم  بالشكل وليس بالممثلة. أنه، ولو كررنا، يبحث عن المرأة المثالية ويواجه في إغراء إزالة الحواجز بين المرأة المهتمة به والمرأة التي يريدها لفيلمه. بمعنى أن «مافي» حين أرادته، أرادته لنفسها وليس من أجل أن يجد فيها المرأة المثالية٠
خلط المواقع عنده يتكرر حين يتعرف على الفتاة الأخرى أيدا (كريستين بواسون) بالرغم من كونها امرأة مختلفة الطباع والموقف الاجتماعي. أيدا تريد أن تصير امرأة أخرى لكن لا تدري أي امرأة تريد أن تصير، وبالرغم من هذه المعايشة غير المستقرة في ذاتها إلا أنها أدركت بدورها هو أن نيكولو هو أقل استقراراً منها.
هذا الثلاثي يؤلف في النتيجة قصة حب واحدة. لكن في الوقت الذي كانت فيه قصص الحب تعني الكثير في أي مجتمع، نرى أن نيكولو ومافي وأيدا والمخرج من ورائهم يقللون من قيمتها الفعلية في حياة اليوم،  مدركين أن العصر الذي يعيشونه قد تغيّر وبتغيره ما عاد للحب مفعوله وصار حدوثه مناسبة لتبادل التصرفات من حوله ولفتح الأبواب المؤدية إلى الداخل (داخل الأنفس) أو إغلاقها. بالتالي قد يمر الحب دون التعرف عليه مثل المقطوعة الموسيقية الناعمة التي لا بد أن تمر على أذن كل إنسان لكن أصوات الضجيج من حوله والصخب الحياتي المتزايد قد يجعلها تمر دون أن يصغي إليها أو دون أن يسمعها أصلاً٠
أنطونيوني يهتم جداً بالأصوات هنا، إنها عنصر إضافي فوق العناصر التي بها يصمم مشاهده: الدرج الحلزوني، البحيرة المنقطعة، الطرق الضبابية، أو بعض تصرفات أبطاله ـ وبالأخص تصرفات نيكولو الصغيرة (في بداية الفيلم) أو الكبيرة ( لاحقاً)٠
نيكولو قد يرفض أن يكون ضحية، لكنه ضحية شاء أو أبى: في المشهد الأول نراه يعاني، رمزياً، من آثار زوجه السابق عندما يحاول دخول شقته فإذا بصفارة الإنذار التي وضعتها زوجته ضد اللصوص تنطلق. لاحقاً يعاني من مطاردته لــمافي ومن تقربه لأيدا، لكن مثل الفيلم كله هذه المعاناة لها مبرران أحدهما عاطفي والآخر فني. مثل «نقطة زابرسكي» و«المهنة: مخبر صحفي» وغيرهما من أعمال أنطونيوني النفيسة السابقة، فإن  «هوية امرأة» فيلم عن محاولة رجل الخروج من ذاته بحثاً عن المرأة المناسبة في أكثر من رمز، ومثل تلك الأفلام الأخرى يرفع أنطونيوني الموضوع إلى مستوى الهاجس الشخصي في الوقت الذي يقدم فيلماً يدعو للتمعن مرة ويدعو للتمعن أكثر في كل مرة لاحقة٠
إنه ليس أفضل أفلام أنطونيوني (حين شاهدته في المرّة الأولى حملت له تقديراً أعلى من المرّة الثانية بقليل) لكنه كأعماله جميعاً تبقى آسرة للبعض  ومضجرة للبعض الآخر. يعتمد ذلك على نوعية السينما التي يحبّها المرء٠


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2010٠

Year 2. Issue 80 | You Will Meet A Tall Dark Stranger | Metropolis| The Edge


 قراءة مشهد
Amarcord Fellini   (1973)  *****
 
بكل قصد وتصميم حقّق مدير التصوير جوزيبي روتانو هذه اللقطة من فيلم «أتذكرّ« لفديريكو فيلليني. ربما ليس من الإنصاف اختيار مشهد واحد فقط، فكل الفيلم، تحديداً: كل لقطة من الفيلم مُعنى بها لكي تمزج الخاص والعام، حاضر المشهد وجوانبه الإنسانية والنفسية والعاطفية. لكن هذه اللقطة فيها ذلك الضباب الذي يكاد المرء يعتقد أنه مرسوم بفرشاة ومطبوع على صورة باخرة قرب الشاطيء. تحمل تجسيداً أعلى بكثير مما لو صوّرها المخرج واقعياً وهدف الى إظهار فرحة لقاء او حزن وداع. كما هي، هي حلم آت في عناصر من اللون والضوء تتفاعل لإنجاز ما يبقى ماثلاً ليشهد رونقاً من روعة نجاح المصوّر في تجسيد مشاعر مخرج٠
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بين الأفلام

الصديق عبد الله العيبان من الكويت بعث يتساءل عن الحكمة في عرض ثلاثة أجزاء من «الفتاة ذات الوشم« بشكل متسارع وقريب، وعما إذا كانت هناك حسابات أخرى. حسب علمي أن الشركة الموزّعة (شركة صغيرة أسمها ميوزك بوكس) ارتأت أن الفيلم كونه دانماركياً سوف لن يحقق ذات الإهتمام الذي أنجزه الجزء الأول بل إذا ما تم الإنتظار لوقت آخر فإن شيئين سيحدثان: لن يكترث الأميركيون لمشاهدة الجزء الثاني بنفس الحماسة، فما البال بالثالث، وهناك نسخة أميركية بوشر بتصويرها. لذلك ارتأت الإسراع بإطلاق الأجزاء متواليةثم يمضي فيقول:  "رسخت عندي شبه قناعة أن الإلمام بالجوانب المحيطة والخارجية للفيلم (نوار)  يعطي أهمية للفيلم لا لمدلول الفيلم بحد ذاته" وأنا لست معك في هذه القناعة: من أهم خصائص الفيلم نوار هو مدلوله الإجتماعي، وقد كتبت عن ذلك كثيراً في »ظلال وأشباح« وأشرت إليه في كل مرّة تناولت فيها فيلم نوار  في هذه المجلة. الوضع الإجتماعي والنفسي والعاطفي للشخصيات الرئيسية، مع الظروف الإقتصادية والسياسية المحيطة بالفترة الزمنية وبالبلد ككل لا تترك مجالاً للإعتقاد بأن الجوانب المحيطة بالفيلم ما تعطيه الأهمية. في الوقت ذاته، معك في أهمية هذه الجوانب الفنية. من دونها فيلم نوار سوف يكون مضموناً بلا فن٠
They Were So Young:  الملصق الأصلي لفيلم

من ناحية أخرى، ليس كل فيلم نوار فيلم جيّد. شاهدت  ليلة أمس فيلماً أميركيا بتمويل ألماني هو
أخرجه كيرت نيومان سنة 1954  The Were so Young
بسبب من أجوائه، تم اعتباره فيلم نوار، لكنه لا شيء فيه يستحق فعلاً هذا الإعتبار. لو أُخذ بمفرده بعيداً كفيلم تشويقي فإن ذلك أفضل له. ما يثريه تمثيل رايموند بَر أحد أشرار السينما آنذاك الذي لاحقاً ما انتقل الى دور المحامي المدافع عن القانون والعدالة في مسلسل »بيري مايسون« الشهير٠

لم أكن أعلم أن هناك ممثلاً لبناني الأصل أسمه جورج تابت كتب ومثّل في أكثر من  أربعين فيلم روائي ما بين 1933 و1977 بالإنكليزية والفرنسية حتى شاهدت فيلما منسياً حمل عنوانين الأول
The Green Glove  القفاز الأخضر
The Gauntlet  والثاني التحدي
وذلك سنة 1952 في مطلع سنوات شهرة الممثل غلن فورد الذي لعب بطولة هذا الفيلم. بعد بسنة كان يقف تحت إدارة المخرج فريتز لانغ (صاحب »متروبوليس« أدناه) في الفيلم نوار
The  Big Heat
 إسم جورج تابت دلّني على عنوان أحد أفلامه:  العميل 38-24-36 مع بريجيب باردو في دور العميلة تحت إدارة المخرج النشط في الستينات إدواردو مولينارو، وهذا أحيا في البال أحد ممثلي ذلك الفيلم الجاسوسي- الكوميدي  أسمه غريغوري أصلان. هذا من أصل تركي (؟)  لكنه وُلد في سويسرا ومثل في 87 فيلم  معظمها أوروبي... وإذا بحثت أكثر سأجد ... لكن لن أفعل. التاريخ لا ينتهي٠

أخيراً، هذا آخر عدد من "فيلم ريدر" مستقلّة. خلال أسبوعين سيتم دمجها بمجلة »ظلال وأشباح« على الرغم من العدد المتزايد من قرائها (نحو ثمانية ألف زائر في الشهر). المقالات النقدية ستظهر هنا بعد ظهورها في «ظلال وأشباح« لكي تبقى منفصلة وتسهيلاً للقاريء العودة إليها. بالتالي، هذا الدمج سينعكس ايجابياً على مجلة  ظلال وأشباح وسيزيد من نموّها المضطرد٠

وودي‮ ‬ألن‮ ‬يُعيد قديمه: ممثلون جدد لشخصيات متكررة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 YOU WILL MEET A TALL DARK STRANGER  |   Woody Allen  **
ستقابلين‮ ‬غريباً‮ ‬طويلاً‮ ‬أسمر‮ ‮
إخراج: وودي ألن | أدوار أولى: أنطوني هوبكنز، جيما جونز، فريدا بنتو، ناوومي ووتس، جوش برولين
النوع: كوميديا عاطفية | أسبانيا  (ناطق بالإنكليزية) | الفئة: عروض الغولدن غلوبس٠
Film Review n.  191


لم‮  ‬أستطع الا ملاحظة الخطأ الذي‮ ‬في‮ ‬مطلع الفيلم‮: ‬التاكسي‮ ‬الذي‮ ‬تصل به هيلينا‮ (‬جيما جونز‮)  ‬الى موعدها مع البصارة‮ (‬بولين كولينز‮) ‬أوصلها وقبض أجرته وعدّاده مُضاء على أنه شاغر‮. ‬قد‮ ‬يحدث ذلك في‮ ‬أماكن أخرى من العالم لكن في‮ ‬لندن مستحيل‮. ‬لكن المرء‮ ‬يدلف مع هيلينا الى قلب المشكلة بعد قليل وهي‮ ‬أبعد ما تكون عن العدّاد‮: ‬لقد تركها زوجها ألفي‮ (‬أنطوني‮ ‬هوبكنز‮) ‬بعد أربعين سنة من الزواج‮. ‬البصّارة تعرض أن تسقيها بعض البراندي‭ ‬‮(‬واحد من أصناف الكحول التي‮ ‬لا تتوقّف هيلينا عن شربها‮) ‬ثم تجلس لتستمع الى ما لديها من مشاكل‮. ‬تطمئنها وتخبرها أنها ترى‭ ‬‮"‬طاقة إيجابية تقع لها‮" . ‬لكن حكاية هيلينا وألفي‮ ‬اللذان افترقا حين قرر الزوج البحث عن شريكة شابّة ووجدها في‮ ‬عاهرة‮ (‬وأحياناً‮ ‬ممثلة‮) ‬أسمها شايمان‮ (‬لوسي‮ ‬بَنش‮) ‬ليست بالطبع المشكلة العاطفية الوحيدة،‮ ‬ولا‮ ‬يمكن أن تكون تحت سقف فيلم أخرجه وودي‮ ‬ألن الذي‮ ‬لا‮ ‬يكف مطلقاً‮ ‬عن بلورة سيناريوهاته وقفاً‮ ‬على تعدد الأطراف التي‮ ‬تكتشف أنها تعيش مع من لا تحب وتهوى شخصاً‮ ‬آخر‮. ‬
هذا موجود من‮ »‬آني‮ ‬هول‮« (‬1972‮)  ‬و»مانهاتن‮« (‬1979‮) ‬الى‮ »‬ماتش بوينت‮« (‬2005‮)‬،‮ »‬فيكي‮ ‬كريستينا برثلونة‮« (‬2008‮)  ‬مروراً‮ ‬بـ‮ »‬سبتمبر‮« (‬1987‮)‬،‮ »‬إمرأة أخرى‮« (‬1987‮)‬،‮ »‬أليس‮« (‬1990‮)‬،‮ »‬أزواج‮  ‬وزوجات‮« (‬1992‮)‬،‮ »‬رصاص فوق برودواي‮« (‬1994‮)‬،‮ »‬لعنة الحجر العقرب‮« (‬2001‮) ‬وغالبية الأفلام الفاصلة بين تلك المذكورة‮. ‬المرّات التي‮ ‬خرج فيها عن منواله المفضّل انتجت أعمالاً‮ ‬مثيرة للإهتمام مثل‮ »‬ظلال وضباب‮« (‬1991‮) ‬و»تفكيك هاري‮« (‬1997‮).‬
هنا لا تختلف الحكاية‮: ‬ألفي‮ ‬في‮ ‬حب شايمان‮ ‬التي تخونه مع بيتر‮. ‬إبنته سالي‮ (‬ناوومي‮ ‬ووتس‮)  ‬متزوّجة من روي‮ (‬جوش برولِن‮) ‬وتحنو الى رئيس عملها كرغ‮ (‬أنطونيو بانديراس‮) ‬الذي‮ ‬وجد حبّاً‮ ‬آخر،‮ ‬وزوجها روي‮ ‬يتعرّف على جارته ديا‮ (‬فريدا بينتو‮) ‬المخطوبة لكن ذلك لا‮ ‬يمنعها من التجاوب معه‮. ‬الحقيقة أنهم كلهم‮ ‬يحبّون وكلهم‮ ‬يخونون‮. ‬الوحيدة التي‮ ‬بلا حكاية تمضي‮ ‬على هذا المنوال هي‮ ‬البصّارة ذاتها،‮ ‬لكن من‮ ‬يدري‮ ‬ربما لو أن وودي‮ ‬اختار أن‮ ‬يمضي‮ ‬معها وقتاً‮ ‬أطول لصوّرها متزوّجة من رجل‮ ‬يخونها وتخونه مع رجل آخر،‮ ‬او لربما تعرّفت على ألفي‮ ‬وجذبته إليها بينما تداوي‮ ‬هيلينا بخزعبلاتها‮. ‬لجانب أن لا جديد تحت شمس ألن هنا،‮ ‬فإن الحوار قليل ما‮ ‬يرتفع عن وظيفة تلقائية تلي‮ ‬المفارقة‮. ‬لا شيء مهم‮ ‬يستطيع إضافته الى ما‮ ‬يتم شرحه تعليقيا‮ (‬ڤويس‭ ‬أوڤر‮) ‬او مشهدياً‮.  ‬لجانب إنه مكتوب بنفس الأسلوب الذي‮ ‬كتب ألن أفلامه السابقة‮: ‬جمل مرصوصة لتثير فكاهة الموقف‮. ‬واقعية في‮ ‬اختيارات كلماتها وأسلوبها‮ (‬في‮ ‬مقابل أن تكون أعلى مستوى من الشخصيات‮) ‬لكنها لا توفّر عمقاً
بعض المشاهد قوي‮ ‬التنفيذ والتأليف على صعيد بصري‮ ‬بحت،‮ ‬مثل ذلك الذي‮ ‬يُديره المخرج كما لو كان مشهداً‮ ‬مسرحياً‮ ‬حين تدخل هيلينا منزل إبنتها حين وصول خبر رفض الكتاب الجديد الذي‮ ‬انتهى روي‮ ‬من كتابته‮. ‬كل شيء هنا،‮ ‬من الأداء الى حركة الكاميرا وكادراتها المضبوطة‮ (‬بفضل تصوير المخضرم ڤيلموس زيغموند‮) ‬وخروج ودخول الممثلين الثلاثة وتفاعلاتهم‮. ‬هذا المشهد ليس وحده،‮ ‬وإن‮ ‬يكن الجهد المبذول فيه أفضل من سواه،‮ ‬فعلى هذا الصعيد الفيلم مصنوع بإتقان من‮ ‬يعرف تماماً‮ ‬ما‮ ‬يفعله ويفعله بسهولة بإستثناء أن التمثيل‮ ‬يأتي‮ ‬باحثاً‮ ‬عن قناعة‮. ‬هذا نجده في‮ ‬مشهد سالي‮ ‬في‮ ‬سيارة رئيسها،‮ ‬ومعظم مشاهد ألفي‮ (‬انطوني‮ ‬هوبكنز‮) ‬مع زوجته الجديدة‮.‬
بالنسبة إليه، لا يوجد ما يُبرر سقوط ألفي في الفخ الذي وجد نفسه فيه. ترك زوجته فهمنا. وقع في هوى عاهرة وهو رجل الأعمال الذي كون ثروة طائلة بفضل مهارته؟ موضوع فيه سؤال. الممثلون المنتقون للأدوار الرئيسية لم يسبق لأي منهم أن مثّل تحت إدارة ألن من قبل بإستثناء انطونيو بانديراس، وإن كان دوره ثانوي على أي حال. لكن الشخصيات المكتوبة لهم هي ذاتها التي كُتبت لسواهم من قبل. و الى جانب أن الحكاية معتادة،‮ ‬فإن الأماكن والشخصيات وأعمال تلك الشخصيات هي‮ ‬أيضاً‮ ‬متكررة‮. ‬سالي‮ ‬في‮ ‬عالم الغاليريهات،‮ ‬زوجها في‮ ‬عالم التأليف والكتابة،‮ ‬الشابّة التي‮ ‬يحب في‮ ‬عالم العزف تماماً‮ ‬كما شخصياته في‮ ‬معظم أفلامه السابقة‮ (‬ممثلون،‮ ‬رسّامون،‮ ‬مخرجون،‮ ‬ممثلون الخ‮...). ‬المدينة هي‮ ‬بضعة أحياء متآلفة من حيث مستواها الإجتماعي‮. ‬هنا نَتينغ‮ ‬هيل‮ ‬غايت ونواحي‮ ‬كنزنغتوزن الأخرى تحل محل مانهاتن النيويوركية‮. ‬طبعاً‮ ‬إذا ما كان هذا هو أوّل فيلم تراه لألن فإنه سيبدو أفضل كثيراً‮ ‬مما هو عليه فعلاً‮.‬
في نهاية المطاف، هيلينا سوف لن تجد غريباً طويلاً أسمر لكي تحبّه بل رجل بدين وقصير القامة وما تبقّى من شعره أشقر. حين ذاك، يبدو العنوان بعيد الصلة ولا يصلح الا أن يكون تعليقاً ساخراً، إذا كان مقصوداً٠


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
DIRECTOR: Woody Allen
CAST:  Gemma Jones, Pauline Collins, Anthony Hopkins, Naomi Watts, Antonio Banderas, Lucy Punch.
SCREENPLAY: Woody Allen. CAMERA: Vilmos Zsigmond. EDITOR: Alisa Lepselter. PRODUCERS: Letty Arnonson, Stephen Tenebaum. PROD. COMPANY: Mediapro, Antena 3 Television [SPAIN- 2010].


قطار روسي يُثير دخاناً لكنه لا يتحرّك الى مكان
 KRAY | Alexei Uchitel ** |  الحافة
إخراج:  أليكساي يوشيتل | أدوار أولى: فلاديمير ماشخوف، أنيوركا ستراشل، يوليا كليمنكو
النوع‮: ‬دراما عاطفية‮ | ‬الفئة‮: ‬أفلام مرشّحة للغولدن‮ ‬غلوبس والأوسكار
Film Review n. 192

مثل قطاراته،‮ ‬يبث فيلم أليكساي‮ ‬أوشيتل الكثير من الدخان لكنه لا‮ ‬ينجح في‮ ‬نقل طرحه الى مستوى أعلى،‮ ‬ولا في‮ ‬التوجّه بقصّته الى حيث‮ ‬يستطيع المشاهد التواصل مع الحدث الدائر من موقع‮ ‬يُثير اهتمامه الجواني‮. ‬لكن فيما‮ ‬يعرضه وضمن الشكل التعبيري‮ ‬الذي‮ ‬يتوصّل إليه،‮ ‬ينجز الفيلم‮  ‬وضعاً‮ ‬بصرياً‮ ‬مثيراً‮ ‬ضمن حالة فوضوية في‮ ‬صميم قصّته كما في‮ ‬سرد حكايته‮.‬
يقدّم المخرج فيلمه بتعريف للمجموعة البشرية التي‮ ‬سنتابعها طوال الساعتين الا خمس دقائق التالية‮. ‬خلال الحرب العالمية الثانية اعتقلت القوّات الألمانية أكثر من مليون روسي،‮ ‬حسب الفيلم،‮ ‬وحين تم إطلاق سراحهم لاحقاً‮ ‬اعتبر ستالين أن العديد منهم‮ ‬يستحقّون الإنتقال الى معتقلات سايبيرية لإعادة تأهيلهم كونهم قد‮ ‬يكونوا قد تعاونوا مع العدو الألماني‮.‬
بإنتقالنا الى أحد هذه المعتقلات‮ (‬مخيم مفتوح‮ ‬يقع على خطي‮ ‬سكّة قطارات‮) ‬نجد أنفسنا أمام نحو مئة رجل وإمرأة‮ ‬يعيشون هناك‮. ‬لا‮ ‬يبدو عليهم الحرمان او البؤس،‭ ‬أما لأن ستالين نجح في‮ ‬تطويعهم فتعوّدوا على المكان،‮ ‬وإما لأن المكان لا‮ ‬يخلو من المأوى والطعام والماء ما لم‮ ‬يعد‮ ‬يمكن اعتباره أكثر من موقع آخر للعيش،‮. ‬ليس أي‮ ‬من هذين الإحتمالي‮ ‬ما هو‮  ‬مقدّم على الآخر،‮ ‬وليس تقديم المسببات والتبريرات وارد في‮ ‬رؤية المخرج أوشيتل الذي‮ ‬له خلفية في‮ ‬الإنتاج والإخراج تعود الى مطلع التسعينات،‮ ‬وسبق لأحد الأفلام التي‮ ‬أنتجها وأخرجها،‮ ‬وهو‮ »‬مفكرة زوجته‮« ‬أن تم ترشيحه لأوسكار أفضل فيلم أجنبي‮ ‬سنة‮ ‬2000‮. ‬ما‮ ‬يجذب المخرج هو الوقع العيني‮ ‬على ما‮ ‬يعرضه حتى ولو حمّله اي‮ ‬قدر من المبالغة المنشودة،‮ ‬وفيه الكثير من هذه المبالغة بدءاً‮ ‬بطريقة تلقيم الموقد الذي‮ ‬في‮ ‬القطار‮ (‬وقطارات ذلك الحين كانت تعمل على الفحم والحطب‮) ‬إذ،‮ ‬ولمعظم المشاهد المعنية،‮ ‬على باب الموقد أن‮ ‬يُفتح ويُغلق قبل وبعد كل مرّة‮ ‬يتم فيها رمي‮ ‬الوقود فيه بالرفش،‮ ‬علماً‮ ‬بأنها عملية متواصلة‮. ‬لم لا‮ ‬يبقى باب الموصد مفتوحاً‮ ‬حتى نهاية التلقيم؟ لأن وقع العملية أقوى على هذا النحو مما لو عمد المخرج الى المنطق‮.‬
لدينا مهندس القطارات إيغنات‮ (‬فلادبيمير ماشخوف‮) ‬يصل الى ذلك المكان ليستلم عمله هناك‮. ‬يلتقي‮ ‬بالضابط المشرف عليه‮ (‬أليكساي‮ ‬غوربانوف‮) ‬الذي‮ ‬فقد اهتمامه بالنظام كما كان فقد ذراعه في‮ ‬الحرب‮. ‬يتعرّف أيضاً‮ ‬على صوفيا‮ (‬يوليا بيرسيلد‮)  ‬التي‮ ‬ترعى طفلاً‮ ‬كانت أنقذته‮ (‬كما نعلم من فلاشباك‮) ‬من القصف على الألمان بعدما ماتت والدته،‮ ‬ويعاشرها‮. ‬أحدهم‮ ‬يخبر إيغنات أن هناك روحاً‮ ‬تسكن حافة النهر القريب،‮ ‬حيث هناك جسر للقطار مهدم‮ (‬بفعل قصف آخر‮) ‬والقطار على الناحية الأخرى‮. ‬يذهب ايغنات للتحقيق ويكتشف أن الشبح ليس سوى فتاة ألمانية تعيش في‮ ‬سايبيريا من أيام كان السلام قائماً‮ ‬بين الإتحاد السوفييتي‮ ‬وألمانيا النازية‮. ‬هو لا‮ ‬يتكلم الألمانية وهي‮ ‬لا تتحدث الروسية لكنهما سيواصلان الحديث كل للآخر بعد ذلك وسيفهمه‮! ‬هي‮ ‬أيضاً‮ ‬مهندسة قطارات‮ (!) ‬وستساعده في‮ ‬بناء الجسر بقدر ما‮ ‬يكفي‮ ‬لإعادة القطار الى محطّة البلدة‮. ‬وبعد ذلك هناك قدر كبير من التعاطف بينهما وموقف معاد من قبل الروس حيال وجودها،‮ ‬ثم حيال قيام إيغنات بتسمية قطاره ذاك بغوستاف،‮ ‬كونه إسماً‮ ‬ألمانيا،‮ ‬وصولا الى الفصل النهائي‮ ‬حين‮ ‬يزور ضابط ستاليني‮ ‬أعلى‮ (‬الممثل ذو الحضور القوي‮  ‬سيرغي‮ ‬غارماش الذي‮ ‬شوهد مؤخراً‮ ‬في‮ ‬فيلمي‮ ‬نيكيتا ميخالكوف‮ »‬12‮« ‬و»حرقتهم الشمس‮ ‬2‮«) ‬المكان ويستاء للفوضى الضاربة فيه وبعد أن‮ ‬يصرخ ويذكّر بأن ستالين‮ ‬يكترث لهم‮ ‬يطلق النار على صوفيا ويرديها قتيلة ثم‮ ‬يركب قطاره الخاص ويمضي‮ ‬ما‮ ‬يُتيح لإيغنات مطاردته مانحاً‮ ‬الفيلم واحداً‮ ‬من تلك المشاهد المشحونة الجميلة القائمة على سباق (قصير الأمد) بين قطار بطل الفيلم، وهو يطلق دخاناً أبيض، وبين قطار شخص آخر يمكن اعتباره شرير الفيلم (حيث لا يوجد هناك أشرار فعليون هنا) يطلق دخاناً أسود. التي‮ ‬لا معطيات كافية لها سوى التأثير البصري‮ ‬لغايته‮.‬
لا تفهم مثلاً،‮ ‬ماذا‮ ‬يفعل إيغنات بالقطار طوال الوقت‮. ‬لا نراه‮ ‬ينقل به مؤناً‮ ‬ولا‮ ‬يوصل ركاباً‮ ‬وليست هناك من أماكن أخرى‮ ‬يزورها‮. ‬طبعاً،‮ ‬بصرياً‮ ‬الفيلم لافت،‮ ‬والممثلون جيّدون والتصوير متكافيء،‮ ‬لكن في‮ ‬صميم العمل فراغ‮ ‬كامل‮. ‬

DIRECTOR: Alexei Uchitel
CAST: Vladimir Mashkov, Anjorka Strechel, Yulia Klimenko, Vyacheslav Krikunow, Alexandre Bashirov.
SCREENPLAY: Alexandre Gonorvovsky. CINEMATOGRAPHY:  Yuri Klimenko. EDITORS: Yelena Andreeva, Gleb Nikulsky (123).. MUSIC: David Li. PRODUCERS: Konstantin Ernst, Alexandre Maksimov, Ignor Simonov, Alexei Uchitel [Russia- 2010).


رسالة إنسانية وليست سياسية في أحد كلاسيكيات السينما التعبيرية الألمانية

METROPOLIS | Fritz Lang **** |  متروبوليس
إخراج:    فرتيز لانغ
| أدوار أولى: ألفرد أبل، غوستا فروليش، رودولف كلاين- روغ، بريجيب هلم٠
النوع: خيال علمي | الفئة: كلاسيكيات  السينما الصامتة
Film Review n. 193


فيلم‮ ‬فريتز لانغ‮ ‬هذا جاء في‮ ‬آخر عنقود السينما التعبيرية الألمانية‮. ‬كان سبقه‮ »‬كابينة الدكتور كاليغاري‮« [‬روبرت واين‮- ‬1920‮]‬،‮ »‬نوسفيراتو‮« [‬ف‮. ‬و‮. ‬مورناو‮- ‬1922‮] »‬ظلال‮« [‬آرثر روبيسون‮- ‬1923‮] ‬وإذا شاء المرء أن‮ ‬يعود الى الوراء فإن الجذور كامنة في‮ »‬تلميذ براغ‮« [‬بول وَغنر‮- ‬1913‮].‬
في‮ ‬العام‮ ‬1927،‮ ‬العام‮  ‬الذي‮ ‬تم فيه عرض هذا الفيلم‮ (‬وهو ليس الفيلم الخيالي‮ ‬العلمي‮ ‬الأول كما‮ ‬يدعونا بعض المؤرخين للإعتقاد‮) ‬وضع المنظّر والفيلسوف الأميركي‮ ‬جون ديووي‮ ‬كتاباً‮ ‬بعنوان‮ »‬العموم ومشكلته‮«  ‬The Public and its Problem ‮ ‬أشار فيه الى أن الفرد‮ ‬يلم بنفسه حين‮ ‬يختلط مع الناس ويتصرّف على نحو مختلف حيال الأمور مما لو كان وحيداً‮. ‬اختلاطه بالناس‮ ‬يجعله‮ ‬يشعر بأن دوره أكبر مما‮ ‬يشعر به من دون ذلك الإختلاط‮. ‬في‮ ‬فيلم‮  ‬فريتز لانغ‮ ‬هذا،‮ ‬يمر بطله الشاب فَدر بهذه التجربة‮: ‬وحيداً‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬يرى شيئاً‮. ‬إذ‮ ‬يختلط تتبدّى له الحياة مختلفة‮. ‬وحيداً‮ ‬كان بلا رسالة،‮ ‬فقط بمنهج مخطط له‮ ‬ينفّذه‮. ‬مع الناس أدرك رسالته وحارب من أجلها‮.‬
ليس أن لانغ‮ ‬أخذ من ديووي‮ ‬او العكس بل إذا ما استمد شيئاً‮ ‬فهو استمدّه من ايديولوجيات الفترة‮. ‬وفي‮ ‬حين‮ ‬يذكر المؤرخون أنه استلهم شكل فيلمه الصارخ من زيارة قام بها الى نيويورك،‮ ‬لا‮ ‬يذكر أحد مصدر رسالته المعادية للرأسمالية بوضوح‮. ‬في‮ ‬الوقت ذاته،‮ ‬هذه المعاداة التي‮ ‬ترفع رايية الطبقة العاملة في‮ ‬مقابل إدانة الطبقة الثرية،‮ ‬ليست اشتراكية بالمعنى الماركسي‮ ‬للكلمة،‮ ‬بل إنسانية‮: ‬لانغ،‮ ‬مع نهاية الفيلم‮ ‬يطلب من الطرفين التقرّب من الآخر متفهّماً‮ ‬ومتعاوناً،‮ ‬او كما‮ ‬يقول الفيلم في‮ ‬تعليق مكتوب‮: ‬
Mediation Between Heads and Hands Must Be the Heart
نقطة الوسط بين الرؤوس والأيدي‮ ‬يجب أن‮ ‬يكون القلب
أحداث الفيلم وضعها لانغ‮ ‬وزوجته تيا فون هاربو في‮ ‬زمن مستقبلي‮ ‬هو العام‮ ‬2000‮ ‬وبما أن لانغ‮ ‬لم‮ ‬يعش هذا المستقبل وعشناه نحن،‮ ‬فإن المثير للإهتمام كيف أن توقّعات صابت من ناحية أن الفارق بين الطبقتين آنذاك لم‮ ‬يكن باتساعه حالياً‮ (‬هناك دراسة حالية نشرت قبل حين تُفيد بأن الفارق المعيشي‮ ‬بين أثرياء الولايات المتحدة وباقي‮ ‬متوسّطي‮ ‬الدخل زاد عن أي‮ ‬وقت مضى في‮ ‬التاريخ‮)‬،‮ ‬من ناحية أخرى فإن المستقبل بالنسبة للفيلم‮ ‬يحمل شكلين تعبيريين خاصّين‮: ‬بما أن العالم‮  ‬سينقسم،‮ ‬في‮ ‬منظور الفيلم،‮ ‬الى فوق الأرض،‮ ‬حيث‮ ‬يعيش الأثرياء،‮ ‬وتحت الأرض حيث‮ ‬يعيش ويشتغل العاملون،‮ ‬فإن الديكور والأدوات متباينة‮: ‬فوق الأرض عمارات شاهقة وقطارات معلّقة وطائرات صغيرة تجوب الفضاء بين المباني‮. ‬تحت الأرض‮: ‬الات صناعية بدائية الشكل تمد فوق الأرض بطاقاتها‮. ‬الفارق بين التصاميم الفوقية والتحتية في‮ ‬باديء الأمر مثير للإستغراب‮: ‬لانغ‮ ‬يتحدّث عن‮  ‬73‮ ‬سنة مقبلة ولا‮ ‬يجد سوى مثل تلك التصاميم البدائية؟ لكن في‮ ‬الإمعان،‮ ‬فإن المسألة تصبح مفهومة‮: ‬مستقبل الطبقة العاملة سيبقى كما هو،‮ ‬بالتالي‮ ‬للتعبير عن هذا‮ «‬البقاء كما هو‮« ‬لابد من ترميز الآلات الى ذات الدلالة لكي‮ ‬يتلاءم ووضع الطبقة العاملة الذي‮ ‬لن‮ ‬يتغيّر‮. ‬نتحدث في‮ ‬الحقيقة عن تصاميم وأجهزة‮ ‬غير إلكترونية مثل تلك الساعة الغريبة التي‮ ‬على العامل أن‮ ‬يضبط عقربيها على كل لمبة تُضاء لحظة إضااءتها من اللمبات الموزّعة حول هذه الساعة الكبيرة،‮ ‬واللمبات تضاء بدون ترتيب،‮ ‬والعقارب ثقيلة والعامل عليه أن‮ ‬يدفع العقرب في‮ ‬هذا الإتجاه او ذاك طوال الوقت‮.‬
تبعاً‮ ‬للأسلوب التعبيري،‮ ‬فإن السبب في‮ ‬الشكل ليس الغاية بل الشكل نفسه‮. ‬على ذلك،‮ ‬فإن معرفة ماذا تفعل هذه الآلة تحديداً‮ ‬ليس مهمّاً‮ ‬على الإطلاق‮ (‬ومهما كان دورها سيبدو على الأرجح سخيفاً‮ ‬لو تم إيضاحه‮).‬

يبدأ‮ »‬متروبوليس‮« ‬بمشهد لآلات صناعية مع مونتاج متداخل ثم‮ ‬ينقلنا الى الحركة الإنسانية الأولى‮: ‬الساعة الثانية عشر‮ (‬لا‮ ‬يعين إذا كانت ظهراً‭ ‬او ليلاً‮)   ‬هو الوقت الذي‮ ‬يتم فيه استبدال العمّال‮ (‬نفهم أن كل فوج‮ ‬يعمل إثني‮ ‬عشر ساعة‮). ‬المشهد على صفّين من العمّال،‮ ‬واحد خارج من طبقة الأرض التحتية الى طبقة عليا‮ (‬لكن‮  ‬ليس خارج المكان‮) ‬وأخرى آتية لتحل محلها‮. ‬الأولى تتجه صوب الكاميرا والثانية تبتعد بالإتجاه الآخر‮. ‬مشي‮ ‬الفوجين قريب لمشي‮ ‬الأحياء‮- ‬الموتى في‮ ‬أفلام اليوم كما لو كانت أقدام الرجال مربوطة بسلاسل‮ ‬غليظة‮. ‬فَدر‮ (‬غوستاف فروليش‮) ‬هو إبن‮  »‬سيد متروبوليس‮« ‬جون فريدرسون‮ (‬ألفرد آبل‮) ‬وهو‮ ‬يعيش كما هو متوقّع منه ومُخطط له،‮ ‬سعيداً‮ ‬وثرياً،‮ ‬لكن هذا‮ ‬يتغيّر حين‮ ‬يلتقي‮ ‬ذات‮ ‬ييوم بإمرأة شابّة أسمها ماريا‮ (‬بريجيت هلم‮) ‬يراها تطرد،‮ ‬وصحبها من الأطفال،‮ ‬من‮ »‬حديقة الخلود‮« ‬الذي‮ ‬كان‮ ‬يزورها مع صديقته‮.  ‬حزنها وحال الأطفال لا‮ ‬يفرق مخيّلته‮. ‬لم‮ ‬يكن رأى فقراء قبل الآن‮. ‬وزاد من تأثير المشهد أنها نادت الأحياء فوق الأرض بالأخوة‮:‬‭ ‬‮"‬كلنا أخوة"‮٠‬
فَدَر‮ ‬يلحق بها الى العالم التحتي‮. ‬يراه على‭ ‬حقيقته‮. ‬يستمع إليها وهي‮ ‬تدعو العمّال الى الصبر وتقرأ عليهم مقاطع من الإنجيل‮. ‬لكنه ليس الوحيد الذي‮ ‬يستمع إليها فوالده‮ ‬يستمع أيضاً‮ ‬ويقرر تحطيم هذه الإرادة التي‮ ‬ستهدد مكانته وتطيح بعالمه‮. ‬يسعى للمخترع روتوانغ‮ (‬رودولف كلاين روغ‮) ‬يطلب مساعدته‮. ‬كان جون،‮ ‬والد فَدَر،‮ ‬كان تزوّج من المرأة التي‮ ‬أحبّها روتونغ‮ ‬التي‮ ‬ماتت حين وضعت إبنه‮. ‬روتوانغ‮ ‬لا‮ ‬يزال‮ ‬يشعر بالأسى وقد صنع روبوت شبيهاً‮ ‬بمن أحب‮. ‬جون‮ ‬يطلب منه صنع روبوت‮ ‬يشبه ماريا لإرسالها الى العمّال وحثّهم على التمرّد حتى‮ ‬يكون بمقدوره استخدام القوّة ضدهم‮. ‬سريعاً‮ ‬ما تقع المواجهة ويعتقد العمّال أن ماريا هي‮ ‬التي‮ ‬قادتهم الى تلك المواجهة فيثورون ضدّها لكن فَدر‮ ‬يتدخل ويكشف الحقيقة وينقذ ماريا ويستعيد الأب صوابه في‮ ‬الوقت ذاته‮.‬
المكانة التي‮ ‬حققها‮ »‬متروبوليس‮« ‬في‮ ‬التاريخ مُستحقّة‮. ‬مخرجون عديدون انتبهوا الى قيمته وتأثّروا بها‮. ‬حين تراه‮ (‬وإذا ما شاهدت فيلم تشارلي‮ ‬تشابلن‮ »‬أزمنة معاصرة‮«‬،‮ ‬الذي‮ ‬أنجزه بعد تسع سنوات من هذا الفيلم‮) ‬ستدرك أن تأثيره كان واضحاً‮. ‬صحيح أن تشابلن لم‮ ‬يضع الأحداث في‮ ‬المستقبل،‮ ‬لكنه تعامل مع العامل ورأس المال ووضعية كل منهما حيال الآخر وأحداث الفصل الأول منه تدور في‮ ‬مصنع مع عمّال،‮ ‬بينهم تشابلن نفسه،‮ ‬وهم‮ ‬يقومون بعمل آلي‮ ‬مضن،‮ ‬وما‮ ‬يلبث الآلة أن تبتلع تشابلن فيمر من بين عجلاتها كما‮ ‬يعلم الجميع‮.‬
شخصياً،‮ ‬أحب‮ »‬متروبوليس‮« ‬أقل مما احترمه‮. ‬بكل تأكيد هو فيلم‮  ‬مهم جدّاً‮ ‬على صعيد العمل الفني‮ ‬والتقني‮. ‬بصرياته مذهلة وتحريك مجاميعه وإدارة ممثليه رائع،‮ ‬لكن دائماً‮ ‬ما وجدت نفسي‮ ‬أمام مادّة لا مصنوعة لأجلها أولاً‮. ‬لا‮ ‬يمكن ضحدها من حيث أهميّتها وصوغها الإنساني،‮ ‬لكن مادّة لا تسعى لرأي‮ ‬فيها بل تقدّم ما تراه وتكتفي‮. ‬لا أعتقد أن ما قلته‮ ‬ينال من الفيلم لكنه‮ ‬يحدد علاقة هذا الناقد به‮. ‬حين نلتفت الى ما تطلّبه التصوير‮ (‬تم في‮ ‬عامين‮) ‬فهو مذهل بإمكانيات ذلك العصر الخالية من المؤثرات التقنية كما عرفتها السينما ليس في‮ ‬الزمن الحالي‮ ‬بل في‮ ‬الخمسينات والستينات مثلاً‮. ‬وقد تطلّب الفيلم‮ ‬37‮ ‬ألف شخص‮ ‬يمثّلون المجاميع‮. ‬كلّف الشركة التي‮ ‬صنعته أكثر مما كلّفته كل أفلامها السابقة ولم‮ ‬يجن أي‮ ‬أرباح‮. ‬في‮ ‬الشهر الأول من العام‮ ‬1927‮ ‬عرض بنحو‮ ‬153‮ ‬دقيقة،‮ ‬ثم جرى تقليم الفيلم وقطع مشاهده الى حد مفجع‮. ‬بعض نسخه التي‮ ‬عرضت بعد ذلك التاريخ وحتى التسعينات تراوحت من‮ ‬83‮ ‬دقيقة الى‮ ‬90‮ ‬دقيقة‮. ‬في‮ ‬العام‮ ‬2008‮ ‬تم اكتشاف مشاهد من الفيلم محفوظة في‮ ‬متحف أرجنتيني‮ ‬فتنادى معنيون لترميم الفيلم بأكمله الى نسخة أقرب الى تلك الأصلية مستخدمين السيناريو الأصلي‮ ‬لتحديد مكان وجود تلك المشاهد في‮ ‬الفيلم‮. ‬فيها نتعرّف على شخصيات أكثر وعلى قصّة جانبية لعامل‮ ‬يستبدل إبن الثري‮ ‬شخصيّته به لكي‮ ‬يتسنّى له العمل مكانه‮. ‬بعض المشاهد الأخرى‮ (‬أقل من عشر دقائق‮) ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬ينفع معها الترميم‮ .‬
شاهدت الفيلم ثلاث مرّات‮. ‬مرّة في‮ ‬مهرجان فنيسيا مطلع الثمانينات‮ (‬بنسخة مقطوعة‮) ‬ثم في‮ ‬مهرجان برلين في‮ ‬دورته الأخيرة،‮ ‬وفي‮ ‬راحة بيتي‮ (‬بالنسخة الكاملة قدر الإمكان‮). ‬في‮ ‬البيت سنحت لي‮ ‬فرصة رائعة‮: ‬حذفت صوت الموسيقا التي‮ ‬أضيفت له كلّياً‮ ‬ووجدته أقوى تعبيراً‮ ‬على هذا النحو‮.‬


DIRECTOR: Fritz Lang
CAST:  Alftred Abel, Gustav Frohlich, Rudolf Klein- Rogge, Frtiz Rasp, Theodor Loos, Brigitte Helm. SCREENPLAY: Thea von Harbou. CAMERA: Karl Freund, Gunther Rittau, Walter Ruttmann (Black and White). ORIGINAL MUSIC: Gottfried Huppertz, Bernd Schultheis  PRODUCER: Erich Pommer. PROD. COMPANY: Universum Film [Germany- 1927].


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2010٠