CANNES FILMS 4 | American Honey **, Aquarius ***, Beyond the Mountains and the Hills ** | أبداً لم نكن أطفالاً | الأم | The Wild Bunch | The jungle Book | Criminal | I Am Wrath | Louder Than Bombs



CANNES 2016 FILMS
4

 AMERICAN HONEY                                                                                   
عسل أميركي       ★★★★★                                                                                                          

إخراج:  أندريا أرنولد   Andrea Arnold
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بريطانيا (2016) | ألوان (163 د).
إنتاج:  Parts & Labor, Pulse Films
مهرجانات كان، تورنتو، أتلانتِـك، زيورخ، ڤانكوڤر، 
لندن | جوائز لجنة التحكيم (كان).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 • كيف تصنع فيلماً من قرابة ثلاث ساعات لا تقول فيه أكثر مما يمكن أن تقوله في ساعة؟ الجواب يكمن في هذا الفيلم الأميركي الأول للمخرجة البريطانية أندريا أرنولد.
 ساشا لَـين إمرأة شابّـة (وممثلة جيدة) أسمها ستار تلتحق بمجموعة من الباعة الشبّـان والشابات الجوالون بالحافلة في الوسط والغرب الأميركيين. هي آخر المنضمين إلى جوقة من الأفراد الذين يمضون وقت فراغهم في الشرب وتدخين الحشيشة. تتوقف الحافلة عند مفترقات طرق لينزل منها الباعة، كل إثنين منهم يتوليان منطقة من ضواحي المدينة يعرضون على أصحاب المنازل فيها شراء اشتراكات لمجلات لا يريدها أحد. حين عودتهم بالغلة عليهم تقديمها إلى مديرة المجموعة كرستال (رايلي كيوف) التي تخصم حصتها وكلفة فريقها. ستار ومدّربها جايك (شيا لابوف) يرتبطان بعلاقة لا ترضى كرستال عنها. لكن ستار ليست سهلة الإنقياد بدورها ولديها وسائل أخرى لجلب المال. 
الشلّـة لا تترك أثراً يذكر لا كأفراد ولا كمجموعة. الشخصيات متشابهة والعبث الذي تعيشه لا ينضوي، لاحقاً، على بعد ما. الوحيدة التي نتابع ما يحدث لها بإهتمام هي بطلة الفيلم لكن هذه ليس لديها الكثير مما تضيفه من بعد حين.  ربما يمكن الخروج بمفاد أن الغاية، في نهاية المطاف، هي تصوير «بورتريه» عن حياة لا جدوى منها أو لها، لكن يبقى أن هذا المفاد لم يكن عليه البقاء في نطاق الإستعراض المستطرد. في أسلوب المخرجة إعتماد كلي على الكاميرا محمولة وموجهة (تصوير روبي رايان الذي صوّر أفلام أندريا أرنولد السابقة) وعلى القليل من تدخل المونتاج فالفكرة هي توفير فيلم يسبح في المكان والزمان كما هي حياة بطلته غير المستقرة. بما أن الفيلم بلا حبكة فإن عدم الإعتماد على المونتاج لصيانة ما هو غير موجود مبرر. على أن عدم وجود تلك الحبكة، في الوقت ذاته، يجعل العمل أقرب إلى بحث فالت من عقاله ومستفيض الشأن أكثر منه فعلاً سينمائياً صائباً.


 أفلام أندريا أرنولد السابقة
Red Road (2006) ***, Fish Tank (2009) ***, Wutherin Hights (2011) ***1/2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 


 Aquarius                                                                                   
  أكواريوس                   ★★★★★                                                                           
                                                       
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج كليبر مندونسا فيليو      Kleber Mendonça Filho
دراما إجتماعية   | ألوان (145 د
برازيل   (2016) |  مهرجانات: كان
إنتاج:  CinemaScopio/ SBS Films/ Video Filmes/ Globo Filmes
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سونيا براغا تعود في دور إمرأة في السبعين ترفض التخلى عن شقتها لأنها تختزل أكثر من تاريخها

• «أكواريوس» (تعني «برج الدلو» لكنها هنا إسم البناية التي تقع فيها الأحداث) دراما حول إمرأة في السبعين أسمها كلارا تعيش في مدينة برازيلية ساحلية ولديها شقة مريحة تطل على البحر في بناية يحاول أحد رجال الأعمال هدمها لتأسيس مبنى تجاري كبير. باقي المستأجرين رحلوا. قبضوا وتركوا، لكنها لا ترضى حتى وإن زاد المبلغ عن نصف مليون دولار. 
فيلم كليبر مندونسا فيليو الثاني بعد «أصوات مجاورة» هو أكثر من مجرد حكاية صراع للبقاء في مواجهة هجمة استثمارية. إنه عن المكان كموقع تآلف صاحبه (في هذه الحال كلارا) معه منذ عقود وكوّن منه نسيج شخصيته. شيء من الوفاء للمكان وما يحمله من ذكريات عاطفية والكثير من الهوية الشخصية التي تدرك كلارا (كما تؤديها بجدارة سونيا براغا) كم هي مرتبطة بالمكان. كم يشكّل الموقع جزءاً من تاريخها هذا ترفض أن تتركه لأنه تاريخ لا يتجزأ. كلارها كانت ناقدة موسيقية في شبابها وفي مشهد تقوم فيه صحافية بإجراء مقابلة معها تعرض لها تلك الألبومات الكبيرة التي كانت، آنذاك، الطريقة الوحيدة لتمكين المستمع امتلاك ما يحب. ينوي المشهد، لجانب طرح تاريخها الشخصي مع الموسيقا، تقديم إمرأة ذكية  ومثقفة ما زالت تعيش بنسيم من الماضي. إمرأة تجاوزت منتصف العمر ولا زالت تحب الحياة.  انتصرت على سرطان الثدي وتنوي الإنتصار على محاولة الهجمة التجارية على تاريخها وكيانها وهويتها الشخصية. براغا (65 سنة) التي سبق لها وأن ظهرت في العديد من الأفلام العابرة، وجدت في هذا الدور ما تبحث عنه كل ممثلة موهوبة: الشخصية التي تستطيع ضمّـها إليها بحيث تصبح هي والعكس أيضاً. 
لكن في الوقت الذي يستفيد فيه الفيلم من توفيره حكاية إمرأة ترفض التغيير الآتي مع الإستثمار الهادم للتاريخ، يعمد إلى تنفيذ مبسّـط إلى حد التخلّـي عن تلك الملكية الأسلوبية لفيلم المخرج السابق. هذا الفيلم أقل تعقيداً و، رغم إيجابياته، أكثر عرضة لتداول سهل ولو برسالة مشابهة. فيليو يختار سرداً كلاسيكياً لا تحديات فنية أو أسلوبية مباشرة فيه. ولا تخطئة لاختياره فهو ليس المشكلة، بل في انحسار قدر مما كان السبب في جذب النقد إلى عمله الأول وهو توليفة المشاكل الشخصية المتعددة في المكان والزمن الواحد. هنا يميل المخرج لسرد الزمن عبر سرد يشبه الخط المستقيم. وهو خط يمتد، بلا ضرورة فعلية، لساعتين ونصف.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 


 Beyond the Mountains and Hills                 
                                                                 
  وراء الجبال والهضاب                      ★★★★★                                                                                                                 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: إيران كوليرين    Eran Kolirin
دراما إجتماعية   | ألوان (92 د
إسرائيل/ بلجيكا   (2016) | مهرجانات:  كان
إنتاج:  Entre Chien et Loup
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دراما حول إسرائيل التي عليها أن تبقى موحدة حتى ولو كانت على خطأ

• فيلم إيران كوليرين الجديد «ما وراء الجبال والهضاب» (لا يوجد جبل وهناك هضبة واحدةعمل مراوغ آخر كما كان حال فيلمه الأسبق «زيارة الفرقة». عائلة إسرائيلية مؤلفة من أربعة أفراد: الأب كان قائداً عسكرياً يحاول الآن الإندماج في الحياة المدنية. الزوجة مدرّسة.  والولدان ما زالا في مرحلة المراهقة. محاولة الأب الإندماج في الحياة المدنية تبوء بالفشل. هو غير راض عن عالم يجد نفسه فيه وحيداً. المستوطنة التي يعيش فيها تقع عند نهاية هضبة تفصلها عن بلدة فلسطينية بطريق عام.  ذات يوم يخرج ليلاً من منزله. يوقف سيارته ويطلق النار أمامه. يصيب شابّـاً فلسطينياً ويقتله. إنه الشاب نفسه الذي كانت إبنة الإسرائيلي تعرّفت عليه وها هي تقطع المسافة إلى بيت عائلة الفلسطيني لكي تعزي بوفاته. هناك يلتقيها شاب آخر ويتودد إليها. المخابرات الإسرائيلية تعرف أنها تقابل ذلك الشاب وتطلب من أبيها إقناعها بأن تتحول إلى جاسوسة وهي توافق. في خلال ذلك الزوجة تنام مع أحد طلابها. الإبن يقتل يهودياً من عمره. على ذلك، لا يستطيع المخرج إيران كوليرين إلا وختام الفيلم بعائلة سعيدة متحابة وموحدة تميل رقصاً على أنغام موسيقا تصدح في ملعب رياضي. قبل ذلك كانت الزوجة أخبرت زوجها بأنها خانته وجوابه هو «لنضع ما حدث وراءنا. نحن شعب طيب».
ما علاقة الطيبة بالموقف الأخلاقي هو واحد من أسئلة كثيرة لا يعمل الفيلم على طرحها بل يضعها أمامنا كوقائع. ليس هناك من مبررات لأي تصرّف لا لخيانة الزوجة ولا لقيام الإبن بقتل زميل له ولا لمسايرة الفتاة للفلسطينيين ثم تجسسها عليهم. الفجوات السردية غير منطقية وتترك العديد مما يخفق الفيلم في الإحاطة به إذا ما كانت الرغبة هي توفير عمل ذا قيمة. صورة الفلسطيني مهزوزة. عدائية. خطرة وربما إرهابية وبالتأكيد نمطية ولا تستهدف التعرف على الآخر أو الأمانة في العرض. مثل «زيارة الفرقة» (2007) يأتي هذا الفيلم رجعياً. أقل منه نجاحاً في توفير معالجة فنية مقبولة مع وجود ثغرات في الكتابة وفي الإخراج أكثر عدداً مما كانت عليه في الفيلم السابق. لكن في كليهما فشل في الإقتراب من المسألة العربية-الإسرائيلية بشقيها. وفي كليهما استغلال للمادة للوصول إلى طرح باهت حول الإسرائيلي الآمن والجميل.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 


  أفلام  جديدة                                                                  Playing This Week                  
              كتاب الغابة  The Jungle Book                                             

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  محمد رُضا  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: جون فاڤريو    Jon Favreau
  فانتازيا  | الولايات المتحدة (2016)  
★★★★★  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تقدم كبير في مجال الرسم الغرافيكي يجعل الحيوانات مساوية للبشر في صدق تصرّفاتها وسلوكاتها… فقط لو أن هذا التقدم أصاب المضمون أيضاً. 


|*| من شاهد «كتاب الغابة» صغيراً سنة 1967 أو عاد إليه متوفراً على أسطوانات، ثم أقبل على مشاهدة الفيلم الجديد الذي هو إعادة صنع للنسخة السابقة، سيلحظ ذلك التقدم الكبير في صنع فن «الأنيميشن». حتى الكلمة السابقة التي استخدمت لوصف نسخة الستينات التي أخرجها وولفغانغ رايترمان، تبدلت وما عادت تصح تسميتها. آنذاك، كان من الصحيح تسمية «كتاب الغابة» وأي فيلم من نوعه الكرتوني بإسم «رسوم متحركة». اليوم لا هي رسوم ولا هي فقط متحركة. هي الحركة ذاتها. تنفّـذ على الكومبيوترات ببرامج متطوّرة تصنع لك الغابة وحيواناتها وظلالها وسماؤها وأرضها وكل تفاصيلها. في غير هذا الفيلم تجد نفسك غير قادر على التأكد من أن التصوير تم فعلاً على شلالات نياغرا أو في الطابق الأرضي الواسع من مبنى في باربانكس، حيث تقع عدّة ستديوهات سينمائية.
أكثر من ذلك، إنتظر حتى نهاية العناوين والأسماء الختامية لتجد أن الفيلم الحالي يعلن "تم التصوير في داون تاون هوليوود". إلى هذا الحد تطوّرت التقنيات البصرية واتسعت بحيث أنه لم يعد هناك مجال لحقيقة الخيال. صحيح أن السينما هي خيال مهما كانت واقعاً، لكن التقنيات الحديثة طوّعت الخيال ليحاكي الواقع. هنا المشكلة.
«كتاب الغابة» فيلم ترفيهي رائع للصغار، مشغول جيداً على تأمين بصريات مذهلة لكنه يتحدّث باللغة التقليدية ذاتها التي تتحدّث بها معظم أفلام هوليوود المشابهة: الدخول إلى منطقة الوسط من الفيلم بعد بداية مبهرة، لتداول المزيد من المشاهد التي يستخدمها صانعو الفيلم لتأكيد ما مر والتمهيد لما سيأتي في الفصل الثالث. هذه المنطقة الخطرة التي قد تسودها الرتابة أو تخلو من المفاجآت، كما هو حادث هنا.
ليس أن كل الفيلم هو أنيميشن، بل يدلف فيه الجزء الحي المناط بممثل صغير (نيل سثي) أسمه في الفيلم موغلي عاش في الغابة منذ أن كان صغيراً وإلى أن أخذت بعض حيوانات الغابة الشرسة تتنكر له. تلك الصديقة تحاول تحذيره بأن يهرب لكنه لا يرغب في تركها لأنها كل العالم الذي يعرف.
باقي الممثلين يلعبون بأصواتهم: بن كيغسلي وسكارلت أوهارا وكريستوفر ووكن، وإدريس ألبا وبل موراي، وكل هؤلاء ينتمون إلى مختلف أنواع الحيوانات كالأفعى والذئب والنمر والطيور. هذا ما كان واقع الفيلم السابق بإستثناء أنه كان جهداً بشرياً رائعاً في تنفيذه، بينما بات الجهد البشري المبذول هو غالباً تحريك مقبض الكومبيوتر والضغط على آزراره لتأليف الحياة المنشودة.
«كتاب الغابة» السابق كان آخر فيلم قام وولت ديزني نفسه بإنتاجه. ربما لضحك هنا وهناك لكنه كان سيحن إلى نسخته الأصعب تنفيذاً. ربما لن يعرف أين الفن في التقنيات أو لربما نظر إلى الإيرادات وتساءل لمَ لم تحقق أفلام الأمس مثيلاً لها.

     أعلى من صوت القنابل  Louder Than Bombs                                             

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  محمد رُضا  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: واكيم ترايير    Joachim Trier
  دراما  | نروج/ فرنسا (2015)  
★★★★★  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إيزابل أوبير تهوى المخاطر وتنتقل من بلد يعيش وطأة الحرب والإرهاب إلى آخر دون أن تدري الخطر الآخر داخل البيت.


|*| بعد عام واحد على تقديمه في مهرجان "كان" السينمائي، يطرح فيلم «أعلى من القنابل» نفسه في عروض أميركية وأوروبية. طبعاً جناحا الفيلم لا يقدران على حمله لما بعد الساحلين الشرقي والغربي للولايات المتحدة ولما بعد أوروبا. ذلك لأن شركات التوزيع العاملة ما بين بيروت والقاهرة ودبي وباقي العواصم العربية العارضة للأفلام، تكتفي بما يصلها من أفلام أميركية وبما تشتريه كذلك من أعمال تماثلها. 
ليس أن «أعلى من القنابل» عملاً لا يفوّت، لكنه من الأهمية في الوقت ذاته بحيث أن المشاهد العربي سيجد فيه الكثير مما يبحث عنه حول كيف يفكر الغرب بالأوضاع الأمنية والسياسية في دول آسيوية مسلمة.
يدور حول مصوّرة صحافية أسمها إيزابيل (إيزابيل أوبير)  تداوم الإنتقال بين المواقع الساخنة حول العالم. نراها في مطلع الفيلم في غزّة ثم تتركها إلى أفريقيا وأفغانستان. ذات ليلة، وبعد عودتها إلى ضاحية في ولاية نيويورك حيث تعيش مع أسرتها (زوج وولدان) تقتل في حادثة سيارة. يقدّم المخرج روايتين للحادثة ثم يتركهما بلا حل: نراها تصارع الإغفاء وراء المقود في تلك الرحلة الليلية على طريق ريفي، في مشهد، وفي آخر نراها يقظة لكن الشاحنة القادمة من الإتجاه الآخر هي التي صدمتها.
لكن بصرف النظر عما حدث، يرث الزوج (الجيد غبريال بيرن) ومنذ مقتلها قبل ثلاث سنوات، علاقة غير مريحة مع إبنه الأصغر كونراد (ديفيد درويد) ملؤها التوتر وعدم رغبة كونراد التواصل مع أبيه. هي أفضل حالاً بين الأب وإبنه الأكبر جونا (جيسي أيزنبيرغ) وهذا بدوره على تواصل أفضل مع شقيقه درويد. 
لكن ما يفتقده الفيلم في الحقيقة هو تواصل أفضل مع ذاته ومع مشاهده.
في نحو منه هو فيلم عن إمرأة تهوى مخاطر الحرب لأنها تريد النجاح في حرفتها كمصوّرة صحافية. خلال ذلك، يستعرض الفيلم مشاهد الموت المجاني في أفغانستان حيث كانت تلتقط الصور وتعايش الأحداث وتتأثر ولو على نحو داخلي. في هذا الجزء وحده، يضمن المخرج تناول موضوعين مهمّـين هما: المرأة في العمل الخطر والموقع الخطر ذاته. لكنه لا ينوي التعليق بل يمضي للحديث عنها ما يجعل مشاهد القتل تتحوّل، بصرف النظر عن صدق الرغبة وراءها، إلى كليشيهات لاصقة.
الحكاية ليست متوالية زمنياً، بل تدخل وتخرج ثم تعود مراراً بين أزمنة متعددة تتيح لشخصية المصوّرة أن تظهر في عدّة مشاهد على إمتداد الفيلم. وهي، بعد التمهيد، تتمحور حول تلك العلاقة الأسرية المتشابكة وبطريقة من يريد أن يقول أن لا شيء ثابتاً في هذا العالم سوى الموت. فالفيلم يكشف عن أن المصوّرة كانت تخون زوجها والزوج يقيم علاقة متعبة مع معلمة إبنه الأصغر، بينما أبنه الأكبر يخون زوجته مع صديقة سابقة.
في مجمله يخلط الفيلم الأوراق التي بين يديه على نحو يترك المشاهد بلا مفاد واضح. في بعضه عمل له دلالاته ومهارته، وفي جلّـه حكاية غير قابلة للتفاعل عاطفياً أو سياسياً معها.

     باتمان ضد سوبرمان: فجر العدالة  Batman v Superman: Dawn of Justice

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  محمد رُضا  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: زاك سنايدر   Zack Snider 
  كوميكس/ سوبر هيرو  | الولايات المتحدة (2016)  
★★★★★  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
زاك سنايدر ليس فقط أحد أكثر المخرجين الحاليين سخفاً وادعاءاً، بل لا يزال أكثرهم فاشياً وعداءاً لفئة من البشر.


|*| كلفة هذا الفيلم، كما تذكر المصادر 250 مليون دولار. مدة العرض: 160 دقيقة. أي أن كل دقيقة تكلّـفت مليوناً و600 ألف دولار وبعض الفكّـة. لو أن الفيلم جيد لما كانت هذه الحسابات ضرورية، لكن أن تصل التكلفة إلى ما يكفي لتمويل 16 فيلماً في أي مكان آخر خارج هوليوود، فإن ذلك مشكلة تفتح العين على كل شيء رديء في أفلام السوبرهيروز اليوم.
في الأساس عنوان الفيلم «باتمان ضد سوبرمان: فجر العدالة» غير صحيح، لأنه في وقت ما بعد الساعة الأولى سيعملان معاً وسيتوقفا عن أن يكونا ضدين. كذلك لأنه لو كانت هناك «عدالة» لما أتيح لزاك سنايدر أن يحقق هذا الفيلم، أو- الأفضل- أن لا يحقق أفلاماً على الإطلاق.
كان لابد لأقوى بطلين خياليين في عالم الفانتازيا بعد عصر هيركوليس وماشيستي (يبدوان حمامتان وديعتان بالمقارنة) أولاً لأنهما يسكنان مدينة واحدة (مشادة على نسق نيويورك) وثانياً لأنهما عاشا في زمن واحد. لابد أن أحدهما سمع بالآخر. كلاهما أيضاً بلا أب (والعديد من الشخصيات هي بلا أب لأن هذا قُـتل بينما كان الإبن صغيراً). في حالة سوبرمان (هنري كافيل) ، هبط الطفل الغريب من كوكبه فوق الأرض فتبنـاه مزارع، وفي حالة باتمان (بن أفلك)، قتل مجرمون الأب أمام عيني إبنه الصغير فنشأ هذا بلا معين عاطفي. 
عند هذه الخطوط تنتهي أهم نقاط اللقاء بينهما. الباقي هو تضاد: واحد هبط من كوكب بعيد مليء بالصحة والقوّة التي تمكنه من الإنتقال عبر الزمان والمكان بأسرع من لمح البصر، والثاني لا قدرات بدنية مماثلة له ولكن لديه القدرة على مواجهة شرور الناس بذكائه وقوّته الطبيعية. عدا كل ذلك كل يحارب الشر لكنهما في أول لقاء لهما على الشاشة يحاربان بعضهما البعض أولاً.
يكاد خلافهما يتيح للشرير لوثر (جيسي آيزنبيرغ) تحقيق أحلامه بالسيطرة على الكون بأكمله طالباً معاونة بعض السياسيين، لكن أزاء هذا الخطر لابد لهما، وبعد مشاهد قتال محسوبة بكم لقطة لصالح باتمان وكم لقطة لصالح سوبرمان (ضرورة عدم تفضيل أحدهما على الآخر)، لابد من إتحادهما ومواجهة هذا الشرير وسواه.
كل هذا لا يهم الذين تزاحموا على مشاهدة الفيلم حول العالم. بعد أقل من أسبوع على عرضه، ينتشي صانعوه بالأرقام المتلألئة:  500 مليون دولار والعداد لا يزال جارياً. كذلك لا يهتم الجمهور بحقيقة أن الفيلم تعثر كمشروع منذ أكثر من عشر سنوات، إلى أن تم تركيبه على عجلات جديدة قبل ثلاث سنوات. جيء بسيناريو كتبه ديفيد س. غوير الذي وضع سيناريو «باتمان يبدأ» للامع كريستوفر نولان وطُـعّم بما وضعه الكاتب كريس تيريو (الذي كتب، بين ما كتب «أرغو» الذي أخرجه بن أفلك).
السيء هو الإتيان بزاك سنايدر لإدارة كل هذا الجهد. هذا يعتبر أن على الفيلم أن يكون ضرباً وقتالاً وأن المفادات الوحيدة التي يمكن لها أن تعيش في جوانب ذلك هو أن العالم لا يؤخذ إلا بالغلبة الفاشية. على عكس «سوبرمان» 1978 كما حققه رتشارد دونر ورديفه «سوبرمان لرتشارد لستر، حيث جمال الحياة وفانتازيا الترفيه المتقن يسودان الفيلمين، وعلى عكس «باتمان» كما أنجزه كريستوفر نولان، فإن الهم الوحيد لدى سنايدر هو إتقان الركاكة. وهو فشل في ذلك. 
علاوة على كل ذلك، كان عليه أن يحشر عداءه للمسلمين والعرب في مشهد ينقذ فيه سوبرمانه (هنري كافيل) زوجته الصحافية (آمي أدامزأ) من أيدي إرهابيين أفارقة مسلمين. لقد هب لنجدتها من قبضة زعيم الإرهابيين. لابد أن سوبرمان شاهد زوجته على هذا النحو من نيويورك. الإرهابي بدوره قبض على المرأة واحتمى بها حتى من قبل أن يدرك أن سوبرمان في طريقه لإنقاذها وذلك حسبما نشاهده وليس إبتداعاً من الناقد.
معسكر باتمان من الممثلين (تحديداً بن أفلك وجيريمي آيرونز) أفضل أداءاً من الآخرين مجتمعين. جيسي أيزنبيرغ، الذي كان مناسباً وجيداً في أفلام سابقة، لا يبدو أنه يعرف كيف يريد تمثيل دوره. يزيدها من دون أن يترك إلا الأزعاج أثراً.

تقييم أفلام سوبرمان السابقة
Atom Man vs. Superman | Spencer Gordon Bennet (1950) **
Superman and the Mole Men | Lee Sholem (1951)
Superman | Richard Donner (1978) ****
Superman II | Richard Lester (1981) ****
Superman III | Richard Lester (1983) ***
Superman IV : The Quest for Peace | Sidney J. Furie (1987) *
Superman Returns| Bryan Singer (2006) **
Man of Steel | Zack Snider (2013) **


                        مجرم    Criminal              

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  محمد رُضا  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: أرييل ڤرومن   Ariel  Vromen 
  تشويق  | الولايات المتحدة (2016)  
★★★★★  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حكاية متسارعة لمجرم طيب القلب ورئيس شرير في السي آي أيه لا يصلح لأن يكون بواباً


|*| لابد أن بعض الممثلين الذين تجاوزوا الخمسين من العمر يرغبون اليوم المشي في خطى الممثل ليام نيسون (63 سنة)
الذي أقبل منذ بضع سنوات على بطولة أفلام أكشن سريعة الإيقاع وتشويقية المنوال وأنجز عبرها نجاحاً مفاجئاً. إن لم تكن هذه هي الإجابة على السبب الذي من أجله شاهدنا شون بن مؤخراً في بطولة فيلم واهن عنوانه «المسلّـح» (The Gunman) والذي من أجله يعود جون ترافولتا إلى العمل في فيلم أكثر وهناً وركاكة عنوانه «أنا غضب» I Am Wrath
في كلا هاتين الحالتين رجل يحمل ماضياً يحاول إخفاءه لكن الماضي لا يرحم وسيزور ذلك الرجل ليعيده إلى حلبة صراع ما.
هذا السبب يبدو الأقرب إلى الإستنتاج إذا ما تساءل بعضنا عن الدافع الذي من أجله يرضى كَـفن كوستنر بالإنتقال من نوعية أفلامه السابقة مثل «يرقص مع الذئاب» و«سهل مفتوح» و«ثلاثة عشر يوما» و«حقل من الأحلام» ليقبل بطولة أفلام مثل «ثلاثة أيام للقتل» في العام الماضي و«مجرم» في هذا العام.
«جريمة» ليس فيلماً رديء الصنع بقدر ما هو فيلم لا ضرورة له. يدور حول عميل للمخابرات الأميركية أسمه بِـل بوب (رايان رينولدز) نراه في مطلع الفيلم وهو يستلم حقيبة مليئة بالمال محاولاً بعد ذلك الهرب من مطارديه. عندما يصل رجال المخابرات لإنقاذه يجدونه في الرمق الأخير. البديل هو اخراج سجين أسمه جريكو ستيوارت (كَـفن كوستنر) وأخذ مخ بل بوب وزرعه في مخ جريكو (تحت إشراف الطبيب تومي لي جونز) لعل جريكو يدل رجال المخابرات ورئيسهم كواكر (غاري أولدمان) على المكان الذي أخفى فيه بل المال قبل وصول مطارديه إليه.
ما يلي ذلك هو المزيد من النهش في جثّـة الفيلم ذاته. الحكاية حتى نصف الساعة الأولى رست على أن جريكو نفسه بات طريداً للمخابرات ولذات الزمرة الإرهابية التي قتلت بل والتي تريد الوصول إليه. وأن الطرفين لم يقدّرو جريكو حق قدره فهو ليس طريدة سهل اصطيادها بل مجرم متمرس في الأصل وإلا لما دخل السجن.
على رقبة جريكو ترتسم بعقة بشعة حمراء هي من آثار العملية التي أجريت له. ما لا يرتسم بالوضوح ذاته هو إيضاح تصرفات هذه الشخصية التي تدخل وتخرج في شخصية بل بوب متى حلا للسيناريو ذلك. 
لا أستطيع القول أن الفيلم بدأ من نقطة عالية وانحدر، بل من نقطة دون المتوسط ثم تابع إنحداره. إلى جانب أن الإستطرادات بعد تأسيس القضية التي ننظر فيها لم تزد الفكرة إلا سخفاً، هناك حقيقة أن الفيلم يفقد نبرته الخاصّـة بقدر ما يفقد بطله توجهه من حين لآخر. كوستنر ممثل جيّـد (النقطة الإيجابية الوحيدة في الفيلم) لكنه لا يستطيع إنقاذ فيلم. الأسوأ أن غاري أولدمان يتصرف برعونة لكي يبرر للمشاهدين أخطاءه وأخطاء السي آي أيه. في الواقع، الذي كان من الأفضل استعارة شيء منه هنا، لن ينجج رئيس أكبر جهاز مخابرات في تولي مرتبة حارس عند الباب الخارجي لو كانت تصرفاته كما نرى.


                        أنا غضب    I Am Wrath              

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  محمد رُضا  ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: تشْـك راسل   Chuck Russell 
  تشويق  | الولايات المتحدة (2016)  
★★★★  
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا كانت ميزانية I Am Wrath لم تزد عن 18 مليون دولار، كم يكون جون ترافولتا تقاضى؟


|*| لتشْـك راسل أفلام أخرى رديئة الصنع (ولديه أيضاً «القناع» مع جيم كاري و«ملك العقارب» مع دواين جونسون الأعلى قليلاً من المتوسط) لكن هذا من بين أردأها إذا كان في القعر متسعاً لذلك. حكاية انتقام لا تختلف لا في حكايتها ولا في تنفيذها عن عشرات (أو مئات؟) الأفلام الشبيهة.
الأسوأ هو أن جون تراڤولتا يقود الفيلم. الممثل ليس معروفاً بقدرته على تجسيد الأدوار التي تتطلب حسّـاً شعورياً من أي نوع، لكنه استخدم جيداً في بضعة أفلام منها Blow Out لبرايان دي بالما (1981) وPulp Fiction لكونتين تارانتينو (1994) و Get Shorty لباري سوننفلد (1995) وهي- من حيث الجودة- هي أفضل أفلامه، وذلك بسبب مخرجيها بالطبع.
المشكلة التي يعاني منها الفيلم الجديد هي خلوه من أي خيط تأليفي أصيل. لا شخصية ستانلي التي يؤديها تراڤولتا مختلفة ولا الأحداث التي تؤدي إلى قرار ستانلي العودة إلى سابق عهده من القتل بعدما ماتت زوجته على أيدي عصابة متصلة برجال بوليس جديدة. ولا المؤامرة المحاكة التي تورط فيها حاكم ولاية بكاملها (ولاية أوهايو) مقنعة. عندما تقع زوجته أمامه قتيلة بطعنة سكين يكون ذلك بمثابة السبب الذي من أجله سيعود إلى سابق عهده كعميل لقوّة بوليسية خاصّـة لكي ينتقم من كل الذين على صلة بالجريمة. يقترب الفيلم هنا من «رغبة موت» (Death Wish) الذي قام مايكل وينر بإخراجه من بطولة تشارلز برونسون. وبالمناسبة، مهما بلغت رداءة ذلك الفيلم فإن «أنا غضب» لا يوازيها. سيتوازى مع النسخ الأخرى التي تم تحقيقها من «رغبة موت» مثل «رغبة موت و«رغبة موتوسواها.
طبعاً كلها، وسواها بما فيها هذا الفيلم أيضاً تنطلق من مبدأ أن البطل مجبر على أن يواجه القتل بالقتل. عندما يبدأ عداد القتل يرتفع يذكّرك ببعض أعمال ستيفن سيغال لكنه لا يرتقي إلى تلك الأولى مثل «فوق القانون» وذلك لأن شغل مخرج ذلك الفيلم تحديداً، وهو أندرو ديڤيز أفضل من شغل تشْـك راسل بأميال ضوئية. لا تتعقد المسائل مطلقاً في «أنا غضب» بل تمضي كما كُـتبت على منوالها الساذج. ومع أن تراڤولتا لا ينجز كل المهام القتالية وحده بل يساعده "صديق شريف" أسمه دنيس (كريستوفر ميلوني) إلا أن الممثل الذابل يبقى في الصورة هو وباروكته السوداء.