Seven Samurai | غولدن كلاسيكس


Seven SamuraÏ
(1954)
تحفة سينما الساموراي والقرية الخائفة


«سبعة ساموراي» أحد أفضل وأشهر أفلام المخرج الياباني الذائع أكيرا كوروساوا. الحكاية موضوعة خصيصاً للسينما. فكرة كوروساوا كانت، في البداية، تقديم محارب ساموراي واحد ينتحر في نهاية الفيلم بعدما أرتكب خطأ في حق «سيّـده». هذه الحكاية كتبت كيوم واحد في حياة ذلك الساموراي، لكن كوروساوا لم يقتنع بالسيناريو حين انتهى منه. بحث مع كاتبه شينوبو هاشيموتو (كتبا معاً «إكيرو» و«راشومون» بين أخرى) حكاية تشمل خمس مشاهد من معارك خمسة محاربي ساموراي على نحو منفصل. لكن كوروساوا وجد أن هذه الفكرة لا صلب لها أو وحدة فعلية وأن ذرواتها الخمس (معركة كبيرة لكل محارب) غير مقنعة بالنسبة إليه. 
عند هذه النقطة تقدّم منه المنتج سوجيرو ماتوكي بفكرة مفادها ما توارد في الزمن القديم (القرن السابع عشر) أن محاربي الساموراي كانوا يهبّـون لنجدة قرى ومجتمعات إذا ما كانت تعاني من غزو العصابات لها. هذه هي النواة ألهبت مخيلة المخرج وكاتبه وانصرفا لها. وبينما كان هاشيموتو يكتب السيناريو، انصرف كوروساوا لكتابة ملف لكل من الشخصيات السبعة التي ستقود البطولة، بكل التفاصيل من خلفيات وسلوكيات وصولاً إلى الملابس التي سيرتدونها.
ما فاق العناية الفنية الموزّعة على تلك الشخصيات. الحكاية الملهمة: قرية تعاني من ظلم عصابة كبيرة تغير عليها في كل موسم حصاد قمح وتسلبها المحصول وتهدد سلامة شيوخها وبناتها. تحتار القرية فيما تفعل إلى أن ينصحها كبيرها بالبحث عن ساموراي بلا عمل يدافع عنها. ليس أي ساموراي، بل ساموراي بلا سيد (هذا يسمونه "رونين"). بالبحث يهتدي بعض رجال القرية إلى كامباي (تاكيشي شيمورا) ويطلبون منه الدفاع عن قريتهم مقابل توفير الطعام. ينضم إليه كاتسوشيرو (إيساو كيمورا) وشيشيرويجي (ديزوكي يوشيو) وغوروباي (يوشيو إينابا) وهيشاشي (مينورو شايكي) وكيوزو (سيجي مياغوشي) وكيكوشيو (توشيرو مفيوني).
بنزوح هؤلاء السبعة إلى القرية ودراسة وضعها الجغرافي تبدأ عملية إعداد الأهالي المرتعدين خوفاً للمشاركة في الدفاع عن قريتهم. يمضي كوروساوا يمي وقتاً ثميناً في تصوير هذه المواقف والعناية بدوافعها منتقداً خبث بعض أهل القرية وعدم التفافهم حول مبدأ المساعدة في الدفاع عن حياتهم وحياة قريتهم
هناك مناوشات تقع بعد وصول العصابة التي فوجئت بوجود الساموراي،  ثم الهجوم الكبير في يوم ممطر على القرية. تستوعب الدفاعات المدروسة التي أحكمها كامباي والسيوف والرماح والنبال التي بحوزة الجميع ذلك الهجوم وتصده. يصوّر المخرج المطر والوحل والإنهاك من الرحى محوّلاً الشاشة إلى رصد واقعي يحتفي بالبطولة والشجاعة لكنه لا يحوّل أي من شخصياته تلك إلى بطولة خارقة لا يمكن تصديق أفعالها.
هناك دقّـة في التفاصيل. توليف فاعل يرفع من درجة التشويق من دون أن يتحوّل الإيقاع إلى غاية بحد ذاتها. ثم هناك التمثيل وكيف سبر المخرج غور كل شخصية على نحو يقع كل مشاهد، من أي ثقافة كانت، في حبها. وإذ تقع المعركة في نصف الساعة الأخيرة، فإن ما سبقها هو التهيئة الفكرية والإجتماعية لها وهي لا تقل إثارة عن المعركة ذاتها بفضل فهم المخرج الكامل لهذا العمل.

هوليوود التي أعجبها الفيلم صنعت نسخاً أميركية منها أفضلها ما زال The Magnificent Seven لجون ستيرجز (1960) لكن ليس بالتميّـز ذاته.

محمد رُضا

0 comments: