Africa 815 | Child 44 | Paul Blart 2 | Pirosmani | Ben-Hur (1925) | Triple Cross | Kid Blue


 أفلام 2015  
 أفريقيا 815   | Africa 815 
أسبانيا | تسجيلي مهرجانات: "سينما دو ريل" (فرنسا) مخرجة تكتشف الجانب الخفي من أبيها | ★★ 
Reference n. FR 017  


الأسبانية بيلار مونسل كانت تبحث في أوراق والدها الراحل مانويل عندما اكتشفت أن رحلاته إلى المغرب لم تكن لأجل الراحة فقط، بل لأسباب أخرى. هذا، كما يبدو، كان كافياً لأن تصنع فيلماً مؤلّـفاً من مشاهد مصوّرة (لمناظر طبيعية كالصحراء والبحر) وأخرى للقطات لرسائل أو لصور شخصية. مانويل كان جندياً في الحامية الفرنسية للصحراء الغربية سنة 1964، لكن حتى من بعد إنتهاء مهامه ورحيل الحامية الأسبانية، كرر مانويل رحلاته إلى ما اعتبره طبيعة جذّابة. الإكتشاف الذي أذهل المخرجة (أول فيلم) هو أنه تعلّـق بحب شاب مغربي "كنت أعلم أنه يستغلني لأجل تدبير لجوء إلى أوروبا". ما كشف تلك العلاقة تلك المذكرات التي تركها كما بعض الصور الموحية. ربما بالنسبة إليها، يستحق الموضوع فيلماً، لكن مع عدم وجود خبرة عندها ولا مادّة مهمّـة لسواها فإن هذا الفيلم طلقة طائشة من النوع الذي يذهب مع الريح.


 طفل 44   | Child 44 
الولايات المتحدة | تشويق [تاريخ، الخمسينات] عن قاتل متسلسل وآخر قتل بالجملة | ★★ 
Reference n. FR 018  


يذكّرك بتلك أفلام البروباغاندا التي كان الغرب ينتجها للنيل من الكرملين والمؤسسة السوڤييتية، التي كانت تستحق مثل هذا النقد، كأي مؤسسة فاشية أخرى،  لو كانت الأفلام المنتقدة أفضل شأناً من المنقود. المخرج دانيال إسبينوزا يقدم، مباشرة بعد فيلمه السابق قبل عامين «ملجأ آمن» (Safe House) على تحويل رواية وضعها توم روب سميث. نقطة الإهتمام أنها الرواية الأولى لهذا الكاتب الإنكليزي وفازت بجائزة «إيان فليمنغ ستيل داغر» (Ian Fleming Steel Dagger - "خنجر إيام فلمينغ الفولاذي")، وهي رواية مأخوذة عن وقائع حقيقية تخص قاتل أطفال روسي (أندريه شيكاليتوف) ارتكب جرائمه حين كان ستالين حاكماً. الفيلم يصوّر خوف الناس العاديين من ستالين الجائر ويضيف إليهم خوفهم من هذا القاتل المجهول. 
السلطات تريد تصديق روايتها الخاصّـة من أن الصبي الذي وُجدت جثّـته عارية بالقرب من خط السكّـة، إنما مات بفعل اصطدامه بقطار سريع. التحري ديميدوف (توم هاردي بلكنة روسية تبقى مثل لقمة عالقة في الزلعوم طوال الوقت) يريد الحقيقة وهو يؤكد للمشرف المسؤول بأن القطارات لا تخلع الضحايا من ملابسها. بعد رفضه التجسس على زوجته (نومي راباس) يتم نقله إلى منطقة نائية تشبه سايبيريا بينما الجرائم تستمر في موسكو كذلك الفيلم. الرواية أوضح من الفيلم وأكثر سلاسة (قرأتها سنة 2010 بعد عامين من صدورها). كذلك شغل الفيلم على الناحية البوليسية (الناحية الأساسية في رواية سميث) يصبح ثانوياً إلى حد هنا. المنتج هو ريدلي سكوت والتصوير (تم في براغ وقام به أوليڤر وود) جيّـد واختير له التصوير بالفيلم وليس بالدجيتال.


 بول بلارت: شرطي المول 2   | Paul Blart: Moll Cop 2 
الولايات المتحدة | كوميدي  فيلم كهذا عليه العودة إلى الحفرة التي خرج منها |
Reference n. FR 019  


لو كانت لي كلمة مسموعة في هوليوود لاقترحت أنه عوض إنتاج أفلام برداءة «بول بلارت: شرطي المول تستطيع هوليوود تخفيض أسعار تذاكرها لتجد أنها ما زالت توفّـر في مصروفاتها وبل تزيد من أرباحها. عملية معقدة بعض الشيء لكنها ليست مستحيلة، وفي كل الأحوال نتائجها ستكون أفضل على المدى القصير والمدى البعيد معاً. بالنسبة للجمهور وللنقاد: ستعفينا هذه الوسيلة من أفلام رديئة في كل جانب وصعيد وقد تدفع مخرج لا يفهم، مثل أندي فيكمان، هذا، إلى تجربة حظّـه كنادل في أحد محلات البيتزا. 
كَـڤن جيمس ممثل بين آخر أسوأ ثلاثة في «البزنس» يعيد تقديم دوره كحارس في أحد المولات الشعبية. هذه المرّة يجب تقديم شخصيته تحت المزيد من الإخفاقات. ماذا لو أن الفتاة التي أحبّته تزوجته في مطلع الفيلم وطلّـقته (والفيلم لا يزال في مطلعه) أو ماذا لو أن والدته ماتت. ماذا لو أن عمله كحارس مولات لم يستدع أي تقدير وأنه عرضة للشتائم والإهانات. لابد أن يستدعي ذلك حدثاً ما يبرهن من خلاله للجميع (بمن فيهم الجمهور) أنه أفضل مما كانوا يعتقدون. لكن لا الحدث الوارد ولا الشخصية البدينة التي يؤديها الممثل بغباء (أن تكون غبية أوكي، أن تكون غبية ويؤدي غباؤها بغباء؟) ولا أي شيء يستطيع فينكمان فعله سينقذ الفيلم الذي وُلد ميّـتاً بعد ثلاثة أو أربعة ثوان من بدايته. 

 أفلام ممنوعة  

 بيرسماني   | Pirosmani  
الإتحاد السوڤييتي (1969)  | دراما [سيرة] تم منعه من العرض في الإتحاد السوڤييتي لسنوات لكنه تسلل للعروض في الغرب ونال الجائزة الأولى في مهرجان  شيكاغو بعد عامين من إنتاجه | ★★★★ 
Reference n. FR 020  


«بيروسماني» هو أحد الأفلام التي انتجت في حقبة الدولة السوڤيتية وتم منعها من التداول وحتى الثمانينات. أول لقاء بين هذا الناقد وبين الفيلم تم في رحاب «معهد الفيلم البريطاني» الذي عرض مجموعة كبيرة من الأفلام التي تم تسريبها من وراء الستار. الثاني بعد نحو سنة على شاشة BBC البريطانية. الثالث الحالي يؤكد، إن لم يتجاوز، ما كنت ذهبت إليه في المرّتين السابقتين من أن هذا الفيلم ليس فقط تحفة فنية خالصة، بل متعة حسيّـة وإنسانية بالغة الجمال أيضاً.
نيكولا بيروسماني (1863-1918) كان رسّـاماً جيورجياً من عائلة ريفية علّـم نفسه الهواية من دون تأثر بمن سبقه. أڤتانديل ڤاراسي على الشاشة وهو رسّام جيورجي ما زال حيّـاً قام بتمثيل دوره وهو الوحيد له على الشاشة. أما المخرج جيورجي شينغيلايا فمن بين أولئك الجنود المجهولين اليوم الذي كان لهم شأناً رفيعاً في عالم السينما. لم أشاهد كل أعماله للأسف الشديد، لكن من بين ما شاهدته «بيروسماني» أفضلها.
«بيروسماني» بيوغرافي عن حياة رسام وفترة. يلاحق المخرج وضع فنان فقير كان يرسم لقاء مأكله في أحد المطاعم، لكن فنّـه كان وسيلته للتواصل مع الناس وهو الفرد الوحيد الذي قلّـما نراه في الفيلم ماراً بحالة من النشوة أو السعادة. إلى حد كبير يوضح الفيلم ذلك التناقض بين الرجل وفنه، ففي حين إنتشرت رسوماته في ربوع جورجيا، بقي هو شخصية منغلقة. في مطلع الفيلم نراه يأكل وحيداً في أحد المطاعم في البلدة الصغيرة التي يعيش فيها. هذا المشهد سيتكرر لأن الرجل كان مفلساً يأكل ويشرب مقابل لوحة يرسمها ويعطيها لصاحب المطعم. هذا كان يقوم بتعليقها على الجدار.
لكن في ثنايا العمل ما هو أكثر من الوصف الفردي. هناك تلك العلاقة الصامتة بين وضع الفرد ووضع المجتمع. صمت بيروسماني قد ينتمي إلى تأمل المحيط. على عكس ما كانت السلطات تتمناه آنذاك، لم يحقق المخرج شينغيلايا فيلماً عن رجل فخور بفنه وسعيد في عمله ويشيد بالحقبة التي يعيش. قدّمه كما اشتهر عنه وغزل من منواله القومي بحيث وجدت السلطات نفسها أمام فيلم يعتنق أيقونة قومية. أمر آخر لم يثر إعجاب السلطات. بذلك، فإن شينغيلايا أراد، وحقق، إتخاذ موقف حيال موطنه جيورجيا لا ينفصل عن موقف بطله الجيورجي. ومثله أيضاً ينفّـذ فيلماً لا دراما عاطفية أو سياسية مباشرة فيه.
أكثر من ذلك، فيلم عن رسّـام عليه أن يكون فيلماً يماثل فن الرسم جمالاً وتصوير كونستانتين أبرياتن يضعك في تلك الوحدة المشهدية بين المحيط المكاني والمنتوج الفني للرسام. أڤتانديل ڤاراسي لم يقم فقط بتمثيل الدور الأول في هذا الفيلم بل صمم مناظره الفنية. والمفارقة أن المخرج لم يطلب منه أن يرسم لوحات ينسبها إلى بيروسماني. في كل مرّة نسمع فيها أن بيروسماني سيرسم كان الفيلم يقفز إلى النتيجة، مثل ذلك المشهد الذي رغبت البلدة كلها منه بيروسماني أن يرسم شيذاً وعدنما وجدته متلكأ حبسته في غرفة وأقفلت عليه الباب. المشهد التالي: بيروسماني يعرض ما رسم: واحدة من أفضل أعماله التي نشاهدها في الفيلم وفي الوقت ذاته تعليقاً على البلدة التي يعيش فيها كما لو أنه أراد لقاء حب أهل البلدة له بحب مماثل. 
هناك تلقائية وتجانس رائع بين كل ما يشغل الشاشة. شينغيلايا يحوّل عناصر الفيلم إلى معالجة مشبعة بالجماليات الساكنة. لا مونتاج يقفز بنا في كل إتجاه. ولا كاميرا لاهثة وراء اللقطة- الصدمة ولا إيقاع لا يلتقي وإيقاع الحياة عند بطله أو عند مواطني تلك البيئة أو ساكنيها أو عند الحياة المرتسمة في المحيط الريفي عموماً. منوال المخرج مبدأي: لقطة أو بضع لقطات  تؤلّف مشهداً. المشهد غير متسارع. مصوّر ببساطة وحين ينتهي ننتقل إلى سواه بلغة بصرية شبيهة. من تلك البساطة صنع المخرج فيلماً عملاقاً. 


 صامتة  

 بن حور: حكاية المسيح   | Ben-Hur: A Tale of the Christ  
الولايات المتحدة (1925)  | دراما [دين/ تاريخ] واحد من ثلاثة أفلام انتجت من القصّـة ذاتها. الرابع على الطريق | ★★★ 
Reference n. FR 021  


هذا الفيلم أفضل، في بعض الجوانب، من نسخة ويليام وايلر (1959) ومن جوانب أكثر من نسخة 1907 التي أخرجها سيدني ألكوت وهاري ت. موري (سيكون من الإجحاف مقارنة طموح المخرجين المبكر بالنتيجة الماثلة هنا). ومن المرجّـح أنها ستبقى أفضل من تلك التي يستعد المخرج الروسي الأصل تيمور بكمامبيتوف لتصويرها هذا العام (هل سيجعل بن-حور محارباً لمصاصي الدماء كما فعل مع «لينكولن»؟).
بعد ثلاث سنوات من التحضير وفي أواخر العام 1925 باشرت مترو غولدوين ماير تصوير «بن حور: حكاية المسيح». على خلاف عنوانه، هو حكاية يهودية في الصميم تتحدث عن اضطهاد اليهود وقيام بطل منهم أسمه يهودا بن-حور بالإنتفاض ضد المضطِـدين  والإنتقام من صديق طفولته ميسالا الذي احتقر اليهود وتسبب في تشريده وعائلته. كون العنوان يتحدث عن المسيحية هو أقرب الى تبرير وجود الفيلم منه الى اي شيء آخر.
دجون ماثيس وبس ميريديث وكاري ويلسون شاركوا في كتابة هذا السيناريو عن رواية لليو والاس، ومن الصعب الآن معرفة كيف كتبت الرواية وما كم التغييرات التي أقدم عليها كاتبو السيناريو (يهوديتان ومسيحي) لكن لن يكون مثيرا للدهشة اذا ما كشف اللثام يوما عن أن التغييرات كانت كبيرة.
بن- حور (رومان نوفارو) نشأ مع صديق الطفولة ميسالا (فرنسيس بوشمان) قبل افتراقهما. الفصل الثاني من الأحداث هو عن كيف أُتهم بن-حور بمحاولة إغتيال الحاكم الروماني الجديد للقدساورشليم« في الفيلم) فحكم عليه بالحياة كعبد في السفن الرومانية. حقده ضد الرومان ينمو عندما يعلم بن حور أن ميسالا  هو الذي تسبب في وضعه هذا،  كما تسبب في سجن شقيقته وأمه الى أن أصيبا بالبرص فأفرج عنهما  خوفا من انتشار العدوى  ونفيا الى  واد صحراوي قاحل لتعود الكاميرا اليهما كلما كان الفيلم بحاجة لجرعة عاطفية من التذكير بمأساة تشردهما وقسوة حياتهما.
في أكثر من مشهد نرى ميسالا يهين اليهود ويحتقرهم ما يجعل من السهل الحكم عليه وتبرير الشعور بالإنتقام الدفين لدى اليهودي الذي يؤمن بأن العين بالعين والسن بالسن (مبدأ سارت عليه العديد من الأفلام التي قدمت شخصيات يهودية تسعى للإنتقام مما حدث لها). يبلغ الفيلم ثلاث ذروات بعد ذلك، هجوم القراصنة  على السفينة التي تقل القائد الروماني آريوس (فرانك كوريير) وبسالة بن - حور في الذود عنه ومنع القائد من الإنتحار خشية العار، ما دفع بآريوس لعتق بن-حور وتبنيه
الذروة الثانية  هي بعد أن أصبح بن-حور ماهرا في القتال، فينازل ميسالا في سباق المركبات التي تقودها الجياد (بشر وحيوانات ماتوا خلال تصوير هذا الفصل المثير) والثالث لقائه مع أمه وشقيقته بعد سنوات طويلة من الفرقة نتيجة لما حدث له ولهما لأنهم يهود أولا وآخرا !
 الوجود  المسيحي هنا يقتصر عمليا على ما يتردد من انبعاث المسيح من بين الصلب اليهودي، وكيف أن أحد أتباع المسيح (لا نرى المسيح) يشفي الأم والشقيقة من البرص  قبيل نهاية الفيلم. ولا يفوّت «بن حور» الفرصة السانحة ويختار بضع شخصيات (رجالية ونسائية) سلبية  يقصد بأن تكون عربية، وفي مقدمتها واحد بإسم »الشيخ الدريم« ( يؤديه ميتشل لويس).
على ذلك لابد من استثناء هذه الجوانب الدعائية حين النظر الى الفيلم فنيا. انه  إنجاز ملحمي  (145 د) من تلك التي عرفتها السينما الصامتة وأكدت قدرة السينما الأميركية الباكرة على إبهار المشاهدين بالدراميات العاطفية الكبيرة. فرد نيبلو (ايطالي الأصل بإسم فردريكو نوبيل) تمرن جيدا على اخراج أفلام الأكشن الكبيرة في ثلاثة أعمال  سابقة هي »الفرسان الثلاث« و»دماء ورمال« و»علامة زورو« لكن هذا الفيلم أكبرها
لا يزال الفيلم  يثير الإعجاب لليوم لجودة تنفيذ مشاهد المعارك والتشويق خصوصا مشاهد الموقعة البحرية، وفصل سباق العربات العنيف. وهو فيلم  جيد ايضا في المشاهد العاطفية (قصة حب بين بن-حور وأميرة بني حور) وفي  تلك التي على بن-حور التمنع عن الفتاة الفاتنة ايراس. لكن بطله فرنسيس بوشمان غير مقنع. شيء ما لا يناسب ضخامة بدنه ولا تواضع موهبته.
لم يكن العمل سهلاً ليس فقط لحجم الإنتاج آنذاك، بل لظروف معقّـدة إدارياً وسياسياً. كانت مترو-غولدوين- ماير ورثت المشروع من لويس ب. ماير عندما اتحدت شركته مع Metro Pictures وGoldwyn Pictures سنة 1924. عندما انطلق المخرج نيبلو وفريق العمل إلى إيطاليا لتصويره هناك عايشوا تمادي الفاشية في ذلك الحين، ووجدت الشركة الهوليوودية نفسها بعيدة عن السيطرة على مقادير العمل فأمرت بعودة الجميع إلى ستديوهاتها حيث تم تصويره هناك. الممثل الأول للفيلم لم يكن ناڤارو بل واحد بإسم جورج وولش الذي اعتزل سنة 1936. المتناهي إلينا أنه أمضى ثمانية أسابيع ينعم بالربوع الإيطالية من دون أن يصوّر مشهداً واحداً. كذلك لم يكن نيبلو الإختيار الأول بل آخر بإسم تشارلز برابين والكاتبة دجون ماثيس طردا من الفيلم بعد عودتهما من إيطاليا (لم تكن الكاتبة أنجزت السيناريو رغم بدء التصوير).

 جاسوسية  

 تقاطع ثلاثي   | Triple Cross 
بريطانيا (1967)  | جاسوسي [أحداث حقيقية] مخرج أفلام جيمس بوند الأولى حاول خلق عميل جديد وفشل 
Reference n. FR 022  


كريستوفر بلامر كان لا يزال شاباً عندما أمّ هذا الدور المأخوذ عن شخصية حقيقية لجاسوس بريطاني زج في معقل قيادة نازي خلال الحرب العالمية الثانية لكنه قرر أن يلعب على الحبلين. الفيلم مستمد من حياة ومواقف فعلية بطلها الجاسوس إيدي تشابمان لكن المخرج ترنس يونغ  صنع منها مادة خفيفة على أمل الإستفادة من نجاح سلسلة جيمس بوند التي كان حقق منها ثلاثة هي «دكتور نو» (1962) و«من روسيا مع الحب» (1963) و«ثندربول» (1965).
خفة التناول خلقت ثغوراً جعلت من فيلمه هذا غير ذي أهمية. يتحدث عن جاسوس كان لص خزائن في لندن ثم هرب إلى جزيرة جيرزي حيث ألقي القبض عليه هناك. حين احتلت القوات الألمانية الجزيرة عرض على البريطانيين أن يكون جاسوساً لهم مقابل العفو عنه. حين ألقي القبض عليه من قبل القوّات النازية، عرض على قيادتها العمل معهم بالتجسس على البريطانيين، ثم نراه يعود إلى بريطانيا مبرهناً على وطنيّـته، ثم إلى فرنسا المحتلّـة واهماً الألمان أنه لا يزال حصانهم الرابح وهكذا. عوض سيرة حياة تمعن في كيف استطاع تشامبان فعل ذلك، يقدم يونغ سيرة حياة جاسوس بملامح بوندية ثابتة: يحب اللهو ويطارد النساء ولديه طريقته في اللعب بالكلمات ومحتال.  في النتيجة لا تخرج من الفيلم وقد عرفت أي شيء ذي قيمة عن الرجل الحقيقي والكيفية التي خدع بها الألمان أو نال بها ثقة البريطانيين. في الواقع لا يكترث الفيلم لتقديم أي مبرر للسبب الذي من أجله وثق البريطانيون بتشابمان وكيف أن لص خزائن صار فجأة ماهراً في التجسس ومحترف أجهزة تواصل وخبير أسلحة وهل كان يستخدم شيفرات مورس (أيام التلغراف) لفتح الخزائن لذلك يستطيع بثها لمعاونيه وقت الحاجة؟.
الأميركي يول براينر  في دور جنرال ألماني، وإذا أحببت أن ترى يوماً كيف يمكن للتمثيل أن يكون خشبياً، تستطيع أن ترى براينر في هذا الفيلم.



 وسترن  

 كد بلو   | Kid Blue  
الولايات المتحدة (1973)  |  وسترن الفيلم الثاني لمخرج مقل وُصف بأنه "وسترن ماركسي". هل هذا حقيقي؟ | ★★★ 
Reference n. FR 023  


جيمس فراولي مخرج جاء من التمثيل وحقق للسينما خمسة أفلام هذا كان الثاني بينها وخلال ذلك، وحتى سنة 2009 أنجز عدة حلقات تلفزيونية مسلسلة. «كد بلو» يفتح على دنيس هوبر وهو على أهبة تنفيذ عملية لسرقة قطار مع أفراد عصابته. أحدهم من المقرر له أن يقفز على ظهر القطار العابر لكن إذ قفز فعلاً يفقد توازنه ويسقط أرضاً. السرقة لا تتم و«كِـد بلو» (هوبر) يقرر التوقف عن السرقة والبحث عن عمل في المدينة. حين يصل إليها يجد نفسه وسط  شخصيات غريبة في سلوكياتها. الشريف (بن جونسون) شخصية فاشية لا يحب الغرباء ويردد للفتى أنه يهيمن على كل شيء وإنه يراقبه عن كثب. الحلاق الذي وجد عنده عملاً يتزلف للزبائن حتى ولو أهانته. النزل الذي حط فيه مؤلّـف من شخصيات تدخل الكنيسة يوم الأحد وتنافق أو تكذب أو تزني باقي أيام الأسبوع. وهناك رجل متزوّج (وورن أوتس) يتودد إليه كونه يريد أن يعلن إختلافه عن الجميع ما يغري زوجته بمعاشرة بلو. ريز فورد (أوتس) رجل مثالي درس التاريخ ويؤمن بأن اليونانيين القدامى هم نموذج يُـحتذى بهم. لكنه يفاجأ بأن هذا الفهم لا يصلح للتطبيق وحين يكتشف أن زوجته وصديقه بلو خاناه ينهار وتنهار أمثولياته. يُـصاب بشرخ سوف لن نعرف، والفيلم ليس تحديداً عنه، نتيجته.
هناك الكثير من المشاهد التي أريد لها أن تقدّم لنا بلدة تنام على المتناقضات والخطايا بما في ذلك سوء معاملتها للقابعين في أسفل سلّـم الوضع الإقتصادي. يتعاطف بلو مع ثلاثة هنود حمر تم تدجينهم، بعد إبادة قبيلتهم واحتلال أراضيهم، ليصبحوا عمّـالاً أقرب حالاً إلى العبيد. أكبرهم سنّـاً يريد "أن يغطس في الماء» (أن يُعمّـد) بعدما وعده الراهب (بيتر بويل) بالجنة إذا ما فعل. لكن شريف البلدة يرفض أن يتم تعميده بماء النهر لأنه هندي والنهر "أبيض". بلو يقنع الشريف بأن الماء الجارية ستعيد نصاعة النهر. تبعاً لكل ذلك وسواه، يدرك بلو بأن حياة المدينة ليست كما بدت له أو حلم بها. وأنه من الأفضل له أن يعود إلى سابق عهده ولو بسرقة وحدة (خزينة المصنع الذي يعمل فيه الهنود).
إنه فيلم معاد للرأسمالية من دون جدال. لكن لا للرأسمالية وحدها بل لذلك الخليط البشري من الناس الذين التزموا بقوانين غير مكتوبة يمارسونها بعصبية ولا يجرأون على الخروج منها، من بينها العنصرية والجشع والنفاق وتبرير الأفعال الخاطئة بأكاذيب كما بالهيمنة الشريرة على مقدّرات الآخرين. هذا كله قد يؤدي إلى توفير وجهة نظر يسارية بلا ريب، لكنها لا تطرح الماركسية كبديل. «كِـد بلو» فيلم ساخر من الغرب (بقدر ما كان فيلم روبرت ألتمن «ماكاب ومسز ميلر» (1971) ساخراً ومنتقداً لنظام يغري الطامحين بالثراء ثم يقضي عليهم) ومن أمثولياته وبطولاته، دنيس هوبر، أحد ثلاثة ممثلين مضادين للمؤسسة (الآخران هما جاك نيكولسون وبيتر فوندا) في تلك الفترة، يقدم شخصية واضحة، مكتوبة جيّـدا (السيناريو من إدوين شرايك  الذي كتب حفنة أعمال وسترن ليبرالية أخرى للسينما والتلفزيون) وتعكس براءة من دون سذاجة. أفعاله تنم عن إدراك يتجاوز كل من في البلدة ما يجعله متميّـزاً عن الجميع.
حرفة المخرج الفنية ليست بمستوى طرحه. مشاهده منفّـذة بأقل ما تستحقه من نفاذ بصيرة أو من موهبة لمنحها القوّة ذاتها التي في المضمون. مشهد مثل محاولة تعميد الهندي وتدخل الشريف لمنع مبدأ مسيحي (من المفترض أن ينال مباركته) في الوقت الذي يحسب الراهب لمكانته وما ينجلي عنه كل ذلك من نقد ديني (معه أو ضده لا فرق) كان يمكن أن يكون مرجعاً بين الأفلام المماثلة، لكن المخرج يستند إلى النص أكثر مما يأتي بالإبداع. هو ينجز فيلماً جيّـداً في نهاية المطاف لكنها الجودة التي لابد منها تبعاً لمستوى مقبول في التنفيذ لا يتعدّاه.
في النهاية، هناك الطائرة الشراعية وما ترمز إليه من تحليق، لكنها تقع بدورها لينقذ بلو من مطاردة الشريف وأهل البلدة الهنديان الآخران (الثالث قتله الشريف) بما يعنيه ذلك من رمز أيضاً.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من غير المسموح إعـادة نشر أي مادة في «فيلم ريدر» من دون ذكر إسم
المؤلف ومكان النشر الأصلي وذلك تبعــاً لملكية حقــوق المؤلف المسجـلة في 
المؤسسات القانونية الأوروبية.
All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2014
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


Furious 7 | مجلة النقد السينمائي العربي


  السنة 8 | العدد 214   مجلة نقدية يكتبها: محمد رُضـا 


  غاضب 7 | Furious 7 
★★✩✩✩
إخراج: جيمس وان  James Wan
تمثيل: ڤِـن ديزل، بول ووكر، دوايت جونسون، جاسون ستاذام، ميشيل رورديغيز، تايريز غيبسون، كيرت راسل.
إنتاج الولايات المتحدة (2015)
تبويب:  أكشن  | رقم: 016 

من سائقي سيارات في سباقات غير قانونية، إلى فريق عمل
تعتمد عليه الحكومة و-في هذا الفيلم- العالم الحر بأسره.


يتحمّـل صانعو سلسلة Fast and Furious (التي ينتمي إليها هذا الجزء السابع) مشقّة كبيرة  لكنها، بالنظر إلى ماحققه الفيلم عالمياً في أقل من 36 ساعة (نحو 400 مليون دولار)، مجزية: تبرير وجود كل أعضاء ذلك الفريق الذي يتألّـف من رجال ونساء انطلقوا من شوارع السباقات غير القانونية في الأجزاء الثلاثة الأولى، ليصبحوا قوّة عسكرية ضاربة.
تصوّر نفسك تكتب سيناريو هذا الفيلم: لجانب أن عليك أن تضع نصاً روائياً يضمن المثير والجديد والحبكة التي لا تخيب، عليك أيضاً أن تمنح كل فرد من الفريق ("الغاضب") دوراً يحاول أن لا يكون تكملة عدد. تأسيس كل شخصية على أساس منحها بعض الماضي أو المنحى الحاضر (ميول عاطفية، بعض النرجسية، إرادة الخ…) تم سابقاً ويمكن له أن يتجدد كما الحال في كل تلك الحلقات التلفزيونية لكل المسلسلات المعروفة. لكن الصعب هو البحث عن وظائف فعلية لكل فرد. الوظيفة هي أكثر من أن تقف ميشيل رودريغيز لتعلن عن أنها قررت أمراً، أو يوافق تايريز غيبسون على القيام بمهمة وأكثر بكثير من أن يحدّق في الوجوه ڤِـن ديزل وينطق قراراً لابد أنه سيكون صائباً لأنه، ببساطة، هو من قاله.
لكن الجمهور لا يكترث لما أذكره هنا. الجمهور (الغالب بالطبع) لا يكترث إذا ما كان هناك إخفاق في توظيف وجود كل فرد على نحو فاعل أم لا. يكفيه أن تطير السيارة طالما أن كل واحد من هؤلاء خرج سليماً. لكن في الواقع هناك واحد من الشلّـة لم يستطع أن يخرج سليماً، وبل لم يخرج بالمرّة. ذات يوم من أواخر العام 2013 وبعد بداية تصوير هذا الجزء بأسابيع قليلة، إنطلق أحد أحب الوجوه للجمهور العريض (وأفضل ممثلي الأجزاء) بسيارته الخاصة بسرعة 160 كلم كما لو كان في سباق الرالي الدولي. بعد قليل فقد السيطرة على البورش الحمراء التي يقود فلفت حول نفسها وطاحت بعيداً ثم تحطمت وحطّمته. انتشل ميّـتاً.
هذه الخسارة في بال معظم المشاهدين يدفعهم الفضول هنا إلى مشاهدة بطل محبب سوف لن يره في الحلقات المقبلة. لكن بصرف النظر عن هذه الحقيقة، هذا فيلم للرجال (غالباً) من النوع الذي يصرخ في الصالة من يتابع الصور بغرائزه المستفزة (كما فعل أحدهم كلما طارت سيارة أو إنفجرت). وهكذا، بينما كنت أتابع المشاغل الفنية والتقنية وجمعها في البال بعد تفريقها إلى حسنات وسيئات، كانت هناك غالبية تتسلّـى وتنشط ذهنياً وتؤكد لنفسها أن هذا هو الفيلم الذي يستحق أن يُشاهد… لا ذلك المعروض في الصالة القريبة تحت عنوان «ملح الأرض» لإثنين أحدهما مخرج ألماني أسمه ڤيم ڤندرز!
الحقيقة هي أن هذا الناقد يدرك أن هناك مستويين لهذا الفيلم يسيران معاً كما سكة الحديد. الأول هو أنه فيلم مرموق كسينما أكشن. المخرج جيمس وان وفريقه لا يرضى بأقل من "إتمام عنصر الدهشة". الثاني أن الحكاية فيها ثقوب… كل ثقب يتسع لمرور جمل… أو في حالة هذا الفيلم سيّـارة أو حتى شاحنة. ما يسعى الفيلم اليه الفيلم هو تغطية هذه الثقوب بوابل من المشاهد المترفة في فانتازيّـتها غير القابلة للتصديق. الوسيلة هو شحن المشاهد بالعديد مما هو غير قابل للتصديق من الأحداث بشكل تراكمي بحيث يصبح معه المشاهد غير مبال بمنطق ما يدور. 
كان الفيلم السادس في السلسلة انتهى بالإنتصار على الشرير أووَن (لوك إيڤنز). الفيلم الجديد يبدأ بتعريفنا بأخيه ديكارد (جاسون ستراذام) الذي يزوره في المستشفى حيث يرقد وينهي حياته «رحمة به». لكن ديكارد ليس من النوع الذي يهرب من المواجهات. على العكس يحلف شمالاً ويميناً بأنه سوف ينتقم من دومينيك (ديزل) وفريقه. وهو ليس الشرير الوحيد بل هناك جاكاندي الذي يعتبر نفسه العقل الجهنمي الساعي للإستحواذ على العالم بأسره (دجامون هانسو). وهناك عميل الحكومة "مستر نوبادي" (كيرت راسل، أول مرّة) الذي سيساعد دومينيك في مواجهة ديكارد إذا ساعده في القضاء على جاكاندي. الأحداث تتوالى لتظهر أن الفريق سيدافع عن نفسه وعن أميركا وعن العالم إذ تنتقل الأحداث إلى أبوظبي وإلى أذربيجان لأن السيناريو طلب ذلك.
نعم هو مسل ومن حق المرء أن يتسلّـى، لكن الفيلم هو قطعة حلوى شهية ومهما كانت شهية تبقي مضرّة بالصحّـة. ثم أنه ليس مسلياً على طول الخط (ليس عندي على الأقل). هناك الفترة التي لا يفيد تمثيل العضلات المفتولة نفعاً وتبدو المؤثرات البصرية (طيران سيارات من مبنى إلى مبنى، سيارات تهبط بالبراشوت وأخرى تطير في الهواء) ضجيجاً بصرياً وصوتياً. 


سيناريو: كريس مورغن  تصوير (ألوان): مارك سبايسر، ستيفن ف. ويندون موسيقا: برايان تايلر  توليف (137 د): لي بويد، ديالان هايسميث المنتج: ديزل، غاري سكوت تومسون.

--------------------------------------------------------------------------------------------


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من غير المسموح إعـادة نشر أي مادة في «فيلم ريدر» من دون ذكر إسم
المؤلف ومكان النشر الأصلي وذلك تبعــاً لملكية حقــوق المؤلف المسجـلة في 
المؤسسات القانونية الأوروبية.
All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2014
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ