"اللبلاب" | Sarmasik
إخراج: تولغا كاراشلك Tolga Karaçelik
تمثيل: قادر سرمك، عثمان ألقاس، سيفان أوزديمير، حقان كارشاك، نادر سارباشك، أوزغور إمير يلديريم.
إنتاج: تركيا (2015)
العرض الأول: مهرجان صندانس
تبويب: دراما | رقم: 014
باخرة شحن توقفت بسكون في عرض البحر المتوسط. ما يدور فوقها غير ساكن بالمرّة!
العلاقة التي ينشدها المخرج التركي تولغا كاراشلك، في ثاني أعماله (حقق الأول سنة 2010) مع القصيدة التي كتبها صامويل تايلور كوليدج سنة 1797 لا تكمن في محاولة نقل القصيدة إلى فيلم سينمائي. كذلك لا علاقة للفيلم، وعنوانه يعود إلى الشجرة التي تترعرع على الجدران وأسمها «لبلاب»، بالنسخة الصامتة التي أخرجها هنري أوتو سنة 1925 ولا حتى بنسخة 1974 الأميركية (أخرجها المعتزل راوول دا سيلڤا). لا علم لي بنحو أربع نسخ أخرى كلها، مثل النسختين المذكورتين، تحمل عنوان القصيدة الشعرية وهو «قصيدة البحّـار العجوز» Rime of the Ancient Mariner.
إختيار المخرج التركي هو الإبحار صوب البحر المتوسّـط عوض المحيط الشمالي كما تنص القصيدة. في المقطوعة الطويلة التي وضعها كوليدج، تبحر السفينة البريطانية فتدفعها الرياح صوب البحر الأدرياتيكي البارد ولا ينقذها من توهانها سوى طائر القطرس (او «الباتروس») الذي يرشدها إلى ممر بحري صوب الجنوب الدافيء. البحار المقصود بالعنوان يطلق سهمه على الطائر فيرديه والبحارة تنقلب عليه ثم تسامحه بعدما راجعت نفسها، ثم تنقلب عليه مرّة أخرى وتعلق الطائر في عنقه (كما عبّـر الرسام غوستاف دوري في لوحة استحواها من القصيدة سنة 1876).
فيلم «اللبلاب» ينأى بنفسه عن أحداث القصيدة لكنه يستلهمها في صلب أحداثه. الأحداث تقع اليوم، والسفينة هي باخرة شحن كبيرة تنطلق من اسطمبول في طريقها إلى أفريقيا على أن ترسو في ميناء مصري لأيام قليلة. قبل وصولها إلى الساحل المصري يأتيها خبر إفلاس الشركة المالكة. تتوقف السفينة في عرض البحر وعليها قبطانها بيبابا (عثمان ألقاس) وخمسة بحارة بينهم كردي (سيفان أوزديمير). الباخرة لا تراوح مكانها بعد تلك النقطة من الفيلم، لكن الدراما تسود متنقلة في تطوّر هاديء وحثيث في الوقت ذاته. الخلاف بين البحارة يتصاعد (بعدما قام أحدهم بشتم آخر) والقبطان ينشد الحفاظ على سيادته باستمالة البعض ضد البعض الآخر. الطعام والماء يكادا ينفذان. الخلاف مستتب والفيلم ينتهي بدخوله في منطقة خيالية يترعرع فيها اللبلاب على جدران الباخرة مع دخول كل من فيه المتاهة الأخيرة.
فيلم كاراشلك فلسفي ووجداني وعميق في الحالتين. في أحيان هو فيلم غموض وتشويق، لكنه لا يندرج بسهولة تحت هذا التصنيف ولو أن عيناك لا تستطيعان مغادرته قبل أن يأتيها الجواب على كل حدث يقع وهو مشحون بالأحداث الناتجة عن شخوص لها سلوكياتها ومنافعها ومواقفها. كذلك هو فيلم رامز من السهل إرجاع القبطان إلى الحكم والبحارة إلى فرقاء الناس في مواقفهم المتباينة. يستعين المخرج بمقاطع عدّة من شعر كوليدج في مطلع الفيلم وقبل نهايته، لكنه كما التزم بعدم "تفيلم" القصيدة والإكتفاء فقط ببعض مفاداتها، التزم باستنباط مواقف تختلف عن تلك الواردة فيها ولو أنها تبقى تحت ظلال هيمنة الشاعر وبأسلوب عمل تأمّـلي ولو أن أكثر حرارة من أفلام تأملية أخرى.
• سيناريو: تولغا كارشلك • تصوير (ألوان): غوكهان ترياكي• موسيقا: أحمد كينان بلجيش • توليف (100 د): إڤرن لوس • المنتج: بيلج عاطف تورهان.
--------------------------------------------------------------------------------------------
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من غير المسموح إعـادة نشر أي مادة في «فيلم ريدر» من دون ذكر إسم
المؤلف ومكان النشر الأصلي وذلك تبعــاً لملكية حقــوق المؤلف المسجـلة في
المؤسسات القانونية الأوروبية.
All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2014
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
0 comments:
Post a Comment