فيلم ريدر: نقد أفلام اليوم والأمس | محمد رُضا



  Star Wars: The Last Jedi   

إخراج | Directed By
ريان جونسون  |  Rian Johnson

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ★★★★ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  هواجس العالم الذي نعيش في عالم آخر

محمد رُضا


عندما أعيدت تسمية الجزء الأول من «ستار وورز»، ذلك الذي حققه جورج لوكاس سنة 1977، إلى «ستار وورز- الفصل الرابع: أمل جديد»، بدا أن كلمة «أمل» مناسبة جداً إذ ينتهي ذلك الفيلم بحفل كبير ذي طقوس عسكرية وذلك للإحتفاء بأبطاله الثلاثة الذين حققوا النصر على قوى الظلام التي يديرها دارث ڤادر (ديڤيد براوز). والثلاثة كانوا، طبعاً، الأميرة ليا أورناغا (كاري فيشر) والمحارب لوك سكاووكر (مارك هامِل) والمغامر هان صولو (هاريسون فورد).
الأمل ينبعث مجدداً في الجزء الثامن من هذا المسلسل الناجح (أكثر من 3 مليارات دولار من الإيرادات الكلية) ليس في العنوان، بل في المضمون حيث يحاول الجيل الجديد من أبطال المسلسل، جنباً إلى جنب بعض القدامى، الإنتصار على الإمبراطورية التي ما زالت تزرع الشرور في أرجاء ذلك الكون البعيد. 
كان الإنتصار عبارة عن أمل في كل جزء فالصراع بين الخير والشر في هذا الكون الفسيح الذي يشبه الأرض (تم تصوير الفيلم على كوكبنا طبعاً) دائماً ما بُـني على هذا الأمل. لكن الأمل لم يكن واعزاً وضرورة قصوى كما الحال في هذا الجزء الجديد.
وسط متاعب هذا العالم القديم الحالية فإن ما يولى الفيلم الجديد تقديمه هو ضرورة أن نتمسك بالأمل لكي ننتصر. هذا متبلور في «ستار وورز: الجيداي الأخير» عبر وميض من الأمل لا تريد بطلة الفيلم راي (دايزي ريدلي) أن تفقده. بذلك ينقل المخرج رايان جونسون هواجس العالم وبحثه المضني عن أمل في مستقبل أفضل إلى فيلم يماثل في كيانه ما يحدث من صراع دائم بين الخير والشر.

صراعات
إذ تحاول راي إقناع سكايووكر العودة من عزلته والعمل معاً على مقاومة الإمبراطورية السوداء التي يديرها الآن سنوك (أندي سركيس)، تسعى الأميرة ليا بدورها إلى أحداث نصر على قوى العدو، بينما يبحث فِن (جون بوييغا) عن حقيقة إنتمائه بعدما كان تمرّد في الجزء السابع وانضم، من حيث لم يقتنع تماماً، إلى المتمردين. في فئة الأخيار أيضاً الطيار بو (أوسكار آيزاك) وروز (كلي ماري تران) ونائبة القوّات العسكرية للمتمردين أميلين (لورا ديرن).


لدى السيناريو، الذي وضعه المخرج بإسهام مع جورج لوكاس، المساحة الكافية (152 دقيقة) ليروي حكايات متفرعة من بينها مسعى راي لتطوير قدراتها القتالية بمساعدة سكاووكر مع الإيحاء بأن ما شعر به سكايووكر في شبابه (أيام تلك الأفلام الأولى) هي ما تشعر به راي: الرغبة في أن تكون فاعلاً مؤثراً في الحرب بحثاً عن العدالة وإنتصاراً للمظلومين والمتمردين.
لست هنا في وارد سرد الحكاية. هذا سيعرقل التلقي لدى المشاهد الذي لم ير الفيلم بعد. ما هو أجدى ملاحظة كيف أن المخرج جونسون (في هذا الفيلم الكبير الأول له والثاني بعد Looper قبل خمس سنوات) يعمد إلى تشكيل مشاهده كجزء من موزاييك بديع يشمل الإحتفاء بموقع التصوير وبالشخصية وبالحدث وبالمضمون الناتج في وقت واحد. يفلت الزمام منه هنا وهناك، ثم يتعرض الفيلم إلى مشاهد طويلة كان يمكن لها أن تمر عابراً. لكن معظم العمل منضبط ضمن ما تطلبه صناعة المسلسل لنفسها من تناسق واستمرار رسالة من الصراع بين قوّتين إذا انتصرت أحدهما لم تعد هناك حكاية تالية وبالتالي ستنتهي السلسلة.
يوزع المخرج شخصياته جيداً. الواحد منها هو جزء من الجميع. في الوقت ذاته، يُـعيد للممثل مارك هامِل ما افتقده من تقدير خلال الأجزاء السابقة عندما سطا هان صولو (هاريسون فورد بابتسامته الساخرة التي لم أحبها يوماً) على المشهد الرجالي لا في كل مرّة جمعه المشهد مع سكايووكر فقط، بل على صعيد الفيلم بأسره. حتى الشخصيات غير الآدمية الروبوت C-3PO والآلة المستديرة R2-D2 كما الغوريللا شيوباكا (أرتدى الزي بيتر ماهيو) تميّزوا بأدوارهم الخفيفة عما واجهه مارك هامِل من شخصية مبنية لأن تكون جادة ومتسائلة (يكتشف أنه إبن دارث ڤادر).


حين تقترب راي من الملجأ الذي اختاره سكايووكر لنفسه بعيداً عن الأحداث  تطلب منه أن يكون مرشدها علماً بأنها برهنت عن جدارتها في الفيلم السابق «ستار وورز: القوّة تستيقظ». هذا يشبه لجوئه في أحد أفلام الثلاثية الأولى الإمبراطورية ترد الضربة»)  إلى الحكيم يودا طلباً للمساعدة. لكن راي تنجح لا في كسب مساعدته فقط، بل تستدرجه ليعاود لعب الدور المهم الذي لم يستكمله سابقاً.
مع تطوّر الأحداث التي ستعيد زرع الأمل في إنتصار المتمردين على الرغم من قوة وفاعلية العدو واحتمالاته، فإن الرسالة الكامنة في الفيلم تتضح كموازاة مع الفترة الحاسمة التي يمر بها العالم اليوم. ليس على صعيد قوى التطرف الفاشي في كل مكان، بل- الأهم عند الأميركيين- على صعيد ما تعنيه فترة الرئيس دونالد ترمب الحالية من دلالات. الفيلم لا يتورع عن إدانة المرحلة بمجرد أن يستخلص المشاهد هذا التلاقي بين عالمين بعيدين بمسافة كون كامل عن بعضهما البعض.


_______________________________________________________
©
كل الحقوق محفوظة للمؤلف بحكم قانون الملكية البريطانية
2008-2017
All rights are reserved by Mohammed Rouda
_______________________________________________________




  Blade Runner 2049   

إخراج | Directed By
دنيس ڤيلينييڤ  |  Denis Villeneuve

خيال علمي  | ألوان: 164 د. 
الولايات المتحدة  | ألوان- 2017  
تمثيل:   رايان غوزلينغ، هاريسون فورد، روبن رايت، إدوارد جيمس أولموس، هيام عبّـاس
تصوير: روجر ديكنز | موسيقا: بنجامين وولفيش، هانز زيمر | توليف: جو ووكر
 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ★★★★ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 فيلم مكمّـل لما سبق لا يقل إجادة عن الأصل


منذ سنوات طويلة اختفت، أو كادت، الأفلام التي تعد بمستقبل مشرق، باهر، قابل للحياة أو يمكن التطلع إليه بشوق. أفلام الخيال العلمي في غالبيتها توفر صورة قاتمة حول المستقبل على الأرض سواء قالت ذلك مباشرة أو اكتفت بتقديم حكاياتها التي تقع على بعد سنوات منظورة.
بذلك، تتحدث هذه الأفلام عن عالم مدمر، بيئة ملوّثة بالكامل، مجاعات، تقسيم بشري بين من يملك ومن لا يملك ومخاطر كثيرة أخرى مثل انتشار أوبئة تحوّل الناس إلى مصاصي دماء أو آكلي لحوم بشر.
Blade Runner 2049 هو أحد الأفلام الجديدة التي توفر هذه الرؤية بلا اعتذار. في 163 دقيقة داكنة ليس هناك من بارقة أمل بغد أفضل بقي بطلنا جو على قيد الحياة أو لم يبق. هو جزء ثان متأخر 35 سنة عن الجزء السابق الذي أخرجه ريدلي سكوت سنة 1982. آنذاك، تحدث الفيلم عن مستقبل داكن يحتوي على صياد بشر من أولئك المصنوعين في المختبرات الممنوحين كافة خصائص السلوكيات البشرية وملامحها العامة. الكلمة التي استخدمها فيلم Blade Runner الأول هي Replicants. أما «بْـلْايد رَنر» فهو صائد تلك المخلوقات عندما يقرر أمن مدينة لوس أنجيليس أن الوقت حان لاقتلاعهم.


أحداث الفيلم الأول تدور في العام 2019. آنذاك بدت المسافة الزمنية كبيرة بين تاريخ إنجاز الفيلم وبين موقع أحداثه الزمني. لكنها كانت أكبر في رواية المؤلف فيليب كنراد دِك إذ نشرها سنة 1968 ومات، عن 53 سنة في العام ذاته الذي شهد إنجاز الفيلم الأول. عنوان الرواية حمل تساؤلاً: "هل تحلم الأندرويدز بالماشية الكهربائية". القرار المبكر لريدلي سكوت هو استخدام اللقب الذي يحمله بطل الفيلم كرنين خاص لم يسبق لهواة السينما أن سمعوا به. «بلايد رنر» هو صائد الجوائز الذي يبحث عن البشر المصنّـعين والمستنسخين للقضاء عليهم. وحسب الرواية والفيلم على إثره، فإن هذا الصياد، وأسمه رك ديكارد، سيكتشف في نهاية المطاف أنه ليس بشراً بدوره.
ما فعله فيلم سكوت حينها هو أنه أبقى هذا الإكتشاف  هائماً كونه ورد كإتهام غير ثابت من قِـبل ضابط شرطة في المدينة.

عن سطح الواقع
الطقس في ذلك الفيلم لافت. هو جزء من موهبة مصممي الإنتاج والمناظر الذين ضمنوا لنا مشاهدة عالم موبوء. المطر الملوث ينهمر. الشمس لا تكاد تسطع حتى تحجبها غيوم غريبة ملبّدة والمدن داكنة ومكتـظة.


لكن هذا الفساد البيئي جاء مصحوباً بفساد سياسي حسب فلسفة الكاتب الذي وجد في جل رواياته الحيز المناسب للحديث عن تضارب المصالح الإنسانية العامة بتلك النخبوية وانحدار القيم المعمول بها.
«بلايد رَنر 2049» للكندي دنيس فيلينييف يحافظ على هذه المواصفات. يغير في بعض المظاهر لكنه يهضم الفكرة الأساسية جيداً. المطر لا ينهمر دوماً لكن لون السماء مثل لون الجثث. المدن ركم من المباني المهدومة. الحياة ذاتها هي نسخة رديئة جداً من تلك السابقة في فيلم سكوت. بالمقارنة، إذ عمد الفيلم السابق (تصوير جوردان كروننوذ) الى أحداث أقرب شأناً ليومنا هذا، سمح بالمدن أن تكون عامرة. في الجزء الجديد (تصوير اللامع روجر ديكينز مستخدماً أنواعاً متعددة من كاميرا الدجيتال Arri Alexa) المدن أقل عمراناً. على الأرض أقل زحاماً وإذ تطير المركبات فوق المدن نجد أن الطرق تحت تلك المركبات خالية من السيارات. لا شيء يذكر بقي على قيد الحياة سوى «بلايد رَنر» جديد. شرطة المدينة. مؤسسة تصنع البشر وبضعة «موديلات» بشرية وبعض مهمشي الحياة الذين باتوا أكثر تهمشاً مما كانوا عليه ذات يوم.


القصّـة المكتوبة هنا خصيصاً للسينما، تتعاطى حكاية صياد أسمه الأصلي جو والميكانيكي المستخدم في المهام المسنودة إليه هو  K. المهام لا تختلف عما كانت عليه في الفيلم السابق، لكن جو ليس مثل رك (الذي أداه في الفيلم السابق هاريسون فورد) من حيث أنه لا يتحرك بتفاعل مكثف مع مهمّـته. رك كان مثل التحري الخاص الذي ينطلق بكل مشاعره لتأدية عمله. رجل تخشاه في الوقت ذاته فإن هذا الرجل لديه ما يخاف منه في ذلك العالم المتلبد. لكن جو (كما يؤديه رايان غوزلينغ) هو أكثر انعزالاً. اللقاء بينهما يؤكد شخصيتيهما المختلفتين: رك ما زال رجل الواقع في حين أن جو هو الرجل الذي ترتفع قدماه عن سطح الواقع. شخص حائر تساعده نظراته الهائمة على تشخيص الحالة.
هناك مسافة بينه وبين ما يقوم به. فراغ لا يفهم سبب وجوده والأحداث الواردة ستملأ بعض هذا الفراغ، لكن بالحكم على المشهد الأخير حيث يهطل البَـرد فوقه وهو جالس على بعض عتبات مبنى مهجور، فإن الفراغ الناتج عن عدم الإيمان بالدور وبالذات باق. 
على النقيض من شخصية رك فإن جو كان يعتقد أنه مستنسخ قبل أن يكتشف العكس. لكن هذا أيضاً أمر معلق في الهواء كما لو أن جو هو نموذج للإنسان أو ما سيؤول إليه. فلسفياً، هو شخص حائر وبلا هوية وتكاد مسألة ما إذا كان إنساناً عضوياً أو مصنوعاً أقل أهمية مما يجب أن تكون.

مرئيات داكنة
اللقاء بين الممثلين رايان غوزلينغ وهاريسون فورد جيد وإن كان مستوى البحث الدائر خلاله لا يرتفع إلى ما يتوقعه المشاهد من حكاية تبدو بحاجة ملحة إلى «فوكاس». هذا الإفتقار إلى الوضوح ناتج عن أن الدوافع غير واضحة بدورها. في بعض الأحيان غير موجودة ما يبقي المضمون ضبابياً
بعد أكثر من ساعة من الفيلم تخرج علينا الممثلة هيام عباس فجأة. الممثلة الفلسطينية التي تعيش وتعمل في باريس على مدار الساعة هذه الأيام لا تبقى طويلاً. دورها محدود، لكنها تمثله بجدارة. هي رئيسة فريق من المصطنعين الذين قرروا الثورة وعلى جو أن يحدد موقفه. لكن غايته الأهم بالنسبة إليه البحث وايجاد رك نفسه لكي يطرح عليه بعض الأسئلة التي قد تزيده وضوحاً بعدما  وجد تاريخاً لميلاده قد تؤكد أن جو هو إنسان فعلي. 
المرأة هنا هي التي تمسك بزمام الأمور. بالإضافة إلى شخصية هيام عباس، فإن المسؤول الأول عن جو في قسم البوليس هو إمرأة. العدو الأول لجو الذي يطارده لقتله هو أيضاً إمرأة.
ما يعرضه فلنييف رائع كصورة. قبضته على الفيلم لغوياً من تصميم مناظر إلى مفردات العمل والإرتقاء بمستوى بصرياته رائع. لكن، وعلى امتداد مدة عرضه لنحو ثلاث ساعات (هناك نسخة أخرى من ساعتين)، فإن ما يحتويه من أحداث فعلية هو أقل مما يجب لفيلم لديه الكثير ليقوله.
المهمة المسنودة إلى المخرج فلنييف ليست سهلة: من ناحية لديه فيلم كلاسيكي قائم بحد ذاته ليس من السهل مقارعته لذا يتوجب الصعود إلى مستواه. من ناحية أخرى هو جزء تال (كان يمكن للقصة ذاتها أن تشكل نواة فيلم آخر منفصل) عليه أن يتصرف كعمل مستقل لجيل جديد من المشاهدين بعضهم لم يشاهد الجزء الأول أو يعي قيمته.
الموسيقا التي تصاحب هذه المرئيات الداكنة والملتقطة بدقة وموهبة مدير التصوير، كتب بعضها هانز زيمر (بعضها الآخر لبنجامين وولفيش) وما كتبه زيمر يشبه كثيراً ما كتبه لفيلم كريستوفر نولان الأخير «دنكرك». هناك تلك الموسيقا التي تتحوّل إلى همهمات صوتية. مؤثرات خلفية مسموعة. على تكرارها، تخدم ما يرد في هذا الفيلم جيداً. تناسب ذلك البحث الذي يتولاه جو طوال الفيلم حول نفسه وحول تاريخ حياته الذي لا يعرف عنه شيئاً.
بطبيعة الحال وتبعاً لأسلوب عمل واهتمام كل من المخرجين ريدلي سكوت ودنيس فلنييف، فإن الفيلمان لا يتشابهان الا في تلك المقومات المذكورة أعلاه. كلاهما عن صراع بين الإنسان والعلم. كل من الإنسانية والعلم على خطأ. كلا الفيلمين يتحدثان عن مستقبل داكن. لكن فيلم سكوت يحمل تشويقاً أعلى (وتمثيلاً أفضل)
Blade Runner 2049 هو إنجاز لمتعة النظر وأقل من ذلك لمتعة الدراما. خيالي علمي صارم في انتمائه يطرح عدة مسائل كان يمكن لكل منها أن يكون مادة فيلم منفصل. لكنها تجتمع هنا على نحو من يمعن في الشيء لاكتشاف دلالاته فيطيل النظر ولا يكتشف كثيراً. الحكاية التي تتحرك أمامنا واضحة بذاتها وكأحداث متوالية أكثر من المضامين والأفكار التي تنضح بها. 


_______________________________________________________
©
كل الحقوق محفوظة للمؤلف بحكم قانون الملكية البريطانية
2008-2017
All rights are reserved by Mohammed Rouda
_______________________________________________________



Hour of the Wolf


Hour of the Wolf 
(1968)
****
  إمرأة تحكي عن زوجها الذي اختفى داخل ذاته 
محمد رُضا


«ساعة الذئب» هو من بين أهم أفلام المخرج السويدي إنغمار برغمن. هو كذلك أحد أفلامه التي لم يلق عليها الضوء جيداً خصوصاً إذا ما قارناه بأفلام أخرى لبرغمن من المستوى الفني الجيد نفسه مثل «برسونا» و«عار» و«الصمت».
هذا ربما لأنه فيلم مختلف كثيراً عن باقي أفلامه. كتب برغمن السيناريو قبل أن يخرج «برسونا» وعندما أخرج ذلك الفيلم وعاد إلى السيناريو وجد أن بعضاً مما أراد قوله فيه، قاله في «برسونا» فقرر تغييره. لم يغيّـر الكثير فيه ولا يمكن المقارنة بين الحكايتين الا من حيث تلك الغربة الوجدانية والعزلة المكانية الموجودة في الفيلمين. لكن العمل يختلف من حيث أنه يدور حول ما يعتبره المخرج «شيطان الفنان»
يبدأ الفيلم وينتهي وبطلته ألما (ليڤ أولمان) تتحدّث إلى الكاميرا. إنها في مقابلة تلفزيونية من دون أن نرى كاميرا. لكننا نسمع قبل بدء الحديث ضوضاء الاستديو. صوت برغمن بين الأصوات. وهذا مباشرة بعد تقديم خلفية الحكاية بكلمات على الشاشة. ضجة الإستديو. ثم صوت ألما تتحدّث وهنا  ننتقل إلى الأحداث من وجهة نظرها هي. النبذة السابقة تتحدّث عن الإختفاء الغامض للفنان يوان بورغ لكن هذا لا يعني أن ما ستسرده زوجة الفنان صادق أو واقعي.  فالحقيقة قد تكون ضائعة على نحو مقصود ذلك لأن صوت الاستديو هو نقلة من الخيال المسبق للأحداث  إلى الواقع (كاميرا، استديو، رجال ونساء) فالخيال من جديد. وعلى نحو ممتزج كون ضجة الاستديو تعبر عن صوت مقصود له أن يحضر في تلك اللحظة.
يمكن اعتبار ذلك إيقاظ مبكر على أساس أن برغمن في حديث مترجم له أدلى به سنة 1969 يذكر أن السبب في تكراره عنوان الفيلم ساعة الذئب») أكثر من مرّة خلال العرض هو لإيقاظ المشاهد من الدراما وإحالته إلى الواقع ثم عودته إليه (على نحو بريختي) ويقول "ذلك مفيد في بعض الأحيان".
تبدو ألما في مطلع الفيلم المرأة اللهوفة لأن تكون زوجة تملأ حياة زوجها يوهان (ماكس ڤون سيدو) لقد وصلا بالقارب إلى تلك الجزيرة النائية في بحر الشمال لأنه لم يعد يطيق البشر. حملا معهما متاعاً قليلاً لكنها سعيدة بشجرة تفاح ستزرعها أمام البيت. وهي حبلى، وتعبيراً عن سعادتها يجمع المخج في مشهد رمزي بين حملها وبين شجرة تفاح. بعد حين سيختفي زوجها وهو إختفاء رمزي أيضاَ وليس جسدياً إذ أن يوهان سيختفي داخل ذاته. 
هناك مشاهد ليوهان وهو يرسم. في البداية لا شيء غريباً في ذلك. لكن لاحقاً هناك وجود لإمرأة  تنذر بالخطر وتتبدّى له فجأة. كانت عشيقة له، لكن ظهورها الآن ليس سوى خيال جانح يستعيد يوهان عبره علاقته مع تلك المرأة. بعد ذلك، سيـظهر أمامه صبي يرتدي «شورت» سباحة. من هو؟ من أين جاء؟ لا نعلم ولا يعلم يوهان أيضاً لكنه ينقض على الصبي ويقتله... هذا إذا ما كان الصبي حقيقة. على الغالب، وبعض السحر في أعمال برغمن يكمن في غموضه، أنه رمز آخر ونتاج خيال مضطرب.
بعض الحقائق لابد منها: يوهان ترك المدينة لصخبها وقرر أن يعيش (وزوجته فوق جزيرة صغيرة نائية) لكنه لم يترك ذكرياته بل حواها في كتاب مرسوم يرينا (وزوجته) بعض ما فيه. علاوة على ذلك فإن الوحدة التي طلبها لنفسه ومن أجلها ترك المدينة لا تتحقق. يلتقي، كما ذكرت، بأشخاص بينما يرسم ويلتقي بأشخاص يطرقون باب البيت، وكل واحد لا يحدث في الفيلم صدفة، بل قد يكون رمزاً أو روحاً بمن فيهم صاحب الأراضي المحيطة ببيت الفنان (أولف جوهانسن) الذي يدعو يوهان وزوجته لحضور إحتفال في قصره. ذلك الإحتفال الذي لا يمكن تلخيص مشاهده وفحواه من دون الضرر بالقيمة الفنية البادية في تشكيله وتنفيذه.
سنجد هنا رعب من هيتشكوك وتشكيل فني من فيلليني وموسيقى من موتزار. ويصل الفيلم إلى أحلك مراحله في داخل قصر يشبه القصور «القوطية» Gothic أو بإستعارة سينمائية أخرى، قصر دراكولا (وهناك عضّـة على رقبة يوهان للدلالة). يأخذنا برغمن إلى أقبية وممرات تحت أرضية لا منافذ لها. لقد سقط يوهان في قبضة شياطينه وهذه هي جهنم بالنسبة إليه.

American Made | محمد رُضا


الفيلم:     American Made
إخراج:     دوغ ليمان  | Doug Liman
أدوار أولى: توم كروز، دومنال غليسون، سارا رايت، أليخاندرو إيدا.
•  النوع:   تشويق.  الولايات المتحدة (2017)
•  تقييم: ★★
_____________________ محمد رُضا _______________________
•  باري سيل أسم غير معروف لمعـظم الناس، لكنه في الثمانينات تحول من قائد طيارة على خطوط شركة TWA إلى قائد طيارة صغيرة تنتقل ما بين دول أميركية لاتينية والولايات المتحدة في رحلات مبرمجة لنقل المخدرات والمال. المثير في الموضوع أن المخابرات الأميركية المركزية (CIA) هي التي اختارته وانتدبته لهذه المهام.


الفيلم الجديد «صنع أميركي» مقتبس عن سيناريو لغاري سبينللي الذي استوحى من مذكرات باري سيل بعض الأحداث ثم تدخل في الباقي. والمخرج دوغ ليمان هو الذي أختير لهذه المهمّة ليصنع فيلماً جماهيرياً يستفيد من الموضوع وخباياه كما من توم كروز وابتسامته الدائمة. الإثنان، ليمان وكروز، خاضا تجربة مشتركة أولى قبل أعوام قليلة أسمها «حافة الغد».
يشرح الفيلم، بصوت بطله، كيف وجد باري سيل، كما يؤديه كروز بنفسه، الفرصة متاحة لملء جعبته بالمال ونفسه بالمغامرة. المهام الأولى كانت سياسية واضحة. كل ما كان مطلوباً من سيل هو السفر إلى باناما ليلتقي بالكولونيل نورييغا الذي يريد إيصال وثائق سرية مهمة. بعد ذلك يجد نفسه وسط عصابة مخدرات يقودها جورج أوشوا (أليخاندرو إيدا) تطلب منه توظيف مهارته لنقل المخدرات إلى الولايات المتحدة. عملية لم تغب عن ملاحظه رئيسه المباشر في المخابرات الأميركية شافر (دومنال غليسون) فسمح بها الى أن طرأت الحاجة لتوريط سيل بمهام أصعب وأخطر.
من ناحيته يحاول سيل طوال الوقت الحفاظ على وحدة وكيان عائلته الصغيرة. والفيلم ينتقل إليها في الأماكن الصحيحة لكنه بالطبع لن يسمح لنفسه بالتحوّل إلى دراما إجتماعية أو عاطفية. الشاغل الأول هنا هو سبر حياة من المخاطر والعمليات الخارجة عن القانون إنما بعلم القانون ذاته. شيء قريب مما فعله كرستيان بايل في «أميركان هاسل» خداع أميركي») تحت رقابة السلطة الفدرالية.
الفترة التي يتناولها «صنع أميركي» هي فترة حكم رونالد ريغان الذي يـظهر بضع مرات خاطباً في جمهوره وفي المناسبات الوطنية طالباً من المجتمع الأميركي أن يساعد في الحرب على تجارة المخدرات. لكن استخدام ريغان هنا ليس للتدليل على حكمته وحسن توجهاته، بل للكشف عن كيف تتساقط تلك التوجهات حين تصطدم بالمصالح المختلفة وتتداخل فيها سياسات القوى التي تديرها بحيث تتفشى الممنوعات عوض أن تنقضي.
يلعب توم كروز الدور ويسمح لنفسه باللعب عليه أيضاً. بما أنه ليس مطلوباً منه تشخيص باري سيل كمحتوى فردي أو إنساني، فإنه يسمح لنفسه بالطيران فوق الشخصية على مستوى ملحوظ وفي باله أن يبقى فتى الشاشة الأول. المخرج دوغ ليمان باله في تحقيق فيلم بمنوال من حركة الكاميرا الريبورتاجية وليس في الطلب من كروز التخلي عن الشعور بأنه النجم الوسيم الذي عليه أن يفوز بمحبة الجمهور مهما كانت الشخصية التي يؤديها مخادعة أو حتى شريرة. بذلك تنضم معالجته لهذه الشخصية لتلك التي سادت أفلام  «ذئب وول ستريت» و«وول ستريت لا ينام» و«خديعة أميركية» حيث البطل هو المجرم لكنه خفيف الـظل وربما له الحق في أن يكون لصاً طالما أن الدنيا مليئة باللصوص.



  الجمهور يقبل عليها لأنه يحب ما يخيفه
سينما الرعب تملأ شاشات السينما  

محمد رُضـا
It


منذ مطلع هذا العام وحتى اليوم، تم عرض 58 فيلم رعب أميركي عرضاً سينمائياً وهناك 34 فيلماً مبرمجاً لكي تحتل الشاشات الأميركية وسواها حتى نهاية هذا العام.
هذا مع إستثناء الأفلام المنتجة من هذا النوع والتي توجهت، أو  ستتوجه، الى رفوف مبيعات الأسطوانات المدمّـجة. المجموع يجاور، حسب إحصاءات، 166 فيلم هذه السنة، وهي في نطاق النسبة ذاتها منذ مطلع هذا القرن.
الفيلم الذي احتل في الأسبوعين الماضيين الرقم الأول في الإيرادات الأميركية، هو It. فيلم رعب أحبه الجمهور  وغالبية النقاد  الأميركيين لأسباب من الصعب فهمها لكن النتيجة أنه تربع على عرش الإيرادات إلى أن أزاحه فيلم «كينغزمان: الحلقة الذهبية»، وهو الجزء الثاني من فيلم أكشن جاسوسي- كوميدي.
It لا يأتي بجديد على الإطلاق. هو إعادة صنع لفيلم تلفزيوني تم إنتاجه (إقتباساً عن رواية لستيفن كينغ) سنة 1990 لكن السبب في كونه لا يأتي بجديد لا يتوقف عند مقارنته بالفيلم السابق، بل بمقارنته بأفلام الرعب الأخرى.
ها هو المهرج القاتل. المخلوق المخيف. المنزل القديم المتداعي. الدهاليز. الممرات تحت الأرضية. الحمامات الملطخة بالدماء. الفتيان الذين يخوضون تجاربهم الحياتية الأولى وتلك الموسيقا المستنزفة من السبعينات غرار ما كتبه جون وليامز لفيلم ستيفن سبيلبرغ «لقاءات قريبة من النوع الثالث» (1977).

في فضاء الغرف
لكن لا شيء من هذا السير في ركاب معظم ما خرج من أفلام رعب هذا العام أو في الأعوام السبعة عشر الماضية أثر على قدرة الفيلم على الصمود تجارياً. صحيح أن الإقبال بأسره كان ضعيفاً، لكن «هو/هي» (كما يصح تسميته) هو الذي أحب الجمهور مشاهدته أكثر من سواه وبإيعاز من مراجعي أفلام وغالبية نقدية منحازة.
الواضح أن الدوافع الرئيسية الأهم لشيوع أفلام الرعب اليوم تمنحنا عدة أوجه للسؤال الكامن حول السبب الذي من أجله يهوى الناس مشاهدة هذا النوع من الأفلام. شيوع هذه السينما له مرجعيات مختلفة فهي قليلة التكلفة، قياساً بأفلام الخيال العلمي وأفلام الأكشن والسينما المزدانة بالممثلين المشهورين، ومضمونة النتائج خلال وسائط العروض المختلفة. إلى ذلك، لم تعد تتطلب خبرات فنية وأسلوبية واسعة كتلك التي امتلكها مورناو أو هيتشكوك أو جورج أ. روميرو  أو جون كاربنتر أو مارسها كوبريك وسواه.
هؤلاء استمدوا فن التخويف من فن الإيحاء ثم فن المداهمة. لا شيء يمكن أن يزيل من البال مشهد اقتحام آنطوني بيركنز (دون آن نتعرف إليه) الحمام ليقتل جانيت لي في «سايكو» (1960)  ولا مشهد جاك نيكولسون وهو يدخل رأسه من شق الباب المكسور ليخيف زوجته شيلي دوڤال في «ذا شاينينغ» (1980).
الرعيل الحاضر من المخرجين يعمد إلى برنامج جرى إعتماده لا يختلف كثيراً، في سرده وتأليف شخصياته ومواقفه وديكوراته وأماكنه، من فيلم لآخر. حتى برامج الكومبيوتر والمؤثرات الصوتية تتشابه. كذلك تفعيلات تلك الأفلام من زر الكهرباء الذي- فجأة- لا يشتعل إلى الباب الذي يوصد بقوة، إلى الضحايا العالقين من دون حبال في فضاء الغرف. كل ما على المخرج الجديد فعله هو أن يمد بيده إلى الوعاء المعتمد ذاته ويغرف منه. هذا في العموم طبعاً لأن بعض أفلام الرعب في السنوات الأخيرة، مثل «أخرج» (Get Out) لجوردان بيل الذي تحلّـى ببعد اجتماعي قلما تلتفت إليه أفلام الرعب الأخرى وIt Follows لديفيد روبرت ميتشل الذي نرى فيه إمرأة تتعرض لقوى غرائبية بعدما تعرّفت ومارست الحب مع غريب، كما «فأس عظمي» (Bone Tomahawk) للمخرج أس. كريغ زولر الذي دمج الرعب في إطار فيلم وسترن نفسي وتاريخي. 
هناك أيضاً «ماجي» لهنري هوبسون الذي قرّب سينما الفامبايرز أكثر إلى محيط الحدث داخل العائلة و«يبدون أناساً» (They Look Like People) لبيري بلاشير الذي يبدو مستوحى من فيلم «يحيون» (They Live) لجون كاربنتر (1988).

مع القاتل
لجانب ما تقدم من أسباب، فإن السبب الرئيس بين أسباب انتشار سينما الرعب بيننا إلى حد أنها باتت واحدة من أكثر أنواع السينما حضوراً اليوم، يعود إلى عامل مهم يبدو بسيطاً من الخارج لكنه معقد من الداخل وهو حب الناس للفزع.
في الأساس يتوجه الجمهور للسينما لأنهم يبحثون عن مصدر تأثير. هي توفر لهم الضحك والبكاء والإثارة وحس المغامرة وغرابة الفانتازيا و... الخوف. هذا العامل الأخير مطلب نفسي للشعور بأن أشياء قبيحة وشنيعة وقاتلة تقع مع الغير ولا تقع معهم. بذلك يسري خلال المتابعة، ويمتد لما بعدها، الشعور بالرضا لكون ما وقع ما زال في نطاق الشاشة وحدها. الخروج من قاعة السينما إلى الحياة العادية يمنح المرء نـظرة متجددة بأنه ما زال بخير.

Get Out

هذه النـظرة تلتقي مع ما نشره دكتور غلن وولترز في مجلة «جورنال أوڤ ميديا سايكولوجي» قبل نحو ثماني سنوات محدداً ثلاثة أسباب تدفع الجمهور للنزوح إلى سينما الخوف وهي التوتر والرعب والعنف. 
وهو لاحـظ أن عرض فيلم تسجيلي حول ذبح بقرة أو إطلاق النار على قرد أو سلخ ماشية وطهيها سيدفع معـظم المشاهدين إلى عدم متابعة الفيلم، لكن إذا ما وردت هذه المشاهد في فيلم رعب روائي فإنه سيتابعها بقليل أو بكثير من الشغف (يتوقف ذلك على قوّة الفيلم البصرية والدرامية).
وجد الباحث المذكور الجواب في طيات بحث سابق قام به عالم نفس آخر، هو ماثيو ماكولي، الذي فسر الأمر بأن الفيلم التسجيلي هو الواقع والفيلم الروائي هو الخيال. لأن «الفيلم الواقعي يلغي المسافة بين المشاهد وبين الحقيقة ما يزعجه ويدفعه لعدم مشاهدة المادة المصوّرة، بينما يحافظ الفيلم الروائي على تلك المسافة لأن المشاهد يدرك أن ما يراه ليس واقعياً».
المخيف في الموضوع هو الجانب الذي يدركه الناقد المتابع بنفسه (وإذا ما بحث عنه في المصادر النفسية وجده فيها أيضاَ) وهو أن قسماً كبيراً من المشاهدين الذكور (وهم النسبة الغالبة من روّاد أفلام الرعب) تجد في القتلة متنفساً لرغبة داكنة تكمن في الذات وتوافق على ما يقوم به القاتل (وهو عادة ما يكون مخلوقاً مشوهاً نفسياً وبدنياً) من جرائم. 
بالتالي، ينحسر التعاطف مع الضحايا إذا لم يحيطهم الفيلم بما يلزم من سلوكيات بطولية ويعريهم من أي قدرة على الدفاع عن أنفسهم لأن هذا الجمهور يخشى في الحياة الحقيقية أن يكون ضحية وقد لا يدري كيف لا يكون ضحية الا عندما يشاهد بريئاً سواه يقع تحت براثن القاتل وما يثيره من خوف.
في فيلم  It لأندي موشييتي، طرق ساذج لهذا الجانب عندما يتوجه الفتية الشجعان إلى المخلوق المرعب برسالة مفادها أن السبب في سقوط البشر كضحايا يعود إلى خوفهم، لكن إذا ما توحدوا فإن المخلوق (المخيف) هو الذي سيشعر بالخوف وسينهزم.
هذا التفسير شائع، بوجوه متعددة، منذ فيلم «نوسفيراتو» سنة 1922 ولو تحت مسميات أخرى (كأن يسقط المخلوق المخيف في الحب كما في «كينغ كونغ» مثلاً). لكن «إت» سوف يستخدمه، نقلاً عن مفهوم استقاه ستيفن كينغ، في شكل حوار سريع يحل به المعضلات المتراكمة.
الفيلم مشوق حتى المشهد الذي نرى فيه المهرج القاتل يظهر لولد صغير من بالوعة الطريق التي تبدو من الكُـبر بحيث تسع لسقوط سيارة من حجم ميني كوبر. وهذا يقع في الدقائق العشر الأولى من الفيلم. بعد ذلك هو توهان ما بين تقديم فيلم حول فتيان في نحو السادسة عشر من العمر (وفتاة واحدة) يخوضون مغامرة ضد الوحش ذي القدرات غير المتعددة، وبين احتواء نص حول مستضعفين بينهم (فتى أسود وفتى بدين وفتى يهودي وفتاة تعاني من والدها الذي يريد استحواذها). هذا الجانب كان يمكن تقديره لو أجيدت صياغته ولو أن الفيلم لم يعمد إلى ذلك الوعاء ذاته من عناصر التخويف الجاهزة التي استخدمت مؤخراً مرات متوالية.



_______________________________________________________
©
كل الحقوق محفوظة للمؤلف بحكم قانون الملكية البريطانية
2008-2017
All rights are reserved by Mohammed Rouda
_______________________________________________________