فيلم ريدر: نقد أفلام اليوم والأمس | محمد رُضا



  Star Wars: The Last Jedi   

إخراج | Directed By
ريان جونسون  |  Rian Johnson

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ★★★★ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
  هواجس العالم الذي نعيش في عالم آخر

محمد رُضا


عندما أعيدت تسمية الجزء الأول من «ستار وورز»، ذلك الذي حققه جورج لوكاس سنة 1977، إلى «ستار وورز- الفصل الرابع: أمل جديد»، بدا أن كلمة «أمل» مناسبة جداً إذ ينتهي ذلك الفيلم بحفل كبير ذي طقوس عسكرية وذلك للإحتفاء بأبطاله الثلاثة الذين حققوا النصر على قوى الظلام التي يديرها دارث ڤادر (ديڤيد براوز). والثلاثة كانوا، طبعاً، الأميرة ليا أورناغا (كاري فيشر) والمحارب لوك سكاووكر (مارك هامِل) والمغامر هان صولو (هاريسون فورد).
الأمل ينبعث مجدداً في الجزء الثامن من هذا المسلسل الناجح (أكثر من 3 مليارات دولار من الإيرادات الكلية) ليس في العنوان، بل في المضمون حيث يحاول الجيل الجديد من أبطال المسلسل، جنباً إلى جنب بعض القدامى، الإنتصار على الإمبراطورية التي ما زالت تزرع الشرور في أرجاء ذلك الكون البعيد. 
كان الإنتصار عبارة عن أمل في كل جزء فالصراع بين الخير والشر في هذا الكون الفسيح الذي يشبه الأرض (تم تصوير الفيلم على كوكبنا طبعاً) دائماً ما بُـني على هذا الأمل. لكن الأمل لم يكن واعزاً وضرورة قصوى كما الحال في هذا الجزء الجديد.
وسط متاعب هذا العالم القديم الحالية فإن ما يولى الفيلم الجديد تقديمه هو ضرورة أن نتمسك بالأمل لكي ننتصر. هذا متبلور في «ستار وورز: الجيداي الأخير» عبر وميض من الأمل لا تريد بطلة الفيلم راي (دايزي ريدلي) أن تفقده. بذلك ينقل المخرج رايان جونسون هواجس العالم وبحثه المضني عن أمل في مستقبل أفضل إلى فيلم يماثل في كيانه ما يحدث من صراع دائم بين الخير والشر.

صراعات
إذ تحاول راي إقناع سكايووكر العودة من عزلته والعمل معاً على مقاومة الإمبراطورية السوداء التي يديرها الآن سنوك (أندي سركيس)، تسعى الأميرة ليا بدورها إلى أحداث نصر على قوى العدو، بينما يبحث فِن (جون بوييغا) عن حقيقة إنتمائه بعدما كان تمرّد في الجزء السابع وانضم، من حيث لم يقتنع تماماً، إلى المتمردين. في فئة الأخيار أيضاً الطيار بو (أوسكار آيزاك) وروز (كلي ماري تران) ونائبة القوّات العسكرية للمتمردين أميلين (لورا ديرن).


لدى السيناريو، الذي وضعه المخرج بإسهام مع جورج لوكاس، المساحة الكافية (152 دقيقة) ليروي حكايات متفرعة من بينها مسعى راي لتطوير قدراتها القتالية بمساعدة سكاووكر مع الإيحاء بأن ما شعر به سكايووكر في شبابه (أيام تلك الأفلام الأولى) هي ما تشعر به راي: الرغبة في أن تكون فاعلاً مؤثراً في الحرب بحثاً عن العدالة وإنتصاراً للمظلومين والمتمردين.
لست هنا في وارد سرد الحكاية. هذا سيعرقل التلقي لدى المشاهد الذي لم ير الفيلم بعد. ما هو أجدى ملاحظة كيف أن المخرج جونسون (في هذا الفيلم الكبير الأول له والثاني بعد Looper قبل خمس سنوات) يعمد إلى تشكيل مشاهده كجزء من موزاييك بديع يشمل الإحتفاء بموقع التصوير وبالشخصية وبالحدث وبالمضمون الناتج في وقت واحد. يفلت الزمام منه هنا وهناك، ثم يتعرض الفيلم إلى مشاهد طويلة كان يمكن لها أن تمر عابراً. لكن معظم العمل منضبط ضمن ما تطلبه صناعة المسلسل لنفسها من تناسق واستمرار رسالة من الصراع بين قوّتين إذا انتصرت أحدهما لم تعد هناك حكاية تالية وبالتالي ستنتهي السلسلة.
يوزع المخرج شخصياته جيداً. الواحد منها هو جزء من الجميع. في الوقت ذاته، يُـعيد للممثل مارك هامِل ما افتقده من تقدير خلال الأجزاء السابقة عندما سطا هان صولو (هاريسون فورد بابتسامته الساخرة التي لم أحبها يوماً) على المشهد الرجالي لا في كل مرّة جمعه المشهد مع سكايووكر فقط، بل على صعيد الفيلم بأسره. حتى الشخصيات غير الآدمية الروبوت C-3PO والآلة المستديرة R2-D2 كما الغوريللا شيوباكا (أرتدى الزي بيتر ماهيو) تميّزوا بأدوارهم الخفيفة عما واجهه مارك هامِل من شخصية مبنية لأن تكون جادة ومتسائلة (يكتشف أنه إبن دارث ڤادر).


حين تقترب راي من الملجأ الذي اختاره سكايووكر لنفسه بعيداً عن الأحداث  تطلب منه أن يكون مرشدها علماً بأنها برهنت عن جدارتها في الفيلم السابق «ستار وورز: القوّة تستيقظ». هذا يشبه لجوئه في أحد أفلام الثلاثية الأولى الإمبراطورية ترد الضربة»)  إلى الحكيم يودا طلباً للمساعدة. لكن راي تنجح لا في كسب مساعدته فقط، بل تستدرجه ليعاود لعب الدور المهم الذي لم يستكمله سابقاً.
مع تطوّر الأحداث التي ستعيد زرع الأمل في إنتصار المتمردين على الرغم من قوة وفاعلية العدو واحتمالاته، فإن الرسالة الكامنة في الفيلم تتضح كموازاة مع الفترة الحاسمة التي يمر بها العالم اليوم. ليس على صعيد قوى التطرف الفاشي في كل مكان، بل- الأهم عند الأميركيين- على صعيد ما تعنيه فترة الرئيس دونالد ترمب الحالية من دلالات. الفيلم لا يتورع عن إدانة المرحلة بمجرد أن يستخلص المشاهد هذا التلاقي بين عالمين بعيدين بمسافة كون كامل عن بعضهما البعض.


_______________________________________________________
©
كل الحقوق محفوظة للمؤلف بحكم قانون الملكية البريطانية
2008-2017
All rights are reserved by Mohammed Rouda
_______________________________________________________