Oblivion | Hour of the Wolf | Evil Dead| Jurassic Park


Year 5/ Issue: 155
أفلام  اليوم 

Oblivion: توم كروز تحت قيادة المخرج جوزف كوزينسكي… أو العكس؟
Hour of the Wolf إنغمار برغمن عندما صوّر عزلة الفنان
Evil Dead إعادة فيلم حققه سام رايمي سنة 1981
Jurassic Pak فيلم ستيفن سبيلبرغ أعيد إطلاقه على الشاشات الكبيرة


Oblivion ***   
نسيان                                                 

فيلم خيالي- علمي عن توم كروز، المستقبل
المعلّق والأرض بعد موتها!

إخراج: جوزف كوزينسكي 
أميركي | خيال/ علمي  (2013).

قبل سنوات أربع بدا أن المخرج الجديد جوزف كوزينسكي وصل إلى نقطة النهاية في مهنته كمخرج بعد فيلم واحد من إنطلاقها. حقق «إرث ترون» الذي فشل نقدياً و-الأهم- تجارياً وكبّد ديزني خسارة كبيرة. لكن الرجل يقف على قدميه مجدداً ويعود إلى سينما الخيال العلمي المزوّدة، بكثافة، بعالم من المؤثرات البصرية. شيء يبدو أنه يريد المضي به والتخصص فيه.
النتيجة هي أفضل حالاً من تلك السابقة. حكاية اقتبسها المخرج من رسومات كوميكس وضعها بنفسه وعمد إلى إثنين من الكتّاب لتحويلها إلى سيناريو. تدور أحداثها سنة 2077 بعد سنوات من دمار القمر (نصفه طار) ما أدى إلى دمار مماثل للأرض التي هاجر بعض سكّانها إلى كواكب بعيدة فساد حكم جائر على من بقي فيها يواجهه بعض المتمرّدين الذين يحلمون بإستعادة الأرض وتجاوز المحن الجيولوجية والمعيشية. كل هذا بعد حرب طاحنة بين عدّة فرقاء من بينهم مخلوقات غريبة الشكل (تبدو كما لو كانت كرات من حديدية)
بطل الفيلم، جاك هاربر (توم كروز) لديه أحلامه أيضاً وهي تنقله إلى آخر أيام الأرض كما نعرفها اليوم، لكنه موظّـف  ومحارب فضائي يقوم بجولات تفقدية للأرض لإصلاح مركبات معطوبة. حين يواجه تلك المخلوقات الغريبة يستنجد بشريكته فيكا (أندريا رايزبوروف) التي تطلب المساعدة من النظام الحاكم الذي يرسل سريعاً آلات تدمير طائرة لإنقاذه. لا يعلم جاك شيئاً عن حقيقة الأمور ومساراتها. إنه موظف لذلك النظام وفي خدمته لكن هذا إلى أن يلتقي بالمتمرّدين البشر (يقودهم مورغان فريمان) وبإمرأة تدّعي إنها كانت زوجته (الأوكرانية أولغا كوريلنكو التي شوهدت في «إلى العجب» لترنس مالك) فيقع في حبّـها ما يثير غيظ فيكا التي تكشف ميوله إلى النظام الذي، بدوره، سيحاول القضاء عليه خصوصاً بعدما تأكد له أن جاك هاربر بات متعاوناً مع المتمردين.
هناك الكثير من الحسنات البصرية في هذا الفيلم ليس منها فقط حركة طيران الآلات القتالية وأشكالها، بل أيضاً فكرة تلك المراكز السكنية المخصصة لأمثال جاك وفيرا: منزل على إرتفاع شاهق لا يمكن الوصول إليه إلا بالطائرة المستقبلية كتلك التي يجول بها توم كروز طوال الوقت. 

لكن في حين أن لا أحد يطلب من ممثلي الفيلم الإستعداد لمباراة فنية، فإن كروز يواجه مهمّته هذه بجدّية واضحة. في المقابل تتبدّى أندريا رايزبوروف كأسوأ ما يمكن لفيلم، حتى من هذا النوع الترفيهي، أن يحصده من أداءات.
لكن هناك أيضاً الكثير من أسباب الفشل. شخصية توم كروز مكتوبة لأي ممثل وهي ليست مكتوبة جيّداً. الحديث عن أزمة ذاكرة وأزمة موقف ليس تماماً كاف لتناول شخصية عليها أن تبرر كيانها على الشاشة. أيضاً ليس هناك من منطقة جديدة على صعيد الحكاية. طبعاً هناك أفلام سبقته تناولت هذا الجانب أو ذاك، لكن هذا لا يهم. كان الأهم هو الإتيان بمخرج أفضل لتحقيق العمل الذي في البال والذي لم يتحقق بعد. مخرج بأسلوب بصري ومعرفة كيفية الإرتقاء بمضامين العمل. الفيلم يبدأ أفضل مما ينتهي إليه. الفكرة الجيّدة تبدو ممطوطة في النصف الآخر والفراغات كبيرة بين حدث وآخر. 

Hour of the Wolf ***  
"ساعة الذئب" لإنغمار برغمن                                                        


إستعادة لفيلم حققه إنغمار برغمن بعد «برسونا» 
وقبل «عار» وبحث فيه قضية الفنان في وحدته.

إخراج: إنغمار برغمن 
سويدي | خيال/ علمي  (1968).

كثيراً ما يوعز المخرج برغمن بتلاشي الفواصل بين السينما والواقع، وهو يبدأ هنا على هذا النحو: شاشة سوداء وأصوات فريق العمل. أكثر من ذلك، بعد نهاية ظهور الأسماء على تلك الشاشة، يفتح الفيلم على بيت خشبي تخرج من بابه الممثلة ليڤ أولمن وتتقدّم من طاولة عليها ثمار تفّـاح وتجلس أمام الكاميرا وتبدأ حديثها إلى الكاميرا- المُـشاهد. لكن الفيلم لا يذهب بإتجاه «برسونا»، مثلاً، الذي بنى عالمه بكامله على تبادل المواقع بين السينما والحكاية والمسرح أيضاً. 
ألما (أولمن) تتحدّث عن قراءتها مذكرات أخفاها زوجها يوهان (ماكس فون سيدو) الذي ترك هذا المكان قبل ستّـة أعوام واختفى وعن كيف أنهما كانا سعيدان أول وصولهما إلى هذه الجزيرة الصغيرة حيث سكنا ذلك البيت (أقرب إلى الكوخ). لكن يوهان "أخذ يتغيّر. لم يعد يستطيع النوم ليلا، وأعتقد أنه أصبح خائفاً"، كما تقول.
المشهد التالي لمركب صغير يتقدّم بإتجاه الكاميرا، ثم لقطة تصاحبه حتى توقّـفه عند نقطة محددة. تنزل ألما ويوهان منه ويبدآ نقل تلك الممتلكات القليلة التي بحوزتهما. لا نعلم لا آنذاك ولا لاحقاً لماذا جاءا إلى هنا أو تركا مكان إقامتهما الأولى. هناك حديث حول رغبتهما الإبتعاد عن المدينة، لكن لماذا هنا؟
الجزيرة ذاتها جرداء وتصوير سڤن نكڤست لها، طبيعي وبلا ألوان، يجعلها تبدو كعقاب أكثر مما تبدو كأمل لهذين الزوجين. بعد حين ليس ببعيد، يبدأ يوهان السقوط إلى هاويته النفسية العميقة. ها هي ألما تجلس على نور الزيت تخيّـط شيئاً. يوهان يقطع تركيزها عندما يتقدم إلى الطاولة ويعرض لها رسوماته. تضطر للفرجة وللإستماع إلى شرحه الطويل حول ما رسم. سنشاهده في مشاهد لاحقة وهو يرسم. رسمها ورسم الجزيرة وفي إحدى المرّات يتقدّم منه مالك الجزيرة (هكذا يقدّم نفسه) ويدعوه وزوجته إلى حفلة عشاء ليل يوم جمعة. مزيد من المشاهد الليلية داخل الكوخ والزوج لا يستطيع النوم ويتحدّث عن ساعة الذئب… هي الساعة التي تسبق الفجر. وحديثه ذاك يقوده، في مشهد ليلي آخر، ليتذكّـر أن والده عاقبه ذات مرّة: "وضعني في خزانة وأغلق الباب عليّ. تخيّلت وجود مخلوقات صغيرة. وخفت جدّاً" ثم "حين تم إخراجي تقدّم مني والدي وسألني إذا كنت آسفاً على ما حدث وأجبته بأني آسف جدّاً. قال أنه يقبل الإعتذار لكن عليه أن يعاقبني لما فعلت. طلب مني خلع لباسي (الداخلي) ثم سألني كم ضربة عصا (على قفاه) يجب أن أن أنال. قلت له: بقدر ما استحق"
هذه ليست الحكاية المخيفة الوحيدة التي يذكرها في تلك الليالي الصامتة الخانقة وعلى ضوء شمعة أو قنديل زيت وبتصوير نيكڤست الطبيعي (من دون إضاءة اصطناعية). يذكر أيضاً أنه كان يمضي الوقت يصطاد على شاطيء البحر وكان هناك صبيّاً (بالمايو) يرقبه. هذه المرّة نشاهد ما يسرده في مشهد دخيل: الصبي يتقدّم من لوحات يوهان ثم يبتعد ويستلقي على ظهره تحت الشمس. ثم يتقدّم ويقف مباشرة وراء يوهان الذي ارتبك بوضوح وأخذ يلف خيط الصنارة على القصبة. بعد قليل كان الصبي يحاول خنق يوهان من الخلف. عضّـه. يوهان رماه أمامه ثم انهال عليه بحجر (لا نرى الضرب بل اليد المرتفعة ووجه يوهان الخائف) حتى قتل الصبي. 
في الحفلة لا يشعر يوهان بالراحة. مالك القصر وعائلته القريبة والبعيدة يحيّـون الفن الذي فيه لكنهم يضحكون على الفنان نفسه. في تلك الحفلة يتم عرض مسرحية أراجوز مستوحاة من «الناي السحري» وشارحاً بعد ذلك أبعادها كما لو كان يتحدّث شارحاً وضع يوهان كفنّان ضل طريقه ويحاول محاربة شياطينه من دون جدوى. يوهان لا زال غير قادر على فهم نفسه، ناهيك عن فهم الآخرين والفنان الذي فيه ضائع بلا حدود. وقرب نهاية الفيلم يهرع للقاء المرأة التي كانت، ذات مرّة، اقتربت منه وهو يرسم في الطبيعة وعرّت نفسها. إنه يشتهيها ومن أجلها يرضى بأن يهزأ الجميع (بإستثناء زوجته) به. 
برغمن يضع بطليه ألما ويوهان أمام كابوس الحياة. هو كفنان مذلول ومُـهان وهي كضحية حبّها له وكونها زوجته التي تخبره بأنها لن تتركه مهما يكن. ربما كان بحاجة لمثل هذا التأكيد، لكن ذلك لم يمنعه من المضي مهلوساً وهلوسته قادته، في الدقائق العشر الأخيرة، لمعايشة كابوس مخيف يحتوي على دهاليز وغراب أسود يلاحقه والمرأة التي شغف بها مستلقية عارية فوق طاولة. يوهان فقد صوابه. سوف يلمسها براحة يده. ثم يعتليها ليمارس الحب مع الجثّـة. وحين يفاجأ بالجميع يضحكون عليه يتوقّـف خائفاً. 
أن يكون كل ذلك جزء من عالم برغمن المتعدد في أصداء أبطاله الداخلية والذي يحيا في أنفسهم من دون الوقوف، بالضرورة، على سرّه، هو أمر مفروغ منه. لا منطق هنا ولا دراسة لحالة إجتماعية (طبعاً) بل مجرد معالجة جيّدة (وليست كلّـياً مؤثرة) لأرق ذاتي وهوس نفسي لرجل وتبعات ماضيه وعزلته وشعوره بالذنب. عناصر أدّت به إلى أن يكون جلاداً (قتل الصبي) وضحية (إذلاله وجنونه).


Evil Dead **  
"شر مميت"                                                         

التمثيل أفضل من الفيلم السابق، لكن كلا
الفيلمين ليسا من بين أفلام الرعب الجيدة.

إخراج: فيد ألفاريز 
أميركي | رعب  (2013).

هذا الفيلم هو إعادة لفيلم رعب حققه سام رايمي سنة 1981 قبل سنوات عدّة من منحه فرصة الإنتقال إلى إنتاجات أعلى تكلفة مثل سلسلة «سبايدر مان» التي بدأ بتحقيقها سنة 2002 وأنجز دوره فيها سنة 2007 بنجاح فائق. قبل ذلك تابع مسيرة مختلطة بين أفلام مؤسساتية وأخرى مستقلّـة (لكنها هوليوودية في صميمها) مثل «رجل داكن» و«السريع والميت» و«خطة بسيطة».
الآن يعود إلى «شر مميت» منتجاً ومسنداً الإخراج إلى سينمائي جديد هو فيد ألفاريز. الخطوة تبرهن على ناحيتين سريعتين منذ البداية الأولى أن الفيلم السابق كان أكثر براءة والجديد أكثر دموية. والثانية هي أن تمثيل الفيلم السابق كان جامداً ولا ينجز أي تعاطف حيال شخصياته، أما هنا فالممثلون أكثر ضلوعاً فيما يقومون به.
إنهم نتيجة إعتناء المخرج بشخصياته ومنحهم بعد "اللحم على العظم" عوض إبقائهم مجرد أشكال بشرية تتساقط كضحايا لأرواح ومخلوقات شريرة تعود من منفاها في قلب الموت لتقض حياة خمسة رجال ونساء دخلوا منزلاً وسط الغابة ليكتشفوا أن المنزل مسكون. تحت أرضه هناك نفق يعيش فيه شياطين مخيفة تصطاد ضحاياها. المنزل، وهو أقرب إلى كوخ، ليس المكان الوحيد الذي تستطيع فيه تلك المخلوقات النشاط بل الغابة المحيطة. بما أن الهدف هو قتل هؤلاء الأغراب- الضحايا، فإن الباقي عبارة عن الكيفية التي سيتم بها تنفيذ هذا القتل وإلى أي حد يستطيع الفيلم بز أفلام رعب أخرى حين يصل الأمر إلى دموية الموت وسادية المشاهد التي تسبقه. 
هناك الكثير من الدم ينفر ويسيل وفي بعض الأحيان ينفجر. ومن بين أدوات القتل سكاكين ومسدس يطلق مسامير وسكّـين كهربائي لقطع اللحم. أحياناً يبدو الفيلم كما لو كان يقطع لحم مشاهديه وليس لحم ممثليه. على ذلك يسجل للفيلم نجاحه في مهمّته. إنه، في معظمه، يثير التوتّـر ويضغط على الأعصاب ويطلق شهقات الخوف. كذلك قد يدفعك للتساؤل حول إذا ما كنّا اليوم لا نتوتر ولا نُـثار إلا بمشاهدة كل هذا الكم من الموت والعنف.


Jurassic Park  **  
"جيروسيك بارك" لستيفن سبيلبرغ                                                        

فيلم ستيفن سبيلبرغ المشهور وأحد أكثر أفلامه نجاحاً
يتيح لنا مجدداً زيارة جزيرة الدينوصورات في فيلم 
يفبرك ما يريد

إخراج: إنغمار برغمن 
سويدي | خيال/ علمي  (1968).


إعادة عرض فيلم ستيفن سبيلبرغ «جوراسيك بارك» المنتج سنة 1993 بنظام الأبعاد الثلاثة هو نوع من الترويج المبكر لإطلاق الفيلم ذاته على أسطوانات خلال الأسابيع القليلة المقبلة. لكنها أيضاً فرصة متاحة لإعادة النظر إلى واحد من أكثر أفلام سبيلبرغ نجاحاً في فترة خاض خلالها رغبة الإنتقال بين أفلام ذات مضامين جادّة اللون أرجواني»، «إمبراطورية الشمس»، «قائمة شندلر») وأخرى جماهيرية واسعة أي تي: غير الأرضي»، «إنديانا جونز وآخر الصليبيين»، «هوك»).
معظم الآراء النقدية في ذلك الحين، وإلى اليوم، وقفت لجانب «جيروسيك بارك» ولأسباب هي، في غالبها، نابعة من مواقف تؤيد سينما الترفيه أكثر من سواها، أو تجد أن سبيلبرغ في هذا اللون من الأفلام هو أفضل من سبيلبرغ حين يرتدي قبّـعة «المفكرين» كما في تلك الأفلام الأخرى.
«جيروسيك بارك» عن سيناريو لمايكل كريتون وديفيد كووَب مقتبس عن رواية للأول، تناول حكاية مؤسسة علمية- تجارية يشرف عليها جون هاموند (رتشارد أتنبوروف) تستخدم جينيات مكتشفة لصنع دينوصورات كاملة النمو فوق جزيرة بعيدة بغية تحويلها إلى حديقة (بارك) طبيعية تجذب القادرين على تحمّـل المغامرة وتكاليفها المالية. جون يستعين بثلاثة علماء هم ألان (سام نيل) وإيلي (لورا ديرن) وإيان (جف غولدبلوم) لمساعدته على تحريك المشروع. هناك يكتشف الجميع أن المحمية باتت مكتظّـة بأنواع حيوانات ما قبل التاريخ ويتعرّضون، لجانب شخصيات أخرى مصاحبة، لمخاطر الموت طعاماً للدينوصورات جائعة.
إنه فيلم لا يحتاج، عملياً، إلى الإتيان بخلايا دماغية نائمة لاستيعابه كونه يسير على منهج ترفيهي متسلسل وسلس واحد وينجح فيه. لكن هذا لا يعني أنه خال من الشوائب. في المقدّمة أن لا السيناريو ولا التنفيذ عنيا بوضع لحم فوق عظام هذه الشخصيات البشرية. نعم هي تتعجّـب وتفرح و-لاحقاً- تخاف وتعيش كابوساً، لكنها دائما تتحرّك، كالأحداث، في إتجاه واحد وغالباً من دون تعابير مختلفة. شخصياتها بلا مَـعين يمنح الفيلم أي تضاد فعلي. حين يأتي الأمر إلمؤثرات الخاصّـة والكومبيوتر غرافيكس فإن النتيجة مذهلة حتى على شاشة ببعدين. لكن فصل المشاهد الذي نرى فيه دينوصورين (من نوع تيرانوساوروس) يبحثان عن طفلين لإلتهامهما غير مقنع كتأليف وكتصرّفات. هذا نابع من أن ظهور تلك الوحوش في مشاهد قصيرة هو أنجح من ظهورها في مشاهد طويلة. حين يُطلب منها أن تمثّـل فهي كوارث. 
هناك نقد للتكنولوجيا والتجارة بها، لكن الفيلم قائم على ذلك. وعندما يذكر جون هاموند إنه يود لكل الناس المجيء إلى هذه الجزيرة لـ "التمتّع بالوحوش"، يثير الأمر ضحكاً ليس فقط لعبارة تبدو تفاؤلاً أجوفاً، بل أيضاً لأن معظم الناس لن تستطع تحمّل تكاليف السفر إلى جزيرة تبعد 150 ميلاً عن أقرب ساحل إليها.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2013
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرئيس الأميركي في قبضة الإرهابيين Olympus Has Fallen


Year 5/ Issue: 154


أوراق ناقد

فيلم الإفتتاح لمهرجان الخليج السينمائي الرسمي كان «وجدة» للسعودية هيفاء المنصور. لكن الإفتتاح بالنسبة لي كان مختلفاً.
وصلت قبل يوم من بدء المهرجان وبعد ساعتين من النوم توجّـهت إلى صالة سينما لأشاهد (مرّة ثانية) فيلماً كنت شاهدته في ظرف عائلي سيء. لم استجمع حنكتي ولا تابعت بكل الدراية التي اعتدت عليها وبل نظرت إلى الساعة مرتقباً انتهاء الفيلم ربما أكثر مما نظرت إلى الفيلم. هذا الفيلم هو Olympus Has Fallen.
في اليوم التالي، وقبل ساعتين من فيلم الإفتتاح الرسمي، وبما أنني شاهدت «وجدة» سابقاً وكتبت عنه هنا وفي «الشرق الأوسط»، اخترت فيلم Oblivion . اليوم أعرض «أوليمبوس» ولاحقاً، خلال أيام قليلة، «نسيان»… ولن أنسى!.

أفلام 2013                                                          
Olympus Has Fallen ***

فيلم كوارثي آخر حول سقوط البيت الأبيض، ورئيسه
في قبضة الإرهاب. هذه المرّة أبعاد الفيلم السياسية
تمنحه قوّة إضافية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: أنطوان فوكوا 
أدوار أولى:  جيرارد بتلر، آرون إيكهارت، ديلان مكدرموت،
ريك يون، أنجيلا باست، مورغن فريمان.
أميركي | تشويق  (2013).


مما هو ملاحظ في الآونة الأخيرة أن الأفلام التي تتعامل مع موضوع تعرّض رئيس الجمهورية الأميركي للخطر ازدادت إلى حد واضح. خطر شديد على أيدي إرهابيين وتبعاً لخطط يعجز البيت الأبيض عن تداركها في الوقت المناسب فيجد الرئيس نفسه في أزمة عاصفة قد تطيح بحياته وأحياناً بحياة ملايين الأميركيين. في «سولت» [فيليب نويس- 2010] نجده تحت تهديد موت مباشر من قِـبل جماعة إرهابية، يقودها أميركيون خائنون، تسللوا إلى البيت الأبيض وحجزوا الرئيس، كما قام ببطولته هانت بلوك وعلى عميلة السي آي أيه (أنجلينا جولي) القيام بإنقاذه وتبرأة نفسها من تهمة الخيانة في الوقت نفسه.  وفي «جي آي جو: العقاب» يتقمّـص مجرم خطير (جوناثان برايس) شخصية رئيس الجمهورية (برايس أيضاً) فيستولي على البيت الأبيض ويسجن الرئيس وفي نيّته تدمير الولايات المتحدة الأميركية
«سقوط أوليمبوس» وهو الأذكى والأفضل والأكثر إمتلاءاً بالأبعاد السياسية والغايات التحتية التي ينضح بها السيناريو. وهو جيّـد التنفيذ حتى من دونها، فمخرجه هو أنطوان فوكوا الذي سبق له وأن قدّم الفيلم البوليسي «يوم التدريب» (2001) والفيلم التاريخي «الملك آرثر» (2004) ثم قدّم التشويقي في «مطلق نار» (2007) و«نخبة بروكلين» (2010) وفي فيلمه الجديد هذا. 
إنه عن عضو في الفريق الخاص بحماية رئيس الجمهورية أسمه مايك ويؤديه جيّداً جيرارد بتلر، الذي أنقذ حياة الرئيس (أرون إكهارت) عندما وقفت السيارة الرئاسية عند الحافة إثر حادثة مفاجئة في يوم عاصف. الرئيس يصيح بمايك إنقاذ حياة زوجته (جد أشلي) لكن مايك يختار إنقاذ حياة رئيس الولايات المتحدة وهو إختيار صعب. مباشرة بعد إخراجه من تلك السيارة تهوى السيارة إلى الأعماق وتموت الزوجة. بعد سنة ونصف ها هو مايك قد تحوّل إلى عمل إداري بعيد عن البيت الأبيض. لكن هذا الإبتعاد ينتهي بعدما تمكّنت قوّات نخبة من كوريا الشمالية السيطرة على البيت الأبيض والقبض على الرئيس وأعضاء من حكومته في الملجأ. الغاية مزدوجة: إرغام الرئيس على إصدار أمر بمغادرة القوّات الأميركية عن كوريا الجنوبية وإرغامه كذلك الإدلاء بالشيفرة التي يمكن استخدامها لشل قدرة الولايات المتحدة النووية. 
مايك ينجح حيث فشل العسكر. بعد معارك ضارية يسقط فيها كل فرد من قوّات الحراسة الخاصّـة وفوقهم عدد كبير مماثل من قوّات الجيش والبوليس يبقى الأمر مناطاً بمايك، وقد تسلل إلى البيت الأبيض، للعمل من الداخل والقضاء على الإرهابيين الكوريين الشماليين. تقليد الحبكة لما ورد سابقاً في فيلم «داي هارد» الأول [جون مكتيرنن-1988] وفي فيلم «تحت الحصار» [أندرو ديفيز- 1992] يبدأ من هنا. لكنه ليس تقليداً بليداً. هذا الفيلم يتميّز عن سابقيه بأن لديه أجندة سياسية.
إنه من الصدف الفعلية أن يباشر الفيلم عروضه وسط أزمة كورية شمالية- أميركية فعلية حالية. الكوريون الشماليون في هذا الفيلم قوّة لا يستهان بها. ولديهم دافع يستحق النقاش: الإنتقام من أميركا التي جوّعت الكوريين وقسّـمت البلاد، حسب الفيلم. وهناك بينهم متعاون من رجال الحراسة الأميركييين (يقوم به ديلان مكدورمت) الذي يواجه الرئيس قائلاً له: "من باع أميركا للأجنبي؟ وكم يبلغ سعر شراء رئاسة الجمهورية؟ 500 مليون دولار؟ من هو الخائن؟ خيانتي ليست سوى قدر ضئيل من خيانتك أنت".
في الوقت ذاته هناك روث (ميليسا ليو) وزيرة الدفاع الأميركي المحجوزة مع الرئيس. الفيلم يقدّمها كنموذج وطني رائع وفي البداية، ونظراً لإسمها الأول، ونظراً لأن أحد كتاب السيناريو يهودي، تعتقد أن الفيلم يحاول إستغلال وضعها كيهودية للحديث عن التضحية اليهودية صوب أميركا. وهذا ربما كان مقصوداً فهو ينضح بهذه النيّة لولا أن أسم عائلتها هو مكميلان ما ينسف الإعتقاد تماماً. هل غيّر المخرج كنه العائلة ليتجنّب توفير سياسة لا يريدها؟

إذ يعمد «سقوط أوليمبوس» إلى توظيف الأزمة التي يعالجها للحديث عن قصور في أوضاع مختلفة وللحديث، ولو مبتسراً، عن "لا عدالة" حول العالم، ينبري ليكون أيضاً فيلماً وطنياً. هنا لا تستطيع لومه فهو فيلم أميركي أولاً وأخيراً وولائه الأول إلى تلك البلاد.
الهجوم الكوري، بعد نحو ربع ساعة من بداية الفيلم، نقطة عالية في سمائه. الطائرة المستخدمة قديمة للغاية بمروحتين تدوران وتهدران في العلن وبجسم ضخم وعتيق. طائرة لابد أنها من مخلّفات الحرب العالمية الثانية لكنها مجهزة بقوّة قتالية تستطيع معها إسقاط طائرتين أميركيّتين اعترضاها فوق واشنطن ومن قبل أن تسقط وتضرب نصب الحرية قرب البيت الأبيض وطرف مبنى عال (ما يذكّر بلا تردد بكارثة أيلول/ سبتمبر النيويوركية). في الوقت نفسه تهرع قوّات جاهزة مزروعة في أميركا ومدججة السلاح إلى البيت الأبيض حيث تقاتل بشراسة قوات الحراسة وتقضي عليها. أعيد ذكر هذا المشهد لأنه منفّـذ جيّداً إلى حد مثير. مليء بالتفاصيل وبالقتلى. أعتقد أن سام بكنباه لو كان لا يزال حيّاً وأراد تحقيق هذا الفيلم لاستخدم العدد نفسه من القتلى.
يلعب الفيلم على حقيقة أن إبن الرئيس (صبي بإسم فينلي جاكوبسون) موجود في مكان ما من البيت الأبيت وعلى بطل الفيلم الوصول إليه قبل الإرهابيين الذين قد يستخدمونه للضغط على أبيه لأجل الإفشاء بالشيفرة. مايك يصل إليه فعلاً ويؤمّـن سلامته سريعاً. ورطة السيناريو إنه لم يكن يستطيع إغفال دور ما لذلك الصبي، من بعد أن تم تقديمه من المشهد الأول (أي قبل الهجوم) ولم يستطيع أن يوظّـف سعيه ومايك للبقاء أحياءاً لفترة طويلة لأن الصبي حينها يصبح عبئاً. لكن المشكلة تتأتّى من أن الإرهابيين في الملجأ لم يحتاجوا إعتراف الأب واكتشفوا الشيفرة من دون مساعدة ما يجعل تفعيلة الصبي تخرج من خانة الأهمية. كونراد هول (إبن مدير تصوير سابق إسمه كونراد هول أيضاً) صوّر الفيلم دجيتال والفيلم يحمل سلبيات ذلك في المشاهد الليلية.

            أفلام أنطوان فوكوا          
 1998: The Replacement Killers ***
2000: Bait ***
2003: Training Day ****
2004: King Arthur ****
2007: Shooter ***
2009: Brooklyn's Finest ****
2013 Olympus Has Fallen ***

All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2013




الفيلم الأسباني الصامت: "سنووايت": سينما ترفض أن تنطق


Year 6 | Issue 791

سينما 2013 | محمد رُضــا                                                             
"سنو وايت" صامتة في سينما ترفض أن تنطق 

  

جمهور المهرجانات والصالات المتخصصة في دبي وبيروت ربما تعرّف مؤخراً على أغرب فيلم تم إقتباسه عن الرواية الكلاسيكية «سنو وايت» كما وضعها الألمانيين ولهلم وجاكوب غريم قبل مئتي سنة (1812)، فهي كانت محط إهتمام السينما من العام 1913 (فيلم أميركي قصير) ثم فيلمان متوسطي الطول سنة 1916 ثم توالت الأفلام متتابعة إلى أن برز من بينها «سنو وايت والأقزام السبعة» الذي أنتجته شركة وولت ديزني كرسوم متحركة سنة 1937. وفي العام الماضي أقدمت هوليوود على تحقيق فيلمين مستوحيين عن الرواية ذاتها «مرآة مرآة» للمخرج تارسام سينغ داندوار وبطولة جوليا روبرتس في دور الملكة المستبدّة التي تريد قتل الأميرة سنو وايت (ليلي كولينز). الثاني كان «سنو وايت والصياد» لروبرت ساندرز والدور الأول مُـنح لتشارليز ثيرون بينما لعبت كرستين ستيوارت دور الأميرة.
الفيلم الغريب هو أسباني للمخرج بابلو برغر وسبب غرابته هو أنه الوجهة المختلفة تماماً عن الحكايات الترفيهية التي سادت معظم الإنتاجات السابقة. إنه التضاد الخلاّق حين يكون قصد الفنان إنجاز إقتباس يمهره بتوقيعه وليس بتوقيع الجمهور الباحث عن التسلية. 
وما سبق  ليس الإختلاف الوحيد، بل هو  يختلف أساساً في أنه استوحى القصّـة في مكان طبيعي جدّاً زماناً ومكاناً ولم يعمد إلى أي من المؤثرات البصرية. ونقل القصّـة إلى الجنوب الأسباني تبعاً لإعجاب المخرج بالمكان وثقافته.
وعلى نحو مواز في أهميّته حرص المخرج على تحقيق فيلم صامت علاوة أيضاً على أنه بالأبيض والأسود. بذلك هو ثاني فيلم صامت تم إنتاجه في العامين الماضي والحالي بعد «الفنان» لميشيل هازانافيزيوس الذي نال أوسكار أفضل فيلم في مطلع هذه السنة.
«سنو وايت» ليس تقليداً. برغر قبل سنوات حضر مهرجان سان سابستيان الأسباني وشاهد فيلم أريك فون ستروهايم «جشع» الذي كان صامتاً بالضرورة كونه أنتج سنة 1924، أي قبل ثلاث سنوات على نطق السينما. لكن منذ ذلك الحين وبرغر واقع في غرام السينما الصامتة. 

هوية مستقلة
وعلى نحو طبيعي، يختلف فيلم برغر عن ذاك الذي حققه هازانافيزيوس «الفنان». واحد من الإختلافات أن فيلم المخرج الفرنسي كان يصرخ لافتاً الأنظار إلى صمته. عامداً إلى دعاية غير مسبوقة لفيلم صامت وبالتالي منجزاً نجاحاً كبيراً. أما «سنو وايت» الأسباني فنحا بعيداً مستوحياً وضعه من رغبته في أن يكون شبيهاً كاملاً بالأفلام الصامتة بعيداً عن فعل إقحام العمل في حديث عن تلك السينما. 
نقل المخرج حكاية فيلمه إلى عالم مصارعة الثيران في الأندلس. نجم الألعاب أنطونيو (دانيال جيمينيز كاشو) يفوز بإعجاب متابعيه في ذلك الميدان لكنه يخسر حياته حين يعاجله الثور الهائج. يتم نقله إلى المستشفى حيث تعمل الممرضة إنكارنا (ماريبال فردو) وهو في حالة خطرة. في الوقت ذاته تدخل زوجته (إينما سيسيتا) المستشفى لكي تضع طفلهما. تموت بعد الوضع ويقرر أنطونيو عدم الإعتراف بطفلته وذلك حزناً على رحيل زوجته. هذه فرصة سانحة لإنكارنا لكي تتزوّج منه، وهو الذي أصبح مشلولاً مدى الحياة، لكي تسيطر على أمواله وثروته الكبيرة بما فيها قصراً كبيراً خارج المدينة. حين تصبح إبنته كارمنسيتا (صوفيا أوريا) كبيرة يتم نقلها لكي تعيش في ذلك القصر فتعاملها الزوجة الجديدة بقسوة في الوقت الذي أدرك فيها والدها مدى خطأه. إدراك متأخر فهو يموت وهي تتعرّض لمحاولة قتلها قبل أن ينقذها سبعة أقزام فتنضم إليهم إلى أن تصبح نجمة الرياضة ذاتها أيضاً. هذه ليست كل الحكاية فهناك تفاصيل كثيرة ونهاية رائعة تليق بعمل درامي ورومانسي جيّد تزيّنه موسيقا من ألحان ألفونسو دي فيلالونغا. كذلك جيّد ذلك القدر المناسب من التصاميم الفنية سواء في الملابس او في الديكور او في باقي التفاصيل الزمنية والمكانية. 
في الوقت الذي يحقق فيه المخرج عملاً أميناً أكثر من سواه للرواية الأصلية، ينطلق ليمنح عمله هذا هوية مستقلة في الوقت ذاته. يبتعد المخرج عن الإبهار بصنعته طالباً الإمعان في تجربته كما هي وكما كانت قبل نطق السينما. 
حب السينما الصامتة ليس وقفاً على هذين المخرجين وفيلميهما. هناك العديد من الأفلام التي إختار أصحابها لها الصمت ظهرت في السنوات العشرين الأخيرة. سنة 1990 تم تحقيق فيلم بعنوان «حكايات الممشى» وفي العام 1999 قام المخرج الفنلندي آكي كوريسماكي بتحقيق فيلم «جوها» مديناً للسينما الصامتة ومختاراً أصوات الحياة إنما من دون حوارات. وكذلك فعل المخرج الهندي كمال حسن قبله عندما قدّم سنة 1988 فيلماً بعنوان «بوشباك». والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين شهد أفلاماً كثيرة من بينها (وأوّلها فعلاً) «ظل مصاص الدماء» الذي احتفظ بالجو الصامت والمخيف في حكايته التي تعيد سرد واحد من كلاسيكيات سينما الرعب الصامتة «نوسفيراتو» (1922). 
ليس من الهيّـن مطلقاً تحقيق فيلم صامت، إذ على صانعيه أن يجدوا المبرر والموضوع المناسب والمعرفة الكاملة بخصائص وجوهر السينما الصامتة وكيف تختلف عن الناطقة، ثم -وبعد كل ذلك- عليهم إيجاد التمويل الذي عليه أن يقتنع أن هناك جمهوراً كافياً لإنجاح فيلم من هذا النوع.
الأسباني بابلو برغر كان محظوظاً أن وجد هذا التمويل وفيلمه يفتتح هذا الأسبوع في الولايات المتحدة، لكن ماذا عن فيلمه المقبل؟ هل سيستطيع إعادة الكرّة؟


All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2007- 2013