Hour of the Wolf


Hour of the Wolf 
(1968)
****
  إمرأة تحكي عن زوجها الذي اختفى داخل ذاته 
محمد رُضا


«ساعة الذئب» هو من بين أهم أفلام المخرج السويدي إنغمار برغمن. هو كذلك أحد أفلامه التي لم يلق عليها الضوء جيداً خصوصاً إذا ما قارناه بأفلام أخرى لبرغمن من المستوى الفني الجيد نفسه مثل «برسونا» و«عار» و«الصمت».
هذا ربما لأنه فيلم مختلف كثيراً عن باقي أفلامه. كتب برغمن السيناريو قبل أن يخرج «برسونا» وعندما أخرج ذلك الفيلم وعاد إلى السيناريو وجد أن بعضاً مما أراد قوله فيه، قاله في «برسونا» فقرر تغييره. لم يغيّـر الكثير فيه ولا يمكن المقارنة بين الحكايتين الا من حيث تلك الغربة الوجدانية والعزلة المكانية الموجودة في الفيلمين. لكن العمل يختلف من حيث أنه يدور حول ما يعتبره المخرج «شيطان الفنان»
يبدأ الفيلم وينتهي وبطلته ألما (ليڤ أولمان) تتحدّث إلى الكاميرا. إنها في مقابلة تلفزيونية من دون أن نرى كاميرا. لكننا نسمع قبل بدء الحديث ضوضاء الاستديو. صوت برغمن بين الأصوات. وهذا مباشرة بعد تقديم خلفية الحكاية بكلمات على الشاشة. ضجة الإستديو. ثم صوت ألما تتحدّث وهنا  ننتقل إلى الأحداث من وجهة نظرها هي. النبذة السابقة تتحدّث عن الإختفاء الغامض للفنان يوان بورغ لكن هذا لا يعني أن ما ستسرده زوجة الفنان صادق أو واقعي.  فالحقيقة قد تكون ضائعة على نحو مقصود ذلك لأن صوت الاستديو هو نقلة من الخيال المسبق للأحداث  إلى الواقع (كاميرا، استديو، رجال ونساء) فالخيال من جديد. وعلى نحو ممتزج كون ضجة الاستديو تعبر عن صوت مقصود له أن يحضر في تلك اللحظة.
يمكن اعتبار ذلك إيقاظ مبكر على أساس أن برغمن في حديث مترجم له أدلى به سنة 1969 يذكر أن السبب في تكراره عنوان الفيلم ساعة الذئب») أكثر من مرّة خلال العرض هو لإيقاظ المشاهد من الدراما وإحالته إلى الواقع ثم عودته إليه (على نحو بريختي) ويقول "ذلك مفيد في بعض الأحيان".
تبدو ألما في مطلع الفيلم المرأة اللهوفة لأن تكون زوجة تملأ حياة زوجها يوهان (ماكس ڤون سيدو) لقد وصلا بالقارب إلى تلك الجزيرة النائية في بحر الشمال لأنه لم يعد يطيق البشر. حملا معهما متاعاً قليلاً لكنها سعيدة بشجرة تفاح ستزرعها أمام البيت. وهي حبلى، وتعبيراً عن سعادتها يجمع المخج في مشهد رمزي بين حملها وبين شجرة تفاح. بعد حين سيختفي زوجها وهو إختفاء رمزي أيضاَ وليس جسدياً إذ أن يوهان سيختفي داخل ذاته. 
هناك مشاهد ليوهان وهو يرسم. في البداية لا شيء غريباً في ذلك. لكن لاحقاً هناك وجود لإمرأة  تنذر بالخطر وتتبدّى له فجأة. كانت عشيقة له، لكن ظهورها الآن ليس سوى خيال جانح يستعيد يوهان عبره علاقته مع تلك المرأة. بعد ذلك، سيـظهر أمامه صبي يرتدي «شورت» سباحة. من هو؟ من أين جاء؟ لا نعلم ولا يعلم يوهان أيضاً لكنه ينقض على الصبي ويقتله... هذا إذا ما كان الصبي حقيقة. على الغالب، وبعض السحر في أعمال برغمن يكمن في غموضه، أنه رمز آخر ونتاج خيال مضطرب.
بعض الحقائق لابد منها: يوهان ترك المدينة لصخبها وقرر أن يعيش (وزوجته فوق جزيرة صغيرة نائية) لكنه لم يترك ذكرياته بل حواها في كتاب مرسوم يرينا (وزوجته) بعض ما فيه. علاوة على ذلك فإن الوحدة التي طلبها لنفسه ومن أجلها ترك المدينة لا تتحقق. يلتقي، كما ذكرت، بأشخاص بينما يرسم ويلتقي بأشخاص يطرقون باب البيت، وكل واحد لا يحدث في الفيلم صدفة، بل قد يكون رمزاً أو روحاً بمن فيهم صاحب الأراضي المحيطة ببيت الفنان (أولف جوهانسن) الذي يدعو يوهان وزوجته لحضور إحتفال في قصره. ذلك الإحتفال الذي لا يمكن تلخيص مشاهده وفحواه من دون الضرر بالقيمة الفنية البادية في تشكيله وتنفيذه.
سنجد هنا رعب من هيتشكوك وتشكيل فني من فيلليني وموسيقى من موتزار. ويصل الفيلم إلى أحلك مراحله في داخل قصر يشبه القصور «القوطية» Gothic أو بإستعارة سينمائية أخرى، قصر دراكولا (وهناك عضّـة على رقبة يوهان للدلالة). يأخذنا برغمن إلى أقبية وممرات تحت أرضية لا منافذ لها. لقد سقط يوهان في قبضة شياطينه وهذه هي جهنم بالنسبة إليه.

0 comments: