NEW: The Road, New Moon | BOND: On Her Majesty's Secret Service | WESTERN: The Wild Bunch

YEAR 1 | ISSUE 44

FlashBack

The Bitter Tea of General Yen (1933)
إنتصار مبكر للمخرج فرانك كابرا ولشركة كولمبيا التي كانت من الشركات الصغيرة آنذاك. لكن الأهم هو أنه فيلم كسر التقليد القائم على تصوير الصينيين على نحو مشبوه لمجرّد أنهم مختلفون. هو قصّة حب مُعالجة برقّة وبكثير من التعاطف بين إمرأة (بابرا ستانويك) تعمل لصالح بعثة مسيحية وقائد صيني (نيلز آثر). تصوير جوزف ووكر مستخدماً مرشّحات تمنح المكان خصوصيته والصورة جمالية مناسبة٠

FOCUS ON FILM
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
THE ROAD *** | الطريق
John Hillcoat | إخراج: جون هيلكوت
تمثيل : ڤيغو مورتنسن، كودي سميت-مكفي، روبرت دوڤال
دراما [نهاية العالم] | الولايات المتحدة- 2009



فيلم »الطريق«، الذي ينطلق للعروض العالمية هذا الأسبوع، هو فيلم كوارثي آخر حول نهاية الحياة على الأرض كما نعرفها. لكنه بقدر ما ينتمي الى هذا الإطار الشامل لأفلام كثيرة في السنوات التي تلت مأساة الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، بقدر ما يختلف عنها في الوقت ذاته٠
أفلام الكوارث المتوالية، وآخرها »2012« لرولاند إيميرش، تقوم في معظمها على الإستفادة من تقنيات المؤثرات الخاصة والكومبيوتر غرافيكس لأجل خلق حالة صدام بين المُشاهد وبين ضروب الدمار والكوارث، المستخدمة بغاية إبهاره وايصال رسالة الى العين، ولو بغياب رسالة أهم الى العقل البشري٠
لكن »الطريق« للمخرج جون هيلكوت، هو من تلك الأعمال النادرة التي تلعب على الأوتار مقلوبة. بنجاح يتحاشى المؤثرات (الا ما هو ضروري) ويتعامل مع وضع يجبر فيه المشاهد على استخدام وعيه ومداركه الذهنية عوض السيطرة عليها بغاية إلغائها٠
في الأساس ينطلق الفيلم من ميزة غير متوفّرة لمعظم الأفلام المشابهة. إنه من كتابة الروائي كورماك مكارثي الذي حصدت أكثر من جائزة أدبية (والتي صدرت بالعربية ضمن سلسلة »إبداعات عالمية« عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت) ما يمنحها مرجعية أدبية محسوبة. هذه الحقيقة مهمة كون كورماك لم يرغب أصلاً في عمل تشويقي تقليدي، فاختزل الأسباب التي أدّت الى دمار الحياة وحجم ذلك الدمار وغاص مباشرة في رحلة شخصين (أب وإبنه الطفل) في براري الولايات المتحدة هاربين وباحثين في الحين عينه. كل ما يصل الى مدارك القاريء هو أن هناك حالة دمار سبقت بداية القصّة ما يتيح للقصّة أن تتعامل مع شؤون إنسانية وعائلية تحمل الصِلة الخاصّة بين هذين الشخصين في وضع غير عادي، من دون ضغوط التفسير والإتيان بالنتائج وتحميل الرحلة نواحي رأي الكاتب أنها تقليدية وقرر أنه في غنى عنها٠
الفيلم يتبع ذات الخطى. يقرر صانعوه ذلك ويحصدون في المقابل عالماً واقعياً ضمن هذا المنهج الخيالي في الأصل. ومع أن العمل السينمائي يغري بمحاولات توفير إغراءات مختلفة لضمان جمهور أكبر حجماً ، الا أن صانعي هذا الفيلم التزموا بروح الكتاب والتغييرات التي تمّت كانت محدودة وخالية من التوابل التي كان من الممكن لو استخدمت أن تودي بالعمل الى إتجاه آخر٠

شخصان وطريق طويل
هناك، في هذا الصدد -وعلى سبيل المثال- مسألة الريبة في الأشخاص الذين يلتقي الأب وإبنه بهم من حين لآخر. العالم قد توحّش ومن تبقّى من البشر أمّت سبلاً مختلفة للبقاء على قيد الحياة بما في ذلك، وبالنسبة للبعض، أكل لحوم البشر. بسهولة كان يمكن لمخرج آخر أن يستغل هذه الفرصة فيقدِم على مشاهد تثير الخوف والعنف شبيهة بتلك المتوفّرة في أفلام رعب جيدة ورديئة حول آكلي لحوم البشر وصراع الأصحّاء المتواصل ضدّهم (اخر هذه الأفلام »زومبيلاند« المعروض حالياً في الإمارات ومعظم صالات المنطقة)٠ عوض ذلك، يبتعد الفيلم عن مثل هذه الفرصة السهلة ويترك المسألة رهينة مخاوف مشتركة بيننا وبين بطليه٠
الفيلم كان بحاجة الى عمق. هذا العمق متوفّر في القصّة ولا يوفّره المخرج، لكن الفيلم يستند في واقعه الى قصّة محدودة الأحداث وغير متنوّعة. كدراما، هي حكاية شخصين وطريق طويل وقدر كبير من المشاهد غير المتنوّعة (سير، اختباء، ذكريات، حوارات قليلة، غابات محروقة الخ...) والمخرج في التزامه بالنص وجد نفسه في وضع مفاده أن إثارة المُشاهِد طوال الوقت عبر مَشاهد متوالية لا تحمل الكثير من الإختلاف هو أمر صعب الإنجاز. على ذلك، وبسبب إنصهار الممثلين الرئيسيين وهما فيغو مورتنسن في دور الأب وكودي سميت-ماكفي، في دور الصبي، استطاع تكوين عمل ينحاز لسينما الفن معظم الوقت٠
كل من الرواية والفيلم يتحدّثان لا عن نهاية العالم فقط، بل -وأساساً- عن نهاية الحضارة. الأصل الروائي مؤلف من فصل طويل واحد ومكتوب بوصف دائم للحركة ولما يراه الأب من مناظر قاحلة. ثلوج. أمطار. طرق ملتوية. مدن مهجورة. غابات محترقة وأشجار تسقط من علوّها بعدما ماتت واقفة. الفيلم يعتمد على هذه المرئيات بطبيعة الحال. إنه فيلم جيّ الصنعة تقنياً رغم احتوائه على مساحات ضئيلة لبلورة تطوّرات درامية ما او شخصية أيضاً. في النهاية هناك ذلك المشهد الذي ينضم فيه الصبي الى عائلة أخرى تشق طريقها صوب المجهول فوق أرض مليئة بالأشجار التي تسقط من طولها والمنازل المهدومة والموت السائد، لكن المفاد هنا لا يستطيع أن يعلو عن الطروحات ذاتها ما يعني أن مزيدا من الأحداث تنتظر العائلة الجديدة ثم ماذا بعد؟

CAST  & CREDITS
DIRECTOR : John Hillcoat
----------------------------------
CAST: Vigo Mortensen, Kodi Smit-Mcphee, Robert Duvall, Guy Peerce, Molly Parker.
----------------------------------
SCREENPLAY: Joe Penhall | BOOK: "The Road" BY: Cormac McCarthy | CINEMATOGRAPHER: Javier Aguirresarobe (Color- 35 mm)| EDITOR: Jon Gregory (112 min) MUSIC: Nick Cave, Warren Ellis | PROD. DESIGNER: Chris Kennedy.
----------------------------------
PRODUCERS: Paula Mae Schwartz, Nick Wechsler | PROD. COMPANY: Dimension Films/ 2929 Prods/ Nick Wechsler Prods. [USA- 2009].


NEW RELEASES | أفلام جديدة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
THE TWILIGHT SAGA: NEW MOON * *  قصة الغسق:  قمر جديد 
Chris Weitz | إخراج: كريس وايتز
تمثيل: كرستن ستيوارت، روبرت باتنسون، بيلي بورك، تايلور
لوتنر، آنا كندريك٠
رعب/ رومانس | الولايات المتحدة - 2009


ليس النجاح المطلق الذي شهده فيلم »أنشودة الغسق: قمر جديد« طبيعياً كيفما نظر المرء إليه
بعد ثلاثة أيام من بدء عروضه الأميركية أنجز الفيلم 142 مليون دولار وبعد ثلاثة أيام أخرى كان الرقم ارتفع الى 165 مليون دولار٠
ولم يكن النجاح أميركيا فقط. في عروضه الدولية التي صاحبت تلك الأميركية أنجز هذا الفيلم القادم كحلقة ثانية من مسلسل شبابي 124 مليون دولار في إفتتاحه ومع نهاية الأسبوع كان استولى على ما يزيد عن 140 مليون دولار. وحسب آخر إحصاء قامت به مجلة »سكرين انترناشنال« البريطانية المهتمّة بشؤون الصناعة فإن المجمل الكوني العام لما حققه هذا الفيلم من إيرادات خلال أسبوع واحد الى الآن هو شمالي الـ 265 مليون دولار٠
هل يستحق الفيلم هذا الإقبال؟ سؤال لا يستحق أساساً الإجابة عليه. فما يدخل في نطاق المؤهّل والمفترض والمستحق بات يمضي في درب منفصل منذ أن تحوّلت السينما الأميركية الى صادرات تجارية محضة لديها غاية واحدة وهي دخول الجيوب وليس القلوب. إبهار العيون عوض العقول. طبعاً طول عمرها السينما الأميركية مبنية على تجارة العرض والطلب، لكنها لم تكن يوماً متحرّرة من ضوابط الإجادة كما هو الحال هذه الأيام. إنه كما لو أن الجمهور الوحيد الباقي في الصالات هو ذاك المولود في التسعينات ولأجله، وقد وُلد بلا خيارات سينمائية على أي حال، يجوز صياغة المواضيع المختلفة بعناوين عريضة وبطروحات أشبه بالرصاص الفارغ الذي يُستخدم في معظمها٠

الفيلم الأول من هذه السلسلة أنجز عالميا 383 مليون دولار وتناول حكاية حب يربط بين فتاة أسمها بيلا سوان (كريستي ستيوارت) تقع في حب مصاص دماء تائب (يبدو شابّا لكن عمره بمئات السنين) أسمه إدوارد كولين (روبرت باتنسون). هنا تبدأ الأحداث بتلك العلاقة العاطفية التي بدت في الجزء الأوّل مثالية. هي تعلم حقيقة إدوارد لكنها لا تستطيع التغلّب على عواطفها وتركه. وهو يقدّر لها ذلك ولا يحاول تحويلها الى وليمة دموية في المقابل، كما كان يفعل مع الباقين. في هذا الجزء الجديد سنرى أنها لا تزال تحب إدوارد الذي يؤاثر الإبتعاد عنها وكيف أنه بانفصاله وابتعاده تسبب في شقائها. مشاهد للتعريف بمعنى كلمة »شقاء« تمر ثقيلة على الشاشة قبل أن يدخل الصورة شاب جديد (طبيعي) أسمه جايك (تايلور لوتنر) الذي يعيد لها بعض الأمل في الحياة والبهجة في القلب، لكنه لا يقوى على جعلها تنسى حبّها الأول. هذا في الوقت الذي تقع فيه جرائم قتل وحشية في الغابة القريبة والظنون (وبعضها إثم) تدور حول إدوارد إذ ربما عاد الى القتل ومص الدماء من جديد٠
باستثناء إداء كريستي ستيوارت، وعلى عدم ثباته، لا يوجد إداء يمكن الحديث فيه. إنها تمنح الدور بعض الروح، في حين أن الممثلين الآخرين (وبينهم باتنسون وتايلور لوتنر) لا خطّة لهم سوى حسن الظهور ضمن تشخيص يمضي عبر الشاشة من دون أثر. لكن المشكلة ليست هنا فقط، بل في عالم موزّع بين الحلم والرعب يعالجه المخرج كريس وايتز ولا يحمل في ثناياه أسباباً منطقية كفيلة. الفيلم ليس رعباً لكن فيه مشاهد مرعبة، وهو ليس رومانسياً رغم قصّة حبّه المعوجّة. أكثر من ذلك، وفي الأساس، إذا لم يكن إدوارد مصاص دماء، على الأقل في خلال الفترة الزمنية التي يحتلّها العرض، فلماذا يُطلب من المشاهدين اعتباره إدوارد مصّاص دماء أساساً؟
التوليفة كلّها تبدو مثل خريطة طرق تتوزّع هنا وهناك لكنها لا تصل الى نهايات. في أحد المشاهد الأولى تجرح الممثلة أصبعها بحضور مصّاصي دماء أشرار، بينهم واحد بإسم جسبر (جاكسون راثبون) الذي يحوّل ليلة عيد ميلاد الفتاة البهيج الى حمّام دم. المفهوم هو أن هناك مصاصي دماء أشرار ومصاصي دماء أخيار والفيلم لا يقوى على تحويل الممثل الوسيم باتنسون الى شرير بوجه ملوّث بالدماء. نتيجة ذلك أن العقلاء وحدهم يتساءلون عن سبب وجوده أصلاً، وربما عن سبب وجود الفيلم باديء ذي بدء٠


CAST & CREDITS
DIRECTOR : Chris Weitz
----------------------------------
CAST: Kristen Stewart, Christina Jastrzembska, Robert Pattinson, Billy Burke, Anna Kendrick, Taylor Lautner..
----------------------------------
SCREENPLAY: Melissa Rosenberg | BOOK: "New Moon" BY: Stephanie Meyer | CINEMATOGRAPHER: Javier Aguirresarobe (Color- 35 mm)| EDITOR: Peter Lambert (130 min) | MUSIC: Alexandre Desplat | PROD. DESIGNER: David Brisbin.
----------------------------------
PRODUCER: Marty Bowen | PROD. COMPANY: Summit Entertainment, Imprint Entert. / Sunswept Entert | DISTRIBUTORS: Summit Entertainment . [USA- 2009].



مسلسل | أفلام وسترن٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

The Wild Bunch **** | الزمرة المتوحّشة
Sam Peckinpah ***** | إخراج: سام بكنباه
تمثيل: وليام هولدن، أرنست بورغنين، روبرت رايان، بن
جونسون، وورن أوتس، هايم سانشيز،إميليو فرناديز٠
Warner Brothers/ Seven Arts (1969) أميركي


وينساب الموت بطيئا وثقيلا وبلا حصر

بصمات سام بكنباه على كل هذا الفيلم عرضا وعمقا وطولا‮. ‬منذ البداية تمر زمرة بايك‮ (‬ويليام هولدن‮) ‬القادمة الى البلدة لنهب مصرفها،‮ ‬بمجموعة من الأولاد‮ ‬يشاهدون كيف‮ ‬يدافع العقرب عن نفسه في‮ ‬معركة خاسرة ضد سرب من النمل‮. ‬هذا قبل أن‮ ‬يضرموا النار فيها جميعا ويضحكون على المشهد‮. ‬ساديّة الصغار موجودة دائما في‮ ‬معظم ما حققه بكنباه من أفلام‮ (‬تشاهدها في‮ ‬كل مشهد يحمل عنفاً حتى ولو كان بمسدس مائي‮ ‬كما الحال في‮ ‬مشهد القطار بين ستيف ماكوين وصبي‮ ‬أسود في‮ ‬فيلم‮ »‬الهارب‮«). ‬وهنا،‮ ‬في‮ »‬الزمرة المتوحشة‮« ‬يتكرر إلمام الصغار بالعنف في‮ ‬حمى المعركة التي‮ ‬تنشب بين زمرة دوتش ورجال القانون‮. ‬صبي‮ ‬وفتاة‮ ‬يُشاهدان سقوط القتلى وإنفجار الأجساد قبل أن تشدهما أمهما‮. ‬لكن بكنباه سجّل هدفه‮: ‬العنف متأصل منذ الصغر‮. ‬لا عجب أن الكبار شرسون‮.‬
‮»‬الزمرة المتوحشة‮« ‬ليس محدودا بهذه الرسالة‮. ‬هذه ترد دائما وتنضم الى مجموعة الأبعاد التي‮ ‬يوفرها باكنباه لفيلمه‮. ‬ما‮ ‬يتحدث عنه،‮ »‬الزمرة المتوحّشة‮«‬،‮ ‬فيلم بكنباه الأكثر عنفا من بين كل أفلام الوسترن التي‮ ‬حققها،‮ ‬هو ما آل إليه مصير التقلّبات الزمنية الحاصلة عند نهايات القرن التاسع عشر‮. ‬
بايك،‮ ‬دوتش‮ (‬أرنست بورغنين‮)‬،‮ ‬ليل‮ ‬غورتش‮ (‬وورن أوتس‮)‬،‮ ‬شقيقه تكتور‮ ‬غورتش‮ (‬بن جونسون‮)‬،‮ ‬آنجل‮ (‬هايم سانشيز‮) ‬وكرايزي‮ ‬لي‮ (‬بو هوبكنز‮) ‬هم طراز قديم من الخارجين عن القانون وزعيمهم بايك‮ ‬يحسب أنها العملية الأخيرة التي‮ ‬سيخرج منها بثروة‮ ‬يعتزل بعدها مهنة ما عادت مجزية النتائج‮. ‬الهدف هو مصرف البلدة التي‮ ‬حدث أنها تحتفل بمسيرة ما‮: ‬رجال عزّل ونساء وأطفال وجوقات موسيقية تمر في‮ ‬إستعراض حافل‮. ‬الزمرة لا تعلم أن رئيس البوليس في‮ ‬المنطقة‮ (‬ألبرت دكر‮) ‬كان‮ ‬يعلم بخطة هذه العصابة‮ ‬لغزو البلدة وهو حضّر مجموعة من المسلحين وزّعهم على أسطح المباني‮ ‬المقابلة للمصرف بقيادة سجين سابق على معرفة ببايك أسمه ثورنتون‮ (‬روبرت رايان‮) ‬لكي‮ ‬ينالوا من العصابة أول وصولهم‮.‬
تحضير بكنباه للعملية‮ ‬يعكس حنكته الرائعة في‮ ‬تصميم مشاهد الأكشن‮. ‬المونتاج‮ ‬يلعب الدور الأساسي‮ ‬هنا وهو‮ ‬يوزّع الفترة الزمنية‮ ‬التي‮ ‬تستغرقها العملية مع وصول العصابة الى البلدة الى مغادرتها بعدما خسرت العديد من رجالها‮ (‬ولم‮ ‬يبق منها الا المذكورين أعلاه باستثناء كرايزي‮ ‬لي‮ ‬الذي‮ ‬بقي‮ ‬في‮ ‬المصرف وحده الى أن قُتل‮). ‬اللقطات موزعه ما بين وصول العصابة،‮ ‬والأطفال المتجمّعين على الحشرات المشتعلة،‮ ‬ثم الإستعراض الحافل‮ ‬والمسلحين المختبئين على أسطح المباني‮. ‬بكنباه‮ ‬يبني‮ ‬التشويق من قبل إطلاق الرصاصة الأولى‮. ‬ويقطع بين اللقطات المتحركّة والعناوين على صور مُجمّدة كما الجزرة أمام الساعي‮ ‬لها‮. ‬

وليام هولدن وإرنست بورغنين

حين‮ ‬يصل أفراد العصابة الى المصرف وينتقي‮ ‬بكنباه شخصيات كاريكاتورية لزبائنه‮ ‬المرفّهين،‮ ‬يضيف ما‮ ‬يحدث في‮ ‬المصرف الى‭ ‬ما‮ ‬يحدث خارجه بمزيد من اللقطات المدروسة وإن بدت متناثرة‮. ‬يلحظ تكتور وجود المسلحين على أسطح المبنى في‮ ‬الوقت الذي‮ ‬يخرج فيه بايك ودوتش بالغنيمة‮. ‬هنا‮ ‬يطلق أحد المسلحين الرصاصة الأولى فيصيب مواطنا بريئا لن‮ ‬يكون سوى الأول من مواطنين بريئين عديدين سيسقطون ضحايا النيران المتبادلة‮. ‬بكنباه‮ ‬يزج بالإستعراض وسط الفريقين المتقاتلين ويروح‮ ‬يقتل من هؤلاء ما شاء له‮. ‬لا‮ ‬يكن بكنباه أي‮ ‬شعور بالشفقة لهؤلاء،‮ ‬وإن كان‮ ‬يفعل فهو لا‮ ‬يظهره‮. ‬سيتساقطون رجالا ونساءا من بعد إستغلال الإستعراض الجاري‮ ‬كعنصر إضافي‮ ‬مهم للفوضى الناشبة‮. ‬
وهنا‮ ‬يلعب لعبته المفضلة‮: ‬القطع السريع بين المشاهد الني‮ ‬تمر أبطأ من معدّلها المعتاد خصوصا وقت‮ ‬يسقط رجل من علٍ‮ ‬او‮ ‬ينقلب آخر عن فرسه‮. ‬لقطات كثيرة متعاقبة‮ ‬يريد بكنباه لها أن تعلن حالة عنف‮ ‬وتجسّد لحظة موت‮. ‬
عنف بكنباه وليدة عنف الحياة كما‮ ‬يراها والدكانة التي‮ ‬تغلّفها‮. ‬ومبعثها قسوتها على شخصياته وقسوة شخصياته على كل شيء‮. ‬إذ خرج هذا الفيلم سنة ‮٩٦٩١‬،‮ ‬كانت هوليوود عرفت كيف تعيش حرب فييتنام مترجمة عنفها الى أفلام تنتمي‮ ‬لأنواع‮ ‬غير حربية‮ مثل فيلم العصابات»بوني وكلايد« [آرثر بن - 7691 وفيلم الوسترن "جندي أزرق" [رالف نلسون- 0791 ] ٠

بو هوبكنز،‮ ‬الممثل الذي‮ ‬لم‮ ‬ينتم الى‮ ‬جيل ويليام هولدن وإرنست بورغنين او روبرت رايان لكنه مثّل في‮ ‬كثير من أفلام الوسترن والأكشن في‮ ‬السبعينات والثمانينات،‮ ‬لديه دور صغير هنا‮ (‬ودوراً‮ ‬متوسّطاً‮ ‬في‮ ‬فيلم بكنباه اللاحق‮ »‬الفرار‮« ‬
The Getaway
(1972) ‬ثم دوراً‮ ‬أكبر في فيلم بكنباه الآخر‮ »‬نخبة القتلة‮« ‬
في هذا الفيلم هو عضو العصابة الذي‮ ‬يبقى‭ ‬في‮ ‬المصرف محتجزا موظفيه وزبائنه رهائن‮. ‬طفل في‮ ‬جسد رجل‮ ‬يجبر الجميع على الغناء بينما القتل واقعا في‮ ‬الخارج‮. ‬حين‮ ‬يعهد اليه بايك بالمهمة‮ ‬يقول له‮: ‬
If they move... shoot ’em
وهو‮ ‬يُقتل بعدما هربت العصابة بما استولت عليه‮. ‬وهبط من بقي‮ ‬من رجال هارينغتون لمعاينة القتلى من العصابة‮. ‬بكنباه‮ ‬يصوّر هبوطهم‮ ‬كطيور جارحة وصلت‮ ‬لتنهش لحم الموتي‮ ‬فمن جمعهم هارينغتون لإصطياد العصابة ليسوا سوى‮ ‬أصحاب سوابق وهمّهم الآن سلب الموتى‮. ‬يبرز بين هؤلاء كوفر‮ (‬ستروذر مارتن‮) ‬وتي‮ ‬سي‮ (‬ل‮. ‬كيو جونز). الثاني شوهد على كبر في آخر فيلم لروبرت
A Praire Home Companion ألتمَن
‬كوفر وتي سي هما، في »الزمرة المتوحّشة« ولدان آخران في‮ ‬جسدي‮ ‬رجلين متصاحبين‮ ‬يتعاركان حول سلب الضحية الماثلة ويعتذر كوفر لتي‮ ‬سي‮ ‬كما‮ ‬يفعل فتاة مع خطيبها‮! ‬دلالة لا تفوت من‮ ‬يؤمن بأن شيئا عند بكنباه لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يرد من دون إيحاء او إحتمال‮. على عكس الولد الكامن في شخصية بو هوبكنز، هما متوحّشان وأقل براءة٠‬
الوحيد المتأثر من كثرة القتلى هو ثورنتون‮ (‬روبرت رايان‮) ‬القابع تحت تهديد هارينغتون بإعادته الى السجن إذا لم‮ ‬يتبع الزمرة ويقبض عليها او‮ ‬يبيدها‮. ‬ثورنتون‮ ‬يشكو من أنه لن‮ ‬يستطيع أن‮ ‬ينجز مهمته مع مثل هذه الحثالة التي‮ ‬ستصطحبه‮. ‬من خلال ذلك إشارة متكررة أيضا في‮ ‬أفلام بكنباه برفض أصحاب السلطة والقرار‮. ‬وخلال تصوير هذا الفيلم،‮ ‬وأفلام أخرى،‮ ‬اصطدم بكنباه بهم‮ [‬إنه من الوقائع الثابتة أن بكنباه أصيب بالبواسير حين كان‮ ‬يخرج هذا الفيلم لكنه رفض ترك التصوير للمستشفى متحملا أوجاعه مؤمنا أن المنتجين سيستولون على الفيلم إذا ما‮ ‬غادر موقع العمل‮].‬
ثورنتون وبايك تصادقا سابقاً‮. ‬عملا معاً‮ ‬في‮ ‬مهام خارج القانون،‮ ‬لكن الظروف وحدها جعلتهما عدوّان الآن‮. ‬في‮ ‬سينما بكبناه‮ (‬كما في‮ ‬سينما أنطوني‮ ‬مان لمن‮ ‬يرغب الإستزادة‮) ‬نطالع الكثير من هذه الصُور‮: ‬جيمس كوبرن وكريس كرستوفرسون‮ ‬في‮ »‬بات‮ ‬غاريت وبيلي‮ ‬ذ كيد‮« ‬‮ (٣٧٩١) ‬راندولف سكوت وجووِل ماكراي‮ ‬في‮ »‬مسدسات بعد الظهر‮« ‬‮ (٢٦٩١). ‬إنقلابهما متواجهين لا‮ ‬يُلغي‮ ‬ذلك الإحترام المتبادل الذي‮ ‬لا‮ ‬يعرفه الآخرون الأحدث والأصغر سناً‮. ‬هذا الخيط من العلاقة‮ ‬يبقى قائما خلال مطاردة ثورنتون ورجاله لبايك ورجاله‮.‬
حين تفلت الزمرة‮ (‬او من تبقّى منها‮) ‬من الكمين تختلف حول أمور صغيرة‮- ‬كبيرة مثل قدرة بايك على القيادة‮. ‬لدى بايك شخص واحد‮ ‬يدافع عنه هو دوتش‮ (‬بورغناين‮). ‬من جيله وطينته‮. ‬الشقيقان‮ ‬غورتش متمردان مذعنان‮. ‬ثم هناك فصل تصل فيه العصابة الى قرية مكسيكية حيث اللهو والحب فطريا وبعيدا عن متاعب الحياة‮. ‬والمكسيك لم تكن ملاذ بكنباه في‮ ‬أفلامه فقط‮ (‬نهاية‮ »‬الفرار‮« ‬المثالية هي‮ ‬لجوء ستيف ماكوين وآلي‮ ‬ماكغرو الى المكسيك وأفضل أوقات بيلي‮ ‬ذ كيد كانت في‮ ‬قراها‮) ‬بل في‮ ‬حياة المخرج نفسه إذ إنتهى الى هناك رافضا الحياة في‮ ‬أميركا‮. ‬بعد هذا الفصل‮ ‬يجد أفراد العصابة أنفسهم في‮ ‬ضيافة‮ ‬المكسيكي‮ ‬ماباشي‮ (‬إميليو فرنانديز‮) ‬وهنا‮ ‬يلحظ آنجل‮ (‬العضو المكسيكي‮ ‬الوحيد في‮ ‬العصابة‮) ‬أن محبوبته القديمة أصبحت من عشيقات زعيم ذلك الجيش الكبير وغير النظامي‮ ‬من المكسيكيين فيحاول قتلها ما‮ ‬يثير حنق ماباشي‮ ‬ولو أنه‮ ‬يصرف النظر عن معاقبة آنجل في‮ ‬تلك الآونة‮. ‬فما‮ ‬يريده من العصابة هو سرقة أسلحة وذخيرة أميركية وبيعها له‮. ‬وإنتقامه من آنجل‮ ‬يستطيع الإنتظار‮. ‬

هايم سانشير، وليام هولدن، وورن أوتس وبن جونسون

ماباشي‮ - ‬الفيلم‮ ‬دكتاتور قيد التكوين‮. ‬وحشيته مشهودة مغلفة بإسم الثورة‮. ‬بذلك‮ ‬يكشف بكنباه عدم إيمانه بالقياديين ثوريين كانوا أم لا‮. ‬كلهم طينة واحدة مستعدة لسحق الأبرياء والأعداء على حد سواء‮. ‬إنه سريعا ما‮ ‬يتكوّن أمامنا‮ ‬حث المخرج على بحث مصير أبطاله الأقل شرا من كل محيطهم‮. ‬إنهم آخر عنقود المجرمين‮. ‬القانون خلفهم وماباشي‮ ‬الشرس أمامهم والفرصة المواتية هنا لا‮ ‬يمكن تفويتها‮: ‬إذا ما نجح هؤلاء فسيقاضون السلاح بكمية كبيرة من المال تحقق لهم الهرب سالمين ونبذ الحياة المدقعة‮. ‬ستتيح لبايك اللجوء الى مزرعة‮ ‬يشتريها‮. ‬ولدوتش العيش بهدوء‮. ‬الى أن‮ ‬يحدث ذلك،‮ ‬إذا ما حدث،‮ ‬هناك حمّام الهناء الذي‮ ‬سيشترك فيه الرجال مع بعض المومسات المكسيكيات‮ (‬معاملة بكنباه لهن مدخل لحديث‮ ‬يطول شرحه‮: ‬حانيات وقت المتعة،‮ ‬منتقمات وقت عليهن التفضيل بين الأميركيين ورجالهن الأصليين‮). ‬
هنا‮ ‬يجد ماباشي‮ ‬الفرصة سانحة للإيقاع بآنجل والقبض عليه وتعذيبه‮. ‬وهذا ما‮ ‬يضع الزمرة أمام إختيار صعب‮: ‬أربعة‮ (‬هولدن،‮ ‬بورغناين،‮ ‬جونسون وأوتس‮) ‬يستطيعون نسيان صديقهم آنجل والمضي‮ ‬بعيداً‮ ‬بالغنيمة،‮ ‬او أن‮ ‬يقفوا في‮ ‬مواجهة‮ ‬يعلمون إنها ستكون الأخيرة لمواجهة ماباشي‮ ‬ورجاله في‮ ‬محاولة مستميتة لإنقاذ صديقهم‮. ‬لا أمل لهم،‮ ‬في‮ ‬ظل هذا الإختيار الأخير،‮ ‬بأي‮ ‬نجاة‮. ‬إنها محاولة مميتة وليست مستميتة‮.‬
المشهد التالي‮ ‬كلاسيكي‮ ‬كالفيلم بأسره‮: ‬بايك،‮ ‬دوتش،‮ ‬ليل وتكتور‮ ‬غورتش‮ ‬يسيرون في‮ ‬صف واحد‮ (‬كالملصق‮) ‬صوب ماباشي‮ ‬الذي‮ ‬يعربد مع رجاله ونسائه‮. ‬يطلبون شراء آنجل‮. ‬يسحب ماباشي‮ ‬سكينه ويذبح آنجل بكل برودة وقسوة‮. ‬يسحب الرجال مسدساتهم ويبدأون إطلاق النار على الجميع‮. ‬أول المصابين هو ماباشي‮ ‬نفسه‮ (‬عادة ما تترك الأفلام رئيس الأشرار الى النهاية‮- ‬لكن ليس بكنباه‮) ‬وبذا بداية عشر دقائق من أكثر مشاهد المعارك دموية وأكثرها فنا وتفنناً‮. ‬تفوق الفصل الأول جهداً‮ ‬وعنفاً‮. ‬ينساب الموت بطيئاً‮ ‬وسريعاً‮ ‬وثقيلاً‮ ‬وبلا حصر‮. ‬الصوت والصورة هما أدوات هذه الأوبرا التي‮ ‬فيها قليل من كيروساوا وقليل من سيرجيو ليوني‮ ‬والباقي‮ ‬كلّه بكنباه‮. ‬
مرة أخرى‮ ‬يوزّع بكنباه لقطاته بكثرة ووفرة على مشاهد القتل‮. ‬الصيحة الأخيرة لرجاله الذين أدركوا موتهم القريب وأقبلوا عليه في‮ ‬شكل نموذجي‮ ‬للتفاني‮ ‬موتا في‮ ‬سبيل لا نبحث فيه عن معنى سرمدي‮ ‬او قيمة أخلاقية‮.‬
تقع الأحداث سنة ‮٣١٩١‬،‮ ‬وليس في‮ ‬قلب الغرب الأميركي‮ ‬كما في‮ ‬معظم الأفلام الأخرى‮ (‬السنوات الثلاثين الأخيرة من القرن التاسع عشر‮). ‬إنها الفترة التي‮ ‬ما عاد هناك مكان لأمثال بايك ورجاله او ثورنتون ورجاله‮. ‬ليس في‮ ‬الغرب الأميركي،‮ ‬وربما ليس في‮ ‬أي‮ ‬مكان آخر‮. ‬وضع أبطاله مثل وضع بكنباه نفسه في‮ ‬أواخر الستّينات‮. ‬كان‮ ‬يعلم أنه لا‮ ‬يحصل على ما‮ ‬يريد لأفلامه،‮ ‬من حرية عمل ومن استقلالية رأي‮ ‬وإبداع الا إذا ما حارب،‮ ‬وهو حارب كثيراً‮ ‬لهذا الفيلم ولكل فيلم سبقه او تبعه‮. ‬وعدوّه‮ (‬الجهة الإنتاجية‮) ‬كان‮ ‬يشبه هاريغان‮ (‬ألبرت دكر‮) ‬في‮ ‬هذا الفيلم الذي‮ ‬يجبر ثورنغتون على قيادة عملية الإبادة ليس لمصلحة الأمن بالمطلق،‮ ‬بل لأن شركته تريد ربط البلدة بالعالم المتمدّن وزمرة بايك لا تغري‮ ‬رؤوس الأموال لتمويل هذه النقلة نحو التطوّر‮. ‬وبكنباه في‮ ‬حياته كلها،‮ ‬وفي‮ ‬كل فيلم من أعماله،‮ ‬كان ضد التطوّر الذي‮ ‬يُتيح للقائمين به تغليف أطماعهم المادّية ومصالحهم الشخصية‮.‬
إستعانة بكنباه بأبطاله تمت أيضاً‮ ‬الى الفترة الذهبية التي‮ ‬ولّت والمستقبل الداكن الذي‮ ‬يليها‮. ‬وليام هولدن وروبرت رايان وبن وجونسون وأرنست بورغنين كانوا من ملوك الوسترن في‮ ‬الأربعينات والخمسينات‮. ‬باستثناء هولدن،‮ ‬لعبوا أدوار الشر والخير حسبما أتيح‮. ‬حفظ الجمهور أدوارهم وشخصياتهم السينمائية،‮ ‬ولم‮ ‬يتوقّع أن‮ ‬يجدهم هنا على هذا النحو‮: ‬مجموعة تعيش نهاياتها‮. ‬ولا تملك أنت،‮ ‬إذا ما شاهدت أفلاماً‮ ‬لهؤلاء،‮ ‬الا أن تدرك أنهم كما لو نبذتهم السينما التي‮ ‬صرفوا لها عمرهم فلم‮ ‬يبق أمامهم سوى توديع الأدوار المتوقّعة والإقبال على قُبلة موت ختامية‮. »‬الزمرة المتوحشة‮« ‬كان تلك القُبلة‮.‬



D|V|D
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
On Her Majesty's Secret Service *** |
في خدمة مخابرات الملكة
Peter Hunt | إخراج: بيتر هانت
تمثيل: جورج لازنبي، دايانا ريغ، تيلي ساڤالاس٠
مفاتيح: جيمس بوند | أكشن| مسلسل | تشويق | سينما
السبعينات [بريطاني/ أميركي - 1969]٠


معلومات | »في خدمة مخابرات الملكة« هو سادس فيلم في سلسلة جيمس بوند الجاسوسية والفيلم الوحيد في السلسلة الذي قام بإدائه جورج لازنبي. بذلك هو الفيلم الوحيد في السلسلة التي لم يكرر الممثل اللاعب دور بوند دوره هذا مرّة أخرى٠ كذلك هو الفيلم الوحيد من سلسلة بوند الذي أسند أمر إخراجه الى بيتر هانت، الذي عرف قدراً من الشهرة في أفلام أخرى. إيراداته في "شباك التذاكر" كانت متواضعة نسبياً محتلاً الرقم الحادي والعشرين من بين أعمال بوند الثلاثة والعشرين (مع فارق سعر التذكرة بين الأمس واليوم)٠
يكمن هذا الفيلم بين فيلمين من تمثيل شون كونيري في دور بوند هما
You Only Live Twice (1967) و Diamonds Are Forever (1971).

جورج لازنبي

ملخّص | بوند (لازنبي) ينقذ فتاة شابّة أسمها ترايسي (دايانا ريغ) من الإنتحار غرقاً ويلتقي بها ثانية في الكازينو. تدعوه الى جناحها في الفندق ويقبل لأنها تثير اهتمامه عاطفياً، فإذا به يتعرّض لرجل من رجال والدها يبدو أنه مُعيّن لحمايتها. في اليوم التالي يتعرّف على والدها (غبريال فرزتّي) الذي يعرض عليه مليون دولار إذا ما تزوّج من إبنته. يرفض بوند الهدية لكنه يقبل محاولة الجمع بينه وبين ترايسي، مع العلم أن بوند كان في مهمّة مختلفة ضد منظّمة سرية يقودها بلوفلد (تيلي ساڤالاس). بسبب عدم إنجاز المهمّة تعفيه ادارته من المهمّة، لكن بوند يستمر في مهمّته على أي حال مستعيناً بوالد فتاته لأجل معرفة كيفية دخول تلك المنظّمة. تُتاح له الفرصة متنكّراً في شخصية عالم جينيات كان بلوفلد طلبه (من دون أن يعرفه شخصياً) لغاية إثبات انتمائه الى أسرة نبيلة. في مركز بلوفلد المنيع في قلب جبال الألب يمضي بوند الوقت بين ملبي طلبات عاطفية وبين محقق في خطط بلوفلد حيث يكتشف إنه يريد إطلاق جرثومة من شأنها تدمير الحياة على الأرض مستخدماً في العملية الفتيات الجميلات اللواتي يعشن في موقعه. معركة بينه وبين بلوفلد يتم عبرها تدمير المحاولة وعودة بوند الى ترايسي. في يوم زفافهما، ينتقم بلوفلد ومعه سكرتيرته الألمانية (إلسي ستيبات) بإطلاق النار عليه وعلى زوجته وتموت ترايسي بين ذراعيه٠

باربرا ستيل

نقد | كان شون كونيري راغباً في الإعتزال والبحث جارياً عن خليفة حين اقترح المخرج الآتي من المونتاج بيتر هانت على المنتجين ألبرت بروكلي وهاري سولتزمان عارض الأزياء الأسترالي جورج لازنبي وتمسّك به٠
كان هذا الفيلم الأول لبيتر هانت إخراجاً (أنجز ثمانية في هذا الحقل ونحو 40 فيلم بين مساعد مخرج ومونتير من قبل). كذلك كان الأول لممثله جورج لازنبي، الذي أنجز بعد ذلك نحو 26 فيلما آخر٠
هذا سبّب وضعاً غير مريح للجميع ويتبدّى على صفحة الفيلم من مشاهد التمهيد وحتى النهاية. وأحد الأسباب غير المريحة الإضافية هي أن المنتجين أدركا أنهما أخطآ حين وافقا على لازنبي الذي لم يبد لهما جيّداً بما فيه الكفاية ومناسباً لشخصية بوند كما قدّمها شون كونيري من قبل٠
لكن النظرة النقدية تُفيد في الوقت ذاته، أن المشكلة ليست مشكلة لازنبي فقط (ومشكلة لازنبي الأساسية هي في صوته غير المناسب للإلقاء في دور رئيسي كما في حدود معرفته بالتمثيل) بل مشكلة المخرج الذي حاول تقديم زواية جديدة لمعالجة بوند لم تُنجز جيّداً رغم أنها كانت تستحق المبادرة على الأقل٠
بداية، استغنى عن لحن بوند الخاص وعمد الى لقطات كلوز أب لم تعهدها مقدّمات أفلام بوند الأخرى. لكن الناقد يفهم مبرر استخدام اللقطات القريبة: كان هذا الفيلم أوّل مرّة يتم فيها استبدال البطل المعروف والمنطبع في بال المشاهدين (كونيري) بآخر جديد (بعد ذلك تناوب على الدور كما نعلم روجر مور وتيموثي دالتون وبيرس بروسنان وصولاً الى الحالي دانيال كريغ) وكانت الغاية التمهيد لهذه النقلة بتعريف تدريجي لبوند الجديد ينتقل من تلك اللقطات الى مشاهد أكشن سريعة ليست بحجم تلك التمهيدات والمقدّمات الكبيرة التي اعتادها الجمهور فيما سبق٠
التصدّي الى النقلة كان لابد أنه كان معضلة أمام الكاتب أيضاً (رتشارد مايبوم) ذلك لأن بوند الحالي، وفي الدقائق الثلاثين الأولى تقريباً، يبدو متردّداً فيما إذا كان يريد أن يستمر في عمله او أن يعتزله بعدما وقع في حب ترايسي. حين يأمره مسؤوله باعتزال العملية التي بين يديه (عملية بلوفلد)، يقدّم بوند استقالته. لكنه هو سعيد حينما يوافق رئيسه على إجازة (بعدما قامت السكرتيرة التي تحب بوند في كل فيلم قديم وأسم ممثلتها لويس مكسويل بتغيير الإستقالة الى طلب إجازة من دون علم بوند)٠
المعضلة الثانية أمام السيناريست والفيلم بأسره هو الحديث عن وقوع بوند في الحب. النجاح في صياغة هذا التوجّه الإجتماعي العاطفي الذي لم يكن مطروحاً في أفلام بوند السابقة. فبوند رجل لا يقع في الحب بل يمارسه فقط. هنا هو وقع فعلاً (ولو أنه لم يتخل عن واجب ممارسته حتى مع غير المرأة التي يحب). في الوقت الذي يُظهر ذلك جانباً "إنسانياً" لبوند، فإن تقديم هذا الجانب من دون الإضرار بسمعة بوند الأول أمر صعب و-عملياً- يصلح لآخر بوند وليس لحلقة متوسّطة. على ذلك، ومن زاوية مفردات عمل سينمائية بحتة، فإن المحاولة هي أكثر نجاحاً بحد ذاتها مما هي على مستوى قبول الجمهور وعشّاق بوند. الفيلم يبدو مقطوعة منفردة لبوند تصلح لأن يغنّيها أي شخصية أخرى غير بوند، بمعنى أن الفيلم كان يمكن أن يكون من بطولة شخصية لا علاقة لها بأي سلسلة أكشن او غير أكشن. كونه من بطولة بوند ألقى قرارات صعبة وشجاعة على مخرجه أمّها جيّداً عبر تغيير التكتيكات المعهودة للسلسلة، فالمقدّمة صغيرة، ونصف الفيلم بلا أكشن، وهناك قصّة حب والمجرمون قليلون واللازمة الموسيقية الأكثر تردداً ليست مكتوبة خصيصاً بل هي أغنية للراحل لوي
We have all the time in the world أرمسترونغ المعنونة
مع تنويعاتها الموسيقية
أكثر الإختلافات لا زالت على الطريق. بعد مشاهد أكشن مختلفة وجيّدة القطع والتوقيت داخل المشهد الواحد، ها هي نهاية بلوفلد تتراءى في النهاية. على الأقل تتراءى لجيمس بوند الذي يهرع بعد فوزه (غير المكتمل كما نعرف بعد قليل) للزواج بمن يحب بحضور كل الأخيار الذين يعرفهم بمن فيهم رئيسه وبعض موظّفي المخابرات والسكرتيرة. حال ينطلق الى شهر العسل بسيارة صغيرة تقودها زوجته ينبري المجرم وسكرتيرته ويطلقان النار فتموت الزوجة. النهاية ليست فقط نصراً للشرير (ولو الى حين لأن هذا الفيلم هو الثاني في ثلاثية خاصّة من السلسلة) بل ايداع لمخزون بوند العاطفي. اللقطة الأخيرة للفيلم لبوند وهو يبكي. أمر لم يتوقّعه المشاهدون واضطر اليه المنتجان٠
شخصياً، أريد بوند إنساناً او لا أريده على الإطلاق، لكن هذا لا يعني أن لا أكترث لميزانسَن أكثر إجادة وإيقاع سينمائي جيد. هذا الفيلم لا يؤمّن هذين العنصرين الا في مطارح محددة (المطاردة فوق الألب) لكنه بسبب من اختلافه وحسناته المتفرّقة يحتل مكانته بين تلك المقبولة أكثر من العديد سواه٠

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2009٠

Fellini's Satyricon | Kubrick's Paths of Glory | كمال الشيخ: الليلة الأخيرة

YEAR 1 | ISSUE 43


FOCUS ON FILM


العروض التي بدأت هذا الويك-إند لفيلم رولاند إيميريش الجديد 2012  قد تعود  على الفيلم بعشرات ملايين الدولارات، لكن الآراء النقدية انقسمت الى نصفين: نصف وجده رائعاً ونصف وجده تقنية عالية وقصة واهية، بل وغيبية كما كتب بيتر ترافرز في »رولينغ ستون«٠
مزيد من آراء النقاد في الأفلام المعروضة في العمود الجانبي

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  * ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Classics |  كلاسيكس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Paths of Glory *****ستانلي كوبريك: ممرّات المجد
الولايات المتحدة - 1957
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





فيلم ستانلي كوبريك الرابع عدداً كان أيضاً أول فيلم كبير الإنتاج يقوم بإخراجه. دراما معادية للحرب وعلى نحو لا يعرف المهادنة، حول خطأ السُلطة العسكرية ومواجهة الضابط الفرد لها خلال الحرب العالمية الأولى. قريب منه في هذا المجال الفيلم الفرنسي »الوهم الكبير« لجان رنوار (1937) ولو أنهما ينتميان لعدد ولو محدود من الأفلام المناوئة للحرب (العالمية الأولى) من بينها وأمهرها »كل شيء هاديء على الجبهة الغربية« [لويس مايلستون-1930] وقبله »الإستعراض الكبير« [كينغ ڤيدور-1925]٠
قرار كوبريك تصوير الفيلم بالأبيض والأسود كان قراراً ذكياً نتج عنه أكثر من مجرّد ملاءمة مظهر الفيلم للفترة الزمنية (غير الملوّنة سينمائياً) للعقد الأول من القرن العشرين حين وقعت رحى تلك الحرب العالمية الأولى. جورج كراوس صوّر بعمق وبدراية بمقتضيات وعناصر التصوير غير الملوّن. في أحد مشاهده الداخلية يجتمع عدد كبير من الجنود في قاعة كبيرة. اللقطة أمامية من الصف الأول وفي آخر القاعة إضاءة بسيطة  ونافذة الى اليسار. تلك الإضاءة تمنح المشاهد إدراكاً بعمق المشهد. مشاهد المعارك داكنة حتى تلك النهارية والمشاهد التي في قاعات القيادة أكثر إنشراحاً. بالمقارنة، هو جحيم الجبهة والراحة المخادعة للقيادة٠
وفي كل ذلك واقعية تثير العجب في كيف أن التصوير غير الملوّن- ذاك الذي لا يعكس الحياة كون هذه ملوّنة، هو أكثر واقعية وصدقاً من التصوير الملوّن. كوبريك صوّر أفلامه الثلاث السابقة  (وثلاثة أفلام لاحقة) على هذا النحو ودائماً بنتائج مذهلة في قدراتها٠
هوليوود لم يعجبها تحقيق فيلم بالأبيض والأسود. السينما كانت متّجهة الى الألوان والفيلم بدا مناسباً لعمل ملوّن كشأن فيلم ديفيد لين »جسر نهر كواي« في العام ذاته. لكن كوبريك أصر وتدخّل لصالحه الممثل كيرك دوغلاس الذي كان من بين أكثر نجوم السينما تأثيراً آنذاك. هذا دفع يونايتد ارتستس لتمويل الفيلم بميزانية 900 ألف دولار من بينها 300  ألف دولار أجر دوغلاس٠
بين الممثلين دور صغير لفتاة أدّتها الألمانية سوزان كرستيان التي أصبحت زوجة كوبريك فيما بعد. من الممثلين الآخرين رالف ميكر، جورج مكريدي، أدولف منجو وجوزف تيركل٠
 
الرسالة التي في بال كوبريك، والتي استنتجها من رواية همفري كوب (شارك كوبريك في كتابتها كل من كولدر ولنغتون والروائي جيم تومسون) هي فساد القيادة وعجزها عن إتخاذ القرار الصائب وقت المحنة. وفي طيّها إظهار الفوارق »الطبقية« بين صف الجنرالات الذين يعيشون في هدوء وسكينة يشربون الكونياك وبين الجنود الذين يضحّون بحياتهم في الخنادق. قوّة المدلولات كانت وراء قيام فرنسا بمنع الفيلم من العرض حتى العام 1975 حيث اكتشف النقاد والجمهور على حد سواء هذا الفيلم لأول مرّة

 إنه عن جنرال فرنسي (ماكغريدي) غير واثق ومُصاب بتشويه خُلقي يجعله غير قادر على ضبط مخاوفه، يأمر الكولونيل داكس (دوغلاس) بشن هجوم على القوّات الألمانية المتمركزة في نقاط قويّة. يدرك الكولونيل أن الهجوم سيكون إنتحارياً ويعترض على التضحية برجاله لكن الجنرال كان وعد قيادته (متمثلة بالجنرال الأعلى منجو) بتنفيذ الهجوم مقابل ترقيته. يذعن داكس في نهاية الأمر ويشهد مذبحة جنوده بسبب مناعة التحصينات الألمانية. فريق من الجنود الفرنسيين يهربون خلال المواجهة،  ما ينتج عنه قرار الجنرال محاكمتهم لكي يقتنص منهم تغطية لفشله هو وعجزه. يحاول داكس الدفاع عن جنوده بكل ما لديه من قوّة إدانة لكن التنفيذ يتم على أي حال٠
 في حين أن شخصية كيرك دوغلاس بسيطة التكوين، تثير التعاطف تلقائياً وتستمد نسيجها من الفترة الليبرالية لأميركا ذلك الحين، فإن شخصيّتي الجنرال برولار (منجو) وميرو (مكغريدي) هما اللتان تستوليان على اهتمام كوبريك. إزائهما يبدو المخرج مفتنّاً بالسلوكيات التي تميّزهما. بذلك الفساد الأخلاقي الذي يجعلهما أكثر تركيباً من شخصية بطل الفيلم. كوبريك مارس ذات الإفتنان الناقد حين أدار سترلينغ هايدن في الفيلم المعادي أيضاً للحرب والذي أخرجه سنة 1964
Dr. Strangelove or: How I Learned to Stop Worrying and Love the Bomb
كذلك مارسه حين رسم الحياة الرومانية الطاغية التي تستبيح التحكّم في حياة العبيد في فيلمه التالي، ومع كيرك دوغلاس أيضاً، »سبارتاكوس« (1960)٠
عناية كوبريك لإدانة هذه الطبقة المتسلّطة واضحة ليس فقط في تفنيد التصرّف والسلوك (مع إداءان مدهشان من الممثلين المذكورين) بل أيضاً في الحوار المسند إليهما. ميرو يقول لداكس »رجالك ماتوا بشكل رائع« كما لو أن حياتهم لا تعني له شيئاً. الأفدح أن الوصف المذكور يركّز على الشكل (الرائع) وليس على كلمة الموت، كما لو أن هذا لا شأن له٠
لسام بكنباه فيلم ضد القيادة  الأنانية والعاتية (الروسية والألمانية معاً) في فيلمه »صليب من حديد« الذي حققه سنة 1977 لكن في حين أنه وضع تلك القيادة في الخنادق (ولو بعيدة بعض الشيء عن الجبهة الفعلية) الا أن كوبريك وضع قيادة الجنرالات في قصر. بذلك أطّرها وحكم عليها بالإنتماء الى النخبة الإجتماعية وبسبب أفعالها أطّرها أيضاً كما لو كان يؤكد أن الشر يعيش رغيداً في القصور وهو يعيش فيها أبداً٠ 

PATHS OF GLORY
Directed By: Stanley Kubrick
Cast: Kirk Douglas, Ralph Meeker, Adolphe  Menjou, George Macready, Wayne Morris, Richard Anderson.
Screenplay: Kubrick, Calder Willingham, Jim Thompson. Cinematography: George Krause (B/W), Editor: Eva Kroll (87 min), Music: Gerald Fried.
Producers: James B. Harris, Kirk Douglas, Stanley Kurbick [USA-1957].



كمال الشيخ | الليلة الأخيرة
***1/2
مصر- 1962
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


يبدأ كمال الشيخ فيلمه  بتعليق صوتي من قِبل بطلة الفيلم نادية/ فوزية (فاتن حمامة). مع الكلمات الأولى كل شيء يبدو سعيداً. تقول إنه اليوم الأفضل في حياتها لأنه يوم زواجها. اليوم الذي ستتزوّج فيه من صلاح الرجل الذي تحبّه. وأن عليها أن تنهض من فراشها صباح هذا اليوم وتطرد الكسل فهناك الكثير مما يجب أن تنجزه اليوم استعداداً لحفلة العرس٠
تريد بعد قليل أن تستعيد هذه البداية منفصلة. ذلك أنها ستكون الذاكرة السعيدة الوحيدة التي ستمر بها هذه الشخصية. وهي سعادة تنتهي بمجرد أن تفتح الشخصية عينيها بالفعل وتكتشف أنها ليست من اعتقدت وأن محيطها الذي تعيش فيه هو محيط جديد جدّاً عليها. بداية، هي ليست فقط متزوّجة، بل أيضاً  لديها إبنة شابّة على وشك الزواج. وهي تعيش في بيت لا تعرفه ومع رجل غريب عليها يدّعي بأنه زوجها. ما الذي حدث؟
كمال الشيخ لم يُلقّب بهيتشكوك مصر من فراغ. لكن التعقيد البوليسي والغموض والتشويق ليست العناصر الوحيدة التي جعلت كمال الشيخ مخرج التشويق العربي الأول. هناك أيضاً نوعية معظم قصص أفلامه في ذلك الحين. تلك اليد القابضة على مسار الأمور بحيث أن الحكاية تضع سريعاً مسافات واسعة بينها وبين المنتشر من الأفلام. هي لا تزال حكاية مصرية بشخصيات مصرية، لكنها لا تشبه حكايات وشخصيات أفلام مصرية أخري. الوله هو التكوين التشويقي وكمال الشيخ أجاده٠
سنعرف، تبعاً للسيناريو الذي وضعه يوسف السباعي (وهناك الكثير من المقالات حول السيناريوهات التي وضعها نجيب محفوظ لكن ليس هناك مقالات حول تلك التي وضعها يوسف السباعي لسبب ما) أن تلك  المرأة ترفض تصديق أنها شقيقتها. هي نادية حسب إدراكها، وفوزية حسب تأكيد زوجها (محمود مرسي) الذي يكشف لها عن وثائق تؤكد أنها شقيقتها وبل أن قبر شقيقتها موجود. لكن، وكما تقول لاحقاً، إن لم تكن هي في القبر فمن تكون تلك التي في القبر؟ ليس السؤال بسيطاً والسيناريو مبني على محاولة فك حلقات من اللغز الواحد. هل هي مجنونة؟ هل هي فعلاً نادية كما تدّعي وليست فوزية كما يدّعي زوجها؟ وإذا كانت على حق فلماذا يريد زوجها ايهامها بأنها شقيقتها وليست هي؟ الأزمة هي أن نادية ليس عندها أي دليل وفي إحدى مراحل أزمتها تصدّق أنها فوزية ولو لحين. لكن بمعونة الطبيب (أحمد مظهر) الذي تثيره حالتها غير الواضحة تكتشف الحقيقة وتدرك أنها دخلت المستشفى وشقيقتها عندما قصفت الطائرات المغيرة (لابد أنها إسرائيلية) المدينة وأصيب المنزل في ذات يوم عرسها المنشود. هي عاشت وشقيقتها التي كانت متزوّجة من محمود مرسي ماتت، لكن هذا سعى مستغلاً حالة الغيبوبة التي مرّت بها لاستبدال هويّتها بهوية شقيقتها الميّتة طمعاً في الحفاظ على الإرث٠
ذكرت أن الحكاية مصرية والشخصيات كذلك، لكن هذا لا يمنع من استشفاف مرجعية عالمية السلوك وهذا راجع الى أن السيناريو مقتبس عن رواية لكاتبة غير مشهورة أسمها مرغريت واين (ياء مخففة) وقد حاولت البحث عما إذا كان »الليلة الأخيرة« مقتبس عن فيلم بدوره مقتبس عن رواية واين لكن ما وجدته من أفلام أجنبية تحت عنوان
The Last Night
 لا تمت قصصها بما اقتبسه يوسف السباعي، كما أن إسم مرغريت واين ليس مذكوراً في المراجع السينمائية ككاتبة تم الإقتباس عنها أجنبياً
في هذا الوضع يُثير أن الفيلم مصّر الأحداث بما فيها الكفاية من دون أن يعمد الى تعريب المجتمع المحيط. اكتفى بالشخصيات وبالخط القصصي كما تستطيع أن تدرك، إذا ما كانت لديك حرفة نقدية، أن التمصير شمل خلق حادثة الإغارة كفاصل لكل ما لحق من أحداث. كمال الشيخ كان »خواجة« بين المخرجين العاملين من دون خجل. لم يكن يؤمن كثيراً بالسينمات التعبيرية ولا الذاتية ولا الواقعية، بل بنى فيلموغرافية رائعة من الأفلام المنتمية الى عالم حيادي في كل شيء الا لجهة إحكام العناصر الفنية ممارساً ما آمن به هيتشكوك من أن لا شيء (ولا شيء على الإطلاق) يجب أن يدخل بين الفيلم وبين مشاهديه. على هذا الأساس، تشاهد »الليلة الأخيرة« مستمتعاً بسلاسته وبأجوائه وبخلوّه من الإفتعال وبتصويره (أبيض/ أسود لعبد الحليم نصر) ومونتاجه (لسعيد الشيخ) وبتمثيله. والتمثيل يعكس روح فترة كان الممثل يحترم نفسه باحترام الشخصية التي يؤديها.  بمعاملتها من دون ابتذال وبالإنصياع كاملاً للميزانسين الذي يمارسه المخرج. فاتن حمامة هنا مدهشة بقوّة تشخيصها. تبقى فاتن وتختلف عن فاتن في الوقت نفسه٠ 

الليلة الأخيرة
إخراج: كما الشيخ
تمثيل: فاتن حمامة، محمود مرسي، أحمد مظهر،  مديحة سالم، عبد الخالق صالح، علية عبد المنعم
سيناريو: يوسف السباعي. مدير التصوير (أبيض/ أسود): عبد الحليم نصر. توليف: سعيد الشيخ (110 دقيقة)٠
المنتج: جمال الليثي٠




Satyricon **** |   فديريكو فيلليني: ساتيريكون
ايطاليا - 1969
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ









بدءاً من »ساتيريكون« (او »فيلليني ساتيريكون« كما في العنوان الإيطالي)  خط المخرج فديريكو فيلليني منهجاً جديداً لأفلامه. قبل ذلك، في أفلامه من »الشيخ الأبيض« سنة 1952) الى »جولييت والأرواح« سنة 1965، هناك سينما تنتمي الى الرغبة في تكوين الرسالة التي يحملها كل فيلم ضمن عالم محدد الأماكن واقعي الشكل. بعد ذلك، هناك العالم الأكثر خيالية والأبعد منالاً عن المتوقّع من المعالجات. ويمكن الكشف عن هذا التباعد بمعاينة ابتعاد المخرج عن العمل (باستثناء مشاركته في »أرواح الموتى« الذي كان من تنفيذ عدد من المخرجين كل بفصل) لسنوات قبل العودة بفيلم يختلف عن أعمال المخرج السابقة في معظم جوانبه. ما يبقى على علاقة وطيدة هو الموقف الأخلاقي الذي من خلاله ينظر المخرج الى ما يتناوله منتقداً إنهيار الروح تحت وطأة المادة (وهنا تشمل المادة الغريزة)٠
 
لا يوجد إثبات على أن غاينوس بترونيوس  ( 27-66 بعد الميلاد) هو كاتب »ساتيريكون« لكن لا يوجد إثبات إنه لم يفعل. وصف الكاتب لحياة المجون في عهد الإمبراطور الروماني نيرو شعراً وحكاية دلّ على أن الكاتب لابد أن يكون من داخل هذا المجتمع  وبترونيوس كان في تلك الآونة من المقرّبين من نيرو وعمل مستشاراً  »للذوق« في بلاطه. لذلك، وبهذه الدلالة، ولعدم وجود مرشّحين، يمكن إرجاع »ساتيريكون« إلى بترونيوس والفيلم يحمل هذه المرجعية، لكنها مرجعية أدبية كون فيلليني وضع أسمه على العنوان كما لو أنه يؤكد بدوره على أن نظرة بترونيوس ليست كاملة ولا هي تشمل نظرة المخرج. ومع فيلليني، من هذه الزاوية حق أولاً لأنه فنان لديه رؤيته (تشابهت مع رؤية المؤلّف كما الحال هنا او لا) وثانياً لأن ما وصل من نص بترونيوس الينا اليوم هو -في أفضل أحواله- مقتطفات غير كاملة٠

العلاقة غير المنقطعة بين الأصل وبين الماثل على الشاشة هنا هي في أن الرواية كُتبت كما كانت تكتب الروايات القديمة لقرون عديدة (من »الإلياذة« وما بعد) حيث هي نص بين الروي والتوثيق وأقرب الى  التقطيع المشهدي منها الى العمل المروى بنَفَس واحد وبتطوّر درامي متواصل. في هذا الإطار الشخصيات ليست ما تحرّك النص  بل الوصف. أما الشخصيات فلا  عاملاً  أساسياً لها وفي مقدور الشخصية  التي تبدو  رئيسية في مقدمة النص أن تغيب تماماً بعد ذلك. الفيلم يأخذ هذا الوضع ويبثّه بأطره الجديدة. يجعل منه عملاً بصرياً أخّاذاً وإذا ما شاهدت أفلام المخرج الباقية، وجدته نقطة أكبر حجماً مما سبق ومتوازية مع تلك اللاحقة  على الصعيدين البانوراما البصرية الملقاة على التاريخ الإيطالي، وعمق هذا التاريخ. في ذلك الإتجاه هو الفيلم »التاريخي« الوحيد الذي حققه فيلليني



نتابع شابّين يترعرعان في كهوف ودهاليز روما الفترة الميلادية الأولى. العلاقة بينهما مشهودة منذ اللقطة الأولى. إنهما مثليّان  ولديهما حريّة الظهور على هذا النحو. لكن فيلليني لا يستخدمهما تأييداً بل سريعاً ما يكشف عن خيانة أحدهما للآخر أول ما يلتقي بصاحبه القديم. اما الشاب الثاني فينزوي. تنتقل القصّة الى مزيد من الشخصيات والمزيد من الآفات الأخلاقية المرصودة. خلالها يصطاد الفنّان مظاهر يحوّلها الى استعراضات كبيرة في لوحات مدروسة حركة وحواراً وألواناً وشخصيات. وهو يقدّم كل ذلك ليس من عين مخرج علمي التوجّه وصارم القضاء، بل يوفّر باروكة مغرية وساخرة وتكاد تعمل ضد نفسها من حين لآخر٠
التصرّف (الشهوة المباحة، الشره، الضغينة، الحسد، النميمة الخ...) ليس وحده ما يتحدّث فيه المخرج منتقلاً من نص/ لوحة الى نص/ لوحة أخرى، بل ما يعرضه في ذلك النص وما نسمعه  أيضاً. شخصياته مخيفة لو كانت واقعية، مثيرة للتندّر كونها ليست كذلك. بعضها مشوّهة، وبعضها عادي لكنه يتحرّك بصورة مشوّهة. الرجولية مخنّثة والأنثوية وحشية وكلاهما يبدوان هاجساً عند فيلليني كما لو أنه يعرضه ليقضي عليه ولا ينسى في غمار كل ذلك أن يبقى على سدّته في كيفية التعبير عما يُريد وما يعرضه على الشاشة من فن٠
العالم المرتسم على الشاشة في داخل الأقبية والبلاطات كما في خارجها هواجسي بالفعل. صوره الفاقعة وشخصياته الغريبة وحتى ما يؤكل على الموائد وما يُتلى من تعليق وتعريف وأشعار تشكّل عناصر كابوس لا ينتهي. وبالنسبة لفيلليني فإنه بدءاً من هذا الفيلم انتقل من مقاس معيّن يعكس فيه ما يريد الى مقاس أكبر. من خامة الى أخرى أكثر إشباعاً لحكاياته عن روما وإيطاليا والتاريخ وعن الذات البشرية التي إذ تتعرّض للفسد تتعرّض في رأيه لعوامل التحلل كيميائياً. »ساتيريكون« مُصدم وبقدر ما هو مصدم هو فني يشيع حبّاً بالسينما ويتركك مدهوشاً بعينين مفتوحتين على آخرهما تتلقيان دروساً في تاريخ من منظور فنان يراه غير جدير بالإحترام. بيروقراطي. نرجسي. ملذّاتي  وعفن٠

 SATYRICON
Directed By: Federico Fellini
Cast: Martin Potter, Hiram Keller,  Salvo Randone,  Max Born, Mario Romagnoli, Capucine, Alain Cundy,  Gordon Mitchell.
Cinematography: Gusippe Totunno (Color).  Editor: Ruggero Mastroianni (129 min),  Music: Nino Rota
Producer: Alberto Grimaldi [Italy- 1959]




 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  * ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Western |  وسترن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قد لا يكون هناك غيري في أمّة العرب لناحية حبّه  المعلن لسينما الوسترن. على الأقل لا أعرف أحداً يحبّها.كثيرون يرونها نموذج السينما »الإمبريالية«، وأكثر منهم يضمّونها الى ما سمعوا عنه ولم يشاهدوه ولا يكترثوا أن يشاهدوه. لكن هذا لن يمنعني من أمضي في إعلان حبّي لها متجاوزا الخمسينات الى ما قبلها وما بعدها. ولو أني أخاف الوحدة كثيراً



التقييم
الأفلام*   الى ***** حسب أهمية و جودة الفيلم معا
المخرجون‮:‬    من‮ * ‬الى‮ ***** ‬موقع المخرج  من الوسترن‮.
‬من طاريء او هامشي‮ ‬الى رئيسي‮ ‬ وبالغ‮ ‬الأهمية‮.‬

‮ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

The Battle at Apache Pass    *** | معركة عند ممر أباتشي
George Sherman **** | إخراج: جورج شرمان
تمثيل: جون لاند، جف شاندلر، بفرلي تايلر، بروس كاولينغ، سوزان
كابوت، رتشارد إيغن، هيو أوبرايان، جاك إيلام٠
 Universal- 1952


شخصية كوتشيز منحت الممثل جف شاندلر ثلاثة أفلام يلعبها. لقد مثّل شخصية كوتشيز، المحارب الهندي المنتمي الى الأباتشي في »السهم المذكور« ومثل الشخصية نفسها مرّة ثانية في هذا الفيلم  ثم مرّة ثالثة في »إزا إبن كوتشيز« سنة 1954. وكل هذا وشاندلر يهودي أبيض وُلد بإسم إيرا كروسبل لكن أدوار الهنود الحمر ذهبت في الثلاثينات وحتى الستينات، الى بيض غالباً. وشاندلر كان لا يزال في ذلك الحين ممثلاً متواضع الإمكانيات وبقي كذلك حتى رحليه. القصّة هنا تضعه وجهاً لوجه أمام الزعيم الهندي جيرونيمو، الشخصية الهندية الحقيقية الأخرى، كما يؤديها جاي سيلفز هايز الذي ظهر مع شاندلر أيضا في »السهم المكسور«. على كوتشيز أن يقنع جيرونيمو بأن السلام مع الإنسان الأبيض ممكن وضروري على الرغم من أن زوجة كوتشيز ماتت بفعل اعتداء عنصري٠
بطلي المفضّل لأدوار الشر جاك إيلام موجود في دور صغير هنا. كذلك بعض الوجوه التي دأبت الظهور في تلك السينما. أما جورج شيرمان (1908- 1991) فقد بدأ مساعد مخرج ثم مخرج في أفلام الوسترن الصغيرة لشركة ريبابلك ثم اعتلى بعض الإنتاجات الأكبر في ذات النوع من منتصف الأربعينات لحساب كولمبيا ويونيفرسال (ولاحقاً وورنر ويونايتد أرتستس). لم يكن مميّزاً للغاية لكنه كان جيد التنفيذ والنوع الثاني الذي أحسن تقديمه هو البوليسي. من أعمال الوسترن الأخرى في الخمسينات
War Arrow (1953),  Border River (1954), The Last of Fast Guns (1958)
Big Jake وآخر فيلم له كان وسترن أيضا وهو
سنة 1971 مع جون واين٠


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2009٠


Best Westerns 1951 | الزمن الباقي

YEAR 1 | ISSUE 42
A Weekly Review of Films By Mohammed Rouda



FlashBack



Earth (1930)

فيلم المخرج الأوكراني ألكسندر دوڤشنكو، وعنوانه الروسي أقرب الى »التربة« من الأرض، هو أحد الأفلام السوفييتية التي انتشرت بعد الثورة حاملة مفاهيمها وموجهّة الى الفلاحين والطبقة العاملة في عُرف ايديولوجي. رغم وضعيّته، هذا أفضل أفلام المخرج الذي ولد سنة 1894 ومات عن 62 سنة في العام 1956


ــــــــــــ أفلام من مهرجان الدوحة/ ترايبِِكا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الزمن الباقي | إيليا سليمان
***1/2




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك منوالاً واحداً من السرد يجمع بين أفلام إيليا سليمان الروائية الطويلة الثلاث الى الآن: "سجل الإختفاء«، و»يد إلهية« (العنوان الذي اعتمده المخرج نفسه من بين بضعة عناوين أخرى إنتشرت) و»الزمن الباقي«. إنه منوال من يرغب في أن يراقب ما يدور أمامه. وهذا المراقب هو المخرج حيناً وحينا الكاميرا التي لا تخرج من نطاق ذاته ولو أنها تضع المشاهد مكانه. المشهد الذي يجلس فيه الرجال في المقهى في »سجل الإحتفاء« والمشهد الذي نرى فيه المخرج وصديقته يجلسان في سيّارة يرقبان الحاجز الإسرائيلي وما يقع عنده، ومشهد الشاب الذي يخرج من البيت لرمي الزبالة فتتبعه فوهة الدبّابة الإسرائيلية المتوقّفة عند الباب، كلها مُصمّمة كمزج بين »ما أراه أنا المخرج" و"ما يراه المشاهدون معي" والتصميم نفسه منفّذ بدراية مسرحية. كل ما يحدث في أفلامه يحدث على خشبة الحياة وأمام كاميرا غالباً بعيدة كبعد المشاهد في مقعده عن خشبة المسرح

أيضاً، وفي الوقت ذاته، كل ما نراه هو رؤية ذاتية. هنا في فيلمه الجديد ت تُواصل ما بدأته في الفيلم الأول وما بلورته في الفيلم الثاني. لكن »الزمن الباقي« على حسناته في هذه النواحي المختلفة، ينجز في النهاية مستوى من الطرح أقل مما ينبغي. شيء في النهاية لا يوجز كل ما مرّ او يبني عليه الكثير. المشاهد المنتقاة لكي تُخرج الفيلم من تواريخه المختلفة (بدءاً بحرب 1948) الى حيث يحيا المخرج في الآن المكاني والزماني لا تحبل بالعلاقة والملاحظات النقدية للإسرائيليين ليست بحدّة وجدّة تلك الواردة في فيلميه السابقين، خصوصاً »يد إلهية«٠

هناك بالطبع التعليقات. منذ المشهد الأول حين يركب إيليا سليمان سيارة التاكسي التي يقودها يهودي إسرائيلي يعمد المخرج الى طرح تعليقه الأول على شكل سؤال. ها هي السيارة ماضية في الطرقات قاصدة العنوان (الذي لا نسمعه) الذي طلب الراكب (سليمان) من السائق التوجّه اليه قادماً من المطار. الرعد والبرق والمطر يعصف والسائق يقرر إنه لم يُشاهد حالة كهذه وينتقل بين النظر الى خارج السيّارة وبين النظر في المرآة صوب راكبه الجالس في صمت (تَخاله، بسبب العتمة وملابس الراكب السوداء نوسفيراتو الذي سينقض على السائق في أي لحظة). بعد قليل يعلن السائق وقد أوقف السيارة في مكان يبدو منعزلاً (من حيث ما هو مُتاح النظر اليه بسبب عدم وجود لقطة للمكان ذاته) أنه ضاع. يسأل ثلاث مرّتين قبل أن الإختفاء التدريجي الى سواد: "أين أنا؟" ٠
قبل ذلك بفترة يطرح السائق أكثر من سؤال على راكبه متوقّعاً منه تعليقاً او محادثة، لكن ذاك يلتزم الصمت، لكن السؤال المطروح في نهاية ذلك المشهد، "أين أنا؟"، يشابه السؤال غير المطروح مرّتين في فيلم سليمان السابق »يد إلهية« حين توقف سائحة رجل أمن إسرائيلي يقود معتقلاً فلسطينياً في شاحنة صغيرة تسأله عن الإتجاه الصحيح. إنه لا يعرف. يستعين بالفلسطيني لكي يدلّه. الفارق، بالطبع، أن المشهد الأول يحمل تعليقاً مُضحكاً كما هو دالاً، بينما يحمل السؤال المطروح مباشرة من قِبل السائق في نهاية ذلك المشهد دلالاته بجدّية٠

بعد ذلك ينتقل الفيلم الى العام 1948 حين تتشرذم المقاومة العربية وتفقد فاعليّتها. محافظ مدينة الناصرة يوقّع ورقة يعلن فيها استسلام بلدته، لكن إبنه (صالح بكري إبن السينمائي محمد بكري) يواصل محاولاته القتالية فيُلقى القبض عليه ويواجه الإعدام. المشهد الأخير له: جنديان يحملانه مغشياً عليه ثم يلقيان به من على حافة الجبل. الكاميرا بعيدة جداً وفي بعدها أفضل تعبير عن مأساة. إنها أمر مختلف عما لو كان المشهد مُصمماً -كما يهوى البعض- بلقطات قريبة تعمل بمقتضى المونتاج وتظهر رجلاً مضروباً ورجلين ضاربين، ثم لقطات قريبة لحمل ورميه وربما لقطة لتُرى الجثّة وهي تهوي. إيليا سليمان يعرف كيف يختار لقطاته الدالّة من دون استنزاف لا للعمل ولا للمشاعر وهذا يتماشى مع أسلوبه القائم على مُشاهد يُشاهد ويصبح شاهداً٠





الى العام 1970 حيث إبن الراحل (زهير أبو حنّا) فتى صغير ناشيء على تمرّد أبيه. العهد عهد الرئيس جمال عبد الناصر والصبي متشرّب بمفردات ذلك الحين السياسية ويسمّي الولايات المتحدة بالدولة الإستعمارية فيُطرد من المدرسة. هذا ليُظهر تأثير الفترة على الناس واستجاباتهم العاطفية، لكن الفيلم سريعاً من بعد يُظهر طينة »الإستعمار« الإسرائيلي فالمدرسة التي يتعلّم فيها الصبي تلقّن الأناشيد الإسرائيلية وتبتلع الثقافة العربية لتمحيها. هناك أيضاً عرض »سبارتاكوس« [ستانلي كوبريك- 1960] طبعاً ليس من باب التعريف بالمخرج وعمله، بل من باب الإحتفاء بالمرجعية الصهيونية وسليمان يختار هنا لقطة تمثّل كيرك دوغلاس الذي كان من بين أكثر ممثلي هوليوود تأييداً لإسرائيل ونشأتها والفكرة الصهيونية كلها٠
تنتهي هذه المرحلة في أواخر السبعينات. الصبي صار شابّاً والسُلطات ترحله من فلسطين ولو أن الأسباب تبقى غامضة. هذا الى أن يعود الشاب وقد أصبح رجلاً في شكل إيليا سليمان حيث يتواصل الفيلم مع مشهد البداية. ها هو الرجل يصل الى البيت والمقهى ويحاول مواصلة ما انقطع. لديه والدته التي لا تزال تحن الى زوجها الغائب وتعيش في صمت يشابه صمت الرجل الدائم. لقطات جميلة تلك التي يقف فيها الرجل ناظراً الى والدته بكل رويّة وحنان وأخرى زاخرة بالحزن لها وهي على مشارف الموت. هنا يضرب الفيلم وتراً حسّاساً تتحدّث عنه أفلام فلسطينية (روائية وغير روائية) لكن قلّما تعبّر عنه: العائلة وما نزل بها من أثر ماحق بسبب غياب بعض أفرادها في ظل ظروف وتبعت الإحتلال٠
ما سبق هذا الفصل النهائي من الفيلم هو بناء لاستعراض الوطن والمجتمع مفككا ومهزوماً مع إستعادة مشاهد معيّنة (الرجل الذي يُلقي السلام مهووساً والجار الذي يهدد بإشعال النار في جسده الخ...) وما يلي الفصل النهائي هو وقوف المخرج في اللحظة الحالية حيث لا ندري الى أين سينطلق بعد اليوم٠


سليمان يعمد الى أسلوب التابلوهات المسرحية. هذا يأتي بالتواؤم مع أسلوب النظر الى ما يحدث، لكنه في الوقت ذاته، وهنا أكثر من أفلامه السابقة، يكشف عن تأثّر المخرج بالمسرح وطبيعته. عن تصميمه الحدث على خلفية وموقعه بعيد (لقطاته بعيدة او بعيدة جدّاً) تماماً كما هو موقع المتفرّج حين يكون جالساً وسط صالة المسرح او حتى الى الأمام قليلاً او الى الوراء. يعكس ذلك أيضاً عدم تجاوب المخرج مع الرغبة في تقديم فيلم مبني على وتيرة وبإيقاع دراميين تقليديين. ما يعرضه في أي من أفلامه، ليس حكاية بل موقفاً، وإذا ما كانت هناك قصّة فهي قصّة الحياة الفلسطينية تحت إبهام الوضع السياسي الضاغط. ضغط عبّر عنه في نهاية الفيلم الأول (والده ووالدته جالسين في المطبخ والقدرة تغلي). في الفيلم الثاني انتقل به الى البذرة التي تفجّر الدبابة (عوض مشهد لا يبقى طويلاً في البال لدبابة تلاحق المتحدّث على الهاتف) والفتاة التي تجيد الضرب والقتال وتطيح بمتدرّبين في قوى الأمن الإسرائيلي. هذا كله ليصل الى ضغط من نوع آخر. لقد انجلت الحياة (تلك التي خاضها سليمان داخل الفيلم وخارجه) عن خسائر جسيمة في الكنية الفلسطينية. كَبَس المحتلّ على أنفاس المقاومة وأسس ما أراد. لكن داخل نظرات سليمان الحزينة (وداخل الحزن الشامل للفيلم) هناك مقاومة. تعلم أن النَفَس، ممثلة بالفنان ذاته داخل الفيلم وخارجه، لا تستسلم. ومقاومتها رفضه الحديث الى سائق السيّارة ورغبته في التواصل مع بلدته من حيث تركها. الهزيمة التي يعاني منها فعلياً هي هزيمة الإنسان حيال الموت. تلك المشاهد الأخيرة بينه وبين أمّه تجسّد أن كل شيء قد يقع، باستثناء الموت إذ لا احتمالات فيه٠


فلسطين/ بلجيكا/ ايطاليا- 2009
إخراج وكتابة: إيليا سليمان
تمثيل: إيليا سليمان، صالح بكري، ليلى معمّر، ياسمين حج، طارق
قبطي، زهير أبو حنّا، شفيقة بجالي
Marc-Andre Batigne: تصوير (ألوان)٠
Veronique Lange: توليف (110 د)٠
إنتاج: ميشيل جنتيل، إيليا سليمان
شركات الإنتاج
Nazira Films/ France 3 Cinema (France) Artemis
Prods./ RTBF (Belgium) Bim Distribuzione (Italy).



ــــــــــــ مسلسل: افضل أفلام الوسترن ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوسترن في الخمسينات - الجزء الثاني

في العدد الماضي قدّمت أفضل أفلام الوسترن التي تم إنتاجها سنة 1950 (او معظمها على الأقل). في هذا العدد انتقل الى انتاجات العام 1951
التقييم
الأفلام (حسب أهمية وجودة الفيلم معاً)٠
المخرجون‮:‬  ‬موقع المخرج من الوسترن‮. ‬من طاريء او هامشي‮ ‬الى رئيسي‮ ‬ وبالغ‮ ‬الأهمية‮.‬

‬1951





Across the Wide Missouri **** | عبر (نهر) ميسوري العريض
William A. Wellman **** | المخرج: وليام ولمَن
تمثيل: كلارك غايبل، ريكاردو مونتالبان، جون هودياك، أدولفي منجو٠
MGM ألوان- 93 د٠
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
The Ox-Bow Incident كان وليام ولمَن أخرج سنة 1943 فيلم حادثة أكسبو
وسترن رائع شكّل علامة فارقة بين اترابه إذ تحدّث عن اشتراك معظم أفراد بلدة في عملية شنق ثلاثة أبرياء اتهموا بأنهم قتلة. في هذا الفيلم، أراد ولمَن أن ينجز فيلماً بقوّة الفيلم السابق وبُعده، لكن شركة مترو أطاحت بطموحاته وقطعت من هذا الفيلم كما حلا لها ولم تعرضه الا بعد نجاح فيلم دلمر ديفز
Broken Arrow السهم المكسور
الذي تناولناه في العدد الماضي. في كليهما هناك معالجة لقضية الإختلاط العاطفي والجنسي بين أبيض وهندية. هنا يريد الفيلم عكس وجهتي نظر مخرجه ولمَن وكاتبه (جيمس فينمور كوبر) عبر تناول حباً بين
‬بين صائد الفرو كلارك‮ ‬غايبل والهندية ماريا إلينا ماركيز،‮ ‬يتابع باهتمام واضح تبدّل حياة حرّة ووثرية لهنود بلاكفوت في‮ ‬ولاية كولورادو نتيجة توسع البيض‮. ‬بطل الفيلم‮ ‬ينظر بقلق الى هذه التحوّلات ويحزن لها‮. ‬يصرف المخرج وقتاً‮ ‬متأنياً‮ ‬ليتابع فيه المكان ووحشته الجميلة في‮ ‬حضن تلك الطبيعة التي‮ ‬تنضوي‮. ‬مثل‮ »‬حادثة أكسبو‮«‬،‮ ‬يطرق المخرج مسائل أخلاقية جوهرية ويتعاطى مع دواخل شخصياته بإدراك وفهم‮. ‬في‮ ‬النهاية تموت البطلة بسهم من ريكاردو مونتالبان الذي‮ ‬أعتبر ما فعله إنتقاماً‮ ‬من الرجل الأبيض‮.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




Across the Great Divide **** | عبر القاسم العظيم
Raoul Walsh ***** | المخرج: راوول وولش
تمثيل: كيرك دوغلاس، فرجينيا مايو، وولتر برانان٠‬
WB. ألوان - 88 د٠
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة تكاد تكون عادية لولا بعض حسنات الكتابة وتنفيذ راوول وولش الذي‮ ‬هو واحد من أعمدة سينما الوسترن‮. ‬منفذ جيد‮ ‬يستطيع تحويل أي‮ ‬قصة الى ترفيه مثير ومتواصل شأن عدد من أترابه‮ في تلك الفترة مثل ‬ألان دوان،‮ ‬روبن ماموليان،‮ ‬هوارد هوكس،‮ ‬أندريه د توث. ‬تتحدث القصة عن مارشال‮ (‬كيرك دوغلاس في‮ ‬أول فيلم وسترن له‮) ‬يعتقد إنه تسبب في‮ ‬موت والده ما‮ ‬يجعله‮ ‬يشعر بعقذة ذنب‮ ‬يستخدمها الفيلم خلال علاقته مع رجل في‮ ‬عمر أبيه‮ (‬وولتر برينان العجوز دائماً‮) ‬متهم بجريمة لم‮ ‬يرتكبها‮. ‬دوغلاس‮ ‬ينقذ برينان من الشنق ثم‮ ‬يمضي‮ ‬به الى‭ ‬بلدة أخرى لكي‮ ‬تتم محاكمته‮. ‬حين تقضي‮ ‬المحكمة هناك بأنه مذنب‮ ‬يقرر دوغلاس،‮ ‬وقد أيقن من براءة برينان،‮ ‬البحث عن القاتل الحقيقي‮ ‬وتقديمه الى العدالة قبل فوات الأوان‮. ‬معظم الأحداث تقع على الطريق بين البلدتين ويستغلها وولش لمعالجة خشنة‮ ‬ومثيرة في‮ ‬ذات الوقت‮. ‬

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



Distant Drums *** | الطبول البعيدة
Raoul Walsh **** | المخرج: راوول وولش
تمثيل‮: ‬ غاري كوبر، ماري ألدون، رتشارد وَب، راي تيل، آرثر
هنيكَت٠
Distant States Pictuers/ WB أبيض/ أسود - 101 د٠
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أقل إبهاراً‮ ‬اليوم مما كان عليه حين تم إنتاجه كمادة سهلة للتسلية العابرة‮. ‬هنود السيمينول في‮ ‬ولاية فلوريدا‮ ‬يواجهون القوّات البيضاء في‮ ‬تلك الأحراش والغابات الممتدة بمستنقعاتها وبركها المتحركة‮. ‬ومهمة بطل الفيلم‮ (‬كوبر‮) ‬إنقاذ من‮ ‬يستطيع من أسر الهنود والتوجه بهم الى منطقة‮ ‬يساعدون فيها المستوطنين والجنود الدفاع عن نفسها‮. ‬لا شيء أكثر من الحكاية التقليدية لولا أن وولش‮ ‬يضخ فيها تلك المشاهد الجميلة والمنفّذة جيّداً، بينما‮ ‬يعكس‮ ‬غاري‮ ‬كوبر روحاً‮ ‬مرحة حيناً‮ ‬وجادة حيناً‮. ‬في‮ ‬الأصل كان‮ »‬طبول بعيدة‮« ‬فيلما حربياً‮ ‬أخرجه وولش بنفسه سنة 1945 ‬بعنوان‮ »‬الهدف بورما‮« ‬وقرر هنا نقل شخصياته الى الغرب والعدو الياباني‮ ‬يصبح من هنود السيمينول‮. ‬بالمناسبة أيضا،‮ ‬هنود السيمينول سكنوا ولاية فلوريدا‮ (‬ولا‮ ‬يزال لهم وجود في‮ ‬وسطها‮) ‬وعُرف عنهم، دون سواهم من الهنود، صداقتهم مع الرجل الأسود ‮. ‬كثيرون من الأفرو أميركيين لجأووا اليهم بحثاً‮ ‬عن الأمان من الرجل الأبيض‮ بسبب تبعيات الحرب الأهلية في القرن التاسع عشر٠

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



Fort Defiance *** | فورت دفيانس
John Rawlins *** | إخراج: جون رولينز
تمثيل‮: بن جونسون، دين كلارك، بيتر غريفس، ترايسي روبرتس‬
ٍVentura Films ألوان- 81 د٠
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فيلم صغير برسالة جيدة‮ من مخرج مجهول لدينا رغم مستوى أعماله الجيد. تقع الأحداث في‮ ‬البراري‮ ‬الموحشة‮. ‬ما‮ ‬يزيدها وحشة أن أحد أبطال الفيلم أعمى‮. ‬البطولة الفعلية لبن جونسون الذي‮ يؤدي الشخصية الغربية طولا وعرضاً‮ ‬وعمقاً‮. ‬إنه‮ ‬يبحث عن دَين كلارك الذي‮ ‬تسبب هروبه من المعركة خلال الحرب الأهلية في‮ ‬مقتل كل رجال جونسون‮. ‬يلتقي‮ ‬بشقيق الهارب‮ (‬غريفس‮) ‬ليكتشف إنه أعمى‮. ‬ثم‮ ‬يلتقي‮ ‬بكلارك وصديقه الشرس‮ (‬تراسي‮) ‬وفي‮ ‬وسط معركة بالأيدي‮ ‬بين جونسون وكلارك‮ ‬يظهر الهنود الحمر‮... ‬التهديد الذي‮ ‬سيواكب رحلة الرجال الأربعة حتى نهاية الفيلم‮.‬
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



Man in the Saddle **** | رجل في الصهوة
Andre de Toth ***** | إخراج: أندريه د توث
تمثيل‮: ‬راندولف سكوت، إلين درو، جوان لسلي، ألكسندر نوكس، رتشارد
روير، جون راسل، ألفونسو بوديا، كاميرون ميتشل‮.
Columbia أبيض/ أسود - 87 د٠
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راندولف سكوت كان من أكثر‮ ‬ممثلي‮ ‬أفلام الوسترن قابلية للتصديق وإمعاناً‮ ‬في‮ ‬الدور المرسوم له،‮ ‬ومن بين أفضلهم‮ ‬إن لم‮ ‬يكن أفضلهم‮. ‬نقطة على السطر‮. ‬في‮ ‬العام 1951 ‬عندما مثّل هذا الفيلم كان سكوت الذي‮ ‬تمتع بقامة ممشوقة،‮ ‬أصبح في‮ ‬الثالثة والخمسين من عمره،‮ ‬لكنه‮ ‬يبدو هنا عشر سنوات أقل نحيفاَ،‮ ‬وسيماً‮ ‬ومحافظاً‮ ‬على حيويته‮. ‬وفي‮ ‬أحد مشاهد الفيلم الحاسمة‮ ‬يَضرب ويُضرب ويقع ويوقع ويتدحرج تحت عواميد بيت‮ ‬ينهدم فوقه وفوق عدوّه (جون راسل) في‮ ‬تلك المعركة‮. ‬ثم لاحقا ما‮ ‬يتدحرج وإياه فوق الأرض الصخرية لنحو مئة متر‮... ‬كل هذا حقيقي‮ ‬ولا تقل لي‮ ‬مؤثرات خاصة ولا‮ »‬دوبلير‮« ‬ولا‮ ‬يمكن المخاطرة بالممثل حتى‭ ‬لا‮ ‬يتعطل التصوير‮.... ‬هذه هي‮ ‬سينما الوسترن‮. ‬إنه الفيلم الأول بين الممثل‮ ‬والمنتج هاري‮ ‬جو براون وأحد لقاءاته مع دي‮ ‬توث الذي‮ ‬يقدّم هنا أحد أفضل خمسة من أعماله‮. ‬سكوت هنا‮ ‬يخسر صديقته لسلي‮ ‬لصالح الثري‮ ‬والفاسد نوكس الذي‮ ‬لا‮ ‬يرضى لسكوت أن‮ ‬يبقى في‮ ‬الجوار فيدبر له تهمة ويطرده من البلدة‮. ‬تلتحق به إلين درو‮ (‬واحدة من الممثلات المدمنات على الوسترن) ‬حيث‮ ‬يلحق بهما صديقها جون راسل وتقع تلك المعركة‮. ‬حين‮ ‬يعود راسل الى نوكس‮ ‬يقتله هذا معتقدا أن المرأة التي‮ ‬تشاجر مع سكوت من أجلها هي‮ ‬لسلي‮ ‬التي‮ ‬كانت هربت‮. ‬المعركة الأخيرة تقع في‮ ‬البلدة والميزان لصالح سكوت حتى النهاية‮. ‬لكن كل شيء بإقناع وبإثارة‮. ‬يستفيد الفيلم من حبكة جيّدة جدّاً (مقتبسة عن قصّة لكاتب وسترن ممتاز هو إرنست هايكوكس) وتمثيل تجده فقط بين هذه الأسماء وفي‮ ‬هذه السينما‮: ‬درو الناعمة بقوّة،‮ ‬راسل العملاق،‮ ‬ألفونسو بوديا،‮ ‬المكسيكي‮ ‬الخاطف للمشاهد وكاميرون ميتشل الذي‮ ‬ظهر لاحقا في‮ ‬مسلسل‮ »‬بونانزا‮«. ‬اما ألكسندر نوكس فإنه من المجرمين الذين تحب أن تكرههم‮.‬
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



Rawhide **** | روهايد
Henry Hathaway **** | اخراج: هنري هاذاواي
تمثيل‮: تايرون باور، سوزان هايوورد، هيو مارلون، دين جاغر، جاك
إيلام، جورج تابياس، إدغار بوكانن٠
20th Century Fox أبيض/ أسود- 90 د٠

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لم‮ ‬يعلّق أحد آمالا كبيرة على قصة وسترن عادية حول عصابة تحتجز رهائن بإنتظار السطو على العربة المقبلة‮. ‬لكن هنري‮ ‬هاذاواي،‮ ‬في‮ ‬أول وسترن له منذ تسعة عشر ‬سنة،‮ ‬أحب الفكرة وأعجبته مسألة أن تايرون باور ليس بطل وسترن ولا‮ ‬يدعي،‮ ‬حسب شخصيته هنا،‮ ‬إنه ذلك‮. ‬النتيجة واحد من تلك الأعمال المثيرة من أولها لآخرها‮ ‬يزيدها حدة أن جاك إيلام إنبرى لاعباً‮ ‬دور قاتل سادي‮ ‬مهووس‮ ‬يقطر شراً‮. ‬توم‮ (‬باور‮) ‬يعمل في‮ ‬محطة عربات في‮ ‬أرض بعيدة ويستقبل عربة ركّاب تتوقف ليرتاح من فيها‮ (‬وبينهم إمرأة جميلة‮ ‬هي‮ ‬سوزان هايوورد‮). ‬بعد قليل من وصولها تهاجم عصابة شريرة المكان وتقتل رئيس المحطة‮ (‬بوكانن‮) ‬وتحتجز باور والمرأة‮ (‬وطفلتها‮) ‬في‮ ‬غرفة‮. ‬عين جاك إيلام الصحيحة‮ (‬الثانية عوراء‮) ‬على المرأة ومسدسه جاهز ليقتل به حتى طفلتها الصغيرة إذا ما فقد ما تبقى من أعصابه‮. ‬على باور أن‮ ‬يستخدم ذكاءه وليس عضلاته لإنقاذ نفسه والمرأة والطفل والعربة المقبلة التي‮ ‬ستصبح الضحية التالية‮. ‬بعد ثلاثة أعوام سيعود هاذاواي‮ ‬لإخراج‮
Garden of Evil حديقة الشر
مع سوزان هايوورد أيضاً بالإضافة الى غاري كوبر ورتشارد ويدمارك٠
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



Texas Rangers *** | تكساس رانجرز
Phil Karlson *** | إخراج: فل كارلسون
تمثيل‮: ‬ جورج مونتغمري، غيل ستورم، وليام بيشوب، إيان
مكدونالد، نواه بيري جونيور
Columbia ألوان- 75 د‬
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قليلون جداً‮ ‬يتذكرونه‮. ‬جورج مونتغمري‮. ‬لم‮ ‬يكن ممثلاً‮ ‬كبيراً‮ ‬ولا متمكناً‮ ‬من أي‮ ‬شيء بإستثناء أن‮ ‬يُظهر كم موهبته مصنوعة من أخشاب الغابات التي‮ ‬تدور فيها بعض أفلامه‮. ‬هذا الفيلم الذي‮ ‬أخرجه كارلسون‮ (‬شهرة أفضل في‮ الستينات و‬السبعينات قبل أن تنطفأ مجدداً‮ ‬في‮ ‬الثمانينات‮) ‬يدور حول ثلاثة من بوليس‮ »‬تكساس رانجرز‮« (‬مونتغمري،‮ ‬إيان بيشوب ونواح بيري‮ ‬جونيور‮) ‬يتخفّون في‮ ‬صورة خارجين على القانون لكي‮ ‬ينالوا من المجرم إيان ماكدونالد وعصابته‮. ‬كارلسون‮ ‬يخرج الفيلم بما‮ ‬يناسبه من إدارة وقوّة،‮ ‬لكن مونتغمري‮ ‬يبدو مقروصاً‮ ‬معظم الوقت ولا‮ ‬يمنح الشاشة اي‮ ‬تشخيص حقيقي‮ (‬رغم أن‮ »‬تكساس رانجرز‮« ‬كانوا حقيقيين‮). ‬هذا‮ ‬غير الفيلم الذي‮ ‬أخرجه كينغ‮ ‬فيدور تحت العنوان نفسه‮ (‬وبقصة مختلفة‮) ‬سنة ‮٥٣٩١.‬



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2009٠