Year One | Issue 41
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
FlashBack
الفيلم الذي وَضع ميرلين ديترتش على الخارطة كنجمة في الثلاثينات والأربعينات هو أحد أفضل أفلام المخرج الألماني جوزف فون شتينبرغ. قصّته عرفت اقتباسات لاحقة متعددة: الأستاذ الشريف الذي يقع في حب الغاوية عبر التردد علي الملهى الليلي الذي تعمل فيه. الأستاذ هو إميل جننيغز (الذي ورد أسمه في فيلم كونتين تارانتينو الأخير »أبناء زنا بلا مجد«٠
حديث السينما ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هل تستطيع أن تسمّى شريطاً مبيناً على كاميرا تعايش أوضاعاً تقع في لحظتها بكاميرا محمولة بالفيلم؟
السؤال تردد سابقاً وكانت النتيجة غالباً بنعم، على أساس أن الشروط التقنية المُنتجة (كاميرا ولو دجيتال) متوفّرة. لكن هذه المرّة يٌطرح مجدّداً على أساس أن الشريط الذي تسلل الى العروض لا يحوي سوى ذلك الشرط التقني المحض٠
Paranormal Activity **
هو ذلك الفيلم. كتبه وأخرجه وقام بتصويره ومونتاجه أورَن بيلي، وقام بالتمثيل فيه مجموعة من المجهولين الذين يدركون أنهم بلا شخصيات مرسومة درامياً بل عليهم معايشة الواقع حسب كاميرا تقول للمشاهدين إنها إنما تنقل الحقيقة في كل »بيكسال« من التصوير٠
تكلّف خمسة عشر ألف دولار (ما يعني أن ممثليه اشتغلوا لقاء سندويتشات على الغذاء ونسبة من الأرباح لاحقاً) وأنجز الى الآن خمسة عشر مليون دولار وهو كان عُرض سنة 2008 في مهرجان صغير للأفلام الناشزة أسمه سلامدانس (يُقام لجانب سندانس ويحتوي عادة على أفلام تخفق في دخول المهرجان الأشهر) والتقطته شركة باراماونت ودفعته تدريجياً حتى بات، مثل عنوانه، ظاهرة غير طبيعية٠ وأقول أيضاً أنها غير صحيّة: إذ ليس لهذا الفيلم أي عناصر درامية او إنتاجية ولا تسل عن أي جانب فني. إنه شوك ثمرة الصبّير: عارية تماماً حتى من اللون. لكني لن أقول إنه ليس فيلماً ذكي الغاية من حيث أنه يوظّف ما يصوّره (حالات شبحية لأرواح ونشاطات غير طبيعية لها) للتواصل مع مخاوف المشاهدين من مثل هذه الظواهر ذاتها. إنه عن رجل وإمرأة (ميشا سلوت وكاتي فيذرستون) ينتقلان الى بيت مسكون ولمعرفة من يسكنه ينصب الزوج كاميرا ذات قدرة على التصوير الليلي وغير الطبيعي والناتج لقطات لأرواح هائمة تنتقل بالتدريج من غير مؤذية الى مُخيفة وخطرة. مثل فيلم »بلير ويتش بروجكت« قبل عشرين سنة، هذا الفيلم يقول لنا أنه أُلتقط من فيلم دجيتال تم تصويره فنحن نرى الفيلم من منظور كاميرا أخرى٠
هناك شيء في السينما إسمه البناء الدرامي، يُسمّى بالإنكليزية
Dramatic build-up
The Composition of a film وهو يتضمّن ما يُسمّى بـ »صياغة الفيلم«٠
وحين تستخدم التعليق الصوتي في مطلع الفيلم لتصف الفيلم الذي نشاهده تكون أخللت بالبناء الدرامي من حيث أن المشاهد الآن ليس لديه اسئلة عما يدور إذ يعرف سلفاً أين هو ومع من. هذا ما يحدث في
The Invention of Lying **
قصّة رجل (الممثل الكوميدي ريكي جرفيه الذي أخرج الفيلم مع ماثيو روبنسون) في عالم لا يعرف الكذب يكذب للمرّة الأولى. يبتدع الكذب، كما يقول العنوان. عالم يعمد الى الحقيقة في كل ما يقوله بما في ذلك الإعلانات. إعلان البيبسي كولا هو »حين لا يوجد هناك كوكا كولا«، على أساس أنها (في أميركا على الأقل) تحل في المركز الثاني. بتلك العبارة فإن الشركة لا تكذب كذلك لا تكذب الشركة المنافسة كوكا كولا حين تعلن "أسألك أن لا تتوقّف عن شراء الكوكاكولا«٠ حسناً دخلنا مظاهر ذلك العالم من بعد أن شوّه التعليق الصوتي بعض جوانبه والآن لدينا مارك (جرفيز) الذي يعمل كاتب سيناريو فاشل في شركة أفلام تقرر طرده من العمل. في عالم لا يعرف الكذب سيتقدّم منه موظّفون ليقولون له "إرتحنا منك" مبدين له شعورهم باللا أسف لقرار صرفه. وما هي الا عبارات أخرى قليلة من تلك الصراحة الكاذبة (بدورها) حتى تبدأ بالتساؤل عما إذا كان المخرج - المؤلّف امتلك فعلاً ناصية العمل بحيث يسد كل تلك الثغرات التي تكتنزها فكرة كانت بحاجة لأن تكون فلسفية قبل أن تكون كوميدية٠
الجواب لا. »ابتكار الكذب« يستمر على هذا المنوال منحدراً كل قليلاً محوّلاً ما كان يمكن أن يكون فكرة فيلم يشع بالذكاء الى مجرد عرض له خاصيّة تلفزيونية كتلك الخلفية التي جاء منها جرفيز نفسه٠ طرفة إبتداعه الكذب لأول مرّة جيّدة، باقي التداعيات اجترار يأمل في أن يصل الى إنجاز مقابل بين عالمين: واحد بريء من الكذب والآخر عرف الكذب لتوّه٠
بينما أنجز فيلم مايكل مور الجديد
Capitalism: A Love Story ***
نحو عشرة ملايين دولار في أسبوعين، أنجزت إعادة إطلاق فيلم
Toy Story ****
بالأبعاد الثلاثة 25 مليون دولار ولا يزال قويّاً في عروضه. الفيلم الأول، كما نعرف هو وثائقي سياسي حول الوضع الإقتصادي المهزوز للولايات المتحدة. الفيلم الثاني أنيماشن عن اللعب المهدّدة وما تفعله لإنقاذ نفسها وأصحابها. فيلم للتفكير وفيلم للترفيه والجمهور يود الترفيه، ولو أن مضمون مور مهم لكل المشاهدين كونه يتّصل بأزمة تحوم فوق قطاعات عديدة منهم٠
المشكلة هي أن الناس، في غالبيّتها، لن تضحي بالترفيه لقاء أن تعمد الى السينما الجادّة التي تريد فتح عينها على الواقع. أن تفكّر خلال مشاهدة فيلم هو شجاعة منك كمشاهد وتضحية أيضاً على أساس أن السائد هو أن دخول السينما يتم لكي ترتاح عينك من ملاحظة الواقع وتلتهي بالخيال حتى إذا ما كانت هناك رسالة في الفيلم الخيالي كما هو الحال مع »توي ستوري« او فيلم الأنيماشن الآخر »غائمة مع فرص سقوط كرات لحم«٠
Cloudy with a Chance of Meatballs **
مشكلة أخرى، هي أن فيلم مور يتناول ما عاشته الحياة السياسية والإقتصادية والإجتماعية الأميركية لعام كامل قبل خروج الفيلم. محطّات التلفزيون ووسائط الإعلام الأخرى قتلت وشرّحت جثّة هذا الموضوع طويلاً بحيث أن »لغزيّته« والحاجة الى إكتشاف جديد فيه أمران يبدوان لكثيرين عاملاً غير مهم٠
مسلسل ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوسترن في الخمسينات
الوسترن من العام 1950 الى نهاية ذلك العقد (1959 ) احتوى على عدد كبير جداً من الأفلام الآتية من مضارب مختلفة. إنه عقد ثري جداً ومركّب. فيه الأفلام التي سارت على منوال عقد الأربعينات التقليدي، ذلك القائم على مغامرة محددة الأطر وفيها مواقع وتقسيم أدوار خير وشر على نحو كلاسيكي. البطل بطل والعدو (أبيض او هندي) عدو، وبينهما فرسخ كبير٠ فيه أيضاً الأفلام التي اختلفت عن ذلك الطرح. هنا بات البطل متبايناً عما كان عليه، كذلك العدو. في هذا الإطار خرجت أفلام تحتفي بالهندي الأحمر وأخرى تذهب الى حد نقد البيض. أخرى قدّمت البطولة مدار تساؤل، وأخرى أظهرت جوانب إجتماعية لم تكن مطروحة من قبل.
في مجمله العقد الخمسيناتي هو محطة مهمة قبل التغيير الآخر الذي طرأ في الستينات وما بعد. ومن بعد فترة برزت فيها قدرات مخرجين رائعين في الأربعينات منهم جون فورد وراوول وولش وهنري هاثاواي وجون ستيرجز وهوارد هوكس وألان دوان. في الحقيقة حتى هؤلاء قدّموا أفضل أعمالهم في الخمسينات وليس قبلها. او على الأقل لم يقدّموا أفضل منها في الأربعينات. في الخمسينات أيضا برزت أسماء جديدة في النوع المذكور: انطوني مان قدّم سلسلة لا يمكن تجاوزها، بل ذكر كلمة »وسترن« من دونها. بَدْ بُويتيكَر أتقن مهارته في تلك الفترة بعدما بقي لحين يصنع أفلام وسترن فئة B كما كانت هوليوود تقسّم الأفلام الى صنفين أول وثاني.
القائمة التالية ليست من باب إحتواء كل شيء (هذا بحاجة الى كتاب) بل بغاية الوقوف على تلك التي ميّزت العقد أكثر من غيرها. إنها من بين مئات الأفلام التي شاهدها الناقد التي عنت شيئا في حقل او في أمر يعنينا كهواة ويعنينا كمتابعين لتاريخ. ولا أعني لتاريخ السينما وحدها. هي أيضا للكشف وللذاكرة ولأسماء مرت في سماء السينما شاهدناها صغاراً او ربما لم نشاهدها بعد، لكن عدم مشاهدتها لا تنفي إنها لم تكن موجودة وإنها أثرت لا سينما الوسترن الرائعة وحدها بل السينما بأسرها.
الوارد هذا الأسبوع هو ما يعتبره الناقد أهم وأفضل الأفلام التي تم إنتاجها في العام الأول من العقد 1950
التقييم
الأفلام: من * الى ***** حسب أهمية و جودة الفيلم معا
المخرجون: من * الى ***** موقع المخرج من الوسترن.
من طاريء او هامشي الى رئيسي وبالغ الأهمية.
1950
Broken Arrow **** | السهم المكسور
Delmer Daves ***** | المخرج: دلمر دايڤز
تمثيل: جيمس ستيوارت، جف شاندلر، دبرا باجيت، ويل غير، جاي سلفرهيلز٠
20th Century Fox ألوان- 93 د٠
عن رواية لكاتب وسترن معروف إسمه إليوت أرنولد خرج هذا الفيلم المختلف إذ حمل على عاتقه تغيير المعالجة العنصرية تجاه الهنود. كانت أفلام الوسترن السابقة تعاطت معهم -غالباً- على أساس إنهم مجتمعات بدائية حيث المشاعر والأحاسيس الإنسانية شبه معدومة. هنا يدعو الفيلم الى قبول الآخر ونقد الذات. جيمس ستيوارت في دور كشّاف أبيض يتدخل لدى الأباتشي الذي يقودهم كونتشيز (شاندلر) للسماح بالبريد بالمرور في الأراضي التي يسيطرون عليها. كما غيره، كان يعتقد إنهم المسؤولون عن العنف في تلك المنطقة لكن يتبيّن له إن البيض هم المسؤولون. يجد الأباتشي مسالمين ويقع في حب إبنة زعيم القبيلة باجيت ويزمع الزواج منها (أمر لم يكن مطروقاً مطلقاً من قبل) لكنها تُقتل برصاص البيض ما يولد نار الحقد في صدره لولا إن الهنود كانوا علّموه أن ينبذ العنف. بينما (شاندلر في أول دور له كهندي) مناط به تشخيص نمطي -ولو سياسياً مقبول- فإن ستيوارت هو الذي عليه إثارة التعاطف وإيصال رسالة الفيلم الى مستقبليها وهو يؤدي كلا المهمتين جيداً. تصوير جيد (لإرنست بالمر) وإخراج متبلور لسيناريو كتبه ألبرت مالتز الذي عانى بعد ذلك من المكارثية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Devil's Doorway **** | بوابة الشيطان
Anthony Mann ***** | المخرج: أنطوني مان
تمثيل: روبرت تايلور، لويس كالهرن، باولا رايموند، مارشال تومسون، إدغار بوكانن.
MGM أبيض/ أسود - 84 د٠
هذا الفيلم أصدق منوالاً من الفيلم السابق في تناوله موضوع النظرة العنصرية البيضاء صوب الهنود. مشكلة »السهم المكسور« إن التخلص من رسالة مفادها التزاوج بين الأجناس يتم بقتل الحبيبة. هنا لا تراجع أمام الفيلم من أن يطرق الموضوع الذي بصدده بجدية. تايلور نصف هندي نصف أبيض خدم في الجيش الأميركي وخرج بميدالية. لكن لا تلك الخدمة العسكرية ولا الميدالية ولا تشبعه الثقافي بالحياة المسيحية سيؤمن له كرامته حين يطرق البيض الطامعون في أرضه الصغيرة (التي إشتراها وسجّلها كما يفعل البيض) بابه. أبواب العدالة موصدة وعلى تايلور أن يدفع حياته ثمناً لكرامته. يتطرق المخرج مان الى موضوع الهوية والإنتماء والإنتقال بين هذه وتلك. ويسوق نهاية مأسوية مقبولة ومعبّرة. تم إنتاج الفيلم قبل »السهم المكسور« لكن مترو خشيت إطلاقه. حين نجح فيلم دلمر ديفز تشجعت لكن ترددها ذلك تسبب في الإقلال من شأن وقيمة الفيلم لدى المؤرخين لفترة طويلة. أول وسترن لمان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
The Gunfighter *** | المقاتل
Henry King *** | المخرج: هنري كينغ
تمثيل: غريغوري بك، هيلين وستكوت، كليف كلارك، سكيب هوميير، ميلارد
متشل، كارل مالدن، رتشارد جايكل، جاك إيلام.
20th Century Fox أبيض/ أسود - 84 د٠
مسلح (بك) يعود الى بلدته الصغيرة لكي يرى زوجته وإبنه بعدما كان تركهما قبل سنوات. يجلس في الحانة منتظراً بعدما أرسل صديقه الشريف (متشل) لإقناع زوجته (وستكوت) بمقابلته. خلال ذلك يتعرّض لمواقف من أشخاص يريدون البرهنة على أنهم أسرع منه في سحب المسدس (أولهم جايكل). إنه متعب ولا يريد قتل أحد لكن نهاية مأساوية بإنتظاره. غريغوري بك مناسب ومقتصد التعبير كعهده. لكن جودة الفيلم في معالجة ذلك الإيقاع الطويل بأسلوب تنفيذ محكم يستدعي فيلم فرد زنمان »منتصف النهار« او
High Noon
الذي تم إنتاجه بعد سنوات قليلة. كارل مالدن (من فريق »على رصيف الميناء« لإيليا كازان فيما بعد والشرير في فيلم مارلون براندو الوسترن »جاك ذي العين الواحدة«)، يؤدي دور صاحب البار. كينغ لم يكن من مخرجي الوسترن الدائمين لكن حين دلف الى النوع نجح في إنجاز بعض الأفلام الجيدة كهذا الفيلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Rio Grande ***| ريو غراندي
John Ford ***** | إخراج: جون فورد
تمثيل: جون واين، مورين أوهارا، بن جونسون، كلود جارمان
ج.، هاري كاري ج.، تشيل ويلز، فكتور ماكلاغلن.
ٍRepublic أبيض/ أسود 105 د٠
هذا الفيلم الثالث من ثلاثية أخرجها جون فورد عن فرسان العسكر الأميركيين. بعض النقاد يعتبره أفضلها لكن نظرة أكثر تفحصاً تظهر كيف أن الموديل الواحد من المعالجة والتفكير يبدو وقد قسّم الى ثلاثة أعمال متساوية. واين هو الكولونيل الصارم الذي دفع عاطفيا ثمن صرامته إذ إنفصلت عنه زوجته ( أوهارا). يتم تعيين إبنه جف (كلود جارمان ج) تحت إمرته ما يتسبب في معاناته شعوراً مزدوجاً: يشعر بالذنب من ناحية ويريد توريث إبنه القسوة التي يراها السبيل لإنشاء قائد ناجح. هناك الإعجاب الفائض والمزعج بالشخصيات الإيرلندية (كونه إيرلندي الأصل بدوره) على حساب غيرها. يجلب فورد الى الفيلم مجموعته من الممثلين: بن جونسون، فكتور ماكلاغلن، كاري هاري، مورين أوهارا وطبعا جون واين. اليهم يظهر باتريك واين، إبن جون، في دور صغير. آنذاك كان جون فورد لا يزال يحقق أفلاما الأشرار فيها من الهنود الحمر. البيض إنما يدافعون عن أنفسهم وحضارتهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Short Grass *** | عشب قصير
Lesley Selander ****| إخراج: لسلي سَلندر
تمثيل: رود كاميرون، كاثي داونز، جوني ماك براون، رايمون
وولبورن، موريس أنكرام جوناثان هايل.
Monogram أبيض/ أسود - 82 د٠
ورد سِلاندر الى السينما من معاون كاميرا الى كاميران مان الى مساعد مخرج ثم مخرج من 1936 وهو أخرج أكثر من مئة فيلم، لكنه بقي -مثل آخرين عدّة- في الظل. هذا الفيلم من أفضل أعماله (وبالنسبة للبعض أفضل أعماله فعلا). رود كاميرون في دور كاوبوي عائد لإثبات براءته من جريمة قتل لفّقها ضده الشرير فنتون (أنكرام) الذي استولى على أرضه. وبالطبع المسألة ليست سهلة وعليه مواجهة رجال فنتون وشريفها الراضخ تحت الضغط (براون). اما حبيبته سابقاً (داونز) فقد إنتهت زوجة لرجل سكير. يفلح في النهاية في إنتزاع البلدة وإنقاذها من براثن فنتون والتغلب عليه. تشويق متواصل مع تنفيذ جيّد للمعارك خصوصاً مشاهد القتال في البلدة. يُسجل للفيلم أيضاً أن بطله عامل وليس من المسلحين الذين على المجرمين الإرتقاء لمستواهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Wagon Master **** | سيد القافلة
John Ford ***** | اخراج: جون فورد
تمثيل: بن جونسون، وورد بوند، هاري كاري ج، تشارلز
كمبر، جوان درو، ألان موبراي
Argos Pictures/ RKO أبيض/ أسود- 86 د٠
قصّ لي بن جونسون بعضاً من تاريخ »واغونماستر« وذكر إن المشهد الذي تسعده مشاهدته أكثر من غيره هو أي مشهد يمتطي فيه الفرس، ثم ابتسم ساخراً عندما سألته مقارنة ذلك بمشاهد ركوب الفرس في أفلام الوسترن الحديثة. بن جونسون كان إبن الغرب وهذا الفيلم عزّز وضعه ذاك بعدما كان إنتقل من الأدوار الرئيسية الى المساندة وعاد الى الأولى لفترة يسيرة. هو أيضا واحد من الأفلام التي كان يفضلها فورد على سواها من أعماله. قصة قافلة من طائفة »المورمون« (طائفة مسيحية ملتزمة بتعاليم مناهضة للعصرنة- حتى بمفهوم ذلك الحين) يقودها جونسون وكاري جونيور الى أن يغير عليها شرير شره (موبراي ورجاله) ويستولون عليها. سيتطلب الأمر مواجهة صعبة في نهاية الفيلم قبل أن ينجح جونسون في تحرير القافلة. أحد المشاهد المصوّرة بروعة الأبيض والأسود والجمال الخاص للمكان (صحراء أريزونا) هو ذلك الذي نرى فيه جونسون وحيداً يتقدم القافلة مستطلعاً. يرى الهنود فجأة وعليه العودة الى القافلة لتحذيرها... كان فارساً حقيقيا. هذا وسترن بسيط التكوين، عميق التفاصيل ونموذجي بين أترابه على صعيد أعمال فورد الأفضل كما على صعيد أفلام قوافل الغرب عموماً. الممثلة ماريان س. كوبر شاركت في إنتاجه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Winchester 73 ***** | ونشستر 73
Anthony Mann ***** | إخراج: أنطوني مان
تمثيل: جيمس ستيوارت، شيلي ونترز، دان دورياي، ستيفن
مكنالي، روك هدسون، ميلارد ميتشل..
Universal أبيض/ أسود - 92د٠
الأول من عدة أفلام مثّلها ستيوارت تحت جناح المخرج المتمكن انطوني مان. وكان ستيوارت قرر تعديل الصورة المكتسبة من شخصياته السابقة كإنسان مسالم وعلى قدر من التردد والضعف ووجد في هذا الفيلم مبغاه. هنا يقدم صورة مضادة عن نفسه: إنه ليس شريراً لكنه بالتأكيد قوياً وعنيفاً إذا ما أراد. »ونشستر ٣٧« يدور عن بندقية ونشستر سريعة الطلقات يكسبها لِن (ستيوارت) في مباراة رماية مع نصف شقيقه دوتش (ماكنالي الذي لم يجاريه الا قليلين جداً من ممثلي الشر تعبيرا عن قسوة طبيعية وحضوراً داهماً). دوتش كان قتل والديهما والآن ها هو يسرق البندقية من ستيوارت ويهرب بها الى الصحراء مع رفيقين له. ستيوارت في أثره مع صديقه سبايد (ميتشل). وفي غضون ذلك ينضم الى قافلة تكمن في موقع دفاعي بعدما أحاط بها الهنود، وتقع في حبه شيلي ونترز، لكن لا وقت للحب قبل أن يتصدّى لدوتش في معركة أخيرة. »ونشستر ٣٧« ليس فيلما عن بندقية محط نزاع بين أخوين، بل عن شريحة نفسية تجعل القريب او الصديق عدواً. حتى شخصية لِن/ ستيوارت لا تسلم من تقصّد تعريضها للنقد فإذا برحلته تكشف جانباً داكنا في شخصيته تصبح البندقية المتنازع عليها وسيلة إنتقام أكثر منها هدفاً محدداً. هذا التكثيف المركّب ما كان يبحث عنه ستيوارت تحديداً. الممثل دان دورياي له دور كشرير ثانٍ. روك هدسون في مطلع عهده لاعباً دوراً قصيراً (خطيب ونترز). الحوار رائع. اختيار أماكن التصوير ممتاز، وإخراج انطوني مان ينقلك الى قلب الغرب مع تركيز على الشخصيات.
استعادات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
CACHÉ | HIDDEN ****| مخبوء
بناء على طلب مصطفى زنتوت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مشهد طويل من لقطة واحدة لمنزل جميل من طابق واحد. الكاميرا موضوعة من الناحية المقابلة والمنظر أمامها يكشف الشارع المقابل والشارع الذي تكمن في الكاميرا. وهناك حوار. لوهلة يمكن الإعتقاد أن الحوار بين رجل وإمرأة يقوم به شخصين وراء الكاميرا. لكن ميشيل هانيكي يأخذ وقته قبل أن ندرك أن الحوار ناتج عن شخصين يشاهدان الفيلم الذي نشاهده: شريط فيديو تم تصويره وإرساله إليهما. الإدراك ليس سوى جزء مما توحي به المقدّمة. جزء آخر يتبلور لاحقاً: هذا شريط مجهول المصدر يصل رجلاً معروفاً ليحرك في كوامنه شيئا مخبوءاً قد يكون وقد لا يكون له علاقة بالموضوع بأسره. إنه كما لو أنك ترى منظراً يقع أمامك على الطريق فينتقل بك الى مشهد آخر مر معك في ماضيك. الفارق هو أن ماضي جورج (أتوييل) الذي استلم الشريط يحتوي، كما العادة، سراً يؤرقه والشريط بالتدريج سيفتح له باباً لذلك السر حتى وإن لم يكن له علاقة بالحالة التي تتمثل في الوقت الراهن.
فيلم ميشيل هنيكي يكاد أن يكون لغزياً. شيء من هيتشكوك لكنه شيء يسير جداً. إنه فيلم يطرح اسئلة ولا يجيب الا عن بعض منها ويبقي السؤال الرئيسي المتمثّل في من هو الذي يرسل تلك الأشرطة إلى جورج من غير جواب؟ لكن لماذا تلك الأشرطة التي لا تظهر ما يدور داخل البيت، فقط خارجه، مؤرقة؟ لأنها متكررة. في البداية جورج وزوجته لوران (بينوش) مجرد فضوليين عاديين لمعرفة من هو المرسل. والفضول يختفي ليحل مكانه التفكير والتفكير يندثر ليحل مكانه القلق ثم الخوف والغضب. معالجة هنيكي هي معالجة مناسبة لفيلم تشويقي، و»مخبوء« لا يخلو مطلقاً من هذه الصفة. لكنه ليس تشويقاً بوليسياً. لا أحد يلعب دور شرلوك هولمز او فيليب مارلو ما يضفي على الفيلم تميّزا بعد تميّز مبعداً إياه عن شكل الحكاية البوليسية تماماً.
جورج مثقّف يعيش حياة مستقرة مادياً بقناعات العائلة التي وصلت الى مستوى عال في سلّم الطبقة المتوسطة وارتاحت إليه. يقدم برنامجاً عن الكتب وزوجته آن تعمل في شركة لصديق لهما. إبنها في المرحلة الثانوية. حين تتوالى الأشرطة يُبدي جورج انزعاجاً كبيراً ويتجه الى الشرطة باحثاً عن جواب، لكن الأشرطة ذات المصدر المجهول لا تمثّل بحد ذاتها خطراً يدعو البوليس للتدخل. في إصرار يفتح جورج باب ماضيه ليربطه بما يقع في حاضره ويتوجه الى والدته (جيراردو في مشهد واحد مستلقية على السرير طوال الوقت) حيث يذكّرها بصبي جزائري الأصل أسمه ماجد ويسألها ما إذا كانت سمعت عنه بعد أن تبّنته العائلة لحين ثم تخلّت عنه. تذكره، وتوضح لنا، إن والد الجزائري قضى خلال مظاهرة ضد الإحتلال الفرنسي للجزائر وكان يعمل لدى العائلة التي تبنّت ماجد. لاحقاً يكشف جورج بنفسه عن خديعة أقدم عليها ما أدّى الى إبعاد ماجد عن عناية العائلة. كلاهما كان ولداً صغيراً وما قام به جورج هو أنه كذّب على والديه مدّعياً أن ماجد هدده بفأس. الآن، جورج على قناعة من أن ماجد هو الواقف وراء تلك الأشرطة فيزوره في بيته ويواجهه، لكن ماجد يبدو قد جُرح مجدداً بتهمة جورج ويسأله عما يريده منه. جورج يبني على هذا الإعتقاد قناعاته كلها، وإذ تدخل حياته العائلية مطبّات ناتجة عن القلق العاصف والزوجة التي ربما - فقط ربما- خانته نتيجة وضعها النفسي المنحدر- يزداد قناعة وصولاً الى ذلك المشهد المفاجيء حين يطلب ماجد من جورج زيارته في شقته المتواضعة. هناك يسحب سكينا (جورج يهاب الموقف معتقداً إن حياته في خطر) ويذبح نفسه. كل ذلك يحدث على نحو مفاجيء جداً والأميركية الجالسة الى يميني أخذت في البكاء تعاطفاً. باقي الجمهور حبس أنفاسه.
"ستجد في طيّات الفيلم تطرّق الى فوارق
الطبقات، بما فيها إرتقاء جورج وبقاء
ماجد تحت عبء الثقل الإجتماعي"
الطبقات، بما فيها إرتقاء جورج وبقاء
ماجد تحت عبء الثقل الإجتماعي"
الأحداث الموصلة الى النهاية تتكلّم عن جورج ولا تجيب عمّن وقف وراء محنته. لعل المسألة كلها أن ماضيه المخبوء. ذلك الشعور بتأنيب ضمير كان مغطّى بغبار الأيام وكان بحاجة لأن يخرج الى السطح. ليس أن جورج تعلّم كثيراً من الدرس، لكن المشاهد فعل. هذا الفيلم عن المتهم البريء الذي ليس بالصدفة عربياً وليس بالصدفة في أوروبا ما بعد ١١/٩. فجأة، يثير لديك المخرج هنيكي المقارنة المحتملة: جورج هو أوروبا. ماجد هو العالم العربي. العلاقة بينهما لم تكن سوية وحتى لو أن ماجد هو وراء متاعب جورج، فإن جورج هو الذي بدأها. الترميز من الوضوح بحيث إنه يصبح أكثر من مجرد إحتمال مطروح. إنه أقرب لأن يكون المعنى المقصود بحد ذاته.
في ثنايا ذلك لا يأتي الفيلم على أي نوازع عنصرية. توفيرها هو أمر بسيط لو أن المخرج اختار أن يؤمها، لكنك ستجد في طيّات الفيلم تطرّق الى فوارق الطبقات، بما فيها إرتقاء جورج وبقاء ماجد تحت عبء الثقل الإجتماعي وليس لجانبه او فوقه. المشهد الأول الذي يدخل فيه جورج شقّة ماجد يقول كل شيء. الثاني (مشهد الإنتحار) يقول أكثر لا في هذه الناحية وحدها بل في أكثر منها. وإبن ماجد (فاكر) على حق في إتهامه لجورج بضلوعه في تفكيك عائلته بأفعاله. لكن جورج غارق في رغبته صيانة عائلته، التي أظهرت ملامح تفكك، ومن ورائها رغبته في صيانة مركزه ووظيفته (التي باتت مهددة بدورها) وبالتالي طبقته. إنها أمور مفهومة ومتّفق عليها وسيكون من الطيش إظهاره وقد عمد الى حلول أخرى ضمن الخط القصصي القائم. في كل ذلك يتبلور بالتدريج موقف الزوجة. لنحو ساعة من الفيلم اختار المخرج تركيزا قليلاً عليها. اللقطات التي تجمعها مع زوجها تحتفي بالزوج أكثر مما تفعل لها. اللاحقة متناصفة وتضعها في الصورة أكثر وذلك منذ أن يحدث إنشطار في الموقف العائلي. ربما الدافع هنا هو أن الزوج، حتى لحظات الإنشطار الأولى، كان العائلة بأسرها، لكن عندما يتكشّف للزوجة ولنا ولنفسه سرّه وتخسر العائلة وحدتها نتيجة موقفه يفرد المخرج المشاهد الجامعة بين الزوجين لنحو شبه متواز بين أوتوييل وبينوش.
الصورة في »مخبوء« ذات إنارة غير حادّة والمشاهد التي تقع في منزل العائلة واضحة واللقطات مؤسّسة على نحو »ستاتيكي«. تلك الخارجية مؤلفة من لقطات أقل إنارة وأكثر تعبيراً. المشاهد التي تجمع بين جورج وماجد ملتقطة من بعيد (كلها تقريباً من الموقع ذاته) مع تصميم مناظر يمنح -بنظرة واحدة- الوضع المعيشي المحدود للمكان ومانحاً حديث ماجد (في أول مشهد بينهما) مصداقية. والتوليف مقتصد في السرد ما يمنح الفيلم التوتر الذي يحتاجه. مع الفصل الذي يبقيه المخرج غامضاً حول ما إذا استجابت الزوجة الى لحظة تعاطف ذهبت لأبعد من مداها، يبدو الفيلم مهددُ بالتحوّل الى دراما عاطفية. ويتكرر ذلك حين يغيب الإبن عن البيت ما يثير ذعر الزوجين. لكن كلا المشهدين في الموقع الصحيح ولو أن الفصل الخاص بإختفاء الإبن يبقى فالتاً من اللحمة الكليّة للفيلم.
CAST & CREDITS
Director: Michael Haneke
.........................................................................
Cast: Daniel Auteuil, Juliette Binoche, Maurice
Bénichou, Annie Girardot, Bernard Le Coq,
Walid Afkir, Daniel Duval, Nathalie Richard.
.........................................................................
Script: Michael Haneke
Cinematography: Christian Berger (Colour- 35m).
Editor: Michael Hudecek (111 min.)
Production Designer: Emmanuel De Cauvigny
Producer: Veit Heiduschka
Prod. Company: Les Films du Losange (France)/ Wega Film (Austria)/ Bavaria Film (Ger)/ Bim Distriuzione (Italy).
Director: Michael Haneke
.........................................................................
Cast: Daniel Auteuil, Juliette Binoche, Maurice
Bénichou, Annie Girardot, Bernard Le Coq,
Walid Afkir, Daniel Duval, Nathalie Richard.
.........................................................................
Script: Michael Haneke
Cinematography: Christian Berger (Colour- 35m).
Editor: Michael Hudecek (111 min.)
Production Designer: Emmanuel De Cauvigny
Producer: Veit Heiduschka
Prod. Company: Les Films du Losange (France)/ Wega Film (Austria)/ Bavaria Film (Ger)/ Bim Distriuzione (Italy).
Salle B ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أفلام روكي بالباو
بناء على طلب إبراهيم ملهم (عدن)٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Rocky | John G. Avildsen (1976) ***1/2
الفيلم الأول لا يزال الفيلم الأفضل ذلك لأنه كان مشروعاً يُريد أن يقول شيئاً يعبّر فيه عن حال بطله سلفستر ستالون. قبل هذا الفيلم كان ستالون ممثلاً لأدوار صغيرة وهو رغب في تولّي بطولة فيلم مؤمناً بأن لديه ما يؤهله الى ذلك. سعى ولم ينجح. موهبته (بصرف النظر عن ماهيّتها) كانت كل ما لديه من أدوات. هي والطموح بتحقيق الحلم الأميركي الكبير..... لحظة. أليست هذه حكاية الفيلم أيضاً؟ كتب ستالون السيناريو ودار به على الاستديوهات جميعاً طارحاً أن يكون بطل الفيلم ومخرجه. وكلّها امتنعت الى أن تدخّلت شركة شارتوف-وينكلر التي كان لها اتفاقاً مع يونايتد آرتستس وأقنعت أن الاستديو وافق على السيناريو وعلى بطولته لكنه لن يقبل منه إخراج الفيلم. هذا سيقوم به جون ج. أفيلدسن الذي تماوجت أفلامه بين الجيّد والعادي، لكنه عادة ما نجح في تأطير الأفلام ذات الميزانيات القليلة والمواضيع التي تقع أحداثها في المدينة بأجواء مناسبة. ستالوني هو روكي بالباو الذي يبدو الوحيد المؤمن بنفسه والذي يعمل حالياً حين يطلبه غاتزو (جو سبينل الجيّد الذي ظهر في »العرّاب« أيضاً) كجابي ودائع وديون. حين ينسحب من أمام بطل العالم أبوللو (كارل ويذرز) الملاكم الذي كان سينازله يقرر اختيار ملاكم غير معروف على أساس أن ذلك سينعكس إعلامياً بصورة جيّدة كمانح فرص. وبالطبع يختار (من بين المئات) روكي. الباقي معروف: روكي جاد في استعداداته. أبوللو يعتقد أن الملاكمة ستكون نزهة. في هذا الوقت على روكي أن يحل علاقته العاطفية مع أدريان (تاليا شاير) التي تظهر في مطلع الفيلم بنظّارات طبّية. لكن بعد ليلتها الأولى مع ستالوني ستتخلّى عنها. لابد أنه أعطاها فيتامين
Rocky II | Sylvester Stallone (1979) **1/2
بعد النجاح الكبير للجزء الأول، الذي ينتهي طبعاً بفوز روكي على أبوللو، سمحت يونايتد أرتستس لستالون بإخراج هذا الجزء الثاني. معه كل الذين ظهروا في الفيلم الأول (تاليا شاير، كارل ويذرز، جو سبينل، بالإضافة الى بيرت يونغ في دور شقيق زوجة روكي وبرجز مريديث مدرّبه) بالإضافة الى قصّة تستكمل القصّة السابقة. الآن أبوللو المغلوب غاضب ويعتبر أن الحظ خدم روكي لذلك هو في أعقابه لكي يستعيد البطولة وروكي في مطلع الفيلم مشغول بمتاعبه فهو لا يجد عملاً ثابتاً والجميع لا يعتقدون إنه سيستطيع الوقوف على قدميه من جديد... لكن الحياة (او الأفلام في هذه الحالة) مليئة بالمفاجآت (او بالتوقّعات) وها هو روكي يواجه أبوللو في معركة أريد لها أن تكون تمهيداً للجزء الثالث. على الرغم من أن القصّة تناسب المقام، الا أن ما صنع اجادة الفيلم الأول كان ترميز السعي بالحلم الأميركي الكبير واستحقاق المهمّشين لفرصة برهنة أنفسهم كجديرين. لكن الرمز هنا لم يعد يعمل جيّداً خصوصاً وأن اختيار الملاكم المنافس أسود البشرة (وله تقنية ملاكمة شبيهة بتقنية محمد علي) يحل محل الرسالة الإجتماعية في الفيلم السابق من دون أن يضيف اليها الا انتصار الأبيض على الأسود كما لو أن المفترض للأبيض الرهنة عن جدارته أمام الأسود. أيضا، ستالون لا يملك العين ذاتها التي يملكها أفيلدسن حين تصوير المدينة إذ تبدو مشاهدها، قياساً، كليشيهات٠
Rocky III | Sylvester Stallone (1982) **1/2
الآن دخلت السلسلة في استطرادات تحاول حلب البقرة بعدما تم حلبها. القصّة هنا تحتوي على ذات الشخصيات الأساسية وأبوللو (ويذرز) صار صديقاً لستالوني وهاهو مدرّبه العجوز يقع ميّتاً فيحل أبوللو مكانه. العدو الجديد هو ملاكم أسود قوي مثل دبّابة (مستر تي في أوّل أدواره). يبدأ الفيلم بروكي وهو يواصل الفوز على كل منازليه (بعد فوزه في نهاية الفيلم الثاني) وها هو أصبح ثرياً وشقيق زوجته يلومه أنه لم يأخذ باله من حاجاته الماديّة. عائلياً لا يزال متيّماً بحب زوجته ولديه طفلاً وكل شيء يبدو وردياً. تحدي كلابر لانغ (مستر تي) له ينتج عنه منازلة يهزمه فيها لانغ هزيمة شنيعة. لا بأس فالفيلم لا يزال في منتصفه وهناك وقت كاف لستالون ليعيد ترتيب نفسه بمساعدة أبوللو والفوز في النهاية على لانغ. فنيّا بذات المقدار من التصريف التقني من دون إنجاز. المهم لدى ستالون كمخرج هو سرد القصّة بسلاسة والتعامل مع الدراميات المعهودة بنجاح جماهيري وهذا ما حققه٠
Rocky IV | Sylvester Stallone (1985) **
درك جديد بالنسبة للسلسلة. يبدأ الفيلم بتقديم عائلي ومهني (كما في الجزء الثالث) وأن كل شيء على ما يرام بالنسبة لروكي٠ فجأة هناك تحدّياً قادماً من الشرق الشيوعي. الملاكم الروسي كابتن دراغو (دولف لندغرن الذي مثّل بطولات أفلامه لاحقاً) يتحدّى روكي وأبوللو فينازله أبوللو أوّلاً ويموت نتيجة ذلك. قبضات دراغو ليست بشرية بل من حديد وهو، في التصوير الكلاسيكي التقليدي للرجل الروسي، رجل بلا روح او عاطفة وسكرتيرته (بردجت نلسن) هي أيضاً كذلك. بعد مقتل أبوللو وحزن روكي الشديد عليه، على روكي منازلة ملك الموت هذا في موسكو وللغاية يسافر مع عائلته كلها الى هناك للتدريب. يستغل الفيلم الذي كتبه ستالون (كشأن أفلامه السابقة هذه) الفرصة لكي يصوّر الكبت والحرمان واليد الحديدية للمخابرات الروسية. لو كان ذلك من زاوية سياسية او تحليلية عظيم، لكنه فقط من باب التنميط الجاهز٠
Rocky V | John G. Avildsen (1990) **
بعد خمس سنوات يظهر روكي من جديد. لقد فاز على الروسي في الفيلم السابق لكن الثمن كان فادحاً: لقد أصيب رأسه بضربات قاسية أثّرت على رجاحته وقدراته الذهنية (ولو الى حد) وهو عاد الى نيويورك وخسر املاكه وثروته وأعلن إفلاسه والآن يدرّب ملاكماً شابّاً لكن هذا الملاكم لا ينفع ويتركه ويذهب الى سواه. إبنه الشاب (ويؤديه إبنه الحقيقي سايج ستالون الذي ظهر بعد ذلك في أفلام قليلة) متذمّر ومعظم الوقت مقضي في البكاء على اطلال الأفلام السابقة. لكن هناك معتوه آخر يود تحدّي روكي الذي يقبل التحدّي لأنه يريد أن يتحدّى نفسه. في هذا الفيلم يعود أفيلدسن الى الإخراج، لكنه مثل طبيب يحاول إعادة ميّت الى الحياة٠
Rocky | Sylvester Stallone (2006) ** هذا الفيلم بمثابة عودة الميّت الى الحياة قبل أن يموت الى الأبد. ستالون بعد كل هذه السنين ينطلق من جديد في درب الملاكمة. لقد تم صرفه من الخدمة وإبنه (ميلو فنتميليا هذه المرّة) هو الواعز الدفين الذي من أجله سيعود روكي الى الحلبة، فقط ليبرهن له ولمن بقي على قيد الحياة من صحبه (بيرت يونغ) وللمشاهدين جميعاً في أنه لا يزال يستطيع إحراز النصر. لا الأحداث قابلة للتصديق ولا هناك دراما حقيقية جديدة طالما أن الخط القصصي لا يزال وحده ولو اختلفت ظروفه. لكن الفيلم نجح الى حد بعيد وبناءاً على تعزيز ما هو غير متوقّع هذه المرّة: اي عنصر أن ملاكماً تجاوز سن الشباب لا يمكن له أن ينجز النجاح الذي يأمله. بذلك نرى المبدأ ونقيضه معاً: ليس من الممكن لكن روكي سيجعله ممكنا. الفيلم يقول أن لا ثمن من دون تضحية وأن ملاكما بقلب من ذهب مثل روكي سيجد ألفة ونجاحاً حتى في تلك السن المتقدّمة٠
أريد في النهاية أن أقول أن هناك فيلمان
آخران بإسم »روكي« لكن لا علاقة لهما
بهذا الـ »روكي«. أوّلهما من إخراج فل كارلسون
سنة 1948 والثاني هندي من إخراج سونيل
دوت (1981)٠
مشاهدات ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القضايا الإجتماعية التي طرحها د. و. غريفيث قبل "مولد أمّة"٠ الحلقة الثانية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Corner in Wheat (1909) *** | زاوية في القمح
يبدأ الفيلم بلقطة تشبه الفيلم السابق (»وجهة نظر الرجل الأحمر«- العدد الماضي) من حيث التصميم: البيت، عوض الخيمة، على اليمين وأمام البيت تقف مجموعة من الناس. هنا مزارع وعائلته. قطع الى حقل واسع. رب الأسرة ورجل مسن يتقدّمان نحو الكاميرا من العمق يرشّان القمح على الأرض. اللقطة تستمر كما هي حتى وصولهما الى مكان الكاميرا ثم خروجهما من الكادر قبل دخولهما مجدداً وهما في جانب آخر من الحقل مبتعدين٠ هذا التمهيد يبقى ماثلاً في هذا الفيلم ذي الدلالات التي تتكشّف بعض قليل. ففي مواجهة هذا الوضع الصعب للفلاح وشقائه وكدّه، هناك صاحب الشركة التي تشتري القمح بالسعر الرخيص وتتاجر به بعد طحنه. هناك مشهد للبورصة وبعض الناس يُغشى عليها إثر هبوطها، لكن لا يبدو أن صاحب الشركة متضرر. على العكس يبتهج للأخبار فهو ازداد، من دون أن يفسّر الفيلم كيف تحديداً، مما حدث. الى هذا الحد لدينا وضعاً مقابل وضع، والمخرج يختار سريعاً الإنتقال الى جبهة أخرى من جبهات العلاقة بين المزارع ورأسالمال وهو الوسيط: صاحب الدكّان الذي يبيع بالسعر الأعلى في أقرب فرصة وكيف يؤثر ذلك على المستهلك (صف طويل من الناس كلهم من قاع المدينة) كل ذلك قبل مئة سنة من اليوم. أليس هذا مثيراً للملاحظة إن لم أقل للإعجاب بدور السينما في شرح العلاقات والنظم المعمول بها وتوعية المشاهدين؟ ومن الإستعراض الى الحكم رجل الأعمال/ صاحب الشركة/ المستثمر (أيما كان الإسم) يُقيم حفلة في بيته مقابل مشهد لإبرأة مغلوبة على أمرها تحاول شراء رغيف خبز ارتفع سعره فجأة ولا تملك ما يكفي. تستعطف البائع لكن هذا يصرفها٠
في المزرعة مرّة أخرى، المزارع لا يجد قوتاً. زوجته تسأله (من دون حوار) فاتحة كفّيها: أين؟ يجيبها بفتح كفّيه أيضاً: لا شيء٠
النهاية تصوّر سقوط صاحب الشركة في مخزن القمح المطحون من فتحة في سقف المخزن، هذا بينما كان يستعرض أمام زائرات مطحنته المكان. يموت مختنقاً بالطحين الذي يتاجر به في رسالة إجتماعية مهمّة تتبلور لدى غريفيث فوق تلك الطروحات الأخرى قبل وبعد هذا الفيلم
هنا لابد من ذكر أن غريفيث في مشاهد هذا الفيلم يكتشف تحريك الكاميرا داخل المشهد. لعله اكتشف ذلك في أفلامه الأخرى المفقودة في ذلك لكنه هنا موجودة للمرّة الأولى٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2009٠