YEAR 1 | ISSUE 44
FlashBack
The Bitter Tea of General Yen (1933)
إنتصار مبكر للمخرج فرانك كابرا ولشركة كولمبيا التي كانت من الشركات الصغيرة آنذاك. لكن الأهم هو أنه فيلم كسر التقليد القائم على تصوير الصينيين على نحو مشبوه لمجرّد أنهم مختلفون. هو قصّة حب مُعالجة برقّة وبكثير من التعاطف بين إمرأة (بابرا ستانويك) تعمل لصالح بعثة مسيحية وقائد صيني (نيلز آثر). تصوير جوزف ووكر مستخدماً مرشّحات تمنح المكان خصوصيته والصورة جمالية مناسبة٠
FOCUS ON FILM
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
THE ROAD *** | الطريق
John Hillcoat | إخراج: جون هيلكوت
تمثيل : ڤيغو مورتنسن، كودي سميت-مكفي، روبرت دوڤال
دراما [نهاية العالم] | الولايات المتحدة- 2009
فيلم »الطريق«، الذي ينطلق للعروض العالمية هذا الأسبوع، هو فيلم كوارثي آخر حول نهاية الحياة على الأرض كما نعرفها. لكنه بقدر ما ينتمي الى هذا الإطار الشامل لأفلام كثيرة في السنوات التي تلت مأساة الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، بقدر ما يختلف عنها في الوقت ذاته٠
أفلام الكوارث المتوالية، وآخرها »2012« لرولاند إيميرش، تقوم في معظمها على الإستفادة من تقنيات المؤثرات الخاصة والكومبيوتر غرافيكس لأجل خلق حالة صدام بين المُشاهد وبين ضروب الدمار والكوارث، المستخدمة بغاية إبهاره وايصال رسالة الى العين، ولو بغياب رسالة أهم الى العقل البشري٠
لكن »الطريق« للمخرج جون هيلكوت، هو من تلك الأعمال النادرة التي تلعب على الأوتار مقلوبة. بنجاح يتحاشى المؤثرات (الا ما هو ضروري) ويتعامل مع وضع يجبر فيه المشاهد على استخدام وعيه ومداركه الذهنية عوض السيطرة عليها بغاية إلغائها٠
في الأساس ينطلق الفيلم من ميزة غير متوفّرة لمعظم الأفلام المشابهة. إنه من كتابة الروائي كورماك مكارثي الذي حصدت أكثر من جائزة أدبية (والتي صدرت بالعربية ضمن سلسلة »إبداعات عالمية« عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت) ما يمنحها مرجعية أدبية محسوبة. هذه الحقيقة مهمة كون كورماك لم يرغب أصلاً في عمل تشويقي تقليدي، فاختزل الأسباب التي أدّت الى دمار الحياة وحجم ذلك الدمار وغاص مباشرة في رحلة شخصين (أب وإبنه الطفل) في براري الولايات المتحدة هاربين وباحثين في الحين عينه. كل ما يصل الى مدارك القاريء هو أن هناك حالة دمار سبقت بداية القصّة ما يتيح للقصّة أن تتعامل مع شؤون إنسانية وعائلية تحمل الصِلة الخاصّة بين هذين الشخصين في وضع غير عادي، من دون ضغوط التفسير والإتيان بالنتائج وتحميل الرحلة نواحي رأي الكاتب أنها تقليدية وقرر أنه في غنى عنها٠
الفيلم يتبع ذات الخطى. يقرر صانعوه ذلك ويحصدون في المقابل عالماً واقعياً ضمن هذا المنهج الخيالي في الأصل. ومع أن العمل السينمائي يغري بمحاولات توفير إغراءات مختلفة لضمان جمهور أكبر حجماً ، الا أن صانعي هذا الفيلم التزموا بروح الكتاب والتغييرات التي تمّت كانت محدودة وخالية من التوابل التي كان من الممكن لو استخدمت أن تودي بالعمل الى إتجاه آخر٠
شخصان وطريق طويل
هناك، في هذا الصدد -وعلى سبيل المثال- مسألة الريبة في الأشخاص الذين يلتقي الأب وإبنه بهم من حين لآخر. العالم قد توحّش ومن تبقّى من البشر أمّت سبلاً مختلفة للبقاء على قيد الحياة بما في ذلك، وبالنسبة للبعض، أكل لحوم البشر. بسهولة كان يمكن لمخرج آخر أن يستغل هذه الفرصة فيقدِم على مشاهد تثير الخوف والعنف شبيهة بتلك المتوفّرة في أفلام رعب جيدة ورديئة حول آكلي لحوم البشر وصراع الأصحّاء المتواصل ضدّهم (اخر هذه الأفلام »زومبيلاند« المعروض حالياً في الإمارات ومعظم صالات المنطقة)٠ عوض ذلك، يبتعد الفيلم عن مثل هذه الفرصة السهلة ويترك المسألة رهينة مخاوف مشتركة بيننا وبين بطليه٠
الفيلم كان بحاجة الى عمق. هذا العمق متوفّر في القصّة ولا يوفّره المخرج، لكن الفيلم يستند في واقعه الى قصّة محدودة الأحداث وغير متنوّعة. كدراما، هي حكاية شخصين وطريق طويل وقدر كبير من المشاهد غير المتنوّعة (سير، اختباء، ذكريات، حوارات قليلة، غابات محروقة الخ...) والمخرج في التزامه بالنص وجد نفسه في وضع مفاده أن إثارة المُشاهِد طوال الوقت عبر مَشاهد متوالية لا تحمل الكثير من الإختلاف هو أمر صعب الإنجاز. على ذلك، وبسبب إنصهار الممثلين الرئيسيين وهما فيغو مورتنسن في دور الأب وكودي سميت-ماكفي، في دور الصبي، استطاع تكوين عمل ينحاز لسينما الفن معظم الوقت٠
كل من الرواية والفيلم يتحدّثان لا عن نهاية العالم فقط، بل -وأساساً- عن نهاية الحضارة. الأصل الروائي مؤلف من فصل طويل واحد ومكتوب بوصف دائم للحركة ولما يراه الأب من مناظر قاحلة. ثلوج. أمطار. طرق ملتوية. مدن مهجورة. غابات محترقة وأشجار تسقط من علوّها بعدما ماتت واقفة. الفيلم يعتمد على هذه المرئيات بطبيعة الحال. إنه فيلم جيّ الصنعة تقنياً رغم احتوائه على مساحات ضئيلة لبلورة تطوّرات درامية ما او شخصية أيضاً. في النهاية هناك ذلك المشهد الذي ينضم فيه الصبي الى عائلة أخرى تشق طريقها صوب المجهول فوق أرض مليئة بالأشجار التي تسقط من طولها والمنازل المهدومة والموت السائد، لكن المفاد هنا لا يستطيع أن يعلو عن الطروحات ذاتها ما يعني أن مزيدا من الأحداث تنتظر العائلة الجديدة ثم ماذا بعد؟
CAST & CREDITS
DIRECTOR : John Hillcoat
----------------------------------
CAST: Vigo Mortensen, Kodi Smit-Mcphee, Robert Duvall, Guy Peerce, Molly Parker.
----------------------------------
SCREENPLAY: Joe Penhall | BOOK: "The Road" BY: Cormac McCarthy | CINEMATOGRAPHER: Javier Aguirresarobe (Color- 35 mm)| EDITOR: Jon Gregory (112 min) MUSIC: Nick Cave, Warren Ellis | PROD. DESIGNER: Chris Kennedy.
----------------------------------
PRODUCERS: Paula Mae Schwartz, Nick Wechsler | PROD. COMPANY: Dimension Films/ 2929 Prods/ Nick Wechsler Prods. [USA- 2009].
NEW RELEASES | أفلام جديدة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
THE TWILIGHT SAGA: NEW MOON * * قصة الغسق: قمر جديد
Chris Weitz | إخراج: كريس وايتز
تمثيل: كرستن ستيوارت، روبرت باتنسون، بيلي بورك، تايلور
لوتنر، آنا كندريك٠
رعب/ رومانس | الولايات المتحدة - 2009
ليس النجاح المطلق الذي شهده فيلم »أنشودة الغسق: قمر جديد« طبيعياً كيفما نظر المرء إليه
بعد ثلاثة أيام من بدء عروضه الأميركية أنجز الفيلم 142 مليون دولار وبعد ثلاثة أيام أخرى كان الرقم ارتفع الى 165 مليون دولار٠
ولم يكن النجاح أميركيا فقط. في عروضه الدولية التي صاحبت تلك الأميركية أنجز هذا الفيلم القادم كحلقة ثانية من مسلسل شبابي 124 مليون دولار في إفتتاحه ومع نهاية الأسبوع كان استولى على ما يزيد عن 140 مليون دولار. وحسب آخر إحصاء قامت به مجلة »سكرين انترناشنال« البريطانية المهتمّة بشؤون الصناعة فإن المجمل الكوني العام لما حققه هذا الفيلم من إيرادات خلال أسبوع واحد الى الآن هو شمالي الـ 265 مليون دولار٠
هل يستحق الفيلم هذا الإقبال؟ سؤال لا يستحق أساساً الإجابة عليه. فما يدخل في نطاق المؤهّل والمفترض والمستحق بات يمضي في درب منفصل منذ أن تحوّلت السينما الأميركية الى صادرات تجارية محضة لديها غاية واحدة وهي دخول الجيوب وليس القلوب. إبهار العيون عوض العقول. طبعاً طول عمرها السينما الأميركية مبنية على تجارة العرض والطلب، لكنها لم تكن يوماً متحرّرة من ضوابط الإجادة كما هو الحال هذه الأيام. إنه كما لو أن الجمهور الوحيد الباقي في الصالات هو ذاك المولود في التسعينات ولأجله، وقد وُلد بلا خيارات سينمائية على أي حال، يجوز صياغة المواضيع المختلفة بعناوين عريضة وبطروحات أشبه بالرصاص الفارغ الذي يُستخدم في معظمها٠
الفيلم الأول من هذه السلسلة أنجز عالميا 383 مليون دولار وتناول حكاية حب يربط بين فتاة أسمها بيلا سوان (كريستي ستيوارت) تقع في حب مصاص دماء تائب (يبدو شابّا لكن عمره بمئات السنين) أسمه إدوارد كولين (روبرت باتنسون). هنا تبدأ الأحداث بتلك العلاقة العاطفية التي بدت في الجزء الأوّل مثالية. هي تعلم حقيقة إدوارد لكنها لا تستطيع التغلّب على عواطفها وتركه. وهو يقدّر لها ذلك ولا يحاول تحويلها الى وليمة دموية في المقابل، كما كان يفعل مع الباقين. في هذا الجزء الجديد سنرى أنها لا تزال تحب إدوارد الذي يؤاثر الإبتعاد عنها وكيف أنه بانفصاله وابتعاده تسبب في شقائها. مشاهد للتعريف بمعنى كلمة »شقاء« تمر ثقيلة على الشاشة قبل أن يدخل الصورة شاب جديد (طبيعي) أسمه جايك (تايلور لوتنر) الذي يعيد لها بعض الأمل في الحياة والبهجة في القلب، لكنه لا يقوى على جعلها تنسى حبّها الأول. هذا في الوقت الذي تقع فيه جرائم قتل وحشية في الغابة القريبة والظنون (وبعضها إثم) تدور حول إدوارد إذ ربما عاد الى القتل ومص الدماء من جديد٠
باستثناء إداء كريستي ستيوارت، وعلى عدم ثباته، لا يوجد إداء يمكن الحديث فيه. إنها تمنح الدور بعض الروح، في حين أن الممثلين الآخرين (وبينهم باتنسون وتايلور لوتنر) لا خطّة لهم سوى حسن الظهور ضمن تشخيص يمضي عبر الشاشة من دون أثر. لكن المشكلة ليست هنا فقط، بل في عالم موزّع بين الحلم والرعب يعالجه المخرج كريس وايتز ولا يحمل في ثناياه أسباباً منطقية كفيلة. الفيلم ليس رعباً لكن فيه مشاهد مرعبة، وهو ليس رومانسياً رغم قصّة حبّه المعوجّة. أكثر من ذلك، وفي الأساس، إذا لم يكن إدوارد مصاص دماء، على الأقل في خلال الفترة الزمنية التي يحتلّها العرض، فلماذا يُطلب من المشاهدين اعتباره إدوارد مصّاص دماء أساساً؟
التوليفة كلّها تبدو مثل خريطة طرق تتوزّع هنا وهناك لكنها لا تصل الى نهايات. في أحد المشاهد الأولى تجرح الممثلة أصبعها بحضور مصّاصي دماء أشرار، بينهم واحد بإسم جسبر (جاكسون راثبون) الذي يحوّل ليلة عيد ميلاد الفتاة البهيج الى حمّام دم. المفهوم هو أن هناك مصاصي دماء أشرار ومصاصي دماء أخيار والفيلم لا يقوى على تحويل الممثل الوسيم باتنسون الى شرير بوجه ملوّث بالدماء. نتيجة ذلك أن العقلاء وحدهم يتساءلون عن سبب وجوده أصلاً، وربما عن سبب وجود الفيلم باديء ذي بدء٠
CAST & CREDITS
DIRECTOR : Chris Weitz
----------------------------------
CAST: Kristen Stewart, Christina Jastrzembska, Robert Pattinson, Billy Burke, Anna Kendrick, Taylor Lautner..
----------------------------------
SCREENPLAY: Melissa Rosenberg | BOOK: "New Moon" BY: Stephanie Meyer | CINEMATOGRAPHER: Javier Aguirresarobe (Color- 35 mm)| EDITOR: Peter Lambert (130 min) | MUSIC: Alexandre Desplat | PROD. DESIGNER: David Brisbin.
----------------------------------
PRODUCER: Marty Bowen | PROD. COMPANY: Summit Entertainment, Imprint Entert. / Sunswept Entert | DISTRIBUTORS: Summit Entertainment . [USA- 2009].
مسلسل | أفلام وسترن٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ * ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
The Wild Bunch **** | الزمرة المتوحّشة
Sam Peckinpah ***** | إخراج: سام بكنباه
تمثيل: وليام هولدن، أرنست بورغنين، روبرت رايان، بن
جونسون، وورن أوتس، هايم سانشيز،إميليو فرناديز٠
Warner Brothers/ Seven Arts (1969) أميركي
وينساب الموت بطيئا وثقيلا وبلا حصر
بصمات سام بكنباه على كل هذا الفيلم عرضا وعمقا وطولا. منذ البداية تمر زمرة بايك (ويليام هولدن) القادمة الى البلدة لنهب مصرفها، بمجموعة من الأولاد يشاهدون كيف يدافع العقرب عن نفسه في معركة خاسرة ضد سرب من النمل. هذا قبل أن يضرموا النار فيها جميعا ويضحكون على المشهد. ساديّة الصغار موجودة دائما في معظم ما حققه بكنباه من أفلام (تشاهدها في كل مشهد يحمل عنفاً حتى ولو كان بمسدس مائي كما الحال في مشهد القطار بين ستيف ماكوين وصبي أسود في فيلم »الهارب«). وهنا، في »الزمرة المتوحشة« يتكرر إلمام الصغار بالعنف في حمى المعركة التي تنشب بين زمرة دوتش ورجال القانون. صبي وفتاة يُشاهدان سقوط القتلى وإنفجار الأجساد قبل أن تشدهما أمهما. لكن بكنباه سجّل هدفه: العنف متأصل منذ الصغر. لا عجب أن الكبار شرسون.
»الزمرة المتوحشة« ليس محدودا بهذه الرسالة. هذه ترد دائما وتنضم الى مجموعة الأبعاد التي يوفرها باكنباه لفيلمه. ما يتحدث عنه، »الزمرة المتوحّشة«، فيلم بكنباه الأكثر عنفا من بين كل أفلام الوسترن التي حققها، هو ما آل إليه مصير التقلّبات الزمنية الحاصلة عند نهايات القرن التاسع عشر.
بايك، دوتش (أرنست بورغنين)، ليل غورتش (وورن أوتس)، شقيقه تكتور غورتش (بن جونسون)، آنجل (هايم سانشيز) وكرايزي لي (بو هوبكنز) هم طراز قديم من الخارجين عن القانون وزعيمهم بايك يحسب أنها العملية الأخيرة التي سيخرج منها بثروة يعتزل بعدها مهنة ما عادت مجزية النتائج. الهدف هو مصرف البلدة التي حدث أنها تحتفل بمسيرة ما: رجال عزّل ونساء وأطفال وجوقات موسيقية تمر في إستعراض حافل. الزمرة لا تعلم أن رئيس البوليس في المنطقة (ألبرت دكر) كان يعلم بخطة هذه العصابة لغزو البلدة وهو حضّر مجموعة من المسلحين وزّعهم على أسطح المباني المقابلة للمصرف بقيادة سجين سابق على معرفة ببايك أسمه ثورنتون (روبرت رايان) لكي ينالوا من العصابة أول وصولهم.
تحضير بكنباه للعملية يعكس حنكته الرائعة في تصميم مشاهد الأكشن. المونتاج يلعب الدور الأساسي هنا وهو يوزّع الفترة الزمنية التي تستغرقها العملية مع وصول العصابة الى البلدة الى مغادرتها بعدما خسرت العديد من رجالها (ولم يبق منها الا المذكورين أعلاه باستثناء كرايزي لي الذي بقي في المصرف وحده الى أن قُتل). اللقطات موزعه ما بين وصول العصابة، والأطفال المتجمّعين على الحشرات المشتعلة، ثم الإستعراض الحافل والمسلحين المختبئين على أسطح المباني. بكنباه يبني التشويق من قبل إطلاق الرصاصة الأولى. ويقطع بين اللقطات المتحركّة والعناوين على صور مُجمّدة كما الجزرة أمام الساعي لها.
وليام هولدن وإرنست بورغنين
حين يصل أفراد العصابة الى المصرف وينتقي بكنباه شخصيات كاريكاتورية لزبائنه المرفّهين، يضيف ما يحدث في المصرف الى ما يحدث خارجه بمزيد من اللقطات المدروسة وإن بدت متناثرة. يلحظ تكتور وجود المسلحين على أسطح المبنى في الوقت الذي يخرج فيه بايك ودوتش بالغنيمة. هنا يطلق أحد المسلحين الرصاصة الأولى فيصيب مواطنا بريئا لن يكون سوى الأول من مواطنين بريئين عديدين سيسقطون ضحايا النيران المتبادلة. بكنباه يزج بالإستعراض وسط الفريقين المتقاتلين ويروح يقتل من هؤلاء ما شاء له. لا يكن بكنباه أي شعور بالشفقة لهؤلاء، وإن كان يفعل فهو لا يظهره. سيتساقطون رجالا ونساءا من بعد إستغلال الإستعراض الجاري كعنصر إضافي مهم للفوضى الناشبة.
وهنا يلعب لعبته المفضلة: القطع السريع بين المشاهد الني تمر أبطأ من معدّلها المعتاد خصوصا وقت يسقط رجل من علٍ او ينقلب آخر عن فرسه. لقطات كثيرة متعاقبة يريد بكنباه لها أن تعلن حالة عنف وتجسّد لحظة موت.
عنف بكنباه وليدة عنف الحياة كما يراها والدكانة التي تغلّفها. ومبعثها قسوتها على شخصياته وقسوة شخصياته على كل شيء. إذ خرج هذا الفيلم سنة ٩٦٩١، كانت هوليوود عرفت كيف تعيش حرب فييتنام مترجمة عنفها الى أفلام تنتمي لأنواع غير حربية مثل فيلم العصابات»بوني وكلايد« [آرثر بن - 7691 وفيلم الوسترن "جندي أزرق" [رالف نلسون- 0791 ] ٠
بو هوبكنز، الممثل الذي لم ينتم الى جيل ويليام هولدن وإرنست بورغنين او روبرت رايان لكنه مثّل في كثير من أفلام الوسترن والأكشن في السبعينات والثمانينات، لديه دور صغير هنا (ودوراً متوسّطاً في فيلم بكنباه اللاحق »الفرار«
The Getaway
(1972) ثم دوراً أكبر في فيلم بكنباه الآخر »نخبة القتلة«
في هذا الفيلم هو عضو العصابة الذي يبقى في المصرف محتجزا موظفيه وزبائنه رهائن. طفل في جسد رجل يجبر الجميع على الغناء بينما القتل واقعا في الخارج. حين يعهد اليه بايك بالمهمة يقول له:
If they move... shoot ’em
وهو يُقتل بعدما هربت العصابة بما استولت عليه. وهبط من بقي من رجال هارينغتون لمعاينة القتلى من العصابة. بكنباه يصوّر هبوطهم كطيور جارحة وصلت لتنهش لحم الموتي فمن جمعهم هارينغتون لإصطياد العصابة ليسوا سوى أصحاب سوابق وهمّهم الآن سلب الموتى. يبرز بين هؤلاء كوفر (ستروذر مارتن) وتي سي (ل. كيو جونز). الثاني شوهد على كبر في آخر فيلم لروبرت
A Praire Home Companion ألتمَن
كوفر وتي سي هما، في »الزمرة المتوحّشة« ولدان آخران في جسدي رجلين متصاحبين يتعاركان حول سلب الضحية الماثلة ويعتذر كوفر لتي سي كما يفعل فتاة مع خطيبها! دلالة لا تفوت من يؤمن بأن شيئا عند بكنباه لا يمكن أن يرد من دون إيحاء او إحتمال. على عكس الولد الكامن في شخصية بو هوبكنز، هما متوحّشان وأقل براءة٠
الوحيد المتأثر من كثرة القتلى هو ثورنتون (روبرت رايان) القابع تحت تهديد هارينغتون بإعادته الى السجن إذا لم يتبع الزمرة ويقبض عليها او يبيدها. ثورنتون يشكو من أنه لن يستطيع أن ينجز مهمته مع مثل هذه الحثالة التي ستصطحبه. من خلال ذلك إشارة متكررة أيضا في أفلام بكنباه برفض أصحاب السلطة والقرار. وخلال تصوير هذا الفيلم، وأفلام أخرى، اصطدم بكنباه بهم [إنه من الوقائع الثابتة أن بكنباه أصيب بالبواسير حين كان يخرج هذا الفيلم لكنه رفض ترك التصوير للمستشفى متحملا أوجاعه مؤمنا أن المنتجين سيستولون على الفيلم إذا ما غادر موقع العمل].
ثورنتون وبايك تصادقا سابقاً. عملا معاً في مهام خارج القانون، لكن الظروف وحدها جعلتهما عدوّان الآن. في سينما بكبناه (كما في سينما أنطوني مان لمن يرغب الإستزادة) نطالع الكثير من هذه الصُور: جيمس كوبرن وكريس كرستوفرسون في »بات غاريت وبيلي ذ كيد« (٣٧٩١) راندولف سكوت وجووِل ماكراي في »مسدسات بعد الظهر« (٢٦٩١). إنقلابهما متواجهين لا يُلغي ذلك الإحترام المتبادل الذي لا يعرفه الآخرون الأحدث والأصغر سناً. هذا الخيط من العلاقة يبقى قائما خلال مطاردة ثورنتون ورجاله لبايك ورجاله.
حين تفلت الزمرة (او من تبقّى منها) من الكمين تختلف حول أمور صغيرة- كبيرة مثل قدرة بايك على القيادة. لدى بايك شخص واحد يدافع عنه هو دوتش (بورغناين). من جيله وطينته. الشقيقان غورتش متمردان مذعنان. ثم هناك فصل تصل فيه العصابة الى قرية مكسيكية حيث اللهو والحب فطريا وبعيدا عن متاعب الحياة. والمكسيك لم تكن ملاذ بكنباه في أفلامه فقط (نهاية »الفرار« المثالية هي لجوء ستيف ماكوين وآلي ماكغرو الى المكسيك وأفضل أوقات بيلي ذ كيد كانت في قراها) بل في حياة المخرج نفسه إذ إنتهى الى هناك رافضا الحياة في أميركا. بعد هذا الفصل يجد أفراد العصابة أنفسهم في ضيافة المكسيكي ماباشي (إميليو فرنانديز) وهنا يلحظ آنجل (العضو المكسيكي الوحيد في العصابة) أن محبوبته القديمة أصبحت من عشيقات زعيم ذلك الجيش الكبير وغير النظامي من المكسيكيين فيحاول قتلها ما يثير حنق ماباشي ولو أنه يصرف النظر عن معاقبة آنجل في تلك الآونة. فما يريده من العصابة هو سرقة أسلحة وذخيرة أميركية وبيعها له. وإنتقامه من آنجل يستطيع الإنتظار.
هايم سانشير، وليام هولدن، وورن أوتس وبن جونسون
ماباشي - الفيلم دكتاتور قيد التكوين. وحشيته مشهودة مغلفة بإسم الثورة. بذلك يكشف بكنباه عدم إيمانه بالقياديين ثوريين كانوا أم لا. كلهم طينة واحدة مستعدة لسحق الأبرياء والأعداء على حد سواء. إنه سريعا ما يتكوّن أمامنا حث المخرج على بحث مصير أبطاله الأقل شرا من كل محيطهم. إنهم آخر عنقود المجرمين. القانون خلفهم وماباشي الشرس أمامهم والفرصة المواتية هنا لا يمكن تفويتها: إذا ما نجح هؤلاء فسيقاضون السلاح بكمية كبيرة من المال تحقق لهم الهرب سالمين ونبذ الحياة المدقعة. ستتيح لبايك اللجوء الى مزرعة يشتريها. ولدوتش العيش بهدوء. الى أن يحدث ذلك، إذا ما حدث، هناك حمّام الهناء الذي سيشترك فيه الرجال مع بعض المومسات المكسيكيات (معاملة بكنباه لهن مدخل لحديث يطول شرحه: حانيات وقت المتعة، منتقمات وقت عليهن التفضيل بين الأميركيين ورجالهن الأصليين).
هنا يجد ماباشي الفرصة سانحة للإيقاع بآنجل والقبض عليه وتعذيبه. وهذا ما يضع الزمرة أمام إختيار صعب: أربعة (هولدن، بورغناين، جونسون وأوتس) يستطيعون نسيان صديقهم آنجل والمضي بعيداً بالغنيمة، او أن يقفوا في مواجهة يعلمون إنها ستكون الأخيرة لمواجهة ماباشي ورجاله في محاولة مستميتة لإنقاذ صديقهم. لا أمل لهم، في ظل هذا الإختيار الأخير، بأي نجاة. إنها محاولة مميتة وليست مستميتة.
المشهد التالي كلاسيكي كالفيلم بأسره: بايك، دوتش، ليل وتكتور غورتش يسيرون في صف واحد (كالملصق) صوب ماباشي الذي يعربد مع رجاله ونسائه. يطلبون شراء آنجل. يسحب ماباشي سكينه ويذبح آنجل بكل برودة وقسوة. يسحب الرجال مسدساتهم ويبدأون إطلاق النار على الجميع. أول المصابين هو ماباشي نفسه (عادة ما تترك الأفلام رئيس الأشرار الى النهاية- لكن ليس بكنباه) وبذا بداية عشر دقائق من أكثر مشاهد المعارك دموية وأكثرها فنا وتفنناً. تفوق الفصل الأول جهداً وعنفاً. ينساب الموت بطيئاً وسريعاً وثقيلاً وبلا حصر. الصوت والصورة هما أدوات هذه الأوبرا التي فيها قليل من كيروساوا وقليل من سيرجيو ليوني والباقي كلّه بكنباه.
مرة أخرى يوزّع بكنباه لقطاته بكثرة ووفرة على مشاهد القتل. الصيحة الأخيرة لرجاله الذين أدركوا موتهم القريب وأقبلوا عليه في شكل نموذجي للتفاني موتا في سبيل لا نبحث فيه عن معنى سرمدي او قيمة أخلاقية.
تقع الأحداث سنة ٣١٩١، وليس في قلب الغرب الأميركي كما في معظم الأفلام الأخرى (السنوات الثلاثين الأخيرة من القرن التاسع عشر). إنها الفترة التي ما عاد هناك مكان لأمثال بايك ورجاله او ثورنتون ورجاله. ليس في الغرب الأميركي، وربما ليس في أي مكان آخر. وضع أبطاله مثل وضع بكنباه نفسه في أواخر الستّينات. كان يعلم أنه لا يحصل على ما يريد لأفلامه، من حرية عمل ومن استقلالية رأي وإبداع الا إذا ما حارب، وهو حارب كثيراً لهذا الفيلم ولكل فيلم سبقه او تبعه. وعدوّه (الجهة الإنتاجية) كان يشبه هاريغان (ألبرت دكر) في هذا الفيلم الذي يجبر ثورنغتون على قيادة عملية الإبادة ليس لمصلحة الأمن بالمطلق، بل لأن شركته تريد ربط البلدة بالعالم المتمدّن وزمرة بايك لا تغري رؤوس الأموال لتمويل هذه النقلة نحو التطوّر. وبكنباه في حياته كلها، وفي كل فيلم من أعماله، كان ضد التطوّر الذي يُتيح للقائمين به تغليف أطماعهم المادّية ومصالحهم الشخصية.
إستعانة بكنباه بأبطاله تمت أيضاً الى الفترة الذهبية التي ولّت والمستقبل الداكن الذي يليها. وليام هولدن وروبرت رايان وبن وجونسون وأرنست بورغنين كانوا من ملوك الوسترن في الأربعينات والخمسينات. باستثناء هولدن، لعبوا أدوار الشر والخير حسبما أتيح. حفظ الجمهور أدوارهم وشخصياتهم السينمائية، ولم يتوقّع أن يجدهم هنا على هذا النحو: مجموعة تعيش نهاياتها. ولا تملك أنت، إذا ما شاهدت أفلاماً لهؤلاء، الا أن تدرك أنهم كما لو نبذتهم السينما التي صرفوا لها عمرهم فلم يبق أمامهم سوى توديع الأدوار المتوقّعة والإقبال على قُبلة موت ختامية. »الزمرة المتوحشة« كان تلك القُبلة.
D|V|D
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *ـ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
On Her Majesty's Secret Service *** |
في خدمة مخابرات الملكة
Peter Hunt | إخراج: بيتر هانت
تمثيل: جورج لازنبي، دايانا ريغ، تيلي ساڤالاس٠
مفاتيح: جيمس بوند | أكشن| مسلسل | تشويق | سينما
السبعينات [بريطاني/ أميركي - 1969]٠
معلومات | »في خدمة مخابرات الملكة« هو سادس فيلم في سلسلة جيمس بوند الجاسوسية والفيلم الوحيد في السلسلة الذي قام بإدائه جورج لازنبي. بذلك هو الفيلم الوحيد في السلسلة التي لم يكرر الممثل اللاعب دور بوند دوره هذا مرّة أخرى٠ كذلك هو الفيلم الوحيد من سلسلة بوند الذي أسند أمر إخراجه الى بيتر هانت، الذي عرف قدراً من الشهرة في أفلام أخرى. إيراداته في "شباك التذاكر" كانت متواضعة نسبياً محتلاً الرقم الحادي والعشرين من بين أعمال بوند الثلاثة والعشرين (مع فارق سعر التذكرة بين الأمس واليوم)٠
يكمن هذا الفيلم بين فيلمين من تمثيل شون كونيري في دور بوند هما
You Only Live Twice (1967) و Diamonds Are Forever (1971).
جورج لازنبي
ملخّص | بوند (لازنبي) ينقذ فتاة شابّة أسمها ترايسي (دايانا ريغ) من الإنتحار غرقاً ويلتقي بها ثانية في الكازينو. تدعوه الى جناحها في الفندق ويقبل لأنها تثير اهتمامه عاطفياً، فإذا به يتعرّض لرجل من رجال والدها يبدو أنه مُعيّن لحمايتها. في اليوم التالي يتعرّف على والدها (غبريال فرزتّي) الذي يعرض عليه مليون دولار إذا ما تزوّج من إبنته. يرفض بوند الهدية لكنه يقبل محاولة الجمع بينه وبين ترايسي، مع العلم أن بوند كان في مهمّة مختلفة ضد منظّمة سرية يقودها بلوفلد (تيلي ساڤالاس). بسبب عدم إنجاز المهمّة تعفيه ادارته من المهمّة، لكن بوند يستمر في مهمّته على أي حال مستعيناً بوالد فتاته لأجل معرفة كيفية دخول تلك المنظّمة. تُتاح له الفرصة متنكّراً في شخصية عالم جينيات كان بلوفلد طلبه (من دون أن يعرفه شخصياً) لغاية إثبات انتمائه الى أسرة نبيلة. في مركز بلوفلد المنيع في قلب جبال الألب يمضي بوند الوقت بين ملبي طلبات عاطفية وبين محقق في خطط بلوفلد حيث يكتشف إنه يريد إطلاق جرثومة من شأنها تدمير الحياة على الأرض مستخدماً في العملية الفتيات الجميلات اللواتي يعشن في موقعه. معركة بينه وبين بلوفلد يتم عبرها تدمير المحاولة وعودة بوند الى ترايسي. في يوم زفافهما، ينتقم بلوفلد ومعه سكرتيرته الألمانية (إلسي ستيبات) بإطلاق النار عليه وعلى زوجته وتموت ترايسي بين ذراعيه٠
باربرا ستيل
نقد | كان شون كونيري راغباً في الإعتزال والبحث جارياً عن خليفة حين اقترح المخرج الآتي من المونتاج بيتر هانت على المنتجين ألبرت بروكلي وهاري سولتزمان عارض الأزياء الأسترالي جورج لازنبي وتمسّك به٠
كان هذا الفيلم الأول لبيتر هانت إخراجاً (أنجز ثمانية في هذا الحقل ونحو 40 فيلم بين مساعد مخرج ومونتير من قبل). كذلك كان الأول لممثله جورج لازنبي، الذي أنجز بعد ذلك نحو 26 فيلما آخر٠
هذا سبّب وضعاً غير مريح للجميع ويتبدّى على صفحة الفيلم من مشاهد التمهيد وحتى النهاية. وأحد الأسباب غير المريحة الإضافية هي أن المنتجين أدركا أنهما أخطآ حين وافقا على لازنبي الذي لم يبد لهما جيّداً بما فيه الكفاية ومناسباً لشخصية بوند كما قدّمها شون كونيري من قبل٠
لكن النظرة النقدية تُفيد في الوقت ذاته، أن المشكلة ليست مشكلة لازنبي فقط (ومشكلة لازنبي الأساسية هي في صوته غير المناسب للإلقاء في دور رئيسي كما في حدود معرفته بالتمثيل) بل مشكلة المخرج الذي حاول تقديم زواية جديدة لمعالجة بوند لم تُنجز جيّداً رغم أنها كانت تستحق المبادرة على الأقل٠
بداية، استغنى عن لحن بوند الخاص وعمد الى لقطات كلوز أب لم تعهدها مقدّمات أفلام بوند الأخرى. لكن الناقد يفهم مبرر استخدام اللقطات القريبة: كان هذا الفيلم أوّل مرّة يتم فيها استبدال البطل المعروف والمنطبع في بال المشاهدين (كونيري) بآخر جديد (بعد ذلك تناوب على الدور كما نعلم روجر مور وتيموثي دالتون وبيرس بروسنان وصولاً الى الحالي دانيال كريغ) وكانت الغاية التمهيد لهذه النقلة بتعريف تدريجي لبوند الجديد ينتقل من تلك اللقطات الى مشاهد أكشن سريعة ليست بحجم تلك التمهيدات والمقدّمات الكبيرة التي اعتادها الجمهور فيما سبق٠
التصدّي الى النقلة كان لابد أنه كان معضلة أمام الكاتب أيضاً (رتشارد مايبوم) ذلك لأن بوند الحالي، وفي الدقائق الثلاثين الأولى تقريباً، يبدو متردّداً فيما إذا كان يريد أن يستمر في عمله او أن يعتزله بعدما وقع في حب ترايسي. حين يأمره مسؤوله باعتزال العملية التي بين يديه (عملية بلوفلد)، يقدّم بوند استقالته. لكنه هو سعيد حينما يوافق رئيسه على إجازة (بعدما قامت السكرتيرة التي تحب بوند في كل فيلم قديم وأسم ممثلتها لويس مكسويل بتغيير الإستقالة الى طلب إجازة من دون علم بوند)٠
المعضلة الثانية أمام السيناريست والفيلم بأسره هو الحديث عن وقوع بوند في الحب. النجاح في صياغة هذا التوجّه الإجتماعي العاطفي الذي لم يكن مطروحاً في أفلام بوند السابقة. فبوند رجل لا يقع في الحب بل يمارسه فقط. هنا هو وقع فعلاً (ولو أنه لم يتخل عن واجب ممارسته حتى مع غير المرأة التي يحب). في الوقت الذي يُظهر ذلك جانباً "إنسانياً" لبوند، فإن تقديم هذا الجانب من دون الإضرار بسمعة بوند الأول أمر صعب و-عملياً- يصلح لآخر بوند وليس لحلقة متوسّطة. على ذلك، ومن زاوية مفردات عمل سينمائية بحتة، فإن المحاولة هي أكثر نجاحاً بحد ذاتها مما هي على مستوى قبول الجمهور وعشّاق بوند. الفيلم يبدو مقطوعة منفردة لبوند تصلح لأن يغنّيها أي شخصية أخرى غير بوند، بمعنى أن الفيلم كان يمكن أن يكون من بطولة شخصية لا علاقة لها بأي سلسلة أكشن او غير أكشن. كونه من بطولة بوند ألقى قرارات صعبة وشجاعة على مخرجه أمّها جيّداً عبر تغيير التكتيكات المعهودة للسلسلة، فالمقدّمة صغيرة، ونصف الفيلم بلا أكشن، وهناك قصّة حب والمجرمون قليلون واللازمة الموسيقية الأكثر تردداً ليست مكتوبة خصيصاً بل هي أغنية للراحل لوي
We have all the time in the world أرمسترونغ المعنونة
مع تنويعاتها الموسيقية
أكثر الإختلافات لا زالت على الطريق. بعد مشاهد أكشن مختلفة وجيّدة القطع والتوقيت داخل المشهد الواحد، ها هي نهاية بلوفلد تتراءى في النهاية. على الأقل تتراءى لجيمس بوند الذي يهرع بعد فوزه (غير المكتمل كما نعرف بعد قليل) للزواج بمن يحب بحضور كل الأخيار الذين يعرفهم بمن فيهم رئيسه وبعض موظّفي المخابرات والسكرتيرة. حال ينطلق الى شهر العسل بسيارة صغيرة تقودها زوجته ينبري المجرم وسكرتيرته ويطلقان النار فتموت الزوجة. النهاية ليست فقط نصراً للشرير (ولو الى حين لأن هذا الفيلم هو الثاني في ثلاثية خاصّة من السلسلة) بل ايداع لمخزون بوند العاطفي. اللقطة الأخيرة للفيلم لبوند وهو يبكي. أمر لم يتوقّعه المشاهدون واضطر اليه المنتجان٠
شخصياً، أريد بوند إنساناً او لا أريده على الإطلاق، لكن هذا لا يعني أن لا أكترث لميزانسَن أكثر إجادة وإيقاع سينمائي جيد. هذا الفيلم لا يؤمّن هذين العنصرين الا في مطارح محددة (المطاردة فوق الألب) لكنه بسبب من اختلافه وحسناته المتفرّقة يحتل مكانته بين تلك المقبولة أكثر من العديد سواه٠
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2009٠