True Grit *** عزم حقيقي
النوع: وسترن | الولايات المتحدة [ألوان- 110 د].
__________________________________________
Film Review # 204
تقييم فيلم ريدر ***
تقييم مجمل النقاد: ****
Film Review # 204
تقييم فيلم ريدر ***
تقييم مجمل النقاد: ****
__________________________________________________________
فيلم الأخوين جووَل وإيتن كووَن «عزم حقيقي» هو ثاني رواية للكاتب تشارلز بوريس (من خمسة) وأشهرها كونها انتقلت الى الشاشة سنة 1969 بعد عام واحد على نشرها، في فيلم من إخراج الكلاسيكي المتمرّس هنري هاذاواي وبطولة جون واين في دور روبرت روستر كوغبيرن المارشال الذي "لا يدخل الخوف عقله" على حد وصف أحدهم له والذي تطلب منه الفتاة ماتي روس (كيم داربي) القبض على قاتل أبيها توم تشايني (جف كوري) الذي التحق بعصابة يرأسها ند بَبر (روبرت دوڤول). روستر كوغبيرن يوافق على مضض على أن يقوم بالمهمّة وحده، لكن ماتي تصر على أن تصحبه. معهما في المغامرة الشاب لابيف (غلن كامبل) الذي يريد القبض على توم لأسباب أخرى. الفيلم تألّف من رحلة الثلاثة في براري الغرب.
في الترجمة السينمائية الجديدة، يقدم الأخوين كووَن على النهل من الرواية وليس من الفيلم- او هكذا أخبراني حين تحدّثت إليهما. لكن كون الأصل أيضاً اعتمد الرواية من دون كثير تعديل، فإن النتيجة شبه واحدة سواء استلهم الأخوين الكتاب او الفيلم (يؤكدان أنهما شاهدا فيلم هاذاواي حين كانا صغيرين فقط).
جف بردجز في شخصية روستر (وبعصبة سوداء أيضاً كما حال الشخصية في الرواية والفيلم السابق) وهايلي ستاينفلد في دور الفتاة بينما يؤدي مات دايمون دور لابيف. الملخص أعلاه يصلح تماماً لإيجاز أحداث نسخة كووَن لأن المتغيّرات قليلة. لكن النبرة مختلفة تماماً. فيلم هاذاواي كان احتفائياً بالممثل واين وبالوسترن كنوع أدمن واين عليه حتى أصبح هو تعبيراً عنه. فيلم الأخوين كووَن بلا إحتفاء على الإطلاق. حتى التغني بالغرب الأميركي كنوع سينمائي أمر غير وارد. عالم الأخوين كووَن هنا مؤلّف من سرد ملتزم بالحكاية من دون نوستالجيا او تعبير من أي نوع سوى تلك البرودة الساخرة التي تتسرّب مثل جدار يشح بالماء، وهذا سيء لمتلق كان الوسترن بالنسبة له نوعاً من المعايشة وجدانياً مع عصر ولّى ولا يزال مثيراً للإهتمام كتاريخ وكبيئة زمنية واجتماعية.
جف بردجز في شخصية روستر (وبعصبة سوداء أيضاً كما حال الشخصية في الرواية والفيلم السابق) وهايلي ستاينفلد في دور الفتاة بينما يؤدي مات دايمون دور لابيف. الملخص أعلاه يصلح تماماً لإيجاز أحداث نسخة كووَن لأن المتغيّرات قليلة. لكن النبرة مختلفة تماماً. فيلم هاذاواي كان احتفائياً بالممثل واين وبالوسترن كنوع أدمن واين عليه حتى أصبح هو تعبيراً عنه. فيلم الأخوين كووَن بلا إحتفاء على الإطلاق. حتى التغني بالغرب الأميركي كنوع سينمائي أمر غير وارد. عالم الأخوين كووَن هنا مؤلّف من سرد ملتزم بالحكاية من دون نوستالجيا او تعبير من أي نوع سوى تلك البرودة الساخرة التي تتسرّب مثل جدار يشح بالماء، وهذا سيء لمتلق كان الوسترن بالنسبة له نوعاً من المعايشة وجدانياً مع عصر ولّى ولا يزال مثيراً للإهتمام كتاريخ وكبيئة زمنية واجتماعية.
يؤم الشقيقان كووَن الوسترن بأقل قدر من المرجعية. إذا كان لابد، فهو بالتأكيد شبيه بأفلام وسترن السبعيناتية من حيث التشكيل اللوني للتصوير والتشكيل السلوكي للشخصيات. وهو رصين ومُلاِحظ لكنه ليس ثقيلاً ولا تفصيلياً. وأسلوب العمل هو غير استعراضي وغير مبهر بحد ذاته وفي وقت واحد. الناحية الأولى جيّدة، الثانية عامل آخر مفقود في هذا الفيلم الذي يمر بهدوء نهر صغير و-أحياناً- بملله٠
لكن اعتماد المخرجين على الرواية من دون تدخّلات من جانبهما لجذب الفيلم في أي إتجاه أمر يساعدهما على إتقان تنفيذ الفصول من حيث التأليف اللغوي لمشاهد كل فصل. خذ مثلاً الفصل الذي يستمر لخمس دقائق والذي نتابع فيه دخول الفتاة الباحثة عن روستر كوغبيرن الى المحكمة حيث تتم محاكمته بتهمة قتله عدداً من أفراد أسرة واحدة. لاحظ كيف أن المخرجين في البداية بنيا الفصل عليها في مطلع الأمر. حركتها الى داخل القاعة وملاحظتها الجميع وأماكن كل منهم وسماعها ما يدور. إذ تتقدّم في القاعة بحثاً عن مكان تستطيع أن تشاهد منه كل شيء، خصوصاً روستر، تتحرّك الكاميرا تلقائياً لتكشف عما تراه. بعد ذلك، تنصرف عنها لكي تتابع الحوار بين روستر ومحاميه. لقطات متبادلة بين الشخصين بعد أن ينتقل التنفيذ من اللقطات البعيدة المتوسّطة، الى لقطات متوسّطة لكل منهما على انفراد. المنوال نفسه بين روستر والمدّعي العام مع اختلاف في زوايا اللقطات من قبل العودة الى الفتاة قبل انتهاء الجلسة. كل ذلك بيسر شديد وتوظيف صحيح للمكان ولما يرد في المشهد للتغلّب على الحوارات الطويلة المصاحبة.
لكن اعتماد المخرجين على الرواية من دون تدخّلات من جانبهما لجذب الفيلم في أي إتجاه أمر يساعدهما على إتقان تنفيذ الفصول من حيث التأليف اللغوي لمشاهد كل فصل. خذ مثلاً الفصل الذي يستمر لخمس دقائق والذي نتابع فيه دخول الفتاة الباحثة عن روستر كوغبيرن الى المحكمة حيث تتم محاكمته بتهمة قتله عدداً من أفراد أسرة واحدة. لاحظ كيف أن المخرجين في البداية بنيا الفصل عليها في مطلع الأمر. حركتها الى داخل القاعة وملاحظتها الجميع وأماكن كل منهم وسماعها ما يدور. إذ تتقدّم في القاعة بحثاً عن مكان تستطيع أن تشاهد منه كل شيء، خصوصاً روستر، تتحرّك الكاميرا تلقائياً لتكشف عما تراه. بعد ذلك، تنصرف عنها لكي تتابع الحوار بين روستر ومحاميه. لقطات متبادلة بين الشخصين بعد أن ينتقل التنفيذ من اللقطات البعيدة المتوسّطة، الى لقطات متوسّطة لكل منهما على انفراد. المنوال نفسه بين روستر والمدّعي العام مع اختلاف في زوايا اللقطات من قبل العودة الى الفتاة قبل انتهاء الجلسة. كل ذلك بيسر شديد وتوظيف صحيح للمكان ولما يرد في المشهد للتغلّب على الحوارات الطويلة المصاحبة.
لاحقاً، في مكان ما وسط الفيلم، ينتهج الأخوين تقسيماً لغوياً آخر: روستر وماتي على حصانيهما في منطقة شجرية. الكاميرا تتحرّك وراءهما ببطء يماثل بطء تقدّمهما الى منطقة جديدة، ثم تنتقل الى امامهما لتتراجع عنهما بذات البطء. هنا ينتبه روستر على أن هناك شيئاً خطأ في المكان يتوجّب الحذر منه. بذلك تكون الكاميرا واكبت الإحساس قبل بدايته حتى تتيح للمشاهد الشعور به. حزء كبير من نجاح المهمّة يعود الى مدير تصوير الأخوين كووَن المفضّل (والدائم) روجر ديكنز.
بمراجعة الكتاب (الذي أعيد طبعه بمناسبة الفيلم) ندرك كم كان الشقيقان أمينان حيال الحوار الوارد في النص الأصلي خصوصاً وأن الكاتب بورتيس كان ذكياً في استخدام حواره. ما يخفقان به هو شحن الأزمات الواقعة بين الأطراف الثلاثة بقدر من الحرارة. بسبب ذلك، فإن الحوار المتبادل بين شخصية جف بردجز وشخصية مات دامون دائماً أقل أهمية مما يبدو عليه الأمر في الوهلة الأولى. المشاهد ذاتها بينهما لا تبدو طبيعية بين رجلين من ذلك العصر كل منهما يدّعي أنه مقاتل أفضل من الآخر. النتيجة هي أنهما يبدوان أقرب الى إمرأتين عجوزتين تتناوبان الردح كل للأخرى خصوصاً في مشهدين ضعيفين للغاية: المشهد الذي يهزأ روستر كوغبيرن من لابيف، وذاك الذي يتنافسان فيه على إصابة أهداف طائرة. وهما مشهدان وردا على بعد ثلث ساعة كان الفيلم خلالها قد غطس في مستنقع راكد لم يخرج منه الا قبل نحو ثلث ساعة من نهايته.
باستنادهما الى المصدر تبنيّا مسألة أن تقود ماتي الحكاية كلّها. الفيلم من تعليقها ووجهة نظرها (أكثر من الفيلم السابق). في هذا النطاق، فإن واحداً من انفرادات رواية بورتيس هو أن بطلته الصغيرة (14 سنة) تتمتّع بما يلزم الرواية من استقلالية ومن عزم للإنتقام من قاتل أبيها. هذا كان جديداً في الطرح الإجتماعي في الستينات، ولم يعد جديداً هنا او يملك ذات التأثير. على ذلك، أداء هايلي ستاينفلد متماسك وجيّد لدرجة تجاوز المطروح الذهني حول دورها الإجتماعي وانعكاسه العادي بين مشاهدي اليوم. ما لم يستطع الأخوين توفيره هو تقديم روستر كما في الكتاب لناحية سنّه. إنه في الأربعينات من عمره في الكتاب وأكبر من ذلك بنحو خمسة عشر او عشرين سنة في فيلمهما. بذلك يذكّر جف بردجز، شاء او أبى، بشخصية جون واين الذي كان في سن الثانية والستين حين لعب بطولة ذلك الفيلم.
كلا الفيلمين يقدّمان شخصية واحدة عملياً، لكن كل ممثل ينفرد بأسلوبه الأدائي بغية خلق ترجمته الخاصة: جون واين قصد تجسيد البطولة ومعالجة الشخصية بتقريبها الى منواله، بينما لعبها تحت مستوى البطولة قدر الإمكان٠
والفارق ليس تشخيصاً فقط. فيلم هنري هاذاواي كان عملاً يميني النبرة كونه يمنح بطله التغني بمنواله الخاص كرجل قانون يتعامل والمجرمين كقاض ومحلّف وجلاّد (انسجاماً مع مبدأ جون واين السياسي أيضاً). لكن فيلم كووَن يمارس ابتعاداً مقصوداً عن الناحية السياسية ولناحية تسجيد بطله للشخصية. روستر عند كووَن لا يزال شخصاً شرساً، لكنه ليس بطلاً بل مجرد رجل يمضي معظم الوقت سكيراً وإن كان يمكن الإعتماد عليه في الملمّات. إنه ليس البطل التقليدي المعتاد للوسترن، لكن الفيلم أبعد من أن يكون تعليقاً على النوع وعلى أبعاده. الوسترن عند كووَن هو ذاته العالم البارد الموجود في باقي أفلامهما. أما من يرغب في فيلم وسترن يتميّز بالحرارة والمواقف أن يشاهد النسخة الأصلية او أي فيلم جيّد من السبعينات سواء أكان يمينياً (على قلّتها في ذلك الحين وبسبب نكسة اليمين بسبب حرب فييتنام) او يسارياً كفيلم سام بكنباه الذي انطلق للعروض بعد أسبوع واحد من فيلم هاذاواي »الحفنة المتوحّشة» وحمل نقداً للغرب وتصويراً مغايراً للمعتاد عليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2009٠
بمراجعة الكتاب (الذي أعيد طبعه بمناسبة الفيلم) ندرك كم كان الشقيقان أمينان حيال الحوار الوارد في النص الأصلي خصوصاً وأن الكاتب بورتيس كان ذكياً في استخدام حواره. ما يخفقان به هو شحن الأزمات الواقعة بين الأطراف الثلاثة بقدر من الحرارة. بسبب ذلك، فإن الحوار المتبادل بين شخصية جف بردجز وشخصية مات دامون دائماً أقل أهمية مما يبدو عليه الأمر في الوهلة الأولى. المشاهد ذاتها بينهما لا تبدو طبيعية بين رجلين من ذلك العصر كل منهما يدّعي أنه مقاتل أفضل من الآخر. النتيجة هي أنهما يبدوان أقرب الى إمرأتين عجوزتين تتناوبان الردح كل للأخرى خصوصاً في مشهدين ضعيفين للغاية: المشهد الذي يهزأ روستر كوغبيرن من لابيف، وذاك الذي يتنافسان فيه على إصابة أهداف طائرة. وهما مشهدان وردا على بعد ثلث ساعة كان الفيلم خلالها قد غطس في مستنقع راكد لم يخرج منه الا قبل نحو ثلث ساعة من نهايته.
باستنادهما الى المصدر تبنيّا مسألة أن تقود ماتي الحكاية كلّها. الفيلم من تعليقها ووجهة نظرها (أكثر من الفيلم السابق). في هذا النطاق، فإن واحداً من انفرادات رواية بورتيس هو أن بطلته الصغيرة (14 سنة) تتمتّع بما يلزم الرواية من استقلالية ومن عزم للإنتقام من قاتل أبيها. هذا كان جديداً في الطرح الإجتماعي في الستينات، ولم يعد جديداً هنا او يملك ذات التأثير. على ذلك، أداء هايلي ستاينفلد متماسك وجيّد لدرجة تجاوز المطروح الذهني حول دورها الإجتماعي وانعكاسه العادي بين مشاهدي اليوم. ما لم يستطع الأخوين توفيره هو تقديم روستر كما في الكتاب لناحية سنّه. إنه في الأربعينات من عمره في الكتاب وأكبر من ذلك بنحو خمسة عشر او عشرين سنة في فيلمهما. بذلك يذكّر جف بردجز، شاء او أبى، بشخصية جون واين الذي كان في سن الثانية والستين حين لعب بطولة ذلك الفيلم.
كلا الفيلمين يقدّمان شخصية واحدة عملياً، لكن كل ممثل ينفرد بأسلوبه الأدائي بغية خلق ترجمته الخاصة: جون واين قصد تجسيد البطولة ومعالجة الشخصية بتقريبها الى منواله، بينما لعبها تحت مستوى البطولة قدر الإمكان٠
والفارق ليس تشخيصاً فقط. فيلم هنري هاذاواي كان عملاً يميني النبرة كونه يمنح بطله التغني بمنواله الخاص كرجل قانون يتعامل والمجرمين كقاض ومحلّف وجلاّد (انسجاماً مع مبدأ جون واين السياسي أيضاً). لكن فيلم كووَن يمارس ابتعاداً مقصوداً عن الناحية السياسية ولناحية تسجيد بطله للشخصية. روستر عند كووَن لا يزال شخصاً شرساً، لكنه ليس بطلاً بل مجرد رجل يمضي معظم الوقت سكيراً وإن كان يمكن الإعتماد عليه في الملمّات. إنه ليس البطل التقليدي المعتاد للوسترن، لكن الفيلم أبعد من أن يكون تعليقاً على النوع وعلى أبعاده. الوسترن عند كووَن هو ذاته العالم البارد الموجود في باقي أفلامهما. أما من يرغب في فيلم وسترن يتميّز بالحرارة والمواقف أن يشاهد النسخة الأصلية او أي فيلم جيّد من السبعينات سواء أكان يمينياً (على قلّتها في ذلك الحين وبسبب نكسة اليمين بسبب حرب فييتنام) او يسارياً كفيلم سام بكنباه الذي انطلق للعروض بعد أسبوع واحد من فيلم هاذاواي »الحفنة المتوحّشة» وحمل نقداً للغرب وتصويراً مغايراً للمعتاد عليه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Dirctor: Joel Coen, Ethan Coen.
Cast: Jeff Bridges, Matt Damon, Hailee Steinfeld, Josh Brolin, Barry Pepper. Script: Joel Coen, Ethan Coen
DOP: Reger Deakins (35 mm.Color).
EDITOR:Roderick Jaynes (110 min).
MUSIC:Carter Burwell.
PRODUCER: Scott Rodin, Joel Coen, Ethan Coen
PROD. COMPANY: Skydance Prods./ Scott Roddin/ Mike Zoss Prods.
DISTR.: Paramount [USA- 2010]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2009٠