فيلم الفرنسي (الذي لا يُكتب عنه ما يكفي بالعربية) روبير بريسون "مفكرة راهب في الريف" دراما عن الوحدة والتفاني ثم الريبة ثم الحب الكبير كلّه في إطار حكاية راهب شاب (كلود لايدو) يصل الى بلدة في الشمال الفرنسي حيث يجد مهمّته الدينية أصعب مما توخّى في الوقت الذي يعاني فيها من آلام معدة مبرحة تكتنز آلامه الروحية أيضاً. التصوير، ولاحظ اللقطة وفي خلفيتها اللوحة، من ليونس- هنري بورل وهو مدير تصوير مهم (لم يُكتب عنه مطلقاً بالعربية) بدأ عمله في العام 1921 وبحلول الثلاثينات كان تحوّل الى واحد من أفضل مديري التصوير الفرنسيين وربما في العالم. لكن تشكيل اللقطة ليس شغل مدير التصوير وحده، بل من اختيار المخرج أساساً
Insidious
إخراج: جيمس وان
تمثيل: باتريك ولسون، روز بيرن، تاي سيمكنز
رعب
إخراج: جاسون واينر
تمثيل: راسل براند، هيلين ميرين، جنيفر غارنر
كوميديا
إخراج: كيلي رايكهارد
تمثيل: بول دانو، بروس غرينوود، شيرلي هندرسن
وسترن
إخراج: جو رايت
تمثيل: كايت بلانشيت، إريك بانا، سوريس رونان
تشويق
***
تمثيل: ماثيو ماكاهوني، وليام هـ. مايسي، ماريسا توماي
النوع: تشويق بوليسي | الولايات المتحد- 2011
Review # 232
الغائبة عن سينما اليوم بداعي أن أحداً لا يهتم بها. صحيح؟
"محامي اللينوكلن" مأخوذ عن رواية ناجحة لمايكل كونلي حول محام يعمل من سيارته اللينكولن السوداء القديمة. إنها مكتبه المتحرك على عجلات. منه يرى العالم ولا أحد يراه. سائقه الأفرو- أميركي معجب به كونه حذق وإبن شارع، بلغة من يفهم الناس وحركاتها وتصرّفاتها. والمحامي ميك هولر (ماثيو ماكونوهي) يعامله جيّداً، لكنه قد يطلب منه أحياناً أن يضع في أذنيه سمّاعات موسيقية حتى يستطيع المحامي، في المقعد الخلفي الحديث من دون أن يستمع السائق إليه.
يبدأ الفيلم بإغنية رائعة وشجية من مغني البلور بوبي بلاند عنوانها
Ain't No Love in the Heart of the City
وللأسف تمضي الأغنية ولا تعود. الفيلم يبدأ معها بلقطات مختلفة تمهّد للتعريف بالمحامي وهو جالس في المقعد الخلفي من سيّارته. لديه قضيّة بطلها مكسيكي شاب (مايكل بينا) متّهم بقتله فتاة ليل. إنه يصر على أنه لم يقتل الفتاة وعلى أنه بريء تماماً. لكن ميك يميل الى عدم تصديقه مفترضاً سوء النيّة من ناحية وحاكماً على "مكسيكية" موكله. موقف انساق إليه المحامي من دون تمعّن مفترضاً الأسوأ في موكله قبل أن يستمع كليّاً إليه. وهو يحاول إقناع موكله هذا بأن يعترف بذنبه لقاء صفقة تبقيه في السجن خمسة عشر سنة فقط، عوض صدور حكم مؤبّداً او بإعدامه. ميك هنا كان أيضاً يفكّر في أنه سيعجز عن إقناع لجنة التحقيق ببراءة موكله خصوصاً وأنه هو نفسه غير مقتنع. في النهاية يقبل البريء الصفقة مضطراً، لكن الأحداث ستبرهن عن أنه بالفعل لم يكن قاتلاً. وهذه الأحداث ستبدأ مع قضيّة أخرى بطلها أميركي أبيض ثري (رايان فيليبس) متّهم بضرب فتاة ليل أخرى ضرباً مبرحاً وهو يصر، كالمكسيكي، على براءته. هذه المرّة ميك يصدّقه وبتصديقه يبتلع الطعم ليكتشف لاحقاً من أن موكله هذا مذنب بالفعل، بل هو أيضاً من قتل العاهرة الأخرى.
ميك يمنح الشاب الثري لويس الوقت والثقة ويحجبها عن المكسيكي، وحين يدرك خطأه يكون الوقت قد فاته. المكسيكي في السجن وهو بريء، والثري الأبيض المدلل حرّاً. لكن ليس من دون تبعات. حين يكتشف المحقق الذي يعمل لحساب ميك وأسمه فرانك (وليام مايسي) أن هناك ما يدين لويس يقدم هذا على قتله، ويحاول فبركة التهمة لكي تقع على ميك. وتبعاً لتفاصيل لا أود الكشف عنها هنا، يجد المحامي أن عليه الدفاع عن موكله في المحكمة خير دفاع، لكن كونه أيضاً حذق ومحنّك سيفاجأ القاتل بتطوّرات جديدة من شأنها وضعه في السجن وتبرأة موكله الآخر.
لا أريد كشف كل الأحداث وكيف تنطوي على مفارقات مهمّة تحتوي على محاولة لوي ذراع المحامي وكيف ينتقم ميك بفعل أقوى مستعيداً سطوته على تلك الأحداث. هذا لأن الفيلم يستحق أن يُشاهد. لكن ما أستطيع الحديث فيه هو أن الفيلم إذ يجمع بين شكل التحريات وشكل قضايا المحاكم، مع مرافعات متعددة ولو موجزة، يقع على الحافّة بين العمل السينمائي وذاك التلفزيوني. في الحقيقة أن تنفيذ المخرج فورمن لا يختلف كثيراً عن مستوى الحلقات التلفزيونية او أفلامها. بسيط وسهل ومن دون تعقيد او تشابك او محاولات لخلق أسلوبية خاصّة. لكن تبعاً لجديّة المعالجة ورغبته في سرد قصّته بلا حيل سخيفة، فإن هذه المباشرة تتحوّل الى أهم حسناته. هذا وإمساكه بخطّه القصصي على نحو ثابت وليس لديه وقت لكي يتسلّى ويُسلّي من باب طلب توسيع رقعة مشاهديه.
طبعاً، في مواجهة هذه الحسنات، نجد المخرج غير معني بصنع عمل فني أعلى مستوى ومقدرة من الماثل طوال الوقت. الفكرة جيّدة لكن على كثرة انحرافاتها واستداراتها تجنح صوب المط. ماكاهوني جيّد وطبيعي وهو محور كل شيء. كذلك تضفي ماريسا توماي في دور زوجته السابقة هالة مضيئة كعادتها في كل فيلم. وليام مايسي في دور مساعده. دور صغير الحجم كبير التأثير
..............................................
CAST: Matthew McConaughey, Ryan Phillippe, Marisa Tomei, William H. Macy, Josh Lucas, Frances Fisher, John Leguizamo
..............................................
SCREENPLAY: John Romano. SOURCE: Novel by: Michael Connelly
CINEMATOGRAPHER: lukas Ettlin [Color-35 mm]
EDITOR: jeff McEvoy (118 min).
MUSIC: Cliff Martinez
..............................................
PRODUCERS: Sidney Kimmel, Gary Lucchesi, tom Rosenberg, Scott Steindorff, Richard S. Wright
PROD. COMPANIES: Lions Gate, Lakeshore intrnational [USA- 2011].
سورس كود | Source Code
1/2***
إخراج: دنكن جونز
تمثيل: جايك جيلننال، ميشيل موناهان، ڤيرا فارميغا
النوع: خيال علمي | الولايات المتحدة (2011).
Review # 233
فيلم جاد للغاية عن خسارة حرب وأرواح وعرب متّهمون وهم أبرياء
فوجئت بمستوى هذا الفيلم وتمنّيت لو أني شاهدت فيلم دنكن جونز السابق "قمر" (الا إذا كنت شاهدته ونسيت لأني أعتقد أن اسطوانته عندي). المفاجأة السارّة لها علاقة بالمستوى الجيّد الذي يتم لهذا المخرج الجديد (نوعاً) التوصّل إليها من حكاية غريبة الفكرة مُعالجة بجدّية. جدّيتها تلك تنقذها من السخافة. أي أنه كان يمكن أن تكون سخيفة، وبالتالي أن يكون الفيلم نفسه سخيفاً، لولا أن المخرج عالج ما يقدّمه بجدية متناهية. وفوق ذلك، نجح في استخلاص معان جيّدة منها٠
خلال مشاهدته، حين يبدأ الإفصاح عن خلفية بطله كولتر (جايك جيلنهال) ينتابك الإدراك بأن الفيلم أعمق مما يتبدّى، وما يلبث أن يتأكد لك هذا الإدراك مع المضي في أحداثه. إنه حول كولتر النائم في القطار المتّجة الى مدينة شيكاغو وأمامه إمرأة أسمها كرستينا (ميشيل موناهان). انها تتصرّف كما لو كانت تعرفه، لكنه لا يعرفها ولا حتى يعرف نفسه. حين يدخل الحمّام ينظر في المرآة فإذا به شخص آخر تماماً. أمام الكاميرا هو الشخص الذي وجدناه كما يؤديه جيلنهال (لست معجباً به سابقاً، لكن هنا الأمر مختلف)، صورته في المرآة لرجل آخر حتى حيال تلك الكاميرا. شيء غريب حدث معه وهو لا يفهمه وما يلبث أن ينسف إنفجار كبير القطار الذي يركبه.
إنه الآن في مختبر ما مقيّد الى كرسي في حجرة ضيقة وعلى شاشة قريبة منه تظهر كولين (فيرا فارميغا) وهي تتحدّث إليه. الإثنان في مختبر علمي يشرف عليه العالم د. رتدلج (جفري رايت). وهو جزء من تجربة أسمها "سورس كود" (او "شيفرة المصدر" - لكن رجاءاً لا تسأل تفسير العنوان لأن الفيلم لا يتبرّع بذلك) بمقتداها يعود الى الحياة الإفتراضية في ذات اللحظة في كل مرّة وذلك كل ثماني دقائق. الآن سيتناوب الفيلم ما بين إعادته الى القطار ليصحو من النوم وليستمع وليتحدّث مع كرستينا ومع ركّاب آخرين وبين الدقائق التي تفرض عودته الى الحياة المفترض أن تكون تعبيراً عن حالته الحقيقية. لكن في كل مرّة يعود بها الى القطار، هناك جديداً طاريءً. فالمطلوب منه، حسب هذا البرنامج العلمي أن يسعى لمعرفة من هو الإرهابي الذي زرع متفجّرة في حمّام القطار. ليس في طموح البرنامج العلمي أن ينقذ كولتر حياة أحد، لكنه سيحاول. في عودته الى ذات اللحظة في كل يوم، هناك بعض التماثل بفيلم لهارولد راميس (1993) حيث يستيقظ بل موراي كل صباح ليجد أنه لا يزال يعيش في اليوم نفسه (يا لها من فكرة نيّرة بدورها)، لكن الفارق الكافي للفصل بين الفيلمين هو أن "غراوندهوغ داي" هو كوميدي بأجندة من المفارقات المختلفة، بينما "سورس كود" جاد في طرحه موضوعاً فريداً.
ذلك الخيط حول الإرهابي وحده جدير بالإعجاب والتقدير: في البداية يلاحق كولتر شابّاً يشتبه به أنه الإرهابي (كاس أنفار) كان نزل المحطّة مباشرة قبل انفجار القطار. سبب اشتباه كولتر به يعود الى أنه يحمل إمارات شرق أوسطية (أي عربية)، لكن كولتر، يكتشف- في أحد تلك العودات- أن الرجل بريء تماماً. ليس فقط ذلك، حين يقع كولتر على خط سكّة الحديد فإن العربي يحاول مساعدته للنجاة من قطار قادم.
الإشتباه الثاني يقوده الى شاب أميركي تماماً وسبب اشتباهه به أن لحيته متجعله يبدو كما لو كان أميركياً مسلماً وفي دفاع هذا عن نفسه يذكر أسمه المسيحي، جورج تروكسل (برنت سكاغفورد) ويتبيّن لكولتر أنه أيضاً وقع في فخ الإشتباه من دون سبب.
كل هذه المرامي والأبعاد تصل واضحة للمشاهد الأميركي الذي يعرف أنه قد يتصرّف بسخف إذا ما اعتقد أن كل أسمر او ذي لحية هو إرهابي (ذات مرّة سألتني إمرأة مسنّة في صف شركة طيران مشيرة الى ثلاثة شبّان إماراتيين يقومون بإجراء معاملاتهم: "الا يصيبك الخوف حين تركب طائرة فيها عرب؟" نظرت الى عينيها القلقتين وقلت: "طبعاً لا. ربما لأني أنا عربي أيضاً"!!). ما قد لا يصل، هو أن كولتر في الأساس جندي عاد من الحرب الأفغانية بنصف جسد وبقيّة نخاع وروح. من ناحية هذا هو السبب الذي من أجله تم اختياره لحمل شخصية جديدة تنتقل بين واقعين، ومن ناحية أخرى يكشف ذلك عن وضعية مثيرة للإهتمام خصوصاً عندما يحاول التحدّث الى والده على أساس أنه شخص آخر وليس إبنه. المكالمة في نحو ثلاث دقائق ومليئة بالحزن. هنا يتبدّى الإطار الأكبر لكل شيء: أميركا غير السعيدة بحروبها الخارجية كونها لم تنتصر فيها بل عانت من استمرارها ومن خساراتها النفسية والعاطفية والجسدية والعائلية.
فيلم رائع في فحواه، كما في تنفيذ الفيلم وبنائه. إنه ليس فيلماً تشويقياً فقط، بل تشويقياً مع روح وقلب وعقل. و... لغة تقنية بسيطة لا مجال فيها للإبهار الحافل بالتوابل المعهودة. سيكشف الفيلم عن من الإرهابي بين الركّاب، وسيكشف عما إذا كان من المستحيل إنقاذ أرواح الأبرياء، وفي خلال ذلك سينتقل من تتابع فصول (واحد في القطار وآخر في القمرة العلمية) الى لقطات متداخلة في مشاهد مركّبة
..............................................
CAST: Jake Gyllenhaal, Michelle Monaghan, Vera Farmiga, Jeffrey WRight, Michael Arden, Cas Anvar, Brent Skagford.
..............................................
SCREENPLAY: Ben Ripley
CINEMATOGRAPHER: Don Burgess [Color-35 mm]
EDITOR: Paul Hirsch (95 min).
MUSIC: Chris Bacon
..............................................
PRODUCERS: Mark Gordon, Philippe Rousselet, Jordan Wynn
PROD. COMPANIES: Mark Gordon Prods./ Summit Entertainment [USA-2011]..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved © Mohammed Rouda 2006- 2211٠
2 comments:
استاذ محمد:
كنت بانتظار تقييم فيلم شيفرة المصدر ، ورأيك بالمخرج دنكن جونز ، أما وقد بدأت فاسمحلي بالمشاركة والاخبار عن مستوى فيلم قمر .. ستفاجأ بقصة هذا الفيلم ومستوى أداء سام ركول ، خصوصا ان كفن سبيسي يمثل بصوته فقط!
بعد مشاهدة شيفرة المصدر لم أخرج من الفيلم بكامل الاستحسان رغم ان موقع روتن توميتو اعطاه تقييم 90% .
شيء في هذا الفيلم قال لي انه رغم صعوبة التنبأ بالمجرم الا انه يبدو غير مترابط يريد ان يلصق التهمه سريعا ، لذا استغربت تكرار المشاهد خلال الجزء الاول من الفيلم دون تمهيد كافي ؟
، Triageعلى قناة الافلام شاهدت
بطولة كولن فارل ، قمة في الاداء أرجو تنبيهي ان سبق لك مشاهدته أوتقييمه؟
عبدالله العيبان - الكويت
أستاذي العزيز محمد رضا
متابع لك كما كنت دائما، وأشكرك على كل هذا الجهد الذي تبذله من أجل "ثقافة الفيلم" .. لا تعلم كم لا يمكننا الاستغناء عن شخص مثلك :)
بقدر ما أستمتع بقراءة كل ما تكتبه، أتمنى لو أقرأ لك المزيد عن أعمال الرواد والكبار .. أحيانا أشعر أنك تكثر من الكتابة حول أعمال قد لا تستحق جهدك. أعلم أنك ستقول لي بأن السينما كل لا يتجزأ، وهو ما قد لا أجرؤ علا مخالفتك فيه .. لكن لا زلت أعتقد أن هناك الكثير من الكبار ممن تود أن تكتب عنهم ولم تفعل بعد.
سررت جداً لرؤية تعليقك عن بريسون .. لطالما وددت أن أقرأ لك عنه، هذا المخرج من أحب المخرجين إلي.
ما أفسد على سروري بهذه الإشارة إلى بريسون هو أن الصورة التي اخترتها ليست من فيلمه الرائع الذي ذكرته بل من فيلم آخر لجان بيير ميلفل اسمه Léon Morin, Priest من بطولة بلموندو الذي يظهر في الصورة.
من الطريف تخيل فكرة أن بلموندو يظهر في أحد أفلام بريسون .. لكن عموماً أتمنى أن أقرأ لك شيئاً عن بريسون قريباً.
سؤال أخير .. لطالما وددت معرفة رأيك في اثنين من مخضرمي هوليوود، فرد زنمان وهوارد هوكس .. هل تراهما مجرد منفذين جيدين أم أكثر من ذلك ؟
دمت بخير
عبدالرحمن
Post a Comment