Year 5/ Issue 173
أفلام جديدة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السُلـطة الخامسة
** The Fifth Estate
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: بِـل كوندون Bill Condon
أدوار أولى: ندكيت كمبرباتش، دانيال برول، لورا ليني
النوع: دراما / سيرة حياة [الولايات المتحدة- 2013]
لم ينل «السُـلطة الخامسة» إعجاب أقرب الأشخاص إليه: جوليان أسانج، لكن الأمر لم يتوقّـف عليه بل شهد الفيلم صدّاً كبيراً من قبل الجمهور الأميركي وفتوراً واسعاً بين النقاد وعالمياً لا يبدو أن للفيلم، كما أخرجه بيل كوندون (الذي سبق وحقق فيلمين من السير الحياتية) حظ أفضل.
يقوم بندكيت كمبرباتش بتأدية الشخصية التي أثارت المتاعب في وجه الإدارة الأميركية عندما سرّبت كل ذلك الكم من المعلومات حول خفايا السياسة الخارجية وما تم طمره من تفاصيل الحرب العراقية وسواها من القضايا التي لا تزال عالقة إلى اليوم. وكمبرباتش ممثل جيّـد في دور له حدوده في نهاية المطاف كونه مستمد من شخصية لا زالت تعيش بيننا (ولو في كنف سفارة إكوادور في لندن بعيداً عن أصابع السلطات البريطانية). ما يأتي به الممثل كمعين لدوره هذا هو قدر من الغموض يلف موقف الشخصية التي يمثّـلها من بعض الأحداث التي تتطلّـب رد فعل عاطفي. هل لوسانج بارد لهذه الدرجة أم أن العاطفة تتداخل وتستعر في داخله؟
لكن هذا ليس ما منع الجمهور من الإقبال على هذا الفيلم، بل حقيقة أن العمل بأسره، كما كتبه جوش سينجر وأخرجه كوندون، لم يضف جديداً وبل لم يستطع. الأحداث كلّـها راهنة لم يمض عليها أكثر من حفنة سنين. خلالها لا زال إسم لوسانج مطروحاً ومتردداً ما يجعل الفيلم يبدو كما لو كان مرآة مشروخة أو «فوتوكوبي» لا حاجة لها بوجود الأصل.
يبدأ الفيلم فاشلاً: مونتاج كثيف لتاريخ الصحافة من أيام ما كانت تكتب بخط اليد إلى يومنا هذا. حين الوصول إلى الحاضر تضعنا المقدّمة أمام قرار أسانج بنشر أسراره في ثلاثة مؤسسات صحافية كبيرة هي الغارديان البريطانية ودير شبيغل الألمانية و«ذا نيويورك تايمز» الأميركية. المنشور كان مدوياً على أساس أنه رصد موثّـق لمواضيع ساخنة مثل الفساد في الطبقة الحاكمة في كينيا ومثله في أحد المصارف السويسرية، والحرب الأفغانية حيث ارتكب الجنود الأميركيون مذابح خافية وسواها.
من هذه النقلة يعود الفيلم القهقرى إلى العام 2007 لتعريفنا بصداقة متوتّـرة قامت بين أوسانج وشخص أسمه دانيال بيرغ (دانيال برول) ونتج عنها الموقع الإلكتروني الشهير «ويكيليكس» ولو أن العلاقة بينهما تراجعت لحساب قدر من الريبة بالنسبة لأوسانج ونسبة لرغبته- حسب الفيلم- إستحواذ كل شيء.
بكاميرا تحب الحركة المفتعلة وبإيقاع ينشد أن يصطنع التوتر، تمضي ما يمكن وصفه بالأحداث عنوة. الفيلم إذ يسرد قصّـة حياة يتابعها من دون ذلك الإلمام الأعلى بالعلاقة بين الشخص المنفرد والعالم الذي ينتمي إليه. كمشاهدين نتذكّـر فيلم ديفيد فينشر الجيد «الشبكة الإجتماعية» حيث مارك زوكربيرغ (كما لعبه جيسي آيزنبورغ) وكيف توصّـل إلى كشف سلبيات الشخصية على نحو من الصعب مناهضته، ثم كيف جعل الموضوع الفردي مطروحاً على مستوى يهم المشاهدين جميعاً في عصر يربطنا جميعاً إلى سلسلة التطوّرات التقنية الخارقة الحاصلة اليوم. تلك الرؤية غائبة عن «السُـلطة الخامسة». حتى تلك المشاهد المفعمة بالحيوية تبقى مصطنعة تنتمي إلى رغبة تأثير أكثر من إختيارات فنيّـة ملائمة. الحوار في هذا الفيلم كارثة كون الكاتب أراد من كل مشهد أن يحمل حوار الموقف الماثل مضاف إليه أبعاداً وخطباً مكثّفة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاري
*** Carrie
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: كمبرلي بيرس Kimberly Pierce
أدوار أولى: كلاوي غريس موريتز، جوليان مور، جودي غرير.
النوع: رعب / إعادة صنع [الولايات المتحدة- 2013]
استندت رواية ستيفن كينغ «كاري» (نشرت سنة 1974) إلى فكرة إنتقام فتاة مراهقة وغير محبوبة في المدرسة من الطلاب (ذكوراً وإناثاً) الذين سخروا منها طويلاً ودبّـروا لها المقالب المهينة لانتزاع الضحكات المهينة لها. هي فتاة نحيلة وطيّـبة القلب لكنها تكتشف أن لديها من القدرات غير الطبيعية ما يمكن لها توجيه انتقام من كل من يقصدها بالأذى… تتحوّل من الضعف إلى القوّة ومن الطيبة إلى الغرابة القصوى وما تلبث أن تستخدم قواها الإستثنائية لإشاعة الرعب بين الطلاب الذين أهانوها طويلاً ولإشعال المدرسة كما لو كانت تشعل النار في صرح المؤسسة النظامية بأسرها.
في العام 1976 قام المخرج الجيد برايان دي بالما بصنع فيلم من هذه الرواية نقل فيها الجزء الأكبر من الأحداث وصاغها على نحو فيلم رعب هيتشكوكي الأجواء (كعادته آنذاك) مانحاً فكرة إنتقام الضعيف من القوي (ديفيد ضد غولياث) جل اهتمامه. طبعاً عني بتقديم الخلفية. كاري (سيسي سبايسك) واقعة تحت هيمنة أمّـها (بايبر لوري) المتطرّفة دينياً ما يمنح الفيلم جوّاً قوطياً مناسباً.
الآن هناك «كاري» جديد هو أقرب لأن يكون إقتباساً جديداً للكتاب أكثر من كونه إعادة صنع للفيلم السابق. في النسخة الجديد تقوم المخرجة كمبرلي بيرس (سبق وأعجبنا بفيلمها المعادي للحرب العراقية Stop-Loss قبل خمس سنوات) بالتركيز على تلك الطقوس الدينية القوطية وتمنحها حجماً أكبر في معضلة حياة بطلتها. كاري هذا الفيلم (كلاوي غرايس مورتز) ضحية أولى لأمها مرغريت (جوليان مور) التي يبدأ الفيلم بهما لحظة ولادة الأولى. مرغريت تطلق صرخة مريعة وترفع مقصّـاً تكاد تهوي به على الجنين المولود لولا أنها تمتنع فجأة ثم تلتقط إبنتها وتحتضنها.
طوال الفيلم ستتصرّف مرغريت المتطرّفة دينياً من منطلق أن إبنتها ممسوسة من قِـبل شيطان رجيم وأن عليها أن تنزع عنها كل الرغبات والمشاعر الطبيعية والإنسانية. تبقيها تحت عبء شهورها بالدونية وتبعث بها إلى المدرسة لتكون مثار هزء من حولها بإستثناء شاب صادق النيّـة تشعر كاري بأنها تستطيع مبادلته الشعور لولا أن أمّـها تضع قدمها في منتصف هذا اللقاء المحتمل وتفسده. كاري التي اكتشفت في نفسها قدرات كان يمكن أن تنضم بها إلى شخصيات «رجال إكس» تنتقم في النهاية بعدما طفح الكيل أكثر من مرّة.
حين كتب كينغ هذه الرواية، ثم حين أخرج دي بالما النسخة الأولى منها، لم يكن الإنسان دلف عصر التقنيات الجديدة. هذه المرّة الفيلم يبدو كصرخة ضدّها. ليست صرخة أولى أو أساسية أو حتى يمكن ملاحظتها قبل سواها، بل ترد عندما تقوم إحدى الطالبات بتصوير كاري لحظة تلوّث ثيابها بدماء الحيض على هاتفها النقال وبث الصور للتو على صفحات الإنترنت. هذا لم يكن وارداً في بال كينغ لكنه يرد في بال المخرجة بيرس لأنها تقدّم «كاري» جديدة إبنة عصر مختلف. ومع أن الفيلم ملطّـخ بالدم في مناسبات عدّة، إلا أن بيرس لا تنسى أنها في صدد فيلم رعب فتمنحه الأجواء والمؤثرات الناجحة. مور مقنعة وموريتز أقل قدرة على التجسيد مما فعلت سيسي سبايسك في النسخة السابقة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2013
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
0 comments:
Post a Comment