العدد 204 | السنة 8 | رئيس التحرير: محمد رُضــا
أفلام 2014
*: رديء | **: وسط | ***: جيد | ****: ممتاز | *****: تحفة
أفلام 2014
• Interstellar *****
• The Homesman ***
• ديكور **
• الجزيرة 2 **
• Big Hero 6 ***
• Ouija **
• Dumb and Dumber To *
أفلام الأمس
• 25th Hour | سبايك لي ****
• Attack | روبرت ألدريتش ****
• Investigation about a Citizen Above All Suspicion | بييترو جرمي ****
• Silkwood | مايك نيكولز ****
بين النجوم | Interstellar
★★★★★
إخراج: كريستوفر نولان Christopher Nolan
النوع: وثائقي | تاريخ شخصي وسياسي
الولايات المتحدة [2014- 162 دقيقة]
ملحمة فضائية على نسق «أوديسا الفضاء»
و«سولاريس». تأخذ من الأول الإنجاز التقني
ومن الثاني الفحوى الإنساني | محمد رُضا
ينطلق «بين النجوم» على الأرض. الرحلة ذاتها إلى الأجواء الفضائية لا تبدأ سريعاً، بل تتهادى لما بعد أكثر من ثلث ساعة على بداية الفيلم. المخرج كريستوفر نولان ليس مستعجلاً للإبهار ولرحلة الغد وتلوين الشاشة بظلام المحيط الفضائي. لديه ما يؤسسه قبل ذلك على الأرض.
خلال هذه الفترة التمهيدية يقدّم سيلاً من المشاهد الريفية. إنه ليس الريف الجميل الذي نطالعه في أفلام أخرى (ترنس مالك أو سواه)، بل ريف يحتضر. الأسرة التي يلجأ إليها السيناريو (كتبه المخرج وشقيقه جوناثان) مكّـونة من الجد (جون ليثغو) والأب كوبر (ماثيو ماكونوهي) والولدين توم (تيموثي شالامت) والأصغر سنّـاً مورف (من مورفي، ماكنزي فوي). لكن البيئة حاضرة. منذ البداية ندرك أن العالم الذي نعيش فيه هو مستقبل وككل مستقبل ترسمه السينما الحالية لا يبشر بالخير.
هنا الأوكسجين انفخض وما عادت الحياة سهلة. بإنخفاضه وارتفاع نسبة النيتروجين، يقول الفيلم، يعاني الناس، كما المحصولات الغذائية، من خطر اضمحلال شروط الحياة في أميركا و(تبعاً) العالم. ما عاد ينفع زراعة أي شيء بإستثناء الذرة وحتى هذه لن تعيش طويلاً. النهاية مخيفة، لكن كوبر ربما ما زال لديه أمل ما. هنا في هذه الفترة من الفيلم يبني نولان أرضيّـته ليس للحكاية وحدها، بل للعلاقات الإنسانية الحميمة بين أفراد الأسرة الواحدة.
وهذه الحالة الإنسانية المتجددة لا تنضوي بمجرد إنتقال كوبر (الذي كان ملاحاً سابقاً) إلى الفضاء، بل ترتكز عليها وتتوسع: كوبر الآن بمعية أميليا (آن هاذاواي) العالمة الفضائية إبنة العالم المسن براند (مايكل كاين) الذي بعث بملاحيه هذين، وبإثنين آخرين، إلى الفضاء البعيد لإكتشاف كوكب آخر يمكن أن يكون صالحاً لحياة الإنسان على الأرض.
براند يريد الخير، لكنه يخدع كوبر وإبنته عندما يخبرهما قناعته بأن رحلتهما (مع ملاحين آخرين) ستتوّج بالنجاح في هدفها لإيجاد كوكب آخر صالح للحياة. الرحلة خطرة وهي تحط على أكثر من كوكب وفوق كل كوكب شروط حياة مختلفة. هناك، مثلاً، تلك البحيرة الهادئة والجميلة لكن فجأة هناك أمواج بإرتفاع جبال تتقدّم إليها. تتقدّم إلينا. تجتاح المكان (والشاشة) وتقتل أحد الملاحين قبل أن تهرب المركبة بجلدها.
لاحقاً ندرك أن مخاطر الفضاء، والتي يعود إليها الفيلم في ساعته الأخيرة، ليست وحدها التي يعايشها كوبر: لقد مرّت سنوات كونية على رحلته خلالها كبرت إبنته وأصبحت جسيكا شستين وكبر إبنه وأصبح سايسي أفلك، لكنه ما زال هو، وتبعاً لفارق الحياة والزمان بين الأرض والفضاء صغيراً كما بدأ، وبل إذا ما عاد إلى الأرض (وأنا لن أقول هنا إذا كان سيعود أم لا) سيكون شابّـاً وإبنته عجوزاً (إيلين بيرستين).
المخرج نولان يأخذ من فيلم ستانلي كوبريك الإبهار التقني في «2001: أوديسا الفضاء» ويستوحي الهم الإنساني من فيلم أندريه تاركوفسكي في «سولاريس» ويعالجهما مضاعفين. لا تعرف ما تتوقع على أي صعيد ولا يشتتك الفيلم بين المغامرة الخيالية العلمية وبين البوح الإنساني الرائع الذي يربط بين شخصيات الأرض وشخصيات الفضاء. يتوه قليلاً قبل ربع ساعة من نهايته، لكنه يعود إلى خطّـه المستقيم سريعاً من بعد، لكن توهانه ذاك ليس نتيجة ضعف أو ركاكة، بل مجرد مد خط إضافي كان يمكن تجاوزه (المشهد الذي يرى فيه كوبر إبنته من وراء عالم مواز بخمسة أبعاد).
العائلة أساسية بالنسبة لأبطال نولان. كل آلام بطله باتمان في السلسلة الشهيرة ناتجة عن فقدانه حنان الأب. في «تمهيد» يتطلع بطله ليوناردو دي كابريو للعودة إلى عائلته. هنا يريد ماثيو ماكونوهي العودة إلى إبنته التي تتهمه بأنه تخلى عنها وعن أهل الأرض عندما قبل بمهمّـة قد لا يعود منها. في الفضاء الخارجي، هناك ما يتبلور بينه وبين شريكته في الرحلة، لكنك لا تستطيع أن تقول أنها قصّـة حب ولو أنها قد تنتهي كذلك.
عالم نولان الحالي، متّـسع. شاسع وبعيد. ذلك الفضاء الكبير الذي يضع فيه الجزء الأكبر من حكايته مجهول عنيد. لا يربط المخرج الخلق بالخالق. لا يتطرّق إلى الأديان، بل على العكس هناك خيط من الإلحاد تلقيه الحكاية أمامها تاركة حرية الإختيار للمشاهد. يمتد مكوّناً من فهم علمي للممكن وغير الممكن. أو ربما هو مجرد ضياع في فهم الخلق ولماذا هو ما هو عليه.
الأرض في المقابل (أو ما نراه منها في سهوب محدودة) تبدو محروقة (حتى من قبل مشهد الحريق الذي يلتهم محصول الذرة في نهايات الفيلم). مكان لم يعد يصلح للخيال، فكيف يصلح للبشر؟
رجل البيوت • The Homesman
★★★✩✩
إخراج: تومي لي جونز Tommy Lee Jones
النوع: وسترن
تمثيل: تومي ملي جونز، هيلاري سوانك، جون ليثغو
الولايات المتحدة [2014- 99 دقيقة]
رجل وإمرأة غريبـا الأطـوار في
البرية مع ثلاث نساء مجنونات:
وسترن مختلف | محمد رُضا
«رجل البيوت» هو وسترن جديد الإنتاج قديم الشكل والنبرة، من ممثل-مخرج يريد أن يعكس انتماءاً لعالم مضى لكنه لا يرغب في تمجيده في الوقت ذاته.
إنها نبراسكا منتصف القرن التاسع عشر. هناك، حسب رواية لغليندون سوورتآوت، رجل منفرد في حياته أسمه جورج بريغز (تومي لي جونز) يرضى القيام، لقاء أجر، بمساعدة إمرأة أسمها ماري بي (هيلاري سوانك) على نقل ثلاث نساء مجنونات من البلدة الواقعة قرب نهر ميسوري إلى بلدة إسمها هبرون في ولاية إيوا حيث سيتم إيواء النساء في المصحّـة.
إنها رحلة طويلة (ويشعر المشاهد بطولها أحياناً) على الرجل فيها أن يشارك الأخريات متاعب ومصاعب المهمّـة. هناك هنود (قلّـة) وهناك بيض أشرار وستؤول المواجهات إلى القتل. وعندما يجد جورج أن العدالة لن تتم من دون ثمن يحرق فندقاً ضن عليه وصحبه ببعض الطعام. لكن الفيلم أبعد ما يكون عن فيلم مغامرات، أو قصّـة تتيح للمشاركين فيها القيام بأفعال بطولية. ليس عملاً يشاهده المرء لأنه مليء بالحركة والتشويق أو لأن ممثليه من النوع الذي لا يمكن مقاومة حضورهم على الشاشة. أكثر من ذلك، هو فيلم وسترن لكن لا يبدو بالضرورة فيلم وسترن.
تومي لي جونز، في أحاديثه القليلة، قال بأن هذا الفيلم ليس فيلم وسترن، لكنه لا يعلم- بالتالي- كيف يصنّـفه. إنه ثاني فيلم له خارج التصنيف بعد «ثلاث مدافن لملكيديس إسترادا» سنة 2005 ومثل ذلك الفيلم يتّـسم الفيلم بملامح داكنة حتى في ربوع البرية المشمسة والمفتوحة. مثله أيضاً، يؤدي جونز دور البطولة ولا يبتسم، وحين يفعل فهي إبتسامة ناشفة تخلو من السعادة. مثل سحابة رقيقة لا تكفي لحجب شمس محرقة.
ما يسجّـل للفيلم هو ما استلهمه من الرواية: علاقة ذلك الرجل الغريب بإمرأة توازيه وحدة عاشت حياتها من دون زواج كما فعل هو. كلاهما لا يدري أين ستذهب الحياة به لكن ذلك لا يجعلهما متحابين ولا يولج العمل في خطوط وخيوط رومانسية. النساء اللواتي تسحبهن العربة. سجن على دواليب تجرها البغال في أراض وعرة وخطرة. كل شيء لا يمكن أن يوحي بأي تجاذب بين الشخصيات إلا إذا ما تم تطويع الحكاية ما يفقدها الأجواء التي تنتمي إليها والعالم البائس الذي صاغ كلماتها ومشاهدها.
كان الفيلم يحتاج لتفعيل بعض المعطيات. ذلك الشرير الذي خطف واحدة من السجينات كان بوابة لإنقاذ العمل من سباته لكن تومي لي جونز يبقي المارد في القمقم ليعود إلى رتابة العمل ومرجعيّـته كفيلم عن الناس وليس عن الغرب. عند نهاية الفيلم تظهر ميريل ستريب في دور المرأة التي تستقبل المجنونات في مصحّـتها. جونز يمنحها إطاراً معتدلاً. هذه المرأة هي الوحيدة بين الممثلات اللواتي لديهن عقلاً راجحاً. لكن أجمل ما في الفيلم هو كيف آلت مسؤولية إيصال هؤلاء النساء إلى المصحّـة إلى جورج بريغز الذي كان متأففاً عن الإشتراك بها أساساً وما يفعله لأجل نجاحه في هذه الغاية. لذا فإن قيامه بحرق الفندق يحمل في الوقت ذاته عفوية التصرّف والرد على لا إنسانية القادرين على التضحية، وغرابة الفعل ضمن سياق الفيلم وتوقيت حدوث المشهد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من غير المسموح إعـادة نشر أي مادة في «فيلم ريدر» من دون ذكر إسم
المؤلف ومكان النشر الأصلي وذلك تبعــاً لملكية حقــوق المؤلف المسجـلة في
المؤسسات القانونية الأوروبية.
All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2014
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ