FLASHBACK
تمثيل: دانيال ردكليف، إيما وتسون، روبرت غرينت، ألان ركمن، رالف فاينس
الولايات المتحدة/ بريطانيا | النوع: فانتازيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الجزء الثاني من القصّة السابعة الذي هو الجزء الثامن من المسلسل الشهير أفضل من غالبية الأجزاء السابقة من سلسلة »هاري بوتر« لسبب مهم: الدراما فيه محدودة والغلبة للمعارك. إنه فيلم معارك من أوّله إلى آخره وهذا يعني أنه فيلم مؤثرات أكثر من معظم الأجزاء التي توالت من العام 2001 إلى اليوم. فيه مشاهد من القتال الفردي، وأخرى من القتال الجماعي. فيه دهاليز مخيفة وباحات مدمّرة، ومخلوقات متوحّشة وتنين يهرب من معتقله وأفعى تتحوّل إلى شذرات حين تموت، وقذائف حارقة والكثير من القتل. موت فردي وموت جماعي. لقد وصل جميع المشاركين فيه، وفي مقدّمتهم هاري بوتر (ردكليف) وصديقاه (غرينت ووتسون) إلى الحلقة الأخيرة التي على كل الأخيار مواجهة كل الأشرار. ولأن الأخيار ليسوا متساوي القوّة او القدرة على استخدام السحر، فإن العبء الأكبر -مشهدياً على الأقل- ملقى على كتفي بوتر الذي يكتشف أنه جلب إلى مدرسة السحر المعروفة الكامنة في قلعة هوغوورتس الدمار وإلى التلامذة والأساتذة فيها الموت عندما حاولوا حمايته والدفاع عنه. لكن اللورد فولدمورت (راف فاينس) ورجاله أقوى من أن يتم إيقاف زحفه. الأخيار سينشرون منظومة ضد القذائف النارية التي يرميها الأعداء (مظلّة بالونية تغطّي المدرسة) ويطلقون محاربين من صخور، لكن فولدمورت سيدمّر المنظومة وسيدخل القلعة ولابد لبوتر من مواجهته.
الساعة والنصف السابقة لذلك، هي تمهيد لذلك اللقاء بين المتحاربين الأساسيين وارتقاء له. خلال سيواصل هاري بوتر سعيه لكشف اللثام عن بعض ما كان تبقى من ألغاز بعد سبعة أفلام أرست السلسلة التي جمعت حتى الآن أكثر من بليوني دولار من الإيرادات. خلال الفترة لابد من ملاحظة كيف أن شخصية هاري المنقلبة هي محور كل شيء حتى وإن لم نصدّق أن الشرير الكبير الذي يمسك بيديه مصير عالم السحر لم يستطع حتى الآن (وخصوصاً في الفيلم رقم 7) التخلّص من شاب هارب من سطوته. النقطة الثانية هي كيف أنه في الوقت ذاته الذي يمر فيها هاري بوتر، كما في السابق، بتطوّرات عاطفية ونفسية، يبقى صديقاه هارمويني (وتسون) ورون (غرينتس) مسطّحان مثل رغيف خبز عربي كبير. صحيح أنهما يمضيان الوقت هنا، كما في السابق، في الظهور متعجّبين ومندهشين، إلا أن هذا الظهور ليس تطويراً بل مجرد تكرار مواقف معهودة٠
بعض الدراما تحاول أن تلعب كعامل نفسي. إذ أن بوتر موجود في دم فولدمورت، كما أن بعض بوتر يستطيع سماع عدوّه ومعرفة ما الذي سيقوم به تبعاً لحالة من الإمتزاج الذي يسمح لبوتر ببعض التمثيل. فنتيجة لذلك نراه يتعذّب كثيراً، وتدهمه بعض الآلام التي من الصعب التفريق بينها وبين تلبك المعدة. هذا قبل تلك المواجهة التي ستنتهي.... تعرفون لصالح من؟ لكن هذا القدر المحدود من مشاهد التأوّه والعذاب، لجانب قدر محدود آخر من مشاهد الخوف والقلق، هو كل ما سيرمز إلى الدراما. أما الباقي، ومن حسن حظ الفيلم، فإنه ليس أكثر من مواجهات وتصفية حسابات كان لابد منها بسبب وصول حكاية الكاتبة رولينغ إلى آخرها.
كذلك هي النهاية التي انتظر الوصول إليها ملايين البشر ممن شاهدوا السلسلة وأحبّوها. ولن تخيب الظن لكنها لن تأتي بسهولة. على ذلك، فإن العقد الطويل من الأفلام شهد تطوّراً كبيراً في بناء شخصية هاري بوتر. إذ نتذكّره صبياً بريئاً في الحادية عشر، يبتسم تلقائياً (ربما لأنه أدرك أنه سيصبح أغنى صبي في عمره بفضل تمثيله هذه الحلقات) نواجهه الآن وقد أصبح شخصية متأثرة وممزّقة. تعاني من متاعبها إذ وجدت نفسها تواجه عدوّاً كامناً في نفسه كما خارجه، حالما ازدادت رغبته لمعرفة من قتل والده ولأي سبب.
هناك أم هاري أيضاً، التي نراها بعينيها البنّيتين.... في الوقت الذي يذكّره فيه البعض بأنه يشبه والدته كثيراً .... بعينيه السوداوين!
في حصار المدرسة المبنية فوق قلعة ضخمة، بعض التذكير بسلسلة »سيد الخواتم«، وهو تذكير لا يعمل لصالح هذا الفيلم. شتّان بين قوّة المخيّلة عند رواية ج ر ر تولكين وتلك التي عند ج ك رولينغ، وشتّان أكبر بين قدرة المخرج بيتر جاكسون التنفيذية المبهرة، وتلك التي عند ديفيد ياتس مخرج هذا الفيلم. وحين يقترب »هاري بوتر« من النهاية، نجد الشخصية المعذّبة تقف عند حافة تطل على الوادي الكبير وفي يدها العصا التي تستطيع أن تمنحه القوّة الخالدة إذا ما احتفظ بها، لكنه يكسرها ويرميها. أليس هذا ما حدث لفريدو (ألايجا وود) في سلسلة »سيد الخواتم« أيضاً؟ كان عليه أن يقرر ما سيفعل بذلك الخاتم الذي قد يقوى عليه او يقع تحت تأثيره وفي النهاية قرر أن يستعيد إنسانيّته ويرمي سحر القوّة بعيداً٠
المخرج ديفيد ياتس يبقي الفيلم متحرّكاً بإيقاع سريع وبأجواء داكنة لـ 99 بالمئة من الوقت (هناك مشهد أخير طبيعي الإضاءة) ويُحسب له أنه يسرد الخلاصة النهائية للمغامرات السابقة بيسر ويمسك عناصر التشويق بين يديه جيّداً. في فيلمه السابق (الجزء الأول من هذا الفيلم) عانى من العكس تماماً، لذلك هي مفاجأة طيّبة أن يتخلّص من تلك الوقفات الطويلة التي لا يقع فيها ما يذكر ويحشد في المقابل كل هذه المفارقات المتوالية في هذا الجزء٠
إخراج: جورج ستيفنز
أدوار أولى: ألان لاد، ڤان هفلن، جين آرثر، براندون دي وايلد٠
أليشا كوك جونيور، بن جونسون، جاك بالانس، إميل ماير، جون
ديكرز
النوع: وسترن | الولايات المتحدة- 1953
Review n. 258
هناك لحظة صامتة في فيلم »شاين« (1953) يتبادلها كل من شاين (ألان لاد) وجاك ولسون (جاك بالانس) في أول مشهد بينهما. شاين مترجّلاً، ينظر إلى بالانس الذي يمتطي فرسه وينظر بدوره إلى لاد. كلاهما سمع بالآخر لكن في حين أن شاين رجل غامض، آت من لا مكان (وسوف يمضي إلى لا مكان آخر) فإن شهرة جاك ولسون سبقته كقاتل محترف. حين يقرر جاك النزول عن فرسه لكي يعب من برميل ماء يرفض أن يعطي ظهره لشاين وينزل، بإنزلاق بطيء، وعيناه لا تفارقان شاين، كذلك حاله حين يشرب الماء، ثم حين يعود إلى حصانه. يمتطيه تدريجياً كما لو أنه ينتظر أن عليه أن يسحب مسدّسه في أي لحظة. الجو مشبع للقاء نظرات من تلك التي سبقت في صمتها أفلام سيرجيو ليوني الوسترن المعروفة.
هذه اللحظات لم تكن دائماً موجودة في أفلام ستيفنز الذي انتقل بين أنواع أفلام عديدة. دخل وخرج من الكوميدي إلى الدراما العاطفية إلى الوسترن إلى التاريخي. لم يكن أفضل مخرج في أي من هذه المجالات، لكن بصمته كانت واضحة. معالجاته لما يُناسب كل نوع كانت فنية من دون أن تكون غريبة او متباعدة عن السائد المتوقع٠
هناك مثابرة وحب للتفصيل في أفلام ستيفنز عموماً وفي »عملاق« و»مكان في الشمس« و»شاين« خصوصاً، وذلك على نحو ينصهر في السياق ولا يخرج عنه. والمشهد المذكور هو واحد من تلك التفاصيل. يأتي في منتصف الفيلم تقريباً ويؤسس لأحد أفضل بطل وأفضل عدو بطل في سينما الغرب الأميركي. »شاين« (قصّة غريب يتدخل لصالح عائلة من المزارعين ضد أطماع بارون أراضي) أفضل تركيباً من أفلامه الأخرى خصوصاً »مكان في الشمس« (قصّة شاب ينتقل إلى طبقة إجتماعية أعلى نابذاً حبّه الأول لفتاة من وسطه) الذي هو أبسط تكويناً. إنه كما لو أن ستيفنز كان لديه وقتاً أطول من المعتاد لتضحير لقطاته وكتابة سيناريو قائم أساساً على التفاصيل منذ مشهد الإفتتاح: شاين قادم من بعيد صوب مزرعة جو ستارِت (ڤان هفلن) ليس لغاية، بل لأنه عابر سبيل. وأول من يلتقي بهم هو الصبي جووي (براندون دي وايلد) الذي كان يحاول اصطياد غزال. ثم ماريان (جين ارثر) أم جووي، وزوجة جو الذي يطل بعد حين ويرحّب بالغريب شاين ويدعوه للبقاء٠
شاين سيبقى، أيضاً من دون غاية محددة. ربما البقاء في مكان واحد لأيام هو الإستثناء الذي ينشده من حين لآخر. لكن خلال تلك الأيام يتعرّف شاين على الأخوين رايكر (إميل ماير وجون ديكرز) اللذان يحاولان إجبار المزارعين الرحيل عن أراضيهم التي يعتبراها ملكاً لهما (عن غير حق). للغاية يستأجران خدمات جاك ولسون الذي يستدرج أحد المزارعين (أليشا كوك جونيور) إلى مبارزة غير متساوية ويقتله٠
على شاين القرار بين أن يمضي وشأنه وبين أن يتدخل لإنقاذ العائلة التي استضافته وأحبّته وهو يقرر الإختيار الثاني حيث تقع المنازلة الأخيرة. لكن شاين لا يخرج مئة بالمئة منتصراً من المنازلة. يقتل جاك ويقتل الأخوين رايكر ويُصاب. وحين يقول له الصبي جووَي "لكنك مصاب" طالباً منه العودة إلى المزرعة، يمضي شاين مبتعداً إلى مصير لا نعلمه.
الصبي في الفيلم ضروري. هناك حلقة مبنية على الغريب والعائلة. الغريب الباحث عن العائلة. العائلة التي تمنح الثقة ثم تتساءل إذا ما أخطأت. العلاقة بين الزوجين، ثم بين الزوجين والغريب، ودائماً بين الصبي والغريب. هما في تناغم كجناحي يمامة، رغم ذلك هي قد تضعف حيال شاين وتعجب به إذا ما تداعت الأمور على هذا النحو. في مشهد تراقصه أمام ناظري زوجها ووميض من التساؤل. في مشهد آخر تطلب من إبنها أن لا يعجب بشاين كثيراً، يسألها: "لماذا؟" تجيب أن شاين من النوع الذي يغادر، كأنما تحدّث نفسها٠
الصبي في إعجاب كامل ذلك إلى أن يتعارك شاين ووالده جو. سبب العراك هو قرار جو الذهاب إلى الحانة التي في البلدة، تلك التي اتخذها الأخوين مقرّاً لهما، لمواجهتهما بعدما تسببا في خرب بعض المزارعين وحرق بيوت بعضهم. لكن شاين يعلم أن جو قد يكون شجاعاً لكنه ليس مقاتلاً ويخبره أنه سوف يذهب عنه. جو يرفض. جو وشاين يتقاتلان والغلبة، بين إثنين متساويين في القوة البدنية، لشاين، وهذا ما يُثير الصبي جووي فيقول له أنه يكرهه. لكن الأم، مرّة أخرى، صوت الحكمة إذ تقول لإبنها- وقد مانعت أن يخاطر زوجها بحياته من البداية- أن شاين اضطر لذلك٠
إذا كان ذلك معتاداً في أفلام وسترن كثيرة (كل شر هو ضد أميركا بالنتيجة) فإن الإضافة التي يقدم عليها الفيلم هي أن القاتل المحترف جاك ولسون من الشمال الذي خرج منتصراً من الحرب الأهلية. "يانكي" كما كان الجنوبيين يطلقون عليه في احتقار. أحد هؤلاء الجنوبيين هو المزارع فرانك توري (كوك): إنسان يشعر بالظلم وإهدار الحق، ويحب الشرب لدرجة السكر لكنه في مقابل كل ذلك هو إنسان شجاع. ولديه مشهدين أمام جاك ولسون. الأول حين يدخل الحانة ليشرب ويرى رجال رايكر فيبدأ بملاسنتهم غير آبه بما قد يجرّه ذلك عليه من خطر.
المشهد الثاني هو حين يأتي إلى البلدة قاصداً دخول الحانة لشراء زجاجة شرب. يأتي مع مزارع آخر (أعتقد أن الممثل أسمه دوغلاس سبنسر). الأرض وحلة من مطر سبق. يحاول فرانك اختيار موطأ قدميه وسط وحل الشارع. ولسون يقف من مكانه عند الممر الأعلى من مستوى الأرض (مصطبة طويلة) ثم يسير بتمهّل لكي يصل إلى النقطة التي سيواجه بها فرانك. الآن، تتحرّك كاميرا لويال غريغز في "تراكينغ شوت" بعيدة لكي تتيح لنا معاينة الموقف بنظرة عامّة. الممثل أليشا كوك جونيور (رائع في أي شيء قام به) قصير القامة، وحقيقة أنه في مستوى منخفض أمام ولسون المعتلى الممشى العالي بنحو نصف متر يجعله يبدو أكثر قصراً. المخرج جورج ستيفنز يستغل هذا لكي يوحي- بالإضافة إلى الحوار المستخدم- بهيمنة جاك ولسون على اللعبة التي قرر أن القيام بها. يسأله: "إلى أين تعتقد نفسك ذاهب؟". يرد فرانك أنه يقصد الحانة، فيقول له جاك أنه غير مرحّب به. ترتفع حدّة فرانك قليلاً، ويوجّه لجاك عبارة يتّهمه فيها بأنه "يانكي". جاك يرد دون أن يفقد أعصابه: برهن Prove it
ثم يسحب مسدّسه ويطلق النار على فرانك ويرديه.
إنه فعل لم يكن ضرورياً لمقاتل لأن فرانك لا يمكن أن يشكّل خطراً. لكن العصابة أرادته درساً للآخرين. هذا سيكون دافعاً لقيام شاين بمواجهة الأخوين رايكر وجاك ولسون في النهاية إنما بشروط أفضل كونه مقاتل لا يقل مهارة عن جاك، بل يفوقه.
بني ستيفنز هذا الفيلم على الخطوط والخيوط التي تجعل الفيلم مختلفاً. معظم أفلام الوسترن تنشيء إيقاعاً متسارعاً لأجل تأمين التشويق والإثارة. جورج ستيفنز يوفّر حكاية ليست بالضرورة جديدة، لكنه يؤسسها على نحو مختلف مليء بالرغبة في استحداث ثقل درامي يحقق غاية أبعد من مجرد تشويق المشاهد للمتابعة. هناك إيقاع جديد لكنه أكثر طبيعية في عمومه كما في تفاصيله. الحركة البطيئة. الموقف المتمهّل. النظرات المتبادلة. الحوار الباحث عن الحقيقة. الوعيد. التهديد. عناصر الألفة وحياة المحارب الوحيد الذي يدفع (في نهاية المطاف) ثمن توقّفه ذات مرّة في محطّة
هذا إطار بالغ الأهمية. كل يدفع ثمن الخروج عن خطّه. خط شاين كانت الحياة من دون ارتباطات. المرّة التي رضي فيها تغيير وجهة نظره والإرتباط، ولو مؤقتاً مع عائلة، انتهى مُصاباً بطلقة ما يجعل المرء يبني افتراضاً مفاده أن شاين كان سيبقى سليماً لو أنه لم يمكث في مكان واحد على غير عادته.
الكثير من النقد دار حول كيف بنى المخرج هذا الفيلم على أساس علاقة التأليه التي شعر بها الصبي حيال شاين. هذا الفارس- البطل. لكن وإن كانت هذه العلاقة موجودة (وإلى حد مزعج في بعض المشاهد نتيجة الإلحاح كلّما نادى جووى إسم شاين) الا أن الإطار مزدوج وأكبر شأناً. الفيلم هو عن علاقة عائلية شاملة، كما ذكرت، من ناحية وعن شاين القادم من طبقة مقاتلين سيمضي إلى غروب أكيد تماماً كحال الأخوين الإقطاعيين اللذين ينتميان (كما يشرح حوار أحد المشاهد) إلى عالم انتهى. الحق، ممثلاً بالعائلة التي يجب أن تبقى في أرضها، بحاجة لمن يدافع عنه وشاين هو المدافع. الحق غير مؤهل وحده للعراك. المقاتل يستطيع فهذا شأنه.
معاً يستطيعان تحريك أميركا إلى الأمام. هذه النقطة مركّز عليها بعنصر وجود جذع شجرة ضخمة يريد جو تقطيعها لأن تقع في وسط الأرض. وحده لن يستطيع ذلك بفأسه. هو وشاين (كل بفأسه) يستطيعان ومعاً ينجحان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved © Mohammed Rouda 2006- 2211٠
13Assassins
المخرج الياباني تاكاسي مييكي قد لا يكون كلاسيكياً بالفطرة، لكنه مخرج معاصر يحب الأفلام القديمة وخصوصاً الساموراي. "ثلاثة عشر مقاتلاً" يتحدّث عن هذا العدد من المحاربين الذين ينطلقون للذود عن زعيمهم في حرب تشغل نصف ساعة على نحو متتابع. فيلم ساموراي من المخرج الذي قدّم هذا العام فيلمه الجديد: هارا كيري- موت ساموراي
حالياً
Captain America: The First Avenger
سوبرهيرو جديد آخر منسوخ من مجلات الكوميكس بطله (كريس إيفانز) رجل حاول الإنضمام الى القوات المسلّحة للذود عن أميركا لكن طلبه رُفض ما جعله يتحوّل إلى مؤسسة صنعت منه سوبرمان جديد يدافع في سبيل العدالة وضد من يشكل خطراً على البلاد...
قريباً
Cowboys and Aliens
عوض "كاوبويز أند إنديانز" "كاوبوي وأليانز« او مزج نوعين سينمائيين لهما تاريخ كبير في هوليوود هما نوعي الوسترن والخيال العلمي. في بلدة صغيرة سنة 1873 تحط مخلوقات فضائية تحاول السيطرة على الأرض، وعلى المواطنين نبذ قتالاتهم والتصدّي للخطر الأكبر. مرّ الفيلم بظروف عمل صعبة، لكنه في النهاية استسلم لمشيئة صانعيه.
New Releases | عروض جديدة |
Harry Potter and the Deadly Hallows **1/2
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هاري بوتر والمقدّسات المميتة - الجزء الثاني
إخراج: ديفيد ياتستمثيل: دانيال ردكليف، إيما وتسون، روبرت غرينت، ألان ركمن، رالف فاينس
الولايات المتحدة/ بريطانيا | النوع: فانتازيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Review n. 257
الجزء الثاني من القصّة السابعة الذي هو الجزء الثامن من المسلسل الشهير أفضل من غالبية الأجزاء السابقة من سلسلة »هاري بوتر« لسبب مهم: الدراما فيه محدودة والغلبة للمعارك. إنه فيلم معارك من أوّله إلى آخره وهذا يعني أنه فيلم مؤثرات أكثر من معظم الأجزاء التي توالت من العام 2001 إلى اليوم. فيه مشاهد من القتال الفردي، وأخرى من القتال الجماعي. فيه دهاليز مخيفة وباحات مدمّرة، ومخلوقات متوحّشة وتنين يهرب من معتقله وأفعى تتحوّل إلى شذرات حين تموت، وقذائف حارقة والكثير من القتل. موت فردي وموت جماعي. لقد وصل جميع المشاركين فيه، وفي مقدّمتهم هاري بوتر (ردكليف) وصديقاه (غرينت ووتسون) إلى الحلقة الأخيرة التي على كل الأخيار مواجهة كل الأشرار. ولأن الأخيار ليسوا متساوي القوّة او القدرة على استخدام السحر، فإن العبء الأكبر -مشهدياً على الأقل- ملقى على كتفي بوتر الذي يكتشف أنه جلب إلى مدرسة السحر المعروفة الكامنة في قلعة هوغوورتس الدمار وإلى التلامذة والأساتذة فيها الموت عندما حاولوا حمايته والدفاع عنه. لكن اللورد فولدمورت (راف فاينس) ورجاله أقوى من أن يتم إيقاف زحفه. الأخيار سينشرون منظومة ضد القذائف النارية التي يرميها الأعداء (مظلّة بالونية تغطّي المدرسة) ويطلقون محاربين من صخور، لكن فولدمورت سيدمّر المنظومة وسيدخل القلعة ولابد لبوتر من مواجهته.
الساعة والنصف السابقة لذلك، هي تمهيد لذلك اللقاء بين المتحاربين الأساسيين وارتقاء له. خلال سيواصل هاري بوتر سعيه لكشف اللثام عن بعض ما كان تبقى من ألغاز بعد سبعة أفلام أرست السلسلة التي جمعت حتى الآن أكثر من بليوني دولار من الإيرادات. خلال الفترة لابد من ملاحظة كيف أن شخصية هاري المنقلبة هي محور كل شيء حتى وإن لم نصدّق أن الشرير الكبير الذي يمسك بيديه مصير عالم السحر لم يستطع حتى الآن (وخصوصاً في الفيلم رقم 7) التخلّص من شاب هارب من سطوته. النقطة الثانية هي كيف أنه في الوقت ذاته الذي يمر فيها هاري بوتر، كما في السابق، بتطوّرات عاطفية ونفسية، يبقى صديقاه هارمويني (وتسون) ورون (غرينتس) مسطّحان مثل رغيف خبز عربي كبير. صحيح أنهما يمضيان الوقت هنا، كما في السابق، في الظهور متعجّبين ومندهشين، إلا أن هذا الظهور ليس تطويراً بل مجرد تكرار مواقف معهودة٠
بعض الدراما تحاول أن تلعب كعامل نفسي. إذ أن بوتر موجود في دم فولدمورت، كما أن بعض بوتر يستطيع سماع عدوّه ومعرفة ما الذي سيقوم به تبعاً لحالة من الإمتزاج الذي يسمح لبوتر ببعض التمثيل. فنتيجة لذلك نراه يتعذّب كثيراً، وتدهمه بعض الآلام التي من الصعب التفريق بينها وبين تلبك المعدة. هذا قبل تلك المواجهة التي ستنتهي.... تعرفون لصالح من؟ لكن هذا القدر المحدود من مشاهد التأوّه والعذاب، لجانب قدر محدود آخر من مشاهد الخوف والقلق، هو كل ما سيرمز إلى الدراما. أما الباقي، ومن حسن حظ الفيلم، فإنه ليس أكثر من مواجهات وتصفية حسابات كان لابد منها بسبب وصول حكاية الكاتبة رولينغ إلى آخرها.
كذلك هي النهاية التي انتظر الوصول إليها ملايين البشر ممن شاهدوا السلسلة وأحبّوها. ولن تخيب الظن لكنها لن تأتي بسهولة. على ذلك، فإن العقد الطويل من الأفلام شهد تطوّراً كبيراً في بناء شخصية هاري بوتر. إذ نتذكّره صبياً بريئاً في الحادية عشر، يبتسم تلقائياً (ربما لأنه أدرك أنه سيصبح أغنى صبي في عمره بفضل تمثيله هذه الحلقات) نواجهه الآن وقد أصبح شخصية متأثرة وممزّقة. تعاني من متاعبها إذ وجدت نفسها تواجه عدوّاً كامناً في نفسه كما خارجه، حالما ازدادت رغبته لمعرفة من قتل والده ولأي سبب.
هناك أم هاري أيضاً، التي نراها بعينيها البنّيتين.... في الوقت الذي يذكّره فيه البعض بأنه يشبه والدته كثيراً .... بعينيه السوداوين!
في حصار المدرسة المبنية فوق قلعة ضخمة، بعض التذكير بسلسلة »سيد الخواتم«، وهو تذكير لا يعمل لصالح هذا الفيلم. شتّان بين قوّة المخيّلة عند رواية ج ر ر تولكين وتلك التي عند ج ك رولينغ، وشتّان أكبر بين قدرة المخرج بيتر جاكسون التنفيذية المبهرة، وتلك التي عند ديفيد ياتس مخرج هذا الفيلم. وحين يقترب »هاري بوتر« من النهاية، نجد الشخصية المعذّبة تقف عند حافة تطل على الوادي الكبير وفي يدها العصا التي تستطيع أن تمنحه القوّة الخالدة إذا ما احتفظ بها، لكنه يكسرها ويرميها. أليس هذا ما حدث لفريدو (ألايجا وود) في سلسلة »سيد الخواتم« أيضاً؟ كان عليه أن يقرر ما سيفعل بذلك الخاتم الذي قد يقوى عليه او يقع تحت تأثيره وفي النهاية قرر أن يستعيد إنسانيّته ويرمي سحر القوّة بعيداً٠
المخرج ديفيد ياتس يبقي الفيلم متحرّكاً بإيقاع سريع وبأجواء داكنة لـ 99 بالمئة من الوقت (هناك مشهد أخير طبيعي الإضاءة) ويُحسب له أنه يسرد الخلاصة النهائية للمغامرات السابقة بيسر ويمسك عناصر التشويق بين يديه جيّداً. في فيلمه السابق (الجزء الأول من هذا الفيلم) عانى من العكس تماماً، لذلك هي مفاجأة طيّبة أن يتخلّص من تلك الوقفات الطويلة التي لا يقع فيها ما يذكر ويحشد في المقابل كل هذه المفارقات المتوالية في هذا الجزء٠
CLASSICS | كلاسيكيات
SHANE ****
الأبعاد النفسية والإجتماعية لـ "شاين"٠
إخراج: جورج ستيفنز
أدوار أولى: ألان لاد، ڤان هفلن، جين آرثر، براندون دي وايلد٠
أليشا كوك جونيور، بن جونسون، جاك بالانس، إميل ماير، جون
ديكرز
النوع: وسترن | الولايات المتحدة- 1953
Review n. 258
فان هفلن وألان لاد:شاين |
هناك لحظة صامتة في فيلم »شاين« (1953) يتبادلها كل من شاين (ألان لاد) وجاك ولسون (جاك بالانس) في أول مشهد بينهما. شاين مترجّلاً، ينظر إلى بالانس الذي يمتطي فرسه وينظر بدوره إلى لاد. كلاهما سمع بالآخر لكن في حين أن شاين رجل غامض، آت من لا مكان (وسوف يمضي إلى لا مكان آخر) فإن شهرة جاك ولسون سبقته كقاتل محترف. حين يقرر جاك النزول عن فرسه لكي يعب من برميل ماء يرفض أن يعطي ظهره لشاين وينزل، بإنزلاق بطيء، وعيناه لا تفارقان شاين، كذلك حاله حين يشرب الماء، ثم حين يعود إلى حصانه. يمتطيه تدريجياً كما لو أنه ينتظر أن عليه أن يسحب مسدّسه في أي لحظة. الجو مشبع للقاء نظرات من تلك التي سبقت في صمتها أفلام سيرجيو ليوني الوسترن المعروفة.
هذه اللحظات لم تكن دائماً موجودة في أفلام ستيفنز الذي انتقل بين أنواع أفلام عديدة. دخل وخرج من الكوميدي إلى الدراما العاطفية إلى الوسترن إلى التاريخي. لم يكن أفضل مخرج في أي من هذه المجالات، لكن بصمته كانت واضحة. معالجاته لما يُناسب كل نوع كانت فنية من دون أن تكون غريبة او متباعدة عن السائد المتوقع٠
هناك مثابرة وحب للتفصيل في أفلام ستيفنز عموماً وفي »عملاق« و»مكان في الشمس« و»شاين« خصوصاً، وذلك على نحو ينصهر في السياق ولا يخرج عنه. والمشهد المذكور هو واحد من تلك التفاصيل. يأتي في منتصف الفيلم تقريباً ويؤسس لأحد أفضل بطل وأفضل عدو بطل في سينما الغرب الأميركي. »شاين« (قصّة غريب يتدخل لصالح عائلة من المزارعين ضد أطماع بارون أراضي) أفضل تركيباً من أفلامه الأخرى خصوصاً »مكان في الشمس« (قصّة شاب ينتقل إلى طبقة إجتماعية أعلى نابذاً حبّه الأول لفتاة من وسطه) الذي هو أبسط تكويناً. إنه كما لو أن ستيفنز كان لديه وقتاً أطول من المعتاد لتضحير لقطاته وكتابة سيناريو قائم أساساً على التفاصيل منذ مشهد الإفتتاح: شاين قادم من بعيد صوب مزرعة جو ستارِت (ڤان هفلن) ليس لغاية، بل لأنه عابر سبيل. وأول من يلتقي بهم هو الصبي جووي (براندون دي وايلد) الذي كان يحاول اصطياد غزال. ثم ماريان (جين ارثر) أم جووي، وزوجة جو الذي يطل بعد حين ويرحّب بالغريب شاين ويدعوه للبقاء٠
شاين سيبقى، أيضاً من دون غاية محددة. ربما البقاء في مكان واحد لأيام هو الإستثناء الذي ينشده من حين لآخر. لكن خلال تلك الأيام يتعرّف شاين على الأخوين رايكر (إميل ماير وجون ديكرز) اللذان يحاولان إجبار المزارعين الرحيل عن أراضيهم التي يعتبراها ملكاً لهما (عن غير حق). للغاية يستأجران خدمات جاك ولسون الذي يستدرج أحد المزارعين (أليشا كوك جونيور) إلى مبارزة غير متساوية ويقتله٠
جاك بالانس: مقاتل محترف |
على شاين القرار بين أن يمضي وشأنه وبين أن يتدخل لإنقاذ العائلة التي استضافته وأحبّته وهو يقرر الإختيار الثاني حيث تقع المنازلة الأخيرة. لكن شاين لا يخرج مئة بالمئة منتصراً من المنازلة. يقتل جاك ويقتل الأخوين رايكر ويُصاب. وحين يقول له الصبي جووَي "لكنك مصاب" طالباً منه العودة إلى المزرعة، يمضي شاين مبتعداً إلى مصير لا نعلمه.
الصبي في الفيلم ضروري. هناك حلقة مبنية على الغريب والعائلة. الغريب الباحث عن العائلة. العائلة التي تمنح الثقة ثم تتساءل إذا ما أخطأت. العلاقة بين الزوجين، ثم بين الزوجين والغريب، ودائماً بين الصبي والغريب. هما في تناغم كجناحي يمامة، رغم ذلك هي قد تضعف حيال شاين وتعجب به إذا ما تداعت الأمور على هذا النحو. في مشهد تراقصه أمام ناظري زوجها ووميض من التساؤل. في مشهد آخر تطلب من إبنها أن لا يعجب بشاين كثيراً، يسألها: "لماذا؟" تجيب أن شاين من النوع الذي يغادر، كأنما تحدّث نفسها٠
الصبي في إعجاب كامل ذلك إلى أن يتعارك شاين ووالده جو. سبب العراك هو قرار جو الذهاب إلى الحانة التي في البلدة، تلك التي اتخذها الأخوين مقرّاً لهما، لمواجهتهما بعدما تسببا في خرب بعض المزارعين وحرق بيوت بعضهم. لكن شاين يعلم أن جو قد يكون شجاعاً لكنه ليس مقاتلاً ويخبره أنه سوف يذهب عنه. جو يرفض. جو وشاين يتقاتلان والغلبة، بين إثنين متساويين في القوة البدنية، لشاين، وهذا ما يُثير الصبي جووي فيقول له أنه يكرهه. لكن الأم، مرّة أخرى، صوت الحكمة إذ تقول لإبنها- وقد مانعت أن يخاطر زوجها بحياته من البداية- أن شاين اضطر لذلك٠
الحق بحاجة إلى مسدس
الحانة التي تقع فيها الأحداث هي بؤرة شر في مقابل الحياة الزراعية. لا نجد كثيراً من مشاهد الزرع او الفلاحة في الأرض. فقط أناس سعداء لكن قلقين. الناس في الحانة رجال فقط. الناس العاملين في الأرض رجال ونساء. الأشرار، بذلك التقسيم، هم ضد الأسرة. بالتالي ضد النمو الأميركيإذا كان ذلك معتاداً في أفلام وسترن كثيرة (كل شر هو ضد أميركا بالنتيجة) فإن الإضافة التي يقدم عليها الفيلم هي أن القاتل المحترف جاك ولسون من الشمال الذي خرج منتصراً من الحرب الأهلية. "يانكي" كما كان الجنوبيين يطلقون عليه في احتقار. أحد هؤلاء الجنوبيين هو المزارع فرانك توري (كوك): إنسان يشعر بالظلم وإهدار الحق، ويحب الشرب لدرجة السكر لكنه في مقابل كل ذلك هو إنسان شجاع. ولديه مشهدين أمام جاك ولسون. الأول حين يدخل الحانة ليشرب ويرى رجال رايكر فيبدأ بملاسنتهم غير آبه بما قد يجرّه ذلك عليه من خطر.
المشهد الثاني هو حين يأتي إلى البلدة قاصداً دخول الحانة لشراء زجاجة شرب. يأتي مع مزارع آخر (أعتقد أن الممثل أسمه دوغلاس سبنسر). الأرض وحلة من مطر سبق. يحاول فرانك اختيار موطأ قدميه وسط وحل الشارع. ولسون يقف من مكانه عند الممر الأعلى من مستوى الأرض (مصطبة طويلة) ثم يسير بتمهّل لكي يصل إلى النقطة التي سيواجه بها فرانك. الآن، تتحرّك كاميرا لويال غريغز في "تراكينغ شوت" بعيدة لكي تتيح لنا معاينة الموقف بنظرة عامّة. الممثل أليشا كوك جونيور (رائع في أي شيء قام به) قصير القامة، وحقيقة أنه في مستوى منخفض أمام ولسون المعتلى الممشى العالي بنحو نصف متر يجعله يبدو أكثر قصراً. المخرج جورج ستيفنز يستغل هذا لكي يوحي- بالإضافة إلى الحوار المستخدم- بهيمنة جاك ولسون على اللعبة التي قرر أن القيام بها. يسأله: "إلى أين تعتقد نفسك ذاهب؟". يرد فرانك أنه يقصد الحانة، فيقول له جاك أنه غير مرحّب به. ترتفع حدّة فرانك قليلاً، ويوجّه لجاك عبارة يتّهمه فيها بأنه "يانكي". جاك يرد دون أن يفقد أعصابه: برهن Prove it
ثم يسحب مسدّسه ويطلق النار على فرانك ويرديه.
إنه فعل لم يكن ضرورياً لمقاتل لأن فرانك لا يمكن أن يشكّل خطراً. لكن العصابة أرادته درساً للآخرين. هذا سيكون دافعاً لقيام شاين بمواجهة الأخوين رايكر وجاك ولسون في النهاية إنما بشروط أفضل كونه مقاتل لا يقل مهارة عن جاك، بل يفوقه.
بني ستيفنز هذا الفيلم على الخطوط والخيوط التي تجعل الفيلم مختلفاً. معظم أفلام الوسترن تنشيء إيقاعاً متسارعاً لأجل تأمين التشويق والإثارة. جورج ستيفنز يوفّر حكاية ليست بالضرورة جديدة، لكنه يؤسسها على نحو مختلف مليء بالرغبة في استحداث ثقل درامي يحقق غاية أبعد من مجرد تشويق المشاهد للمتابعة. هناك إيقاع جديد لكنه أكثر طبيعية في عمومه كما في تفاصيله. الحركة البطيئة. الموقف المتمهّل. النظرات المتبادلة. الحوار الباحث عن الحقيقة. الوعيد. التهديد. عناصر الألفة وحياة المحارب الوحيد الذي يدفع (في نهاية المطاف) ثمن توقّفه ذات مرّة في محطّة
هذا إطار بالغ الأهمية. كل يدفع ثمن الخروج عن خطّه. خط شاين كانت الحياة من دون ارتباطات. المرّة التي رضي فيها تغيير وجهة نظره والإرتباط، ولو مؤقتاً مع عائلة، انتهى مُصاباً بطلقة ما يجعل المرء يبني افتراضاً مفاده أن شاين كان سيبقى سليماً لو أنه لم يمكث في مكان واحد على غير عادته.
أليشا كوك إلى اليمين، قبل توجهه إلى حتفه |
الكثير من النقد دار حول كيف بنى المخرج هذا الفيلم على أساس علاقة التأليه التي شعر بها الصبي حيال شاين. هذا الفارس- البطل. لكن وإن كانت هذه العلاقة موجودة (وإلى حد مزعج في بعض المشاهد نتيجة الإلحاح كلّما نادى جووى إسم شاين) الا أن الإطار مزدوج وأكبر شأناً. الفيلم هو عن علاقة عائلية شاملة، كما ذكرت، من ناحية وعن شاين القادم من طبقة مقاتلين سيمضي إلى غروب أكيد تماماً كحال الأخوين الإقطاعيين اللذين ينتميان (كما يشرح حوار أحد المشاهد) إلى عالم انتهى. الحق، ممثلاً بالعائلة التي يجب أن تبقى في أرضها، بحاجة لمن يدافع عنه وشاين هو المدافع. الحق غير مؤهل وحده للعراك. المقاتل يستطيع فهذا شأنه.
معاً يستطيعان تحريك أميركا إلى الأمام. هذه النقطة مركّز عليها بعنصر وجود جذع شجرة ضخمة يريد جو تقطيعها لأن تقع في وسط الأرض. وحده لن يستطيع ذلك بفأسه. هو وشاين (كل بفأسه) يستطيعان ومعاً ينجحان.
Film Connections
Pale Rider (1985) | Clint Eastwood ***
في فيلم كلينت ايستوود حول غريب يصل إلى مجتمع من الباحثين عن الذهب، يمكث بطل الفيلم في ضيافة عائلة مؤلّفة من رجل وإمرأته وإبنة الزوجة الشابّة. ثم هناك صخرة كبيرة تعوق رب البيت وبطل الفيلم (ايستوود) يساعده في كسرها.
The Shootist (1976) | Don Siegel ***
تحضير المكان درامياً وتنفيذياً في نهاية هذا الفيلم لا يختلف عن ذاك الذي في »شاين«: بطل »المقاتل« (الذي كان آخر فيلم مثّله جون واين
يدخل بطل الفيلم القادم أيضاً من غبار الماضي والذي يُعتبر آخر المحاربين من طرازه الحانة التي ينتظره فيها الأعداء ويتم إطلاق نار ينجلي عن قتله ثلاثة أشخاص. في »شاين« يُباغت شرير شاين، بعدما استدار مبتعداً ،من طابق علوي فيطلق عليه الرصاصة التي تصيبه، وذلك بعدما يصرخ الصبي محذّراً شاين. في »المقاتل« يستدير بطل الفيلم لينصرف غير ملم بشرير آخر يطلق عليه، أيضاً، رصاصة من الخلف. هذه المرّة شاب (رون هوارد) معجب به أيضاً هو الذي يحذّره، لكن هنا يقوم الشاب بقتل الشرير٠ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved © Mohammed Rouda 2006- 2211٠