حينما امتنعت أرملة الكاتب برام ستوكر عن منح المخرج الألماني ف. و. مورنو حق صنع فيلم من رواية زوجها «دراكولا»، قام بابتكار مصّاص دماء بإسم أورلوك مع تغيير الحكاية وأسماء شخصياتها. تم إسناد مهمّة السيناريو إلى الكاتب الألماني هنريك غالين، الذي كان سبق له وأن وضع سيناريو حول وحش آخر قبل ذها الفيلم هو «غوليم»، وغوليم في التلمود هو مخلوق لم يكتمل وفي السينما استخدمه الألمان لينجزوا ما عُرف في مطلع القرن بالأدب الرومانسي- الداكن، وهو ذاك الذي يجمع معالم قصّة الحب بأحداث تخويفية. الفيلم الذي كتبه غالين كان «الغوليم» وقام كارل بويش وبول وَغنر بتحقيقه كفانتازيا مرعبة تقع أحداثها في القرن السادس عشر في العاصمة براغ حول حاخام يصنع مخلوقاً ضخماً سمّاه غوليم وذلك بغية الدفاع عن اليهود المضطهدين ما يكشف عن سعي اليهود إلى إستخدام ما انتشر من معاداة الأوروبيين لهم في بعض الأوساط المسيحية لإفراز مفاهيم تدعو للعنف. وهو المفهوم ذاته الذي لا يزال يسود الممارسة العدوانية للكيان العدو على أساس حماية «إسرائيل» من أعدائها وذلك بصرف النظر تماماً عما قامت ولا تزال تقوم به من ممارسات عدائية ليس أقلّها احتلال فلسطين بأسرها قبل نحو ستين سنة٠
وهناك علاقة مقلوبة بين الغولم ومخلوق فرانكنستاين، كما وضعته الكاتبة ماري شيلي. د. فرانكنستاين، والأسم يقترح شخصية يهودية، جرّاح ماهر لكن طموحه هو "صنع" مخلوق حي باستخدام الطاقة الكهربائية، وهو يفعل ذلك بتجميع أعضاء وأطراف موتى وتأليف مخلوق متوحش. حسب الرواية، وبضعة أفلام التزمت بها، فإن المخلوق وجد نفسه فريداً واعتبر نفسه ضحية وليس قاتلاً، وهذا هو الإختلاف بينه وبين غوليم الذي كان عليه اصطياد المعادين لليهود وتصفيتهم برضاه الكامل٠
«نوسفيراتو» اختلف عن كل ما سبق فهو لا علاقة له لا بالميثالوجيا ولا بالمفاهيم الدينية الا من حيث الصراع بين الخير والشر على صعيد منفصل، شخصيات خيّرة (مثل الزوجة) وشخصيات شريرة (أورلوك وصاحب مؤسسة عقارات أسمه نوك) وشخصيات يدخلها الخير وسوء التقدير عنوة (كما حال الزوج الذي لم يحسن الدفاع عن زوجته)٠
الحكاية تضع الزوج المحب هاتر أمام واجب ترك زوجته وحيدة والسفر إلى جبال كارباتيان، تلك الجبال التي تسكن عند أحد سفوحها بلدة ترانسلفانيا لبيع أورلوك بناية تواجه منزله غير مدرك أنه يبيع العقار لمصاص دماء واضعاً زوجته تحت خطره٠
Arthur Christmas
Dir: Sarah Smith. Cast: James McAvoy, Hugh
Lauri, Jim Broadbent
كوميديا لمغامرة ولاّدية تطرق باب الكريسماس في أحداث تقع في القطب الشمالي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
My Week With Marilyn
Dir: Simon Curtis. Cast: Michelle Williams, Eddie
Redmayne, Julia Ormond
دراما بريطانية حول أسبوع عمل وحب قضته مارلين مونرو في بريطانيا
Lombardo Boyar, Jeffrey Garcia
أنيماشن من جورج ميلر مستمد من نجاح الفيلم الأول مع مزيد من مخاطر الحياة
Asa Butterfield, Ray Winstone, Christopher Lee
جديد مارتن سكورسيزي حول المخرج الفرنسي جورج ميليس
أدوار أولى: هنري كافيل، ميكي رورك، فريدا بنتو، ستيفن
دورف، جون هيرت
فانتازيا | الولايات المتحدة- 2011
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Variety n. 282
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يبدو أن إسم المخرج تارسام يكبر تبعاً لارتفاع ميزانيّة أفلامه. كان تارسام في أوّل أفلامه (33 مليون دولار تكلفة) ثم لحين ظهر بإسم تارسام سينغ، وفي هذا الفيلم (الذي تكلّف شمالي 75 مليون دولار) تارسام سينغ داندوار. لو أن النوعية تكبر مع الإسم لما كان هناك داعياً لهذه الملاحظة أساساً٠
The Cell قدّم المخرج تارسام سينغ بتقديم نفسه في أوّل أفلام
الكلمة التي لها معنيين: "خلية" و"زنزانة" ولا زلت حتى الآن لا أعرف أي معنى هو المقصود، فكلاهما يصح في الفيلم. لكن ذلك الفيلم المرعب كان جيّد التنفيذ إلى حد بعيد وقدّم مخرجاً هندياً آخر يعمل في هوليوود لجانب م. نايت شماليان. وفي اللقطة الأخيرة من الفيلم ذلك المكعّب الرامز إلى كلا المعنيين٠
في بداية هذا الفيلم هناك أيضاً مكعّب آخر لكن «الخالدون» مختلف ولا يشكّل حلقة جديدة من الفيلم السابق، بل يدور حول أسطورة ضاربة بالتاريخ الإغريقي وضعها يونانيا الأصل هما فلاس وتشارلز بارلابانيديس تتحدّث عن الملك هيبريون (ميكي رورك) والمحارب ثيزيوس (هنري كافيل) وصراع حتى النصر عندما يندحر الشر (هيبريون) أمام قوّة الخير المتمثّلة بثيزيوس. فهيبريون لا يريد التوقّف عن الإحتلال والقتل والتنكيل، وثيزيوس مواطن في بقعة من الأرض الإغريقية اختير لها أن تكون فوق صخور شاهقة فوق الجبل. لم أملك نفسي من التعجّب حول لماذا يبني مجتمع ما بلدة على شفير تلك الصخور ومن أين يأتي المواطنون بالماء والطعام؟ لكن لا بد من الإعتراف أن هذا ليس سؤالاً أساسياً ولو أنه جائزاً. ما يريد الفيلم توجيهنا إليه هو حكاية انتقال ثيزيوس من موقف اللامبالاة لما تتعرّض إليه تلك البلدة من خطر إلى أن تقتل والدته ويحيط الخطر الماحق بقومه. وسريعاً ما سنكتشف أيضاً أن هذه البلدة لها عمق آخر، فهي من الناحية الثانية، تشرف على أرض قاحلة نصبت فوقها قلعة شامخة لها مدخل حصين ونفق يتلوه وفي هذا النفق ستدور المعركة الكبرى بين هيبريون وثيزيوس كما بين جيشي الأول والثاني. في الوقت ذاته، هناك جبهة ثالثة قوامها ألهات إغريقية مقاتلة من المفترض أن تكون أبدية لكن بعض أفرادها يسقطون قتلى في المعركة ضد "عفاريت"٠
السؤال المهم الذي قد يداهم المشاهد تبعاً لما يراه هو لماذا التأكيد على ضراوة هيبريون في كل مرّة يظهر فيها. حالة قتل، حالتان، ثلاثة كافية بالتأكيد لإعطائنا الفرصة لمعرفة إلى أي مدى تبلغ شراسة وعنف هذه الشخصية. لكن المخرج يبدو سعيداً وهو يرى ميكي رورك وهو يقطع هذا الرأس او يفقأ عينا ذلك الرجل او يأمر فتهوى مطرقة ضخمة على الأعضاء الثمينة لرجل ثالث؟
في الصدد ذاته، فإن التصرّفات الفردية (تقليدية من الجانبين) لا تؤدّي إلى جوانب جديدة في الحكاية. البطل الذي لا يريد أن يُحارب لينصر أبناء بلدته منوال قديم الأمد، والشرير الذي يُراد له أن يشع الخوف في أوصال مرتدي نظارات الأبعاد الثلاثة (ولا يفعل) هو أيضاً تنميط أحادي قديم. هذه العناصر، وتلك الفانتازية التاريخية والإنتاجية والحكاية التي توفّرها لا تصنع فيلماً أكثر حيوية٠
«خالدون» مثل «مغامرات تن تن» والكثير سواهما، مثير للنظر. مصنوع من تصاميم فنية وإنتاجية جيّدة، بما فيها ذلك الموقع الغريب أعلاه، لكنه لا يحتوي على إنجاز إخراجي مواز. ليست هناك من دقيقة واحدة تمثّل عملاً إخراجياً أو إبداعياً فنيّاً، بل كلّه «بزنس» وبعد حين، فإن الدكانة التي في الشخصيات، والتكرار في أفعالها ينال من المشاهد ويحتّم عليه الشعور بأنه أمام تركيبة من المشاهد كل منها يشبه واحداً من تلك الحجارة الكبيرة التي تتشكّل منها القلعة الكبيرة. الطرق من وإلى كل مشهد منها يشبه بالفعل تلك الحجرات او الخلايا التي في فيلم تارسام الأول. الإنتقال بينها أشبه بالدوران حول مكعبات لا أفق لها. بعض المشاهد، مثل تلك التي نرى فيها وصول الألهات لكي تساعد الناس في التصدي للشرير تفتقد السبب الوجيه خصوصاً عندما ندرك أن تلك الآلهات قد يُقضى عليها أيضاً. ثم ماذا عن ذلك القوس الذي من أجله يقتل هيبريون مئات الجنود في سبيل الوصول إليه؟ أنه قوس أوتوماتيكي ما أن تطلق منه سهماً حتى يُستبدل من دون جهد بسهم آخر جاهز للإطلاق- مثل الكلاشينكوف او ربما أفضل منه لأن خرطوشه لا ينتهي. بعد حين وجيز ينكسر القوس الثمين ما يفقد الفيلم واحداً من أهم أسباب الصراع من دون أن ينتهي الصراع ذاته٠
إخراج: برت راتنر
أدوار أولى: بن ستيلر، إدي مورفي، مايكل بينا، ماثيو برودريك،
ألان أولدا، كايسي أفلك
تشويق | الولايات المتحدة - 2011
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Review n 283.
يحمل «سرقة برج» بعض التشويق والكثير من الخفّة التي قد تسبب الترفيه المناسب للباحث عن فيلم خفيف. لكنه لا يحمل أكثر من هذا الحد لمعظمنا. وهذا، على الأرجح، عكس ما تخيّله المخرج برت راتنر المعروف بفيلميه «ساعة الزحام» او
Rush Hour
فهو كان قرر، في أحاديث له، أن فيلمه مستوحى من أفلام السرقات الكلاسيكية في السبعينات، وسمّى بعضها: «خطف بلهام 123» (نسخة جوزف سيرجنت- 1974)، و«حجر ثمين» (بيتر ياتس-1972) و«أشرطة أندرسن» (سيدني لوميت- 1971). لكن الإستيحاء شيء والتنفيذ شيء آخر. تلك الأفلام التي بُنيت على قيام أفراد بالتخطيط وبالسرقة نجحت آنذاك لأنها كانت امتداداً لنوع من الأفلام التي بررت السرقة من أيام فيلم ستانلي كوبريك الأخّاذ «القتل» (1956) مروراً «بوني وكلايد» (آرثر بن- 1968) على أساس إجتماعي. مع شخصيات تلك الأفلام كان يمكن لك، إن أردت، الشعور بما يدفعها لارتكاب الجريمة، لكن حتى وإن كانت المجموعة التيتقوم بها محترفة، فإن هناك رسم للشخصيات ومستوى من المعالجة لا تستطيع معه سوى الإصطفاف مع هذه النخبة طالما أن السرقة هي كل ما ستقوم به
هذا الدافع الإجتماعي هو سحابة عابرة في فيلم راتنر الجديد. الأحداث تقع في الزمن المعاصر، وهو زمن اقتصادي صعب على ملايين البشر، وأقل ما كان راتنر وكاتبيه (جف تاتانسون وتد غريفين) يستطيعون فعله هو دمج هذا الوضع عملياً في الفيلم بحيث يستطيع المشاهد الشعور إيجاباً مع ما يدور
إنها قصّة مجموعة من العاملين في إدارة واحدة من ناطحات السحاب في لوس أنجيليس. مالك البرج السكني هو آرثر شو (ألان أولدا) الذي يسكن طابقاً علوياً فيها ولديه سيارة تم تركيبها في داخل الشقّة يقول أنها كانت من ممتلكات ستيف ماكوين. من بين العاملين جوش (ستيلر) مدير الموظّفين والمسؤول المباشر عن البرج، كايسي أفلك وماثيو برودريك ومايكل بينا هم من بين العاملين الكثيرين في هذا الفيلم وأكثرهم ظهوراً لجانب بواب العمارة الأسود لستر (ستيفن مكينلي هندرسن) الذي يكرر لاحقاً أنه فتح باب المدخل وأغلقه منذ ثلاثين سنة. هؤلاء، باستثناء شخصية إنريك (مايكل بينا- كونه جديداً) أودع مدّخراته في مشاريع آرثر العقارية والمصرفية معتقداً أنه سيستثمرها على النحو الصحيح. الآن، وآرثر بات ملاحقاً من قبل الأف بي آي (ممثّلة بالعميلة الخاصة كلير كما تؤديها تيا ليوني) أدرك الجميع أن الرجل تلاعب بمدّخراتهم وخسرها او صرفها او سرقها. المهم أنهم الآن على الحديدة، والبوّاب فكّر بالإنتحار تحت عجلات القطار ولو أن كاتبي السيناريو أنقذا حياتهح
جوش يفكّر في أن الطريقة الوحيدة لتعويضه والآخرين هي سرقة 25 مليون دولار يخفيها آرثر في مكان ما من شقّته. هو وأفلك وبرودريك وبينا سيؤلّفون نواة العصابة التي ستسرق الشقّة لو استطاعت معرفة أين الخزنة، لكنها بحاجة لمن يفتح الخزنة ولهذا السبب تستعين بمن اعتقدته خبير خزنات أسمه سلايد (إيدي مورفي). خططهم تتغيّر تبعاً لاكتشاف أن المال ليس في المكان الذي اعتقدوا أنها مخبأة فيه (ولمن شاهد الفيلم فإن إبقاء المكان البديل سرّاً أفضل من الإفصاح عنه). الفيلم يتبلور ككر وفر بين هذه العصبة وبين الثري على نحو أن من سرق يستحق أن يُسرق
لكن المدلول في كل ذلك ليس ذا أثر كونه لا يتعامل مع المحيط الحالي نفسه، بل يمكن للقصّة أن تدور في سويسرا إذا ما أتيح للإنتاج تحقيقها هناك. ما هو بيّن كثرة الإفتراضات التي يبني عليها الفيلم أحداثه. ليس هناك ما هو ثابت، لكن هذا لا يردع الشخصيات، ولا صانعي الفيلم، من اعتمادها وبناء الحدث التالي عليها. وفي ذلك الكثير من التنميط: عميلة الأف بي آي كان لابد لها أن تسكر لكي تبوح لجوش بأن الأف بي آي لا تعرف أين خبأ المال، لكن جوش يعرف. المال ليس في المكان الذي اعتقد أنه فيه، لكنه -مرة أخرى- سيعرف أين هو. الأسود عليه أن يكون خريج سجن لسوابقه. الأسود عليه أيضاً أن يفكّر لمصلحته الخاصّة لأنه لا يتصالح مع البيض
وعلى هذا المنوال يتوالى الفيلم مكتوباً بحوارات سقيمة وجامدة ومدّعية المعرفة وبمشاهد تنتقل من افتراض إلى آخر. إما إخراج راتنر فلا يستدعي التوقّف عنده لأكثر من ملاحظات بسيطة. النقاد الأميركيين الذين أعجبهم الفيلم تحدّثوا عن اللقطة الأولى التي تتراجع فيها الكاميرا عن عيني ابراهام لينكولن لنكتشف أنها رسم منصب على أرض المسبح، لكن هذه البداية فكرة طريفة لا أكثر من ذلك. ماذا عن الفيلم بأسره وفشل راتنر تحويله إلى عمل ذا قيمة فنية او اجتماعية جيّدة؟
إخراج: برتران بونيللو
أدوار أولى: حفصية حرزي، سيلين ساليت، جاسمين سلينكا
دراما | فرنسا- 2011
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Review n. 284
المشاهدة الأولى لهذا الفيلم خلال مهرجان "كان" السينمائي لم تترك الفضول لمشاهدته مرّة ثانية، لكن إذ وصلني على اسطوانة مبكرة تمهيداً لجوائز الغولدن غلوبس، وبما أن الأفلام المعروضة في المهرجانات كثيراً ما تتطلّب مشاهدتها ثانية في أجواء أكثر هدوءاً، جلست وتابعته وحيداً في صالتي إلى خاتمته، وخرجت منه على نفس الموقف: يستحق الإهتمام لأجوائه لكنه خلطة درامية تفتقر لملكية سرد أفضل ولشخصيات تلعب البينغ بونغ معك: ترميك ببعض ما لديها من معاناة لكنها تتلقّف منك مشاعر التعاطف. كما قدّم بونيللو شخصياته، هي ترمي لكن لا شيء مما ترميه يصل٠
العنوان الأصلي لهذا الفيلم هو «بيت التحمّل» الذي لا يعكس أي شيء يُذكر قبل أن يختار صانعوه عنوان أكثر اقتراناً لموضوعه ومكان حدثه: «بيت المتعة» والعنوان الفرنسي ٠
تقع أحداثه في مطلع القرن العشرين في باريس. هذا البيت هو قصر كبير والكاميرا لا تخرج منه لأكثر من ساعتين. يتألّف من صالون كبير وطابقين وغرف منتشرة وتسكنه مجموعة من الصبايا والنساء تديرهن إمرأة تعمل في المهنة بحرفية إدارية جيّدة. لب الفيلم (ومشكلته في الوقت ذاته) هو المرور على حالات تلك الشخصيات على نحو من يريد تقديم قصّة كل منهن مؤطّرة بالدموع. الأزمات العاطفية تضرب البعض منهن، والمآزق المادية تصيب البعض الآخر. الزبائن متلوّنون ومنهم من يحترم ويقدّر ولديه أن اللذة يجب أن لا تكون فردية من نصيبه٠
في نطاق رغبته الحديث عن بنات الهوى، يقوم المخرج الإيطالي بتشييد نحو من الموازاة بين وضع العاهرات آنذاك وبين وضعهن اليوم. لا شيء، يدرك المشاهد بعد قليل، تغيّر وبل ربما إزداد سوءاً على اعتبار أن الصورة التي يوردها بونيللو هي صورة تترجم تلك الحياة (الصعبة بلا ريب) إلى تآلف فعلي بين المشتركات في ذلك البيت. المرأة التي تديره ذات قلب بكبر ذلك القصر والفتيات حانيات ومتّحدات كما ليس هو الحال اليوم في عالم تغيّر حتى بالنسبة لأقدم مهنة في التاريخ٠
لكن لا شيء مما أذكره يعني أن الفيلم يسجّل علامات مهمّة على صعيد صنعته. إنه مقبول الصورة والإنتاج، يحتوي على عناصر فنيّة (ديكورات، ملابس، صوت الخ٠٠٠) جيّدة. ما كان يحتاجه هو أن تفعيل الأحداث القليلة الي فيه على نحو أفضل سرداً وأعمق رسماً٠
الممثلة التونسية حفيصة حرزي لديها دور مهم هنا، كحجم وكمشاركة في فيلم يهدف أن يكون فنيّاً، لكن شخصيّتها لا تختلف في سماتها العامّة عن شخصيات زميلاتها في الفيلم. صحيح أن أموراً وشؤونا خاصّة بها تجعلها تختلف عن الباقيات لكنه كاختلاف كل الباقيات عن بعضهن البعض في هذا النطاق٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved © Mohammed Rouda 2007- 2011
2 comments:
السلام عليكم استاذ محمد
هذه هي المرة الاولى التي اكتب لكم مع العلم انني متابع لنقدك وكتاباتك منذ امد بعيد عندما كانت لك صفحة اسبوعية في صحيفة الحياة يوم الجمعة وقبل ذلك من ايام اذاعة الشرق من باريس. انا معجب كثيرا بطريقة نقدك للافلام وإن كنت اتساءل احيانا عن التفاوت الكبير في تقييم الافلام بينكم وبين نقاد آخرين مثل سمير فريد على سبيل المثال. بالطبع كل ناقد يستقبل الفيلم السينمائي بطريقة ليس بالضرورة ان تتشابه مع نقاد آخرين ولكن ان يصل الامر احيانا الى وصف ناقد لفيلم ما على انه تحفة بينما يعتبره آخر عمل عادي او اقل من ذلك وربما لا يستحق الكتابة عنه فهذا ما يثير الدهشة. على كل حال, أرجو منكم تسليط الضوء على أفلام ستانلي كيوبريك وبشكل خاص اوديسة الفضاء 2001 وكذلك فيلم الإشراق(shining), من فضلك استاذ محمد هناك افلام بطل, منزل الخناجر الطائرة والنمر الرابض والتنين المختفي اتمنى ان اعرف رأيك فيها.
وتحية والسلام
الأخ العزيز حسن
شكراً لرسالتك القيّمة وما تمنيّته سأنفّذه من العدد المقبل مباشرة بعد نهاية مهرجان دبي السينمائي في منتصف هذا الشهر. كما أني سأتحدث عما ورد في رسالتك بالنسبة للتفاوت بين النقاد على نحو مفصّل في زاوية "مقهى فيلم ريدر" لأن ما تثيره مهم وليس أمراً شكلياً
أشكرك مرّة أخرى وأتمنى تكرار حضورك هنا
Post a Comment