Issue: 128 | The Woman in the Fifth, Killer Joe, Rock of Ages, Red Lights



                   بين الأفلام                   

باتمان والعنف وحادثة أورورا 
|*|  لم يترك الحادث الذي وقع في بلدة أورورا، ولاية كوليرادو، أثراً يُذكر على "شبّاك تذاكر" فيلم كريستوفر نولان الجديد «الفارس الداكن يصعد» The Dark Knight Rises (الصورة) إن كان هناك من أثر، فهو في زيادة عدد الروّاد علماً بأن الإقبال الكبير الذي حظى به خلال الأسبوع الماضي وإلى اليوم كان متوقّعاً. ولو أن البعض، خصوصاً في شركة وورنر المنتجة، وضعوا أيديهم على قلوبهم خوفاً من الإخفاق. الحكاية الثالثة من باتمان جمعت  حتى الآن قرابة 500 مليون دولار من جميع أنحاء العالم. نصيب العروض الأميركية منها 303 مليون دولار. في عداد المبلغ المذكور 2.7 مليون دولار في يوم افتتاحه في باريس وحدها، وهو أعلى رقم افتتاح في يوم واحد في تاريخ العروض الفرنسية.

|*| نقدياً، حظى الفيلم بنسبة مرتفعة من الإعجاب بلغت في الولايات المتحدة  81 بالمئة، حسب موقع MRQE المتخصص بعرض آراء النقاد في الصحافة المطبوعة وعلى الإنترنت، لكن عدداً متزايداً من هؤلاء النقاد باتوا يشيرون إلى أن مسؤولية، ولو محدودة، فيما حدث، ملقاة على الصورة الداكنة التي يرسمها الفيلم حول بطله. وفي حين كتب الناقد تود مكارثي في "ذ هوليوود ريبورتر" خلال عرضه الفيلم أن "تهديدات العالم الحقيقي من إرهاب وفوضى وخلل اقتصادي تترك وجوداً عميقاً في الفيلم" الا أنه، وبإعترافه في مقال لاحق، لم يكن يعلم أن هذا "العالم الحقيقي" سوف يعتدي على المشاهدين. لكني أتساءل بالفعل إذا ما كان الفيلم بات هو المتسبب في ردّ فعل عنيف عليه. السؤال يتعلّـق بما الذي جال في بال الشاب المعتدي جيمس هولمز وهو ينطلق إلى سينما «سنتشري 16» في بلدة أورورا ويفتح النار على الناس. ليس واضحاً بعد إذا ما كان شاهد الفيلم، ولو أن الأكثر احتمالاً أنه لم يفعل فالحادثة وقعت بعد يومين من الإفتتاح الأميركي، أي صباح يوم الجمعة في العشرين من الشهر الجاري وكان استلم قبل ذلك السلاح الذي استخدمه لقتل 12 شخصاً وجرح نحو 50 آخرين كانوا جميعاً في عداد الواقفين في الصف بإنتظار فتح شبّاك التذاكر.

|*| المخرج بيتر بوغدانوفيتش (إلى اليمين) تساءل أيضاً، وفي مقابلة له، عما إذا كانت هوليوود مسؤولة عما حدث وبل هو يلوم نفسه كونه قام سنة 1968 بتحقيق فيلم بعنوان «أهداف» كناية عن رجل مسلّح ببندقية قنص يصعد مبنى مرتفعاً ويطلق النار منه على الأبرياء في الشوارع قبل أن يتّـجه إلى صالة سينما مفتوحة ويطلق النار على المشاهدين: "أشعر بالقرف كوني حققت فيلماً من هذا النوع" كما يقول.
«أهداف» كان فيلماً جيّداً وغريباً معاً فيه رغبة في تحقيق فيلم تشويقي مع رغبة موازية في الحديث
عن السينما. بوغدانوفيتش ليس مخرج معارك وأفلام بوليسية، لذلك فإن هذا الفيلم سيبقى منفرداً عما اعتاد القيام به في مهنته التي توقّفت عملياً عن الإخراج من سنة 2001.

|*|  واحد من ردّات الفعل لما حدث هو أن فيلم Gangster Squad  الذي كان مقرراً إفتتاحه في السابع من أيلول/ سبتمبر تم تأخير عرضه إلى العام المقبل، وهو أيضاً من إنتاج وورنر وكانت الشركة سارعت بسحب المقدّمة المتوفّرة من الفيلم مباشرة بعد الحادث كونها تصوّر قيام رجال العصابة (والأحداث تقع في الأربعينات) بفتح النار على…. جمهور سينمائي. الآن هذا لا يكفي والفيلم سيدخل المونتاج غالباً لحذف المشهد من الفيلم أساساً كما تجنّباً لإثارته المشاعر العدائية. 
لكن الفيلم الواقع في المصيدة هو «المراقبة» The Watch فهو يتحدّث عن أربعة رجال (بن ستيلر، فينس فون، جونا هيل ورتشارد أيوواد) يؤلّفون عصبة مسلّحة لحماية الحي الذي يسكنونه من العصابات. وكانت حادثة حقيقية وقعت قبل أشهر عندما قتل رجل أبيض مناط به مراقبة الحي الذي يعيش فيه، شاباً أسود غير مسلّح بعدما ارتاب به ما أثار حنق الأهالي والإعلام. الفيلم حط ثالثاً في الأسبوع الأول له وكان ذلك متوقّعاً إلى حد نسبة لذلك الحادث ثم نسبة إلى حقيقة دامغة: ليس من بين هؤلاء الممثلين ما حقق نجاحاً كبيراً في آخر ثلاث سنوات او نحوها، وإذا ما فعل ففي فيلم أنيماشن حيث يستطيع بائع صحف على مفترق سانست بوليفارد ونورث روبرتسون في هوليوود تأدية الدور.

*************************
نقد الأفلام
THE WOMAN IN THE FIFTH
المرأة في الخامس


__________________ـــــــــــــــــــــــــ_____ــ
إخراج: باول باوليڤوسكي Pawel Pawlikowski
__________________ـــــــــــــــــــــــــ_____ــ
تشويق | بريطانيا/ فرنسا/ بولندا | تقييم الناقد: ****
توزيع (مستقل): ATO Pictures
سيناريو: Pawel Pawlikowski
عن كتاب: Douglas Kennedy
إنتاج: Caroline Benjo, Carole Scotta
تصوير (ألوان- 35 مم) : Xavi Giménez
توليف (85 د): Rodrig Cortés
موسيقا: Victor Reyes
تصميم مناظر: Antón Laguna
____________________________________
تمثيل:  Ethan Hawke, Kristin Scott Thomas,
Joanna Kulig, Samir Guesmi, Delphine
Chuillot
__________________ـــــــــــــــــــــــــ_____ــ
لم يحظ  «إمرأة فـي الخامس»  الا 
بتقديـر متوسّط من معـظم النـقـاد،
لكن هذا الناقد وجده تحدّياً للعادة 

«المرأة في الخامس» (والمقصود الدور الخامس طبعاً) نوع من الأفلام الذي يطرح للمشاهد مواقف تؤدي إلى إسئلة تطرحها أنت في المقابل. مواقف تبدو غريبة وهي كذلك لكنها ليست غريبة إلى حد أنها لا يمكن أن تقع، وعندما ينتهي الفيلم (بعد نحو ساعة ونصف فقط) لا  يجيب عن أسئلتك ولا يحدد نتائجه على نحو ثابت. هذا ما يؤدي بالمشاهد إلى حالة من إثنين: إما هو معجب، مثل هذا الناقد، بإنجاز من التشويق النفسي او مُـصاب بإحباط كونه لم يفهم ما حدث خلال العرض تماماً. في هذه الحالة الأخيرة، فإن المشاهد غالباً ما يكون من النوع الذي اعتاد على أن يدخل الفيلم (أي فيلم) ليحكي له قصّـة مفهومة. وهذا ليس في نيّـة هذا المخرج البولندي باول باولكوفسكي الذي لم أشاهد له أي من أفلامه القليلة من قبل والذي أنجز كل أفلامه في بريطانيا حيث يعمل ويعيش.
لا يمكن لومه او لوم المشاهد المعجب. نحن أمام فيلم بُـني على أن يُـثير قدراً من الأسئلة تنبع من وضع واقعي وتتطوّر إلى ما يشبه الأحجية من دون التخلّي عن واقعيّته. توم ريكس (إيثان هوك) هو كاتب روائي أميركي نتعرّف عليه حال وصوله إلى المطار ونعرف مهمّـته من المشهد الأول حين يسأله الضابط: "كم ترغب في البقاء هنا، مستر ريكس؟" فيرد عليه: "سأعيش هنا. زوجتي وإبنتي يعيشان في باريس. زوجتي تعمل وسأكون بجانب إبنتي". الضابط رضي بهذه الإجابة وختم على جواز سفر توم. لكن إما أن توم كان يتمنّى، او أنه لم يكن يعرف موقف زوجته (دلفين شويلو) منه. نعلم سريعاً أن حكماً صدر عليه بالبقاء بعيداً عن زوجته وإبنته، وما تلبث أن تطلب البوليس فيضطر للهرب. حين تـُسرق حقيبته وأمواله في حافلة عمومية يجد نفسه في مقهى يديره شرق متوسّـطي أسمه "قيصر" (سمير قصمي).  الموسيقا عربية في أحد المشاهد ثم تركية في مشهد لاحق ما يمنعنا من التصنيف. قيصر يعط توم عملاً كناية عن الجلوس ست ساعات من العاشرة ليلاً في غرفة تحت أرضية وفتح الباب لمن يقول له: "أريد مقابلة السيد عالَم" (مستر وورلد). في الوقت ذاته يتعرّف على إمرأة غامضة أسمها مارغيت (كرستين سكوت توماس) التي ربما تكون ماتت منتحرة قبل سنوات بعيدة، او هكذا يخبره البوليس لاحقاً. ما بين علاقته بها وعلاقته ببولندية مهاجرة (جوانا كوليغ) ورغبته في لقاء إبنته التي لا يزيد عمرها عن ست سنوات، تتوزّع عواطف هذا الكاتب الواعد. من ناحية أخرى، ما بين إقامته في حجرة أصغر من علبة الكبريت وبالقرب منه جار أفريقي يهدده ولا يكف عن الصراخ وعمل غريب قد يحتوي على عمليات تعذيب، يجد توم نفسه في عنق زجاجة لا يقدر على النزول او الصعود منه. 
توم هو رجل تحت الضغط يعيش حالة إنفجار وكل شيء يعمل على عكس ما يريد. وفوق ذلك مصيره غامض. مع المشاهد حق في اعتبار أن ما يشاهده هو الحكاية كاملة، ومعه حق في الظن أن الرجل ربما معتوهاً. لكن الفريق الثالث، الذي أنتمي إليه، ينظر إلى ما يراه على أساس أنه رواية توم المقبلة. المخرج البولندي باوليكوفسكي يعرف تماماً ما يريد من اللقطة ويوظّفها صحيحاً ويبني بها عملاً يحمل ألغازاً غير مقحمـة بل تبدو على غرائبيتها واقعية. السؤال يصبح في النهاية ما إذا كان توم نفسه شخصاً حقيقياً او هو بطل روايته المقبلة.
إختيار إيثان هوك للدور صائب. كان لعب دور الكاتب الذي يصل باريس في فيلمين من قبل كلاهما للمخرج رتشارد لينكلتر هما «قبل الشروق» (1995) و«قبل المغيب» (2004) لكن الحكايات الثلاث (في هذا الفيلم والفيلمين المذكورين) مختلفة تماماً بإستثناء موهبة هوك البادية بنجاح.


*************************
 RED LIGHTS
أضواء حمراء
__________________ـــــــــــــــــــــــــ_____ــ
إخراج: رودريغو كورتيز Rodrigo Cortés
___________________________________
تشويق | الولايات المتحدة | تقييم الناقد: *
توزيع (مستقل): Millennium Entertainment
كتابة: Rodrigo Cortés
إنتاج:  Rodrig Cortés, Adrián Guerra
تصوير (ألوان- دجيتال) : Xavi Giménez
توليف (113 د): Rodrigo Cortés
موسيقا: Victor Reyes
تصميم مناظر: Antón Laguna
______________________________________
تمثيل: Cillian Murphy, Robert De Niro, 
Sigourney Weaver, Elizabeth Olsen
__________________ـــــــــــــــــــــــــ_____ــ
ما ينسجه المخرج كورتيز هنا
هو رؤيته لموضوع لا يخلو من
الأهمية بإستثناء تغيير وجهة
نظره حسبما يعتقد مناسباًً.

إذا كان بعض الناس يجمعون الحصى التي يجدونها على الشواطيء، والبعض الآخر يهوى جمع الدبابيس الملوّنة، فإن روبرت دينيرو يهوى جمع الأدوار الرديئة. طبعاً الفارق بين جمع الحصى وجمع الدبابيس والأدوار الرديئة هو أنها جميعاً مضيعة للوقت، لكن في حين أن أحداً قد لا يلحظ من يجمع مثل تلك الأشياء غير القيّمة، فإن الجميع يلحظ دينيرو عندما يقوم بأداء دور رديء. وهو منذ سنوات دأب على ذلك. بعضها كوميدي ليتل فوكرز») والكثير منها تشويقيقتل مصيب»، «نخبة القاتل»، «ماشيت»). ومهما كانت المبررات الا أنها ليست كافية لتفسير إقباله الشره على هذه الأدوار مع إدراك إنتظار المخرجين الكبار لتحقيق أعمال يجدون له فيها دوراً نوعياً ما عاد رهاناً مجدياً.
هنا، في «ضوء أحمر» يؤدي شخصية قاريء غيب يدّعي العمى يظهر من جديد بعدما احتجب لثلاثين سنة، وظهوره يجعل الدكتور مارغريت (سيغورني ويڤر) غير مرتاحة فهو الوحيد الذي جعلها ترتاب في إيمانها بأن ما يتبدّى للبعض سحراً او روحاً خفيّـة او ظواهر غير طبيعية ما هو الا دجل. في مطلع الفيلم نتعرّف عليها وعلى مساعدها الشاب توم (سيليان مورفي) وهما يلبيان نداءاً: هناك روحاً تزور أهل بيت ويطلبون منها ومن مساعدتها حسن التصرّف حيال تلك الروح وفهم طبيعته. لا شيء من هذا يمر على الدكتورة التي تترك المكان مع مساعدها سريعاً.  في مشهد قريب خلال محاضرة (طويلة) في الجامعة تقول: "إذا أمسكت بالطاولة بقبضة يدك ورفعتها مستخدماً قدمك من الناحية الأخرى بدت الطاولة كما لو كانت ترتفع من جراء نفسها". لكن مثل هذه العبارة ليست علمية بحيث تقنع المرتاب في صحّـتها. وحتى أولئك الذين لا يصدّقون هذه الظواهر، وهم محقّون في ذلك، ينتظرون من "عالمة" ما هو أكثر "علماً". لكن هذا لا يحدث، كما أن المخرج رودريغو كورتز يبقى بعيداً عن معرفة الصواب من الخطأ في محاولته تقديم فيلم "فني" حول هذا الموضوع. الأفدح من ذلك إنه يتبنّى موقف بطلته إلى أن تموت، ثم يتبنّى سواه بعد ذلك.
هدف الدكتورة الآن هو كشف سيمون سيلفر (دي نيرو) وقد عاد للأضواء لكن هذا لن يكون أمراً هيّـناً فالرجل لديه وسائله التي ستجعل الدكتورة فجأة ما تكتشف أن يقينها السابق بأن الخوارق غير الطبيعية هي أساساً غير حقيقية بات مهزوزاً. وبعد أن تموت فجأة سينبري مساعدها لتقديم "معجزاته" والكشف عن أن سيمون/ دي نيرو ليس أعمى، وهو ما كان المشاهد المجرّب قد توقعه على أي حال. ما لا يتوقّـعه المشاهد هو أن تصاب الدكتورة بهزّة عصبية حال تدرك أن سيمون عاد من منفاه. التفسير العلمي الوحيد هو أنها إما أعتقدت أنها محصّـنة ضد نزعة مضادة لما تؤمن به، او أنها شاهدت ما تم تصويره من الفيلم قبل نهاية دورها فأصيبت بإنهيار عصبي.
في مطلق الحالات ما يوفّره الفيلم هو محاولة تشييد فيلم تشويقي لأحداث تتصاعد بالتدريج، لكن كورتيز لا يملك هنا قدرة على سرد جيّـد ولا على تشييد مواقف مصوّرة على نحو مثير.

*************************
 KILLER JOE
جو القاتل
__________________ـــــــــــــــــــــــــ_____ــ
إخراج: وليام فريدكن William Friedkin
_________________________________

تشويق | الولايات المتحدة | تقييم الناقد: *
توزيع (مستقل)LD Entertainment
كتابة: Tracy Letts
إنتاج:  Nicolas Chartier
تصوير (ألوان- دجيتال) : Caleb Deschanel
توليف (103 د): Darrin Navarro
موسيقا: Tyler Bates
تصميم مناظر: Franco-Giacomo Carbone

______________________________________
تمثيل: Matthew McConaughey, Emile Hirsch,
Juno Temple, Thomas Haden Church, Gina
Gershon, Elizabeth Olsen

__________________ـــــــــــــــــــــــــ_____ــ

وليام فريـدكن من رعيـل السبعينات
ووزع اهتمامه بين البوليسـي والرعب
غالباً بنتائج متواضعة. فيلمه الجديد
هو دون ذلك.

في «جو القاتل» هناك رغبة صادقة في إنجاز فيلم جيّـد لكن مشاكل المخرج وليام فريدكن التي منعته من تحقيق ذلك المستوى في معظم أفلامه السابقة لا زالت موجودة. لا يهم أنه يرغب. المهم أنه لا يتقدّم. في أفلامه يُـحاكي المواضيع السوداوية التي يتعرّض إليه بسوداوية مماثلة: العنف بالعنف. الجنس بالجنس والشخصيات النائية في أعماقها الداكنة بشخصيّته التي يفرضها على الجمهور كمخرج يصطاد (ومن أيام «تصعلك» Cruise الذي قام آل باتشينو ببطولته حول تحري يقتل الشاذّين جنسياً) مثل هذه النوعيات من المواضيع.
الحكاية الحالية وضعها ترايسي لَـتس  (عن مسرحيته) وهو الذي كان كتب أيضاً الفيلم المروع «بقّـة» Bug (أيضا لفريدكن) بكل ما في ذلك من هلوسات مشحونة باليأس. 
أحد أبطاله هو ماثيو ماكونوفي الذي، مِـثل آل باتشينو في «تصعلك» تحر بأجندة خاصّـة. ذاك يقتل المثليين وهذا يقتل كل من يُـطلب منه قتله بعدما تحوّل إلى قاتل مأجور بعد الدوام. إميل هيرش هو تاجر مخدّرات فاشل إسمه كريس، خرج من اللعبة لكن اللعبة لم تخرج منه فهو ملاحق من قبل أشرار لدفع دين مستحق. طريقته في توفير المبلغ هي القيام بعملية قتل والضحية ستكون والدته، ذلك لأن هناك ميراثاً يأمل كريس أن ينتهي إلى شقيقته دوتي (جونو تمبل) يستطيع به إنقاذ حياته. لكي تنجح العملية لابد من أن إقناع أبيه (توماس هايدن تشيرش) وهذا لا يأخذ وقتاً، ثم الإتصال بمن سيقوم بالجريمة ومن هو أصلح من ذلك التحري الشرير جو؟ هذا يقبل بدوره، لكنه يشترط أن يعاشر دوتي (التي كانت عذراء قبل أن نعرف مع نهاية الفيلم أنها حبلت منه). زوجة الأب (جينا غيرشون) تهب الظهور عارية (او نصف عارية ما تحت الزنّار في الواقع) بذلك توصم بالبشاعة الخلقية (كما البدنية) والحقيقة أن كل نساء الفيلم قُـصد بهن أن يبدون سيئات. لجانب زوجة الأب الأم (دور صغير تقوم به جوليا أدامز) تستحق الموت (بقرار من الكاتب والفيلم من دون موجبات كافية) والفتاة دوتي هي الفتاة الآيلة إلى السقوط وهي سريعاً ما تجنح حين تبدأ بقتل من بقي من أفراد الأسرة.
إذا كان المخرج يقصد رصد تفكك الأسرة الأميركية فإن عائلة هيرش ليست نموذجاً، لكن رغم ذلك لا يستبعد وجودها: الإبن تاجر مخدّرات. أمّـه سطت على مخدّراته وطردته من البيت. والده (توماس هايدن تشيرش) مغيّب عن وعيه وحين يكون واعياً فهو أسوأ أما زوجته فهي معتادة على الظهور عارية الصدر أمام أي رجل. المشكلة هي أن هذا الإستعراض المكشوف تجارة بواقع محتمل أكثر مما هو بناء عليه. وحين تتطوّر الأحداث صوب نهاياتها سنجد مشاهد عنيفة من باب الواقعية لكن من دون سياج فني يحميها من المجانية ولا بعد كاف لطرح قضيّـة او تحليل للوضع الماثل. 
*************************
ROCK OF AGES
روك العصور
__________________ـــــــــــــــــــــــــ_____ــ
إخراج: أدام شانكمان Adam Shankman
_________________
موسيقي | الولايات المتحدة | تقييم الناقد: *
توزيع: New Line Cinema/ Warner
كتابة: Justin Theroux, Chris D'Arienzo, Allan Loeb
إنتاج:  Jennifer Gibgot, Garrett Grant, Barry Habib,
Carl Levin, Scott Prisand, Adam Shankman, Matt
Weaver
تصوير (ألوان- دجيتال): Bojan Bazelli
توليف (123 د): Emma E. Hickox
موسيقا: Sound Tracks
تصميم مناظر: John Hutman
_____________________
تمثيل:  Alec Baldwin, Tom Cruise, Russell Brand,
Barry Habib, Paul Giamatti, Cathrine Zeta Jones,
Eli Roth 
__________________ـــــــــــــــــــــــــ_____ــ
بالنسبة للبعض، «روك العصور» ترفيه
سهل ومسلٍ. بالنسبة لآخرين هو خلطة
فوزية. عند هذا الناقـد هو فعـل كان
يستطيع العيش من دونه.

كثيرة هي الأسماء المعروفة التي يضعها هذا الفيلم في المقدّمة. توم كروز؟ أليك بولدوين؟ كاثرين زيتا جونز؟ بول جياماتي؟ كل لديه تاريخه وصرحه ومستواه، وكل أقدم على الإلتحاق بهذا الفيلم على أساس أنه إقتباس لمسرحية ناجحة والأرجح أنه سيحقق ذات النجاح حين عرضه على الشاشة. كل واحد من هؤلاء يستطيع الآن، وقد لاحظ إيرادات الفيلم، أن يدرك أن ذلك لم يحدث… وإذ شاهد الفيلم يدرك بأنه تورّط فيما هو واحد من أسوأ أفلام السنة.
ما يفعله المخرج أدام شانكمان في محاولته الحديث عن الأحلام المحقّة لشخصياته في النجومية والنجاح وعن عالم من البهجة التي تحيط بهذه الأحلام هو رش الكثير من الورود الملوّنة عليها كما لو أنه شريك في عملية ترويج لمفهوم مضى عهده وفات زمنه مفاده أن تحقيق الأحلام الكبيرة ما زال ممكناً. كل ما عليك أن تتجاوز كل تلك العقبات الصغيرة التي أمامك وكل تلك المشاغل العابرة وتبادل الناس ابتساماتها وعواطفها و… ستصل بلا ريب.
طبعاً لا أحد يطلب فيلماً يخبرك العكس إذا ما كان الأمر له علاقة بتنفيذ حكاية أسست على مثل هذا المفاد، لكن سواء أكان العمل الفني مع هذه الرسالة او ضدّها فإن عليه أن يبررها ويقنع المشاهد بها كشأن أي رسالة أخرى. شانكمان لا ينثر وروداً فقط، بل لابد اشترى نصف طن من السكّر الأبيض ليرشّه على كل شخصياته وأحداثه رغبة في خلق جو من البهجة التي لا تعرف حدوداً ولو صغيرة من الواقع وحيث أكبر مشكلة لن تستغرق أكثر من مشهدين او ثلاثة وأقل ذلك من الحوارات لحلها.
نحن في لوس أنجيليس في الثمانينات وهناك ناد ليلي لأغاني الروك يملكه أليك بولدوين ويديره معه راسل براند ومستقبل هذا النادي على كف عفريت لأن زوجة المحافظ (زيتا-جونز) مصرّة على أنه يستحق الإغلاق. طبعاً موقفها أخلاقي، لكنه لأنه أخلاقي فإن هذا كاف لأن يتّـخذ الفيلم منها موقفاً معادياً. توم كروز هو المغني (الشاب؟) ستايسي جاكس الذي سينقذ النادي من الإغلاق. جوليان هوف هي المغنية الشابّـة الطموحة التي تنتهي راقصة قبل أن تجد نفسها مطلوبة مرّة أخرى بعدما وفّر لها بول جياماتي حفلة راب خاصّـة، والنهاية- بعد دهاليز قصصية ليس منها ما يبقى طويلاً في البال- ستجمعها مع ستايسي جاكس في حفلة غنائية واحدة.
ربما، تبعاً لحكاية كل ما فيها معد بلا غاية، لكن هل وجوده كاف لإنقاذ الفيلم؟ كما أن الفيلم حط ضعيفاً في قوائم العروض السينمائية هنا وهناك، فإنه يحط دون ذلك فنيّاً وتوم كروز يستطيع أن يتحرّك كمغني، يستطيع أن يغني كمغني، يستطيع أن يمسك المايكروفون على المسرح كمغني… لكنه لا يستطيع أن يمثّـل هذا الدور. يبدو كما لو جاء في آخر لحظة وتركه المخرج يفعل ما يريد لأن المخرج بدوره لا يعرف ما يريد. وهذا منطبق على الباقين بمستويات مختلفة.
أسلوب شانكمان، إذا ما كان يصح إعتباره كذلك، هو الطيران بخفّة الفراشة فوق زهور البستان. لكن فعله يبقى تماثلاً بلا رحيق. فعله كإدارة شخصيات ومواقف يبقى على السطح ليس فقط غير قادر على الغوص بسبب فقدانه الثقافة الفنية لذلك، بل لأن ماء ذلك السطح، على كثرته، ضحل أساساً.
الممثلون محشورون في أدوار إما زاعقة او أقل من أي حضيض بلغه أي منهم سابقاً. في أحد المشاهد المتكررة (أختير أيضاً للتريلر الإعلاني) يقول أليك بولدوين لمن حوله:  "لقد تقيأت" وحين تسأله إمرأة وهي لا تجد أثراً من هذا القيء: "أين؟" يجيبها بهدوء: "في سروالي". إذا ما عمدنا إلى المشهد فهو سفيه وله رائحة، لكن إذا ما كان رمزاً مقصوداً (من حيث لا نعلم بالطبع) فهو بالتأكيد تعبير عن الفيلم بأسرههو أيضاً "تقيأ" في سرواله!.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved ©  Mohammed Rouda 2008- 2012

0 comments: