Frankenweenie | Trouble with the Curve | وحيداً في الصالة


Year 4 | Issue 138
  وحيداً في الصالة  


| عودة الغائب |

كما بات معروفاً لدى المتابعين، أنجز المخرج محمد خان تصوير أوّل يوم من فيلم جديد هو الأول منذ خمس سنوات تحت عنوان "فتاة المصنع". الفيلم من بطولة الممثلة الجديدة ياسمين رئيس التي خلفت إختيار المخرج السابق روبي التي انسحبت بناءاً على تعاقدها على فيلم آخر  يجري تصويره في الوقت ذاته. ليست هناك كلمة حول الموضوع الذي شمّر المخرج الجيّد عن ساعديه ليعمل عليه، لكن هناك معلومات حول توليفته الإنتاجية، فهو من تمويل إماراتي، عبر مؤسسة "سَـند" وأميركي (غلوبال فيلم إنيشاتيف) وألماني GIZ إلى جانب دعم من وزارة الثقافة. التصوير متوقّف الآن بسبب عطلة عيد الأضحى المبارك لكنه سيُستأنف بعد العيد ثم يتوقّف لبضع أيام يسافر فيها المخرج إلى سوق سينمائي يقام في مدينة ثيسالونيكي اليونانية  في مطلع الشهر المقبل.

| عودة غائب آخر |

•  وهناك عودة أخرى منتظرة، هذه المرّة من المخرج الأميركي روبرت زميكيس الذي غاب عن السينما غير الأنيماشن منذ تحقيقه «منبوذ» او Castaway سنة 2000. هذه المرّة حاضر عبر فيلم جديد عنوانه «الطيران» من بطولة دنزل واشنطن. وهو الفيلم الذي اختاره مهرجان نيويورك السينمائي لاختتام دورته الجديدة يوم الأحد الماضي. ردّات الفعل من حينها، وقبل بدء عروضه في الشهر المقبل، مشجّعة وكذلك إحتمالات دخوله سباق الأوسكار. 
هذا الفيلم هو الحي (عكس أنيماشن) الأول كما ذكرت والتوقّعات كثيرة. بعض الغائبين يعودون جيّداً وبعضهم يعود متقهقراً. بالنسبة لزميكيس فإن مشكلة غيابه كانت في توهانه. لقد هرب من النجاح إلى الشرب وأدمن. قبل ثلاثة أشهر كنت في لوس أنجيليس وحضرت مؤتمراً صحافياً للممثل دنزل واشنطن الذي كان صريحاً: "زميكيس تعرّض لوضع صعب ولأزمة نفسية خانقة عانى منها طويلاً. وإذا كان السيناريو الجيد هو واحد من الأسباب الذي من أجلها وافقت على بطولة هذا الفيلم، فإن السبب الثاني المهم هو أنني رحّـبت كثيراً بعودة زميكيس وأردت أن أظهر له ذلك".

| Creature From the Black Lagoon |

•  هناك فيلم آخر بالأبعاد الثلاثة، أي لجانب كل ما تم إنتاجه في السنوات الأخيرة، لا يشبه أي فيلم آخر. في الأسابيع القليلة المقبلة سيتم إطلاق فيلم «مخلوق من البحيرة السوداء» وهو فيلم أخرجه جاك أرنولد سنة 1954 بالأبيض والأسود وبالأبعاد الثلاثة اختارته السينماتيك الأميركية في لوس أنجيليس لأسبوع عرض لعلّـها تثير اهتمام أولئك الذين يعتقدون أن نظام الـ 3D إنما من بنات اليوم. لكن في الأساس هي فرصة لمشاهدة فيلم رائع بات كلاسيكياً هذه الأيام يدور حول رحلة علمية على سطح يخت صغير إلى بحيرة أمازونية صغيرة حيث يترصّد من عليها وحش برمائي. وهو متوفّـر أسطوانات لمن يرغب في البحث والمعرفة.

| جاك أرنولد | 
جاك أرنولد، لمن لا يعرفه كان مخرج أفلام تشويقية في الأساس لكن «مخلوق من البحيرة السوداء» ثم «انتقام المخلوق» (1955) من أبرز سينما الرعب القديم. وهو أيضاً له فيلم رعب جيّد عنوانه «عنكبوت» او Tarantula وحكايته تدور حول عالم يجري أبحاثاً على حشرات وحيوانات وفي أحد الأيام قام مساعده بالتسبب في جعل عنكبوت يكبر بفعل شحنة نووية حتى صار ضخماً يهدد البلدة بكاملها. كنت صغيراً في الستينات حين شاهدت هذا الفيلم، الذي تم إنتاجه في منتصف الخمسينات، وتسمّرت في مكاني. هناك ذلك المشهد الذي يقود فيه شخصان حافلة يوقفانها عند طرف طريق جبلي ليتناولا عشاءاً. من فوقهما، فوق قمّة جبل يخرج العنكبوت. هل كان ذلك صوتي انطلق لتحذيرهما؟ لكنهما لم يسمعاني. ربما الخوف منع صوتي. العنكبوت يهبط الجبل ويهرعان نحو النجاة لكنهما يتأخران عنه. في هذا الفيلم هناك مشهد صغير لكلينت ايستوود كقائد سرية من الطيارين المكلّفين بقصف العنكبوت بالنووي إذا تطلّب الأمر إنقاذاً للبلدة المهددة. Good Stuff

| تارانتينو | 

 «دجانغو بلا قيود» Django Unchained لا يزال في التوليف ليلحق بالموعد المضروب له مع الجمهور في الخامس والعشرين من شهر كانون الأول/ ديسمبر المقبل. وسترن من تحقيق كوينتين تارنتينو مع ليوناردو ديكابريو وسامويل ل. جاكسون وجونا هِـل وكريستوف وولتز ومن الجيل القديم الذي خبر النوع أكثر من مرّة بروس ديرن والإيطالي فرانكو نيرو بالإضافة طبعاً إلى جايمي فوكس في دور «دجانغو» الذي يقول أن الفيلم سوف "يغيّـر مفهوم المشاهدين حول العبودية في أميركا". قبل عروض هذا الفيلم المنتظر هناك فيلمان آخران لتارنتينو سيشهدان عروضاً سينمائية جديدة محدودة هما «كلاب المخزن» الذي أنجزه سنة 1992 و«بالب فيكشن» الذي حققه بعد ذلك بعامين. 
بهذا الفيلم يواصل المخرج المعروف انتقالاته بين الأنواع.
حقق الفيلم البوليسي («كلاب المخزن» و«بالب فيكشن» من بين أخرى) وفيلم التشويق  السبعيناتي («برهان موت») وفيلم الساموراي («أقتل بل») ثم مال إلى الفيلم الحربي («الأنذال غير الجديرين») والآن الوسترن. 

| أركض يا توم أركض | 

هذه الأيام يلتقي فيلم «كلاود أطلس»، بطولة توم هانكس وهالي بيري وجيم برودبنت، مع الجمهور العريض لأول مرّة، وذلك بعد عرض محدود في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي حيث انقسم المشاهدون حوله. وصفته مجلة «ذ هوليوود ريبورتر» بأنه "طموح إلى حد كبير" لكن هذا لا يمنع تفاوت الآراء النقدية حوله. هو أيضاً فيلم من إخراج الألماني توم تايكوَر الذي لا يزال عمله الأول «أركضي لولا أركضي» أكثر لمعاناً من باقي أفلامه اللاحقة وذلك الفيلم كان من إنتاج ألماني محض. المثير فيه حكايته التي تنطلق في عصر الوسترن المبكر (سنة 1849) وتنتقل إلى ثلاثينات القرن العشرين ولاحقاً إلى الزمن الحالي في محاولة لوصف كيف أن لكل فعل رد فعل ولو بعد حين.

أفلام الأسبوع

Trouble with the Curve    ***
المشكلة مع المنحنى  
إيستوود، أدامز، غودمان: "المشكلة مع المنحنى"٠

[في جديده، يكتفي كلينت ايستوود بالتمثيل معبّـراً عما
يجول في حياة رجل مسن يبحث عن فرصة أخيرة]

المخرج
روبرت لورنز Robert Lorenz
أدوار أولى: 
كلينت ايستوود  Clint Eastwood
آمي أدامز  Amy Adams
جون غودمان   John Goodman
إد لوتر  Ed Lauter
روبرت باتريك  Robert Patrick
جوستين تمبرلايك  Justin Timberlake
سيناريو:
راندي براون Randy Brown
تصوير [ألوان- 35 مم]
توم ستيرن  Tom Stern 
توليف [111 د]:
جووَل كوكس  Joel Cox 
غاري روتش  Gary Roach
موسيقا:
ماركو بلترامي   Marco Beltrami
المنتج: 
كلينت إيستوود  Clint Eastwood 
روبرت لورنز     Robert Lorenz
مايكل وايزلر   Michael Weisler 

النوع: دراما إجتماعية | الولايات المتحدة (2012)

من ينتظر فيلماً من كلينت ايستوود يتجاوز به أعماله السابقة، سيجد في «متاعب في المنحنى» خيبة أمل واضحة. الفيلم كتابة وإخراجاً ليس عملاً مبدعاً بل يحمل في الحقلين هناتاً واضحة، لكن إذا ما كان هناك من مواساة فهي في أن ايستوود لم يكتب السيناريو، وهو لم يكتب سيناريو أي من أعماله من قبل أيضاً، ولم يخرج هذا الفيلم كذلك.
آخر مرّة ظهر فيها على الشاشة كانت سنة 2008 حينما لعب بطولة Gran Torino وقبل ذلك بأربع سنوات قام ببطولة Million Dollar Baby. هذا فيلم كل أربع سنوات. لكن من قبل كان يطل في فيلمه كل سنتين كمعدّل. الجامع بين كل هذه الأفلام وصولاً إلى سنة 1993هو أنها جميعاً من إخراجه. هذا ما يجعل «متاعب في المنحنى» أوّل فيلم من بطولته وليس من إخراجه منذ أن قام بدور رجل الأمن المكلّف بحماية الرئيس في فيلم «في خط النار» الذي أخرجه وولفغانغ بيترسون (وهذا بدوره لم يحقق فيلماً منذ سنة 2006).
كون هناك متاعب هذا صحيح، لكن في السيناريو من حيث أنه لا يأتي بجديد فعلي على سطح حكاية حول رجل مسن يمنّي النفس بفرصة أخرى في أكثر من إتجاه، بينها محاولته رصف العلاقة المقطوعة بينه وبين إبنته (آمي أدامز). وهي مقطوعة لأن والدها كان ضحّى بعلاقته الأسرية معها حين ماتت زوجته (أمها) فأودعها عند بعض أقاربه لتحيا بينهم وذلك لكي يتسنى له الإنصراف إلى عمله ككشاف مواهب لاعبي بايسبول. لكنه صعب المراس. يريد فرصة ثانية لكنه لا يعرف التنازل والمحاولة الأولى للقاء والعيش المشترك تكاد تنتهي بفراق سريع. هنا تعرف كل شيء يريد السيناريو توفيره للمشاهد. كل المواقف وكل العواطف وكل النتائج أيضاً، لكن الموضوع أقوى من أن يسقط تماماً تحت وطأة التوقّـعات خصوصاً وأن خطـّه الإنساني يتناول أساساً الحياة الوحيدة لرجل تجاوز سن الشباب ولديه ثلاثة أشهر قبل أن ينتهي عقده مع إحدى فرق البايسبول ولا يدري شيئاً عما سيفعل بعد ذلك.
لقاء الأب بإبنته لا يخلو من مصلحة للطرف الأول، فهو يتوسّـم أنها تستطيع مساعدته في الخروج من مأزقه المهني رغم أنها تعمل محامية وعلى قاب قوسين أو أدنى من تسجيل نجاح كبير في مهنتها. الفيلم لا يوفّر من طرفها تبريراً كبيراً لأن تتوقّـف عن استكمال مساعيها لكي تمضي الوقت مع أبيها.
كما في «غران تورينو» هذه وقفة رجل ضد عصر سواه. والمخرج روب لورنز عمل منتجاً في شركة مالباسو (التي يملكها إيستوود) منذ عقود ويعرف كيف يفضّل ايستوود أفلامه، وكيف يمنحه الحضور المعتاد له من دون ضرورة لتوجيهه في أي شأن. في نهاية أمره، هو فيلم رقيق أكثر منه فيلماً جيّداً. وكل ممثليه (بمن فيهم الممثل ذو الحضور المميّز ونحو 95 فيلماً تحت إبطه زاولها من مطلع السبعينات إد لوتر) جيّدون وفي تناغم في مستويات أدائهم ولو أن الفيلم في نهايته يتمحور حول ذلك الرجل الذي لا يزال يعبّـر عن جيله من دون توقّف.


Frankenweenie    ***
فرانكنويني 

[يعلن «فرنكنويني» لمتابعي أفلام تيم بيرتون بأن هذا
المخرج لا يزال قادراً على العطاء، لكن التجديد أمر آخر]

المخرج
تيم بيرتون Tim Burton
أدوار أولى: 
كاثرين أوهارا  Catherine O'Hara
مارتن شورت  Martin Short
مارتن لانداو   Martin Landou
وينونا رايدر  Winona Ryder
كريستوفر لي  Christopher Lee
سيناريو:
جون أوغست John August
تصوير [ألوان- دجيتال]
بيتر سورغ  Peter Sorg 
توليف [85 د]:
كريس ليبنزون  Chris Lebenzon 
مارك سولومون  Mark Solomon
موسيقا:
داني إلفمان   Danny Elfman
المنتج: 
أليسون أبات  Allison Abbate 
تيم بيرتون     Tim Burton

النوع: أنيماشن | الولايات المتحدة (2012)

خمسة من أفلام تيم بيرتون من العام 2000 هي إما إعادة صنع لفيلم سابق ("تشارلي ومصنع الشوكولا" و«تود سويني» و«أليس في أرض العجائب") او استيحاءاً من عمل تلفزيوني ظلال داكنة»). فيلمه الجديد هذا فيه نقاط عدّة مختلفة: أولاً هو مأخوذ عن فيلم من نصف ساعة كان حققه لحساب شركة ديزني سنة 1984 وقام هنا بتوسيعه. ثانياً: أنه أول فيلم أسود وأبيض بالأبعاد الثلاثة منذ أن أقتحم "أڤاتار" هذا النظام وأقحم السينما به (وليس أول فيلم أسود وأبيض في التاريخ لأن الخمسينات شهدت عدداً منها)، وثالثاً: هذا الفيلم خال من جوني دب!
حكاية «فرانكنويني» فيها عنصر عاطفي آسر حول علاقة صبي بكلبه وذلك من بعد أن يؤسس المخرج للمكان: ضاحية رشيقة ونظيفة وبلا روح تذكّرك بتلك التي استخدمها قبل إثني عشر سنة عندما حقق «إدوارد سيزرهاندز». ڤكتور فرانكنستاين (صوت تشارلي تاهان) صبي صغير يمضي وقته في غرفته الصغيرة ينجز أفلام كرتون على الكومبيوتر من بطولة كلبه المحبب سباركي. هذا لا يجلب المسرّة لوالديه (كاثرين أو هارا ومارتن شورت) اللذان يخشيان أن يؤدي إنطواءه إلى أن يصبح غريب السلوك. حين يستجيب ڤكتور لرغبة والديه يخسر كلبه. لقد انضم لفريق كرة وحين قفزت الكرة إلى وسط الشارع ركض كلبه وراءها فدهسته سيارة. حزن ڤكتور بليغ لكن بصيص الأمل يحدوه لحل عندما يقوم أستاذه ريزبروسكي (مارتن لانداو) بإجراء تجربة إلكترونية على ضفدعة ميّتة فيبث فيها الحياة. هذا ما سيقوم به ڤكتور على أمل إعادة الحياة إلى كلبه، وهذا ما يحدث. 
عند نهاية هذا التأسيس يجد المشاهد نفسه وهو ينظر إلى فراغ في لب الحكاية. لا يفتر الإهتمام بالمشاهد من حيث تصميمها ورسمها بأسلوب ستوب- موشن أنيماشن (لاحظ التعريف أدناه) كما من حيث إدخال مخلوقات عدّة لإشغال المساحة المتأتية من "نفخ" قصّـة حققها المخرج في نصف ساعة إلى فيلم من ساعة ونصف. طبعاً يحاول ڤيكتور إخفاء حقيقة أن كلبه لا يزال حيّـاً، وهذا لا يستنفذ طاقته بقدر ما يستنفذ طاقة المشاهد الذي يدرك أن الصبي سوف لن يستطع إبقاء سرّه محفوظاً في غرفته الصغيرة. 
بيرتون هنا إذ لا يزال يوظّـف خياله جيّداً الا أنه في الوقت ذاته لا يوفّر جديداً فوق شخصياته وفوق ما هو متوقّع منه. بذلك يتقلّـص فحوى "الحدث" في أعماله ويفتر الإهتمام الإبداعي منها وحيالها. الفيلم بطبيعة الحال داكناً وبريئاً لكن هذا الناقد أحب من بين أعماله الأنيماشن السابقة "9" (الذي اكتفى بإنتاجه سنة 2009 لكنه حمل بصمته جيّداً). وهو فيلم لم يكترث له حينها أحد بالقدر الكافي.

Stop- Motion Animation
على عكس الأنيماشن الدارج الذي يؤلّف باستخدام برامج الكومبيوتر، يتّبع هذا الأسلوب نظام صنع دمى كاملة (طول وعرض وعمق) وتحريكها وتصوير كل حركة بمفردها مهما كانت صغيرة قبل جمع ما تم تصويره في غرفة المونتاج ما يجعلها تبدو كما لو كانت تتحرّك من تلقاء نفسها. إنه هو النظام ذاته الذي تم إستخدامه لتحريك الوحش في «كينغ كونغ» سنة 1933

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2012
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

| Holy Motors | Premium Rush | Hotel Transylvania | Barbara | كمالو أننا نمسك بالكوبرا


 عدد جديد رائع... خلال ساعات


Year 4 | Issue 137
  وحيداً في الصالة  

  | خارق للعادة |

•  لم يكن أحد يتوقع لفيلم مجهول عنوانه «نشاطات خارقة للعادة» Paranormal Activities النجاح الذي أنجزه سنة 2007. لكن فيلم الرعب المصنوع كما لو كان مصوّراً بكاميرا فيديو يمسكها هواة وكأشرطة كاميرات خفية وفي غرف وأقبية مظلمة ومن دون أسماء ولو نصف معروفة، أنجز 183 مليون دولار منها 71 مليون في "الويك إند" الأميركي الأول له… هل نصدّق إذاً أن ميزانيّته لم تتجاوز الـ 15 ألف دولار كما يقول مخرجه وأحد منتجيه أورن بَـلي؟ طبعاً كان من الطبيعي أن يلد الفيلم سلسلة تألّفت مع إطلاق الجزء الجديد حالياً أربعة أجزاء او "أغصان" كون ثالث هذه الأفلام (2010) عاد بمشاهديه إلى أحداث تقع قبل حكاية الفيلم الأول. أما الفيلم الرابع من السلسلة فيعود إلى مواقع الفيلم الأول رغم ذلك يقول أحد مخرجيه وهو هنري جوست "إنه ليس إعادة صنع". بات الأمر يحتاج إلى كتيّب يوزّع لجانب كل فيلم يشرح لمشاهديه المحتملين في أي مكان وزمان تقع أحداثه وما علاقة كل حدث بالآخر.

  | مع مكغينلي في القاهرة |

•  معظم الناس تعيش ضمن القانون وليس خارجه وهي بالكاد تستطيع أن تقتل ذبابة فما البال ببشر. لذلك يقبل الناس على أفلام الرعب والجريمة والمغامرات الخارقة للعادة تنفيساً عن الحاجة لمن ينتقم لهم من كل شيء. وإذا كان الفيلم السابق «نشاطات خارقة للعادة- هو أحدها مع تأكيد على الجانب المخيف والمرعب من الحياة، فإن الفيلم الجديد الآخر «أليكس كروس» المنطلق هذا الأسبوع يدور حول مجرم واحد يصطاد ضحاياه وشرطي يحاول إيقافه ثم مشاهدون يحاولون الوقوف على الحياد خوفاً من التدخّـل بين "البطل" و"المجرم"

أحد ممثلي هذا الفيلم نيويوركي موهوب (ولو من دون شهرة) أسمه جون س. مكغينلي ألتقيته في مهرجان القاهرة مطلع العقد الماضي حينما جاء لكي يقدم فيلماً كوميدياً اشترك بتمثيله بعنوان «سرقة هارفارد». لجانب كونه ممثل جيّد يصلح للكوميديا وللدراما بكل تدرّجاتهما هو إنسان طيّب كان مستعداً آنذاك، كما قال لي، الإشتراك في تمثيل أي فيلم في أي مكان: "أعرض وسترى". توجّـهت معه إلى قاعة جامعية حيث كان من المفترض أن يقام له مؤتمر صحافي. وصلنا في الوقت المعيّن لنجد القاعة خاوية تماماً. لم نكن نعلم أن المؤتمر تأخر ساعة كاملة، فانفردت، وأنا الذي قلّما أحضر مؤتمرات صحافية، بكل الأسئلة من دون أن يبدو عليه أي حرج. حين انتهينا بعد نصف ساعة وقررنا الخروج كان بدأ وصول الراغبين في حضور المؤتمر الذين كانوا على علم بالموعد الجديد. نظر إليّ فأخبرته أن عليّ الآن الذهاب وعليه أن يستقبل أسئلة من سواي.

  | 80%  صح |

•  جوزف غوردون- ليفيت هو بطل أكشن جديد منذ أن لعب دوره البارع في فيلم كريستوفر نولان «إستهلال» ونشاهده حالياً في «اندفاع المكافأة» او Premium Rush يركب دراجة هوائية معرّضاً حياته للخطر في سبيل إيصال مغلّف إلى الجهة المكلّف بها (إقرأ النقد أدناه). لكن في الوقت الذي يتيح لنا غوردون-ليفيت التفرّج على مهارته في ركوب الدراجة (ولو بمساعدة الكومبيوتر غرافيكس لإتمام أجواء الخطر) ينطلق فيلمه الجديد «لوبر» Looper ليقدّمه في مغامرة خيال علمية تقع أحداثها في العام 2044 ودرجة قبول الفيلم بين النقاد وصلت إلى 80 بالمئة وهو رقم جيّد خصوصاً لمخرج غير معروف هو رايان جونسون.


 في الصالات  

Premium Rush ***
مكافأة إندفاع

 • حبكة ماهرة ومعالجة مثيرة وكل شيء 
غير قابل للتصديق.



 الولايات المتحدة2012   | إخراج: ديفيد كووَب David Koep  |  أكشن على دراجة

 • ليس معروفاً الآن أي من أفلام الكوميدي الصامت باستر كيتون (في العقد الثاني من القرن الماضي) هو الذي نراه فيه يركب دراجة منطلقة فوق شوارع المدينة من دون أن يكون قادراً على السيطرة عليها. لقد كان راكبها الثاني، سقط الأول قبل أن يتمكن من الدراجة بنفسه. وجد نفسه معصوب العينين. المكبح لا يعمل لإيقاف الدراجة الهوائية المنطلقة. السيارات تمر به من كل جانب ثم هناك تلك الهضبة التي تنتهي عند حافّة تشرف مباشرة على الطريق السريع المزدحم بالسيارات ومن دون مكابح سوف تسقط الدرّاجة إلى الطريق لا محالة. لكن فجأة هناك حافلة ركاب كبيرة وعالية تمر في اللحظة ذاتها التي وصلت فيه دراجة كيتون إلى الحافة وحافلة أخرى من نفس النوع آتية من الإتجاه المعاكس. دراجة كيتون تترك الأرض إلى ظهر الحافلة الأولى فظهر الحافلة الثانية ثم إلى الأرض من الناحية الثانية وبذلك ينجو كيتون من مشروع موت محتم. 
أذكـّر القراء أنه يومها لم تكن هناك إمكانية تصوير خدعة بصرية من هذا النوع، ولا مؤثرات خاصّة تجعلنا نعتقد أن ما نراه هو صحيح…. كان صحيحاً بالفعل. هذا على عكس فيلم ديفيد كووَب الجديد «سرعة أساسية» حيث تتدخل المؤثرات على نحو أو آخر أكثر من مرّة في حكاية تقوم كلّـها على مخاطر منشأها ركوب درّاجة هوائية بسرعة فائقة لإيصال مغلّف صغير إلى عنوان معيّـن… ونعم… الدراجة التي يركبها ويلي، بطل الفيلم (جوزف غوردون-ليفيت) لا مكابح لها أيضاً، ولو أن ذلك لا يبدو مشكلة بالنسبة لراكبها.
ويلي هو "بوسطجي" على دراجة يلبّي طلبات الزبائن مع رفاقه في العمل. يعرّفنا الفيلم في البداية مشقات عمله. عليه كحامل رسائل الوصول إلى العنوان المخصص في أسرع وقت ممكن، والسرعة شرط رئيسي في هذا العمل لذلك يعمل العقل كموتور وقائي طوال الوقت. يبحث عن مخرج من مفاجآت الطريق ومخاطر السرعة وعن احتمالات النجاة إذا ما وصل إلى مفترق طرق ولا يريد التوقّف عند إشارة السير. يقود درّاجته، تبعاً لذلك، كيفما شاء: على الرصيف، في الإتجاه المعاكس للسير، بلا إكتراث للقوانين… كله مسموح عنده في سبيل الوصول بالأمانة إلى العنوان المنشود. مهاجرة صينية (جامي تشانغ)  تتصل بمكتب الشركة التي يعمل لها وتطلب إرسال حامل رسائل إليها لتسليمه غرضاً لإيصاله بعد ساعة ونصف. ينبري ويلي لهذه الغاية لكن ما أن يأخذ المغلّـف حتى يتقدّم منه شرطي (مايكل شانون) يعرّف نفسه بأكرمان ويطلب استرداد المغلّف، لكن ويلي يرفض وينطلق والتحري في أعقابه: هذا يفسر المطاردة الأولى التي تمتد لعدّة مطاردات قبل أن يصل الفيلم إلى نهاية المطاف في الوقت المناسب. المغلّف يحتوي على وصل لمبلغ دفعته المهاجرة ثمناً لدخول لإبنتها الصغيرة مرفأ نيويورك. 
الحقيقة أن أي نيويوركي سيخبرك أن المهاجرة الصينية كانت تستطيع الوصول إلى ذات النقطة في نحو ساعة إذا ما تركت جامعة كولمبيا حيث تعمل وركبت القطار من المحطة القريبة ثم سارت لنحو عشر دقائق صوب المكان الذي تريد الوصول إليه. لكن سوف لن يكون لدينا فيلم نراه لو فعلت ذلك. ما يزعج ليس هنا، بل في تركيبة ساذجة فحواها هذا التحري الكاريكاتوري الذي، يعرّفنا الفيلم في مشاهد منفصلة، كان قتل صينياً في نادي قمار وهو مطالب بإسترداد المغلّف والا سوف يتم قتله. هذه المشاهد ليست فلاشباك ولا فلاشفوروورد، بل غصون جانبية تظهر لتوقف حركة الفيلم وتعرض خلفيات يظن المخرج كووَب أنها مبتكرة. على ذلك يبقى الفيلم مثيراً طوال عرضه وخفيف الأهمية أيضاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Hotel Transylvania *
فندق ترانسلفانيا

 •  كل مخلوقات السينما المتوحّشة في 
فيلم لا يسجل سبباً واحداً لوجوده.



 الولايات المتحدة2012  | إخراج: جندي تارتاكوفسكي  Genndy Tartakovsky | أنيماشن كوميدي والفيلم الأول لمخرجه

 • ربما هي تفصيلة غير مهمّـة هذه الأيام لكن «فندق ترانسلفانيا» ليس مثيراً كحبكة ولا نافعاً كفن كرتوني ولا جاذباً كشخصيات ولا يحتوي على عنصر مهم كان سابقاً ما يبرر وجوده في سوق السينما وهو براءة المضمون من الرغبة في بث مفاهيم إجتماعية يمكن لها أن تؤثر سلباً على الأولاد والصغار.
ما هو عليه هو التالي: دراكولا (صوت أدام ساندلر) يعيش في منزله الكبير مع إبنته مافيز (سيلينا غوميز) ولديه مشكلة فهو لا يريدها الخروج من البيت مهما كانت الظروف. نتعرّف عليها طفلة يتقدّم منها فتخاف وتبكي لكنه سريعاً ما يجعلها تضحك في واحد من تلك المشاهد التي تريد الوصول إلى عكس ما تبدأ به من باب الإدهاش او المنوال المفاجيء. تتوقّـع أن يكون هذا بداية سلسلة من المشاهد المتكوّنة من ظاهر يكشف عن باطن مختلف وتوقّـعك سيكون محقّـاً. كل ذلك يدخل من باب الكليشيهات المعتمدة والمتكاثرة في عمل يخلو من جديد او من المتجدد. حين تكبر مافيز فتبلغ 118 سنة (ليس هناك خطأ مطبعياً هنا) يصبح على دراكولا أن يواجه الحقيقة المرّة. إنه يلوم العالم الخارجي (عالم البشر) معتبراً إياه السبب في قتل زوجته لكنها مصرّة. في هذا الوقت يقيم دراكولا حفلة عيد ميلاد في الفندق الذي افتتحه لكل الشخصيات المخيفة او المشوّهة والوحوش التي مرّت على شاشات السينما الفانتازية من مخلوق فرانكنستاين (يطلق عليه الفيلم خطأ فرانكنستاين بينما الإسم هو للطبيب الذي ابتدعه) إلى وحش الياتي والرجل الذئب وشخصيات أخرى لا كنه لها. ولا واحد منها على نحو مخيف، فالفيلم، حتى لا ننسى، ليس فيلم رعب بل فيلم كوميدي. لكن مع عدم وجود ما هو مضحك او كوميدي او هازل فيه يبدو للعين مثل مسبح جفّت ماءه. 
في قلب ذلك قصّة حب من النظرة الأولى بين مافيز وطاريء من البشر (أندي سامبرغ) من المفترض بها أن تعني شيئاً لكنها بدورها تدخل في سلسلة كليشيهات لمخرج ولاءه الأول تأمين نجاح يتّفق عليه الجميع. بالتالي، لا قيمة لـ"فن" الأنيماشن بحد ذاته. الحفلة المشار إليها أعلاه خير مثال، فعشرات الشخصيات تدخل وتخرج وبعضها يعاود الظهور من دون فعل او ضرورة. تقديمها هو تسجيل وجود وكناية عن الرغبة في إحتواء العدد وليس النوعية. 
مر الفيلم بسنوات من الكتابة والتحضير قبل أن ينجلي عن شيء قريب من الفيلم وليس فيلماً. خطّة ولا من عمل. هناك الكثير من أدام ساندلر صوتاً (رغم أن شكله مرسوم كشخصية بيلا لاغوسي) وهو لا يكتفي بنفسه بل يضمن، كونه منتجاً، أدواراً لممثلين آخرين من العائلة (سادي ساندلر وجاكي ساندلر وجوديث ساندلر وصني ساندلر)….

 عرض خاص

Barbara ***
باربرا 

 •   ليس كل من سار على خطى «حياة
الآخرين» وصل


 ألمانيا2012  | إخراج: كرستيان بتزولد Christian Petzold| دراما عاطفية على خلفية تاريخية قريبة

• من المحتمل جدّاً أن يصل الفيلم الألماني «باربرا» إلى الترشيحات الرسمية لمسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي التي ستعلن تفاصيلها في العاشر من الشهر الأول من العام المقبل. وذلك لتمتع الفيلم بقدر كبير من الفن والرقّة في معالجته لقصّـة عاطفية تقع أحداثها خلال الحقبة الشيوعية في ألمانيا الشرقية.
نتعرّف هنا على باربرا (كما تقوم بها نينا هوس) الطبيبة في بلدة صغيرة تعيش وحدها وتعمل في العيادة القريبة حيث يتحاشى التعامل معها العديد من رفاقها في العمل فالفيلم يقترح أنها كانت تعيش في برلين (الشرقية) إلى أن أبعدتها السلطات إلى هذا المكان عقاباً لها على موقف لا يوضحه الفيلم لكن لابد أنه متّـصل بمعارضها للنظام او تعاملها معه على نحو أعتبر سلبياً وغير وطني. 
لكن في حين أنها تعامل هذا الوضع ببرود مقصود إلا أنها تظهر حناناً كبيراِ حيال مرضاها. ونرى ذلك مجسداً على الأخص حين تطالعها حالة مريضة شابّـة (ياسنا فريتزي باور)  في حالة عصبية شديدة تجعل التعامل معها صعب. لكن باربرا تنجح في الوصول إلى نفسيّتها المعقدّة وتمنحها الرعاية الصحيحة ما يجعل الفتاة تطمئن لها وحدها.  في أحد الأيام، وفي مشهد روعي تصويره على نحو كبير، تفاجأ باربرا بأن العيادة أرسلت وراء سيارة إسعاف تابعة لمصحّـة نفسية لكي تنقل المريضة إليها. تحاول باربرا منع ذلك لكنها في النهاية تقف عاجزة عن فعل أي شيء  حيال ما تجده تعسّـفاً قاسياً.
خروج الفتاة من الصورة يمنح الفيلم الوقت المطلوب لكي يتابع الجانب الأهم من حياة بطلته، فهي تخطط سرّاً للهرب إلى ألمانيا الغربية لملاقاة حبيبها والعيش معه. لكن كل ما حولها يوحي بالخطر والرهبة ما يجعل المشاهد يتساءل عما إذا كانت ستنجح في تنفيذ هذه الرغبة. 
إلى ذلك هناك طبيباً (رونالد زرفلد) يحاول بحسن نيّة تأسيس علاقة عاطفية بينهما غير مدرك ما يجول في بال باربرا وموقفها حياله لا يخلو أيضاً من التعقيد فهي تعتبره صديقاً وتجهد في سبيل إبقاء العلاقة ضمن ذلك الإطار.
 الحبكة جيّدة والتنفيذ محكم في معظم مشاهد هذا العمل ولو أن البرودة تتسرّب إلى أوصاله. أقرب الأفلام التي يذكّـرنا هذا الفيلم بها «حياة الآخرين» [فلوريان هنكل فون دونرسمارك- 2007]. تصوير ناعم التكوين من هانكس فروم والمخرج يوظّـف ذلك لتصوير بطلته بين مروج المنطقة الريفية التي تعيش فيها تنتقل على دراجتها الهوائية. إنها مشاهد مؤسسة لتوحي أيضاً بأنها قد لا تكون وحيدة. هي ذاتها تنظر حولها كثيراً متوقّعة أن تكون مراقبة من قِـبل رجال المخابرات


 إختيار الناقد 

Holy Motors ****
"هولي موتورز" 

 •  يستعير المخرج من السينما ويعيد 
صياغة ما يريد بتوقيعه الخاص. 


 فرنسا2012 | إخراج: ليوس كاراكس Leos Carax | دراما/ كوميديا/ سوريالي وكل شيء آخر.

• مثل ستانلي كوبريك وترنس مالك حتى وقت قريب، فإن المخرج الفرنسي  ليوس كاراكس (51 سنة) مقل في أعماله: خمسة أفلام في 28 سنة. وجديده هو الأول منذ أن حقق «بولا قبل ثلاثة عشر عاماً. كل أفلامه هي عن رجال كانوا قرروا العيش خارج المجتمع عوض الإنتماء إليه. وبطله هنا أوسكار (دنيس لافان) لا يشذ عن هذه القاعدة بل يتطرّف داخلها. إنه رجل يجول ليلاً في سيّارة ليموزين بيضاء تأخذه في مهام مناطة به وحده. تتوقّف عند عناوين معيّنة (غالباً) وفي كل منها هناك مهمّـة يريد تأديتها بشخصية جديدة تحمل قناع وجه (من المساحيق كما من الأقنعة الحقيقية أحياناً) كما تحمل. سائق الليموزين هو إمرأة (إديث سكوب) وهي تكتفي بنقل هذا الرجل من دون أن تشترك فيما يقوم به. عند كل محطّـة ينطلق أوسكار بشخصية جديدة لغاية محددة. فهو شحّـاذ في ثياب إمرأة عجوز هنا ولاعب أكروبات ومشاهد خطر سينمائية هناك، ومجنون يعيش في مجاري تحت الأرض في شخصية ثالثة ورجل أعمال في جزء رابع ثم رجل عجوز على حافّـة الموت الخ...
كاراكس سبق له وأن صوّر تعساء الحياة الباربسية في فيلمه «عشاق الجسر» (1991) او كما أسمه الأصلي Les Amants du pont-Neuf عارضاً هناك نماذج لشخصيات تعيش بلا مأوى وأخرى تعرج كما حال أحد الأجزاء الأولى في هذا الفيلم أيضاً.
بقدر ما يأخذ «هولي موتورز» شكلاً سوريالياً، بقدر ما هو مدروس في منحى عمله ومن مدارس مختلفة. فيه تحيات يوزّعها الفيلم على غودار وبونويل وكوكتو وفويلاد وسواهم. يذهب إلى استخلاص دانتي حين يبدأ الفيلم بنهوض أوسكار من نومه والتوجّـه إلى جدار في الغرفة عليه صورة لغابة. يمد أوسكار يده على سعة الجدار كما يبحث عن شيء ثم يجده فإذا به ينتقل إلى الغاية ذاتها ومنها يلج إلى صالة سينما. هذا المشهد شبيه (وعن قصد) بمشهد نفّذه جان كوكتو في فيلمه الكلاسيكي «دم الشاعر» (1930) حين ينفذ رجل استيقظ من نومه في غرفته الصغيرة إلى عالم آخر عبر المرآة المعلّـقة على جدار غرفته. 
غاية كراكس من الفيلم، إلى حد بعيد، هي رفع القبّـعة تحيّـة لكل من سبقوه في مضمار السينما. وهذا ينطلي على شخصياته، فأوسكار هو لون تشاني على تشابلن كما آخرين من صميم السينما الفرنسية. وحين يلتقي بطله بصديقة قديمه (تؤديها كايلي مينوك) نرى المخرج قد قـصّ شعرها على طريقة جين سيبرغ كما ظهر في فيلم جان-لوك غودار «نفس مقطوع-1960) وترتدي معطفاً بالطريقة التي ارتدت فيها كاثرين دينوف معطفها في «مظلات شيربورغ» [جاك ديماي- 1964]. وهذا منوال خطر بحد ذاته قد ينتج عنه، لو لم يصب المخرج هنا نقاط أهدافه ولو لم يضع كل ما نراه في قالب سوريالي جيّـد، مجرد صور نوستالجية لا تعني الكثير.


 تسجيلي

كما لو أننا نمسك بالكوبرا **

 •   تتكاثف الكلمات نثراً وشعراً  لكن الفيلم 
يبقى صوتاً ولا يتحوّل إلى سينما.


 فرنسا2012 | إخراج: هالة العبدالله | تسجيلي عن رسامي الكاريكاتور والوضع السوري

• فيلم المخرجة السورية هالة العبدالله الجديد «كما لو أننا نمسك بكوبرا» بدأ قبل عدّة سنوات كعمل عن رسامي الكاريكاتير في مصر لمقارنة وضع فن الكاريكاتور بما سبق وبما تلا أحداث يناير 2011. في مكان ما من عقل المخرجة نبتت فكرة ضم رسّـامي كاريكاتور سوريين للحديث عن تجربتهم في هذا الظرف العصيب الذي تمر به سوريا. لكن ما في البال لم يترجم جيّداً على الشريط الذي انتهت إليه تحت عنوان جذب أولاداً صغاراً إلى الصالة معتقدين أنهم أمام فيلم من إنتاج "ديسكفري تشانل".  المفترض أن يؤدي هذا الجمع إلى ثراء ومعالجة صارخة تحتفي بفن الكاريكاتور ورسالاته، لكن ما حدث تبعاً لهذا الدمج جاء مختلفاً إذ تبلور الفيلم عن ساعتين من الحديث المسترسل في معالجة لحالة استرخاء عقلي دامغة. ساعتان مسهبتان لا يتوقّـف الحديث فيه عن موضوع واحد حتى يتم إعادة ما تم الحديث فيه بكلمات أخرى.  
تعرض المخرجة لإنجازات الفنان علي فرزات الذي يتحدّث إلى الكاميرا راوياً بعد الحكايات الطريفة التي حدثت بينه وبين رؤساء التحرير او مسؤولين اعتبروا أن رسوماته لاذعة. يضحك ويمزح ولاحقاً ما نعلم أنه قبض عليه وضُـرب وتعرضت أصابعه للكسر. المقابلة التي أجرتها المخرجة معه تمّـت على الأرجح قبل المعارك الدائرة كونها لا تستطيع الآن العودة لوطنها، وهي أكثر مناطق الفيلم مرحاً بسبب شخصية الفنان المذكور. لكن ما تبقّـى يمر مثل دبابة ثقيلة وبطيئة 
هذا مؤسف، لأن الموضوع يستحق فيلماً ولأن النيّة وراء استعراض العلاقة بين الحاكم والفن الكاريكاتوري بحد ذاتها جيّـدة. لكن الجمع توليفياً (كمادة وكمونتاج) لم ينجح. والأسلوب الأدبي الذي تتكاثف فيه الكلمات شعراً ونثراً يبقى صوتاً لا يتحوّل إلى سينما. الكاميرا تلصق طويلاً أمام كل شخصية وتختلف النبرة بين مواقف لسوريين يتحدّثون عن تجاربهم وآرائهم حول ما آلت إليه سوريا اليوم، وبين رسامين مصريين يبحثون أساساً في معانى أعمالهم. المشاهد الخاصّـة بالرسّـام الكبير الراحل مصطفى لبّـاد موحية لكنها بدورها تبدو مقتطفات لا تصل إلى نتيجة كاملة ولا تتواصل فيما بينها.
في الوقت ذاته فإن قرار المخرجة تغييب الأسماء عن الشخصيات الماثلة أمامها في حواراتها مسيء للفيلم على نحو شديد. إثنان من نحو عشرة شخصيات تتم محاورتها معروفان (ولو للبعض) هما فرزات واللبّاد. الباقون يظهرون بلا أسماء وعليك أن تنتظر حتى نهاية الفيلم لتقرأ الأسماء فتتطالعك مشكلة أخرى: من هو صاحب هذا الإسم من بين الشخصات؟ 
مصرياً يأتي الفيلم أقل أهمية مما ينبغي. سورياً فإن إقحام الفكرة في أتون السياسة كان يتطلّب عملاً مختلفاً.
تمويل الفيلم فرنسياً مع مساعدة إماراتية لكنه قدّم في مهرجان أبوظبي كفيلم سوري أيضاً، لكن حقيقة أن مخرج فيلم ما يحمل هوية بلد معيّن لا يجعل الفيلم ينتمي إلى ذلك البلد.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2012
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ