عدد جديد رائع... خلال ساعات
Year 4 | Issue 137
وحيداً في الصالة
| خارق للعادة |
• لم يكن أحد يتوقع لفيلم مجهول عنوانه «نشاطات خارقة للعادة» Paranormal Activities النجاح الذي أنجزه سنة 2007. لكن فيلم الرعب المصنوع كما لو كان مصوّراً بكاميرا فيديو يمسكها هواة وكأشرطة كاميرات خفية وفي غرف وأقبية مظلمة ومن دون أسماء ولو نصف معروفة، أنجز 183 مليون دولار منها 71 مليون في "الويك إند" الأميركي الأول له… هل نصدّق إذاً أن ميزانيّته لم تتجاوز الـ 15 ألف دولار كما يقول مخرجه وأحد منتجيه أورن بَـلي؟ طبعاً كان من الطبيعي أن يلد الفيلم سلسلة تألّفت مع إطلاق الجزء الجديد حالياً أربعة أجزاء او "أغصان" كون ثالث هذه الأفلام (2010) عاد بمشاهديه إلى أحداث تقع قبل حكاية الفيلم الأول. أما الفيلم الرابع من السلسلة فيعود إلى مواقع الفيلم الأول رغم ذلك يقول أحد مخرجيه وهو هنري جوست "إنه ليس إعادة صنع". بات الأمر يحتاج إلى كتيّب يوزّع لجانب كل فيلم يشرح لمشاهديه المحتملين في أي مكان وزمان تقع أحداثه وما علاقة كل حدث بالآخر.
| مع مكغينلي في القاهرة |
• معظم الناس تعيش ضمن القانون وليس خارجه وهي بالكاد تستطيع أن تقتل ذبابة فما البال ببشر. لذلك يقبل الناس على أفلام الرعب والجريمة والمغامرات الخارقة للعادة تنفيساً عن الحاجة لمن ينتقم لهم من كل شيء. وإذا كان الفيلم السابق «نشاطات خارقة للعادة- 4» هو أحدها مع تأكيد على الجانب المخيف والمرعب من الحياة، فإن الفيلم الجديد الآخر «أليكس كروس» المنطلق هذا الأسبوع يدور حول مجرم واحد يصطاد ضحاياه وشرطي يحاول إيقافه ثم مشاهدون يحاولون الوقوف على الحياد خوفاً من التدخّـل بين "البطل" و"المجرم".
أحد ممثلي هذا الفيلم نيويوركي موهوب (ولو من دون شهرة) أسمه جون س. مكغينلي ألتقيته في مهرجان القاهرة مطلع العقد الماضي حينما جاء لكي يقدم فيلماً كوميدياً اشترك بتمثيله بعنوان «سرقة هارفارد». لجانب كونه ممثل جيّد يصلح للكوميديا وللدراما بكل تدرّجاتهما هو إنسان طيّب كان مستعداً آنذاك، كما قال لي، الإشتراك في تمثيل أي فيلم في أي مكان: "أعرض وسترى". توجّـهت معه إلى قاعة جامعية حيث كان من المفترض أن يقام له مؤتمر صحافي. وصلنا في الوقت المعيّن لنجد القاعة خاوية تماماً. لم نكن نعلم أن المؤتمر تأخر ساعة كاملة، فانفردت، وأنا الذي قلّما أحضر مؤتمرات صحافية، بكل الأسئلة من دون أن يبدو عليه أي حرج. حين انتهينا بعد نصف ساعة وقررنا الخروج كان بدأ وصول الراغبين في حضور المؤتمر الذين كانوا على علم بالموعد الجديد. نظر إليّ فأخبرته أن عليّ الآن الذهاب وعليه أن يستقبل أسئلة من سواي.
| 80% صح |
• جوزف غوردون- ليفيت هو بطل أكشن جديد منذ أن لعب دوره البارع في فيلم كريستوفر نولان «إستهلال» ونشاهده حالياً في «اندفاع المكافأة» او Premium Rush يركب دراجة هوائية معرّضاً حياته للخطر في سبيل إيصال مغلّف إلى الجهة المكلّف بها (إقرأ النقد أدناه). لكن في الوقت الذي يتيح لنا غوردون-ليفيت التفرّج على مهارته في ركوب الدراجة (ولو بمساعدة الكومبيوتر غرافيكس لإتمام أجواء الخطر) ينطلق فيلمه الجديد «لوبر» Looper ليقدّمه في مغامرة خيال علمية تقع أحداثها في العام 2044 ودرجة قبول الفيلم بين النقاد وصلت إلى 80 بالمئة وهو رقم جيّد خصوصاً لمخرج غير معروف هو رايان جونسون.
في الصالات
Premium Rush ***
مكافأة إندفاع
• حبكة ماهرة ومعالجة مثيرة وكل شيء
غير قابل للتصديق.
الولايات المتحدة- 2012 | إخراج: ديفيد كووَب David Koep | أكشن على دراجة
• ليس معروفاً الآن أي من أفلام الكوميدي الصامت باستر كيتون (في العقد الثاني من القرن الماضي) هو الذي نراه فيه يركب دراجة منطلقة فوق شوارع المدينة من دون أن يكون قادراً على السيطرة عليها. لقد كان راكبها الثاني، سقط الأول قبل أن يتمكن من الدراجة بنفسه. وجد نفسه معصوب العينين. المكبح لا يعمل لإيقاف الدراجة الهوائية المنطلقة. السيارات تمر به من كل جانب ثم هناك تلك الهضبة التي تنتهي عند حافّة تشرف مباشرة على الطريق السريع المزدحم بالسيارات ومن دون مكابح سوف تسقط الدرّاجة إلى الطريق لا محالة. لكن فجأة هناك حافلة ركاب كبيرة وعالية تمر في اللحظة ذاتها التي وصلت فيه دراجة كيتون إلى الحافة وحافلة أخرى من نفس النوع آتية من الإتجاه المعاكس. دراجة كيتون تترك الأرض إلى ظهر الحافلة الأولى فظهر الحافلة الثانية ثم إلى الأرض من الناحية الثانية وبذلك ينجو كيتون من مشروع موت محتم.
أذكـّر القراء أنه يومها لم تكن هناك إمكانية تصوير خدعة بصرية من هذا النوع، ولا مؤثرات خاصّة تجعلنا نعتقد أن ما نراه هو صحيح…. كان صحيحاً بالفعل. هذا على عكس فيلم ديفيد كووَب الجديد «سرعة أساسية» حيث تتدخل المؤثرات على نحو أو آخر أكثر من مرّة في حكاية تقوم كلّـها على مخاطر منشأها ركوب درّاجة هوائية بسرعة فائقة لإيصال مغلّف صغير إلى عنوان معيّـن… ونعم… الدراجة التي يركبها ويلي، بطل الفيلم (جوزف غوردون-ليفيت) لا مكابح لها أيضاً، ولو أن ذلك لا يبدو مشكلة بالنسبة لراكبها.
ويلي هو "بوسطجي" على دراجة يلبّي طلبات الزبائن مع رفاقه في العمل. يعرّفنا الفيلم في البداية مشقات عمله. عليه كحامل رسائل الوصول إلى العنوان المخصص في أسرع وقت ممكن، والسرعة شرط رئيسي في هذا العمل لذلك يعمل العقل كموتور وقائي طوال الوقت. يبحث عن مخرج من مفاجآت الطريق ومخاطر السرعة وعن احتمالات النجاة إذا ما وصل إلى مفترق طرق ولا يريد التوقّف عند إشارة السير. يقود درّاجته، تبعاً لذلك، كيفما شاء: على الرصيف، في الإتجاه المعاكس للسير، بلا إكتراث للقوانين… كله مسموح عنده في سبيل الوصول بالأمانة إلى العنوان المنشود. مهاجرة صينية (جامي تشانغ) تتصل بمكتب الشركة التي يعمل لها وتطلب إرسال حامل رسائل إليها لتسليمه غرضاً لإيصاله بعد ساعة ونصف. ينبري ويلي لهذه الغاية لكن ما أن يأخذ المغلّـف حتى يتقدّم منه شرطي (مايكل شانون) يعرّف نفسه بأكرمان ويطلب استرداد المغلّف، لكن ويلي يرفض وينطلق والتحري في أعقابه: هذا يفسر المطاردة الأولى التي تمتد لعدّة مطاردات قبل أن يصل الفيلم إلى نهاية المطاف في الوقت المناسب. المغلّف يحتوي على وصل لمبلغ دفعته المهاجرة ثمناً لدخول لإبنتها الصغيرة مرفأ نيويورك.
الحقيقة أن أي نيويوركي سيخبرك أن المهاجرة الصينية كانت تستطيع الوصول إلى ذات النقطة في نحو ساعة إذا ما تركت جامعة كولمبيا حيث تعمل وركبت القطار من المحطة القريبة ثم سارت لنحو عشر دقائق صوب المكان الذي تريد الوصول إليه. لكن سوف لن يكون لدينا فيلم نراه لو فعلت ذلك. ما يزعج ليس هنا، بل في تركيبة ساذجة فحواها هذا التحري الكاريكاتوري الذي، يعرّفنا الفيلم في مشاهد منفصلة، كان قتل صينياً في نادي قمار وهو مطالب بإسترداد المغلّف والا سوف يتم قتله. هذه المشاهد ليست فلاشباك ولا فلاشفوروورد، بل غصون جانبية تظهر لتوقف حركة الفيلم وتعرض خلفيات يظن المخرج كووَب أنها مبتكرة. على ذلك يبقى الفيلم مثيراً طوال عرضه وخفيف الأهمية أيضاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Hotel Transylvania *
فندق ترانسلفانيا
• كل مخلوقات السينما المتوحّشة في
فيلم لا يسجل سبباً واحداً لوجوده.
الولايات المتحدة- 2012 | إخراج: جندي تارتاكوفسكي Genndy Tartakovsky | أنيماشن كوميدي والفيلم الأول لمخرجه
• ربما هي تفصيلة غير مهمّـة هذه الأيام لكن «فندق ترانسلفانيا» ليس مثيراً كحبكة ولا نافعاً كفن كرتوني ولا جاذباً كشخصيات ولا يحتوي على عنصر مهم كان سابقاً ما يبرر وجوده في سوق السينما وهو براءة المضمون من الرغبة في بث مفاهيم إجتماعية يمكن لها أن تؤثر سلباً على الأولاد والصغار.
ما هو عليه هو التالي: دراكولا (صوت أدام ساندلر) يعيش في منزله الكبير مع إبنته مافيز (سيلينا غوميز) ولديه مشكلة فهو لا يريدها الخروج من البيت مهما كانت الظروف. نتعرّف عليها طفلة يتقدّم منها فتخاف وتبكي لكنه سريعاً ما يجعلها تضحك في واحد من تلك المشاهد التي تريد الوصول إلى عكس ما تبدأ به من باب الإدهاش او المنوال المفاجيء. تتوقّـع أن يكون هذا بداية سلسلة من المشاهد المتكوّنة من ظاهر يكشف عن باطن مختلف وتوقّـعك سيكون محقّـاً. كل ذلك يدخل من باب الكليشيهات المعتمدة والمتكاثرة في عمل يخلو من جديد او من المتجدد. حين تكبر مافيز فتبلغ 118 سنة (ليس هناك خطأ مطبعياً هنا) يصبح على دراكولا أن يواجه الحقيقة المرّة. إنه يلوم العالم الخارجي (عالم البشر) معتبراً إياه السبب في قتل زوجته لكنها مصرّة. في هذا الوقت يقيم دراكولا حفلة عيد ميلاد في الفندق الذي افتتحه لكل الشخصيات المخيفة او المشوّهة والوحوش التي مرّت على شاشات السينما الفانتازية من مخلوق فرانكنستاين (يطلق عليه الفيلم خطأ فرانكنستاين بينما الإسم هو للطبيب الذي ابتدعه) إلى وحش الياتي والرجل الذئب وشخصيات أخرى لا كنه لها. ولا واحد منها على نحو مخيف، فالفيلم، حتى لا ننسى، ليس فيلم رعب بل فيلم كوميدي. لكن مع عدم وجود ما هو مضحك او كوميدي او هازل فيه يبدو للعين مثل مسبح جفّت ماءه.
في قلب ذلك قصّة حب من النظرة الأولى بين مافيز وطاريء من البشر (أندي سامبرغ) من المفترض بها أن تعني شيئاً لكنها بدورها تدخل في سلسلة كليشيهات لمخرج ولاءه الأول تأمين نجاح يتّفق عليه الجميع. بالتالي، لا قيمة لـ"فن" الأنيماشن بحد ذاته. الحفلة المشار إليها أعلاه خير مثال، فعشرات الشخصيات تدخل وتخرج وبعضها يعاود الظهور من دون فعل او ضرورة. تقديمها هو تسجيل وجود وكناية عن الرغبة في إحتواء العدد وليس النوعية.
مر الفيلم بسنوات من الكتابة والتحضير قبل أن ينجلي عن شيء قريب من الفيلم وليس فيلماً. خطّة ولا من عمل. هناك الكثير من أدام ساندلر صوتاً (رغم أن شكله مرسوم كشخصية بيلا لاغوسي) وهو لا يكتفي بنفسه بل يضمن، كونه منتجاً، أدواراً لممثلين آخرين من العائلة (سادي ساندلر وجاكي ساندلر وجوديث ساندلر وصني ساندلر)….
عرض خاص
Barbara ***
باربرا
• ليس كل من سار على خطى «حياة
الآخرين» وصل.
ألمانيا- 2012 | إخراج: كرستيان بتزولد Christian Petzold| دراما عاطفية على خلفية تاريخية قريبة
• من المحتمل جدّاً أن يصل الفيلم الألماني «باربرا» إلى الترشيحات الرسمية لمسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي التي ستعلن تفاصيلها في العاشر من الشهر الأول من العام المقبل. وذلك لتمتع الفيلم بقدر كبير من الفن والرقّة في معالجته لقصّـة عاطفية تقع أحداثها خلال الحقبة الشيوعية في ألمانيا الشرقية.
نتعرّف هنا على باربرا (كما تقوم بها نينا هوس) الطبيبة في بلدة صغيرة تعيش وحدها وتعمل في العيادة القريبة حيث يتحاشى التعامل معها العديد من رفاقها في العمل فالفيلم يقترح أنها كانت تعيش في برلين (الشرقية) إلى أن أبعدتها السلطات إلى هذا المكان عقاباً لها على موقف لا يوضحه الفيلم لكن لابد أنه متّـصل بمعارضها للنظام او تعاملها معه على نحو أعتبر سلبياً وغير وطني.
لكن في حين أنها تعامل هذا الوضع ببرود مقصود إلا أنها تظهر حناناً كبيراِ حيال مرضاها. ونرى ذلك مجسداً على الأخص حين تطالعها حالة مريضة شابّـة (ياسنا فريتزي باور) في حالة عصبية شديدة تجعل التعامل معها صعب. لكن باربرا تنجح في الوصول إلى نفسيّتها المعقدّة وتمنحها الرعاية الصحيحة ما يجعل الفتاة تطمئن لها وحدها. في أحد الأيام، وفي مشهد روعي تصويره على نحو كبير، تفاجأ باربرا بأن العيادة أرسلت وراء سيارة إسعاف تابعة لمصحّـة نفسية لكي تنقل المريضة إليها. تحاول باربرا منع ذلك لكنها في النهاية تقف عاجزة عن فعل أي شيء حيال ما تجده تعسّـفاً قاسياً.
خروج الفتاة من الصورة يمنح الفيلم الوقت المطلوب لكي يتابع الجانب الأهم من حياة بطلته، فهي تخطط سرّاً للهرب إلى ألمانيا الغربية لملاقاة حبيبها والعيش معه. لكن كل ما حولها يوحي بالخطر والرهبة ما يجعل المشاهد يتساءل عما إذا كانت ستنجح في تنفيذ هذه الرغبة.
إلى ذلك هناك طبيباً (رونالد زرفلد) يحاول بحسن نيّة تأسيس علاقة عاطفية بينهما غير مدرك ما يجول في بال باربرا وموقفها حياله لا يخلو أيضاً من التعقيد فهي تعتبره صديقاً وتجهد في سبيل إبقاء العلاقة ضمن ذلك الإطار.
الحبكة جيّدة والتنفيذ محكم في معظم مشاهد هذا العمل ولو أن البرودة تتسرّب إلى أوصاله. أقرب الأفلام التي يذكّـرنا هذا الفيلم بها «حياة الآخرين» [فلوريان هنكل فون دونرسمارك- 2007]. تصوير ناعم التكوين من هانكس فروم والمخرج يوظّـف ذلك لتصوير بطلته بين مروج المنطقة الريفية التي تعيش فيها تنتقل على دراجتها الهوائية. إنها مشاهد مؤسسة لتوحي أيضاً بأنها قد لا تكون وحيدة. هي ذاتها تنظر حولها كثيراً متوقّعة أن تكون مراقبة من قِـبل رجال المخابرات
إختيار الناقد
Holy Motors ****
"هولي موتورز"
• يستعير المخرج من السينما ويعيد
صياغة ما يريد بتوقيعه الخاص.
فرنسا- 2012 | إخراج: ليوس كاراكس Leos Carax | دراما/ كوميديا/ سوريالي وكل شيء آخر.
• مثل ستانلي كوبريك وترنس مالك حتى وقت قريب، فإن المخرج الفرنسي ليوس كاراكس (51 سنة) مقل في أعماله: خمسة أفلام في 28 سنة. وجديده هو الأول منذ أن حقق «بولا X» قبل ثلاثة عشر عاماً. كل أفلامه هي عن رجال كانوا قرروا العيش خارج المجتمع عوض الإنتماء إليه. وبطله هنا أوسكار (دنيس لافان) لا يشذ عن هذه القاعدة بل يتطرّف داخلها. إنه رجل يجول ليلاً في سيّارة ليموزين بيضاء تأخذه في مهام مناطة به وحده. تتوقّف عند عناوين معيّنة (غالباً) وفي كل منها هناك مهمّـة يريد تأديتها بشخصية جديدة تحمل قناع وجه (من المساحيق كما من الأقنعة الحقيقية أحياناً) كما تحمل. سائق الليموزين هو إمرأة (إديث سكوب) وهي تكتفي بنقل هذا الرجل من دون أن تشترك فيما يقوم به. عند كل محطّـة ينطلق أوسكار بشخصية جديدة لغاية محددة. فهو شحّـاذ في ثياب إمرأة عجوز هنا ولاعب أكروبات ومشاهد خطر سينمائية هناك، ومجنون يعيش في مجاري تحت الأرض في شخصية ثالثة ورجل أعمال في جزء رابع ثم رجل عجوز على حافّـة الموت الخ...
كاراكس سبق له وأن صوّر تعساء الحياة الباربسية في فيلمه «عشاق الجسر» (1991) او كما أسمه الأصلي Les Amants du pont-Neuf عارضاً هناك نماذج لشخصيات تعيش بلا مأوى وأخرى تعرج كما حال أحد الأجزاء الأولى في هذا الفيلم أيضاً.
بقدر ما يأخذ «هولي موتورز» شكلاً سوريالياً، بقدر ما هو مدروس في منحى عمله ومن مدارس مختلفة. فيه تحيات يوزّعها الفيلم على غودار وبونويل وكوكتو وفويلاد وسواهم. يذهب إلى استخلاص دانتي حين يبدأ الفيلم بنهوض أوسكار من نومه والتوجّـه إلى جدار في الغرفة عليه صورة لغابة. يمد أوسكار يده على سعة الجدار كما يبحث عن شيء ثم يجده فإذا به ينتقل إلى الغاية ذاتها ومنها يلج إلى صالة سينما. هذا المشهد شبيه (وعن قصد) بمشهد نفّذه جان كوكتو في فيلمه الكلاسيكي «دم الشاعر» (1930) حين ينفذ رجل استيقظ من نومه في غرفته الصغيرة إلى عالم آخر عبر المرآة المعلّـقة على جدار غرفته.
غاية كراكس من الفيلم، إلى حد بعيد، هي رفع القبّـعة تحيّـة لكل من سبقوه في مضمار السينما. وهذا ينطلي على شخصياته، فأوسكار هو لون تشاني على تشابلن كما آخرين من صميم السينما الفرنسية. وحين يلتقي بطله بصديقة قديمه (تؤديها كايلي مينوك) نرى المخرج قد قـصّ شعرها على طريقة جين سيبرغ كما ظهر في فيلم جان-لوك غودار «نفس مقطوع-1960) وترتدي معطفاً بالطريقة التي ارتدت فيها كاثرين دينوف معطفها في «مظلات شيربورغ» [جاك ديماي- 1964]. وهذا منوال خطر بحد ذاته قد ينتج عنه، لو لم يصب المخرج هنا نقاط أهدافه ولو لم يضع كل ما نراه في قالب سوريالي جيّـد، مجرد صور نوستالجية لا تعني الكثير.
تسجيلي
كما لو أننا نمسك بالكوبرا **
• تتكاثف الكلمات نثراً وشعراً لكن الفيلم
يبقى صوتاً ولا يتحوّل إلى سينما.
فرنسا- 2012 | إخراج: هالة العبدالله | تسجيلي عن رسامي الكاريكاتور والوضع السوري
• فيلم المخرجة السورية هالة العبدالله الجديد «كما لو أننا نمسك بكوبرا» بدأ قبل عدّة سنوات كعمل عن رسامي الكاريكاتير في مصر لمقارنة وضع فن الكاريكاتور بما سبق وبما تلا أحداث يناير 2011. في مكان ما من عقل المخرجة نبتت فكرة ضم رسّـامي كاريكاتور سوريين للحديث عن تجربتهم في هذا الظرف العصيب الذي تمر به سوريا. لكن ما في البال لم يترجم جيّداً على الشريط الذي انتهت إليه تحت عنوان جذب أولاداً صغاراً إلى الصالة معتقدين أنهم أمام فيلم من إنتاج "ديسكفري تشانل". المفترض أن يؤدي هذا الجمع إلى ثراء ومعالجة صارخة تحتفي بفن الكاريكاتور ورسالاته، لكن ما حدث تبعاً لهذا الدمج جاء مختلفاً إذ تبلور الفيلم عن ساعتين من الحديث المسترسل في معالجة لحالة استرخاء عقلي دامغة. ساعتان مسهبتان لا يتوقّـف الحديث فيه عن موضوع واحد حتى يتم إعادة ما تم الحديث فيه بكلمات أخرى.
تعرض المخرجة لإنجازات الفنان علي فرزات الذي يتحدّث إلى الكاميرا راوياً بعد الحكايات الطريفة التي حدثت بينه وبين رؤساء التحرير او مسؤولين اعتبروا أن رسوماته لاذعة. يضحك ويمزح ولاحقاً ما نعلم أنه قبض عليه وضُـرب وتعرضت أصابعه للكسر. المقابلة التي أجرتها المخرجة معه تمّـت على الأرجح قبل المعارك الدائرة كونها لا تستطيع الآن العودة لوطنها، وهي أكثر مناطق الفيلم مرحاً بسبب شخصية الفنان المذكور. لكن ما تبقّـى يمر مثل دبابة ثقيلة وبطيئة
هذا مؤسف، لأن الموضوع يستحق فيلماً ولأن النيّة وراء استعراض العلاقة بين الحاكم والفن الكاريكاتوري بحد ذاتها جيّـدة. لكن الجمع توليفياً (كمادة وكمونتاج) لم ينجح. والأسلوب الأدبي الذي تتكاثف فيه الكلمات شعراً ونثراً يبقى صوتاً لا يتحوّل إلى سينما. الكاميرا تلصق طويلاً أمام كل شخصية وتختلف النبرة بين مواقف لسوريين يتحدّثون عن تجاربهم وآرائهم حول ما آلت إليه سوريا اليوم، وبين رسامين مصريين يبحثون أساساً في معانى أعمالهم. المشاهد الخاصّـة بالرسّـام الكبير الراحل مصطفى لبّـاد موحية لكنها بدورها تبدو مقتطفات لا تصل إلى نتيجة كاملة ولا تتواصل فيما بينها.
في الوقت ذاته فإن قرار المخرجة تغييب الأسماء عن الشخصيات الماثلة أمامها في حواراتها مسيء للفيلم على نحو شديد. إثنان من نحو عشرة شخصيات تتم محاورتها معروفان (ولو للبعض) هما فرزات واللبّاد. الباقون يظهرون بلا أسماء وعليك أن تنتظر حتى نهاية الفيلم لتقرأ الأسماء فتتطالعك مشكلة أخرى: من هو صاحب هذا الإسم من بين الشخصات؟
مصرياً يأتي الفيلم أقل أهمية مما ينبغي. سورياً فإن إقحام الفكرة في أتون السياسة كان يتطلّب عملاً مختلفاً.
تمويل الفيلم فرنسياً مع مساعدة إماراتية لكنه قدّم في مهرجان أبوظبي كفيلم سوري أيضاً، لكن حقيقة أن مخرج فيلم ما يحمل هوية بلد معيّن لا يجعل الفيلم ينتمي إلى ذلك البلد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2012
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
0 comments:
Post a Comment