THE IMPOSSIBLE ****
المستحيل
إخراج: خوان أنطونيو بايونا | تمثيل: ناوومي ووتس، إوان مكروغر، توم هولاند
دراما | أسبانيا 2012
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحت يدي معظم المخرجين، خصوصاً الأميركيين، فإن الحكاية التي ترد في هذا الفيلم، مناسبة لفيلم ميلودرامي من الدرجة الأولى. وفيه العناصر المواتية: تراجيديا عائلية أبطالها خمسة أفراد يمر كل فرد منهم في صراع ضد الموت خلال التسونامي الذي عصف بتايلاند سنة 2004. وما يجعل من الميلودراما وعاءاً أكبر للميلودرامية هو أن صراع هؤلاء ضد الموت لم يتم على نحو جماعي بل وجد كل فرد من العائلة نفسه وحيداً يصارع أمواج الغضب منفرداً ما يعني فرصة كبيرة لمن يريد سرد عذاب الفرقة وفرحة اللقاء من جديد وسبر غور كل مغامرة على حدة على نحو من يريد إثارة مزيد من الفواجع.
لكن الأسباني خوان أنطونيو بايونا لديه المعالجة الصحيحة التي يستطيع بها سرد أحداث حقيقية من صلب كارثة بحجم التسونامي الذي ضرب تايلاند قبل تسع سنوات من دون الخوف من السقوط في شباك الميلودراما وحس الفواجع.
الحكاية الأم وخطوطها الفرعية وقعت بالفعل، لكن المخرج الأسباني حوّل الشخصيات من أسبانية إلى بريطانية ليضمن نجاح الفيلم عالمياً. وهذا هو التغيير الكبير الوحيد إلى جانب حقيقة أنه لم يكن ليستطيع المضي في الإتيان بكل التفاصيل اليومية التي عاشتها تلك العائلة (ومئات العائلات الأخرى) في فيلم من نحو ساعتين وعشر دقائق.
ما حدث أنه في أحد الأيام الأخيرة التالية لعيد الميلاد في ذلك العام، فوجيء هنري (إوان مكروغر) كما ملايين من سكان شرق آسيا بأمواج المحيط العملاقة وهي تجرف أمامها كل ما تواجهه من أشخاص ومباني وأشجار وسيارات على حد سواء في ثورة عارمة غير مسبوقة في زمننا على الأقل. كانت العائلة وصلت قبل يومين لقضاء العطلة في فندق سياحي قادمة من طوكيو حيث يعمل الأب. هناك مشهد من تلك التي تسبق العاصفة يظهر فيها الزوج قلقه بعد أن أختير لمشاركته المنصب موظّـف جديد. زوجته (ناوومي ووتس) لا تعتقد أن ذلك مؤشر سلبي وتعرض أن تعود للعمل كطبيبة إذا ما اضطرت العائلة لمغادرة اليابان عائدة إلى بريطانيا. هذا نوع من الحديث الذي سوف لن يتكرر. المعضلة المحتملة من ناحية هي طرف خيط يتبادله كل زوجين في حياتهما تعبيراً عن قلق معيشي معيّن، ومن ناحية أخرى تأكيد لأن آخر ما في بال أحد هو أن تتحوّل هذه البقعة من الشاطيء التي تبدو نعيماً إلى جحيم من الدمار والموت.
في صباح ذلك اليوم الصعب نزل الزوج مع طفليه الصغيرين سايمون (أوكلي بندرغاست) وتوماس (سامويل جوسلين) بينما كانت الأم ماريا (ناوومي ووتس) مع ولدها لوكاس (توم هولاند) في جانب آخر من شاطيء الفندق. اللقطات المدهمة للعاصفة مفاجئة للمشاهد حتى ذاك الذي يعرف عما يدور الفيلم حوله. إذ تدك الجبال المائية ما أمامها يتقطع شمل العائلة تماماً. تضيع الكاميرا فيما يحدث عن قصد حتى تنقل إلينا وقع الكارثة وضياع الأفراد في المقابل. بعد ذلك، تلتقط الكاميرا لوكاس باحثاً عن أمّـه التي يلتقيها في مجرى المياه الجارف. إذ ينطلقان بحثاً عن باقي العائلة تجرفهما الماء وتصطدم الأم بألواح (خشبية على الأرجح) تمزّق ساقها. يمضيان ليلتهما فوق شجرة وفي صباح اليوم التالي، يعمد رجال قرية لإنقاذهما وبعد علاج مبدأي ينقلانهما إلى المستشفى الذي أقيم لمعالجة ألوف المصابين. في الوقت نفسه ها هو الأب يمشي فوق الدمار الشامل وهو يصرخ بحثاً عن طفليه إذ كانا معه حينما جرفت الأمواج الجميع. عندما يجدهما سالمين ينطلق للبحث عن زوجته وعن إبنه الأكبر لوكاس فهو لا يدري عما آلا إليه على الإطلاق. كيف تتفرق الدروب مرّة أخرى ثم يلتقي كل فرد بالآخر في وسط ظروف عاتية هو من بين أفضل ما في الفيلم من ذروات مشاهده. فبينما ينتقل بحثاً من مستشفى ميداني إلى آخر، يمضي لوكاس الوقت لجانب والدته التي أصبحت على شفير أن تفقد ساقها. يعرف المخرج كيف يدخل الخيوط في خرمها الصحيح ليؤلف ذلك النسيج الجيّـد فلا تبدو المسألة مجرد حظوظ أو صدف. لكن اللقاء حتمي ويقع كونه الواقع الذي عاش أفراد العائلة لسرده.
الفارق بين إخراج هذا السينمائي الأسباني وبين معظم مخرجي اليوم لا يكمن في أن ما يعرضه حقيقي، بل يكمن في أنه يعرف كيف يجعل المشاهد يعايشه على نحو حقيقي. وهذا فارق كبير للغاية وكفيل بالقضاء على الإفتعال في المواقف من دون التخلّـي عن المشاعر العاطفية وتصوير ما تمر به الشخصيات من مواقف دقيقة.
حين يأتي الأمر للتمثيل، فإن المرء يدرك أن الكبار موهوبين، لكن من المعجزات هو ذلك التمثيل المتقن لطفلين دون العاشرة، ثم لتوم هولاند إبن الثانية عشر من العمر في الفيلم الذي يسرق الضوء من كل المحطين به. طوال العرض كنت أسأل نفسي كيف، بحق السماء، يستطيع ممثل في الخامسة أن يعيش مثل هذا الدور أمام الكاميرا معايشة من يملك تقنيات ومفردات ممثل محترف ناضج. قررت في النهاية أنه لو كنت مخرجاً لفشلت حقّـاً في إدارة هؤلاء الممثلين الصغار… على النحو الذي فشل معه معظم المخرجين العرب في إدارة أولاد وأطفال الى اليوم.
• DIRECTOR: Juan Antonio Bayona
-----------------------------------------------------------------------
• CAST: Naomi Watts, Ewan McGregor, Tom Holland, Samuel Joslin, Oaklee Pendrgast, Marta Etura Simone, Geraldine Chaplin.
-----------------------------------------------------------------------
• PRODUCERS: Belén Atienza, Àlvaro Augustin, Gislain Barrois, Enrique López Lavigne.
• SCREENPLAY: Sergio G. Sánchez.
• CINEMATOGRAPHY: Óscar Faura [Colour- 35 mm].
• EDITOR: Elina Ruiz (114 m).
• MUSIC: Fernando Veláquez
• PROD. DESIGNER: Eugineo Caballerto
• PROD. COMP.: Apaches Entertainment/ Telecinco Cinema/ Canal +España
ZERO DARK THIRTY ****
الثانية عشر والنصف ليلاً
إخراج: كاثرين بيغيلو | تمثيل: جسيكا شستين، جاسون كلارك، رضا كاتب.
دراما [إرهاب/ إسلام/ عن واقعة] | الولايات المتحدة 2012
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك مشهد في فيلم كاثرين بيغيلو الجديد والمثير «الثانية عشر والنصف ليلاً» Zero Dark Thirty نرى فيه الرئيس باراك أوباما يؤكد في مقابلة تلفزيونية أن "أميركا لا تعمد إلى التعذيب". رغم ذلك، وبل على الرغم من أن صانعي الفيلم تحدّثوا عن تعاون وثيق بينهم وبين البيت الأبيض خلال مرحلتي كتابة السيناريو وقبل التنفيذ، الا أن المشهد لا يأتي للتكذيب فقط، بل لكي يُـثير التساؤل الساخر حول أساليب التحقيق مع المعتقلين المشتبه بتعاونهم مع بن لادن أو الإنضمام إليه أو بعلاقتهم بالعملية الإرهابية التي وقعت في نيويورك في الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001.
هذا التعاون، الذي لم ينفه البيت الأبيض ولم تنفه المخرجة بيغيلو، كان ضرورياً لوضع سيناريو مارك بووَل، الذي عمل مع المخرجة على فيلمها السابق «خزنة الألم»، موضع التنفيذ. إنه سيناريو "تحقيقاتي" يعتمد أسلوب جمع المعلومات بكثافة ثم صياغة مادة روائية لكن ليست بالضرورة درامية بغية تقديم حكاية تتعامل والجهد الكبير الذي بذلته وكالة الإستخبارات الأميركية طوال الفترة الممتدة من 2001 إلى 2011 للوصول إلى بن لادن وتصفيته.
لكن الغاية في فيلم هذه المخرجة التي تصطاد مواضيعها من بين مشاريع غير أنثوية على الإطلاق (أفلامها السابقة خيال-علمية وبوليسية وتشويقية صارمة) ليس تقديم جهود الوكالة على نحو يُـشيد بها ويبرر أفعالها ويصبغ عليه أي صفة بطولية، بل العكس هو الذي يحدث في مفاد أخير يقول أن أميركا ربما لها الحق في التصدّي للإرهاب ولأسامة بن لادن (المعترف في واحد من تسجيلاته السابقة بمسؤوليته عن كارثة نيويورك) لكن وسائلها، بكل بساطة، لا تختلف عن أي وسيلة تعذيب قصوى وعنف وقمع يقطع دابر العلاقة بينه وبين القوانين المسطورة في الكتب والتشريعات حول كيفية التعامل مع المسجونين والتحقيق معهم
هذا ما أثار أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي منتمين إلى ما يسمّـى بـ "لجنة مخابرات مجلس الشيوخ» الذين شاهدوا الفيلم، قبل بدء عروضه التجارية في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، وأدانوه كما فتحوا تحقيقاً حول مصادر معلومات الفيلم وإذا ما كان موظّـفون في وكالة المخابرات الأميركية تعاونوا مع صانعي الفيلم وأمدّوهم بالمعلومات التي وجدها أعضاء اللجنة "كاذبة" و"مشينة".
يبدأ فيلم كاثرين بيغلو الأول منذ «خزنة الألم» (أوسكار 2009) بنحو دقيقة من العتمة الداكنة، ليس تيمّـنا بالعنوان الذي هو التعبير العسكري عن ساعة الحسم المختارة لإنهاء حياة زعيم القاعدة، بل لوضع المشاهد في جو خانق بدكانته وخطره. نحو دقيقة ونصف لا نرى فيها شيئاً بل نسمع أنين جرحى رنين الهواتف النقالة لأفراد بين ركامات وأنقاض مركز التجارة العالمي في الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر الماضي. هذه البداية تضع المشاهد أمام إختيار الإنحياز مع أو ضد الفيلم لأن رسالته بعد ذلك تسير في وجهة مناهضة: إذا ما كانت كارثة نيويورك الكبرى تلك حافزاً كافياً لشحن المشاهدين بخلفية الحدث الذي سيلي، وبتتويج مشاعرهم ضد مرتكبيها، فإن باقي الفيلم هو عن المنهج الذي إتبعته عميلة المخابرات مايا (جسيكا شستين) خصوصاً و"السي آي أيه" عموماً للوصول إلى من أعطى الضوء الآخر (بإعترافه) للهجوم الإرهابي، وهو منهج سيسحب بعض ما اختزنته البداية من تبريرات.
من الشاشة المعتّمة إلى مواقع لا تقل دكانة: محققون (يمثّـلهم دان كما يقوم بدوره جاسون كلارك) من وكالة المخابرات الأميركية يكيلون للمعتقلين مختلف أنواع التعذيب. مايا تتابع بعض هذه الوسائل ولا تتأثر بها. لا تتأثر لاحقاً حين تشهد رئيس الولايات المتحدة وهو ينكر قيام أميركا بتعذيب المعتقلين. من بعد تلك اللقطة على جهاز التلفزيون حيث تبث مقابلة أوباما، لقطة على وجهها وهو خال من التعبير، كما لو أنها تؤاثر الحقائق ونفيها في وقت واحد.
ما تصبو مايا إليه هو مواصلة مهمّـتها في العمل على المعلومات التي يحصدها المحققون لوضع الخطّـة المحكمة للإيقاع بالرجل الذي تحوّل إلى أسطورة بين أتباعه على الأقل. مايا لن تحيد عن هذا الهدف بكل ما تحويه في دواخلها من فراغ عاطفي يجعلها بمنأى عن إبداء الرأي أو التعاطف مع أو ضد ما تقوم به. إنها موظّـفة تسعى لغاية تخدم وظيفتها ولن تتدخل في السياسة بل ستنفّذها. الفيلم يسمح لنفسه بتصوير عمليات إرهابية أخرى، لكنه، ومثل بطلته، لا وقت لديه يضيّعـه في تصوير طروحات تتداول الموضوع. ما هو الصح وما هو الخطأ وهل كانت هناك معطيات أخرى وماذا عن واحدة- أو أكثر- من نظريات المؤامرة. هناك إلتزام من الكاتب والمخرجة والفيلم بأسره بنوع من سينما التحقيق الذي لا ينتمي لا إلى الدراما المعهودة ولا إلى السينما التسجيلية المعروفة ولا حتى إلى ذلك المزيج المسمّى بـ "الدوكيو دراما". على ذلك لا يغيب أن العملية التي قادتها قوّات "السيلز" الأميركية بناءاً على ما جمعته الوكالة (وفي الفيلم مايا كونها تمثّـل الوكالة) لم تكن ردّاً على كارثة نيويورك، بل إنتقاماً لها أساساً.
«الثانية والنصف ليلاً» سيسمح لنفسه بإدانة وضع المخابرات لطرف غير بريء. لدى المخرجة تقدير أكبر للعملية العسكرية التي قام بها جنود فريق "السيلز" التابع للبحرية الأميركية. في أربعين دقيقة أخيرة في الفيلم نتابع عملية الهجوم على مقر بن لادن بكل ما تستطيع المخرجة مواكبته من دقائق وتفاصيل وفي ترتيب ذهني وتصميم تنفيذي فريد لما تتطلّـبه معالجة تهدف أن تبقى سينمائية خالصة.
هنا يتبدّى إنحياز الفيلم، من دون خطابة أو مباشرة، ضد الأسلوب المتّـبع في الحصول على المعلومات التي ستساعد مايا الوصول إلى "سعاة البريد". أولئك الذين تؤمن مايا بوجودهم وأنهم، في عالم بن لادن الذي لا يعرف الساتالايت وأجهزة الهواتف النقالة، هم من يعرفون الطريق إليه. والفيلم هنا يُـظهر تعاون رجل أردني ساهم في إحكام القبضة على الرجل المطلوب رقم واحد. لكن الأساسي في كل ذلك يبقى مايا، ليس كشخصية مستنيرة وواعية وبطولية بل كإمرأة خالية من المشاعر بإستثناء ما تكنّـه حيال إيمانها بأن طريقتها هي التي ستحقق النتائج وليس طريقة أحد آخر.
مع نهاية الفيلم ما يبقى ماثلاً كثير: أداء جسيكا شستين الصحيح، مشاهد التعذيب والأهم ذكاء إختيار المخرجة لكل أدواتها السينمائية فإذا بالكاميرا (تصوير فذ من كريغ فرايزر) تضعنا وسط المشهد الذي تريد أن تصدمنا به. وبما أن الكاميرا هنا لا تسعى لإتخاذ موقف ما، بل لتسجيل الحدث وحده، فإن هذه الصدمة لا تلغي التفاعل الذي يعيشه المشاهد. تبقى الصورة واضحة تماماً.
لقد أغفل أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية المخرجة كاثرين بيغيلو من ترشيح تستحقه كأفضل مخرجة في سباق الأوسكار الحالي على الرغم من أن الفيلم موجود في قائمة أفضل الأفلام. فهل يعقل أن يكون الأعضاء أحبّـوا الفيلم ولم يقعوا في حب مخرجته؟ ممكن كذلك ممكن أن يخفق هذا الفيلم في مواجهة عمل يهدف إلى إثارة الحس الوطني والطمأنينة المزيـّفة أسمه «لينكولن» فيخرج بلا أوسكار في هذا المجال أيضاً.
• DIRECTOR: Christopher McQuarrie
-----------------------------------------------------------------------
• CAST: Tom Cruise, Rosamund Pike, Richard Jenkins, David Oyelowo, Werner Herzog,
Vladimir Sirov.
-----------------------------------------------------------------------
• PRODUCERS: Tom Cruise, David Ellison, Dana Goldberg, Don Granger, Gary Levinson, Kevin J. Messick, Paula Wagner.
• SCREENPLAY: Christopher McQuarrie.
• NOVEL: Lee Child
• CINEMATOGRAPHY: Caleb Deschanel [Colour- 35 mm].
• EDITOR: Mindy Marin (130 m).
• MUSIC: Joe Kraemer
• PROD. DESIGNER: Jim Bissell
• PROD. COMP.: Mutual Film Company/ Paramount/ Skydance Pictures
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2013
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 comments:
Thank yyou for being you
Post a Comment