أفلام مهرجان كان- المجموعة الثانية


Year 5/ Issue: 158
**   Young and Beautiful

فرنسوا أوزون الذي لا يحرج بطلته

أول فيلم شوهد من أعمال المسابقة هو الفرنسي «جميلة وشابّـة» الذي هو من إخراج السينمائي الفرنسي المنطلق فرنسوا أوزون صاحب الفيلم المعروض حالياً في الأسواق تحت عنوان «في البيت». البيت لا يزال كياناً مهمّـاً في هذا الفيلم (وإذا لم أكن على خطأ في معظم أعماله السابقة أيضاً) لكن الفارق هو أن «في البيت» مركّب أكثر ومتشابك على نحو لغزي إلى حد ملحوظ في مقابل عمله الجديد الواضح والسهل.
إنه حول فتاة شابّـة أسمها إيزابيل (مارين فاكت) نتعرّف عليها في الصيف على شاطيء البحر. في السابعة عشر ولا زالت عذراء لكنها سريعاً ما سوف تجد حلاً لذلك مع صديق ألماني قبل أن تعود مع والدتها وزوج والدها وشقيقها الصغير إلى باريس. بعد حين نجدها تحوّلت إلى عاهرة بالسر عن أهلها ورفاق المدرسة. تعرض خدماتها وأسعارها في رسائل هاتفية وتتلقى الإجابات وتقوم بالزيارات. واحد من زبائنها المفضلين هو رجل فوق الستين. ومع أن العلاقة جنسية (خدمة مقابل مال) إلا أن لها جانباً دافئاً على عكس زبائنها الآخرين. ذات يوم يموت الرجل بالسكتة القلبية وهي معه في الفراش. يفتضح أمرها وتحاول الأم أن تجد حلاً وهي التي باتت تخشى على سعادتها البيتية من إبنتها. في النهاية، وهذا التلخيص لا يفي بسعة الموضوع وتشعباته، ها هي الفتاة تضع قدمها على الطريق الصحيح. تجد نفسها للمرّة الأولى في جو شبابي طبيعي صالح لمن هم في سنّـها. هذه المرّة تبتسم راضية بهذا التغيير.
قدر كبير من الفيلم يقوم على التلصلص كما في أفلام هيتشكوك، لكن المخرج البريطاني الفذ لم يكن مكترثاً (ولا التقاليد الإجتماعية كانت تسمح له) بعرض مشاهد حب وعري. أوزون يفعل ذلك مراراً وتكراراً. يريد من المشاهد أن يتلذذ بما يعرضه في الوقت الذي يأخذ هو من الموضوع بأسره مسافة أخلاقية يدين فيها الفتاة من دون أن يحرجها أمام المشاهد. إنها تحتاج للمال لمتابعة دراستها والطريقة الوحيدة لجلبه هو التحول إلى العهر. تقرّب آخر صوب المشاهد العادي موجود في إستخدام الأغاني كوسيلة لتعليق عاطفي (جوهرياً على طريقة أفلام مصرية قديمة). لا يقوى الفيلم وتتكثّـف مواقفه إلا من بعد الفضيحة وتعدد الإحتمالات.
في مكان ما في النصف الأول من الفيلم قد يخطر لك، إذا ما كنت متابعاً سينمائياً للجديد والقديم، أن الدور الذي تقوم به البطلة هنا محاذ للدور الذي لعبته كاثرين دينوف في مطلع عملها السينمائي في فيلم لوي بانويل «حسناء النهار» (1967). 

 **  The Bling Ring

صوفيا كوبولا تفتقد السبب

الجيل الجديد هو أيضاً في قائمة إهتمامات فيلم صوفيا كوبولا الجديد «ذا بينغ رينغ». شوهد كفيلم إفتتاح قسم «نظرة ما» ما يجعل فيلما الإفتتاح (الرسمي المتمثل بـ «غاتسبي العظيم» والرديف متمثلاً بهذا الفيلم) خيبتا أمل كبيرتان.
كما ورد معنا بالأمس، فإن «ذ بينغ رينغ» مبني على أحداث حقيقية لعصبة من بضعة فتيات وشاب (ثم شبّان آخرين من حين لآخر) تخصصوا بسرقة منازل النجوم والأثرياء. أحدهم كان يرصد إذا ما كان النجم موجوداً خارج مدينة لوس أنجيليس (في رحلة عمل مثلاً) ويخبر الفتيات الثلاث اللواتي كن أجرأ منه في إقتحام الأماكن المغلقة. في كل مرّة يدخلون فيها واحداً من قصور الثراء هذه يقدمون على سرقة المال والمجوهرات والملابس والأحذية والنظارات الشمسية الثمينة. وإذا ما كانوا محظوظين السيارات الفارهة أيضاً. 
فيلم صوفيا لا يضيف جديداً على الوصف أعلاه ولا على وصف البارحة الذي كُـتب حسب المعلومات المبتسرة التي وردت عن الفيلم، ذلك لأن الستين دقيقة الأولى من الفيلم مصروفة على متابعة هذه العصبة وهي تمارس فقط نوعين من الأعمال: تسرق وتسهر. المشاهد متكررة إلى حد فاضح: في كل مرّة يتم فيها دخول منزل ما علينا أن نتابع بالوتيرة ذاتها التي سبق ورودها ما تفعله العصبة داخل البيت. كيف تتسلل إلى المكان وكيف تفتح الأدراج وكيف تختطف المجوهرات ثم كيف تغادر المكان منتشية بنجاحها. حتى الحوارات متشابهة: «أنظروا ماذا وجدت» تصرخ كل فتاة على حدة كل قليل، أو «علينا أن نغادر هذا المكان فوراً» يقول الشاب في كل مرّة كم لو أن صوفيا (وقد كتبت السيناريو) نسيت أنا استخدمت الكلمات ذاتها في المشهد السابق أو الذي قبله.
وهناك السهرات وما يحدث فيها من إدمان على المخدّرات… تستطيع أن تلم بما يحدث من مشهد وإذا كان لابد من مشهدين… لكن المسألة تتحوّل إلى «وظيفة» وأنت تتابع المشاهد ذاتها مرّة تلو المرّة.
ما تفعله المخرجة هو سردها لما يؤلّـف عملاً من تسعين دقيقة خال من أي بحث مستقل واضح، ويفتقد وجهة نظر أو أي قدر من التحليل الإجتماعي. أحداثها، على الشكل الذي وردت به، يمكن أن تكون خيالية وليست واقعية. صحيح أن أسلوب تصويرها تقريري (كما الريبورتاج) لكن ذلك يمكن أن «يُـفبركه» أي مخرج وراء الكاميرا.
أحداث الفيلم وقعت بالفعل بالفعل (ما بين 2008 و2009)  فهذه مادة منقولة عن أحداث حقيقية، لكن هل وقعت على هذا النحو؟ هل كل السيارات التي تم معاينتها (سواء أكانت أبوابها مقفولة أو لا) بلا صفارات إنذار كما نرى هنا؟ هل كل المنازل كانت سهلة الدخول لأن أحدهم نسى بابا زجاجياً مفتوحاً؟ تمنيّت صفارة إنذار واحدة. ثم بدأت أبحث عن مفاجأة وبعد ذلك عن فيلم آخر كان من الممكن لصوفيا كوبولا أن تقوم به. عن معالجة لا تتضمن موسيقا شبابية كما لو أنها من المقررات وحس ريبورتاجي كما لو أن الفيلم مصنوع لساعة تلفزيونية. وهو كان أحرى به أن يكون سهرة تلفزيونية لأنه من الأسهل على المرء أن يغيّـر القناة متى أراد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved © By: Mohammed Rouda 2008- 2013
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

0 comments: