قبل العرض
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Action
في العادة تختار أكاديمية العلوم والفنون ، وهي المؤسسة التي تقطن شمالي هوليوود وتوزّع كل سنة جائزة تمثال ذهبي أسمه الأوسكار، خمسة أعمال او شخصيات في كل فرع طبعاً الا إذا تعذّر عليها أن ترى خمسة تستحق فتنتخب ثلاثة٠ خمسة أفلام أميركية، خمسة أفلام أجنبية، خمسة مخرجين، خمسة ممثلين مساندين، خمسة مصوّرين الخ...٠
لكن -وكما ذكرنا- هناك أيضاً ثلاثيات في مجالين على الأقل هذا العام. ثلاثة أفلام أنيماشن فقط هي التي ترشّحت وثلاثة أغاني سينمائية فقط هي التي ترشّحت٠
إذ شاهدت الأفلام الكرتونية المرشّحة وغير المرشّحة على مدى العام الفائت، لا عجب عندي أن الإختيار رسا على ثلاثة أفلام فقط هي
Bolt و Kung Fu Panda و Wall- E
لكني لم أصدّق أن من بين كل الأغاني التي صاحبت الأفلام، في عصر بات مؤلّفاً من أصوات غنائية مقبولة بفضل الكومبيوتر الذي يغطّي على العيوب حين التسجيل، لم تجد الأكاديمية الا ثلاثة أغان ليس من بينها أغنية بروس سبرينغستين في فيلم
The Wrestler
ليس أنها أفضل الأغاني التي سمعتها في فيلم هذه السنة، او لأن كل من سألتهم او قرأت لهم أعتبروها كذلك، بل لأن مغنيها نجم من الفئة الأولى، وهي كانت نالت جائزة الغولدن غلوب... والأهم هي أنها أغنية معبّرة عن الفيلم بأسره٠ كيف ولماذا لم يضمها المصوّتون الىالمسابقة فبقيت خارج التقدير؟ لو كانت مسابقة أفضل أغنية تضمّنت خمسة أغان لفهمت٠ هذه مسألة أذواق. لكن المسابقة ضمّت ثلاثة أغاني فقط يعني هناك مجال لأغنيتين إضافيتين لو أراد المقترعون٠
أغنية سبرينغستين هذه ضرورية في الفيلم- لكني أعلم لماذا لم ينتخبها أعضاء الأوسكار.... تأتي الأغنية في نهاية الفيلم مع توالي الأسماء. ومعظمهم يولّون الأدبار هرباً حالما تنتهي القصّة- لذلك لم يسمعوا الأغنية ٠ وهناك كثيرون منهم شاهدوا الفيلم على أسطوانات في راحات بيوتهم، وهؤلاء بالتأكيد لا ينتظرون ظهور العناوين في النهاية... هذا إذا ما شاهدوا الفيلم بأكمله٠
على عكسنا نحن في جمعية الصحافة الأجنبية في هوليوود. سمعناها وأحببناها ومنحناها الجائزة بين خمسة أغاني متنافسة
Cut
Action
في العادة تختار أكاديمية العلوم والفنون ، وهي المؤسسة التي تقطن شمالي هوليوود وتوزّع كل سنة جائزة تمثال ذهبي أسمه الأوسكار، خمسة أعمال او شخصيات في كل فرع طبعاً الا إذا تعذّر عليها أن ترى خمسة تستحق فتنتخب ثلاثة٠ خمسة أفلام أميركية، خمسة أفلام أجنبية، خمسة مخرجين، خمسة ممثلين مساندين، خمسة مصوّرين الخ...٠
لكن -وكما ذكرنا- هناك أيضاً ثلاثيات في مجالين على الأقل هذا العام. ثلاثة أفلام أنيماشن فقط هي التي ترشّحت وثلاثة أغاني سينمائية فقط هي التي ترشّحت٠
إذ شاهدت الأفلام الكرتونية المرشّحة وغير المرشّحة على مدى العام الفائت، لا عجب عندي أن الإختيار رسا على ثلاثة أفلام فقط هي
Bolt و Kung Fu Panda و Wall- E
لكني لم أصدّق أن من بين كل الأغاني التي صاحبت الأفلام، في عصر بات مؤلّفاً من أصوات غنائية مقبولة بفضل الكومبيوتر الذي يغطّي على العيوب حين التسجيل، لم تجد الأكاديمية الا ثلاثة أغان ليس من بينها أغنية بروس سبرينغستين في فيلم
The Wrestler
ليس أنها أفضل الأغاني التي سمعتها في فيلم هذه السنة، او لأن كل من سألتهم او قرأت لهم أعتبروها كذلك، بل لأن مغنيها نجم من الفئة الأولى، وهي كانت نالت جائزة الغولدن غلوب... والأهم هي أنها أغنية معبّرة عن الفيلم بأسره٠ كيف ولماذا لم يضمها المصوّتون الىالمسابقة فبقيت خارج التقدير؟ لو كانت مسابقة أفضل أغنية تضمّنت خمسة أغان لفهمت٠ هذه مسألة أذواق. لكن المسابقة ضمّت ثلاثة أغاني فقط يعني هناك مجال لأغنيتين إضافيتين لو أراد المقترعون٠
أغنية سبرينغستين هذه ضرورية في الفيلم- لكني أعلم لماذا لم ينتخبها أعضاء الأوسكار.... تأتي الأغنية في نهاية الفيلم مع توالي الأسماء. ومعظمهم يولّون الأدبار هرباً حالما تنتهي القصّة- لذلك لم يسمعوا الأغنية ٠ وهناك كثيرون منهم شاهدوا الفيلم على أسطوانات في راحات بيوتهم، وهؤلاء بالتأكيد لا ينتظرون ظهور العناوين في النهاية... هذا إذا ما شاهدوا الفيلم بأكمله٠
على عكسنا نحن في جمعية الصحافة الأجنبية في هوليوود. سمعناها وأحببناها ومنحناها الجائزة بين خمسة أغاني متنافسة
Cut
فيلم العدد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
THE VISITOR ****| الزائر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: توم مكارثي | دراما إجتماعية [عرب] أميركي- 2008
نقد: محمد رُضا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيلم توم مكارثي الرصين عن الأميركي الذي يفتح له عربي نافذة
تواصل تغلقها الحكومة هو أكثر من فيلم عن تبعات ما بعد 11/9
.............................................................................................
بعد كارثة 11/9 خرجت أفلام كثيرة تحدّثت عنها وأكثر هي تلك التي تحدّثت عما تلاها من أحداث لا تقل كوارثية وفي مقدّمتها حرب العراق او تلك الواقعة في أفغانستان. التداعيات، سياسياً، لا زالت تقع. سينمائياً كذلك مع أفلام جديدة في المنظور القريب ومع خروج فيلم رشيد بوشارب الجديد »نهر لندن« الذي يتعرّض لإنفجارات لندن٠ وبالتأكيد أخرجت السينما الأسبانية أفلاماً تتناول مباشرة او جانبياً ما حدث في مدريد من إنفجارات أرهبت الناس وأنشأت بينهم وبين المسلمين ذات الحاجز الحديدي الذي قام مباشرة بعد الكارثة الأولى٠
ليس صحيحاً أن ما خرج من أفلام أميركية حول تداعيات 11/9 كان في معظمه سلبياً. هناك ما لا يُفيد وهناك ما أضاع على نفسه فرصة من حيث لم يرد، لكن هناك أفلام كثيرة تناولت المتحوّلات التي تداعت بعد ذلك التاريخ وانتقدت٠
Redacted| مُنقّح
لبرايان دي بالما لم يأخذ حقّه من اهتمام أحد (في العالمين- وسأعرضه قريباً إن شاء الله) سمّى الأمور بمسمياتها. صحيح أنه دار حول حرب العراق، لكن حرب العراق أولى حلقات ذلك التداعي والفيلم صوّر لا موقف الإعلام الأميركي الذي نام في ذات سرير البيت الأبيض فقط، بل قدّم صورة داكنة لحين يخرج الجندي الأميركي عن نطاق انسانيّته فيغتصب ويقتل عائلة بكاملها وذلك تبعاً لحادثة معروفة٠
Rendition| تسليم
لغَڤين هود وضع قيداً حول يد المخابرات الأميركية المتعاونة مع أجهزة مماثلة في العالم العربي حين يتم إلقاء القبض على عربي- أميركي لمجرد الشكوك في أنه قد يكون إرهابياً٠ لم يكن في غاية ذلك الفيلم البرهنة على براءته او إثبات التهمة عليه، بل أوحى بأنه غالباً هو ضحية تبعات الأجواء المخيفة التي يعيشها العالم، وبالتأكيد وضعه في موضع الضحية٠
Lions for Lambs وفي حين شارك »أسود كحملان« لروبرت ردفورد
فيلم برايان دي بالما في نقده لسياسة الإعلام الأميركي في مطلع الحرب على العراق، انطلق
Body of Lies كيان من الأكاذيب
ليتوسّع أكثر فيما حاول »تسليم« الذهاب اليه وخاف: ازدواجية المواقف بالنسبة لجهاز المخابرات الأميركي وتدخّله في ساحات عمل غريبة عليه لا يحترم من خلالها ثقافة البلد الذي يعمل معه ضد الهدف الواحد٠
لقاء٠
الزائر يختلف عن كل هذه الأفلام٠لا علاقة له بحرب العراق ولا بتلك الأفغانية ولا بعمل أجهزة المخابرات، بل ينسج دراماً إنسانية مبطّنة اجتماعياً ويطلقها في هدف تقديم صورة لوضع مأسوي لعربي مذنب من حيث أنه لا يملك أوراقاً قانونية تجيز له البقاء في الولايات المتحدة٠ لكن- وهذه لكن مهمّة- لا يعالج الموضوع من ناحية عاطفية بلهاء تضر أكثر مما تنفع، بل يضعها وسط إطار أكبر يضم مصائر مجموعة أخرى متّصلة بشخصية العربي وأسمه طارق ويقوم به الممثل حاز سليمان الذي أعتقد أن أسمه الأصلي حسين سليمان وهو سبق وظهر في فيلم آخر له علاقة بالوضع بعد الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر هو
AmericanEast
لهشام عيساوي. لكن في حين أن ذلك الفيلم (الذي لم ير نور العرض الأميركي التجاري بعد وربما لن يفعل) عمد الى إثبات أن العرب واليهود الأميركيين يستطيعون العيش بسلام معاً في الولايات المتحدة، يبتعد فيلم توم مكارثي »الزائر« عن هذه التوليفة التوفيقية القائمة على الرغبة والأمنية ويحفر لنفسه اتصالاً أفضل بالواقع المحيط٠
طارق ليس الشخصية الأولى في الفيلم (لكنه الشخصية المحورية درامياً) بل وولتر ڤال (رتشارد جنكينز) استاذ جامعي ماتت زوجته (خارج الفيلم) ولديه إبن (لا نراه او نسمعه) يعيش منعزلاً عن الناس ولا يرغب في التواصل مع أحد٠ يترك ولاية كوناتيكت الى مدينة نيويورك للإشتراك في مؤتمر وإجراء بحوث تتعلّق بكتابه المقبل٠ لديه شقّة صغيرة في حي مريح في المدينة لا يزورها كثيراً ومن الطبيعي أن يتوجّه الى شقّته تلك. إذ يدخل مستخدماً مفتاحه الخاص يجد لوازم في البيت. ينادي فلا يرد عليه أحد. يتقدّم صوب غرفة الحمّام حيث رأي شعاع نور ويكتشف وجود زينب (دانال غوريرا) السنغالية. تصرخ خوفاً وقد فوجئت بذلك الرجل الأبيض عند الباب فيهرع لنجدتها زوجها طارق (سليمان) ويدرك طارق أن وولتر هو صاحب البيت وأن أحداً أجره الشقّة من دون علم وولتر٠
هذه التفصيلة لن تُثير اهتمام السيناريو، وهذا حسن. يرضى طارق وزوجته المرتابة باخلاء المنزل في تلك الليلة لكن وولتر يعرض عليهما البقاء لبضعة أيام ريثما يجدان مكاناً يأويان إليه٠
مناخ
الى القاريء الكريم الوضع الحالي الى الآن، كما نجح السيناريو في إبرازه: رجل أبيض منعزل لدرجة الإنطواء لا تربطه عاطفة بأحد ولا بعمله يجد في ذاته داعياً لمشاركة منزله مع زوجين لا يعرفهما، وليسا من جنسه: طارق عربي من سوريا وزينب أفريقية من السنغال٠بعد ذلك ننتقل الى ما يُسمّى بالفصل الثاني او
Act Two
وهو سبر غور الأحداث التي تشكّل صلب الفيلم وتطوّر علاقاته وتأتي بما هو مطلوب من مناخات ومفارقات وأحداث لإيصال كل شيء الى ذروة درامية تمهيداً للفصل الثالث٠
طارق يحب الضرب على الطبل (هناك أنواع كثيرة ولا أدري الى أي نوع ينتمي هذا الطبل الأفريقي). وولتر كان حاول عزف البيانو ولم ينجح. في عمره الحالي (يقترب من الستين) من الصعب عليه أن يتعلّم عزف آلة مثل البيانو. لكن الطبلة تشدّه وكذلك الشخصية الطيّبة والسهلة التي لطارق. طارق يعلّمه الضرب على الطبل وسريعاً ما يجد وولتر نفسه منساباً الى عالم جديد يختلف -درجة التناقض- مع عالمه من دون أن يكون عدائياً له٠ وولتر الآن لا يمانع في مشاركة طارق حمل الطبل والذهاب معه الى الحديقة العامّة. في ذلك المشهد يقترب وولتر وطارق من مجموعة ضاربين (نرى بينهم أفارقة وآسيويين ولاتينيين) مصطفين جلوساً يضربون الطبول في إنسجام رائع. ينضم طارق إليهم ويتردد وولتر (أكبرهم سنّاً- لا ننسى) لكنه في النهاية يستجيب لدواعي الإنسجام ويجلس عند نهاية الصف ويدلو بدلوه٠
رسالة الفيلم -عبر الموسيقى وتجانس القوميات- موجودة في هذا المشهد، لكن على بعد قريب هناك ما سيمزّق هذه الصورة٠ حين يستخدمان مترو الأنفاق للذهاب الى مشوار قريب، يتدخل رجال أمنيون ويلقون القبض على طارق ويقتادونه بعيداً بينما يقف وولتر ممنوع عليه التدخل (وقد حاول)٠
طارق، كما يُثبت لاحقاً، ليس لديه إقامة قانونية وزينب (التي تعتاش من وراء بيع أساور وحلى أفريقية تصنعها) تدخل مرحلة أسى وخوف. وولتر يبرهن على أنه صديق وفي ويزور طارق في سجنه ويعين محام بدافع صداقته٠
عند هذه النقطة يتم تقديم طرف رابع متمثّل بأم طارق (هيام عبّاس) التي حين لم تستلم مهاتفات إبنها اليومية تأتي لتزوره في الشقّة وتكتشف وجود وولتر. وكما عرض هذا على طارق البقاء عرض على الأم البقاء أيضاً وهي وافقت بتردد وتكاد تدرك أن الناحية الثقافية / الأخلاقية التي قد تدفع الأم للتردد مفضّلة البحث عن فندق رخيص تقضي فيه الأيام المقبلة على أن تشارك رجلاً ما منزله مهما كان البيت كبيراً والرجل أخلاقياً ومهذّباً٠
أم طارق تجمعها الآن مع وولتر مسألة طارق العويصة وحين يصدر القرار الرسمي بإبعاد طارق الى سوريا ينتهي مشوار قصير بين الإثنين كانا تآلفا فيه. هي تقدّر لوولتر كل ذلك الحنين الذي خصّها به وإبنها وهو يقدّر كل ذلك العالم الشاسع الذي ساعدته وإبنها على معرفته والذي كان غائباً عنه٠
الوداع في المطار ثم هاهو وولتر يأخذ الطبل الى المترو لكي يضرب عليه أوتاره لعالم منفرد على سعته. شخص التحق بشخصيات أحبّها ولم يسعفه الحظ للبقاء إلى جانبها.... انتزعت منه٠
نظرة المخرج
توم مكارثي سبق له وأن أخرج قبل خمسة أعوام فيلما جيّداً آخر هوThe Station Agent مندوب المحطّة
الذي كان أول فيلم له كمخرج (»الزائر« هو الثاني) هو ممثل في العديد من الأفلام أيضاً وحالياً يظهر في دور أحد أصدقاء ميريل ستريب في »ماما ميا« ويلعب شخصية جف باور في الفيلم المقبل »ازدواجية« لجانب كلايڤ أووَن وجوليا روبرتس للمخرج توني غيلروي (كان توم مثّل بصوته معلّقاً في فيلم غيلروي التشويقي السابق »مايكل كلايتون«)٠
مندوب المحطّة كان عن ذلك الرجل القزم (بيتر دينكلاج) الذي يصل الى موقع معزول نوعاً لاستلام مهمّته كموظف في محطّة قطار٠ الى جانب العزلة الجغرافية فإن لبطل الفيلم عزلة أخرى خاصّة كونه قزماً. بطل فيلم »الزائر« ليس قزماً، لكنه آت من عزلة أيضاً. بذلك يتّضح أن الشخصية التي تُثير حماسة توم مكارثي لكتابتها هي شخصية ذلك الرجل المعزول، لسبب او لآخر، عن العالم المحيط به٠
ملاحظة أعتقد أنها مهمّة لأنها تشي بنظرة المخرج الى ذلك العالم. هذا الفيلم أعلى بدرجات من سابقه، الجيد على أي حال، كونه يدور عن الأميركي بعد الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر وكيف يتآلف مع شخصيات أخرى هي بذاتها غريبة عن المجتمع الذي يجمعها: عربي. عربية. أفريقية٠
مكارثي مخرجاً مثل مكارثي كاتباً: يميل الى سرد سلس. لقطاته (مدير تصويره في الفيلمين أوليڤر بوكلبرغ) لا تستجدي الإنفراد بل مواتية دائماً للمطلوب وظيفياً. تلك الداخلية وتلك الخارجية محكومة باعتماد المخرج لكاميرا ثابتة لا تريد أن تتحرك، بل تنتقل الى لقطات بعيدة، قريبة او متوسّطة، على نحو كلاسيكي ما يجعل الفيلم أكثر انسياباً. في الحقيقة، قد يمر الفيلم بأكمله من دون أن تلحظ حسنات تصويره او تستمع لموسيقاه التأثيرية المصاحبة فهي أيضاً غير قاحمة او مقحمة٠
CAST & CREDITS
...............................
DIRECTOR: Tom McCarthy. PRODUCERS: Michael London, Mary Jane Shalski. CINEMATOGRAPHER: Oliver Bokelberg [Col. Super 35]. EDITOR: Tom McArdle [104 min]. MUSIC: Jan A.P. Kaczamarek.
...............................
CAST: Richard Jenkins, Haaz Sleiman, Hiam Abbas, Danai Gurira, Marian Seldes, Maggie Moore.
...............................
PROD. COMPANY: Groundswell Prods./ Next Wednesday Prods/ Particpiant Prods. DISTRIBUTION: K5 International.
...............................
DIRECTOR: Tom McCarthy. PRODUCERS: Michael London, Mary Jane Shalski. CINEMATOGRAPHER: Oliver Bokelberg [Col. Super 35]. EDITOR: Tom McArdle [104 min]. MUSIC: Jan A.P. Kaczamarek.
...............................
CAST: Richard Jenkins, Haaz Sleiman, Hiam Abbas, Danai Gurira, Marian Seldes, Maggie Moore.
...............................
PROD. COMPANY: Groundswell Prods./ Next Wednesday Prods/ Particpiant Prods. DISTRIBUTION: K5 International.
أفلام أخرى جديدة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوعد ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: محمد ياسين | دراما إجتماعية | مصري- 2009
نقد: هبة الله يوسف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يخطيء من يري في »الوعد« مجرد فيلم عصابات و مطاردات، يرصد آليات الفساد وصراعها من أجل البقاء والمال، أو يلقي الضوء علي علاقة المسلم بالمسيحي بعيدا عن النمطية و الشعارات المعتادة. إنه حالة سينمائية شديدة الخصوصية تضافرت في صياغتها علي هذا النحو مجمل العناصر الفنية بدءًا من نص قوي محكم البناء محملا برسائل وحكم عديدة تعيننا علي تفهم كل هذا العبث من حولنا، انتهاءً بإخراج يمتلك بصمته الخاصة، والأهم قدرته علي تحريك كل العناصر بما يخدم رؤيته ويتوافق و ما يطرحه النص، مرورا بسيمفونية أداء شارك فيها الجميع بلا استثناء(المبدع محمود ياسين، الصاعد بقوة آسر ياسين، المفاجأة روبي، العائد بقوة أحمد عزمي، المبهر دوما باسم سمرة والقادم من بلاد الشام غسان مسعود بكل ما يمتلك من خبره وموهبة)، ديكور مبهر (لمحمود بركة) أثرى الصورة ونجح في التأكيد علي أهميته كعنصر فني يسهم في ترجمة النص، أبرزته صورة شديدة التميز والجمال (تصوير محسن أحمد)،علي خلفية موسيقية رائعة وموحية (تامر كروان) ومعبره عن كل مراحل التحول التي تمر بها الأحداث والشخصيات، مونتاج (معتز الكاتب) ينقلنا بسلاسة وحساسية
باختصار الفيلم حالة إبداع جماعية تدعوك لتأمل بشر وضعتهم الحياة في دوائر الاتهام ، لا مجال هنا للمحاكمة حتى لأقصي النماذج شرا مثل غسان مسعود في دور السحراوي، ضابط الأمن الذي استغل مركزه ليؤمن ما تبقي من أيامه ، ليس فقط عبر مال فاسد قام بتجميعه، ولكن من خلال استغلاله لنقاط ضعف بشر قدر له أن يطلع عليها ومن ثم مساومتهم عليها لتنفيذ أوامره أو الفضيحة، نماذج وراء أخرى يحكم قبضته عليها فيطيعون أوامره في صمت مهما كانت، وفي مقدمة هؤلاء يوسف (محمود ياسين) القاتل المأجور الذي آن الأوان لتقاعده، ليس عفوا و تقديرا من رب العمل السحراوى، أو حتى اختيارا صادقا خالصا من جانب يوسف سعيا للتكفير عن خطاياه، ولكن بسبب مرضه بالسرطان واكتشافهما(يوسف والسحراوى ) أنه لا أمل بالشفاء، ومن ثم يكلف أحد جنوده عادل (آسر ياسين) لمتابعته في أخر لحظاته، ليس حبا أو تدليلا كما أوحي له ولكن لمتابعتة و ملاحظته بشكل دقيق كي لا يفشى سره ويفضح أمره في أخر لحظة، الطريف أن هذا الرسول لم يكن يدرك طبيعة مهمته، وصدق بالفعل أنه مجند لتنفيذ كل ما يطلبه الرجل في أخر أيامه، جزء من مكافأة نهاية الخدمة مع المال الذي حمله له٠
غير أن الرياح أتت بما لا يتوقعه السحراوي، فلقد نشأت علاقة حب ومودة بين عادل و يوسف، تداخلت فيها الصداقة مع الأبوة والبنوة المفتقدة لكلاهما، ومن ثم يعرض يوسف علي عادل صفقة يحصل بمقتضاها علي هذا المال (مكافأة نهاية الخدمة) مقابل أن يقوم بدفنه في المكان الذي يختاره (أعلى قمة جبل يكون مطلا علي البحر) وفي البداية يوافق عادل علي أساس أنها صفقة العمر ستختصر له سنوات من العمل مع السحراوي و أمثاله، إلا أن الحال يغير في ضوء نمو العلاقة فتتبدل الصفقة لوعد صادق لا يتنازل عن تنفيذه مهما كانت مخاطره، وبغض النظر عن ديانة الرجل أو أخطاءه التي يبدأ في الاعتراف بها لعادل في حالة أقرب للتطهر٠
العلاقات الدافئة بالفيلم أحد الرسائل التي أكد عليها مؤلفه مثل علاقة عادل بجرجس والذي يعمل بدفن الموتي، وكيف بدأت بمشادة تحولت بعدها لصداقة قويه لعبت دورا في تغيير كل منهما، وهو ما نتلمسه في مشاهد عديدة بالفيلم وبالأخص المواجهه التي يؤمنوا بها ويمارسونها بالفعل بغض النظر عن الصعوبات التي قد يتعرضا لها، وهي أحد الرسائل التي أكد عليها الفيلم أيضا الي جانب التسامح والمغفره، الحب والذي يمكن أن يتحقق بصدق بعيدا عن حسابات السن والديانه و مجمل الفروق و الاختلافات بين البشر.
الوعد عمل ثري بالمشاعر الإنسانية، يؤكد علي أهمية السيناريو بوصفه العمود الفقري لأي عمل، و أن لدينا إمكانيات لصناعة فيلم جميل و هادف يمتعنا و أن يحقق أيضا الربح بما يحمس منتجه لإعادة التجربة٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
CAROLINE ** | كارولاين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: هنري سيليك | رسوم متحركة | أميركي -2009
أصوات: داكوتا فانينغ، إيان مكشين، تيري هاتشر، كيث ديفيد
نقد: محمد رُضا
.............................................................................................
تم إقتباس »كارولين« عن رواية لنيل غايمَن وسعى المخرج هنري سيليك منذ البداية للإنتقال من تقنيات فيلمه السابق »الكابوس قبل الكريسماس« (الذي كُنِّي أكثر بإسم المخرج تيم بيرتون، حيث تم الفيلم تحت إشرافه وحمل طابعه) الى أخرى جديدة باستخدام تقنية الأبعاد الثلاثة، وهي تقنية تستخدم للتأثير البصري أكثر مما هي قيمة فنيّة بحد ذاتها٠
إنه من المدهش، وربما من الممتع، أن تشاهد طائراً يطير في المسافة بينك على المقعد وبين الشاشة، او أن تمتد يد فتبدو كما لو كانت ستصل إليك، او ربما وردة يانعة تتمايل وتكاد تشمّها، لكن الى جانب الصداع الذي قد ينتابك، مثلي، من جراء إستخدام نظّارات الأبعاد الثلاثة (ذات التقنية التي عاشت وماتت في الخمسينات) فإن جل ذلك لا علاقة له بنوعية الفيلم ذاتها٠
على العكس، استخدام الأبعاد الثلاثة هو تحدٍ للقصّة: هل تستطيع أن تجاري هذا التقدّم بقوّتها الذاتية. فيلم هنري سيليك يفشل في ذلك من حيث أن فكرته (المطروقة في حكايات قريبة الشأن وغير كرتونية مثل السلسلة الفانتازية » نارميا«) تمشي الهويدا طوال الوقت والمشاهد التي من المفترض أن تشكل مفاصل إثارة بين المراحل تمر باردة٠ ليس أن الفكرة ذاتها سيئة كمادة فانتازية لكن التعبير عنها صورياً مدروس الى حد قاتل. هذا ليس فيلم كومبيوتر- أنيماشن ليتحرّك سريعاً، ولا هو أنيماشن رسم يد بأسلوب
Stop-motion
لكي يوحي بعمق الدلالة الفنية التي تكبّدها الفنان اليدوي لخلق الحركة الخيالية، بل هجين من الإثنين يصيب ويخطيء طوال طريق الفيلم الى نهايته٠ قصّة الفتاة غير السعيدة كثيراً في حياتها إذ أن والديها لا يعيرانها ما تستحقه من إهتمام ودائماً ما يبدوان منشغلين عنها غير قادرين على معايشتها في هذا السن المبكر. ذات مرّة تكتشف (او يكتشف لها فأر) باباً صغيراً إذا ما فتحته تراءى لها دهليز. حين تدخل الدهليز تنتقل الى عالم شبيه بعالمها مع أب وأم موازيين يعوضانها عن ذلك الحب والرعاية المفقودان٠ وهي سعيدة بهذا الشأن. كل ما يتغيّر أمامها في البداية هو أن عيون والديها مؤلفة من أزرار وليس من أعين حقيقية، لكن الفتاة كارولاين (تؤديها داكوتا فانينغ) سريعاً ما ستكتشف أن هذا العالم المسلّى والجميل (ربما أجمل من منظورها مما هو جميل من منظورنا) ليس بريئاً كما تريد٠
الرواية، تبعاً للكاتب غايمَن الذي أعتقد وضع قصّة »الكابوس قبل الكريسماس«، داكنة لكن في حين أن الفيلم الآخر كان ثري الملاحظة دائم الحركة وخيالي الى حد كاف ليعوّض النقص الأخلاقي في الرواية، فإن هذا الفيلم يخلو من تلك الحركة الدؤوب والشخصيات المثيرة للإهتمام. أكثر من ذلك، الأنيماشن نفسه يتقافز عوض أن ينساب وهناك فترات من تكرار المشاهد عوض ايجاد حل ولو كان أضطر الفيلم للإستغناء عن أمانته للأصل٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
OKURIBITO | DEPARTURES *** | مغادَرات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: يوجيرو تاكيتا | دراما إجتماعية | ياباني- 2008
تمثيل: ماساهيرو موتوكي، تسوتومو ياماكازي، ريوكو
هيروسو
نقد: محمد رُضا
.............................................................................................
مغادرات (بمعنى ترك الحياة الدنيا والإنطلاق صوب الآخرة) دراما ذات وقع آسر كعادة الكثير من الأفلام اليابانية الكلاسيكية. ينساب مثل صفحة نهر رقيق ويتعامل مع الموت بإحترام وتقديس٠ حكايته جديدة والكثير من عالمها مكشوف أمامنا لأول مرّة٠يستحق أوسكار أفضل فيلم أجنبي ولو أني أعتقد أن حظّه فيها ليس قوياً٠
بطل الفيلم دايغو (ماساهيرو موتوكي) يعمل في المدينة وتضطره ظروفه للإنتقال الى بلدة صغيرة مع زوجته ميكا (ريوكو هيروسو). لقد أفلست الفرقة الأوركسترالية الغربية التي يعزف فيها على الكمان وتقترح زوجته النقلة حيث رحلت والدة الزوج مخلّفة منزل شاغراً٠ في بحثه عن عمل يلتقط إعلاناً يعتقد أنه يتضمّن وظيفة في شركة سياحية، لكنه يكتشف أن »المغادرة« المقصودة ليست مغادرة المطار من ووصولاً الى، بل مغادرة الدنيا بأسرها٠ فالمؤسسة هي مؤسسة موتى بوذية (ولو كانت -حسب ما يقول له رئيسه لاحقاً أنه يلبّي جنائز مسيحية وإسلامية ويهودية مضيفاً "الموت لا يفرّق") والوظيفة هي العناية بالموتي من غسل وتنظيف ومعاملة دينية ذات شعائر بالغة الدقّة٠
دايغو يقبل الوظيفة بعدما فوجيء بالراتب الكبير ويحضر أول حفلة تأبين. يتابع شغل رئيسه (تسوتومو يامازاكي) المتقن والمفعم بالتفاصيل ويتعلّم. ولو أن مهمّة تاكيتا الأولى تصطدم بمشكلة: الميّت مخنّث وعلى دايغو التوقّف عن عمله وسؤال أهل الميّت ما إذا كانوا يريدون للذكر/ الأنثى معاملة ذكورية او أنثوية . إنها لمسة كوميدية داكنة وهناك غيرها في شغل المخرج يوجيرو تاكيتا لكن من دون أن تميد بمنهج الفيلم او نبرته الجادّة ٠
دايغو أخفى تفاصيل عمله عن زوجته وهذه حين تكتشف الحقيقة تشعر بالخجل وتتركه الى بيت أمّها. كذلك فإن بعض معارفه ووالدته من قبل مغادرته البلدة الى المدينة يعيرونه بسبب عمله٠ لكن دايغو يعلم ما لا يعرفه أحد: لقد راقب رئيسه وهو يبذل في سبيل إنجاز عمله بدقّة وبعناية وبإحترام شديد للميّت٠ دايغو تأثر بكل هذا وأصبح راغباً في أن يوازيه قدرة٠
ويُتاح للزوجة فهمه حين تعود كونها أصبحت حاملاً وحين يموت والده الذي لم يكن دايغو يشعر بأي قرب صوبه كون الأب ترك العائلة ودايغو صغيراً. في البداية لا يشأ دايغو السفر الى حيث مات والده ليكون حاضر دفنه، لكن زوجته ورئيسه وحتى الموظّفة في مكان عمله يطلبون منه القيام بالمهمّة لأن في ذلك غسيل له أيضاً٠ في النهاية يتصالح دايغو مع نفسه ويرتفع الفيلم في تتويج لتلك العلاقة الإنسانية بين الحي والميّت وبالصورة الخالية من الخطابة والمليئة بالتأمّلات كما لو أن الكاميرا هي التي تركع في المكان لتواكب ما تصوّره من خشوع٠
يسمّون محترف التأبين في اليابان ساساكي والممثل تسوتومو يجسّده كما لو أنه انتقل من تلك المهنة الى التمثيل وليس العكس. والفيلم يسبر حياته على نحو كاف. هو خسر زوجته ويعيش حياته كما لو كان ينتظر فقط اللحظة التي سيتواصل وإياها من جديد في العالم الآخر٠
المخرج تاكيتا إن لم يكن معروفاً في سينما المهرجانات فذلك لأن معظم ما حققه جماهيري التوجّه على عكس هذا الفيلم، وهو في أفضل حالاته حين يحقق أفلاماً كوميدية ذات نبرة داكنة (ساخرة او سوداء) كما فعل في »عائلة ين« الذي شاهدته سنة 1988 وكان أول فيلم أشاهده له٠
الفيلم يتبع المفترض به من أسلوب عمل يتلاءم والمعروض. حركة كاميرا محدودة على لقطات طويلة لا يزعجها المونتاج والكثير من الحنان المتسرّب من مشاعر مكبوتة ومكشوفة في الوقت ذاته. الممثل الذي يؤدي البطولة ماساهيرو موتوكي عليه أن يؤدي شخصية الشاب غير الناضج، لكن يبدو في أحيان كما لو كان ممثلاً غير ناضج أيضاً إذ يتطلّب الأمر وقتاً قبل أن يثير القبول٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
FROST/ NIXON **** | فروست / نيكسون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: رون هوارد | دراما [أحداث واقعة] أميركي - 2008
تمثيل: فرانك لانجيلا، مايكل شين، أوليڤر بلات، سام روكوَل، كَڤن باكون٠
نقد: محمد رُضا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا الفيلم هو أوّل فيلم يملأ المشاهد إعجاباً من بين أفلام رون هوارد. القراء يعلمون كيف أن رون صعد وهبط سلم الإجادة أكثر من مرّة منذ أن امتهن الإخراج قبل 40 سنة لكنه حتى حين صعد فإنه بقي بعيداً عن ذلك المستوى الفني الأمثل٠
لا أقول أنه حقق هذا المستوى كاملاً هنا، لكنه بالتأكيد أنجز أفضل فيلم له على الإطلاق معتمداً على خطّة عمل محدّدة وواضحة بالنسبة إليه: سيناريو مستوحى من مسرحية. تصوير (أحيانا بثلاث كاميرات) ومونتاج ممنهج لتنفيذ فيلم بلا غايات خارج طبيعة المادّة٠
قرأت السيناريو الذي كتبه بيتر مورغَن ولم يعجبني ما قرأت٠ وبالتأكيد لو كنت عضواً في الأكاديمية لما منحته صوتي (ولم أمنحه صوتي لجائزة غولدن غلوبس) لكن ما استطاع رون هوارد إنجازه من ذلك السيناريو، المكتوب كسيناريو بيتر مورغَن السابق »الملكة«، بقليل من الخيال وبكثير من الإستعارات المبنية على وثائقيات وأبحاث. طبعاً، والى حد، هناك عذر يبرر ذلك فالكاتب (في الحالتين) إنما كان ينقل وقائع حقيقية في الأساس متدخلاً في التفاصيل والحوارات. لكن المخرج رون عزّز ناحية أساسية في السيناريو الذي استلهمه هي التي تمنح الفيلم الكثير من الأهمية. الناحية هي التالية: هناك صراع يشبه صراع الملاكمة او المصارعة الحرّة وفي أرقى حالاته صراع لاعبي الشطرنج بين شخصيّتين أساسيّتين. هذا الصراع يتبلور جيّداً تحت إدارة رون هوارد وبالطريقة الصحيحة. طريقة أن لا يعمد المخرج الى تلوينه فاقعاً من البداية حتى يدل المُشاهد عليه٠
في »الملكة« الذي أخرجه ستيفن فررز سنة 2006 تبلور هذا الصراع بين الملكة اليزابث (هيلين مَرِن) ورئيس الوزراء البريطاني (مايكل شين) وتأزّمه مع مقتل الأميرة دايانا . في الفيلم الجديد هو صراع بين صحافي سياسي أوّل مرّة أسمه ديڤيد فروست (مايكل شين مرّة ثانية) كان قبل التجربة التي خاضها مجرد مقدّم برنامج استضافات في التلفزيون الأسترالي (واليوم هو إعلامي شهير) وبين رئيس جمهورية أميركي مكروه (الرقم 37 بين رؤساء أميركا) كان اضطر لتقديم استقالته بعدما اتهم بأنه سمح بالتصنّت على الحكومة والحزب الديمقراطي ثم أرسل من يسرق الأشرطة فيما عُرف منذ ذلك الحين بفضيحة ووترغيت٠ الفارق بين »الملكة« و»فروست/ ديڤيد« على صعيد السيناريو هو أن الصراع الأول يتبدّى سريعاً تبعاً للأحداث، بينما يبقى كامناً تحت الرماد فترة طويلة في »فروست/ نيكسون« . في مطلع الفيلم قد تتساءل كيف يمكن للأزمة أن تنبع إذا ما كان الصحافي يقوم بمهمّته والرئيس المستقيل يحاول أن يوظّف المقابلة للدفاع عما قام به وإعادة بعض ما خسره من شعبية٠
لكن الأمور تتجه فعلاً الى ذلك التأزيم حين يتعلّم فروست أنه سيخسر المواجهة مع الرئيس (وبالتالي فرصة التحوّل الى صحافي سياسي نيّر) إذا ما لم يشحذ سكّينه ويزيد من حدّة مواجهته. هذا في الوقت الذي كان الرئيس قد قرر أن يفعل الشيء نفسه مع هذا الصحافي غير المعروف٠
أيضاً من عناصر المواجهة حقيقة أن كل منهما يرغب في توظيف الآخر لصالحه. فروست يريد استغلال الرئيس لتسجيل وجوده والنجاح في وجهته الصحافية الجديدة، والرئيس يريد أن يوظّف المقابلة لترميم وضعه العام٠
رون هوارد عادة ما يصوّر اللقطة الواحدة مرّات ومرّات وعلى الممثل أن يبقى على الخط في كل مرّة٠ في المشهد الذي نرى فيه الرئيس يتحدّث هاتفياً مع الصحافي فروست حديثاً طويلاً، نصب المخرج ثلاث كاميرات وأعاد تصوير المشهد (الذي يمر على الشاشة لنحو ست دقائق) ستة عشر مرّة. هذا ستّة عشر مرّة مرة كان على فرانك لانجيلا إعادة حواره من دون ضعف لأنه لن يعرف أي لقطة من تلك الستّة عشر هي التي سيأخذها المخرج ويطبعها للشاشة٠
هذا يعني لنا شيئاً واحداً: فرانك لانجيلا ممثل يعرف كيف يبقى حاضراً. إنه بالتأكيد ليس ممثل يلعب الدور بالإعتماد على وحي اللحظة، بل على دراسة واستعداد لذلك يستطيع تحمّل هذا الأسلوب من الإخراج (في مقابل أسلوب جورج كلوني او كلينت ايستوود او وودي ألن المؤلف عادة من لقطة الى لقطتين من دون أن يعني أن النتيجة هي أفضل او أسوأ لهذا السبب تحديداً)٠
إنه تمثيل من مصاف أول على جانب لانجيلا ومقبول على جانب مايكل شين لكن كل ذلك لم يكن ليساوي الكثير لو أن المخرج لم يكن مستعداً لدعم هذا الجهد بتصميمه المحدد والمسبق لكيفية معالجة فيلم مبني على مسرحية من دون أن يكون مسرحياً علماً بأنه ليس فيه الكثير من المنافذ للإختلاف الا بقدر ما يمكن استغلاله من مناسبات قليلة٠ في هذا الصدد نجح في عمل مؤسس جيّداً كل شيء فيه مدروس لإنجاز فيلم صغير الإنتاج وقوي التأثير ولو أن مفعوله، سياسياً او درامياً، يبقى محدوداً للغاية٠
استعادات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Climates | مناخاتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إخراج: نوري بيلج جيلان | دراما عاطفية | تركيا - 2007
نقد: زياد عبد الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عن لحظات الحب الصعبة في فيلم نوري جيلان »مناخات«٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من فيلم «القرود الثلاثة» آخر أفلام المخرج التركي نوري جيلان والذي حاز على جائزة أفضل إخراج في الدورة الأخيرة من مهرجان كان، إلى «مناخات» فيلمه الذي يطالبنا بالعودة إليه خصوصاً بعد الجماليات الخاصة التي حملها «القرود الثلاثة»، وقد خصص له الكثير على هذه الصفحة بوصفه واحداً من أهم أفلام عام 2008. «مناخات» 2006 مقدمة ضرورية لما حمله «القرود الثلاثة» وله أن يكون على اتصال وتناغم بما يضعنا مباشرة أمام مخرج على قدر خاص من الإبداع، وله أن يكون مسكوناً بتقديم صورة مغايرة ومشهدية وفية للأبهى في السينما العالمية.
مباشرة نتعقب فيلم«مناخات» مناخاً وراء آخر، لقطة وراء لقطة، والحديث عن قصته يمسي تحصيل حاصل، السؤال الأبرز يكمن في كيف يروي جيلان قصته بصرياً؟ كيف للأحداث أن تتوالى وكل ما لدينا خالٍ من الأحداث، فقصة الفيلم تتلخص بأن بهار «ايبرو جيلان» ستهجر عيسى «المخرج نوري جيلان» لأنها اكتشفت خيانته مع امرأة أخرى اسمها سيراب «نازان كيرلميس»، هذه هي القصة ببساطة، والتي نشاهدها من أول الفيلم إلى آخره، الذي يمكن تقسيمه على هذا النحو: قبل الهجران، أثناء الهجران، بعده ومحاولة عيسى أن يعود إلى بهار.
الكلام قليل، الصورة تتولى كل شيء كما هي السينما الحقيقية، نحن في موقع أثري عيسى يلتقط الصور، بينما بهار شاردة ووجهها متلبد بالحزن، هدوء يتيح لنا سمع أي نأمة، صوت خفقان أجنحة الطيور، الذباب، ومن ثم تغرق بهار في بكاء صامت.
بعد ذلك يقضي على الهدوء، صوت دراجة نارية يقودها عيسى وخلفه بهار، الطريق جبلي، كلاهما شاردان، ثم فجأة تضع بهار يديها على عيني عيسى فيقعان على مقربة من حافة الوادي، تتركه بهار وتعود مشياً على الأقدام.
يمكن متابعة ذلك إلى ما لانهاية، كيف يكونان على البحر، جسد بهار مبلل بالعرق، بينما هي نائمة على الشاطئ وفجأة يداهمها كابوس، إنه عيسى يغمرها برمال البحر. ونتعرف بعد ذلك إلى سيراب، والتي يعود ويراها عيسى، ويعود إلى علاقته بها ذات الطابع الحسي البحت، بحيث تكون علاقتهما الجنسية ميالة للمازوشية والسادية.
الجزء الأخير من الفيلم يترك لتعقب عيسى لبهار التي تكون في صدد تصوير مسلسل تلفزيوني في منطقة نائية من تركيا تغطيها الثلوج، يراقبها وهو يشرب الشاي والدنيا بيضاء تماماً في الخارج، وحين يتواصل معها ترفض أن تعود إليه، لكن وفي منتصف الليل وهو نائم كعادته وقد وضع درجاً تحت رأسه بدل الوسادة يقرع بابه فإذا بها هي، تأتي لتنام بجانبه على السرير وفي الصباح تمضي كما لو أنها المرة الأخيرة التي ستراه فيها.
كل ما سرد سابقاً لا نفع له، ما لم يكن الأمر متروكاً للصور، للمشهدية، لتقديم كل شيء عبرهما ومن خلالهما فقط، حيث الصورة هي الحامل الجمالي لكل عوالم الفيلم، والمناخات المتبدلة تشكل خلفية استثنائية للقطات المحتشدة بالمعاني، إنها لقطات طويلة لتقول كل شيء، ما من شيء يسمى بل يترك لك كمشاهد أن تسمي الأشياء بأسمائها، سيراب بملامحها وقصة شعرها وإيماءاتها تقول من هي، وجه بهار يحكي كل ماله أن يصورها عاشقة من نوع خاص، هدوء عيسى أقرب لما يسبق العاصفة، مع أعماقه السحيقة. كل شيء في فيلم جيلان مبني لقطة بلقطة، ما من شيء ينقص هنا أو يكثر، إنه فيلم مصاغ بميزان من ذهب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Target **** | هدف
إخراج: آرثر بن | تشويق | أميركي- 1985
تمثيل: مات ديلون، جين هكمان، جايل هانيكت٠
نقد: محمد رُضا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جوهر مخبّأة في طيّات فيلم تزداد تألقاً مع الزمن وتدور عن العدو الذي في الداخل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هدف هو أحد الأفلام الأخيرة في حياة المخرج المتميّز (وأنا لا أستخدم هذه الكلمة كثيراً) آرثر بن. صاحب أفلام رائعة سابقاً من أهمها »بوني وكلايد« أنجزه بعد توقّف أربع سنوات لكن من دون نجاح جماهيري يُذكر. حتى النقّاد الغربيين لم يتحمّسوا اليه كثيراً٠
عندما قرر آرثر بن العودة إلى السينما بعد انقطاع أربع سنوات منذ أن قدم «أصدقاء جورجيا» قبِل هذا العرض من المنتجين زانوك وبراون لسببين: الأول هو أنه كان يريد أن يقول لهوليوود أنه ما زال موجوداً (كما صرح في مقابلة) والثاني أنه كان دوماً يتمنى تحقيق فيلم له حبكة من المطاردات والتشويق ولو لم يكن تماماً على غرار «بوني وكلايد» الذي أخرجه قبل 19 سنة٠
السيناريو وفر أرضية مناسبة: زوج يبحث عن زوجته المخطوفة بمساعدة ابنهما الشاب في مغامرة تنقلهما من الولايات المتحدة إلى فرنسا ثم إلى الألمانيتين. لكن تلك المهارة الكبيرة التي دوماً غلفت أعمال بن، وتلك الكيفية الشاملة التي طالما عالج بها مواضيعه، ما يجعل من «هدف» أكثر من فيلم مطاردات وحركة. ما يستخرج من السيناريو خطوطاً وأبعاداً تضيف إلى الفيلم قيمته الفنية والإنسانية الكبيرة. المأساة كانت ذات وجهين: فعلى الصعيد الأول قوبل الفيلم بفتور الأميركيين (عماد الإيرادات) وعلى الصعيد الآخر ووجه بردات فعل سلبية من معظم النقاد الغربيين الذين يعتقدون أنه إذا لم يكن الفيلم الجديد لأي مخرج بمستوى أفضل أعماله السابقة، فإن هذا يعني فشله أو ردائته. «هدف» ليس بأهمية «بوني وكلايد» و«المطاردة» و«رجل صغير ـ كبير»، لكن لا يقل جودة عنها، ولا تخفق أبعاده في إثارة الذهن وحثه على التفكير كما فعلت تلك الأفلام حينها.
الوضع الذي يوفره بن لمتفرجيه هو التالي: زوج محب يحاول التقرب من ابنه الشاب دون جدوى، فالتباعد بين الأجيال حاصل بينهما، لكن الإنسانة الوحيدة التي يكترث لها كلاهما هي الزوجة والأم التي خطفت. هنا تلتقي مصلحة عليا وهي التي توفر لاحقاً عملية ردم تلك الهوة بينهما. بن يرسم خطوطاً غير مسطحة حالما تطأ الكاميرا الأرض الأوروبية. قبل ذلك لم يمتنع عن التمهيد للأحداث الكبيرة برسم ملامح الحياة العائلية في مدينة صغيرة من المدن الأميركية. هنا نحن أمام عائلة ليس فيها ما يميزها عن غيرها، بل وإيقاع ذلك الفصل الواقع في وطن تلك العائلة (نحو ربع ساعة) يتدرج في يسر كأنما هو جزء من حلقة تلفزيونية. الأمر الوحيد الهام فيه هو رصد التباعد الحاصل بين الأب وابنه، وهو رصد طالما قام به بن في شغف مخصصاً له فيلمين هما «مطعم أليس» و«أربعة أصدقاء»٠
حالما يصل الفيلم إلى أوروبا يسير الفيلم سريعاً على خطين متوازيين. الخط الأول بوليسي (بمعنى وجود جريمة واحتمال وقوع جرائم أخرى) ـ تشويقي على غرار ما ورد في النص الأصلي للعمل، والثاني اجتماعي/ أسروي هو الخط الأبعد من الفيلم والذي يعطيه ثقله النوعي. هنا يصل الابن إلى أرض الأحلام. إنها رحلته الأولى خارج الولايات المتحدة، ومثل كل السفرات الأولى في حياة المرء الراشد، يفتح عيناه على كل جديد يراه ويعمل ذهنه سريعاً في محاولة لاستيعاب كل ما يمر عليه من مشاهدات أو أحداث. إلى جانب هذه البدهية، يكتشف الشاب حقائق لم يكن يعرفها عن والده، وهذه الاكتشافات ترد بمثابة مفاجآت الرحلة، فهو لو تخلف أو لم يضطر وهو ووالده للسفر، لما وقف على تلك الحقائق. لقد علم أن الأمر أخطر مما تصور وحادثة المطار، ثم حادثة أخرى قريباً من الفندق الذي نزل فيه مع والده جعلاه يوقن أن في الأمر ما هو أبعد من قضية خطف. لاحقاً يقع تطور آخر عندما يعلم من والده، وتحت إلحاحه هو، إنه كان عميلاً للسي آي إيه. ردة الفعل السلبية تجاه النبأ لم تمنعه من الاستمرار في اندفاعه لمؤازرة والده، وإذ يستمع إلى والده وهو يخبر صديقة قديمة بأنه (الوالد) يتمنى لو كانت لديه حياة موازية لا تمس حياته الحالية، يعمل على محاولة شق طريقه بين حياتين واحدة موجودة والأخرى متمناة٠
هذه التعرجات الجميلة تزيد من ثقل الموضوع وتحول دون وصوله إلى المتفرج كمجرد شريط مغامرات، علماً بأنه على صعيد المغامرات فيه يكاد لا يشكو من أية نقاط ضعف. بن يبقي الإيقاع حياً، والمفاجأة مستمرة، يستخدم المطاردات في تكوين هزلي شبه سوريالي في ذات الدرجة التي يمضي فيها بعيداً في جدية معالجة تلك المشاهد. شيء من جنون الحياة ومفاجآت أرض الأحلام وتشابك هندسة المدن ينتمي إلى بونويل، والمعظم من المواقف فيه حس هيتشكوكي. في الحالتين ليس من باب التقليد، بل من باب تدفق الأحداث المتسارعة. هذه الأحداث المتلاحقة ذاتها تضيف إلى مشكلة الشاب الكامنة في البحث عن هوية وبن على حق حين يقول في أحد تصريحاته:
«ذكرني ذلك الضياع بحالة صارت أكثر تكراراً في الولايات المتحدة، فالشهود المجهزون أو المتطوعون للشهادة ضد المافيا أعطوا هويات جديدة وحياة جديدة ضماناً لسلامتهم، لكن كم منهم ما زال يشعر بأنه هو ذاته الإنسان السابق؟»٠
بن ـ بعدما غابت الزوجة/ الأم عن الساحة إلى نهاية الفيلم يجد كذلك المجال للحديث عن الأب. ذلك الرجل الذي عمل مع المخابرات المركزية كرجل عمليات ثم عاد إليه الماضي على شاكلة انتقام من بعض من شاركوه المهمات بالأمس (بما في ذلك من إدانة للجهاز نفسه). إنه يدفع اليوم ثمن ما قام به بالأمس. مهدد (بزوجته) ومنتقل بقطار يعود به إلى الأمس خاصة حينما يقابل صديقته القديمة مع ما يشهده ذلك اللقاء من ذكريات ومناجاة. إلى جانب تصويره في وضع دقيق، كأب وكإنسان، هو تجسيد للمواطن المؤيد لنظامه (ممثل هنا بجهاز المخابرات) والواقع ضحية له في ذات الوقت. هذه الازدواجية هي من اللمحات العصرية الأخرى التي لا تغيب عن بال المخرج والتي يربطها في عنق ما يدور. بن يذهب إلى حد إدانة السي أي إيه، فالرئيس المسؤول فيها هو القاتل، المختطف والخائن. وأعماله ـ أو أعمال أمثاله ـ هي التي تقضم من حياة الأميركيين ربما أكثر مما تفعل مخابرات العدو، كما يقول الفيلم٠
براعة بن هي في أن المرء يكاد لا يصدق أن كل هذا الفحوى يخرج من فيلم ظاهره حكاية مطاردات وأعمال تشويق وجاسوسية على الطريقة القديمة (طريقة أفلام الخمسينات والستينات)، لكنه بن الذي نتحدث عنه والذي قد يقبل بفيلم لا يرقى إلى أعماله الأخرى الكبيرة، لكنه لا يقبل بأن يكف عن الشغب بسببه
كل ما شاهده الناقد من أفلام المخرج جورج أبوت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
George ABBOTT
حياة: 1887- 1995
مهنة: مخرجاً [1918- 1958: 12 فيلماً]٠
: أهمية : شارك في كتابة سيناريو فيلم لويس مايلستون »كل شيء هاديء على الجبهة الغربية« (1930) أحد أهم الأفلام المعادية للحروب الى اليوم. كتب عدداً من السيناريوهات وعدداً أكبر من المسرحيات التي تحوّلت بدورها الى أفلام. مخرجاً حقق ما بين 1918 و 1958 إثنا عشر فيلماً. شوهد منها
The Cheat (1931) **
فيلم مقتبس عن فيلم سابق أخرجه سيسيل ب. دميل سنة 1915 بنفس العنوان: إمرأة أرستقراطية عليها سداد دينها لياباني وحين تخفق يوشمها بخاتمه محاولاً النيل منها. في نسخة جورج أبوت الناطقة لا شيء يتجاوز ما رصفه الفيلم السابق في عداد الجوانب الفنية. مع تالولا بانكهيد وهارفي ستيفنس و(الياباني) هناكي يوشيوارا٠
Too Many Girls (1940) *
لوسيل بول بطلة هذه الكوميديا البائسة حول فتاة يعيّن والدها الثري أربعة حراس شخصيين (من خلفيات رياضية) لحمايتها حين يرسلها الى الجامعة٠ واحد من تلك الأعمال السهلة التي لا تترك خلفها أي أثر٠
The Pajama Game (1957) **
أفضل أعماله هو هذه الكوميديا الموسيقية الإستعراضية مع دوريس داي في دور المرأة التي تقود مفاوضات العمّال مع رئيس مصنع البيجامات الجديد فتقع في حبّه. ربما أحد أسباب نجاح هذا الفيلم عائد الى أن الإخراج لم يكن كلّّه لجورج أبوت فقد شاركه فيه ستانلي دونن الأفضل شأناً٠
Damn Yankees (1958) **
أيضاً بمشاركة ستانلي دونن هذا الميوزيكال المأخوذ عن مسرحية كتبها وأخرجها جورج أبوت على أحد مسارح برودواي حول سياسي يتحالف مع الشيطان لإنقاذ فريقه الرياضي المفضّل. تمثيل ضعيف الحاشية من نجم الفترة تاب هنتر في الدور الرئيسي٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2008٠
0 comments:
Post a Comment