YEAR 1 | ISSUE 46 | Avatar | Invictus


  INVICTUS   ***1/2
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


Clint Eastwood |   إخراج: كلينت ايستوود
تمثيل: مورغن فريمان، مات دامون٠، توني كوروج، باتريك موفوكنج
سيناريو: أنطوني بكهام [عن كتاب لجون كارلِن]٠
تصوير: توم ستيرن  [ألوان- 35 مم]
توليف: جووَل كوكس، غاري د. روتش [134 دقيقة]٠
موسيقا: كايل ايستوود، مايكل ستيفنز٠

دراما |  تاريخ [الولايات المتحدة- 2009]٠
شوهد في لوس أنجيليس [عرض خاص]٠
الفيلم رقم: 229 من مطلع السنة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان ما حدث بين مصر والجزائر من مهازل لا زال في البال مُزعجا ومثيراً لتأمّلات من نوع "كيف كنا وأين أصبحنا"، حين شاهدت فيلم كلينت ايستوود الجديد "إنڤيكتوس" من دون أن أقرأ عنه مسبقاً. دخلته وكل ما أعرفه عنه هو أن مخرجه أيقونة حديثة بين مخرجي هوليوود وأن ممثله الأول مورغن فريمان يؤدي دور الزعيم الأفريقي نلسون منديلاّ٠
خرجت وأنا أكثر إدراكاً بأن الرياضة بمن يقوم بها ويساندها، فإن هم سقطوا سقطت والعكس صحيح. ذلك أن محور الفيلم تحديداً هو: كيف نجح نلسون منديلاّ بتوحيد شعبه المنقسم على نفسه بين بيض وسود. لا عبر الخطابات النارية، ولا قوّات البوليس والمخابرات ولا من خلال خلق المتناقضات والعدائيات في البلد الواحد، بل عبر كرة القدم (وأخشنها نوعاً وهو الروغبي)٠
 الفيلم  مأخوذ عن كتاب بعنوان "اللعب مع العدو" كتبه جون كارلين قبل بضع سنوات لا ليحكي فيه سيرة حياة مانديلا، ولو أن جزءاً من هذه الحياة مرتسم بما يكفي على الشاشة، بل ليقدّم ذلك الرئيس الأول لجنوب أفريقيا الخارجة حديثاً من سنوات الإضطهاد العنصري منذ استلامه الحكم الى حين احتفل بنصر فريقه الرياضي على فريق نيوزيلاندا سنة 1994



على ذلك هو ليس فيلماً رياضياً. بل يكشف كيف أن الرئيس الذي فاز بالإنتخابات والبلد على شفير حرب محتمل بين الأفريقيين (المواطنين الأصليين) والأفريكانوز (البيض الذين استوطنوا) نظر الى المباراة المقبلة كفرصة لتحقيق الوحدة بين الناس. ونرى مانديلّا مدركاً  أنه محاط بمن يتوقّع له الفشل وللبلد السقوط في فوضى كبيرة. في ذلك الحين يسترعي إنتباهه أن فريق كرة القدم المحلّي يواجه محنته الخاصّة. إنه لا يلعب الدور السياسي والإجتماعي الذي من شأنه جمع المواطنين جميعاً حوله. ضعيف الأداء وليس أهلاً لكسب المباريات الدولية. وسط مشاغله واهتماماته وصعوبة المرحلة يجد الوقت اللازم للإهتمام بهذه الناحية فيطلب لمقابلته رئيس الفريق فرنسوا (مات دامون) الذي يحتار في السبب الذي من أجله تمت دعوته لهذا اللقاء، ليكتشف أن الطلب الوحيد للرئيس الأسود هو أن يفوز فريق الرئيس الرياضي بالمباراة المقبلة مع فريق زائر هو نيوزيلاندا٠
هناك تماثل مقصود بين الرئاستين: واحد جمع أهل البلاد وآخر كان الوسيلة الفعلية لذلك. الأول يقود البلاد وعلى الثاني أن يقود الفريق وعليهما معاً النجاح وكل يساند الآخر في هذه المهمة. على فرانسوا توحيد الصف وخوض المباراة وإنجاز المهمّة.  والمهمّة لم تكن الفوز بالمباراة فقط، بل محو تلك الحساسيات بين البيض والسود من مواطني جنوب أفريقيا  وجعلهم جميعاً يرقصون ويحتلفون بذلك الفوز الذي حققه الفريق بإسم بلدهم الواحد٠



عنوان الفيلم مأخوذ عن شعر كتبه وليام إرنست هنلي سنة 1875 ونشر سنة 1888 (حسب مصادر الفيلم) في هذا الشعر هناك مقطع أعجب ايستوود (او كاتب السيناريو او كليهما)  يقول: "أنا سيد قدري. أنا قبطان روحي" وهذا هو ما يبثّه الفيلم في ثناياه. هناك مشهد نرى فيه مانديلاّ/ فريمان يحضر المباراة وفي يده هذا الشعر، ولو أن الحقيقة هي أن الورقة التي كانت في يده آنذاك كانت نصّا للرئيس الأميركي "الرجل في الملعب" وهو نص خطاب ألقاء الرئيس الأميركي سنة 1910
في المعالجة الفيلم متّحد جيّداً. مروي بإجادة ايستوود المتوقّعة منه دائاً على الرغم أن الأحداث التي يرويها تمشي في ركاب المتوقّع. هذا من الصعب السيطرة عليه من دون التدخّل في مجرى ما وقع بالفعل وهذا ليس مطلوباً. لكن في تفاصيل العمل يلحظ المرء كيف أن هناك ثلاث خطوط لهذا العمل كل منها يسير بموازاة الآخر دون أن يصطدم به. فلجانب مشاهد مخصصة لكيف دار منديلاّ البلاد وحكمته وتصرّفاته المتواضعة ثم لجانب الجزء الخاص بالفريق وتمريناته ومحاولاته الإرتقاء الى مستوى المهمّة المطلوبة منه، هناك ذلك الجزء المهم من الفيلم المتعلّق برجال الأمن الخاص. في قوامه الأول، وبشكل طبيعي، هو مؤلف من رجال سود. في اليوم التالي ينضم اليهم فريق من الرجال البيض بأمر من الرئيس لأنه كان يعلم أن ظهوره محاطاً برجال سود سيخلق فاصلاً بينه وبين البيض من المواطنين. يقول لرئيس الأمن (الأسود): "أنتم عنواني للناس. يرونني من خلالكم"٠
مورغن فريمان في ثالث لقاء له مع كلينت ايستوود ليس بدوره بحاجة الى برهان. بعد "غير المسامَح« و»مليون دولار بايبي" يؤدي هنا أحد أفضل أدواره قاطبة. إنه لا يمثّل دور مانديلاّ بل يجسّده متمتّعاً بتشابه في الإمارات مثير للتعجّب٠
على الرغم من كل هذه الحسنات فإن الفيلم ليس بقوّة أعمال ايستوود السابقة. هنا يبدو ايستوود (الذي يُخرج ولا يَظهر) مرتاح لعملية تنفيذية لا تحمل الا القليل جدّاً من ذاته. مثلاً، بمقارنة فيلمه هذا بفيلمه السابق "غران تورينو" يميل المرء لتقدير المنحى الشخصي لذلك الفيلم. هنا مجرّد اختيار ايستوود لموضوع يبجّل فيه قيمة نلسون منديلاّ هو أيضاً مرآة لذاته الراغبة في فك الحصار الشخصي الذي اعترف في »غران تورينو« بأنه لازمه طويلاً. على ذلك لا يحمل "إنڤيكتوس" الذات بل النظرة ولا يتعمّق في مسائله المطروحة، لكنه جاد فيها على أي حال٠
إنه هنا يمكن مواصلة سحب الخط المتمثّل بعلاقة ايستوود بالأقليّات المختلفة وآرائه فيها: المرأة (تين دالي) في
The Enforcer (1976) الفارض
Dirty Harry (1971)  ملازمه التحري اللاتيني تشيكو (رني سانتوني) في : هاري القذر
وبالأخص علاقته بالأفرو- أميركيين في هذين الفيلمين كما في
Escape From Alcatraz,  Honkytonk Man, Bird, Unforgiven, True Crime
Outlaw Josey Wales  ثم علاقته بالسود والهنود في
كذلك علاقته بذوي الأصول الجنوب آسيوية كما الحال في
The Dead Pool (1988)  البُركة الميّتة
ايستوود كان تصالح مع نفسه في "غران تورينو" الى الأبد إذا ما اعتبرنا الفيلم الذي قام فيه بدور رجل متحفّظ يتعلّم كيف يتعايش مع الآخرين وبل يذود عنهم. "إنڤيكتوس" في هذا الصدد هو تكملة تتميّز بصناعتها الجيّدة٠

CAST & CREDITS 

DIRECTED BY:   Clint Eastwood
 SCREENPLAY: Anthony Peckham SOURCE:  "Playing the Enemy: Nelson Mandela and the Game that Made a Nation": BY: John Carlin
CAST:
   Morgan Freeman ... Nelson Mandela
  Matt Damon ... Francois Pienaar
  Tony Kgoroge ... Jason Tshabalala
  Patrick Mofokeng ... Linga Moonsamy
  Matt Stern ... Hendrick Booyens
  Julian Lewis Jones ... Etienne Feyder
  Adjoa Andoh ... Brenda Mazibuko
  Marguerite Wheatley ... Nerine
  Leleti Khumalo ... Mary
  Patrick Lyster ... Mr. Pienaar

CINEMATOGRAPHER: Tom Stern
MUSIC:  Kyle Eastwood,  Michael Stevens
EDITORS:  Joel Cox, Gary D. Roach¹ (134 min)
PRODUCTION DESIGNER: James J. Murakami
PRODUCERS:  Clint Eastwood,  Robert Lorenz,  Lori McCreary, Mace Neufeld.
PRODUCTION COMPANY: Warner Bros./ Spyglass Entertainment/ Revelations Entert./ Maco Neufeld Prods/ Malpaso Prods. [USA- 2009].




AVATAR  ****
 
إخراج: جيمس كاميرون | تمثيل: سام وورثنغتون، زاو سالدانا، سيغورني
ويڤر، ستيفن لانغ، ميشيل رودريغيز، جيوفاني ريبيسي، وز ستودي٠

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سيناريو: كاميرون (مكتوب خصيصاً للسينما)٠
3 D  تصوير:  مورو فيوري | ألوان- دجيتال
توليف: كاميرون، جون ريفووا، ستيفن ريڤكيِن (162 د)٠
موسيقا: جيمس هورنر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منتجون: جيمس كاميرون، جون لانداو، كولين ولسون٠
20th Century Fox/ Dune Entertainment/ Ingenious:  شركات الإنتاج
Film Partners
الولايات المتحدة - 2009


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النوع: خيال- علمي/ فانتازيا |مفاتيح: حياة على كوكب آخر
شوهد في: لوس أنجيليس (عرض خاص)٠
الفيلم رقم: 228 من مطلع السنة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أفلام جيمس كاميرون تتميّز بسيناريو قوي المضمون تزيّنه شخصيات نسائية قويّة القدرات: سيغورني ويڤر في »أليانز« ومن قبلها ليندا هاملتون في »ترميناتور« وماري اليزابث ماسترانتونيو في »القعر« يلتقين مع زاو سالدانا بأنهن نساء مقاتلات عنيدات وبل شرسات في سبيل ما تراه كل منهن صواباً٠
سيناريوهاته أيضاً  ليست جوفاء. دائماً هناك قصّة مهمّة تقع ضمن طيّات أحدث التقنيات والمؤثرات البصرية المستخدمة. إنه يكتب للكاميرا، لكنه يكتب للمضمون أيضاً وفي "أڤاتار" يفعل ذلك على نحو أفضل مما فعله من قبل. يدمج الإنساني بالثراء التكنولوجي ليخلق حالة متجانسة (ولو غريبة في تجانسها): طرح ذهني في مقابل ثرى بصري. هكذا وطول الوقت٠
تقع الأحداث في العام 2145 على سطح كوكب أسمه باندورا وفي مطلعها نتعرّف على قاعدة عسكرية- علمية مشتركة وتستطيع أن تقرأ في ذلك إنها رأس حربة لرجال المال أيضاً فالمارينز جايك (سام وورثنغتون) جيء به ليخلف شقيقه الذي كان يخدم القاعدة في مهامها ثم مات٠جايك مشلول لا يمشي، لكن ذلك لا يعيق عملية نقله من الشكل الآدمي الى الشكل الخاص بالمواطنين الأصليين للكوكب. الهدف من تجنيده هو التجسس على هؤلاء لتوسل الطريقة الأمثل لإقناعهم بالنزوح عن أراضيهم والسبب هو رغبة هذه القاعدة والبشر الواقفين ورائها (يمثّلهم جيوفاني ريبيسي) في استخراج ثروات من تحت الأرض يفوق ثمنها الذهب على الأرض. الكيلو الواحد يساوي عشرين مليون دولار. لك أن تتصوّر لو أن الإنسان استولى على تلك المساحة الشاسعة التي تعيش عليها قبيلة ناڤي جنباً الى جنب وحوشها وأشجارها وأنهارها لأهدر الثروة في منافعه الشخصية وأطماعه التي تتمدّد في أرجاء الكون  ينهب ما يريد بإسم الحضارة والمصلحة العامّة٠


لكن المرء، والفيلم يقصد ذلك أساساً، ليس عليه الإنتقال الى مستقبل الفيلم ليتخيل ذلك. في شفافية واضحة تستطيع أن تعتبر شعب النافي هو أي شعب تعرّض للتهجير (والقتل إذا مانع) في سبيل ثروة: الأرض، الماء، ثروات ما تحت الأرض الخ...). تستطيع أن تستبدل الناڤي بالسيوكس او بالأباتشي او بكل القبائل الهندية التي سكنت القارة الأميركية الى أن حل ذات يوم ضيف أبيض ثقيل الظل وأجاز لنفسه ذات أفعال المؤسسة الفضائية في هذا الفيلم. إنها، بالنسبة إليه، مسألة اقتصادية وليست اخلاقية وفي سبيل المصلحة ليس من الضروري أن يرى شيئاً آخر. "أڤاتار"  يمعن في قراءة الحاضر والماضي بينما يوالي كتابة حكايته المصوّرة٠

حين يطأ جايك أرض الكوكب يتعرّف على نايتيري (زاو سالدانا) التي  تنقذ حياته من تلك الوحوش الضخمة او الشرسة وتعارض رغبة أهلها في الثقة به ومنحه حق البقاء. لكنه جاسوس على أهلها وهي لا تعلم، وحين لا تعلم يكون قد مر بتجربة تتركه غير قادر على مزاولة عمله بعدما أدرك أن عليه مساعدة تلك القبيلة المسلّحة بالروحانيات وبالقوس والنشّاب أساساً مواجهة القوّة الأميركية العاتية. هذا يعيدنا مرّة أخرى الى كل المواجهات الأميركية (والغربية عموماً) التي وقعت في كل تلك العصور الغابرة: ألم يتألّف التاريخ من حكم القوي في فلسطين وفييتنام وعموم القارّة الأفريقية ونصف آسيا وكل القارّة الأميركية؟ يحدث هنا المتوقّع حين تدرك نايتيري أنها خُدعت ووثقت بمن لا تراه أهلاً للثقة. أما هو فهو صادق النيّة في التكفير عن منطلقاته السابقة. يواجه الأعداء معها ويتسبب -بعد معارك طاحنة- بانسحاب المعتدين (او مقتلهم) من دون تحقيق غاياتهم٠

قلت أن جايك كسيح. لكنه كسيح في حياته البشرية. حين يصل الى القاعدة لاحظ كيف يبدو مثل معتوه. شاة لا قول لها في كيف سيتم التعامل معها في المسلخ. المسؤولة عنه هي العالمة غرايس (سيغورني ويڤر) وهي تعامله بجفاء برمجته أيامها وقناعاتها. الفيلم في هذا التمهيد لا تبدو عليه بعد "آثار" الرسالة اليسارية التي سيحملها بعد قليل. بل هو، حتى ذلك الحين وما بعد بقليل، هو من ذات المنظور الذي تميّز به فيلم كاميرون الأسبق "أليانز" الذي آثر البقاء في ذلك التغليف معظم الوقت. هنا تتفتّح الحقيقة بعد قليل حين يبدأ جايك بالدخول والخروج من شخصيته الحقيقية الى شخصية المخلوق الشبيه بشعب النافي  مع ملاحظة أنه حين يفعل ذلك، لا يكتشف حقيقته فقط، بل يحقق ما يتمنّاه كل من لا يستطيع الحركة الا وهو: الحركة. الحياة الجديدة تمكّنه من المشي وهو الكسيح خارجها٠
تغيّره الداخلي ناتج عن إدراكه لكنه ناتج أيضاً عن حبّه لنايتيري وحبّها له. في هذا النطاق، تستطيع أن تقارنه بالكابتن سميث (كولن فارل) في فيلم ترنس مالك "عالم جديد" (2002)  و(على الأخص) مقارنة نايتيري ببوكاهونتاس (وكما لعبتها الهندية الأصل كوريانكا كيلشر) في ذات الفيلم. بعد قليل، حينما يتقبّل جايك هذا التغيير تستطيع مقارنته بلوتاننت دنبار في "يرقص مع الذئاب« (1990). ثم لاحقاً ، وفى حمى المعركة الكبيرة قبيل نهاية الفيلم، من الممكن جدّاً رسم خط بين رئيس القوّة العسكرية الأميركية (ستيفن لانغ) الذي يواجه القبيلة المحاربة بقوّاته المحصّنة بدبّباتها وطائراتها  وبين دور جورج أرمسترونغ كاستر، كما أدّاه روبرت شو في فيلم روبرت سيودماك "كستر الغرب" ( 1967)٠



المشترك بين هذه الأفلام الثلاثة السابقة هي أنها جميعاً من "الوسترن" وهذا طبيعي طالما أن النيّة ليست طرح مستقبل الإنسان بمعزل عن ماضيه. لكن إذ ينطلق كاميرون في استلهام هذا الماضي، فإن قوّة فيلمه متمثّلة في تكنولوجيا مؤلّفة من إنجازات مبدعة في مختلف الميادين: من التصوير بالأبعاد الثلاث الى الأنيماشن غرافيكس، الى تصاميم المخلوقات نصف الآدمية والوحوش ودقة حركاتها التفصيلية كما العامّة، ومن تصاميم ورسم عالم جديد كليّاً تختلف مياهه وأشجاره وصخوره عن توقّعاتنا، الى كل ما يدخل ضمن تركيبة الكومبيوتر غرافيكس وصولاً الى عدم تناسي تفاصيل من نوع حمل اسطوانة باليد بينما هناك حركة لبشر مطبوعة فيها، مثلاً٠
الفيلم بالأبعاد الثلاثة كما يدرك الجميع، لكن جديده هو أن التصوير تم بكاميرا متخصصة للغاية أسمها
Fusion
هذه الكاميرا الدجيتال تستطيع التصوير مباشرة بالأبعاد الثلاثة بنظام أسمه
Stereoscopic 3-D
وكان كاميرون استخدمها في فيلميه التسجيليين
Aliens of the Deep و Ghosts of the Abyss
والنتيجة مبهرة ولو أنها ليست مبهرة لحد تشكيلها العنصر الأفضل تقنياً. أخلع النظّارة وحاول مشاهدة الفيلم (او بعضه) بالبعدين التقليديين وستجد أن لو قام كاميرون بتحقيق الفيلم بالبعدين التقليديين لأنجز فيلماً رائعاً على أي حال بسبب قوّة موضوع وقوّة المؤثرات المستخدمة وحسن التحامهما من دون تفرقة تذكر٠
بعض المسارات القصصية في الفيلم تضعنا أمام المتوقّع مثل قصّة الحب والجفاء ثم إدراك الحقيقة والوقوع في الحب مرّة أخرى، ومثل رحلة الكشف عن مدارك جديدة لجايك تجعله يتعرّف الى الحقيقة. لكن هذه ليست  محطّات مهمّة او خاصّة يمكن التوقّف عندها للنيل من الفيلم. إذا ما كان هناك أمر واحد عملياً رديء او ضعيف في هذا الفيلم فأنا لا أعرفه. كل شيء يبدو ناجحاً في عالم الفيلم الذي يشيده  وما يشيده محسوب بالثانية والكادر لإنجاز العمل على نحو مثير ومشوّق. المهم إنه ليس فيلماً خالي الوفاض من المضمون ذي الرسالة والى جانب ما سبق وروده هنا، هناك ذلك الرصد لعملية ارتباط الشعوب ذات الحضارات غير المادية او الصناعية بالروحانيات على نحو شديد. كاميرون يقول إنه لا يكترث أي دين يعتنقه البشر طالما أنه ليس دين عداء وسفك دماء وقهر. ويقدّم مشاهد من تآلف شعوب الناڤي مع الطبيعة التي تدفع، في مشاهد لاحقة، ثمناً باهظاً حين تهاجم القوّة العسكرية ذلك الشعب وتدمّر، خلال ذلك، طبيعته (مشهد آسر وحزين لتدمير شجرة عملاقة يبلغ طولها طول ناطحة سحاب في دبي او نيويورك) وتراثه٠
في كل ذلك، »أڤاتار« فيلم فاتح للبصر وللمدارك ويستخدم السرد غير العاكس للذات لكي يعكس الذات في ذلك الوقت بمعنى أنه ليس فيلم تأمّلات، لكنه ينجح في إثارتها على كل حال. تجلس لترى الفيلم فتفاجأ بأنه سحبك معه في رحلة من التشويق الفاعل من دون أن تضطر لترك دماغك على الأرض٠
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

James Cameron

مواليد:  16 آب/ أغسطس سنة 1954
مكان الولادة: كابوسكاسينغ، مقاطعة أونتاريو، كندا٠
مهن: مخرج، كاتب سيناريو، منتج، منتج منفّذ وممثل سابقاً٠
الأنواع: خيال/ علمي، أكشن٠
سنوات المهنة: الثمانينات الى اليوم

الأفلام


إخراج (الطويلة فقط)٠
  Piranha Part Two: The Spawning (1981)  **1/2
1984:  The Terminator (1984)  ***
 Aliens (1986) ***1/2
 Terminator 2: Judgment  Day (1991) ***
 True Lies (1994)  **1/2
  Titanic (1997)   ***
2005: Aliens of the Deep (Documentary- 2005) ***


كتابة (الطويلة فقط، غير المذكورة أعلاه)٠
Rambo: First Blood Part II | George P. Cosmatos (1985) ***
Strange Days | Kathyn Biglow (1995) ****
إنتاج (السينمائية فقط)٠
Terminator 2: Judgment Day | J. Cameron  (1991) ***
Point Break | Kathlyn Biglow (1991) ***
Strange Days  | Kathlyn Biglow (1994) ****
Titanic | J. Cameron (1997) ***
Solaris | Steven Soderbergh (2005) ***
Expedition: Bismarck | James Cameron (Documentary-2005) ?
Aliens of the Deep | J. Cameron (Documentary- 2005) ***

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2009٠


2 comments:

على باب الله said...

الفيلم جميل فعلاً ، و نقدك رائع
هي بس حكاية ركوب المخلوق الشبيه بالتنين و حكاية العلاقة الخاصة بين التنين و الفارس كانت مقتبسة من إيراجون بشكل مفضوح أكثر من اللازم

مراد عبد الله said...

بصرياً وعلى أي مستوى آخر الفيلم جيد واستحق انتظاره
لكن من السلبيات أن التنفيذ أحياناً أضعف مما يجب ... مثل التجربة الأولى لاستيقاظ جايك في جسد الافتار الجديد ووصوله حيث لعبة الباسكيتبول كأنني في ذلك الحدث أتابع لعبة فيديو! ومشاهد أخرى -قليلة- لم تقنعي في مستواها البصري والإخراجي
ثم القليل من الكرتونية في رسم الشخصيات كالشخصية التي أدتها ميشيل رودريجز مثلاً

الفيلم ممتاز، جيمس كاميرون لم يهمل الجانب الكتابي والبصري لعمله عموماً لكن لم يتفادى بعض السلبيات
المتوقعة

تحياتي