Focus on Film
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
A Serious Man ***1/2 | رجل جاد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جووَل وإيتان يقدّمان الفيلم (اليهودي) الكامل
إخراج: جووَل وإيثان كووَن
تمثيل: مايكل شتولبارغ، رتشارد كايند، فرد ميلامد، شاري لنيك
سيناريو: جووَل وايتان كووَن [مكتوب خصيصاً للسينما]٠
تصوير: روجر ديكنز [ألوان- 35 مم]٠
توليف: روديريك جاينس (104د)٠
دراما - الولايات المتحدة (2009 )٠
الفيلم رقم: 240 من بداية العام
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس هناك من فعل انتقام يلجأ اليه الأخوين جووَل وإيتان كووَن في فيلمها الجديد "رجل جاد" ضد اليهودية. ليس هناك أي اعتراض عليها بحد ذاتها، لكن الفيلم -رغم ذلك- يوغل عميقاً في مسألة العلاقة بين اليهودية وإيمانها بالله وإذ يفعل ذلك يجنح الى ما يقترب من الإلحاد. في الوقت ذاته، وبقدر ما الفيلم يهودي (وقد آتي الى تعريف ذلك لاحقاً) بقدر ما يطرح اسئلة تهم أهل الكتب السماوية الثلاث: لماذا نجد أنفسنا، أحياناً او دائماً، محط أحداث ومفارقات متعاقبة لا نعرف سبباً لوقوعها فنوعز بها الى مشيئة الله او الحظ بالنسبة للبعض؟
في ضواحي مدينة مينيابوليس في الستينات. لاري دوبنيك (مايكل شتولبارغ) أستاذ فيزيائيات في المعهد. إبنه داني (آرون وولف) يدرس اليهودية في مدرسة أخرى. إبنته سارا (جسيكا مكمانوس) مشغولة بسرقة ما في محفظة أبيها وبتصميم شعرها. وهناك زوجته جوديث (شاري لنيك) التي لا يبدو أنها سعيدة، وأخيه آرثر (رتشارد كايند) يعيش في غرفة الصالون ولا يبدو أنه ينوي أن يترك البيت او يبحث عن عمل٠
هذه الظروف التي يضع فيها الأخوين كووَن بطله لاري تتطوّر: طالب كوري يضع مغلّفا فيه بضع مئات من الدولارات على مكتب لاري كرشوة لإنجاحه في الإمتحان. الطالب ينفي أنه فعل ذلك ويصر، في الوقت عينه، على أن يتدخّل لاري لتغيير العلامة التي تحدد مستواه. ادارة المدرسة بدأت تشك في اخلاقياته المهنية بسبب من رسائل تم بعثها الى الإدارة تتحدّث عن استلامه رشاوى. إبنه يستمع الى فرقة جفرسون أروبلاين خلال الدروس ويشترك في مجموعة من الكتب الموسيقية التي على والده أن يدفع ثمنها. زوجته تفاتحه من دون مقدّمات بأنها معجبة بصديقه (الأكبر سنّا) ساي (فرد ميلامد) وتريد تركه للزواج منه٠
على نحو مفهوم، يحاول لاري أن يفهم ما الذي يحدث ولماذا يحدث كلّه في آن واحد. لكن الأمور بأسرها تتطوّر نحو المزيد من التعقيد كلما حاول هو معرفة الحلول التي يستطيع إعتمادها. إنه ليس الرجل المستسلم لمشيئة إلهية او قدرية او لمجرد ردّات فعل ما يحدث، بل يحاول ايجاد حلول لها. المشكلة الأكبر هي أنه، وهو إنسان علمي، يندفع الى الدين بحثاً عن إجابات كما لو أنه في نهاية المطاف لا يؤمن كثيراً بما يمارسه. وهو يقول لتلامذته لاحقاً "لا شيء ثابت في مكانه. ما يبدو صحيحاً قد لا يكون"٠
يحاول استشارة رجلا دين. الأول بلا خبرة وبلا إجابات، والثاني يسرد عليه قصّة طبيب أسنان اكتشف كلمات عبرية على قفا أسنان زبون تقول "بلا حل" ويطلب منه أن لا يطرح اسئلة لأن الله لم يطلعنا على كل ما يعلم. هذا بالكاد كاف للاري الذي نراه يتوجّه لمقابلة كبار الحاخامات. يراه من خارج غرفته الكبيرة لا يقوم بشيء، لكن سكرتيرته تقول له أن الحاخام مشغول بالتفكير٠
الإرث
في مشهد يقع في منتصف كل هذه الزيارات المتباعدة، نرى لاري يصعد سطح منزله ليصلح الأنتينا. يحاول تحريك الهوائي بعض الشيء وتتناهى إلينا أصوات الأثير المختلفة. لاري هنا يبدو كما يحاول التواصل مع الله بحثاً عن إجابات أخبره الراباي بأن لا ينتظرها. يقف على السطح ثم ينظر حوله الى منازل الجيران تحته. هناك شعور بأنه بلور حسّاً بأنه أعلى مكانة. ربما هذه نقطته الأقرب الى ما يبحث عنه أعلاه. فجأة يرى جارة له تأخذ حمام شمس وهي عارية تماماً. في محاولة للتلصص عليها ومشاهدتها على نحو أكبر ينزل تدريجياً من قمّة السطح الى جوانبه٠
سنلاحظ هنا أن هذه المنازل المرميّة فوق قطعة خضراء لا فواصل بينها. فكّرت بأن هذا إما هفوة غير منطقية فالمنازل المترامية في الضواحي كل منها مع قطعة أرض خضراء بجانبها عادة ما هي محاطة بسياج يفصلها عن الحديقة والبيت الآخر. هذه طبيعة إنسانية الإمتلاك والتميّز. لاحقاً بعد انتهاء الفيلم فكّرت بأنه، ومع إحتمال أن تكون هذه هفوة تصميمية، الا أنه احتمال ضئيل. الغالب إن نوعاً من الوضع المتساوي يجمع بين كل الناس الذين هم تحت. لا فواصل ولا حواجز. وإذا كان من المعروف والمنتشر بين عارفي سينما الأخوين كووَن بأنهما يتعاملان مع الشخصيات عموماً وفي أفلامهما كلّها بنظرة متعالية متلاعبين بأقدارهم كما لو كانا نصبا نفسيهما مالكي تلك الأقدار، فهل يجوز أن تكون مشاعر لاري في تلك اللحظة (لحظة سابقة لاكتشافه وجود جارة عارية ونزوله خطوات من مستوى الى مستوى كما لو كان يعود الى ضعفه الإنساني) هي مشاعر الأخوين ونظرتهما الى الحياة ودوريهما كصانعي أفلام على الأقل؟
لا أستطيع التأكيد على صحة او عدم صحّة هذه النظرة ولا يمكن لي أن أعاملها كإكتشاف لبعد ما. الفيلم مستوحى من شخصيات ألفاها حين كانا صغيرين وهما وُلدا في تلك الضواحي وكانا صغيران في منتصف الستينات وهما، لجانب كل ذلك، يهوديّان- لكن الفيلم ليس سيرة ذاتية ولا يحتوي ما يؤكد، بصرياً هذا البعد او ينفيه. ما هو مؤكد هو ذلك الإتقاء العبثي على السطح وعودته الى الأرض. لاحقاً، تحدوه مشاهدة جارته العالية لزيارتها عارضاً عليها أي مساعدة ترغبها، لكننا نعرف، وهي تعرف وهو ربما يعرف أنه هو من يحتاج لمساعدة. تعطيه سيغارة حشيش وسيلتها الباقية لمساعدته بعدما ظهر عليه أنه مشدود الى ما يمنعه من استغلال "كرمها" و" استعدادها" الظاهرين لممارسة الجنس معها٠
لديه جار آخر يكرهه (ولاري يعتقد إنه يكره كل اليهود) وهو يصر على موقفه من نزاع على الأرض الفاصلة بينهما. هذا ما يدفع لاري، وسط كل التبعات والظروف التي تحيط به وتحوّله الى إنسان محبط، لزيارة محاميه (يهودي) للبت في الموضوع، ومحاميه يلجأ لشريكه سولومون (الممثل الوحيد المعروف بين كل الممثلين المشتركين في الفيلم مايكل لرنر) الذي يصرف الوقت لمتابعة القضيّة بتفاصيلها. في مشهد قُصد به القدر الأقصى من السخرية الداكنة، يدخل سولومون قاعة الإجتماعات ويجلس عند نهاية الطاولة ويبدأ بتمهّل شديد فتح ملفّاته حول هذه القضية. كل من لاري والمحامي الآخر ينتظران، بصبر ملحوظ، أن ينطق المحامي ليفصح عن نتيجة تحقيقه. ينهض سولومون واقفاً. يشهق ثم يسقط ميّتاً بالسكتة القلبية قبل أن يتفوّه بكلمة واحدة٠
فاتورة المحامي (الآخر الباقي على قيد الحياة) تلحق بلاري (ثلاثة آلاف دولار) كذلك فاتورة إبنه ومشاكل أخيه مع القانون وقبلها قضيّة زوجته (القضية الأخرى التي أودعها لاري لدى المحامي) التي تطلب الطلاق للزواج مع صديقه ساي كلها تضيق الخناق من حول عنقه وعلى نحو متلاحق ومتزايد. لاري اليهودي، في كل هذه الحالات لا يجد من اليهود أي عون: لا من الراباي الثلاث الذي قصدهم، ولا من المحامي الذي لا يرتدع عن ارسال فاتورة معهودة رغم معرفته بأزمة لاري الماديّة ولا من صديقه الذي يلطش منه زوجته بكل هدوء طالباً من لاري أن يتفهّم الوضع. ساي هذا دراسة مجدية بحد ذاتها. ما يقترحه الفيلم هنا هو أن ساي ليس فقط سمح لنفسه بقبول نوايا زوجة صديقه (إن لم يكن شارك بها أصلاً) بل يمارس ذلك النوع من الخبث التحتي الذي يتيح له محاولة الهيمنة على مقدّرات "صديقه" وإخضاعه لما يراه هو واجباً عليه. المشهد الذي يتجالس فيه الثلاث (لاري من ناحية وساي وزوجة لاري في الناحية المقابلة) يتباحثون في اتفاق "حضاري" يكشف كل ذلك حين تقترح الزوجة على زوجها النزوح الى فندق. يصيح هذا محتجّا:"ولماذا لا تغادرين البيت أنت؟". يتدخّل ساي بدهائه ليقول:" لا تستطيع أن تطلب منها ذلك بالطبع"٠
لاري ينزح بالفعل، لكنه دائم التواجد في البيت حتى نهاية الفيلم (ما يُضيع قدراً من قيمة هذا الجانب من الموضوع) كذلك يموت ساي في الوقت ذاته الذي يتعرّض فيه لاري الى حادثة سيّارة. يحاول الفيلم هنا الربط بين الإثنين في جملة حوارية من تلك التي يتساءل فيها لاري عن سبب هذه الصدفة، لكن من دون أن يترك ذلك تأثيراً حقيقياً على الفيلم. ما هو أكثر أهمية تلك الأحلام التي تتراءي للاري حين ينام: يحلم بأنه منح شقيقه المغلّف الذي دفعه الطالب الكوري وأودع شقيقه قارباً في بحيرة ليذهب بعيداً وفجأة يطلق جاره النار على شقيقه فيرديه ثم يقول لإبنه: "هذا يهودي آخر هناك" مشيراً الى لاري. يحلم بأنه يمارس الجنس مع جارته تلك التي لم يستطع ممارسة الحب معها في الواقع. وما يعايشه في تلك الأحلام هي إحباطاته من الواقع. لاري ليس محارباً ولو أنه يرغب أن يكون. في النهاية عالمه المتأرجح هذا ينهار في الوقت الذي يقرر فيه قبول الرشوة وتصحيح العلامة بما يتيح للطالب الكوري النجاح. إبنه في المقابل يرتقي فيقلّد وساماً يهودياً في حفلة دينية من دون أن يتخلّى عن سماعه الروك أند رول٠
تمهيد
في مطلع الفيلم مشهد من نحو خمس دقائق لرجل يعود الى زوجته ليخبرها أنه التقى بمن تعرف أنه مات منذ ثلاث سنوات وأنه دعاه الى العشاء. يدخل رجل عجوز ويجلس أمام الزوجة التي تخبره أنه ميّت. يضحك الرجل من كلامها مؤكداً إنه لا يزال حيّاً يُرزق. تتناول سكينا وتغرزه في قلبه. لا يموت، لكنه يخرج والسكين مغروز فيه بعدما فشل فيما جاء له. ونحن لا نعلم لماذا جاء. المشهد يقع في مكان ما من أوروبا الشرقية (ربما بولندا) ويحكي اليديشيه ويبدأ وينتهي كما لو لم تكن له علاقة بباقي الفيلم الذي يحكي الإنكليزية (وبعض العبرية) وتقع أحداثه كلها في أميركا. لكنه بالطبع مشهد متّصل لسببين: الأول تلقائي إذ اختاره الأخوين كووَن لتمهيد للفيلم، والثاني أن الزوجة تعتقد أن هذا اليهودي العجوز ما هو الا الشيطان تقمّص شخصية الميّت. والشيطان ليس مسمّى بذلك الإسم بل بإسم "دايبوك". لاحقاً الفيلم لا يذكر إسم الله بل إسم "هاشيم" الذي يتحدّث عنه لاري بالتساؤل واللوم كما الفيلم. السبب الغالب هنا هو عدم إيمان المخرجين لا بالله ولا بالشيطان فيستعينان بتسميتين يهوديّتين خاصّتين تعكسان مفهومين متقاربين. هذا مع ملاحظة أن التمهيد المذكور قد وقد لا يرتبط بتاريخ لاري. وإذا ما فعل فأحد أبواب هذا الربط اقتراح بأن هناك لعنة مسحوبة على اليهودي لاري وربما على اليهود جميعاً٠
بذور الشخصية
هذا الفيلم مكتوب بدقة وبعناية ومنفّذ بدقة وبعناية أيضاً. كل لقطة فيه مدروسة جيّداً. ليس أن هذا ليس منوال الأخوين المعروفين، لكن هنا ذلك العدد الأكبر من اللقطات القريبة التي تفحص وتحدد الإطار الذي يحيط بشخصيته الرئيسية. إطر لا تستطيع أن تفلت الشخصية منها كتلك الأقدار التي تحيط بها. تصوير روجر ديكنز (مدير التصوير الدائم في أفلامهما) دائماً مركّز المقدّمة والخلفية تظهران بذات الوضوح. التوليف أيضاً (يقوم الشقيقان تحت إسم روديرك جاينس) دقيق فلا تفلت ثانية من الفيلم او تُضاف. وهو فيلم خاص ليس فقط بسبب ما يتحدّث عنه وفيه، بل أيضاً بسبب منوال إنجازه. الأخوان كووَن وصلا، منذ سنوات، الى حيث يستطيعان طلب أي ممثل معروف للعب أي دور، لكنهما اختارا هنا وجوهاً غير معروفة وبذلك منحا الفيلم خصوصية أكبر بكثير. إنه فيلم خاص كذلك فيلم جاد جدّاً عن رجل يُعيب على نفسه، في النهاية، إنه جاد جداً موحياً، وعن صواب، أن أموراً كهذه لا يمكن أن تقع الا مع الجادّين في حياتهم٠ اللاهون ينسلون منها إذا ما وقعت معهم٠
جذور شخصية لاري نجدها في أكثر من فيلم سابق: هي في شخصية الكاتب اليهودي بارتون فينك (لعبه غير اليهودي جون تورتورو) في "بارتون فيكن" (1991) ورأيناه في شخصية إد كران (بيلي بوب ثورنتون) في "الرجل الذي لم يكن هناك" (2001) وفي شخصية جفري ليبوفسكي (جفري بردجز) في »ليبوفسكي الكبير" (1998). لكن تلك الأفلام اتّسعت لاحتواء حالات تخلط الخيال بتلك البذور الشخصية، أما "رجل جاد" فكله بذور شخصية ما يجعله عملاً استثنائياً شكلاً ومضموناً بين أعمال جووَل وإيتان كووَن٠
CAST & CREDIT
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Directors: Joel Coen, Ethan Coen
..................................................
Cast:
Michael Stuhlbarg, Richard Kind, Fred Melamed,
Adam Arkin, Sari Lennick, Amy Landecker, Alan
Mandell, Michael Lerner.
..................................................
Screenplay: Joel Coen, Ethan Coen
Cinematography: Roger Deakins (Color- 35 mm)
Editor: Roderick Jayness (104 min).
Music: Carter Burwell
..................................................
Producers: Joel and Ethan Coen
Prod. Company: Focus Features/ Studio
Canal/ Relativity Media/ Working Title
[US/ France- 2009).
نظرة أخرى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2012 **
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بطل إيميريك يريد لكل الناس النجاة ... لكن العرب أيضاَ؟
إخراج: رولاند إيميريك | تمثيل: جون كيوزاك، أماندا بيت، شيوتل إيجيوفور، أوليفر بلات، داني كلوفر٠
خيال علمي [نهاية العالم] | الولايات المتحدة (2009) | مكتوب خصيصاً للسينما | ألوان- 35 مم | 158 د
الفيلم رقم: 215 للناقد هذا العام٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شاهدت هذا الفيلم غصباً عني مرّتين. الأولى كانت محشورة بين فيلمين أيضاً في عروض خاصّة: الرديء
A Couple Retreat
وأفضل الثلاثة "إنڤيكتوس" . الثانية بعد مرور شهر وأسبوع على إطلاقه تجارياً وهذه هي المشاهدة التي أبني عليها رأيي أدناه لأني في الأولى كنت تعباً وجاري لم يتوقّف عن شرح الفيلم الى زوجته التي لا تعرف الإنكليزية وضغط العروض كان مرتفعاً. ما دفعني إليها ليس أنني فقط أردت البت في أمر مستواه (كنت أساساً منحته نجمتين من خمسة كما الحال هنا) بل التحقيق في إشارة أوردها الزميل أمين صوصي علوي تقترح أن الفيلم وفّر الكعبة من الدمار الشامل. كيف فاتتني هذه الملاحظة في المرّة الأولى، سألت نفسي وأنا أقود سيّارتي الى الصالة التي كانت تعرض الفيلم في أسبوعه الأخير وارتحت أن عدد الزبائن كان لا يزيد عن إمرأتين جلستا متباعدتين حيث لا أمل في أي ثرثرة٠
فيلم إيميريك الجديد حول نهاية العالم (وقد دمّر سلفاً نيويورك وأجزاءاً من الولايات المتحدة والعالم في أفلام سابقة) يقدّم لنا الروائي الفاشل جاكسون (جون كيوزاك) الذي يعمل سائقاً خاصّاً لدى البليونير يوري (زلاتكو بوريك). الأرض بدأت تهتز بعدما سجّل مركز للرصد العلمي في الهند في العام 2010 دلائل أن العالم سيشهد اضطرابات خطيرة. هذا الرصد يتولاّه في الولايات المتحدة العالم أدريان (شيوتل إجيوفور) وفي الهند صديقه لاما (هنري أو) الذي يضع لنا ما يعنيه ذلك من خطر. نقلة الى العام 2012 والكوكب الذي نعيش عليه يتحرّك بنا كما يشاء. زلازل وحرائق وبراكين وعلى جاكسون نقل زوجته السابقة (أماندا بيت) وولديهما كما صديقها الى موقع آمن ويحدث بالصدفة أن هذا الصديق لديه خبرة قيادة الطائرات والا لما استمر الفيلم بعد دقيقته الأربعين، والطائرة الصغيرة تحط فيستقلان واحدة كبيرة يملكها الروسي يوري تتوجّه الى الصين حيث تم بناء السفينة الكبيرة في ظرف عامين. كل هذا مع التناوب مع قصّة أدريان وهو ينقل تحذيره الى الرئيس الأميركي (داني كلوڤر) مع محاولة رئيس فريق البيت الأبيض (ورئيس أدريان المباشر) ممارسة سلطاته وقراراته حتى حين تكون خطأ٠ الذروة في نصف الساعة الأخيرة حين جاكسون بأدريان يلتقيان ويا للصدفة كانا التقيا سابقاً ويتعاونان معاً في إنقاذ من تبقّى من أهل الأرض على قيد الحياة٠
الأميركيون الأشرار يتعاملون مع العرب. هذا واحد من الأبعاد الساذجة لفيلم رولاند ايميريك الجديد الذي يواصل فيه تدمير العالم، لكن بشروطه. ينقذ من يُريد ويودي بمن يريد ويحاول خلال ذلك تقسيم الناس إلى أبطال وحرامية على النحو الذي يُرضيه٠
المشهد يرد حين يمر عربيّان (لم ينسيا ارتداء زيهما المميز) داخلين الى سفينة نوح الجديدة التي بُنيت لنقل الناجين على عالم جديد. فيبرر رئيس فريق البيض الأبيض كارل (أولڤر بلات) لبطل الفيلم جاكسون أن أموال هؤلاء هي التي ساعدت بناء سفينة النجاة تلك. السجال الدائر كان حول السماح لمئات ألوف المواطنين العاديين بدخول السفينة أسوة بالقلّة التي استطاعت. وفي حين كانت الفرصة متاحة لطرح نقطة الصدع الكامنة عبر التاريخ بين من يملك وبين من لا يملك وبين المحظوظين من سواهم يقرر المخرج أن العرب سيكونون على متن تلك السفينة كونهم اشتروا ثمن دخولهم بأموالهم. لهذا السبب وحده وليس لأنه من حقهم، كما غيرهم، الإنضمام الى العنصر الناجي. ويقرر أيضاً، وبذات النفس العنصري والطبقي الذي يحمله، أن قادة الغرب يملكون قلوباً مغسولة بمسحوق تايد من شدّة بياضها لا علاقة لها بالتنكيل المتواصل بمواطني هذا العالم ولا بالحروب المستعرة، فيواجهون ذلك الأميركي البشع كارل مطالبين بفتح الأبواب لطالبي النجاة معبّرين عن موقفهم الإنساني الذي لا يداخله أي ريب٠
وكارل، ذلك الأميركي، ليس شريراً بقدر ما هو يحسبها على نحو يضمن سلامة من هم فوق السفينة. لذلك لديه وجهة نظر مقبولة ولو في حد محدود، إذ عليها أن تتحرك حالاً والا تعرّضت لخطر الغرق. بذلك فإن الأشرار لا وجود لهم على الإطلاق في ذلك الفيلم. حتى البليونير الروسي الذي يقدّمه الفيلم كشخصية نمطية مادية بشعة، يموت بطولياً بعدما أمّن لإبنيه الصغيرين النجاة مضحياً بنفسه (ولو أن في موته العقاب حسب مفهوم من يعيش ومن يموت بأمر الكاتب- المخرج)٠
طبعاً، بطل الفيلم هو الذي سينقذ الجميع. سيغوض في الجزء الغارق بالماء من السفينة ليعالج ما يمنع إحدى بوابات الباخرة من الإنغلاق حتى تستطيع السفينة الإبحار و... سينجح! سيحاول المخرج رولاند إيميريك أن ينجز فيلماً أفضل من سوابقه و... سيفشل! هذا بسبب رغبته الجامحة في معالجة عاطفية ساذجة يستخدمها عوض بناء درامي سليم يأتي بجديد على تلك التوليفة الآمنة: رحلة من ألف الى ياء يجب أن تُكلل بالنجاح رغم العدد الذي لا يُحصى من المخاطر٠
هذا فيلم ينتمي الى فن "آخر لحظة" فكل خطر يواجه بطلنا يتم تجاوزه في آخر لحظة من أول ما أدرك جاكسون أن العالم ينهار الى حين إنقاذه البشرية: اللحاق بالطائرة، انخساف الأرض تحت السيارة او الطائرة لحظة قبل إقلاعها. انهيار المباني والجسور يقع فقط حين ينفذ جاكسون وصحبه من الخطر. الأبواب كلها تغلق حال تدخل شخصيات الفيلم المختلفة أي مكان تقصده الخ... وفي حين أن التقنيات المستخدمة لا غُبار عليها، الا أنها تغليف لفيلم خاو الا من تلك الأبعاد الفاصرة. ليس فقط بالنسبة لحالة الأسف من أن يتمكّن العرب من الإنضمام الى العالم الجديد، بل أيضاً في تقسيم العلاقات حسب الألوان. فعلى زمن رئيس الجمهورية الأميركي الأسود (المماثل لزمن أوباما) تقع الكارثة وابنته الجميلة (تاندي نيوتن) لن تقع الا في حب العالِم الأسود (إبجيفور) الذي لا يجد أماناً الا معها، بالتالي، حتى وإن كان العالم يمر بساعاته الأخيرة، فإن تقسيم احتمالات استمرار الحياة وتوالدها عليه أن يبقى حكراً على التصنيف اللوني للبشرة٠
CAST & CREDIT
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Director: Roland Emmerich
..................................................
Cast:
John Cusack, Amanda Peet, Chiwetel Ejiofor, Thandie
Newton, Oliver Platt, Tom McCarthy, Woody Harrelson,
Danny Glover, Zlatko Buric.
..................................................
Screenplay: Roland Emmerich, Harald Kloser
Cinematography: Dean Semler (Color- 35 mm)
Editor: David Brenner (158 min).
Music: Harald Kloser, Thomas Wander
Prod. Designer: Barry Chusid
..................................................
Producers: Roland Emmerich, Larry J. Franco,
Harald Kloser.
Prod. Company: Columbia Pictures/ Centropolis
Entertainment/ The Bridge Studios [US- 2009).
العرب على الشاشة العالمية
AMREEKA *** | أمريكا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فلسطينية في إيلينوي تواجه متاعب الحياة في بيئة ما بعد 2001
إخراج وكتابة: شيرين دعيبس
تمثيل: نسرين فاعور،هيام عبّاس، ملكار معلم، عليا شوكت، يوسف أبو وردة٠
تصوير: توبياس داتومس [ألوان- 35 مم]. توليفك كيف ريمر (96 د). موسيقا: كريم رستم٠
منتجون: بول باركن، كرستينا بيوفيسان٠
دراما إجتماعية [فلسطين/ عرب في أميركا]٠
إنتاج: الإمارات العربية المتحدة/كندا/ الولايات المتحدة- 2009
الفيلم رقم: 233 للناقد من مطلع السنة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أوّل إنتاج لشركة إيماجناشن التابعة لهيئة أبو ظبي للثقافة والتراث يتم إنجازه هو أول فيلم روائي طويل للمخرجة شيرين دعيبس. خطوة في الإتجاه الصحيح لكليهما (الشركة والمنتجة) حققتا عبرها قدراً ملحوظاً من الإنتشار كونه يتعاطى وموضوع قادر على أن يجذب إليه اهتمام الجمهور العالمي٠
حكاية أم فلسطينية مسيحية من بيت لحم أسمها منى (فاعور) تصلها الموافقة على الهجرة الى الولايات المتحدة، فيتحمّس إبنها فادي (معلّم) لذلك وتجد نفسها فعلاً وقد وصلت الى الولايات المتحدة وقوبلت بالمطار بحذر السُلطات وبترحيب شقيقتها رغدة (هيام عبّاس) وزوجها نبيل (يوسف أبو وردة). هناك تسعى لإيجاد عمل في المصارف، كما كان عملها في فلسطين، لكنها تنتهي الى العمل في مطعم مأكولات سريعة. الأزمات المادية تلاحقها وعائلة شقيقتها في الوقت الذي تشن فيه الولايات المتحدة هجومها على العراق وتواصل إسرائيل بناء الجدار الفاصل. التغيير المناخي الثقافي وما تمر به الحياة السياسية الفارضة نفسها تؤثر على حياة الجميع، خصوصاً على حياة الشاب فادي الذي يتعرّض لسخرية وعداء بعض أترابه من طلاّب المدرسة ما يؤدي الى مشاكل. ينتهي الفيلم من دون حل بل بمشهد تتّفق فيه الأم وإبنها على وحدة عاطفية ربما تصمد في وجه المتغيّرات٠
في مشهد مبكر لمنى نراها جالسة في خلفية المشهد تعمل في المصرف. في مقدّمة المشهد موظّفة فلسطينية أخرى محجّبة لديها مروحة كهربائية والمروحة تسبّب طيران الورق في الغرفة. تستدير الموظّفة صوب مني وتعتذر. المشهد يتكرر لاحقاً لتأكيد أمر واحد: منى غير مرتاحة لجو العمل ومتطلّباته. في المشهد الثاني، بعد استلام موافقة السُلطات الأميركية على هجرتها وخلال فترة ترددها بالموافقة، ويبدأ برئيسها في العمل يدفع اليها برزمة كبيرة من الملفّات يريدها قبل الساعة الثانية عشر ظهراً وعلى الفور تطلب منها الموظّفة المحجّبة معرفة ما إذا كان تحويل وصل الى أحد الزبائن، ثم بذلك الزبون يغضب حين تخبره منى أنها لم تستلم شيئاً. عند هذا الحد تنطلق المروحة مرّة أخرى فتتطاير الأوراق من جديد. لمسة تعبيرية جيّدة لولا اختيار المخرجة أن تكون الموظّفة التي تداوم ازعاج منى المسيحية بمروحتها، مسلمة٠ تحجيبها ينقل المسألة من بعد أوّل (متاعب العمل) الى بعد ثانٍ (الموظفة التي لم ترتدع من المرّة الأولى) مسلمة. وسيكون بدهياً ومقبولاً أن يحلل المرء الرسالة الضمنية لهذين المشهدين على أساس شعور مُنى بأنها وحيدة وغير سعيدة بالبيئة (بما فيها البيئة المحجّبة) وهي تقول في مشهد لاحق يقع في مدينة إلينوي حيث تصل للسكن لمدير المدرسة (اليهودي) مستر نوفاتسكي (جوزف زيغلر) "نحن أقليّة هنا وأقليّة هناك"٠
المخرجة دعيبس لديها بضعة مشاهد جيّدة التوضيب تعكس فيها الوضع في فلسطين، فالرغبة التي تعتريها للهجرة نتيجة ملاحظات تعيشها بطلة الفيلم وتنقلها الكاميرا إلينا أهمّها معاملة جنود الإحتلال للفلسطينيين عند الحواجز. على ذلك، حين يصل الفيلم ببطليه (الأم وإبنها) الى الولايات المتحدة يدخل العمل في نطاق من التداعيات التي لا تطرح جديداً بل تتعامل ومفارقات معروفة وبدهية: الإستقبال الرسمي في المطار. الشعور بالعدائية. البحث عن العمل والإنتهاء الى سواه. وضع ابنها في بيئته الجديدة. احتمال صداقتها لمدير المدرسة الذي يتفهّم وضعها أكثر من سواه من الأميركيين. كل ما يحدث في هذا الفيلم (من بعد وصول منى وإبنها الى الولايات المتحدة) متوقّع والسيناريو لا يجد جديداً مُلهماً لخلق حالة أكثر وجدانية او ذاتية. هذا كان يتطلّب سيناريو آخر من حلوله الإلتزام فقط بالشخصية المثيرة التي تم تركيبها للمشاهد: إمرأة في منتصف العمر، بدينة، ولديها إبناً وحيداً تخشى عليه ثقافة مغايرة، تعيش عالماً جديداً عليها. نعم ذات المواصفات الموجودة في الفيلم الذي نراه إنما كان المطلوب معالجة أخرى لها وفي اعتقادي أن الممثلة نسرين فاعور كانت ستستطيع حمل الفيلم جيّداً في هذه الحالة. لديها البذل والموهبة الكافيان لذلك٠
شغل المخرجة التنفيذي، بدوره يخلو من بطانة فنيّة يستند الفيلم إليها. الفيلم هو تسلسل مقبول للأحداث مع انتقال سلس بين المشاكل التي تعايشها العائلتين (منى وإبنها وشقيقتها وزوجها وأولادهما)، وتصويره وتوليفه خادمان للغاية على نحو مناسب. شغل المخرجة على التقاط اللحظات العاطفية الصادقة في مكانه. لكن جودته في هذه المطارح ليست جودة فنيّة بل جودة تنفيذ مع إبقاء الموضوع المنفرد بولادته (أم فلسطينية في المهجر الأميركي تواجه حياة جديدة) مرفوعاً عالياً شرط أن لا يخدش او ينتقد أحداً على نحو يفتح مجالاً
لنقاش٠
على الشاشة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
It's Complicated *** | أمر معقّد
إخراج وكتابة: نانسي مايرز
تمثيل: ميريل ستريب، ستيف مارتن، أليك بولدوين، جون كراسينسكي، زو كازان٠
تصوير: جون تول [ألوان- 35 مم]. توليف: جو هتشينغ، ديفيد
موريتز (118 د). موسيقا: هايتور برييرا، هانز زيمر٠
المنتجون: نانسي مايرز، سكوت رودين٠
كوميديا عاطفية | الولايات المتحدة- 2009
الفيلم رقم: 237
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي شيء تقوم به ميريل ستريب هو إحتفاء بموهبة التمثيل في أفضل تجلياته. وهي قامت بكل ما هناك من أدوار على ضفّتي الكوميديا والدراما وشخصيتها هنا تتيح لها تقديم كيان قد لا تستطيع ممثلة أخرى تقديمه خصوصاً إذا ما رفضت الخروج من حالة تصوير للشخصية نابع من حالة تصويرها لنفسها. ميريل ستريب تفصل وتنفصل وتمنح الشاشة وجوداً لكيان جديد لاعبة دور إمرأة في منتصف العمر (أيضاً) مطلّقة ولديها ثلاثة أولاد في مستهل سنوات الشباب. زوجها جايك (بولدوين) كان طلّقها قبل سنوات ومتزوّج حالياً من إمرأة أخرى لديها ولد. إنه غير سعيد بزواجه هذا وينتهز فرصة لقائه مع زوجته السابقة فيقيم معها علاقة عاطفية- جنسية لا تتوقّف عند "زلّة" المرّة الأولى لأن جين (ستريب) كانت بدأت تتحسس وحدتها وحقيقة أنها لم تمارس الجنس منذ أشهر طويلة. بذلك، يعود جايك الى حياتها في الوقت المناسب رغم أنها تعتبر أن ما يحدث بينهما خطأ، هذا في الوقت الذي يعتبر هو أن ما يحدث بينهما هو "فرنسي" شارحاً ذلك بقوله: "أعيش مع زوجتي الحالية وعلى علاقة بزوجتي القديمة"٠
يطرق باب جين في هذا الوقت بالذات مصمم معماري ناجح أسمه أدام (ستيف مارتن) الذي يشعر بأنه وجين يمكن أن يصبحاً ثنائياً عاطفياً. لا تخبره بالطبع عن علاقتها مع زوجها السابق لكنه يكتشف هذه العلاقة ويتتوّج هذا الإكتشاف في مشهد جيد الفكرة يبدأ بجين وأدام يتحادثان عبر الكومبيوتر المصوّر (كل منهما يستطيع مشاهدة الآخر). تضطر لدخول الحمّام. يدخل زوجها السابق من دون علمها. يتعرّى (لا نراه عارياً بالكامل) ويستلقي على السرير مواجهاً، بجهازه الجنسي، كاميرا الكومبيوتر من دون أن يعلم شيئاً عن وجود أدام مستقبلاً الصورة المفاجئة. في حين يستخرج هذا المشهد موقفاً كوميدياً على شفير الإبتذال تنقذه المخرجة بحسن تصميمها له وتمريره مثل قطعة الشوكولا الدسمة التي ستنتصر على محاذير السمنة بسهولة٠
أمر معقّد هو ليس فيلماً معقّداً على الإطلاق. كل ما فعلته نانسي مايرز (لاحظ فيلموغرافيا لها أدناه) هو أنها استولت على مقادير فكرة تتعامل وثلاث شخصيات في منتصف العمر تدخل وتخرج من وضع يحرجها دوماً أمام الطرف الآخر. بكلمات أخرى: الأمر معقد لكن ليس الفيلم الذي تصقله مايرز بما عُرف عنها من معالجات أنثوية الوضع تصبغ على المشاعر المتداولة حالة من اللمعان. هنا، أكثر من أفلام أخرى لها، تستثني أي جانب قد يعكس همّا اجتماعياً. العالم الآخر بأسره ليس موجوداً. شخصياتها ثرية (اقتصادياً) ومرتاحة تستطيع استئجار غرف كبيرة في فنادق أولى، ولديها بيوتاً ومحلات وشركات وبعضها (كما الحال بالنسبة لجايك) يعمل محامياً٠
ليس أنه من واجب كل فيلم كوميدي التعامل مع جوانب حياتية مختلفة، وما تحققه مايرز هنا مقبول في إطاره وشغلها ناجح على صعيد تحقيق فيلم يتولاّه التمثيل أساساً. في هذا الصدد ستريب الرائعة وإليك بولدوين الجديد والموهوب بدوره هما نجما الفيلم. ستيف مارتن يوالي عكس صورة شاحبة بطريقة إدائه غير المثيرة. لا عجب أن نجوميّته الكوميدية لم تعش طويلاً٠
لاحقاً من بعد وصول الفيلم الى الدقيقة الستين منه، يصبح الإستمرار فيه بنفس الحماس عبئاً على المشاهد. ما تفعله نانسي هنا هو حشد لمفارقات تخدم نصّاً كوميدياً جيّداً لكنه ينتهي -كتابياً- من دون مفاجآت. النكات السابقة وطراوة الوضع وطزاجته أمور تنتهي قبل نصف ساعة من نهاية الفيلم ليستمر العمل بإستطراد مقبول ليس أكثر٠
CAST & CREDIT
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Directors: Nancy Meyers
..................................................
Cast:
Meryl Streep, Steve Martin, Alec Baldwin, John
Krasinski, Lake Bell, Mary Kay Place, Rita
Wilson.
..................................................
Screenplay: Nancy Meyers
Cinematography: John Toll (Color- 35 mm)
Editor: Joe Hutshing, David Moritz (118 min).
Music: Heitor Pereria, Hans Zimmer
Prod. Designer: John Hutman
..................................................
Producer : Nancy Meyers .
Prod. Company: Universal Pictures, Relativity
Media, Waverly Films [US- 2009).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2009٠
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
2 comments:
شاهدت فيلم 2012 مرة واحدة فقط لحسن الحظ ، بهرتني الخدع السينمائية بطبيعة الحال و فاجأني أداء وودي هارلسون في الدور الصغير الذي لعبه ببراعة مدهشة
لا أعتقد أن الفيلم - أو كاتب السيناريو - كان لديه أي نية مسبقة لإهانة العرب هو فقط يميل إلى تنميطهم كأغنياء و لهذا يدخلون فُلك النجاة ربما في إشارة أن الأغنياء فقط هم الناجون ، كما جاء تنميط الأغنياء الروس في شخصية المليونير الروسي الذي يشبه أحد زعماء المافيا ، و الصينيون كعمال يبنون فُلك نوح و لا يركبونه و الأمريكي المُطلق الذي لا يزال يحب زوجته كبطل للفيلم .. إلخ حتى يبدو أن السيناريست لم يأتنا بشخصيات جديدة بل أستورد كل شخصية من فيلم آخر ليقدم لنا فيلم كوكتيل يظهر فيه مدى ضعف كاتب السيناريو و إعتماده على الخدع السينمائية تكنيك آخر لحظة لإنجاح الفيلم
كل محبه واحترام والسلام:
لا زلت تمتعنا كما تتعبنا، غريب تحليلك للرجل الجاد، كانك لا تتمنى أن يكون كما صار؟
بالنسبة لأفاتار: شكراً على كتابتك، وكبير يا أستاذ كما عهدناك في أسئلتك لجيمس كامرون. أجمل نقد لا أعرف أين قرأته، يقول أن أفلام جيمس كامرن كلها تدور حول الغريب الذي يقع في حب بنت البلد الجميله، هل لاحظت هذا ؟
عبدالله العيبان - الكويت
Post a Comment