--------------------------------------------------------------------------------------------
ڤينيل | Vinyl
• إخراج: مارتن سكورسيزي
• موسيقا/ نيويورك/ السبعينات | الولايات المتحدة (2016)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ محمد رُضــا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعود سكورسيزي إلى عوالم ثلاث: الموسيقا
والعصابات والشخصيات المذنبة التي قد نحب
★★★★★
|*| يستحق فيلم مارتن سكورسيزي الأخير «فينيل» (وهي مادة تُـستخدم، فيما تستخدم، لصنع الأسطوانات الموسيقية) أكثر من الإيجاز الذي ورد هنا قبل بضعة أسابيع، خصوصاً وأن هذا هو جهده التلفزيوني (حققه لصالح محطة HBO المشفّـرة وشوهد الفيلم بإذن خاص من الشركة) الجديد الذي سيبقى متوارياً عن العيان بالنسبة للغالبية حتى أولئك المعجبين بفنه [تابع هنا…]>
حمل المشروع إلى المخرج المغني ميك جاغر قبل بضع سنوات. كان المخرج حقق فيلما تسجيلياً بعنوان Shine a Light عن حفلة أحيتها فرقة ذَ رولينغ ستونز سنة 2008. ولسكورسيزي باع طويل في أفلام الموسيقى وعن الموسيقيين حاذى مشواره الطويل عن أفلام العصابات. «ڤينيل» يدمج الإثنين معاً.
إنه عن منتج موسيقي في فترة السبعينات أسمه ريتشي فينيسترا (يقوم به بوبي كانافال في تجسيد لما كان يمكن لآل باتشينو القيام به قبل 25 سنة). يبدأ الفيلم (وهو مكوّن من ثلاثية قام سكورسيزي بإنتاجها جميعاً وأخرج هذا الجزء الأول منها) بمنتصف الحكاية: ها هو ريتشي جالس في سيارته في أحد الشوارع الحقيرة بلا هدف واضح. يبدو عليه التعب والتوتر. يتصل برجل بوليس ثم يقفل الهاتف. يمد يده إلى علبه تحتوي على كوكايين ويتناوله. يستيقظ قليلاً. مجموعة من الشبان والشابات يتراكضون لدخول ملهى للرقص قريب. يخرج ريتشي من السيارة وينضم إليهم. كونه أكبر سناً يجعله يبدو خارج المكان. يقف مراقباً الفرقة التي تعزف ميتال روك. بعد قليل، ووسط صخب المراهقين، يبدأ بالرقص في مكانه.
سنعود إلى هذا المكان لاحقاً. لكننا الآن سننتقل إلى عالم ريتشي قبل هذه اللحظة: ريتشي كشاف مواهب ويدير مبيعات شركة اسطوانات تملي عليه التعاقد مع من يتوسم فيه النجاح. هو إنسان عادي بطموحات كبيرة وذوق فني ساعده على النجاح والوصول. متزوج وعنده عائلة. يشرب قليلاً. يتناول المخدرات قليلاً. لكن الضغوط كبيرة والإنزلاق سهل. هناك خلافات عدة على السطح، وموظفيه يتبارون في الفشل. التبعات تزداد. الضغوط تتراكم و، كما لو أن ذلك لا يكفيه، ها هو يصبح شريكا في جريمة قتل لم يرتكبها بل كان حاضراً لها.
في نهاية هذا الجزء من الفيلم الطويل (نحو ست ساعات) نعود إلى ذلك الملهى. الجمع ما زال صاخباً. الأخلاق مطروحة على الأرض. الرؤوس فارغة. فجأة يتقوّض سقف المكان… يبدأ بالإنهيار. يتراكض الجميع. السقف لا ينتظر. يبدو كما لو كان حكماً ربانياً. غضباً من فوق. أو كما لو أن روما القديمة أصابها زلزال. كل شيء يقع. الموتى والجرحى يفترشون المكان وريتشي يعاود الوقوف مصاباً لكنه قادراً على المشي بحثاً عن ملجأ بعيد.
إنها نهاية أخلاقية لمخرج ابتعد غالباً عن تقييم شخصياته على نحو مباشر. في أفلام سابقة عديدة له، ترك العنان لشخصياته الخارجة عن القانون في أن تكذب وتسرق وتقتل معالجاً إياها بنظرة تعاطف غامضة أكثر منها نظرة نقدية أو إعجاب مطلق. بالنسبة إليه هذه الشخصيات ليست مجرمة بالسليقة، بل هي خاطئة بالمفهوم الكاثوليكي (الذي نما عليه). تقع في الخطأ وستندم وقد تتوب. لا يتابع خط سيرها لكنه ينطلق من هذا المبدأ معتبراً إياها حالات طبيعية للإنسان في كل مكان.
«فينيل» جيد التكوين لكنه لا يستطيع أن يكون ندّاً لبعض أفلام سكورسيزي السينمائية ولا ندّا للأفلام التي جعلتنا نحب السينما. سكورسيزي لايت إذا صح التعبير رغم ثقل الفيلم كموضوع.
0 comments:
Post a Comment