Issue 2|FILM REVIEWS: The Reader, Yes Man | 21 Films of ... Robert Aldrich

وجوه الشر التي اختفت٠
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Action
حين تناهى الى مسامع المخرج الإيطالي سيرجيو ليوني أن المخرج مارتن سكورسيزي اختار الممثل وِليم دافو لتمثيل شخصية السيد المسيح في
The Last Temptation
قال: "لدى دافو وجه سفّاح معقد نفسياً، وليس وجها ملائكياً"٠ لكن وِليم دافو أجاد في الدور رغم أن وجهه بعيد للغاية عن الوجه (المفترض) للسيد المسيح.
عند سكورسيزي فإن التشابه في الملامح ليس الأمر الحاسم في المسألة. على العكس أراد إظهار المسيح كإنسان وأراد تقديمه بشخصية تحمل ما يتفاعل في الذات البشرية من عوامل مثل الخوف والإثارة والألم، ولو أتى بممثل يحمل ملامح شبيهة لكان أضر بالرسم الذي قصده حين قرر صنع ذلك الفيلم٠
لكن هذا سكورسيزي.
أما العديد سواه فإنهم أقل عناية بتقديم الشخصيات حسب رؤية ما٠
المسألة في هوليوود وغيرها من عواصم صنع الأفلام، تتعلّق بالوضع التجاري وليس بأي وضع آخر. لا الموهبة محسوبة ولا الحاجة الإبداعية واردة ولا الرغبة في تقديم الوجه الصحيح هو الغاية. المهم هو اختيار الممثل وتفصيل الشخصية على مقاسه ولحسابه٠ لذلك، من ناحية بالغة الأهمية، اختفى شريرو الشاشة الذين برزوا في الثمانينات مثلاً. ولهذا السبب ما عاد التعامل مع الوجوه الشريرة كما كان الأمر عليه في الخمسينات وما بعد حين كان الممثل الشرير يجذب الجمهور مهما كان دوره من الصغر. البديل هو قيام ممثلين اعتادوا لعب أدوار البطولة، مثل جف بردجز في فيلم »آيرون مان« ومثل جاك نيكولسون في »باتمان« وبعده هيث لدجر في »الفارس المظلم« هذا العام وكيڤن باكون في »النهر المتوحّش« سنة 1994 والعديد من نجوم الشاشة الأماميين لعب أدوار الشر. بذلك حرموا ممثلين معروفين او نصف معروفين او ربع معروفين- لا يهم من تمثيل أدوارهم الشريرة التي برعوا فيها سلفاً ونشروا الكساد بينهم٠
طبعاً هناك فرق إذا ما كان الفيلم كله يدور عن شخصية شريرة وبين أن تكون الشخصية الشريرة مساندة كما الحال معظم الأحيان. كرستيان سلاتر لعب »أميركان سايكو« وتشارليز ثيرون لعبت بطولة »مونستر« وكلاهما أجاد. لكن قيام أرنولد شوارتزنيغر بلعب دور الشرير في »باتمان وروبين« من أسوأ الإختيارات في التاريخ كون صانعي الفيلم نفخوه حتى أصبح كاريكاتورياً- هذا الى جانب أنه ليس ممثلاً قديراً أساساً. كان يمكن جلب ممثل بارع طبيعياً في لعب دور الشرير وتوفير نحو 25 مليون دولار لفيلم سقط تجارياً او كاد على أي حال. لكن من أين تأتي بالتفكير السليم؟ Cut


أفلام معروضة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
The Reader (2008) **
إخراج: ستيفن دولدري
ممثلون رئيسيون: كيت ونسلت، راف فاينس، برونو غانز٠
نقد: محمد رُضا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كتبه البريطاني ديڤيد هَير عن رواية قصيرة (وليس قصّة قصيرة) للمؤلف الألماني برنارد شلينك وأنتجه كل من أنطوني منغيلا وسيدني بولاك وكلاهما رحل قبل إنجازه. وأخرجه ستيفن دولدري الذي سابقاً ما حقق
Billy Elliot و The Hours
وهو مخرج يعني الخير ويحقق أعمالاً تتوسّم جذب انتباه هواة السينما الفنية، لكن ما يحدث في منتصف الطريق الى ذلك، يُعيق عادة مسيرته صوب الغاية ويتركه وحيداً بغاياته المتعددة التي لم يحقق واحداً منها على وجه الكمال٠
ينتقل الفيلم من غاية الى أخرى كما لو كان بعض المشاهد تُكتب خلال التصوير٠
في البداية هي علاقة جنسية تتحوّل الى علاقة حب ثم هو بحث في الذنب الألماني حيال الهولوكوست ومحاكمة لإمرأة يرفض كبرياؤها إظهار أنها لم تنظّم مهمّة إرسال النساء الى المحرقة، ومزيد من ذلك لاحقاً، ثم موقف من الخطابة الرنّانة حول الواجب القومي للألمان ذاك الداعي الى تجريمها (»أعطني مسدّساً لأقتلها« كما يقول واحد في الفيلم اشتد غضبه) وبين صاحب التجربة، الذي يعلم ما لا يعلمه الآخرون٠
وكل هذا مسرود من وجهة نظر وذكريات المحامي مايكل (راف فاينس) يتلوها علينا من حين لآخر، لكن في نهاية الفيلم هناك كشف عن أنه إنما يتلوها على إبنته٠
مايكل (فاينس) إنسان مهموم ومكتئب لكن - حين تنتقل الأحداث من العام 1995 في مطلع الفيلم- الى العام 1958 حين كان مايكل لا يزال في الخامسة عشر من العمر (ويؤديه ديڤيد كروس) في أحد الأيام الماطرة يدخل مايكل بوابة بناية ليحتمي من المطر. السيارات القديمة تمر في الخلفية وإحدى هذه السيارات تمر مرّتين متعاقبتين (يبدو أن العدد كان محدوداً) . المهم مايكل يفرغ ما في أحشائه مع مرور إمرأة أسمها، كما سنعرف بعد نصف ساعة من الفيلم هانا (كيت وينسلت) تهرع الى دلو من الماء وتنظّف الأرض ثم تقترح على الشاب الصعود الى غرفتها حيث تهب سريعاً، وبحركة لا تخلو من التوتر بالطلب منه خلع ملابسه وأخذ حمّام وأخذ تلك الملابس وغسلها٠


هذا هو العائق الأول الذي يستوقف المرء. ربما في الكتاب الذي لم أقرأه، هناك تفاصيل قليلة مهمّة تجعل ذلك محتملاً او ممكناً. لكن على الشاشة، ليس هناك مطلقاً ما يبرر غسل الصبي لأنه توعّك وأفرغ ما في داخله٠ لا أعتقد أن هانا او سعاد او بوكاهانتاس سوف تفعل كل ذلك. بالكثير ستطلب منه غسل وجهه ويديه وتعمد الى سترته لكي تنظّف اللطخات التي لصقت بصدرها ثم تفتح له الباب وتتمنّى له يوماً سعيداً٠ أيضاً في الكتاب -ومن دون الحاجة الى القراءة- أن الصبي بقي ثلاثة أشهر في الفراش لأن طبيب العائلة اكتشف أن معه حمّى معيّنة. على الشاشة لا شيء يحدث خلال هذه الأشهر ولا تأثيراً درامياً لها. لا داع لأن تبقى صورة هانا ماثلة أمامه او لأن تحيي مشاهدته لها وهي تعمل في الترام المحلي في برلين- هذا إذا ما تذكّرها٠
أن يقصد بيتها بعد ذلك فإن هذا أمر آخر لم يحفّه الفيلم بما هو مطلوب لقبوله٠
بذلك تكون نصف الساعة الأولى، التي تمضي كيت وينسلت نصف مشاهدها عارية، قريبة من انطلاقة مركب فوق حصى وحفر قبل أن تستوي نوعاً ما حين ننتقل الى الستينات. مايكل الآن يدرس القانون (بعدما استمرّت علاقته بها لحين اجتاز مايكل الثانوية ولحين حدث خلاف بينهما أدّى لاختفائها)٠ السيارات تغيّرت في الشارع. لكننا سنقضي معظم هذه الفترة في صف يؤمه أقل من عشرة طلاب وأستاذ قانون (برونو غانز) يبدو كما لو أنه عقرب ساعة توقّف مكانه في كل الحالات. لا نراه يدرّس، ولا نراه يفعل ولا نراه ينفعل. نراه فقط وهو ينظر الى مايكل مراقباً مدركاً أن هناك شيئاً ما في داخله يجعله متوتر. كما سنقضي معظم هذه الفترة أيضاً في المحكمة التي يتوجّه اليها طلبة القانون الشبّان (وهناك فتاة واحدة يرتبط مايكل معها بعلاقة ليلة) من باب الدراسة.
المتهمون في القضية المثارة نحو ستّة أفراد بينهم إمرأة أوّل ما سمع مايكل صوتها عرفها.... إنها هانا وهي تجلس على مقعد تواجه رئيس المحكمة والإتهام بأنها هي والآخرون كانوا يعملون حرّاساً في معسكر اعتقال نازي لليهود والتهمة تتبلور لاحقاً الى أنها كانت المسؤولة عن كل شيء والبرهان رسالة مكتوبة باليد تأمر فيها بعملية زج يهوديات معتقلات الى الموت٠
هانا ترتبك حين يُطلب منها كتابة بضع أسطر على ورقة لكي يتأكد رئيس القضاة بأن خطّها على تلك الورقة ليس هو الخط على الوثيقة٠ لكن عوض أن تفعل ذلك تعلن أنها مذنبة ويُحكم عليها بالسجن عشرين سنة او نحوها٠ فقط مايكل يعلم أنها لا يمكن أن تكون مذنبة لأنها لا تعرف كيف تكتب أصلاً. إنها أميّة. وهو اكتشف ذلك في القاعة بينما كان يبحلق (ويبحلق فيه الأستاذ غير فاهم ما الذي يحدث معه) .
تذكر مايكل شريطاً من المناسبات التي يدرك الآن معانيها: كيف كانت تطلب منه أن يقرأ لها (من هنا هو »القاريء«) ولم تقرأ يوماً شيئاً، وكيف تحاشت طلب الطعام من لائحة في مطعم جلسا فيه يوم نزهة وأدرك أن كبرياؤها هو الذي منعها٠
هذا فصل من الفيلم يُقصد به إنجاز شيء غير الذي ينجزه الفيلم. راية ترتفع فجأة لتعلن شيئاً لكنها راية مليئة بالثقوب٠ الفيلم يختلف عن أفلام الهولوكوست الأخرى من حيث أنه لا يدور عن يهود يتذكّرون ويعانون، بل عن ألمانية نراها تهرع ذات مرّة الى كنيسة وتصلّي ونراها بعد ذلك في المحاكمة تدافع عن نفسها عاكسة شخصية إمرأة لا تعرف خطأ ما ارتكبته إذ تتمسّك بأنها كانت حارسة تخضع لمسؤولية وأوامر. بذلك يطرح المؤلّف والفيلم من بعده مسألة محاسبة شخصيات تورّطت من دون أن تكون مسؤولة فعلياً.
لكن الفيلم (ولا أدري عن المؤلّف هنا) يلقي نظرة إدانة على باقي المتقدّمين والمتقدّمات للمحاكمة بالتهمة ذاتها ويوحي بأنهم مذنبون٠ هذا في أفضل أحواله لهو طائش. طبعاً مقبول أن يسعى الباقون لتوجيه المحاكمة لتضع معظم اللوم على هانا التي تكشفهم بصدقها، لكن ذلك الأساس القائم على تبرئتها (وجدانياً) وحدها من جرم ما وتخصيص لقطات للباقين يبدون فيها كما لو كانوا جرذ قُبض عليهم متلبّسين بأكل الجبنة وحدهم هو نوع من نصف خطوة تجاه شيء ما لا يتحقق٠
باقي الفيلم تطويل وإسهاب نعود فيه الى مايكل-الرجل (فاينس) ومواصلته البحث في ذاكرته وكيف أرسل الى هانا في زنزانتها عشرات الكتب فتعلّمت القراءة هناك وحين تم إصدار عفو عنها في التسعينات وذهب لاستلامها اكتشف أنها انتحرت وقد تركت له »قجّة« ووصية بأن يوصل ما فيها من مال لإبنة واحدة من الضحايا. وكيف أنه سافر الى نيويورك للغاية وكيف أن تلك أخبرته مفاد الفيلم (وهو مفاد جيّد على أي حال) وهو: "لا يوجد شيء يمكن أن يُستخرج من المعسكرات... لا شيء«٠
هذا جيّد إن كان يعني أن يتوقّف اليهود عن حلب الهولوكوست والتجارة به. والفيلم غالباً يقصد أن يمضي في هذا الإتجاه، لكن حيثيّاته لا تدل على أن المخرج استطاع التركيز على هذه النواحي المطلوبة لتفعيلها٠ خذ مثلاً المشهد الذي تعترف فيه هانا بأنها مذنبة من دون أن تكون كذلك: هناك ما بين عمليتي تصميم وإخراج المشهد من ناحية والمونتاج من ناحية أخرى ما يودي بالأهمية المتوخّاة من هذا المشهد ويجعله يبدو كما لو كان مجرد استرسال لما سبق. في المقدّمة ذلك القبول الهاضم لحقيقة الموقف وتصرّف مايكل الإنطوائي الذي لا ينتج عنه شيئاً. حتى حين يجالسه استاذه ليعرف منه الحقيقة (وهي أن هانا اعترفت بما لم ترتكبه لكونها لا تجيد أصلاً القراءة والكتابة وبالتالي لا يمكن لها أن تكون كتبت تلك الوثيقة وكل ذلك من باب كبريائها) يتم تمييع المسألة بالتركيز علي مقاطعة طلاب آخرين للحدث الذي ينتهي بـ لا مايكل أعرب ولا الأستاذ فهم ولا تم إنقاذ هانا وذلك بسبب صمت غير مفهوم من مايكل ولم يبن المخرج عليه سبباً يجعله محل طرح فعلي٠ في واقعه ليس فيلم هولوكوست، ولا هو فيلم ضدّه. بل قصّة حب تعيش فيها ذاكرة معذّبة.
الكاتب كان قال أنه قصد أن يرصد كيف يحمل الألمان اليوم ذكريات الأمس- لكن ذلك لا يبدو واضحاً في الفيلم وبل لا يبدو مقصوداً- لذاته. في الحقيقة، وبسبب من تشتت الغايات ومع نهاية تبدو كما لو كان من الممكن إعفائنا منها، لا يبدو الفيلم وضع قبضته بأحكام على أي من تلك المسائل التي طرحها٠
شيء من هذا الوضع مطروح على نحو آخر. الإسم الكامل للشخصية هو مايكل بيرغ. لا أعرف أي بيرغ غير يهودي، لكن الفيلم لا يقدّم بطله على أنه يهودي أم لا. لو فعل، ربما لأضاف عمقاً للصراع الذي -مبدأيا- يعصف بشخصيّته٠

CREDITS
Director: Stephen Daldry
Cast: Ralph Fiennes, Kate Winslet, David Kross,
Jeanette Hain, Susanne Lothar, Lina Olin, Bruno
Ganz.
Screenwriter: David Hare
Source: Bernhard Schlink. .
Cinematographer: Roger Deakins, Chris Menges (Color)
Editor: Claire Simpson (124 m).
Music: Nico Muhly.
Production Designer: Brigitte Broch
Producers: Donna Gigliotti, Anthony Minghella, Redmond
Morris, Sydney Pollack.
Genre: ٍRomantic Drama| Nazi History.
Distributor: Weinstein Company [UK/ USA- 2008].

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Yes Man (2008) *
إخراج: بيتون ريد
ممثلون رئيسيون: جيم كاري، زووي ديشانل
نقد: محمد رُضا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حين تركتني أوّل فتاة أحببتها لأني لم أرد الزواج مبكراً لم أغير منوال حياتي قيد أنملة. حين تركتني الثانية لأني أرفض التخلّي عن التزاماتي تجاه أهلي، لم أزعل او أفوّت وجبة العشاء قبل النوم. ربما المسألة تختلف من رجل الى آخر. نعم هناك من يضرب عن الطعام يوما أو إثنين، او ربما حط عليه الحزن لأسبوع او نحوه.... لكن لا يمكن أن يكون الإختلاف بين حالة وأخرى أن نجد رجلاً مثل كارل ألن (يقوم به جيم كاري) تركته الفتاة التي أحبّها منذ ثلاث سنوات ولا يزال يعيش حالة كآبة ممتنعاً عن أسباب البهجة في الحياة؟
لكن الفيلم، من كتابة عبقرية وإخراج جدير بتحويله الى أيقونة والإحتفاظ به في اللوڤر) يمضي على مثل هذه الأمور البسيطة كما لو كانت مسلّمات. ولو كان ينطلق منها لما هو مفيد، مهم، مثمر، مثير، ممعن، مفكر، مشوّق او حتى مرفّه لكان الأمر مقبولاً. لكن أول الفيلم مثل آخره في هذا النطاق لا شيء يدخل بينهما٠ مثل فيلمه قبل تسع سنوات »كاذب كاذب« حيث كان على شخصية جيم كاري في ذلك الفيلم الكوميدي أن يعترف بالحقيقة دائما ولا يقول الا الصدق، فإن شخصيّته هنا تُصاب بنوبة مفادها أن لا يقول لا لأحد٠ يعمل مسؤولا عن دراسة طلبات الدين في أحد المصارف وكان يرفض أكثر مما يوافق.
حين ذهب مع صديقه الى قاعة واستمع الى المحاضر (ترنس ستامب) وهو يغذّيه بالمبدأ الجديد »قل نعم لكل شيء« يجرّب الأمر ويقوده ذلك الى كل مفارقة من مفارقات الفيلم بدءاً بتبرّعه ايصال رجل لا مأوى له الى رابية معزولة واضطراره بعد ذلك المشي الى محطة بنزين حيث يتعرّف على الفتاة التي تقلّه عائداً وتطبع على شفته قبلة، وصولاً الى ما يمر به من تحوّلات نسبة لقيامه بتطبيق نعم حتى في المواقف التي من الضروري أن يُقال فيها لا٠
المفاد؟ اختط لنفسك طريقاً وسطياً. ربما. لكن شخصية كارل تبدو أحمق من أن تفهم مثل هذا المفاد وبالتالي لا يمكن للجمهور أن يقبل بالمبدأ وهو يشاهد بطله يتخبّط في نتائجه٠
جيم كاري لا يمكن أن يأتي بجديد وهو ليس الكوميدي الوحيد في هذه المشكلة. طبعاً تشارلي تشابلن علك وكرر شخصيّته ذاتها في كل فيلم، كذلك فعل الكوميديين جميعاً، لكن العناية كانت موجهة صوب الموقف المنصهر في فلسفة الشخصية (فلسفة جاك تاتي ، فلسفة بستر كيتون، فلسفة نجيب الريحاني الخ...) وليس صوب مواقف مكتوبة بلا عناية بحيث يمكن لأدام ساندلر أن يحتل محل جيم كاري من دون أي تغيير يذكر٠
المفارقات المكتوبة والتي تم إخراجها بضعف وهوان شديدين وضمن ميزانية يبدو أن نصفها ذهب أجراً لبطل الفيلم، فإن ليس في قدرة الفكرة التحوّل الى فيلم مشبع٠
CREDITS
Director: Peyton Reed
Cast: Jim Carrey, Zooey Deschanel, Bradley Cooper, John
Michael Higgins, Terence Stamp.
Screenwriter: Nicholas Stoller, Jarrad Paul, Andrew
Mogel.
Cinematographer: Robert Yeoman (Color)
Editor: Craig Alpert (104 m).
Music: Mark Oliver Everett, Lyle Workman.
Production Designer: Andrew Laws
Producers:Jim Carrey, Tiffany Daniel, Marty P. Ewing,
Linda Fields, Katterli Frauendelder.
Genre: Comedy
Distributor: Warner [USA- 2008].





ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما شاهده الناقد من أفلام
| روبرت ألدريتش

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Robert Aldrich [9/8/1918- 5/12/1983]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عدد الأفلام التي أخرجها: 37 - الفترة: الأربعينات وحتى مطلع الثمانينات٠ أشهر أفلامه Dirty Dozen, The Longest Yard, Ulzana's Raid. بعض أفضل أفلامه Kiss Me Deadly, Big Knife, Grissom Gang, The Longest Yard. موقعه العام في العام 1957 وجدته مجلة Livre du Cinema سابعاً كأفضل مبدعي السينما لجانب روبرت بريسون وجون هوستون ومارسل كارني وجان رنوار ولويس بونويل، و مارسيل كارني وفيتوريو دي سيكا. فيما بعد، بقي إسماً كبيراً رغم أنه لم يتأقلم كثيراً مع التيارات الجديدة في السبعينات موقعه عند هذا الناقد في العشرة الثانية كأفضل مخرجي السينما٠
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صعد روبرت ألدريتش العمل السينمائي خطوة خطوة. من بوّاب في شركة رانك الى موظّف ستديو الى مساعد مخرج ثان الى مساعد مخرج أول ثم الى مخرج من العام 1954 وصاعداً. حين واتته الفرصة ليستلم مهام العمل على فيلم، لم يقلّد أياً من المخرجين الكثيرين ممن عمل
بالقرب منهم كمساعد، ومنهم جان رنوار في فيلمه الأميركي »الجنوبي« ولويس مايلستون وروبرت روزن من بين آخرين٠
في العام 1957 انتخبته مجلة
Liver du Cinema
سابعاً من حيث الأهمية الإبداعية في السينما العالمية آنذاك الى جانب فيتوريو دي سيكا، روبير بريسون، لويس بونويل، جون هيوستون وجان رنوار ومارسيل كارني٠ وحب النقاد الأوروبيين له استمر معظم سنوات حرفته لكن اهتمام النقاد الأميركيين به جفّ في السنوات العشر الأخيرة من مهنته، رغم أنه قدّم فيها أفلاماً جيّدة٠ هوليوود بدورها كانت متبرّمة من مخرج ليبرالي يقف الى جانب النقابات العمّالية ويعمل مع العديد ممن شملتهم القائمة السوداء التي وضعتها شلّة ماكارثي٠ أفلامه حملت دائماً طروحات نقدية حول المجتمع والجشع الفردي والإجتماعي. أبطال يسقطون في الشق الواقع بين الطموحات والرغبات من ناحية وبين المؤسسات الكبرى ونظمها الإقتصادية من ناحية أخرى٠ حتى في الأفلام التي لا تتحدّث عن هكذا صراع، مثل
Ulzana's Raid
فإن الشخصية الرائدة في الفيلم تقع دائماً في تلك الهوّة. لذلك، ولأنه لا يود خيانة مضمون أي من أفلامه، نجد أن النهايات التي يختارها هي نهايات بائسة، غير سعيدة وسوداوية٠ وهو ليس مخرج أفلام عاطفية والمرأة لا تحتل المقدّمة الا في عدد محدود من أعماله. بذلك الرجال ضد الرجال كما في ذلك الفيلم المذكور وفي
Attack, Dirty Dozen, The Longest Yard
من بين أخرى٠ حين قدّم فيلماً يتعاطف فيه مع المرأة، كشف عن رؤية ومعالجة رقيقة من دون أن تتخلّى عن نقدها للحلم الأميركي الكبير وثمنه وذلك في فيلمه الأخير
... All the Marbles

وهو أخرج أنواعاً عديدة من أفلام السجون الى أفلام النوار البوليسية الى الوسترن الى الحربي الى بعض الكوميديات وبعض الرعب، لكن دائماً بطريقته البصرية الخاصّة (تحتوي مثلاً على إضاءة على وجه دون آخر، كاميرا في زوايا غريبة او غير متعارف عليها، لقطات تكشف الدواخل


ألدريتش مع لورين لاندن خلال تصوير
All the Marbles


كما لو أن الشخصية التي تلعب الدور هي التي تنص على أي حجم لقطة وتحت أي إضاءة من الأفضل لها أن تظهر، إضاءة قادمة من الخارج تخلق في الداخل ظلالاً وأشكالاً تساعد في حدّة الصورة وحدّة الموقف معاً الخ...). حقيقة أنه أخرج أفلاماً من أنواع متعددة لا يعني سوى أنه كان ينفّذ ما يوافق على تنفيذه لكنه كان المخرج ذاته في كل مرّة٠
من بين أفلامه الـ 37 شاهدت له 25 فيلم آخترت منها الأفلام الواحد والعشرين التالية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Apache (1954) ***
بيرت لانكاستر هو الهندي ماساي الذي يرفض الإستسلام لحكم البيض من بعد أن استكان الزعيم جيرونيمو واستسلم لحياة المعسكر. يهرب مع عدد محدود من الأتباع لكي يواصل حربه ضد الجيش الأميركي لكنه يستجيب لبعض المتغيّرات في بيئته الخاصة إذ يبدأ بفلاحة الأرض قبل أن يكتشف وجوده المطاردين من الجنود ويطبقون عليه. النهاية الأصلية للفيلم كانت سقوط ماساي، لكن شركة يونايتد أرتستس تدخّلت وأصرّت على نهاية سعيدة٠ بيرت لانكاستر جيّد لكنه ليس -بعينيه الزرقاوتين- الهندي. على ذلك، هو منتج الفيلم وهو أحب أن يلعب بطولته بعدما أعجب بفكرة تقديم فيلم مؤيد في رسالته لمواطني أميركا الأصليين. الفيلم ينتقد البيض ومفهوم الحضارة الذي برروا فيه طغيانهم على القبائل الهندية٠ فنيّاً جيّد. هناك حماسة في الفيلم مع بعض المراحل الوهنة القليلة هنا وهناك. تشعر أن لانكاستر لا يبخل على الدور بأقصى ما لديه من طاقة بدنية وإيمان٠

Vera Cruz (1945) ***
بيرت لانكاستر في ثاني تعاون مع روبرت ألدريتش في هذا الوسترن الذي تنتقل أحداثه الى المكسيك خلال الثورة التي وقعت في ستينات القرن التاسع عشر. غاري كوبر ولانكاستر أميركيان من المرتزقة وهما مستعدان للعمل في المهام الخاصة لمن يدفع أكثر بين المتحاربين المكسيكيين. عليه ينتقلان من معسكر الى آخر قبل أن يدركا أن هناك مسائل أخرى غير الإرتزاق تحكم المرء. هذا لا يقع من قبل أحداث تختبر طاقة كل منهما على المضي في طيشه وفي إحداها يسرقان ذهباً لتقاسمه من ارستقراطية (دانييل داريو) كانت وافقت اقتسام الذهب معهما. شرير الشاشة الفريد جاك إيلام لديه دور صغير كعادته في أفلام الوسترن التي أخرجها ألدريتش٠أعتمد المخرج على تناقض الشخصيّتين وعداوتهما المبدأية كما على الأسلوب المختلف في التمثيل بين كوبر الجاد ولانكاستر المرح والأكثر حرصاً على مصلحته المادية٠ يدخل الفيلم نطاق السرد الهوليوودي التقليدي غير كاشف عن أي لمعة فنية عميقة لمخرجه٠




Kiss Me Deadly (1955) ****1/2
أول فيلم يحققه ألدريتش حسب بصمته الخاصّة. فيلم نوار بوليسي داكن مأخوذ عن رواية الكاتب العنيف ميكي سبيلن بنفس العنوان من بطولة رالف ميكر في شخصية مايك هامر التي ابتدعها الكاتب لتكون بطلة رواياته البوليسية٠ الفرادة تنطلق من اللقطة الأولى وصولاً الى الأخيرة. توزيع اللقطات. تصميمها. أين تكمن الكاميرا لتقول الشيء الذي تقصده ومدى اختلافها عن السائد بالأمس واليوم هي ما يؤخذ بالحسبان حين مراجعة هذا الفيلم النيّر الذي يدور حول التحرّي الخاص الذي كان -ليلاً- على طريق خارج المدينة حين توقفه فتاة (كلوريس ليتشمان) عارية وفوق جمسها معطف وفي يدها مغلّف٠ تطلب منه أن يمضي بها بعيداً. إنها مفتاح متاعبه إذ يجد نفسه محط ملاحقة عصابة مؤلّفة من زعيمها (بول ستيوارت) وعالم (ألبرت دكر) ورجلين شريرين حتى النخاع (جاك إيلام وجاك لامبرت). يتم قتل الفتاة يواصل التحري الخاص تحقيقاته ويتعرّف على الفتاة فيلدا (ماكسين كوبر) وحين يتم قتل الميكانيكي صديق التحري إيدي (جوانو هرناندز) يقرر هامر أن الوقت حان لكشف الغوامض. في النهاية هو صراع على شحنة نووية مخبّأة في صندوق محكم٠ ڤيلدا تعتقد أن الصندوق يحتوي مجوهرات وتفتحه بعدما أطلقت النار على رئيس العصابة. هنا يخرج منه شعاع قاتل يحوّل المكان (ڤيلا على بحر كاليفورنيا) الى وهج شديد تتخلله انفجارات٠ هذا هو تحذير المخرج من التسلّح النووي ومغبّاته موضوع ضمن شروط الفيلم البوليسي بنظام الفيلم نوار٠ لا أبدع منه في هذا المجال٠

The Big Knife (1955) ***1/2
أخرج ألدريتش هذا الفيلم عن مسرحية لكليفورد أودتس ومن بطولة جاك بالانس في أحد أهم أدواره لليوم٠ صوّره ألدريتش في أسبوعين ويومين بميزانية محدودة بعدما امتنعت هوليوود عن تمويل الفيلم رغم نجاح المسرحية، وقبلت به يونايتد آرتستس على أساس أن لا تزيد ميزانيّته عن سقف غير مرتفع٠ المشكلة كانت في أن جاك بالانس ليس الممثل الوسيم (وهو الذي قضى تلك الفترة من مهنته لاعباً أدواراً شريرة). لكن ألدريتش تمسّك به . إنه عن الممثل الذي يطمح للأوسكار خلال الترشيحات الأخيرة ويبلغ به الطموح الى تفنيد صداقاته واستبعاد بعض من وقف معه طويلاً والتحوّل الى حالة هوس تأكلها آلة الشهرة والمصالح التي تتألّف منها المدينة٠ بالانس هو الممثل الذي باع نفسه لكي يصبح نجماً لكن مثاليّاته ومبادئه تقض مضجعه والآن هناك رئيس ستديو (رود ستايغر) يرغب منه التوقيع على عقد لسبع سنوات يستغلّه فيه كيفما يشاء. نقد لهوليوود ولنظام النجوم الذي كان معمولاً به في السابق و-بالنسبة للمخرج- تصوير للفرد الذي يتعرّض لضغط الآلة الإجتماعية والنظام الكبير ولا تنفع مقاومته بعدما قبل الإشتراك في النظام ذاته٠

Attack (1956) ****
جاك بالانس مرّة أخرى في أول فيلم حربي يخرجه ألدريتش. »أهجم« يدور حول واحدة من المعارك الطاحنة بين الأميركيين والألمان في أوروبا. اللوتاننت بالانس مستعد للبذل. شجاع ومستقيم. رئيسه كوني (إيدي ألبرت) هو كابتن يتميّز بالجبن مستعد لبيع الجميع في سبيل البقاء حيّاً. وحين يطلب جاك بالانس من رئيسه ارسال وحدة لمساعدته التراجع من موقعه يتهرّب الكابتن ويرتاح حين يعتقد، كآخرين أن بالانس قُتل خلال الموقعة، لكن هذا يعود ويرجيء انتقامه لما بعد بأمر من الكولونيل بارتلت (لي مارڤن)٠ في الفيلم ايضاً وجه سنراه لاحقاً في أفلام أخرى لألدريتش هو رتشارد جايكل. الفيلم، بحدّته الواضحة نقد لنظام عسكري يتيح لأمثال كوني التواجد فقط في مراكز مهمّة بسبب علاقاتها السياسية، ويؤمن له التغطية الممثلة ببارتلت الذي يريد انتهاز تلك العلاقات مع واشنطن لتأمين مستقبله هو. من المرجّح أن يكون هذا الفيلم الأول الذي نرى فيه جندياً يقتل قائده قصداً . هذا يقع في الفيلم بعد مقتل بالانس على يدي المجنّد وليام سميذرز وبتغطية من باقي رفاق السلاح حينما أعرب كوني عن رغبته تسليم نفسه والتعاون مع العدو الذي أخذ يطبق على الموقع٠
الصورة: رتشارد جايكل يفتّش جنديا ألمانيا وجاك بالانس يرقب

The Last Sunset (1961) **1/2
روك هدسون هو الشريف الذي يصل الى طريدته (كيرك دوغلاس) لكن في ظرف لا يستطيع معه القبض عليه في هذا الوسترن الذي يبدأ جيّداً ثم يمر بمراحل طويلة تتخللها مواقف حب وتبادل عواطف كما في أفضل الميلودراميّات. الطريدة رجل يحترم كلمته وهو وافق على قيادة الماشية الى حيث ستُباع ما يقضي من روك هدسون مواكبة غريمه حتى لا يهرب منه. الإثنان يتعلّمان قدراً من الصداقة لكن لا الشريف يستطيع السماح للمجرم الإفلات ولا ذلك بقادر على فعل ذلك. في النهاية مواجهة يكتشف فيها الشريف أن دوغلاس سمح لنفسه بالهزيمة. جاك إيلام، جوزف كوتون، الشرير نيفيل براند والممثلة التي لعبت عشرات الوسترن دوروثي مالوني يزيّنون هذا الفيلم المقبول٠




Whatever Happened to Baby Jane? (1962) ***1/2
تشويق سوداوي حول شقيقتين امتهنتا التمثيل في سنوات الشباب. بايبي جين (بيتي ديڤيز) لم تحقق الشهرة التي حققتها أختها بلانش (جوان كروفورد) لذلك ملكت دائماً غيرة وحقداً على أختها. حين أصيبت بلانش بحادث أقعدها تلتزم شقيقتها بها إنما مع سعي لإخضاعها لكل أنواع الرعب والهلع ولمعاملتها بقسوة ناتجة عن كل ذلك الحقد المكتنز٠ دراسة سايكولوجية بقدر ما هو تشويق فعّال يصل الى حدود الرعب. هناك بناء أجواء مشحونة دوماً يُخال معها أن الفيلم مأخوذ عن مسرحية (هو مأخوذ عن كتاب)٠بعده تم إنجاز بضعة أفلام من نوعية قصّته وأجوائه بينها فيلم ألدريتش الآخر
Hush... Hush, Sweet Charlotte

4 For Texas (1962) **
وسترن آخر مع حفنة من المشاهير في مقدّمة الفيلم: دين مارتن وفرانك سيناترا يتنازعان من أول الفيلم لما قبل نهايته على كل شيء بما في ذلك المال والنساء (من الممثلات أرسولا أندرس وأنيتا أكبرغ). في الأدوار الثانوية جاك إيلام الذي يُقتل في مطلع الفيلم وفي الأدوار المساندة البدين فيكتور بوانو الذي كان ظهر في فيلم ألدريتش السابق. الشخصيتان مارتن وسيناترا لا يأتيان بجديد فوق شخصيتي غاري كوبر وبيرت لانكاستر والفيلم بدوره لا يتميّز كثيراً في أي شأن سوى سلاسة التنفيذ٠

Hush... Hush, Sweet Charlotte (1964) ***
بعد النجاح الكبير الذي حققه فيلم ألدريتش السابق »ماذا حدث للبايبي جين؟« عاود تقديم هذه الدراما السايكولوجية الثانية مع بيتي ديفيز، من دون أن يكرر النجاح ذاته٠ الرغبة كانت جمع بيتي ديڤيز مع جوان كروفورد مرّة أخرى لكن الثانية تمنّعت فتمّت الإستعانة بنجمة أخرى (أصغر منها سنّاً) هي أوليڤيا دي هاڤيلاند. هنا ديڤيز إمرأة تكتنز في داخلها سرّاً يعود الى ثلاثين سنة حين تم الكشف عن عشيقها (بروس ديرن) وقد تم تقطيع جثّته بفأس. البلدة تعتقد أنها هي التي فعلت ذلك وهي تعتقد أن والدها (فكتور بوانو) هو الذي فعل ذلك. الآن هي أمام مأزق مختلف لكنه يؤدي بها الى مواجهة أخرى مع ماضيها٠ لا غُبار على إخراج ألدريتش ولو أن ضبط بيتي ديڤيز وهي تؤدي دور المرأة التي تنتقل الى حافّة الجنون أمر صعب على أي مخرج كان٠


The Flight of the Phoenix (1965) ***
دراسة في الرجال وقت المحنة. مجموعة طارت فوق الصحراء العربية وحين تتعطل الطائرة يضطرون للهبوط فوق الرمال. هناك يحاول جيمس ستيوارت قيادة الجميع ويتطلّب منه ذلك حزماً كبيراً خصوصاً وأن الشخصيات متباينة. واحد منها فقط (هاردي كروغر) قد يستطيع إصلاح الطائرة المعطوبة قبل نفاذ الطعام والماء وفوات الأوان. فيلم جيّد ومن تلك القلّة التي تحسن الحديث عن معضلة من هذا النوع محافظة على قدر عال من التشويق طوال الوقت٠ قام المخرج جون مور بإعادة تحقيق هذا الفيلم قبل أربع سنوات٠

The Dirty Dozen (1967) ***
بميزانية أكبر من المعتاد وبعدد كبير من الممثلين المعروفين شق ألدريتش طريقه بهذا الفيلم الحربي الذي يقع نصفه في خلال التدريبات ونصفه في وسط المعارك. فكرته تتمحور حول مهمّة يريد العسكر الأميركي تنفيذها وراء خطوط العدو الألماني لكنه لا يريد إرسال فريقاً عسكرياً لذلك بل تطويع بعض أعتى المجرمين٠ على المايجور رايزمان (لي مارڤن) ومساعده السيرجنت رتشارد جايكل اختيار الدزينة المعنية والتغلّب على مصاعب كل شخصية على حدة ما يخلق، طوال الوقت، مشاحنات وتوتر مستمر قبل أن يعي المحاربون قيمة ما يقومون به. ليس من أفلام ألدريتش الفنية المفضّلة بل أقرب لأن تكون استجابة منه لشروط هوليوود. على ذلك نقد المؤسسة العسكرية موجود ومعرفة كاملة بكيفية صنع فيلم مشوّق. أفراد الدزينة القذرة هم: تشارلز برونسون، كلينت ووكر، جيم براون، تيلي سافالاس، جون كازاڤيتس، دونالد سذرلاند، تريني لوبيز، توم بوزبي، ستوارت كوبر، بن كاروثرز، ، كولين ماتلاند وآل مانسيني، لكن فقط الثمانية الأول هم من سيتولّون قيادة الفيلم بالإضافة الى مارڤن وجورج كندي وروبرت رايان في أدوار يلوّنها المخرج بلون الهزؤ٠

The Legend o Lylah Clare (1968) **
معالجة ألدريتش الثانية لعالم السينما أخطأت النتائج رغم الموضوع: كيم نوڤاك التي كانت ظهرت في فيلم ألفرد هيتشكوك »ڤرتيغو« قبل عشر سنوات من هذا الفيلم تلعب دور ممثلة جيء بها الى المنتج بيتر فينش ليكتشف أنها تشبه زوجته الممثلة الراحلة والتي ماتت أما بإلقاء نفسها من أعلى برج (تماماً كما »ڤرتيغو«) وسريعاً ما يقتنع المنتج بأن عليه إنجاز فيلم من بطولتها٠ النافذة مناسبة لإظهار هوليوود بإضاءة معتمة، لكن الفيلم فاته تحديد منهجه واختيار ما يريد أن يكون عليه






Too Late the Hero (1970) ***1/2
فيلم حربي آخر هذه المرّة نجد مايكل كاين وكليف روبرتسون في مواجهة العدو الياباني على غرار »جسر نهر كواي« لديڤيد لين من دون عملقة الأخير. »متأخر جداً أيها البطل« أفضل من »الدزينة القذرة« ومن أفضل أعمال ألدريتش بسبب جدّيته في نقد الحرب ونقد المؤسسة العسكرية. يشحن المخرج الفيلم متمهلاً وصولاً الى الفصل النهائي حيث على أبطال الفيلم النجاة او السقوط قتلى. تمثيل جيّد في فيلم يختلف عن أفلام الحرب الأخرى بما فيها أفلام ألدريتش ذاتها٠






The Grissom Gang (1971) ***1/2
دراما عصابات تقع أحداثها في سنوات اليأس الإقتصادي في عشرينات القرن الماضي (كذلك فيلم ألدريتش اللاحق »إمبراطور الشمال«). كيم داربي فتاة ثرية تختطفها عصابة من آل غريسوم، كما العنوان، بغية المطالبة بفدية ويتم اسناد أمر حراستها الى الشاب سلِم (الممثل الممتاز والمبتعد الا من ظهور متناثر سكوت ولسون) الذي يقع في حبّها ويسهّل لها طريق الفرار. لجانب شروط فيلم العصابات هناك قيمة كبيرة للمكان وللفترة الزمنية والبيئة الإجتماعية مع تصوير جوزف بيروك الذي فاتني القول سابقاً أنه قام بتصوير العديد من الأفلام التي وردت أعلاه٠











Ulzana's Raid (1973) ****
معطيات فيلم الوسترن كانت تغيّرت مع نشوب الحرب الفييتنامية حيث أخذ الحديث عن الصراع بين البيض والمواطنين الأصليين لأميركا يأخذ بعداً سياسياً مرتبطاً بتلك الحرب- هذا اذا ما سمح له المخرج. رالف نلسون فعل ذلك في »الجندي الأزرق« وآرثر بن في »ليتل بيغ مان« وروبرت ألدريتش في هذا الفيلم٠ هنا يعود الممثل بيرت لانكاستر لحظيرة ألدريتش لاعباً دور الكشّاف الذي يستعين به ملازم غير خبير لاجتياز منطقة خطرة يحف بها رجال ألزانا، أحد محاربي الأباتشي العنيدين٠ على الطريق لابد من التوقّف لمساعدة إمرأة بيضاء تم قتل أفراد أسرتها وربما اغتصابها وتركها لتكبّل حريّة منقذيها وسرعة انتقالهم. لانكاستر يعلم أن الموت محدق ليس به فقط بل بالباقين جميعاً (بينهم رتشارد جايكل) وما يتوقّعه يحدث. في الوهلة الأولى قد يبدو الفيلم للبعض فيلم وسترن عنيف لكن إذا ما تجاوز المرء مسألة عنفه (وهي مسألة نسبية) فإنه أمام فيلم آخر من تلك التي يحمّلها المخرج طموح الحديث عن صراع الأمم وسقوط الأفراد وسطه٠

Emperor of the North (1974) ****
فيلم عنيف آخر يتولاه كل من لي مارڤن وأرنست بورغناين في السنوات الإقتصادية الصعبة التي عصفت بأميركا في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي. مارڤن يمثّل العاطلين عن العمل الذين يتولّون صعود القطارات مجّاناً بركوبها بعد انطلاقها والإختباء فيها او فوقها٠ بورغناين هو أقسى وأكثر حرّاسها سادية. لقد آل على نفسه مجابهة هؤلاء المتسللين بلا هوادة حتى ولو أدّى الأمر به الى قتلهم. المبارزة بين الإثنين طويلة وفريدة في فيلم غير مسبوق ولا ملحوق٠




The Longest Yard (1974) ****
بيرت رينولدز يتولّى البطولة هنا في هذا الفيلم الذي تقع أحداثه في السجن. إيدي ألبرت (من »أهجم«) هو رئيس السجن الذي يريد تجنيد لاعب كرة القديم السجين رينولدز ليؤلّف فريق كرة قدم يكون بمثابة واجهة لفريق معاد يشرف عليه مدير السجن نفسه على شرط هزيمة فريق رينولدز حتى يضمن مدير السجن فوزاً إعلامياً ومصلحياً٠ لكن رينولدز يرفض في الدقائق الأخيرة المشحونة جيّداً بالتوتر. خلال الأحداث هناك العديد من النماذج التي يستعرضها الفيلم لشخصيات متباينة. المخرج يبقي الوتيرة الحادّة قائمة في الوقت الذي يؤمن فيه وصول ترفيه للعموم٠ لكن في مجمله هو فيلم مواقف حاسمة. وكما يعبّر »إمبراطور الشمال« عن صراع الإنسان الصغير ضد النظام ومن يمثّله، يعبّر هذا الفيلم الذي حققه المخرج مباشرة بعد سابقه، عن هذا الصراع٠




Twilight's Last Gleaming (1977) ****
آخر وقفة لبيرت لانكاستر تحت إدارة روبرت ألدريتش هي في هذه الدراما السياسية حول أزمة الصواريخ والحرب الباردة وفشل الولايات المتحدة في سياستها الخارجية التي تضع العالم (والأميركيين) في خطر الحرب والتدمير٠ هنا الأميركي يواجه الأميركي في مواقف تنذر بعواقب خطيرة حين يقوم جنرال باحتلال قاعدة صواريخ عسكرية وتهديد البيت الأبيض سعياً وراء كسب مواقع في نظام يتخلله، حسب الفيلم، الفساد٠ إخراج ألدريتش لا يعرف التساهل ولا تمرير شخصيات خفيفة او مواقف تسلية. ينجز عملاً مر سريعاً للأسف من دون النجاح الذي يستحقه٠



The Choirboys (1977) ***
عن رواية بوليسية لجوزف وامبو حول رجال بوليس لوس أنجيليس ومشاكلهم وفساد بعضهم أقدم ألدريتش على إخراج هذا الفيلم المغلّف، كالعادة، بستارة انتقادية داكنة ونهاية سوداوية مماثلة٠ تشارلز دارنينغ في البطولة مع لويس غوزيت جونيور. فرصة ألدريتش للنيل من نظام البوليس بتقديمه شخصيات فاسدة وأخرى وصولية الخ... في إطار من الكوميديا السوداء. ليس من أفضل أعماله لأن الفيلم يبدو أقرب الى استكشات ضعيفة الربط٠













The Frisco Kid (1979) **
سقطة لألدريتش من حيث أراد الحديث عن صراع على الأرض بين تومي (هاريسون فورد) وأفرام (جين وايلدر) على خلفية تذكّر بالصراع العربي- الإسرائيلي. وسترن بطيء ومتناثر وخال من شحنة التوتر العالية التي في أفلام أخرى للمخرج والتماثل بين الحكاية وبين الواقع السياسي لا يعيش في البال الا خلال العرض وبعده بقليل. ما تحقق في أفلامه المماثلة حول شخصيّتين في الغرب الأميركي تتقاتلان قبل أن تتفاهمان يبدو هنا مقحماً مع تمثيل غير متعوب عليه٠



... All the Marbles (1981) ****
آخر فيلم لألدريتش من أفضلها: بيتر فولك وكيل أعمال في رياضة المصارعة الحرة للسيّدات. وهو لديه إمرأتين للمهنة (لورين لاندن التي هي من أجمل من ظهر على الشاشة ولم يشهد نجاحاً وفيكي فردريك- أيضاً جميلة)٠ الفيلم هو مشابه لفيلم جون هيوستون »مدينة سمينة« من حيث هو مصاحبة لصعود وهبوط وعدم القدرة على الصعود من جديد في حياة هذا الثلاثي. بيتر فولك الرائع في دور الوكيل يحب المرأتين ويكره أن يجدهما تواجهان مستقبلاً من العوز في زمن مضطرب٠ الكثير من الدفق الإنساني والتعليق الإجتماعي مع تمثيل جيّد وإخراج أجود حول بيئة تنحسر حسناتها عن ثلاثة هم أصدقاء في المرتبة الأولى٠


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
All Rights Reserved- Mohammed Rouda ©2007- 2009

0 comments: